في هذه الدراسة سعي إلى استكشاف آفاق الخطاب المضمرة (المهمشة) التي تقبع بعيداً وعميقاً هناك، تحت أطنار المتن ومن وراء أقنعة البليغ الفحولي. والكتاب من قسمين أولهما عن (التأنيث) والآخر عن (القارئ المختلف) وعن رحلة المعنى من بطن الشعر إلى بطن القارئ. وهو جزء من مشروع همه الحفر عن الأنساق الثقافية متوسلاً بمنطلقات (النقد الثقافي) وطامحاُ إلى تطوير فاعلية النقد من كونه أدبياً جمالياً إلى كونه نسقياً ثقافياً، هو مطمح لنقلة نوعية من (نقد النصوص) إلى (نقد ألأنساق) وقراءة النص الأدبي، لا بوصفه حدثاً أدبياً فحسب، وإنما بوصفه حدثاً ثقافياً كذلك.
أكاديمي وناقد أدبي وثقافي سعودي وهو أستاذ النقد والنظرية في جامعة الملك سعود بالرياض، حاصل على درجة الدكتوراة من جامعتي اكستر بريطانيا، صاحب مشروع في النقد الثقافي وآخر حول المرأة واللغة. حصل على جائزة مكتب التربية العربي لدول الخليج في العلوم الإنسانية، وحصل على جائزة مؤسسة العويس الثقافية في الدراسات النقدية ، عام 1999م وتكريم ( مؤسسة الفكر العربي ) للإبداع النقدي ، أكتوبر 2002 ـ القاهرة .
أولى كتبه كانت دراسة عن خصائص شعر حمزة شحاتة الألسنية، تحت اسم (الخطيئة والتكفير: من البنيوية إلى التشريحية). كان عضوا ثابتا في المماحكات الأدبية التي شهدتها الساحة السعودية، ونادي جدة الأدبي الثقافي تحديدا في فترة الثمانينات بين الحداثيين والتقليديين، لديه كتاب أثار جدلاً يؤرخ للحداثة الثقافية في السعودية تحت اسم (حكاية الحداثة في المملكة العربية السعودية). يعد من الأصوات الأخلاقية في المشهد السعودي الثقافي، ويترواح خصومه من تقليديين كعوض القرني إلى حداثيين كسعد البازعي وأدونيس. يكتب مقالا نقديا في صحيفة الرياض منذ الثمانيات، وعمل نائبا للرئيس في النادي الأدبي والثقافي بجدة، حيث أسهم في صياغة المشروع الثقافي للنادي في المحاضرات والندوات والمؤتمرات ونشر الكتب والدوريات المتخصصة والترجمة.
أبعاد مختلفة لكل القصائد وأنواع الشعر حين يُربط بشعور معين. ذُهلت من أوجه ربط كثيرة كأن يقترن فنّ الرثاء الشعريّ بالنساء لإتقانهنّ للنواح والبكاء والحزن. إن التأنيث الذي حصل في القصيدة لم يأتِ بسهولة أبدًا، لاسيما كون الكثير من الشاعرات أنفسهنّ ينتمين للفحولة وما شابهها. لك أن تتخيل بداية مشوارهنّ في قول الشعر، قوبِلن بـما قاله الفرزدق فيهنّ: "إذا صاحت الدجاجة صياح الديك فاذبحوها"
الجزء الأول من الكتاب كله في صلب الشعر والتفعيلة لذلك لا بدّ أن يكون القارئ/ـة مهتمًا كي لا يشعر بغموض أو ملل. أما الجزء الثاني فعن القارئ المختلف وإن كان مبيتًا في نيّة المؤلِّف حاضرًا في ذهنه-فموت المؤلف حينها تستدعي موت القارئ الضمني -
جرت العادة قديماً ، أن يقتصر الشعر على الرجال الذين وضعوا أسسه ومبادئه ، فهو شعر يعبر عنهم لم يكن للمرأة دورٌ فاعلٌ فيه ، حتى النساء اللائي قلن الشعر جرى على لسانهن بحسب العمود الفحولي الذي عُرف آنذاك ، وإن كان لنا أن نسأل : أين ذهب الأدب النسائي ! و كيف أن النساء لم ينتجن أدباً طوال هذه القرون ؟ فإننا نستشف الدور الذي لعبه الرجل في التعتيم والاجتزاء والحذف والتعديل على الإنتاج النسائي طوال قرون و ذلك أن الشعر مجتمعياً لا يرقى لمستوى المرأة الحُرة بل يُنزِل من قيمتها ، لذلك نجد أن نساء مثل الخنساء كتبن تحت أسماء مستعارة وكتبن لرجال أيضا وليس لأنفسهن وفي مواضيع مثل الرثاء التي تليق بالأقل مكانة ، وإن كانت ظاهرة الأسماء المستعارة مستمرة حتى وقتنا الحاضر .
عندما كتبت نازك ملائكة قصيدتها الخالدة " الكوليرا " ، قلبت الطاولة و غيرت المشهد ، فتحدّت الفحولة بكسر رمزها "عمود الشعر" بتأنيثها للقصيدة ، واستنباط فن شعري جديد صالح لحكاية الحياة اليومية ، والذي عُرف بشعر التفعيلة أو القصيدة الحرة ، تبعها مباشرةً بدر شاكر السياب واعتنق هذا الفن ، و قصيدة التفعيلة هي قصيدة حرة من كل قيد قديم ، قابلة للنقص ، وليست خالية من التأنيث .
وإن كانت نازك قد عانت حتى تم الاعتراف بمجهودها ؛ إلا أنها فتحت الباب واسعاً أمام أخريات أتين بعدها ، ثم نجد أنفسنا بصدد تحدٍ آخر بطلته رجاء عالم التي تحدت السائد فأنتجت نصاً مُلغّزاً في روايتها " أربعة صفر" ، عندما حطمت كل أعراف الكتابة لتسجل موقفاً شجاعاً لكل المهمشين ممن كانوا خارج الدائرة .
في الجزء الثاني من الكتاب يعطي لمحة تاريخية عن تطور السلطة النصية إن جاز لي التعبير ، في حين يتحول القارئ لخيل سباق يراهن عليه الكاتب باعتباره صاحب السلطة على النص المقروء ، فالنص يفقد صلته بكاتبه ما أن يصبح مقروءاً ، وهو بذلك يجعل النص في علاقة منفتحة ومتعددة الرؤى ومنتجة مع قارئه ، فموت الكاتب هي فرصة لتحرر النص سواء كان موتاً حقيقياً أو مجازياً ، ثم يتطرق لمبحث آخر هو مرآة الضمير لطه حسين ليقف قليلاً عند دلالة المرآة لديه كونه أعمى وارتباطها بالضمير ، وأخيراً مبحث مابعد الأدونيسة وشهوة الأصل وهو مما راقني حيث أن أدونيس ممّن اُختلف حوله وأسئ فهمه .
كل ذلك أتى بلغة بسيطة قريبة من النفس ، استمتعت بتحليله لكلمات بدت مصمتة بإعطائها بعداً دلالياً عميقاً و محققاً للغاية وهي فهم ما وراء الكلمات التي في اجتماعها تصنع مشهداً أو تعبر عن حالة .
حاليا لا أذكر عدد اللكتب التي قراتها لكاتب والمفكر والناقد الثقافي عبد اللع الغاذمي، لكن ما لمسته في كل ما قرأته له هو انه كاتب علي وعي بمشكلة عويصة في الثقافة العربية، مشكلة الأنساق التي توجه الفكر العربي في اتجاهات متخلفة اتجاهات جامدة يغلب عليها اضطهاد جزء من مكونات المجتمع في هذا الكتاب يهتم الكاتب بنشأة لون من القصائد علي يد المراة هو قصيدة النثر، وعلي يد نازك الملائكة نالت الشاعرة ما نالت من نقد النسق الثقافي الذكوري الذي ربط الشعر بالفحل العربي حتي صارت كلمة فحول الشعراء وهو مذكرة تدل علي كبار الشعراء لم يعمل فيها حساب للمراة الشاعرة التي الحقت علي الدوام بالرجل حتي في العملية الإبداعية كتاب نقدي مميز لكاتب مميز