العيون الطيبة تستطيع أن تكون جدّ حزينة/ بعيداً مضيت، بعيداً/ لم أسق حصاني ماء/ اجر أيها الطيب! خلف الجبل/ حيث الخيمة البيضاء، خيمة الجميلة..." أغاني الغجر، شعر، هانزيكون فويكت، ترجمة: نامق كامل، دار المدى، دمشق، 2001، 120 صفحة قطع صغير.
أغاني تم جمعها عن طريق السماع المباشر من الغجر، الذين - بدورهم - كانوا يرتجلونها ارتجالاً في العروض والمناسبات ثم تنسى بعد ذلك. تم تدوينها في البداية باللغة الصربية من قِبل كاتبين، ثم تُرجمت للألمانية، وعن الألمانية نُقلت إلى العربية.
الأغاني بسيطة ومباشرة، حزينة مرات، ومبتهجة مرات أخرى، طفولية وساذجة أحياناً، وشهوانية أحياناً أخرى.. كأصحابها الذين لا تستقر لهم حال ولا تقيّدهم عادة.
مقدمة الكتاب فيّاضة بالجمال كأغانيه، وأي محاولة لكتابة شيء بعدها عبث.
" سأتوارى في العتمة موغلاً في الغابات. ما من أثر لي حيث الظلمة. حيث تكون شجرة فأنا ظلُّها. "
أغاني بسيطة مباشرة تعكس هموم الغجر وهواجسهم .. معظمها عن الخيول,الترحال الخوف,الظلم والموت أعجبتني احتراس,الموت,بوابة السجن, الرعب من الموت والمقدمة التعريفية بحياة الغجر أسرع أيها الأخ أسرع لنتجنب المدينة وإلا أمسكوا بنا عند الجسر على الجسر يقف السادة الكبار رجال الضرائب إنهم يطالبونني بهوية ولكن لا أملك هوية ولا وثيقة ماذا أفعل عندما لا أجد وثيقة لحصاني *************************** الموت آت يا إلهي لا تدعني أموت الموت أمام السرير أختبئ تحت السرير يا إلهي لا تتركني أموت شابا الموت على العتبة أمنيات لم تتحقق موت أسود..ليل أبيض الموت على العتبة فقط الموت أسود يا إلهي لا تدعني أموت فهناك أمنيات كثيرة لم تتحقق بعد **************************** لا أحد يستطيع مساعدتي إن الموت آت من ذا الذي سيحزن على الغجري؟ ساحة بلا سياج بيت دون سقف وشبابيك الغجري يموت ولا يتألم اليوم الأبيض فوق الجبل ولا شوارع العالم البيضاء
يا لحبي للغجر... منذ قراءتي الأولى عنهم وأنا أحلم بالانتماء إليهم والترحال معهم... ..... "لدي أوراق ولكن لا أملك جوازاً" ..... لذا فإن الكتب التي تحكي عنهم هي العصا السحرية لأكون بينهم..
عبر الحقول الفسيحة في الغابة الكبيرة الخضراء حملنا قدوراً واسعة لجوع الغجر الكبير.
لو تعيش زوجتي واستطاعت أن ترى ما الذي أصاب أطفالها لماتت من جديد إنهم بلا أم ولا أب [......] ثلاث سنوات مضت وأنا في السجن ومنذ ثلاث سنوات يموت الأطفال جوعاً هل تعلم حقاً ما معنى ثلاث سنوات؟
كيف يمكن أن يكون ذنبنا أننا هكذا أناس فقراء ليس لدي أحد ولا أحد ينتبه لي قدماي عاريتان ولا تسأل عن البطن
لا أحد يراني ليس لدي أحد لو اجتمع كل الغجر فربما أخافوا الموت الأسود لو استطاعوا أن يحتشدوا جميعهم حول مخدعي الغجر يرحلون في طرقاتهم ولن يعودوا إلي إنهم يرحلون بعيداً وأنا أموت.
سبعه يرقدون في زنزانة سبعة بكاءات ، سبعة أحزان سبعه وسبعون ليلة يرقد السبعه في الزنزانة إلهي ، كيف تستطيع أن ترى هادئا هذه التعاسة الحالكة السواد سبع مرات هبْ رحمتك وتعال بمفاتيحك السبعين ألفاً أفتح باب السجن سبع مرات ستهرع العتمة إلى الشوارع لتبارك اسمك .
***
الموت آتٍ يا إلهي ، لا تدعني أموت الموت أمام الباب أختبئ تحت السرير يا إلهي لا تتركني أموت شاباً ! الموت علي العتبة أمنيات لم تتحقق موت أسود ، ليل أبيض فقط الموت أسود يا إلهي لا تدعني أموت فهناك أمنيات كثيرة لم تتحقق بعد .
***
هب قدرتك أيها الرب وسلح الملائكة المجنحين والقديسين الملتحين بالبرق وسيف اللهب وهات المفتاح الذى يفتح كل السجون عشر سنوات مضت وأنا فى السجن أبعث بالشمس التى تذيب قيود معصمى أريد أن أعود إلى أطفالى سأوقد لك يا سيدى شمعه أبعث بجيش السماء ماذا سيكلفك ذلك ؟ سأوقد شمعتين فى الكنيسة وانقذنى من السجن !
إنه تيه أسطوري، يمتطي الغجري حصانه اليافع ثم يركن إلى قدره، دون أن يحلم في إيجاد مكانٍ له، بغيته الشرف الإنساني والاعتقاد بأن وجوده على هذا الكوكب هو أكثر من صدفة، في نقاء شعر الغجر تكمن التراجيديا، الحياة هي هذا الظهر المنحني المستعبد، تبدو بسيطةً وساذجة، ولكنها دفاع عنيد وذكي، وهروب متواصل ليس له حدود.
"سبعة يرقدون في زنزانة سبعة بُكاءات، سبعة أحزان سبع وسبعون ليلة يرقد السبعة في الزنزانة إلهي، كيف تستطيع أنْ ترى هادئًا هذه التعاسة حالكة السواد سبع مرات." . "يا إلهي، لا تدعني أموت شابًّا فهناك أمنياتٌ كثيرة لم تتحقق بعد." . "ما تمنيته من الله وهبني إيّاه. صبي. صبيٌّ في الحضن آهٍ، أماه صبيٌّ على الصدر في الحضن، على الصدر ومنه إلى القبر."
تكمن القيمة الأساسية لأشعار الغجر في كونها تنقل لقارئها الأصالة والحقيقة الموضوعية بعيدًا عن تجميل وزخرفة الملحقات، وهي وليدة إشعاع اللحظة لذلك يظهر فيها التشنج البعيد عن اللغة، والنقاء والتأكيد المباشر على الموضوع دون تورية أو تغليف، والبساطة البعيدة عن التلميح والميوعة الزائدة، وإذا تمعن القارئ في نقاء شعر الغجر تظهر له التراجيديا؛ فالحياة للغجر هي هذا الظهر المنحني المستعبد، قد تبدو بسيطة وساذجة ولكنها دفاع عنيد وذكي، وهروب متواصل ليس له حدود.
أشعار الغجر! إنها تمامًا مثل أشعار أي شعب آخر يمتلك أدواته ومناخاته الشعرية الخاصة؛ فهي تتسم بالطفولة والسذاجة والبساطة والمباشرة، وتعكس إلى جانب كل هذا عادات التجوال الذي لا ينتهي... عيون متسائلة، مغنون مجهلو الهوية، حظائر الحيوانات، خطف وسرقة الخيول، حيرة في مواجهة عالم غريب، مؤاساة للغربة، خجل من القسوة الفاضحة، كل هذا ظهر في أشعار أولئك الذين لا يشبعون أبدًا من الزركشة والبهرجة والتزين بالحلي.
إن دائرة الموضوع في شعر الغجر محددة وهي: الفقر، الجوع، السعادة والغيرة، توتر متأجج للشعور والعاطفة كما في قصيدة «تحدٍّ»، تفكير قاحل، والحب العنيف الذي تتدفق فيه الدماء الحارة كما في قصيدة «أفعى الحب»، والحزن من ضياع الحبيب كما في قصيدة «فقدان الحبيب»، تجسيد مراحل الموت وإبراز الخوف منه كما في قصائد «الموت» و«عندما أموت» و«الرعب من الموت»، التمني والتطلع إلى التحليق ونيل الحرية كما في قصيدة «أمنية»، حب الأم وحنانها كما في قصيدة «أغنية الفتاة الصغيرة» ...
من الصعب أن يجد المرء تعريفًا واضحًا محددًا لأشعار الغجر، قد يكون الوضوح والحدة سمة هذه الأشعار التي وُجِدَت دون أن تُدَوَّن، واستمرت متطورة ومتفاعلة مع الحياة القاسية لهذا الشعب الذي لا يلين له عود، وبإمكان الغجر أن يفخروا بشعرهم عندما يكون هذا الشعر صادقًا ومعبرًا في داخله عن الحقيقة والسمو في اللغة والفكر، عندما يكون أكثر من مجرد إشارة أو همسة، عندما لا يكتم الحقيقة ولا يجمل القبيح، وعندما يعبر عن النفس والمشاعر والرغبات والشكوى.
واستطاعت هذه الأشعار أن تظهر إلى العالم دون وسيط من المصادر الأدبية أو الشعراء الأعلام أو التعاليم النظرية في علم الجمال، واستفاد من شعرهم الكثير من الشعوب والأقوام حتى استطاعت هي ذاتها أن تكون مصدرًا للشاعر الإسباني الكبير "غارسيا لوركا".
إن الأغاني الغجرية التي تتضمنها هذه المجموعة قد جُمعت عبر سنين عديدة ودُوِّنت مباشرة عند إلقائها من قِبَل مُغنٍ مجهول الهوية، والصفة المميزة لهذه الأغاني هي الارتجال، وقد غُنَّت في جول تلقائي دون أن يفكر المغني أن يحفظها يومًا ما أو يسجلها بشكل من الأشكال، ذلك أن هدفه منها هو اللهو فقط، وفي الواقع فإن هذه الأغاني تخدم المغني عند تجواله عبر البلاد أو عند الأسواق السنوية أو في المناسبات أو الأعياد، حيث يبدأ المغني بطرح موضوع ما ثم يلتقيه آخر ويكمله ويضيف إليه ويستمر.
تفتقر أغاني الغجر إلى السعة الملحمية، وتتميز بنَفَسِهَا القصير وبعدم الاكتراث وببريق لحظتها القصير، ونادرًا ما تتخذ هذه الأغاني شكل القصيدة المعروف بالرغم من قصر بعضها، وحتى المرتجلة منها فإنها لم تتطور كثيرًا عن العادية، ويقوم الغجري باستهلال أغنيته ثم يبدأ بدلًا من استعمال الأبيات الشعرية سردًا نثريًا دون أي إيقاع ويفترض أنها كانت أغنية يومًا ما ولكنها لم تبق في ذاكرته؛ فيتأمل المغني ويسترجع موضوعه وعندما يتحقق منه ويناله يبدأ بالغناء أو "السرد"، وعندما يلاحظ أن أغنيته ضعيفة ولا تعبر عن مشاعره وأحاسيسه ولم تحقق غرضها يتحول إلى الارتجال ثم النثر. وبالرغم من مراجعة وتنقيح هذه القصائد والأغاني حرصًا على أهمية هذا الشعر إلا أن رفعة هذه الأغاني وخصوصيتها لم تتضرر كثيرًا جراء هذه المراجعة، والتقييم: 4 من 10.
نذهب حتى الخمارة. حيث ينتظر الفرح ويتدحرج من القبو أكبر براميل الخمر! لعطش نحاس كلوا واشربوا بحمدالله هكذا كان. وهكذا ينبغي أن يكون وهكذا قال الرب أيضاً كلوا واشربوا مادام هناك نقود في الجيب. الاعتدال، هه؟ أتعلمون ما الاعتدال؟ من لا يثمل يستحق الضرب هكذا كان. وهكذا ينبغي أن يكون
يتحدث به الكاتب عن حياة الغجر 15 صفحة تقريبا وهي اجمل الكتاب ! ثم يكون الباقي شعر لكن الترجمة سيئة اضافة الى انه ليس شعر بالمعنى الحرفي انما هي اغاني ولو زودت بنص اللغة الاصلية لكان افضل بكثير لربما حسنت القافية وراقت لنا قليلا :) بالنهاية اسمه اجمل منه !
على الرغم من بساطة الأغاني وسهولة كلماتها إلا أنها ترسم بوضوح حياة الغجر، تعلقهم بالإله، وروابطهم العائلية والعاطفية وشظف العيش والمعاناة التي يعانونها كروتين يومي ..
اختلاف الاهازيج على اختلاف الحضارات يظهر اختلاف الاهتمامات و العلاقات بداية من الاسرة و نهاية بالحبيب و الحياة و امورها.. و يفتح المدارك الى التعدد الثقافي على هذه الأرض.