يتناول الكتاب رحلة الأغنية المصرية وتحولاتها منذ نهايات القرن التاسع عشر وحتى يومنا هذا، بداية من انتشار الطقطوقة الغنائية والمسرح الغنائي ثم المونولوج الغنائي، ثم صعود أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب في بدايات القرن العشرين، ثم موجة الأغنية الجديدة خلال الحقبة الناصرية وتحولات الأغنية الشعبية وعصر الكاسيت، وموجات البوب العربي وصولاً لعصر منصات الإنترنت الرقمية والراب والمهرجانات. ويهتم بتحليل السياقات السياسية والاجتماعية التي أحاطت بصناعة الموسيقى خلال تلك التحولات، وساهمت في تكوين الذوق ونوع الأغنية الجماهيرية المتصدرة والمنتشرة على نطاق واسع.
لو المقصود أغنية عبدالوهاب فغالبا احنا منعرفش كل دا كان ليه فعلا (حتى لما شوفنا عينيه يا عبده) ، لكن في الكتاب اللي عنوانه كل دا كان ليه بردو وكتبته فيروز كرواية، فالكتاب نفسه إجابة طويلة للسؤال، وشرح مفصل لتاريخ الأغنية بأنواعها وظهور فكرة الصدارة والسيطرة لنمط بعينه ومتابعة تغيرات الأنماط دي وارتباطها بالظروف المجتمعية المختلفة لغلبة نوع أو نمط معين وتدخلات السلطات بأنواعها سواء كان سلطة الدولة أو العُرف في الفن لأنه دايما هو أفضل همزة وصل مع الشعوب، ويمكن الخمسينات عندنا أبرز حقبة اعتبرت الدولة الثقافة والفن من ممتلكاتها وأدواتها واللي سيطرت عليها من خلال قوانين التأميم والمصادرات والوصايات اللي تم فرضها على معظم الهيئات المنتجة للفن بشكل عام، وطبعا الموضوع درامي شويا خاصة وان أسماء زي محمد فوزي وعبدالوهاب وعبدالحليم في صراعات دائمة، لكن عند وصول لمصر السبعينات كان زمن وداع الكبار في مجال الغنا بكل الصراعات والملحمية اللي كانوا في مشوار أغلبهم، وتستمر الكاتبة في تتبع مصير الغناء واللي تقلباته مش بس بتظهر تغير أنماط وشخصيات، لأ، دي كمان بتظهر تغير المجتمع وذائقته واقتحام الفنون لأدق تفاصيل الحياة البسيطة للمواطن العادي.
الكتاب بيغطي فترة تاريخية مهمة وطويلة من باب شديد المتعة والتفصيل، وبيغطي الفترة اللي واكبت اختفاء العوالم وعصرها الخصب ونهاية بالمهرجانات والراب، وحالة المسرح الغنائي والغنا الشعبي بينهم، والأثر المهم والمحوري لأسماء زي القصبجي وعبدالوهاب وطبعا ازاي كانت أم كلثوم هي المحطة والجسر الأبرز، من خلال تنوع ما قدمت وأثره البالغ.
الكتاب حلو فعلا وكل ما فيه فاتن، بداية بالإهداء الجميل واللي كان لسارة حجازي، والمقدمة الممتازة لفادي العبدالله والشغل الفني الفخم لأحمد اللباد، وطبعا كل دا مع المجهود المرعب اللي بذلته الكاتبة في تقديم المادة المذهلة دي، واللي تخلي قراءته لحد غير متخصص زيي يحس بالسعادة والفايدة الكبيرة.
قراءة ممتعة عن تاريخ صناعة الأغنية في مصر بشكل أساسي وفي الوطن العربي بصورة شاملة منذ بدايات القرن العشرين وحتى الوقت الحالي وقد فك لي هذا الكتاب أخيرا طلسم نجاح عمرو دياب فعلى الرغم من أنني أنتمي للجيل الذي صنع نجوميته إلا أني لم أفسر أبدا سر هذا الصمود في ساحة متناحرة ومتغيرة رغم ضعف الموهبة الذي يقر به الجميع بما فيهم هو نفسه وقد استمتعت جدا بالأجزاء التي ركزت فيها على المغنيات وتطور صورة المغنية في المجتمع العربي وقد أفردت كراوية مساحات كبير لعبد الوهاب وعبد الحليم ومحمد فوزي لكنها أغفلت تماما فريد الأطرش الذي لا تقل بصمته في الموسيقى العربية في أهميتها عنهم وكنت أود أيضا قراءة المزيد عن جيل الموجي وكمال الطويل وبليغ حمدي لكنها اختصرت جدا في الحديث عنهم ومع هذا تبقى تجربة القراءة ممتعة جدا وهي كتابة أكاديمية موثقة بلغة قوية وسليمة ورؤية ثاقبة لما يصنع نجاح الأغنية في المجتمع العربي
كتاب مميز ..اسلوب سهل بعيد عن المصطلحات التقيلة ومباشر في موضوع الحراك السياسي الاجتماعي وتاثيره على سوق الغناء ..لم يكن محازا بصورة كبيرة الى ايدلوجية معينة او راي شخصي ولكن الى حد كبير كان موضوعي في طرح العلاقة بين التغيرات السياسية والاجتماعية الاستفادة كبيرة جدا من الكتاب وصعب نفس المستوى ده يكون في كتاب اخر ,,لان لو زادت الاكديمية في الكتاب حايكون جاف اوي ولو زاد الاسلوب السهل حايفقد تماسكه و اهميته واللي عايز يوصله ..
بس في اكتر من مشكلة فالطرح 1 - لم يتحدث عن كيف وصلت الاغاني الى الطقاطيق ولم يستوعب المغنيين الذكور في مرحلة القرن الثامن عشر وكان الغناء كله كان للسيدات حتى ان اول فصل فالكتاب اعتقدت ان الكتاب عن غناء المراءة وتاثرها بالمجتمع 2 - الكتاب في مجمله كتاب محترم ومنضبط واعتقد انه رسالة ماجستير او دكتوراه لانه منضبط على مستوى الافاظ وعلى مستوى الحقائق وعلى مستوى تسمية الاسماء ,,حتى لو ادى ذلك الى بعض اللخبطة في الكساحة بين الكباريه والمسارح والمواخير 3 - الجزء الخاص بعمرو دياب وحميد الشاعري من ادق ما كتب ومفهوم لان المؤلف عاصر المرحلة بصورة شخصية ..ولكن التحليل في غاية الاهمية ..ولكن لم يلتفت الى العلاقة المتبادلة بين الغناء في الخليج وبين مصر في التسعينات رغم انها مرحلة ثرية جدا في التببدال المنفعي وركوب عمرو دياب عصر الغناء 4 - الامثلة في الكتاب قليلة جدا جدا وكنت اتمنى انها تزيد لانها حاتضيف فهم اعمق للمكتوب ولكن اعتقثد لو ده حصل كان الكتاب حايفقد جزء كبير من اكاديميته او سيتحول الى تحليل للافاني اكثر منه تحليل للواقع مع الغناء مش عارف بس كنت اتمنى ان يكون في امثلة اكثر ..
من اروع الحاجات اللي فهمتها من الكتاب بصورة واضحة هو امتداد خط شعبي بجانب خط رسمي فالغناء .,. وده كات مستمر من الخمسينيات والستينات الى الان وان حمو بيكا له موروث وعمق شعبي واصل فالتاريخ المصري الى زمن المماليك ومحمد علي ..
بس بجد الكتاب فارق كتير حتى على المستوىالشخصي لاني بقالي كتير ماقرتش حاجة تثير العقل والتفكير زي الكتاب ده شكرا فيروز
هذا كتاب جميل ودراسة شيقة ومهمة ترصد الباحثة والمغنية فيروز كراوية حال الأغنية العربية وتركّز بشكل أساسي على الحديث عن "الصدارة"، أي الأغاني والأصوات التي تصدّرت المشهد الغنائي بدءا بأم كلثوم وعبد الوهاب وصولا إلى أغاني الراب و"المهرجانات" في العصر الحديث.
يبدو مشروع فيروز كراوية طموحا فهو يغطي الكثير من التحوّلات الغنائية في مصر وأثرها على العالم العربي، ليس فقط من خلال رصد المغنين والمغنيات، بل أيضا من خلال رصد موقف السلطة ودورها في تغير التعامل مع الغناء والموسيقى من جهة ومحاولات توجيهه من جهة أخرى، كما تشير إلى موقف الشارع والمجتمع والأسرة من المغنين والمطربين، والتحول الذي حصل من دنيا العوالم إلى المطربات، تقول:
"إن مناخ النصف الثاني من القرن التاسع عشر قد مهَّد للمشهد الفني الأكثر ثراء في بدايات القرن العشرين فبدأت فنون الأداء تعرف شكلا أكثر احترافية وتنظيما اقتصاديا مع نشأة الفرق المسرحية والغنائية، وتأسيس الصالات المتخصصة والمتنوعة في ما تقدم من عروض، وترافق ذلك مع سعي الانكليز بعد فرض الحماية على مصر لفصل المجال الفني عن الديني".
ظهرت نتيجة تلك التحولات من خلال عدد من المطربات البارزات مثل ساكنة وألمظ التي اشتهرت برفقة عبده الحامولي في إطار "الحرملك"، لكن ذلك لم يدم طويلا، إذ سرعان ما اقتحمت منيرة المهدية مجال التمثيل والمسرح الغنائي، مما فتح الباب لظهور عدد من المطربات اللواتي حصلن على مستويات مختلفة من التدريب عبر التعليم الذاتي على يد ملحنين معروفين أو من خلال مشايخ الإنشاد الديني.
وتشير كراوية إلى بدايات صعود نجم "سلطانة الطرب" منيرة المهدية وكيف ساهم ذلك في تكون صورة جديدة للمطربات وهن يشاركن بفعالية في الأعمال المسرحية، ويحظى أداؤهن بقبول عند فئات صاعدة تملأ صالات عماد الدين من الأفندية والمتعلمين، كما تتناول أنواع الغناء التي انتشرت في ذلك الوقت مثل الطقطوقة التي تعتبرها معبرّة عن لغة المجتمع باعتماد مضمونها على الغناء الساخر الاجتماعي المجوني/الإباحي والمسرحي في الوقت نفسه، كما عكست الطقطوقة في ذلك الوقت توترات الانتقال الى مجال اجتماعي يمنح خيارات بين التقليد والتحديث. ترصد كراوية بدايات ظهور أم كلثوم في نهاية ثلاثينات القرن الماضي وبداية غنائها بين الطقاطيق الخفيفة حتى الانتقال الذي أحدثته علاقتها بالشاعر أحمد رامي الذي ساهم في تدشين مسيرتها الفنية التي تعلي من قيمة الفن الغنائي وتنقيه من صوره المتردّية الشائعة في ذلك الوقت. قرنت مسيرة أم كلثوم إلى حد كبير بين القيمة الأخلاقية والقيمة الفنية وصورة المؤدّية، وكيف كان لنشأتها في مناخ ريفي محافظ أثر كبير في شخصيتها وطريقة تعاملها مع الغناء في ما بعد، بحيث أصبح لها خلال أعوام قليلة فرقة تضم أهم العازفين المحترفين (القصبجي وسامي الشوا ومحمد العقاد) وتميزت في أدائها لا سيما في التواشيح الدينية والقصائد.
تتناول المؤلفة كذلك النهج الذي اعتمده أحمد رامي في كتابته أغاني أم كلثوم، إذ حرص على أن يكتب لها "بلغة جديدة عن الحب والعواطف تبذل نفسها من أجل المحبوب وتعاني من الهجر والأسية كأنها تمنح النساء مساحة جديدة يصبح فيها التعاطي مع الحب ممكنا بعيدا عن عروض الطقطوقة الخلاعية وتكون فيها المرأة أكثر ندية ومساواة"، ثم تنتقل إلى رحلة أم كلثوم "من الآنسة إلى السيدة" مع أفلامها السينمائية التي على قلتها (6 أفلام) ساهمت في تكوين صورتها الخيالية عن الفتاة التي تنتمي الى عامة الناس لكنها تمتاز بموهبة فنية كبيرة واعتداد بالكرامة وجرأة على مواجهة منافسها الرئيسي عبد الوهاب الذي ظهر في الأفلام كشاب لاهٍ، وكيف ساهمت هذه الصورة في ما بعد، وبالتزامن مع ثورة 1952، في تكريس صورة "الست"، في زعامة موازية لشخصية الزعيم جمال عبد الناصر.
تتحدّث الكاتبة في الفصل التالي عن بدايات الانتقال إلى الحداثة الموسيقية، من خلال ظهور المطربين في الحفلات العامة منذ تأسيس القاهرة الخديوية ومسرح الأزبكية، وكان من نجومه في تلك الفترة عبد الحيّ حلمي وسلامة حجازي اللذان لعبا دورا مؤثرا في تطور المسرح الغنائي بالتوازي مع ظهور ملحنين مثل كامل الخلعي والشيخ أبو العلا محمد، وغيرهما، كما تشير كراوية إلى أثر ظهور شركات الأسطوانات الأجنبية على شكل الساحة الغنائية والقوالب السائدة من الغناء، إذ بدأت بتسجيل الأدوار والقصائد التي اعتبرت أفضل ما أنتجه الطرب في ذلك الوقت. تشير كذلك إلى أثر سيد درويش و"صناعة أسطورته" التي بدأت بوفاته المبكرة (1932) وتراكمت بعد ذلك عبر مراحل، والذي أصبح يُستدعى وتُستدعى أغانيه في كل مناسبة تاريخية مصرية كبرى.
تفرد كراوية فصلا عن عبد الوهاب وتتناول التجديد الذي قاده ونقلاته الموسيقية لا سيما بعد استقرار نجوميته وثقته في مهاراته الأدائية، واستمراره في تطوير موسيقاه دافعا عن نفسه تهمة التأثر بسيد درويش، والانطلاق إلى تنويعات موسيقية وموتيفات جديدة، واستخدام سلالم موسيقية مختلفة داخل العمل الواحد، وتجاوز التقطيع التقليدي للشعر العمودي نحو جمل لحنية مختلفة الأطوال والأوزان، واختياره بعد ذلك تسجيل أغانيه صوتيا وابتعاده عن الحفلات، حيث ظهر في تسجيلاته قدر من المرونة في استيعاب أشكال سابقة داخل أغانيه مثل الموال والغناء الحر والارتجال وغير ذلك.
ترصد فيروز كراوية مع بداية الأربعينات صعود المدحّ المحافظ الإسلامي في تلقّي الأغنية واعتبارها مفسدة للذوق المصري، وتصاعد تأثير جماعة الإخوان المسلمين في المجتمع بعد انقسامات حزب الأغلبية (الوفد) وتأجّج الصراع الاجتماعي والطبقي الذي وصل ذروته في حريق القاهرة 1952، بل وتورد مقالا لسيد قطب يهاجم فيه بعض المطربين في مجلة "الرسالة" 1940، ثم التحول الذي حدث في مصر بداية الخمسينات حيث شاعت صورة المثقف الذي يعرف مصلحة الشعب ويحظى باعتراف الدولة، وبالتالي يرتقي "بالوعي والوجدان" ويحمل "الرسالة"، وهي صورة لم تكن مطبقة على كل فنان بالضرورة لكنها صنعت كنموذج استرشادي في البيانات والخطابات الرسمية.
في الفصل الثالث من الكتاب، وتحت عنوان "عندما تمسك الدولة الميكروفون"، تتحدّث كراوية عن تحولات الإنتاج الفني بعد ثورة 1952 بعدما كانت التسجيلات الصوتية تتم من خلال شركتي "بيضافون" اللبنانية و"كايروفون" التي كانت شراكة بين عبد الوهاب وعبد الحليم ومجدي العمروسي، الى أن أسّس محمد فوزي بعد الثورة "جمعية المؤلفين والملحنين" ومصنع الشرق للأسطوانات 1957 ليكسر احتكار الشركتين ويسعى الى توطين الصناعات والإفادة من عوائدها الاقتصادية، فوصل إلى نحو مئة ألف إصدار سنويا!
ظهر بعد ذلك نظام الرقابة على المصنفات الفنية الذي يتيح للسلطات حذف أو تعديل أو رفض الأعمال الفنية من دون رقابة القضاء، وكانت قوانين الأحكام العرفية وقانون الطوارئ التي خضعت لها البلاد في ما بعد هي ملجأ السلطات لفرض مثل تلك الرقابة المسبقة أو مصادرة الكتب والصحف غير المرغوب فيها دون اللجوء الى القضاء، وتشير كراوية بعد ذلك إلى ظهور الأغنية الوطنية كنموذج أمثل للتعاون بين السلطة والفنان، سواء في الحروب أو مناسبات "أعياد الثورة" الرسمية، وفيها يتجلى التلحين السريع والكتابة المباشرة للحدث الذي تقدم فيه الأغنية، وكانت مهمة تلك الأغاني بالطبع الإشادة المطلقة بالنظام والتغني بشعاراته، وكان أبرز من يقدمها رسميا عبد الحليم حافظ بالتوازي مع أغانٍ أخرى شعبية قدمها محمد رشدي ومحمد طه وغيرهم.
في بداية الستينات تأسّست شركة "صوت القاهرة" التي استحوذت على شركات التسجيل المنافسة الأخرى (بما فيها شركة محمد فوزي بعدما أثقلته الديون وأرهقه المرض) وكانت مدعومة بإمكانات الدولة التي أنتجت العديد من الإسطوانات وتمكنت من بيعها على نطاق واسع بالإضافة إلى تمكّنها من التعاقد مع عدد كبير من الفنانين في مقدّمهم أم كلثوم وعبد الحليم حافظ وفايزة أحمد وصباح وغيرهم، وفي الوقت نفسه واجه الفنانون أنماطا متعددة من الرقابة الحكومية والدينية على منتجهم الغنائي، وتورد كراوية بعضا من نماذج الرقابة والمصادرة والمقالات التي تهاجم ما سمته "الأغاني الخليعة" في ذلك الوقت.
يختلف المشهد كليا مع هزيمة 1967 لا سيما مع شعور عدد من الكتاب والملحنين بوطأة الهزيمة (مثلا صلاح جاهين وكمال الطويل) واستُدعي عدد آخر لكتابة أغنيات تعبر عن المرحلة وتدعو لتجاوزها ("عدّى النهار" لعبد الحليم) وكتب الأبنودي عددا من الأغنيات وهو في السويس قريبا من المعركة بالتعاون مع إبراهيم رجب ومحمد حمام، وتزامن مع ذلك ظهور ثنائي مختلف ينتقد الأوضاع القائمة ويسمع صوته القادم من بعيد، حيث اجتمع الشاعر أحمد فؤاد نجم مع الشيخ إمام عيسى وقررا أن يتوجها إلى الزجل الاجتماعي السياسي تفاعلا مع الظروف الصعبة المتوالية، وبدأت شهرة نجم تتوسع وأغانيه تنتشر الى حين اعتقاله في 1969 ولم يخرج حتى وفاة عبد الناصر.
ترصد كراوية عددا من التغيرات المتلاحقة مع وصول السادات الى السلطة، حيث بدأت عملية طمس أغنيات العهد السابق (الناصري) وتزامن ذلك مع نشاط الحركة الطالبية في الجامعات المصرية وبداية انتشار المدّ الديني من جهة وظهور أشرطة الكاسيت من جهة أخرى. وإذ خرج أحمد فؤاد نجم من السجن أصبحت له قاعدة جماهيرية أكبر ولقاءات مختلفة في الجامعات والمؤسسات الإعلامية، ثم ظهر شريط الكاسيت الأول للمطرب المغمور آنذاك أحمد عدوية وحقق مبيعات كبيرة وتحوّل إلى ظاهرة خارج مؤسسات الدولة الرسمية، باعتماده على الموال الريفي وتضفيره مع أغنية ذات مذهب وكوبليهات، وتأسيسه فرقة موسيقية ضمت موسيقيين كبارا (مثل عبده داغر وحسن أبو السعود).
ترصد كرواية في الوقت نفسه صعود تيار الأغاني الملتزمة الهم الوطني أو القومي خارج مصر، مع الحرب الأهلية اللبنانية حيث بدأ مشروع زياد رحباني مع السيدة فيروز لاستعادة المسرح الغنائي من خلال عدد من المسرحيات (المحطة 1973) الذي تعامل مع موسيقى الجاز في إصدارات وأغنيات عربية من تأليفه، وتكونت أيضا مجموعات موسيقية مثل "الميادين" (مارسيل خليفة 1976) وأغاني العاشقين الفلسطينية، وفي العراق "فرقة الطريق"، كما ظهر في المغرب اتجاه لتقديم الأغاني الشعبية المغربية تبناه الفنان سعيد المغربي بالتزامن مع الحراك السياسي الشعبي في السبعينات والثمانينات. وظهرت في لبنان في الثمانينات الفنانة جوليا بطرس التي تجمع في أغانيها بين الطابع السياسي الملتزم والأغاني العاطفية البعيدة عن التقليدية، وظهرت في أوائل التسعينات فرقة "الشاطئ" في حيفا والمغنية ريم البنا التي ركز مشروعها على إعادة تناول الأغاني التراثية الفلسطينية وتقديمها برؤيتها الخاصة. هكذا ترى كراوية أن الأغاني الملتزمة كانت هي المعبّر الرئيسي عن المعارضة السياسية والاتجاهات.
لعلّ من أهم فصول الكتاب وأشدّه التصاقا بواقع اليوم هو الفصل السادس، الأخير من الكتاب، الذي تحلّل فيه الكاتبة تحولات المشهد من الأغنية الشبابية إلى ما عرف اليوم بأغاني المهرجانات وتسمّيه "عالقون بين الواقعي والافتراضي"، حيث بدأ انتشار الإنترنت لا سيما بعد 2011 وتفاعل الجماهير العربية معه والافادة الكبرى من إمكانات التواصل سواء عبر المواقع أو المدونات وغيرها، وما نتج من ذلك كله من رواج للموسيقى التجارية. تربط الكاتبة كل ذلك بانتشار الموجة السينمائية الجديدة، وأبطالها من سكان العشوائيات وما أحدثه ذلك من تغيّر كبير في استخدام الموسيقى وكلمات الأغاني نفسها. ............ من مقالي كتب عن الغناء في العالم العربي، على موقع المجلة https://www.majalla.com/node/296731
من ضمن كل الكتب اللي قريتها طول الشهر بتاع تحدي أبجد تقريبا ده الكتاب الوحيد فيهم اللي خد العلامة الكاملة وخدها وانا متأكد تماما أنه يستحقها....
كل ده كان ليه؟... كتاب بيحاول يجاوب عن سؤال مهم أوي بيطرح أي حد مستمع او متذوق للموسيقى ( ايه اللي حصل للاغنية المصرية وازاي اتغير شكلها في خلال المية سنة اللي فاتت لحد ما وصلت للشكل الباهت الموجود دلوقتي واللي بقى بعيد تماما عن الهوية الموسيقية اللي قدر يخلقها العديد من الأسماء اللي شالوا مسؤولية صناعة الهوية مثل سيد درويش وأم كلثوم وغيرهم الكثير وفكرة الصدارة ومعاييرها ايه اللي بيخلي عمل فني mainstream وعمل تاني مهمش)
الكتاب انثروبولوجي في محتواه اكتر من تركيزه على الجانب الموسيقى فمع تطور أشكال الموسيقى من الملاهي الليلية الي الاسطوانات إلى الكاسيت حتى عصور السوشيال ميديا والاندر جراوند المجتمع المصري كان بيتغير بشكل مفاجئ لأي باحث في علم الإجتماع ولكن بالرغم من كم التحولات اللي بتحصل في الذائقة الموسيقية المصرية مازال فيه بينا نوع من انواع التواصل مع الهوية المصرية اللي ثبتت اقدامها في اذهان الوطن العربي باجمعه القرن الماضي....
كتاب مهم جدا وممتع للغاية ومخليني متحمس اقرا اي كتب قادمة لفيروز كراوية واتمنى انها تستمر في مشروعها الكتابي في النوع ده من الكتابات كي نحاول أن نفهم ايه اللي حصل للاغنية المصرية...
مجهود يحترم والمصادر بعد كل فصل كتير 😅ف اجزاء مكنتش ممتعة وحسيته كأنه بحث أو رسالة ماجستير مطولة 😅 الكتاب بدأ يحلو ف فترة التسعينيات وانت طالع لأن دي الفترة اللي اتولدت فيها ف حلو اشوف مكتوب عنها ازاي وافتكر فعلًا نوعية الاغاني ف الوقت ده والذوق اللي اختلف بشكل سريع وبقى أكثر سطحية للاسف
كتاب مهم وجديد في موضوعه بالنسبة لي ومليان بالملاحظات والتحليلات النقدية شديدة الذكاء عن تاريخ الأغنية وعلاقتها بالمجتمع والسياسة. أعتقد إن أفضل فصول الكتاب هو الخاص بفترة الضباط الأحرار لأن تركز السيطرة الشديد للأجهزة الإعلامية في إيد الدولة سهل جداً من مهمة رصد المينستريم والصدارة إللي الكتاب بيتناولهم بشكل أساسي. برضه الفصل الخاص بصور النوع الاجتماعي وتحليله لظاهرة نادين لبكى ونانسي عجرم في بداية الألفينات كان ملئ بالاستبصارات المثيرة للاهتمام خصوصاً والواحد كان سهل عليه يستعيد التاريخ ده باعتباره حضره في وقت ظهوره لأول مرة. كتاب جميل وممتع جداً وإن كنت في أوقات شعرت إنه كان محتاج جهد تحريري أكبر من كده.
كل ده كان ليه سردية نقدية عن الأغنية والصدارة مثل هذا الكتاب بالنسبة لي مفاجأة مدهشة، فأنا أعرف الأستاذة فيروز كمطربة متميزة لديها مشروع في الغناء ووجهة نظر محترمة في الصناعة (صناعة الأغنية)، المشروع الغنائي قائم على دراسة ووعي واستيعاب للتراث الغنائي المصري والشرقي والغربي، وينطلق من رغبة واضحة في صناعة بصمة مميزة ومختلفة في الأغنية بالكلمة والايقاع واللحن وأسلوب الأداء المختلف والذي تتميز به الأستاذة فيروز. أما وجهة النظر الخاصة بصناعة الأغنية وهي قائمة على اطلاع واسع وفهم عميق لعناصر الصناعة وآليات علمها التي تكفل لها النجاح والازدهار، سواء من خلال توفير المناخ المناسب للإبداء في عناصر الأغنية، أو التشريعات اللازمة للحفاظ على حقوق الفنانين وهي ضمانة أساسية لمنحهم القدرة على الاستمرار والإنتاج، فضلا عن كونها حقا أصيلا لهم، أو قواعد السوق والمنافسة والاحتكار. لكن، بالإضافة إلى هذه الملامح الخاصة بالمطربة وصانعة الأغنية، قدمت الأستاذة فيروز وجه جديد مبهر لشخصيتها وملكاتها من خلال هذا الكتاب القيم. الكتاب يتناول عبر بحث وتقصي تاريخي مسار الأغنية المصرية والشرقية عبر فترة زمنية تمتد لحوالي قرن ونصف، من نهاية القرن الثامن عشر حتى يومنا هذا. والمجال التاريخي موضوع البحث والتقصي لم يكن مجال الأغنية فقط، ولكنه تضمن التاريخ السياسي والاجتماعي والاقتصادي، ومساحات التداخل والتفاعل بين الأحداث التاريخية الرئيسية في هذه المجالات وبين مسار تطور الأغنية تاريخيا كذلك عبر تتبع تطور الأفكار والاتجاهات الفنية الواقعة طول الوقت في مرمى الصراع الحاد بين قوالب وأنماط وسوق مستقر في حقبه ما وبين رغبات واتجاهات التجديد والتطوير في ذات الحقبة، وتداخل عناصر شديدة التعقيد والتركيب بالتأثير في هذا الصراع، ليس فقط الأحداث السياسية الكبرى مثل ثورة 19 أو هزيمة 67 أو صعود التيارات المحافظة وعلى رأسها اليمين الديني، ولا حتى الأحداث الاقتصادية البارزة مثل التأميم أو أشكال الإنتاج والتوزيع، ولا حتى الاجتماعية فقط كاتجاهات تحرير المرأة أو الانفتاح على الثقافات مع اتساع مساحة التفاعل ووسائل التواصل وما أتاحته من إعادة تشكيل للوعي والذوق والرأي، أقول ليس فقط كل هذه العناصر، ولكن فوقها التطور والمتغيرات التي حدثت في أدوات ووسائل انتاج الأغنية ذاتها، من أسطوانات الجرامافون وشريط الكاسيت والأسطوانات المدمجة وصولا لعصر المنصات وشبكات التواصل على الشبكة العنكبوتية، بالتوازي مع التطور في الآلات الموسيقية واستوديوهات التسجيل وأنظمة الصوت وبرامج صناعة الموسيقى. رحلة بحثية مبهرة تقصت كل هذه العناصر ورصدت تفاعل أشهر الأسماء التي برزت في مجال الأغنية عبر كل هذه الفترة الزمنية من مطربين وملحنين ومنتجين - حتى أنه لم يسقط من البحث اسم واحد بارز كان له دور في أي مرحلة وحقبة مما تناولته الدراسة دون أن يرد اسمه ويشار إلى اسهامه أو انتاجه أو توظيفه لمعطيات ومتغيرات عصره للاستفادة منها في صناعة بصمته – في عملية جدلية حية تفاعلت فيها كل العناصر المسابقة مع قوة دفع مستجدات كل عصر مع ما توافر من موهبة وذكاء ومرونة ووعي لرموز كل عصر لإنتاج الشكل الفني للأغنية الذي احتل الصدارة في زمن بعينه. هذا ما قدمته الأستاذة فيزور عبر جهد بحثي ونقدي شاق وجبار ومخلص، ينم عن عشق حقيقي للفن والتاريخ بشكل عام والأغنية بشكل خاص، كما ينم عن وعي عميق ونظر ثاقب استطاع أن يقود صاحبته في ابحارها عبر كل هذه الأعماق، ابحار في الزمن وابحار في الموضوع واستخلاص الخيوط من وسط التشابكات والعقد وإعادة غزلها وتقديمها في بناء ونسق نقدي وتاريخي وفني شديد الاحكام والمنطقية. أخيرا يقدم هذا الكتاب وجبة شيقة جدا في تفاصيل ومفردات وتقنيات الغناء بكل عناصره، الكلمات الشعرية والألحان والمقامات والتوزيع والآلات الموسيقية وأدوات الأداء الغنائي لكل عصر وكل جنس غنائي كالقصائد والموشحات والطقاطيق وصولا إلى الراب والراي والأغاني الشعبية والمهرجانات.
كتاب ( كل ده كان ليه ؟- سردية نقدية عن الأغنية و الصدارة ) للكاتبة و الفنانة / فيروز كراوية الصادر عن دار تشر ديوان عام ٢٠٢٢ الكتاب يرصد على مدى أكثر من مائة عام تاريخ الغناء و الموسيقى و الصدارة و أيضا الأنثروبولوجي فى مصر منذ أواخر القرن التاسع عشر و حتى الآن . يأخذنا الكتاب فى ستة فصول فى رحلة عبر الزمن لإستكشاف هذا العالم و كواليسه التى لا يعرفها الكثيرون . تعرفنا الكاتبة يتصنيقات النساء المغنيات فى نهاية القرن التاسع عشر و كيف أن مصطلح ( العالمة ) بمعناه المتعارف عليه الآن يختلف تماما عن معناه وقتها ، أشكال جلسات الطرب فى البيوت و أشكال الطقاطيق المغناة ، ثم التحول إلى الشارع و الصالات و المسارح فيما بعد و من هم روادها ، تطور الطقطوقة كلاما و لحنا . ظهور الآنسة أم كلثوم من بيئة ريفية محافظة و تطورها و تأقلمها مع مجتمع القاهرة حتى أصبحت الست أم كلثوم المحاطة بدائرة كبيرة من رجال الموسيقى و المال و السلطة ، دخولها السينما بشكل و هيئة مرسومة بدقة ، ذكائها فى إختيار كلمات و ألحان أغانيها و تطورها على مدار عقود مما رسخ لها الصدارة عن جدارة و إستحقاق . ظهور الإسطوانات و تأثيرها على الصانع و المتلقى ، ظاهرة سيد درويش و الأغانى الوطنية أو السياسية فى فترة ثورة ١٩١٩ و ما أحدثته من تغيرات سياسية و مجتمعية . نقلات عبد الوهاب الشاب القادم من حى شعبى إلى سراى الباشوات و معركة الحداثة فى مقابل الأصالة و التى دائما ما تواجه كل لون جديد حتى الآن ، علاقته بالسلطة و لماذا أصبح موسيقار الأجيال . ثورة ١٩٥٢ و فرض الدولة سيطرتها على الفن بأشكاله المختلفة و الإتفاق الضمنى بينها و بين الفنانين على إطار عام للغناء و الموسيقى و إلتزامهم يالأدوار التى تسند إليهم و يأتى فى مقدمتهم العندليب الأسمر عيد الحليم حافظ و الذى كان يعتبر إبن الثورة ، محمد فوزى و أزمته مع السلطة و التأميم ، و بداية ظهور ما سمى ( الغناء الشعبى ) مثل محمد رشدى . نكسة ١٩٦٧ و تداعياتها على المجال من الناحية الفنية و ظهور التمرد على الأوضاع فى أعمال أحمد فؤاد نجم مع الشيخ إمام . السبعينات و بداية ظهور الكاسيت و النقلة التى أحدثها فى إقتصاديات المجال ، إنهيار العالم القديم للطبقة الوسطى و ظهور أحمد عدوية و إكتساحه . ظاهرة الفرق الموسيقية و تأثرها بالألحان الغربية . ما قبل حميد الشاعرى و ما بعده و ما أحدثه فى المجال فى نواح عدة رسمت شكلا جديدا تماما فنيا و بصريا و ما هى أسباب الهجوم عليه فى بداياته و كيف تجاوزها . الظاهرة عمرو دياب كيف و لماذا تربع على الصدارة لعدة عقود ما بعد ٢٠١١ و تطور المحاولات المستقلة على الفضاء الإلكترونى بكل زخمها و متابعيها ، ظاهرة المهرجانات الشعبية و الراب و نجومها الذين يجتذبون المزيد من المتابعين يوميا . أعجبنى ربط الكاتبة بين عالم الموسيقى و الغناء و بين كل التغيرات المحيطة السياسية و الإجتماعية و الإقتصادية ، و أيضا المناخ العالمى لكل حقبة زمنية ، فكل هذه التأثيرات ساهمت بشكل أو بآخر و بنسب متفاوتة فى تشكيل الإطار الموسيقى لكل حقية . أعجبنى أيضا بيان أسباب الهجوم على أشخاص أو أنماط بعينها لم تكن واضحة لى كمتلقى و وجدت فى بعضها الكثير من المنطق بحسب ظروف زمنها . لغة الكتاب متوازنة ما بين جدية البحث العلمى و ما بين البساطة المطلوبة للقارئ غير المتخصص و وجدتنى و انا عامة أفضل قراءة الروايات منجذبة لإكمال الكتاب أولا لإهتمامى بالموضوع ، و ثانيا لأسلوب الكاتبة المتوازن كما ذكرت و تغطيتها لكل عصر بنجومه و أجواءه و مشاكله و شكل الحياة فيه . المحتوى قيم جدا ، تقريبا تضمن كل من إحتلوا الصدارة فى خلال المائة عام الماضية مع شرح الأسباب التى أدت لذلك . مجهود بحثى كبير و أتخيل مجهد من الكاتبة و التى صرحت أنها عملت عليه منذ سنوات ، خرج بشكل رائع وافى جذاب و أعتقد غير مسبوق . الغلاف جاذب برسوماته و ألوانه الجميلة و اللوحات الداخلية فى بداية كل فصل و التى تعكس بعضا من محتواه من تصميم الفنان أحمد اللباد . كل الشكر للفنانة فيروز كراوية على هذا الكتاب القيم و الذى يعد مرجع لكل باحث أو محب للفن المصرى الجميل فى مجال الموسيقى و الغناء .
الكتاب سردية ممتعة ذكية ونافذة، تشكّل نفسها عبر القطيعة مع السرديات المستقرة السطحية المجتزأة، وسرعان ما تدرك أن خيوطها أُحكِمَت بقبضةٍ من حديدٍ، وجرت التضحية بالكثير من الاستطرادات؛ لأن هذا هو الخيار الوحيد في تناولٍ معقّدٍ وممتدّ ومتشعّب، وإلا فالبديل الحتمي: الكثير من الالتقاطات الهائمة والرصد المبهوأ. السردية اعتمدت على مركزيات يمكن تحديدها عبر مذاكرة الكتاب بالورقة والقلم، تتقاطع فيها أحداث سياسية مفصلية (الحملة الفرنسية، حكم محمد علي، الاحتلال البريطاني، ثورة 1919، انقلاب 1952، ثورة 2011)، مع شخصيات مركزية (أم كلثوم، سيد درويش، عبد الوهاب، عبد الحليم حافظ، فيروز، أحمد عدوية، حميد الشاعري، عمرو دياب، ....)، مع مركزية للوسائط (التسجيلات، الإذاعة، السينما، المسرح الغنائي، شريط الكاسيت، الفضائيات المتخصصة، الإنترنت)، مع المركزية المتبادلة للأدوار (المؤلف، الملحن، الموزّع، المنتِج الموسيقي، المغنّي، الرقيب). ربما يمكن استخلاص نمط للصدارة عبر تتبّع هذه المركزيات، واتخاذه نموذجًا تفسيريًا، وإن كنتُ لم أتمكّن من ذلك في هذه القراءة الأولى؛ لكن سواء أمكن أم لم يمكن فالوضع الآن أننا تجاوزنا حالة المركزية إلى لامركزية مفتوحة على كافة الاحتمالات. وهو ما أوجَد لديّ حالة افتقادٍ لأسماء وظواهر من مرحلة ما قبل اللامركزية، منها تجارب الثقافة الفرعية "داخل" مصر، التي تحضر فيها أسماء مثل: علي طالباب وزين العابدين الكحكي. والهوامش! الهوامش حافلة بتعريفات فنية متخصصة، وإحالات واقتباسات فارقة، وترجمات موجزة وثاقبة لشخصيات وشركات وفرق ومجموعات وأجيال وحركات وتيارات فنية ومجتمعية وسياسية متنوّعة، فضلاً عن الاستطرادات حول خرائط التفاعلات والتأثير والتأثّر التي تعيد تشكيل نظرتك للسياقات المذكورة بتفاصيل ربما لن تجتمع هكذا في مكانٍ آخر. اللافت جدًا أن فيروز كراوية تمكّنت من تجاوز الجدلية القديمة المتجددة (الممارِس في مقابل المنظّر/أو الباحث)، والتي تقتضي على سبيل الضمان أن يفارق الممارس (للفن أو للمهنة) سياق الممارسة التي تحبسه داخل رؤية إجرائية بحتة، تمهيدًا لانتقاله إلى مستوى أوسع من الرؤى والتناول والتجريد والتطبيق. ولعلّ مهارتها السردية التي تتجنّب توظيفها في الكتابة، تكون من أبرز العوامل التي ساعدتها في تحقيق هذه الصيغة. أخيرًا، هذا كتابٌ مرجعي فخيم كتِب بنفَسٍ طويلٍ وروحٍ جريئةٍ مُربكة؛ ويستحقّ الاحتفاء.
كمحب للفنون بشكل عام، والغناء والموسيقى بشكل خاص، أمتعني هذا الكتاب للغاية. هذه العلاقة المستمرة بين تغيرات المجتمع وتعبيراته الفنية منذ القرن التاسع عشر وحتى العقد الثاني من الألفية الثالثة معبر عنها بشكل واضح ومستفيض في هذا الكتاب، عن العلاقة التي تعرّف وتحدد ما هو ال mainstream، وكيف وصل لمكانته سواء بقصد أو بدون قصد.
هذا الكتاب يبحث عن معنى الصدارة، وفي بحثه يتوغل داخل ظروف سياسية واجتماعية وثقافية مختلفة، أسهمت في وصول كل نوع غنائي وموسيقى في زمنه لمكانته. بداية من زمن الخديوي اسماعيل وما قبلها من تعبيرات فنية ظهرت بظهور المسارح الغناية والكباريهات، وحتى ثورة يناير ودخول الإنترنت للحياة العامة ليصبح منصة جديدة بلا رقابة حقيقية تحدد المقبول وتدفع بالفن نحو الجمهور. كل حدث اجتماعي وسياسي في العالم العربي أو خارجه أثر بشكل ما على الفن كما أثر على باقي نواحي الحياة.
أحببت كثيراً الفصل الذي تحدث عن تأثير هزيمة 67 على الحالة العامة في مصر، والشعور العام بالاغتراب والغضب والذي أدى لظهور الأغنية البديلة والمختلفة ومن ثم وصول الأغنية الشعبية للواجهة والصدارة والتي أرى فيها امتداد مستمر حتى وقتنا هذا.
كتاب طموح، غزير المعلومات لغير المتخصصين من أمثالي، ومهم للغاية وكاشف لحياة كاملة عبرت عنها الفنون. 5/5
كتاب ممتع يجمع بين تطور فن الغناء في مصر بكافة اشكاله مع توضيح الخلفية السياسية والاجتماعية التى تؤثر فيه وتتأثر به، كان من الممتع ربط الاحداث الفنية وتطورها بالاحداث التاريخية واضاف لي معلومات كثيرة كمستمعة محبة للغناء بشكل عام كان من الشيق معرفة معلومات اكثر اكاديمية عن طبيعة هذا الفن وارتباطاته الاخرى، عمل يستحق القراءة اكثر من مرة ملحوظة ورد بالخطاء في الهوامش الخاصة بالفصل الخامس ان المطربة ياسمين الخيام توفت وهي معلومة خاطئة
من أفضل الكتب اللي قريتها مؤخرا، رحلة الأغنية العربية من قبل ظهور الميكوفون وأيام الحرملك والصييته، مرورا بالكاسيت وحميد الشاعري واستوديو الفن، وانتهاء بويجز وموجة الراب الجديدة. أسلوب فيروز ساحر جدا وطريقتها في الحكي ومناقشة معلومات موسيقية مش شرط إنها معروفة لكل الناس بديعة جدا. طول صفحات الكتاب الطويلة نسبيا محستش بأي ملل. أتمنى فيروز متبطلش كتابة.
كتاب مهم وبه مجهود كبير وتحليل مميز، ولكن 1- هناك مبالغة في التركيز على دور الشوام لدرجة الاستعانة بكتاباتهم عن الغناء المصري أكتر من المصريين كانه ارضاء لجهة انتاجية معينة 2- أحيانا يتحول الأسلوب الواضح لأسلوب مثقفين أو أكادميين يمكن تبسيطه 3- بعض التطويل والتكرار يمكن اختصاره
هذا الكتاب - بعكس عنوانه الجماهيري الخفيف - دراسة أكاديمية قيمة لفن الغناء والتلحين وفن السينما في مصر والوطن العربي منذ البداية حتى الأن ، وتحليل وافٍ لكل ظاهرة في تلك المجالات وتوثيق بالهوامش لكل مرجع وتفسير لكل ما ذكر في أصل الكتاب