What do you think?
Rate this book


302 pages, Hardcover
First published January 1, 2008






كان يعرف أنه آدم ،ويعرف أنها حوّاء
وكانت تريد معرفة كل شيء

لترَ العالم في حبة رمل
والسماء في زهرة برية
اجمع اللامتناهي في راحة اليد
والأبدية في ساعة واحدة

وكان
فجأة من اللاكينونة صار كائناً يعي ما كانه
فتح عينيه، تلمّس نفسه وعرف أنه رجل
وأحس في رأسه بالتقلب المضطرب للصور الباحثة عن تسمياتها
فانبثقت الكلمات والأفعال من أعماقه نقية وواضحة لتحط على كل ما يحيط به
سمّى ، ورأى أن ما يسمّيه يتعرف على نفسه
بدأت تنادي ، واستغرب أن تكون لديها أنّة بهذا العمق
نواح هواء الذي في جسدها الذي بلا أجنحة
أنتِ كنتِ مخبّأة داخل الرجل
إلوكيم خبأكِ في أحد أضلاعه وليس في رأسه كيلا تكتشفي الغطرسة
ولا في قلبه كيلا تراودكِ الرغبة في التملّك

هو يفضل أن تظلا هادئين ، ومستكينين مثل الهر ، والكلب
المعرفة تسبب القلق وعدم الرضا
..
إلوكيم يعرف أن التاريخ لن يبدأ إلا عندما تستخدمان تلك الحريّة



لم تكن تدري ما الذي يتحرك في داخلها
ولا إذا ما كانت تلك الحالة عابرة أم نهائية ودائمة
كان خوفها الأكبر
أن تتقيأ ذات يوم من الأيام مسخاً بحرياً
جنس كائناتِ جديد
يأكلها هي وآدم
كي يسكن تلك الأرض
رأت حواء عقدة بطنها تنفك
وتخرج منها حلقة ، فحلقة أناس أجلاف
يشقون طريقهم متغلبين على عقبة بعد أخرى
وحاملين منها مشهداً محفوراً في ذاكرتهم
ويحاولون العودة إلى ضياء الجنة الناعم
إنه ميّت يا لولوا، لقد قتلته
سمعت حواء الجملة
وتلاشت كل كلمات العالم باستثناء هذه الكلمات
كانت تريد ان تفكّر ولا تجد سوى
إنه ميّت يا لولوا، لقد قتلته
وكانت كما لو أنها ترى تلك الكلمات
ترى الصورة التي تصفها لولوا
هابيل على الأرض
وقايين يقول ذلك مرّة بعد أخرى

سبحت قليلاً ، وكان شعرها الطويل يطفو حولها
اقتربت سمكة فضيّة ، وراحت تتحرك بين العشب الأسود 
تدخل وتخرج كما لو أن ذلك الشعر نبتة مائية
ولحقت بالسمكة الصغيرة أسماك أخرى
وفجأة رأت حواء نفسها محاطة بحشد أسماك لامعة
تقترب منها دون خوف
وتلامس بشرتها
ودون أن تفكر رفعت يدها
ووضعتها على ظهر إحدى أكبر الأسماك
سمحت لها السمكة بذلك
وبعد ان سبحت دائرة حولها
رجعت لتتلقى مزيداً من المداعبة
جرّبت حواء إمساك واحدة منها
فظلت السمكة هادئة بين أصابعها
كانت تقدم نفسها إليها
تريدها أن تمسك بها
كرة سيقان وأذرع وأيد وأفواه
يطارد بعضها بعضاً وسط تأوهات وضحكات مكبوحة

ولكنكِ تفكرين-
وكيف تعرفين أن القرود لا تفكّر؟-
إنها تعيش وحسب ، لا تتكلم-
وهل هذا سيء؟-
لا أدري يا أكليا ، أحيانا لا أعرف ما هو الخير وما هو الشر
  
رواية صغيرة قابعة على رف المكتبة منذ دورتين لمعرض الكتاب ولصغر حجمها، أمسك بها على فترات وابدأ القراءة، فأتصفح صفحة ثم الثانية فأجد النص عن آدم وحواء . اقول لنفسى سيكون تخريف وتجديف واستهزاء لا استسيغه. ثم اترك الرواية مرة أخرى لتتمتع بثبات خشب أرفف المكتبة. ومع حلول موعد المعرض الجديد، قلت يجب ان أنهى ما عندى من كتب وروايات صغيرة. أخذتها مرة اخرى وبدأت متوقعا انها ستنتهى دون تأثير أو دون المستوى، لكن حقيقة وهو أول عمل اقرأه لجيوكوندا بيلى فكان فوق التوقعات بكثير. 
الرواية كما تقول الكاتبة انها خيال مبنى على خيالات كثيرة وتفسيرات واعادة تفسيرات نسجتها البشرية منذ عصور لا يمكن تذكرها حول اصولنا. 
متخذة من القصص التوراتية حول بدء الخلق مجالا لتحاول فيه صياغة ما دار فى خلد الجنس البشرى فى اول ايامه متمثلا فى آدم وحواء، احاسيس الدهشة،محاولة التحقق من الاشياء، اول مرة فى كل شيئ،القلق ،الخوف،التوتر،الحب،الكره والارتياح. هذه مشاعر نعيشها كثيرا ولكن ماذا لو فكرت فى هذه المشاعر عندما تحدث لأول مرة فى تاريخ البشر. حاولت جيوكوندا بيلى نقلها لنا من وجهة نظر أول من وطأ قدمه الأرض من 
البشر . 
الخلق والوحى امور عندنا بها علم وكل يروح فى تفسيراته وايمانه بها، وهو عندى يقين. -ومن منظور أدبى قامت جيوكوندا بشد خيط قصة الخلق من التوراة ثم راحت تغزل به متخذة من الحوارات والمشاعر إبرة الحياكة. الحوارات بين آدم وحواء والحية احيانا وصوت الإله بداخلهم، وما حوته الحوارات من تفكير وفلسفة وافكار وجودية حول الغاية من وجودهم، عن خيالات الجنس البشرى ورغبته العارمة فى المعرفة وتفكيره فى الحرية التى منحت له دونا عن سائر الخلق. إحتياجه الشديد للإجابة عن أسئلته الوجودية الكبرى فى هذا الكون الفسيح رغم توفر الملذات جميعها ولو اكتفى الجسد ونال من ماديات هذا الكون؛ إلا أن هذا لا يشبع نهم هذا المخلوق العظيم، لابد من إجابة، لابد من إرتواء الروح.
"-ماذا نفعل هنا؟ - كانت تسأل.
=لا أعرف.
-من يمكنه أن يشرح لنا من أين جئنا؟
=الآخر.
-وأين الآخر؟
=لا أعرف أين هو. أعرف فقط أنه يحيط بنا."
"-ماذا وراء هذه الجنة؟ لماذا نحن هنا؟
=من أجل ماذا تودين معرفة ذلك؟ لديك كل ما تحتاجينه
-ولماذا لا يجب أن أود معرفته؟ ما المانع أن أعرفه؟"
أنت فطنة جدا - قالت الحية متهكمة - الخلود لا يحتاج إلى معرفة. في المقابل، الحياة والبقاء يستلزمان المعرفة. المرء يتساءل وينبغي أن يجيب نفسه. فبلا ريب ولا ذهول تصير المعرفة قاتمة. ما الضرورة في أن يعرف المرء أنه سعيد إن لم ينقصه شيء؟ الكمال جمود . لكنك قد تشعرين بحنين.
بسبب تطرف الرجل وقسوته. قسوة أن يجبرها أن تنظر كيف يدفن الثمرة وقسوة أكبر أن يقرر لكليهما. لقد تصرف كأن كلماتها لا وزن لها ولا رنين، كأنه لم يستمع إليها. وكانت هي وكلماتها شيئا واحدا. فعدم الاستماع إليها نفي لوجودها، تركها بمفردها.وكان هو مدرگا أنه لا يستمع إليها. فلو استمع لضعف، ولارتبكت إرادته. كانت هي واثقة جدا من نفسها بينما لا هو يعرف فيما ولا فيمن يثق . في المقابل كان يعرف أنه يحتاج إليها . يشتاق لدفئها.
ولم تكن حواء تنفي ذلك. كانت معجبة بعناد آدم العذب، وتكريس وقته للمهن التى يخلقها لنفسه باستمرار، والرضا الذي تبعثه فيها سيطرته وفهمه لما يحيط به. مع ذلك، كان عنيدا ويصر على القيام بأعماله دون أن ينتبه لأثر ما يقوم به مع مرور الوقت. كان يصعب عليه الصبر ورؤية سير الأشياء الطبيعي وتركها تجري وفق ميولها وحكمتها. كان -دوما - متعجلا. لهذا، رغم أنه يعرف دورة ثمرات الأرض، كان يفضل الصيد، كل ما هو فوري، وما يجلب له مكافأة أسرع لجهوده .
لن تشعري بشيء. هنا تكمن المشكلة تحديدا . أبدا لن تشعرى مجددا. فالموت ذات بساطة فظيعة.
كان آدم مندهشا من تعلق الطفلين بثدى حواء. تسكن الرغبة في الحياة بداخل كل حيوان، كل نبات، كأن الموت لا يهم، كأن الموت محض أكذوبة.
لا أعرف - قالت - ربما لأننا كنا أصغر سنا. ربما لأن الأيام كانت تبدو جديدة، وكنا نعتقد أن بوسعنا فعل أشياء أخرى غير السعي للعيش. أشعر أحيانا أنه الشيء الوحيد الذي نفعله .
- وماذا سيحدث لأبنائی؟
= سيعرفون الخير والشر.
- وسيعانون؟
= قلت لك إن المعرفة تخلق المعاناة.
كيف كانا قبل ذلك إن كانا قد ولدا بهذا الحجم الصغيرة تساءل. ما من أحد كان يغسلهما ولا ينظر إليهما بهذه الخفة الرطبة.
-أتعتقدين أنه سيروق لهما الحياة خارج الجنة؟
= أعتقد أنه بدون معرفتهما للجنة، لن يشتاقا إليها
كانت الرواية اعلى من توقعاتى ولو انها على مستوى الوصف وألفاظ العبارات-هذا على حد ما وصلنى من الترجمة- قد تكون فى حاجة لأن تبرز وتكون أعلى فنيا فلو تعمقت فيها الكاتبة لأخرجت نصا عاليا جدا بهذه الافكار. أنا لا اعرف مستواها فى الكتابة فهذا أول عمل اقرأه لها. لكن على اعتبار انها أرادت إضفاء جو فانتازي وبنقل تجربة "أول مرة" للمشاعر وأحاسيس الدهشة التى نعيشها الآن ونعرفها وندركها، فهذا يغفر لها. 
على الهامش: أهدافنا فى الحياة معروفة والغاية لنا مكشوفة، فطرتنا تساعدنا والتعليمات بأيدينا ، الثواب والعقاب الدنيوى والأخروى واقع لا محالة. 
قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (112) قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ (113) قَالَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا ۖ لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (114) أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (116) 
 
 
