حميدة قطب إبراهيم أدبية مصرية, الشقيقة الصغري لسيد قطب مفكر الإخوان المسلمين وصاحب الظلال, ولدت في القاهرة في العام 1937, اعتقلت في العام 1965 في قضية تنظيم الإخوان الشهيرة وحكم عليها بالأشغال الشاقة لعشر سنوات وعمرها حينئذ 29 عاماً حيث اتهمت بنقل معلومات وتعليمات من سيد قطب إلى زينب الغزالي وكذلك المساهمة في لجنة لإعالة أسر المعتقلين في الفترة من 1954 و 1964, خرجت من المعتقل بعد 6 سنوات وأربعة أشهر قضتها بين السجن الحربي وسجن القناطر, تزوجت من الدكتور حمدي مسعود وانتقلت معه للإقامة بفرنسا . توفيت 17-7-2012.
كتبتُ كلمات في رثائها ، فعلّق أحدهم يشير عليّ بقراءة إحدى كتاباتها .. قال - جزاه الله خير الجزاء- : هي مجموعة قصصية ، شكرته ووعدت بقرائتها .. ممم قصصية ، ربما تكون ممتعة لي أو قد أستفيد منها شيئا .. قمت يتحميلها على الجهاز ونسيت الأمر برمته بعدها بشهور وأنا أتجول هنا وهناك بين ملفاتي رأيتها .. آه مناسب أن أتناول عشائي وأنا أقرأها .. 181 صفحة .. لن أقرأ كثيرا فقط ساتناول العشاء وأعود لواجباتي أو أعود لحياتي التافهة أسرتني أمامها ، كنت أسمع صوتها بين الكلمات ، وأرى كل شيء .. أبكي أو أقرأ بذهول ثم أبكي وكثير من المشاعر تختلط في نفسي (رحمات على هؤلاء ولعنات على أولئك .. حب وكره .. خوف ورجاء وكثير من التساؤلات) ،، أتذكر جيدا أول مرة قرأت فيها لرعب كان في بلدي وقبل سنوات من ولادتي .. لا لم يكن رعب العصور الوسطى أو رعب محاكم التفتيش .. لم يكن رعب جاهلية قريش ، بل كان أجهل بكثير رعب قرأته في البوابة السوداء لأحمد رائف وأيام من حياتي لزينب الغزالي ، كنت أرتجف أمام الجهاز .. كان رعبا أكبر من البكاء ..أرتجف ويملأ قلبي الخوف والفزع كنت في الخامسة عشرة ربما كنت طفلة حينها لكني لم أعد بعدها..
اليوم وبعد خمس سنوات ومع ( رحلة في أحراش الليل) تعود لي الرجفة ويعود البكاء مع لعنات غاضبة على الظلمة وزبانيتهم .. على عبد الناصر ورجاله.
-- لكم بعض اقتباساتي من الكتاب :~
1 "الحية الهائلة تزحف ؛ تملأ الطريق ، تفترش كل فج ، تكمن في كل حنية ، وسمها الزعاف يزكم الأفق ويخترق الأعماق ؛ ولكنهم أغمضوا العيون ؛ وأحسنوا النيات .. كانوا مخطئين حين غضوا الطرف ، حين واجهوا الجرائم الكبيرة بالصفح الجميل ، حين رفضوا النظرة الثاقبة وأشاحوا عن وهج المصباح !
لم يقدروا الأمر حق قدره ؛ ظنوا أن المشكلة مشكلة اختلاف رأي داخل الأسرة الواحدة ، تعالجه الكلمة الطيبة والموعظة الحسنة! تسطحت في عيونهم أبعاد الطريق ، وتخلفوا عن ملاحقة الركب المسرع ، أغمضوا البصائر فأوقعوا في الشباك! "
2 " ياألله .. لماذا تصر على أن تظل تفكر؟! ..وتفهم؟! والفكر في هذا العهد الرهيب، عهد الفراعنة المحدثين ، جريمة لا غفران لها؛ فالفرعون وحده يفكر للجميع ، فهو ابن "رع" وهذه الأنهار تجري من تحته! أليست هذه جريمتهم الكبرى ؛ حين فكروا وقالوا للفرعون "لا"! .. لماذا يفتشون فيما وراء ما يقال، يدركون بعقولهم المتلبسة بجريمة الفكر ما يراد بالبلاد والعباد ؛ لماذا يعارضون ما تقرر أن يقر في عقول الناس وتقاد به الجماهير حتى هوة الدمار! لماذا تصر أن تظل موصولة بوعيها القديم ، برؤيتها الناصعة للأوضاع والأشياء؛ ألم يأتوا بها هنا لتتطهر في النار من جريمة الوعي ، لتعرف وتقر أنهم فقط خلقوا ليساقوا ، وأن ابن الشمس وحده يفكر .. يقود ، يستخف بالرعايا ليخفض الجناح لأولياء النعم! "
3 " باب الحديد أسماه البغاة في العهد الجاثم فوق صدر هذا البلد "ميدان رمسيس" حتى يعيدوا إليه لونه الفرعوني "
4 " ماهي الحياة وقد ضاع في هذا البلد المسكين كل معنى للحياة! .. أهذا الذي يعيشه الناس في هذه الأرض المقهورة أنفاسها ...حياة؟! هذا الذل ، الخوف .. هذا الضعف والخور والجبن الخانع ، هذا الرذاء بالضياع ، بالقهر ، بغضب الله .. أهو الحياة؟! .. لأي شيء يعيش الإنسان في هذا الزمن الضائع؟ .. لأنفاس تترد ولقيمات تلاك؟ ماذا لو غادر هذا العيش الرخيص ، ماا لو رفض أن يباع كالعبيد ، أن يباح دينه وعرضه ، وأهله وأرضه لأعداء الله ... ثم غادر الحياة .. هذه الحياة؟! ماذا يخسر الإنسان حين يشتري الذي هناك بالخشاش! .. ما أبعد الشقة بين مفهومنا للموت والحياة وبين حقيقة الموت وحقيقة الحياة!"
5 " متى؟ .. متى يستوي الموت في القلب مع الحياة؟ .. متى تنطلق كلمة الحق تعلن عن حقيقتها بغير خوف؟! عندها ينتصر الحق؛ يرفع رايته ويعلو في الأرض! .. متى يعرف المسلمون أنهم فقدوا الحياة حين أحبوا الحياة.. حين كرهوا الموت كتب عليهم الموت! متى تنفخ الروح من جديد في الغثاء؟! لابد من شهداء.. لابد من دماء تندفع حارة ثاشرة في قلب الغثاء ، وها قد رفع لنا شهيدنا راية الدماء ، فلنحملها ونسر حتى تنبثق الحياة في عروق الخوف وينبت العشب في أودية الضياع .. "
6 " كان أمامي إمكانية الهرب إلى خارج البلاد وقد أعد له كل شيء بإحكام؛ ولكني رفضت ذلك .. رأيت أن البقاء في ميدان المعركة بكل نتائجه أجدى لمستقبل هذه الدعوة من الحل الآخر .. ولسوف يصنع الله بهذا الحدث - لو كان في قدره- أشياء رائعة لهذا الدين ان شاء الله .. ثم إن لي هنا أصحابا ، لا أقبل أن أتركهم وأنجو بنفسي!" " أحس أن تنفيذ الحكم أجدى لهذه الدعوة من تخفيفه" ! (سيد قطب يكلمها في آخر ليلة في حياته )
7 (تتحدث عن أخيها ) "سامق الفكرة نافذ الرؤية مفرد النظر في عصر سيطرة الضباب؟! .. من يستطيع في الزمن الباهت أن يدرك خطوه الواسع وآفاق حروفه الناصعة؟ ....! روحه تسبق زمنه ..تسبقه بكثير.. يقين يسطع وسط أكداس الغبش ..غريبا واغل الغربة ..فهل يبقيه الله طويلا يجهد صدره وهو يتنفس تحت أطباق الغيم؟! هل يتركه الله يعيش بغير زمان .. بغير مكان يحويه..شعاع يدلف وسط الغيم؟ "
هي قطعة بلاغية, وتجربة إنسانية, وملحمة تاريخية, وذكريات بطولية, أنطق الله كاتبتها الحكمة, علمها أخوها رب أسرتها بعلمه, وبثّها أدبه, وهو العالم التقيّ, الشهيد, مفسر القرآن, وعالم السياسة, والأديان, الأديب البليغ "سيد قطب".
مذ البداية, تجذبك التعبيرات والصور التي نسجت صورة حقيقية لما حدث داخل السجون في الحقبة الناصرية, الظلامية, لتجعلك تشعر بنتوءات أرض الزنزانة, وظلامها, وتشم رائحة الدماء التي يشهد الفراش على سيلانها عليه, وصديد التعذيب, وآثار خربشة النزلاء في الحوائط.
وسط كل ذلك السواد البهيم, تكشف لك الكاتبة عظم تلك الحالة بالنسبة للمؤمن, فبالرغم من حالات الضعف التي مرت بها, وهي طبيعية بالنسبة لأنثى في مثل سنها, بل طبيعية لرجال راشدين يتعرضون لمثل هذه الوحوش التي ارتسمت في هيئة آدمية, فتصبح الزنزانة السوداء جنة, وتصبح الخلوة مراجعة وتفكر, وحساب, وتصبح صلف الزنزانة, وسوءها تذكير بالرغد السابق, وتنبيه لمعاني الجهاد التي قرأتها, أو استمعت لها, أو قالتها, وهيهات أن يقارن العيش بالكلم.
هل انتهت هذه المجموعة القصصية عند هذا الحد ؟, لا بل تعدت إلى تبيان حقيقة النفوس المريضة التي كانت تتعامل مع المؤمنين الصابرين في ذلك الوقت, بعرض نماذج للحوارات التي اتبعوها, والوسائل غير الآدمية التي استخدموها.
بل تعرضت, وعلى غير عادة كتاب الحركات الإسلامية, إلى نقاط الضعف التي وقعت هي أو وقع فيها غيرها, من سكان السجن الحربي, فكسرت قاعدة أن نشر حكايات حالات ضعف السلف في تلك الحركات قد يعطي العذر للخلف في التنازل بسهولة, او التسليم قبل جهاد وثبات, بل عرضت وبينت أن اولئك المجاهدين كانوا بشرًا, وكانوا أقوياء دون إدعاء كمال, ضعفاء لا يصلون إلى الذل والخيانة والهوان, بالرغم لكم الآلام النفسية, والجسمانية التي تعرضوا لها.
كما بينت في سطور فليلة عظيم أثر الإيمان على الفرد المسلم, وبينت أنه إيمان مقترن بفهم, وفهم مقترن بطول نظر, خاصة الجزء الذي التقت فيه بأخيها الأكبر, الشهيد رحمة الله عليه.
هي قصة أمة غابرة, أظهرت كيف كان يعامل أفضل من فيها, بل أعظم مفكريها في ذلك الزمان, فكيف بمن كان أميًا, جاهليًا لا يدرك حقيقة دينه وإسلامه, ذلك المغيب الهانئ بالحياة, حتى حين.
لولا التوقيت لمررت على هذه المجموعة القصصية مرور الكرام كغيرها من كتب "أدب السجون"... أنهيتها عشية استشهاد الصديق "محمد محرز" في سوريا.. فكان لها عظيم الأثر في قلبي.. . لن أقول "قطعة من جهنم في الأرض" كما أصف أغلب كتب أدب السجون ".. بل هو جرعة من (الإرادة) و (الثبات) و(اختلاط مختلف المشاعر الإنسانية) صيغت في حُلة أدبية رائعة سيكون من الكتب التي سيصعب عليّ نسيان أثرها في نفسي
رحمة الله عليها و على أخيها و جمعني الله بهم في مستقر رحمته. كنت أريد بحق أن أعلم مشاعر الكاتبة بثورة ٢٥ يناير وكيف أن الله أطال في عمرها ليريها صدق و عده. هؤلاء العظام دائماً يشعرونني بضئالتي و صغر شأني أمام تضحياتهم و إيمانهم الراسخ بالله. لغة الأستاذة حميدة و تعبيراتها ووصفها للأحداث من أروع ما قرأت في حياتي و لا عجب فقد رويت من منبع أخيها صاحب الظلال عليه رحمة الله.
كل فكرة عاشت قد اقتاتت قلب إنسان ! -الشهيد سيد قطب رحمه الله
رغم أنها كتبتها بصورة سردية و سمتها أقاصيص، إلا أنه من فرط الشحنة و الطاقة المفعمة في الكتابة وجدتني أقرأها بصورة متقطعة و تصورت أنه كان من الممكن أن تتراص الجمل -بنفس تركيبها- بصورة عمودية و تظهر في صورة شعر حر مشبوب بالعاطفة و الصدق
------------------------------ اقتباسات:
ص106 ... و انتفضت جالسة و هي تهتف بصوت متهدج: "حقا؟ .. حقا يا دكتور .. رفعت سالم يعيش؟!ـ قاطعها صوته، خشنا قاسيا جافا كأنما يتفجر من عرصات جهنم: "كلا.. لم يستشهد و لكنه مات كما يموت كل الكلاب! .. و دفن في الصحراء كما دفنت كل الكلاب مثله!" ... في غير تدبير سابق، ولا فكرة مسبقة و لا قرار، تجد يدها ترتفع ثم تهوي على وجه الرجل الجالس القرفصاء أمامها فيختل توازنه لحظة ثم يتمالك ثم ينتفض واقفا؛ وفي غير وعي تجد نفسها واقفة قباله في تحفز و ثبات.. تنطلق الكلمات من فمها في جمل قصيرة هادئة سلسة كأنها تل��ي حديثا معدا من قبل: "الكلاب ليسوا نحن، بل أنتم يا جزاري السلطة.. الكلاب هم الذين مزقوا كتاب الله و داسوه بالأقدام؛ الكلاب هم من باعوا آخرتهم بدنيا سيدهم، و ما أبأس من باع آخرته بدنيا غيره! غدا سوف تعلمو�� من هم اكلاب، و غدا سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .. اخرج من هنا .. لا ترني وجهك مرة أخرى ..!"
ص116 كيف تكون الدنيا حين تكون القسمة على هذا النحو؟! .. أي طراز للعيش يعيش حين يكون العالم هو هذا العالم؟! .. أي مصير للبلد المقهور حين تكون السلطة للجهال و للعبث الفاجر؛ و يكون العلم مداسا تحت الأقدام.. و أي زمان للكفر الكالح يمحو من وجه الأرض كل بذور الخير!
ص131 حقا؛ لكم أوغل العيش الناعم في دنيا الناس حتى قتل قبل الأمة.. النعمة تغرق المستضعفين فيساقون كالقطيع، يرضون بالذل و الضلال لتبقى النعمة! .. لكن .. أين النعمة؟! هي للحفنة المحظوظة .. الحفنة الطافية فوق السطح الراكد! أما الباقي الغارق في أوحال البركة يأكل الفتات الساقط، فأين النعمة؟ أين النعمة في أشبار العيش المكدودة، لتبقى لقمة عيش سمراء مغموسة في ذل الفقر! .. لماذا يقبع الناس في أغوار الذل من أجل لقمة عيش جافة؟ أمن أجل حياة .. مجرد أنفاس تذهب و تجئ؟!ـ
ص147 كم من المرات ساومه ذلك الذئب الغادر .. كم مرة لوح له بالمنصب الرفيع في مشروع الحزب الواحد .. يتولى فيه قمته فهو وحده الصالح لتلك القمة! و هو وحده عندهم موضع الثقة التي لا تتعرض للشكوك! .. الحزب الواحد يتولى الحكم في هذا البلد المنكوب حتى يكون في قبضتهم؛ فيكون رئيس الحزب رئيسا للسلطة، و لتبقى رئاسة الدولة ملكا للفاتحين؛ فهي يجب أن تبقى دوما محفوظة لأصحاب النجمة!ـ ماذا بقي لديهم؟ ما الذي يمكن أن يعرض أكبر من ذلك ليحتويه؟! .. ليملك تحطيمه بعد ذلك حين تتم الصفقة و تستوي اللعبةّ .. حتى يتحطم المثل؛ حتى لا يبقى في الساحة أمل في أصحاب مبادئ! .. حتى لا يبقى في الساحة رجل يرفع صوته، يقول كلمة حق، يمكن أن يوثق به! .. حتى يثبت للناس جميعا كيف يتهاوى أصحاب الدين أمام إغراءات السلطان و أبهة الدنيا! .. حتى يستقر في القلوب أن النفاق هو وحده الرابح في الميدان، و حتى يستيقن الكل أن حملة المبادئ الكبيرة ما هم إلا عبيد من عبيد الدنيا ككل العبيد و أشد دناءة! فشل تقدير الذئب الغادر؛ فقد رفض العملاق الصفقة! تهاوى في ناظريه خشاش الأرض؛ رأى المنصب و السلطان و أبهة الدنيا أهون عليه من شراك نعله! و اختار مكانه في فيلق الحق الأكبر! لا يمكلك مالا، لا يملك جاها، لا يملك سلطة!ـ
مشكلتى الدائمة مع ادب السجون هو عدم معرفتى مدى صدق الكلام الآتى ع لسان الراوى خاصة إذا كان ذلك الاخير غير معروف بشكل كبير كما هو الحال ف " رحلة ف احراش الليل " لحميدة قطب .. ولذلك لا استطيع ان احكم ع دقة ومصداقية كلامها اعجبنى اسلوبها ف الكتابة والتعبيرات والجمل اللغوية البليغة التى استخدمتها ف رواية ذكرياتها عندما تم حبسها ف السجن الحربى أيام جمال عبد الناصر لم يعجبنى بعض الإطالة التى لجأت إليها الكاتبة ف بعض الاحيان الامر الذى جعلنى اشعر ببعض الملل خاصة وإنه كان يمكن حذف الكثير دون الإخلال بالمضمون ذكرت حميدة قطب ف بداية الكتاب إنها غير مهتمة بسرد تفاصيل التحقيق التى تم إجراؤه معها بالسجن وارى انها اخطأت ف ذلك فكان لابد من ذكر تلك التحقيقات وتفاصيلها علينا حتى يتسنى لنا معرفة السبب الحقيقى وراء قيام النظام آنذاك بإلقاء القبض عليها هى وكل أفراد اسرتها
كانت نافذتي الاولى في عالم ادب السجون , قرأته في بدايات سني المراهقة في الفترة التي لم أكن فيها اعرف حتى ماهي جماعة الاخوان المسلمين , في فترة المثاليات و الرغبة في تغيير العالم يصبح الصمود , من أجل الله حلما يتحقق , أظنه غيّر نظرتي كليا لهذه الحياة , لأنه مختلف عن كل التصورات
حقيقة عارية من القسوة المتطرفة , مؤلم جدا , و راق جدا لكن التكرار فيه , تكرار بعض الالفاظ و المفردات هو الذي افقده النجمة الاخيرة ,
إن التحدي الحقيقي الذي يواجه القارئ لهذا الكتاب -بل لكل كتب أدب السجون- ليس هو مأساة السجن نفسها, ولكنه التعود على السجن,و على امتهان الإنسان بحيث يصبح أمراً يومياً عادياً مقبولاً ..و مع أن تدوين هذه التجارب يبقى حاجةً ملحةً يجب ألا تتوقف أبداً إلا أنني أنتظر اليوم الذي يتوقف فيه كل هذا عن الحدوث !
رواية تنضح بمرارة الظلم تقابلها قوة الإيمان وصبر لم يتزعزع بهول تلك الأحداث رحم الله آل قطب وسادتنا الذين تجرعوا مرارة الظلم وبطش السجان ومازالوا .. ثابتين على الحق (رحم الله حميدة قطب التى صدقت فى وصفها حين قالت ( جندى هى فى الملحمة الكبرى .. فى معركة خالدة بخلود الحق
لماذا نُطلق عليه أدب السجون ؟ هل لأنها كلمات تُصاغ داخل جُب سحيق يحتوش الجوارح و الشعور أم لأنها كلمات تُجسد لك بعض من مشاهد مريرة خاضها أصحابها ، فلنقل اذن هى تراجيديا السجون أو ليالى سوادء قالحة فى دنيا تسلط الطُغمة و الطغيان
تأثرت بكلماتها كثيرا لدرجة استشعارى أنها استنزفتنى عاطفياً ، كنت أبكى مع كلماتها على معاناتها فى هذا الجُب الموحش السحيق ، أبكى فينفطر قلبى فأترك القرائة حتى يهدأ روعى
ليس العجب أن يظلم الظالم و لكن العجب كل العجب أن يرضى بعض الناس بالظلم و ليس هذا وحده بل يتشوفون له و يُطالبون به
أى انتكاس للفِطر و أى عوار و مُفسدات فى القلوب
من تأملاتى أثناء القرائة -------------------------
"ما أشق أن يعيش الانسان بغير اطار"
كلمات حاورت نفسها بها حميدة قُطب و هى تحاول جاهدةً معرفة كم مضى عليها من وقت فى هذا الجُب الموحش.
استوقتنى تلك العبارة التى جائت فى سياق محاولة معرفتها بالزمن.
تستوقفنى الكثير من العبارات عند القرائة.....
لهذا أجد القرائة تستغرق منى الكثير من الأوقات فى بعض الأحايين.
أتأمل الجملة ثم أتفكر ثم أعود أقرأها فى سياقها ثم أتنبه أكثر فأغوص فى معنى يتبدر الى ذهنى.
صدقاً ما أشق أن يعيش الانسان بغير اطار ليس فقط فى معرفة الزمن و كُنهه و لكن فى ايجاد مساحة يحياها على اُسس و مُثل تُمثل له نبراس و منهج حياة.
تبًا لأدب السجون، تعبيرٌ على سجيته وهو والله ما رفع بي وهبط، كلمات كانت كالمطرقة تدق قلبي دقًا! فحق من قال: "كل فكرة عاشت قد اقتاتت قلب إنسان فكلماتنا تظل عرائس من الشمع حتى إذا متنا في سبيلها وهبت لها الحياة".
ادب السجون هو من نوعية الاداب التى تجعلنى ابكى فدوما تلمس جانبا انسانيا منك ويشدد الايلام عندما تكون سجين فكر فمتى يعرف السجان انك قد تسجن معلوماتك داخل عقلك ولن تتحرر ابدا بسجنك؟؟ وقد اثبتت لى هذه النوعية كم ان الجلاد ضعيف تافه والضحية قويه وتعليقى على الكتاب: نهيت قراءة كتاب رحلة فى احراش الليل لفتاة مصرية اعتقلت 18 عشر شهرا فى احد السجون الحربية وسط الرجال وسبب اعتقالها ليس لانها تمسك سلاحا او تسقط حكما ولكن لان اخوها يتبنى فكرة وينشرها او يعمل على قلب نظام الحكم فما شانها هى ؟؟حتى لو تبنت فكره فلم تسجن وقد كتبت الكاتبة الكتاب من الناحية الانسانية البحته فلم تعرض تعذيبها او الشتائم وانما قالت انه بعيد عن نهج الكتاب ومقصده وانما كتبته من اجل التعريف بخلاجاتها واحساسها وتعليقى سالخصه فى نقاط: 1-لماذا تعتقل فتاة فى سجن حربى؟اى دين واى ملة يجعلها تعتقل هكذا؟ وسط الراجال وحراسها رجال ؟ويقطع عنها الماء الا القليل والطعام؟ وكما قالت يقدم لها الماء بكوز حمام؟ 2- كيف يعتقل مرء 18 شهرا دونما اثم اقترفه او ذنب فعله؟هل يجوز ان تعتقلنى من اجل فكرى حتى وان لم انشره؟هل يجوز ان تعتقلنى وبدون محاكمة حتى لفكر اى احد من العائلة ؟اذا كان كتاب الله قال لاتزر وازرة وزر اخرى؟ 3- كيف تاتى باختها المريضة القعيدة فتلقيها بالزنزانه معها لتعتنى بها ؟وتاتى مرة من التحقيقات فلا تراها ولا تعرف اين هى؟ 4- هل يعقل ان تعتقل العائلة من اخوات واولاد الاخت لمجرد ان خالهم لديه فكر اتفقنا او اختلفنا معه؟ 5- هل انعدمت الانسانية بهم ان ياتون باحد اخوتها امامها وهى مارةامامه فيرى اخته بين زبانيه السجانين وهى ترى اخاها وقد اهدرت كرامته وضرب وتورم وجهه ونتفتت شعر لحيته ووجهه كله دماء؟؟هل هذا قوة ام انه امتهان للكرامة الانسانية؟؟ 6- هل من القوة والنخوة ان يقابلوها اثناء سير التحقيقات بابن اختها لتجد ان جسده اصبح كالنخالة من طفى السجائر وحرقها بجسده؟ 7- اى قوة تجعل الطبيب يخبرها وهى مريضة وملقاة على الارض ان ابن اختها قد ماتت دون اى رافة بها او شفقة عليها؟ان كان السجان خلو من الانسانية اى انسانيته هو؟؟ هناك تفاصيل اكثر مرارا لم انقلها ولكنى ساقتبس منها مقولة ان افكارنا تكون كتماثيل شمع تعطى الحياة برحيلنا عن الحياة فالفكر لا يقابل بالتعذيب والقتل
كم تهيبت قراءة ذلك الكتاب لمعرفتي بذاتي التي لاتحتمل قراءة ادب السجون والمعتقلات لذا قد استمر ذلك الكتاب معي اكثر من عام ونصف وأنا اقاوم البدء فيه ! الا أن السيدة حميدة قطب فعلا لاتقاوم منذ استمعت اليها في مقتطعات علي اليوتيوب . الكتاب عبارة عن رحلة الآلآم وعذاب تحملتها السيدة حميدة منذ إعتقالها علي اثر قضية تنظيم 1965 ، بدأت الكتاب بمحاولة رسم صورة للتحقيق وللزنزانه وتلك الاحاسيس المختلطة مابين فزع وخوف ، قلق وقرف مما آلت اليه بعد رغد العيش ،اذ بها تٌلقي في زنزانة لاتجد ما يحول بينها وبين البرد . غرفة يحيط بها اصوات التعذيب الجسدي والنفسي ، كم كان ثقيلا علي نفسها ان يقابلها المحقق بإن يقذف بكتاب الله بعيدآ عنها ليقول لها ذلك هو السبب في تخريب عقولكم . تأخذنا لنعيش معها ليلتها الاولي في السجن الحربي وتاك الاهوال التي عاشتها لتصل الي الذروة فيما كتبت تحت عنوان "قرارة الموجه" حينما علمت بإستشهاد ابن اختها رفعت بكرتحت التعذيب تروي لنا كيف تجرد الطبيب من انسانيته ليدور بينهم الحديث التالي : و انتفضت جالسة و هي تهتف بصوت متهدج: "حقا؟ .. حقا يا دكتور .. رفعت سالم يعيش؟!ـ قاطعها صوته، خشنا قاسيا جافا كأنما يتفجر من عرصات جهنم: "كلا.. لم يستشهد و لكنه مات كما يموت كل الكلاب! .. و دفن في الصحراء كما دفنت كل الكلاب مثله!" .. في غير تدبير سابق، ولا فكرة مسبقة و لا قرار، تجد يدها ترتفع ثم تهوي على وجه الرجل الجالس القرفصاء أمامها وتأبي ان يراها الطغاة في انهيار فسرعآ ماتلملم روحها وتناجي الله وتقيم صلاتها التي تجد فيهاالسكن وإن كنت لاادري اي انسانية تلك التي كانت تتوقعا السيدة حميدة في السجن الحربي الذي مازال اذا ذكر امامنا الان تذكرنا مذابح شمس بدران ، وحمزة البسيوني وصفوت الروبي والدجوي عليهم من الله جميعآ مايستحقوا ولا يمهلها القدرة فترة تستعيد فيها نفسها حتي تري شقيقها واثار التعذيب تبدو عليه ويساوها مدير السجن علي ان تجعل اخيها يخط اعتراف ما مقابل الخروج بعفو صحي وتمزيق قرار الاعدام الا انه يأبي وكما نعلم بقية القصة التي ظلت قائمة الي يومنا هذا رحم الله حميدة قطب وتقبل صبرها علي ما اتعقدته الصواب
تتجلى عظمة هذه المجموعة من مقدمتها العظيمة ،التي تصلح أن تكون من الدراسات الأدبية فقد جمعت فيها بين عرض محتوى التجربة وتخطت ذلك للحديث عن النقد الأدبي وهي تتحدث عن تصنيف تدويناتها عن هذه التجربة ..فتقول :لا أستطيع أن أُصنف هذه المجموعة -التي نطلق عليها تجوزاً قصصاً قصيرة- في خانة القصص ؛فذلك موكول إلى المتلقي الناقد وأنا لستُ بناقد...ولكني تركته يخرج على سجيته ،فجاء في هذه الصورةالتي أرجو أن تسلس في نفس القارئ ،فلا تعنته ولا يملها.. وتقول في المقدمة -أيضاً- : (هي إذن تعبير عن الإنسان -كما هو- بطاقات روحه ،وبظلمات نفسه..)فتحقق بذلك تعريف أخيها العملاق للعمل الأدبي : (التعبير عن تجربة شعورية في صورة موحية) ,, فهي لم تعبر عن مجرد تجربة شعورية انفعلت معها ،وإنما عن تجربة شخصية ،عن معاناة سامية من أجل عقيدة .. ولعل التعاطي مع هذا الصنف من الكتابات الأدبية بنوح النقد الميكانيكية التي تفتقد لروح الأدب يُفقد النص قيمته ويفصل بين النص وتأثيره ؛إذ هذه كتابة تخرج من القلب تلتمس الولوج إلى قلب القارئ ،لا إلى النظريات الجامدة!
صورت أحراش الليل في تلك الأدغال الخالية من الشجر = أرخت لجرائم عبد الناصر ورفاقه بحق آل قطب .. نص غاية في الشد ،لا يكاد يبدأه قاريء ثم يستطيع الفكاك .. ولعلها في نهاية مجموعته أرخت أعلى درجات السمو الذي عاش به شقيقها الشهيد سيد قطب في "لقاء عند قمة المرتقى" ..
رحمة الله على الأطياف الأربعة من آل قطب : سيد،محمد ،أمينة ،حميدة .. كان قدركم أن تقطعواْ هذه الـ "رحلة في أحراش الليل" حتى تبلغ الرحلة منتهاها .. إلى الله ؛فهو القبلة ..
هى تعبير عن « الإنسان » المجاهد أمام الطغاة كما هو ، بطاقات قوته وبنقاط ضعفه ، بلحظات إشراقه وتطلعات روحه ، وبظلمات نفسه وساعات خذلانه وهو تحت مطارق العذاب ؛ حين يكون في معية الله في أوج توهجه ، أو حين تغيب عنه معيّةُ الله ولو للحظات قليلة فيسقط في تيه الحيرة ؛ حين يعلو فوق ذاته ، فوق رغائب هذه الدنيا الصغيرة ، أو حين يستنيم ساعة لأَوهاق قبضة الطين فتغلبه رغائب الحياة الدنيا ! وهناك من يحب أن تكون الكتابة عن الإنسان المسلم إبرازاً للحظات قوته وحدها ؛ أو تغليبها دوماً على الأقل ، وأعرف أن معنى من معاني الصبر والقوة والانتصار عندهم - خاصة والمسلمون في مرحلة من مراحل ضعفهم وقهرهم - يتمثل أساساً في إخفاء لحظات السقوط في الضعف أو اليأس أو الشعور بالهزيمة حتى لو كانت هزيمة مؤقتة ، ويرون أن الألم صورة من صور الضعف وحالة من حالات الهزيمة !… ولكني أرى في هذا غير رؤيتهم… فالضعف في الكيان البشري أمر فطري مقبول مادام في حدوده المأمونة التي لا تسقط الإنسان في مهاوي الخطأ ، والألم في أعمق حالاته هو شعور إنساني نبيل ، ما لم يتخط حدود الألم إلى شفا الانهيار !… وقدرة الإنسان الإيمانية تقاس بمدى قدرتها على مقاومة هذا الضعف ، والتغلب على هذا الألم ثم الثبات بعده على الطريق ؛ وكلما ازداد الشعور بالألم ، وتم - رغم ذلك - الثبات على المعاناة ، كان الانتصار أقوى تحققاً !… من أجل ذلك قد آثرت أن أترك التعبير يأخذ طريقه إلى « الإنسان » كما هو ، بصدق كامل وبغير تزيين !
ربنا لو قرأتها قبل عام أو أقل قليلًا لما صدقت تأكيداتها في البداية عن صدق رواية الأحداث وأنها حرصت على الدقة كونَها تروي تاريخًا.. وربما مرّت كما مرّت غيرها من الروايات.
ولكن اليوم والتاريخ يكرر نفسه كما يقولون، أو ربما التاريخ لم يتغير كثيرًا منذ ذلك الحين.. ! اليوم أشعر وأنا أتذكر كلماتها بوخز الصقيع في تلك الغرفة اللعينة التي أكاد -أيضًا- أتخيل شكلها أمام عينيّ كما وصفتها ! اليوم أتساءل ما اسم صاحب الوجه المشوه الذي تنبثق منه الدماء ؟! ما اسم الكومة المهشمة التي يربطونها بالحبال، لتدفن "مع غيره من الكلاب" كما قالوا ؟! ما اسم صاحب الحلة الزرقاءالتي تُنتزع بالدم المتهرئ والدماء ؟! من هو رفعت الذي ألقوا بملابسه الغارقة بالدماء على وجه أخيه مهددين أن يلحق به ميتًا في الغد ؟! اليوم لا أشكُ أي شكٍ في وجودهم.. ولا أظن أن هذه الأحداث القاتلة هي حبكة درامية من خيال الكاتبة، بل يجزمُ عقلي أن كل هذه المشاهد هي لمحة صغيرة من واقعنا منذ ذلك الزمن وحتى اليوم؛ الذي صار يشهد سجونًا حربية عديدة وليس سجنًا واحدًا..
رواية رائعة وعميقة وصادقة.. وبها الكثير من التربية النفسية الواجبة في هذه الأيام.
عن العالم المُوحش .. عن غياهب السجون .. عن ظلمات الآسر .. عن الثمن الذي يدفعه من يدافع عن قضيته ولا يرضي أن يعيش كالأنعام .. الروايه ألفاظهااا رائعة جدا ولغتها رصينة .. فهاهي في لحظة انكسار:وفي صمت شامل انساحت من عينيها الدموع كأنها الوابل المختزل ..إنهم.. إنهم مهزومون! ولكن ثقتها بربها لا تتزحزح فهي شجرة طيبة،أصلها ثابت وفرعها في السماء..تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها.. لكنها تخاف تلك الكلمات الجوفاء التي تبعث فيي القلب الرهبة والفزع .. الفراق والرحيل..فهاهي تقول: الرحيل !! وهل آن الرحيل حقا ! ودهم حياتهم وهم هكذا شتات مشردون..بدون كلمة وداع،بغير كلمة وداع، بغير كلمة يضم عليها القلب شغافه وتضئ مسيرة الذكر .. ثم تتذكر التجرد لله وكلماتها المضيئة فيي قلبها الجهاد في سبيل الله.. الشهادة وتقول لنفسها :هاهو قد جاء ،كما يريده الله ،عمل، واقع محقق لا كلمات ..فما أثقل الواقع وماكان أخف الكلمات! . أو ماكانت تدري ماذا تعني الكلمات..مع الله ؟ أو ماكانت تعرف أنها البذل ..مما تحبون..من خير ماتحبون.. تتجلي في الرواية القيمة العميقة لقوله تعالي " أوليس الله بكافٍ عبده ،ويخوفونك بالدين من دونه " وصدق الله العظيم
عن العالم المُوحش .. عن غياهب السجون .. عن ظلمات الآسر .. عن الثمن الذي يدفعه من يدافع عن قضيته ولا يرضي أن يعيش كالأنعام .. الروايه ألفاظهااا رائعة جدا ولغتها رصينة .. فهاهي في لحظة انكسار:وفي صمت شامل انساحت من عينيها الدموع كأنها الوابل المختزل ..إنهم.. إنهم مهزومون! ولكن ثقتها بربها لا تتزحزح فهي شجرة طيبة،أصلها ثابت وفرعها في السماء..تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها.. لكنها تخاف تلك الكلمات الجوفاء التي تبعث فيي القلب الرهبة والفزع .. الفراق والرحيل..فهاهي تقول: الرحيل !! وهل آن الرحيل حقا ! ودهم حياتهم وهم هكذا شتات مشردون..بدون كلمة وداع،بغير كلمة وداع، بغير كلمة يضم عليها القلب شغافه وتضئ مسيرة الذكر .. ثم تتذكر التجرد لله وكلماتها المضيئة فيي قلبها الجهاد في سبيل الله.. الشهادة وتقول لنفسها :هاهو قد جاء ،كما يريده الله ،عمل، واقع محقق لا كلمات ..فما أثقل الواقع وماكان أخف الكلمات! . أو ماكانت تدري ماذا تعني الكلمات..مع الله ؟ أو ماكانت تعرف أنها البذل ..مما تحبون..من خير ماتحبون.. تتجلي في الرواية القيمة العميقة لقوله تعالي " أوليس الله بكافٍ عبده ،ويخوفونك بالدين من دونه " وصدق الله العظيم
مؤثر جدااا , لغة قوية جدا واسلوب يشبه في بعض مواضعه اسلوب العقاد , اسهبت في حديثها عن الجزء الخاص بها في سجون الطاغية عبدالناصر واعوانه على حساب اخر فصل الذي اشارت فيه لمحنة اخوها ولمحة بسيطة جدااااا عن زينب الغزالي , وكنت اتمنى ان يحدث العكس او ع الاقل كنت اتمنى ان اقرأ اكثر عن اخوها وزينب الغزالي كما رأتهم هي في المعتقل لكن عامة الكتاب حلو وفيه لمحات مهمة عن عقلية القائمين على السجن الحربي بل وعقلية عبدالناصر شخصيا وزبانيته كيف ينظرون للدين على انه تخلف ورجعية , كيف يتألهون على العباد , وكذا يعطينا الكتاب لمحة عن العملاق سيد قطب او كما وصفته بان روحه تسبق زمنة , كيف أعدم لانه كشف خيوط اللعبة فالجماهير كانت سكارى من كلمات النفاق في الوقت الذي كان هو يحذر من ان عهود العسكر في المنطقة هي جزء من مخطط لئيم لتمكين العدو من رقابنا
ليست المرة الأولى التي أقرأ فيها ما يوصف ب "أدب السجون" والذي يؤرخ لهذه الحقبة الزمنية بالذات ولكن لا أدري ما هذا الأثر الذي تركته في نفسي هذه المرة...مزيج من مشاعر مختلطة..ألم..حزن..تفاؤل..حب..غضب!
"يا الله..ما أشد لذع الصور وما أفدح ثقلها! لو تقوم من جلستها هذه..لو تجري هاربة إلى الخارج...لو يفتح الباب المقفول"
"العمر! ما هو العمر؟ وقد أوشك القارب على الرحيل! تحاول أن تنسى..تحاول أن تستقر..أن تثبت الأشياء التي تميد..أن تستمتع باللحظة الحاضرة..كيف؟ كيف تستقر..والأرض تحت قدميها تميد..والموت، الموت يتراءى في أفقها القريب.."
الكتاب كما و صفته صاحبته ليس بأدب و لكنه سرد لصيل مشاعر الألم و التيه و الجنون و الطمأنينة لدى المعتقل في اللحظات القليلة التي يستطيع أن يقبض عليها الكتاب يوضح فجر رجال جمال عبد الناصر في التعامل مع المعارضين لدرجة وصلت لاقتياد النساء للسجن الحربي و تعذيبهن و انتهت مأساتها بأن تقوم هي بإبلاغ أخيها السيد قطب بحكم الإعدام الصادر بحقه راجين أن تقنعه بالاعتراف بما لم يقترف في مقابل أن يتم الإفراج الصحي عنه فيما بعد و لكنهما اختارا التضحية
ما أشبه اليوم بالبارحة!! اللهم نج عبادك المستضعفين من أيدى المجرمين رحم الله حميدة قطب وسيد قطب العمالقة الصابرون عاشو فى سبيل الدين وماتو فى سبيله اللهم ألحقنا بهم على خير غير مفتونين
كتاب يدمي القلب :(.. لعنات الله والمؤمنين عليك يا عبد الناصر.. أنت وكل من سار على نهجك من الطغاة في كل زمان حتى يوم الساعة. لا حول ولا قوة إلا بالله وحسبنا الله ونعم الوكيل