هذا الكتاب الذي بين أيدينا يتناول في موضوعه توحيد المملكة العربية السعودية على يد المؤسس الملك عبدالعزيز . ومؤلف هذا الكتاب ممن عمل مع الملك عبدالعزيز جنباً إلى جنب تسع سنوات كاملة كان خلالها مرافقاً له في كل أسفاره وغزواته . وكانت تلك الفترة مليئة بالأحداث الكبيرة . فقد شهدت انبثاق نجم حركة الإخوان الصاعد ثم تمردها ونهايتها , كما شهدت الحرب مع اليمن وبداية قصة الزيت العربي .. والكتاب كتبه مؤلفه باللغة الإنجليزية لإيضاح وجهة النظر العربية للقارئ الغربي عن التاريخ الحديث للمملكة العربية السعودية . ويروي فيه المؤلف ذكرياته الشخصية وتمتزج فيها الآراء الذاتية عن حوادث الفترة التي عايشها والأدوار التي قام بها أبطالها . وقد وفق المؤلف إلى إخراج كتابه في عرض شيق وأسلوب جذاب . والقارئ سيجد فيه معلومات ومتعة لا توجدان في غيره من الكتب التي ألفت في موضوعه .
أنهيته، وكانت تلك طريقتي التي أحييت من خلالها مناسبة ذكرى يوم التأسيس لبلادي، حسنًا، أُدرِكُ أن ذكرى التأسيس تعود لحدثٍ أبعد غورًا في التاريخ من توحيد المملكة، ولكن هذا امتداد لذاك.
ما إن بدأت في قراءته حتى عاد لي إيماني بسخاءِ حظي الذي جعلني أغزوا كتب التاريخ فأغنم من بينها هذا الثري اللطيف، هو كذلك ثري بكل ما تحمله كلمة الثراء من معنى، ولكنه رغم ثرائه لطيفٌ بلا عنجهية أو تحذلق، كما أنه واضحٌ صريح، يُشعرك في مواطن وكأنك تعرف كاتبه شخصيّا، وربما شعرت بأنك تجلس إلى جواره بينما يقص عليك تاريخ أجدادك، نعم، أجدادي وأجدادك، أو دعنا نقول معًا: أولئك أجدادي فجئني بمثلهم إذا جمعتنا يا جرير المجامع كان أحد أجدادي من ذوي التاريخ المزدوج خلال ملحمة التوحيد، فهو مرة من أبطال التوحيد، ومرة مناصبٌ للتوحيد بالعداء، إنه سلطان بن بجاد، شيخ بطون برقا من قبيلة عتيبة، وها أنا أقرأ عن معركة السبلة اليوم فلا أتمنى نهاية غير التي كتبها القدر حينما جعل النصر من نصيب ابن سعود، ذلك أنني أنظر للأمور بطريقة افتقر لها أسلافي يوم ناصبوا المؤسس العداء، وربما شفع لهم أنهم كانوا حديثي عهدٍ بقبيلة، بينما أنظر اليوم للأمر من بعد مرور عشرات السنين فأُدرِكُ أن بلادي كانت تقع في جزءٍ تغض عنه قوى العالم طرفها نظرًا لجدبه وشحوب أرضه، ولكن تلك القوى العالمية ما كانت لتستمر غاضة الطرف وقد تفجرت أرضنا عن الزيت، فما كان سيكون مصيرنا لو أن الزيت ظهر ونحن على شفا حفرة من فرقة!.
ومع أن جدًا لي آخر من جهة والدتي كان من ضمن الرجال الأربعين الذين سروا في الليل فهتف لهم الصباح، إلا أن ذلك لا يُغير كوني عتيبية أقرأ تاريخي، وأفهمه، ولا أتنصل من أي جزءٍ منه ولا أخجل.
من ناحية أخرى كنت قد قرأت منذ أشهرٍ مضت رواية تاريخية عجزت عن إبداءِ رأيي فيها، لم أفهم شعوري إزاء ما قالته لي تلك الرواية، ولكنني بت أكيدة من بعد قراءتي لهذا الكتاب أنني ضد كثيرٍ مما كتبه سيف الإسلام بن سعود في روايته قلب من بنقلان، لقد أساءَ لي كقارئه بما كتبه هناك، بل إنه لم يحترم ثقتي فيه حين وهبته وقتي وجهدي وقرأت له.
كعادتي الخاصة السنوية التي احتفل بها بطريقتي الأمثل بذكرى توحيد المملكة العربية السعودية بقراءة كتاب تاريخي عن تاريخ توحيد الدولة السعودية الثالثة والملك عبدالعزيز، وسعدت باختياري هذا لهذا الكتاب المختصر الرائع الذي كُتب من مترجم الملك عبدالعزيز الذي عاصر حياته ورافقه لمدة ٩ سنوات، وهذا من ما لاشك فيه يضفي مصداقية وموثوقية أعلى ولكون المؤلف معايش وفي خضم الأحداث التي يكتب عنها، وقد ألف الكتاب أصالة باللغة الانجليزية للقارئ الغربي الذي يريد ان يتعرف عن تاريخ المنطقة من أهلها لا المستشرقين.
وقد أجاد المؤلف بتبسيط ذلك التاريخ واختصاره دون إخلال مع نظرته الحيادية الموضوعية.
وفي كل مرة أقرأ فيها لتاريخ الملك عبدالعزيز أزداد اعجاباً وإكباراً لهذه الشخصية الاستثنائية العظيمة في كل جوانبها. فقد كان البطل الشجاع والسياسي الداهية والمفاوض البارع، والإداري الناجح والانسان الرحيم الصادق ذو الاخلاق الكريمة. ومما استفدته من هذا الكتاب أن زاد وعمق يقيني بجاذبية وروعة شخصية الملك عبدالعزيز التي استمالت الناس من حوله وجمعتهم على حبه ومناصرته، فهو من اذكى شخصيات التاريخ عاطفياً واجتماعياً. فقد أخذ بلب كل من عاصره وعاش معه.
يستعرض الكتاب توحيد المملكة العربية السعودية على يد المغفور له الملك عبدالعزيز. وتكمن أهمية الكتاب في كون مؤلفه هو المترجم الخاص للملك والمرافق له طيلة تسع سنوات. وهي مدة طويلة أتاحت له ذكر كثير من المواقف وتفاصيل بعض الحوادث التي حفل بها كتابه هذا. بالإضافة لكثير من المعلومات التي تدل على سعة ثقافته واطلاعه
استمتعت وأنا أقرأ هذا الكتاب . ذكر معلومات جديدة بالنسبة لي خاصة وأن الكاتب مترجم في عهد الملك عبدالعزيز واكب هذه الحقبة المبكرة من عهد الدولة السعودية وقلة الكتب التي تتحدث عن هذه المرحلة.