What do you think?
Rate this book


132 pages, Paperback
First published January 1, 1997
"قدرة الرواية على الإقناع. فهذه القدرة على الإقناع ب «حقيقية» الرواية ومصداقيتها»، لا تأتي أبداً من تشابهها
أو تطابقها مع العالم الواقعي الذي نعيش فيه نحن القراء. إنها تأتي، حصراً، من كيانها ذاته، المصنوع من كلمات، ومن تنظيم رؤی المكان والزمان ومستوى الواقع التي تؤلفها. فإذا كانت الكلمات ونظام الرواية فعالين، ومناسبين للقصة التي تريد إقناع القراء، فإن ذلك يعني أن هناك، في نصها، ضبطاً متقناً، ومزجاً صحيحاً"
رائع يوسا.. حتى وهو يكتب عن النقد الأدبى، كتب يوسا تحليلا او نقدا أو بالأحرى تشريح لبنية الرواية من تقنيات سردية وتحليل جودة هذه السرديات والتقنيات والأساليب والاشكال المستخدمة من الأدباء على هيئة رسائل موجهة لروائى شاب. وإن كانت هذه الرسائل موجهة الى روائى ، فإنها موجهة أيضاً للقارئ. ستستطيع من خلالها التعرف على التقنيات التى تُكتب بها الروايات، تنوع الرواة والأزمنة ومستوى واقعية الرواية، والنقلات التى تحدث فى بنية القصة لتنقلك من راوٍ الى آخر أو من زمن لآخر وكيفية حدوث هذا بسلاسة. يوسا كما هو أديب عظيم وبارع فهو قارئ ناقد ممتع، حتى فى قراءاته النقدية البسيطة التى يود من خلالها الوصول لنقاط القوة التى تجعل الأدب عظيماً أو ضعيفاً رديئاً، عبر تقنيات السرد والاسلوب والخدع التى يلجأ اليها الروائى، لمحاولة جعل أسلوبه وروايته أو قصته مقنعة للقارئ ، يجعلها حياة كاملة لها شخصيات حية متحركة تأثرك وتسلب عقلب.
بالتأكيد ستستمتع بتحليل يوسا لروائع الأدب العالمى، وستكتشف براعة الأدباء وكيف يبثون الحياة فى قصصهم الخيالية، التى وحتى إن كانت واقعية؛ ستدهشك تفاصيل صغيرة بها يبنى الأديب عالما روائيا قويا يضعك معه بداخل قصته
"بضعة أسطر فقط، لأؤكد لك، على سبيل الوداع، شيئاً قلنه
مرات عديدة، في سياق هذه المراسلات التي حاولت فيها، مدفوعاً برسائلك المحفزة، أن أصف بعض الوسائل التي يلجأ إليها الروائيون الجيدون، لتزويد قصصهم المتخيلة بهذا السحر الذي نستسلم له، نحن القراء. وبما أن التقنية، والشكل، والخطاب، والنص، أو سمها كما تشاء - فالمتحذلقون ابتدعوا تسميات متعددة لشيء يمكن لأي قارئ أن يتعرف عليه دون أدنى مشكلة - هي كل لا يتجزأ، فإن فصل الموضوع، أو الأسلوب، أو النسق، أو الرؤية، أو غيرها، هو بمثابة تحنيط لجسد حي، وتكون نتيجته على الدوام، حتى في أحسن الأحوال، ضرباً من القتل. وما الجثة إلا تذكر مبهم، شاحب وخادع، للكائن الحي النابض والممتلئ بالإبداعية، الذي لم يَغزُه التيبس، ولم يُصب بالعجز والإستسلام أمام غزو الديدان."
"فهناك على الدوام، في الرواية أو القصيدة الناجحة عنصر أو بعد لا يمكن للتحليل النقدي العقلاني أن يمسك به. لأن النقد هو تمرين للعقل والذكاء. بينما يتدخل في الإبداع الأدبي، وبصورة حاسمة أحيانا، إضافة إلى هذين العاملين، الحدس والحساسية، والتخمين، وحتى المصادفة، وهي عوامل تفلت دائما من اكثر شباك البحث النقدي دقة. لهذا لا يمكن لأحد أن يعلم أحداً الإبداع، وأقصى ما يمكن تعليمه هو القراءة والكتابة، وما تبقى يعلمه المرء لنفسه بنفسه، وهو يتعثر، ويسقط وينهض دون توقف."
وعن الرواية الجيدة يقول يوسا :
"وأن القارئ، حين يقرؤها، يبقى منجذبا ومأخوذا بما ترويه، إلى حد ينسى معه الطريقة التي له بها، ويتملكه الإحساس بأن تلك الرواية تخلو من التقنية، ومن الشكل، وبأنها الحياة نفسها متجلية، من خلال بعض الشخصيات
والمشاهد والوقائع التي يبدو له أنها ليست أقل من الواقع المجسد، من الحياة المقروءة. هذا هو النصر العظيم للتقنية الروائية: التوصل إلى أن تكون غير مرئية، وأن تكون فعالة في بناء القصة، وتزويدها بالألوان، والدرامية، والحذق، والجمال، والإيحاء، إلى حد لا يمكن لأي قارئ، أن يلمح وجودها، لأنه حين يستغرق بسحر تلك الصنعة، لا
بحس بأنه يقرأ، وإنما يعيش تخيلا تمكن من الحلول محل الحياة، ولو للحظة على الأقل."