المؤلف: وهذه هى القصيدة بترتيب رواية أبي تمام في كتاب الحماسة إلا أننى تخيرت في رواية أبياتها أكثر الألفاظ مطابقة لما ظننته ألصق بمعانيها معتمدا على روايات العلماء المفرقة في الكتب الخرى ثم قسمتها سبعة أقسام كما بينت ذلك كله في الحديث عنها ، فيما بعد. وأثبت نص القصيدة مرتين : المرة الأولى ، أمام كل بيت منها وزنه على ما ألفناه في "علم العروض " وسميته "التفعيل" والمرة الأخرى أمام كل بيت منها وزنه برموز الخليل بن أحمد في "الدوائر ، (0) يدل على الحركة، و (I) يدل على السكون. وأما موضع الزحاف، وهو حذف الساكن، فوضعت مكانه نقطة( . ) ووضعت تحت (الأوتاد) خطا أسود (I00) وتركت "الأسباب " بلاحظ (I0) وبذلك يستطيع الناظر ان يعرف مواقع الأوتاد ومواطن الزحاف في الأسباب بالنظرة الأولى وسميت هذا "التجريد" أى تجريد مواقع الحركات والسكنات في القصيدة كلها وبذلك يستطيع القارئ ان يرجع اليها عند كل موضع تحدثت فيه عن مجرى الحركات والسكنات والزحاف ، في كلامي عن نغم هذا الشعر ، وعن دلالة هذا النغم على المعاني
أبو فهر محمود محمد شاكر أديب مصري، نافح عن العربية في مواجهة التغريب. اطلع على كتب التراث وحقق العديد منها. أقام منهجه الخاص في الشعر وسماه منهج التذوق. خاض الكثير من المعارك الأدبية حول أصالة الثقافة العربية، ومصادر الشعر الجاهلي.
خاض معركتين ضخمتين أولاهما مع طه حسين والأخرى مع لويس عوض كانتا من أبرز معالم حياته الأدبية والفكرية ويمكننا القول بأنه تفرع عنهما معارك فرعية وثانوية كثيرة، وكانت هاتان المعركتان بسبب شاعرين كبيرين من شعراء العربية هما: المتنبي والمعري.
أعجب كثيرا حينما أقرأ للشيخ الأديب محمود شاكر كيف لأحد أن يتولى تثقيف نفسه بنفسه ثم يبلغ هذا المبلغ فيما تولاه.
هذا الكتاب الرائع يعد دراسة مستفيضة لقصيدة واحدة من القصائد الجاهلية، ويا لها من دراسة استغرقت 250 صفحة تناول فيها أبو فهر بحر القصيدة (المديد) بدراسة شبه عروضية يقف خلالها على علاقة الباعث النفسي والحالة النفسية بنغم القصيدة وهو ما يمكن تشبيهه الآن باللحن الحزين واللحن المرح في الموسيقى، وكيف يَغلِبُ الشاعرُ اللحنَ أحيانا ويُغلَبُ أخرى، ثم تناول تحقيق القصيدة ونسبتها وقارن في ذلك بين أقوال القدماء وانتهج منهجا خاصاابتدعه لنفسه إلا أن أسس هذا المنهج قديمة غير أنها لم تجمع من قبل كما جمعها، ثم تناول القصيدة بالشرح المستفيض الماتع بعد أن انتهى من نسبتها وتحقيقها، وسلك مسلكا لطيفا في إثبات ترابطها بما أسماه "زمن النفس"، وعلاقة الأبيات بالحالة الشاعرية والرابط الخفي بين أجزاء القصيدة وأبيتها.
وإنك لتعجب أن يستغرق المؤلف كل هذا في شرح ستة وعشرين بيتا فقط، غيرأنك ما أن تقرأ هذا الشرح حتى تدرك أنه لا يخلف وراءه ولا حرفا واحدا مبهما أو رابطا غير واضح بين أغراض وأزمنة القصيدة وغايتها الموحدة، وهنا تكمن براعة أبي فهر والذي تمنيت لو تناول شعرا أكثر بمثل هذا الشرح والتوضيح فإن تراثنا الأدبي بفتقر إلى مثل هذا.
ثم هو في الفصل قبل الأخير من كتابه يتحدث عن منهجه غير أنه فيما يبدو لا يتحدث بمنهجية، أعني أنه لا يشرح أو يكتب أكاديميا وهذا أكثر ما يعجبني فيه وأكثر ما يجذبني ويجعلني أذهل عن كل شيء إلا ما يكتب، فإنك على رغم ما ذكره في كتاب "قضية الشعر الجاهلي في كتاب ابن سلام" والذي هو محاضرة ألقاها، تجده وكأنه يحاضرك كتابة وكأنه يتحدث بحديث شيق لا يمله القاريء، ولذا فقد أحسن بجعل شرحه على هذه القصيدة مثالا على منهجه ثم أتبع هذا الشرح بفصل يتناول هذا المنهج بشيء من التوضيح، إنه يطلب منك أن تتعلم وأن تتقدم، إنه ينتظر ممن يقرأ له أن يبني نفسه بنفسه وأن يصبح باحثا نهما حريصا كل الحرص على تراثه الأدبي، على خلاف ما تفضي إليه الدراسة الأكاديمية من الحفظ والتسليم وإطفاء نور الفكر.
ثم هو في الجزء السابع والأخير يتناول الشك ومنهجيته في البحث ويفرق بين الشك في الناقل والشك في المنقول، وينقل كلاما للجاحظ في هذه المسألة يشبه مباديء المذهب الشكي عند ديكارت، وقد استشعرت هذافي كلامه حتى تيقنت أنه يرد على من يتبنى الشك بغير حكمة أو حد عندما قرأت بعدها ما كان من الدكتور طه حسين وقضية الشعر الجاهلي وما كان من تلامذته وما آلت إليه الأمور لما انفلت زمامها، وقد أوضح المؤلف كيف أن هذه القضية قد انقضى الكلام فيها منذ أمد بعيد غير أنها بعثت على يد المستشرقين ثم كانت الطامة الكبرى بتبني الدكتور طه حسين لها على ما كان له من قدر ومصداقية، وفي هذا الجزء بعض الخلل في الهوامش.
ومما أعجبني كذلك تضمينه الهوامش من ذكر مصدر الكلام أو معناه وما إلى ذلك في أثناك كلامه فلا تحتاج إلى التنقل ببصرك عند القرآءة.
وقد يلحظ القاري بعض ما قد يظنه خللا في الترابط بين أجزاء الكتاب إذا هو قرأه بغير تركيز أو قراءة متقطعة إذ أن الكتاب هو مجموعة مقالات كتبها المؤلف في مجلة "المجلة" ثم جمعت وطبعت ومعلوم أن الكتابة في المجلات ينتابها الانقطاع والانشغال على عكس تأليف كتاب موحد منذ بدايته.
وأختم تعقيبي على هذا الكتاب الماتع فأقول: ما أشبه أبا فهر في دقته وتفحصه وتفكره واستدلالاته واستنتاجاته بالشيخ الإمام عبد القاهر الجرجاني صاحب "دلائل الإعجاز" فإنني لم أقرأ شارحا أو موضحا للشعر مخلصا ومتذوقا ومتقنا مثلهما.
تأخرت قراءتي لهذا الكتاب عاما كاملا بسبب "الطلسمات" التي صدر بها أبو فهر كتابه ، وذلك لأنه لا علم لي بأبسط قواعد العروض، ممااضطرني كي أفهم ما ورد في هذه الصفحات القليلة إلى متابعة بعض الدروس على يو تيوب عن علم العروض ، وكعادتي توقفت بعد عدة دروس قليلة وشغلت عن الكتاب، فظل مكنوزا في مكتبتي لأكثر من عام ثم عزمت على استئناف الرحلة التي ما كدت أبدأها مهيئة نفسي لكثير من العسر وعدم الفهم والقليل من المتعة، لأجدني أحلق مع الكتاب وقد خابت ثلثى توقعاتي، نعم سيجد من هو مثلي ممن لا علم لهم بالشعر وعلومه صعوبة في تتبع الجزء الثاني من الكتاب الذي يتكلم عن علم العروض وإن لن يخلو من متعة وإفادة خاصة لأولئك الذين يحبون عملية كشف الصنعة مثلي، ثم يجئ الجزء الثالث (الجزء الأول يتكلم في مقالتين عن نسبة القصيدة لشاعرها وهل هي منحولة أم جاهلية وهذه قضية خطيرة ترتبت عليها نتائج أثرت في استقبال الأجيال القادمة للشعر العربي والتراث عموما) الذي يشرح فيه أبو فهر القصيدة، ووجدت نفسي أقع في حب الشعر العربي، وفي حب اللغة العربية بل وفي حب تأبط شرًا الذي يصفه ابن اخته (على ترجيح الشيخ محمود شاكر بل وفي حب بحر المديد وأنا التي لا علم لي ببحور الشعر ولا أوزانها :) ) هذا الكتاب يفعل ما زعم من قرأ ترجمة جوته لقصيدة إن بالشعب الذي دون سلع فعله باللغة والشعر العربي القديم من تلميع وإضفاء الرونق على أمر متروك زهد فيه شرح شيخ العربية للقصيدة وإلاشارة لمنهجه في فهم الشعر العربي والنغم والتشعيث وسواهما مما رد فيه بشكل عملي على اتهام الشعر العربي بالافتقاد لوحدة القصيدة كاف ليبعث في النفس حب اللغة والشعر وتذوقهما والتزود بطول النفس والاصطبار على طريق وعر عسره علينا هجر أهل العربية لتراثهم وأداة فكرهم وانقطاعهم العملي والروحي عن منبع ثقافتنا حتى كدنا نزوي ونموت ونحن لا نعلم ما الخطب ولا ما الذي أوصلنا إلى ما نحن عليه الآن. فرحم الله شيخ العربية محمود شاكر وجزاه عنا خيرا
كتاب فاتن!، حاولت كثيرًا كتابة ملخص عنه ولكن في كل مرة ينظر لي الكتاب شذرًا، ويقول لي بلسان الحال: أنا فوق ذلك!
ومعه حق!، فهذا الكتاب ليس يدور حول قصيدة (أن بالشعبِ الذي دون سلع) وإن تناولها وردّها إلى قائلها الحقيقي، وفسر أبياتها وكثيرًا من معانيها التي خفيت على المفسرين القدامى، وكيف أنهم بهذه العجلة في التفسير وانصبابهم على جانب اللغة فقط، افسدوا القصيدة كلها!
ولكن الكتاب ليس كذلك، وإنما قرر اتخاذ هذه القصيدة نموذجًا ومثالا ليطبق من خلاله خلاصة معرفته بالشعر، وكيف يأتي في نفس الشاعر، وفتراته الزمنية التي يمر بها حتى نقرأ القصيدة في صورتها النهائية، وهو يحكي تجربة الكاتب الأليمة مع معركة الشعر الجاهلي، وكيف وصل إلى شاطئ اليقين بعدما كادت أن تبتلعه ألسنة قضية الشعر الجاهلي، وهو بعد ذلك بعد أن فرغ من قصيدة (أن بالشعب الذي دون سلع) قام ليوطّد أركان هذه المدرسة التي سنّ هو أساليبها وطرقها ليمهد الطريق أمام كل من يريد التعرض لمسائل الشعر الجاهلي والرواة
وهو في هذا الكتاب الأعجوبة، يزيح الرمال التي تراكمت على علم الخليل بن أحمد، ويوضح كثيرًا من مشكلات علم العروض، ويعيد بيان أساسها التي طمرته مؤلفات التاليين على الخليل الذي لم يصل إلينا - حتى الآن - كتابه الأصلي الذي كتبه في علم العروض الذي أسسه وابتدعه، وإنما ما وصلنا هو ما وصل من خلال ما كُتب ونُقل عنه من كتابات المعاصرين واللاحقين للخليل بن أحمد، مما أدى إلى تشويه كبير في أساسيات هذا العلم، حاول المؤلف في هذا الكتاب بكل قوة أن يرد الأمور إلى نصابها ويشرح بالرسم والحجة والذوق ما كان يقصده الخليل حقًا وما معنى رموز (دوائر العروض) التي نُقلت عنه بلا فهم كامل لها!!
الكتاب جهد جبار لا ريب!، يكفي أنني كنت استثقل هذه القصيدة قبل قراءتي لشرحها المبدع، وبعد أن أنهيت الكتاب، صارت هذه القصيدة موسيقية جدًا في أذني، وتحكي قصة متصلة لا يفسد شيء وحدتها الفنية العالية
هذا الكتاب من اعظم الكتب التى ظهرت بالعربية فى القرون الاخيرة .. قرأته اكثر من مرة فقط لمجرد الاستمتاع باللغة البديعة التى كتب بها محمود شاكر هذا العمل العبقرى و خاصة مقدمة الكتاب التى يناقش فيها يحيى حقى و يفند فيها ما افتراه الاخير على القصائد الجاهلية بقصد او بغير قصد و طريقة شاكر فى تفنيد آراء من يرد عليهم ممتعة جدا فهو يعرض الرأى ثم يهاجمه بقسوة مستخدما فى ذلك قدر من السخرية لذيذ لكن اظنه فى هذا الكتاب لم يكن قاسياً على يحيى حقى مقارنة بما فعله بلويس عوض فى اباطيل و اسمار .. اظن ان الفرق بين حقى و عوض هو فى درجة البجاحة التى كان عوض ينضح بها فى كل مجلس و فى كل كتاب من كتبه لكن من يقرأ ليحيى حقى يدرك انه اخطأ عن غير قصد بعكس التضليل الذى كان يمارسه لويس اهمية الكتاب ليست فقط فى لغته البديعة و انما فى القضايا التى ناقشها الكتاب و خاصة الشبهات التى كانت تثار حول القصائد الجاهلية فى نسبتها و فى وحدتها ... ثم فى تحليل القصيدة بناءا على علم العروض
هذا الكتاب الثاني لمحمود شاكر بعد قراءتي لأباطيل وأسمار
قصة هذا الكتاب هو استجابة لطلب "يحيى حقي" في تحليل قصيدة "إن بالشعب الذي دون سلعٍ" بلغ فيه الغاية في التحليل والتذوق.
وفيه أسلوب محمود شاكر ومنهجه الذي ارتضاه لتذوق الشعر وآداب العرب وهو في في الغاية من التذوق وفيه تصحيحات لأخطاء كثيرة وقعوا فيها بعض الشراح
حريٌ بالكتاب أن يقرأ أكثر من مرة لا لفهم القصيدة بل لتحصيل ملكة التذوق!
تعرض أيضًا في هذا الكتاب لقضيتين الأولى: الفصل في نسبة الشعر الجاهلي والثانية: قصة التشكيك في الشعر الجاهلي
من شريف كلامه في الكتاب قوله:"واعلم أنّي أعُدُّ فنّ (الشعر) وفنَّ (الكلام المبين) هو (الفنّ الأعلى) وما سواهما من موسيقى وتصويرٍ ونحت، هي (الفنون الدنيا) وكلها خَدَمٌ لهذا الفن الأعلى"
كتاب كتبه محمود شاكر للرد على ما كتبه يحي حقي من مدح وإعجاب لترجمة جوته لقصيدة " إن بالشعب الذي دون سلعٍ لقتيلاً دمه ما يُطلُّ" وهي قصيدة لابن اخت تأبط شراً فمحمود شاكر رجل يتحدث بلسانه لا بقلمه تشعر كأنك تجالسه، فهو يكرر الكلام ويظنه القارئ بدون تأمل أنه تكرار بلا فائدة بل يستأنس بالحديث ويشتكي لك من انتفاخ وتعالي المثقف العربي بما ينتحله من المستشرقين دون تفكير ويدعي أنه من إبداعه ومن بُنيات أفكاره. وهو لم يأخذ منهم إلا خواطر تشبه وسوسة الموسوسين! ويضع لك أبو فهر منهج تسير عليه في دراسة القصيدة ومعرفة تاريخ القصيدة، وفهماً بأجزائها وكلياتها، تعرف إن كانت منحولة أو مصنوعة، وغيرها من الفوائد. شرح البيت وتفصيلاته عنده يصل فيها إلى أنه يحلل لك المكان إذا احتاج لذلك مثل تحليله"مكان جبال هذيل" وما يعيش فيها من حيوانات، ويزيد عليها تحليل طباع هذه الحيوانات التي ذُكرت في الأبيات، ويقنعك بطباعها بأبيات ذكرت تلك الطباع، وبأبيات لهذيل يذكرون تلك الحيوانات في جبالهم. وتجد تفسيراته لألفاظ الشعر تختلف بل تبعد عن أهل اللغة، ويرى أن أهل اللغة لهم تفسيرات لا تصلح أن تفسر الشعر من خلالها. ويتحدث عن " المرزوقي " شارح الحماسة بأنه إمام جليل من العلماء بالعربية ولكنه ليس من العلماء بالشعر في شيء!ويحدثك أن حسن الظن بالشراح يجعلك تقع في أحابيل علمهم بالعربية، دون علمهم بحقيقة الشعر. وأن تفسيرات أهل اللغة ليست دائماً صحيحة، لأن بعضها لا يصلح لشرح البيت الشعري. ويحلل لك الأزمان التي تمر بها القصيدة ويقسمها إلى ثلاثة أزمان، يأتي أولها زمن الحدث( وهو زمن حدوث مايستثير النفس الشاعرة حتى تبلغ الاستثارة أقصى غايتها من النضج والتحفز للشعر) ويتلوه زمن التغنِ (غناء يفيض على اللسان بلا إكراه ولا قسرٍ ) وآخر الأزمان عنده زمن النفّس ( وهو الزمن الذي لا يسلم الشعر نفسه إلا لمن كان صادق التعبير عن نفسه، صادق الإبانة عن الدفين من إحساسه)وفي المقالة الخامسة من كتابة تنسجم وتتأثر فيها مع أبو فهر بانسجام عجيب يجعلك تتغنى وتترنم بالكلمات والنصوص وتتأثر ويوصلك لما أراد أن يصل إليه من غاية هذا الكتاب. وذكر خطورة المقارنة بين أدب الأمم والأدب العربي. وتحدث عن أهمية الشك المنهجي في الشعر، ففيه المنتج وغير المنتج فإن كان في القصيدة فهو المنتج، وإن كان في الراوي فغير منتج، ولكن يكون ذلك الشك بمنهج صحيح يسير عليه القاصد
نمط صعب ومخيف ما يكتبه هذا المحقق العظيم محمود شاكر تناول قصيدة في الشعر الجاهلي إن بالشعب الذي دون سلعٍ لقتيلا ، دمه ما يطلُّ ... هذا الكتاب عبارة عن مراجعة ليحى حقي حينما راجعه في فاتحة المجلة التي كتبها حول تأبط شرا عام 1969 م .... والشاهد أن الشيخ الجليل تناول القصيدة محققا ومحللا ما جاء فيها وما دار حولها عبر التأريخ وما يراه صحيحا بها ... فقدم وآخر... وركب وكأنه الفقيه بالشعر والحق هو كذلك... رحم الله الشيخ فبموته فقدنا علما وفقيها في الشعر واللغة والتحقيق ... أليس كذلك
أجمل ما في كتب محمود شاكر -رحمه الله- أنها تعلم التفكير والعقل والاجتهاد. وترى الاتقان في كل التفاصيل فقد اطلع على شروحات القصيدة القديمة وترتيب أبياتها وتعمق حتى في أزمنة إنشاء الشاعر للأبيات قبل أن تكون في صورتها النهائية وفي السكتات بين جمل كل بيت واطلع على ترجمات القصيدة بالألمانية والإنجليزية اللتان يتقنهما ورد على تعليقات المستشرقين على القصيدة مبينا كيف أثرت أنماط أشعارهم على تفسيرهم لشعر عربي .... 440 صفحة متقنة في قصيدة من 26 بيتًا فقط لعمل جليل وستدرك بقراءتك أنه أفضل كتاب في نقد الشعر العربي حتى اليوم
لا أستطيع أن أدعى أنى فهمت كل الكتاب .. فالجزء العروضى لم افهم منه غير المبادئ العامة فقط و المقصود بالمجمل و لم أفهم التفاصيل ما أعجبنى هو تطبيق منهج علم المصطلح - علم الحديث - على الشعر و شرح القصيدة و إن كانت بعض المذاهب التى ذهب إليها المؤلف صعبة الإثبات إلا أنه يظهر تمكنا من اللغة و الشرح عظيم و طبعا ما أرتبط بموضوع القصيدة و قضايا الشعر الجاهلى بعامة
يمكن أن نعتبر هذا الكتاب نموذج لدراسة أى قصيدة عربية ومنهج مبدع فى فهم الشعر والاستمتاع به وتذوقه . سأعود لقراءة هذا الكتاب مرتين لاستخلاص قواعد لأقوم بتطبيقها على قصائد أخرى لنستفيد بآدابنا و ثقافتنا وحضارتنا الأدبية . ميزة الكتاب بالنسبة لى هى وضوح منهج محمود محمد شاكر فى التذوق .. فطالما كانت كلمة التذوق عبارة موهمة من كتبه السابقة إلا أن قرأت هذا الكتاب لكننى لم أجد التذوق وحيدا ولكن وجدت معه أطراف وقضايا كثيرة من الفصل فى نسبة القصيدة و المنهج فى معرفة من قالها و الفصل فى اختلاف الألفاظ و تذوق زمن القصيدة من حيث الحدث و التغنى و النفس وكيفية التعبير عن بحر الشعر واستخدامه من خلال الشاعر ليعبر عن حالته النفسية .
وصدق محمود محمد شاكر حيث قال :
“إنما أنا كمثلك أحب أن أفهم ما أقرأ، وإلا لم يكن لقراءة ما نقرؤه معنى، فأغلق أنا كتابي، وتغلق أنت هذا الكتاب، ثم نرمي بهما جميعًا في النار، فلعلها أعقلُ منك ومني، فتحرق هذا الكلام وتأكله، فربما كان معنى ذلك عندها: أنها تقرؤه وتفهمه، فتكون أحق مني ومنك بالحياة، أي بالتوقد والتوهج!”
اجترح أبو فهر هذا الكتاب من الأساس من أجل الرد على مقالة كتبها صديقه الحميم يحيى حقي، ولكنه لم يرحم حقي أيضاً، بل انقضّ عليه وعلى بعض قراء التراث العربي الذين يتعاملون معه بتساهل أو استخفاف العمل قويّ، وعميق، ولا يصمد أمامه إلا الأشداء
درة أعمال الشيخ شاكر، والكتاب المنبئ فعلا عن غزير علمه بالشعر العربي. عمل فذ ومدهش. ------------------------------------------------ القراءة الثانية: أعجز عن وصف عمل الشيخ في هذا الكتاب، هذا عمل فذ لا يقدر على مثله إلا من اختلط كلام العرب بلحمه وعظمه، والشيخ هو هو مثال هذا الرجل.
كتاب مدهش وعظيم. ما يميز الدكتور محمود شاكر رحمه الله عدم الاعتماد الكلي على الأسلوب الأكاديمي في الكتابة وذلك ما يجذب القارئ إلى كلماته أيًا كان المستوى الفكري لحامل الكتاب. من خلال ستة وعشرين بيتًا فقط يبرز منهجًا في البحث والتحقيق يؤسس لفكر هادم لقولبة التعليم التي اعتدنا عليها. فتذوق الشعر والبح�� في التراث الأدبي يحتاج إدراكًا للعاطفة والبيئة وكل عامل من الممكن أن يؤثر على الكاتب مهما صغر وحَقُر ، وهذا ما يتبعه أبو فهر في منهجية بحثه فلا يترك شيئًا للمصادفة. احتوى الكتاب تعريجًا على قضية الشعر الجاهلي التي استثارها "مرجليوث" وتبعه الدكتور طه حسين ، ورد شافٍ على كل مؤلهٍ " لنجم لامع في سماءٍ غير سمائه " على حد قوله وهي قضية تقديس الأسماء لا ما أنتجته هذه الأسماء ، فيحاولون أن يُكسبوا كلماتهم معانٍ لا تحتملها لتكسبها بديعًا وجلالة بالإكراه وذلك لمجرد الرغبة الغريبة في الاقتناع بمثالية كاتبها. ولكن الهدف الرئيسي من المقالات هي تطبيق منهجه في التذوق والتحقيق على قصيدة منسوبة لتأبط شرًا ليتناول القصيدة وكاتبها من كل جانب ممكن للرد على مقالة الدكتور يحيى حقي الشهيرة التي تناولت ترجمة جوته لقصيدة "إن في الشعب الذي دون سلع لقتيل" ليثبت من خلالها رعونة الإدعاءات التي تحاول النيل من القصيدة العربية وإعجازيتها ووحدتها. كتاب يستحق القراءة بإمعان ، ورحم الله أبا فهر.
لأول مرة أشعر بأن للكلمات طعم كطعم السكر ،عندما بدأت في قرأت الكتاب كان جُل مايدور في مخيلتي تلك المؤلفات التي قرأتها عن الشعر العربي ونقده التي لا تخلو من التكرار والإطالة المبالغ فيها دون النظر الى جمالية النص والتغني به وإستنطاقه ليخبرنا عن تلك الاحداث التي تختبي تحت ظلال النص وعن موسيقى تتردد بين صدراً وعجز تذهب بك بعيداً لتشرف بك على احداث انت والموت فيها لا يفصل بينكما إلا جزيئات من الثانيه،وهذا مافعله محمود محمد شاكر رحمه الله تعالى حينما قام بشرح قصيدة لا يعرف قائلها وتأرجحت بين (الشنفرى وخفاف العدواني) والتي مطلعها ( إن بالشعب الذي دون سَلَعْ لقتيلاٌ دمه ما يطلُ) وقد أوغل في تشريحها وتتبع مكامن جمالها بطريقة فذه لا يستطيع غيره عليها دون ان يشعرك بالملل بل على العكس فقد صنع لنا من ٤٢٠ صفحة (والتي هي عباره عن مقالات صحفيه جُمعت وطُبعت تحت مسمى نمط صعب ونمط مخيف) رواية ملحمية في إستنطاقه لابيات القصيده . رحم الله الأديب والعالم / محمود شاكر (أبو فهر) رحمة واسعه.
لطالما كنت أتوق لقراءة من هذا النوع، وفي هذا الكتاب وجدت ضالتي، الغوص في بنية قصيدة ما والإخلاص لها حتى النهاية. هذا الكتاب يجمع مقالات كتباها أستاذنا الكبير محمود محمد شاكر مدافعاً عن بعض قضايا الشعر العربي من خلال قراءته العميقة لقصيدة ( التي لا أجدني مرتاحة في تحديد قائلها بعد قراءة الكتاب) مطلعها:
"إِنَّ بِالشّعبِ الذي دونَ سلعٍ لَقتيلاً دَمُه ما يُطَلُّ".
ملاحظة) في إحدى المقالات يدرس الأستاذ محمود القصيدة في ضوء بحور الخليل، وحتى تسلم من الغرق من الأجدى أن يكون لديك خلفية تفيدك في قراءة هذا القسم.
أن تحلق في سماء اللغة والشعر والأدب بجناح من الفصاحة ... هذا ما أستشعره حين أقرأ للرجل فهو يتيح لك بكتاباته فرصة للانضمام لركب المتعلمين ،وأنا أعجب كل العجب من خروج هذا الرجل عن المعادلة المعتادة من أنه لا أحد يتعلم وحده بل لابد من معلم ومتابع وغيره ! هذا الجبل الأشم قد بنى نفسه بنفسه قد علم نفسه بنفسه قد ثقف نفسه بنفسه !
هذا الكتاب الدسم الذي يتناول القصيدة الرائعة "إن بالشعب الذي دون سلع" بالتحقيق والتدقيق والتعليق والشرح هو عبارة عن خبرات تكونت بمرور السنين واﻷعوام هذا هو خلاصة تجربة الشيخ لثماني سنوات مع الشعر الجاهلي.
تراه يحكي لك قصة "المنهج" وكيف توصل إليه بعد مكابدات ومجاهدات ومواصلة لليل مع النهار بغية الوصول إلى منهج مطرد يصلح تطبيقه على كل قصائد الجاهليين التي اختلف في نسبتها فتتعلم منه الغيرة على اللغة العربية والحرص على الثقافة العربية.
تتعلم منه ألا تنزلق في الشبهات ،تتعلم منه ألا تكون ممن وصفهم علي بن أبي طالب بال"همج الرعاع أتباع كل ناعق" تلمس هذا المعنى من ثباته أمام شبهة اختلال القصائد العربية الجاهلية وأنها ليست مما قيل في الجاهلية أصلا بل كتبت جميعها في الإسلام ونحلت لشعراء جاهليين وكيف أن أغلب الكتاب البارزين آنذاك قد سلموا بهذه القضية ويكأنها ثابتة غير قابلة للبحث أو النقاش ثم ترى ثباته ومصارعته للمستشرقين الذين كانت لهم اليد اﻷولى في خلق هذه الشبهة ثم يصل إلى دحض شبهتهم بالحجج القاطعة ...
أما أنا فقد فرغت, لا أقول أديت ما يجب على, ولكنى حاولت أن أضع بين يدى ناشئة الأجيال محنتى أنا فى الشعر الجاهلى, كيف وقعت فيها؟ وكيف نجوت منها؟ وحدثتهم عن بعض تارخها الذى دمر أجيالنا نحن, فتركوا النفوس من ورائهم بور, وعليهم هم أن يعمروها بالزرع والبناء, وإلا.. فقد مضى مثل الأولين