يجسد هذا الكتاب صرخة غاضبة لتخليص العقل العربي من هيمنة الأصنام الفكرية الجاثمة عليه بأفكارها البالية منذ قرون. وهو محاولة جديدة لتفسير ظاهرة تأخر العقل العربي بعد أن ظل لقرون طويلة مشعلا مضيئا للحضارة الإنسانية. والمنهج الذي اختاره المؤلف هو العودة إلي الجذور لإلقاء الضوء علي ظواهر نتصور أنها وليدة اليوم مع أنها نتاج لتراكم ثقافي وسلوكي عبر التاريخ العربي الإسلامي. ويخلص المؤلف إلي أنه طالما وقفنا خاشعين أمام أصنام الماضي ونحرنا علي مذابحها قرابين العقول، ستظل أبواب التقدم مغلقة أمامنا. فلن يتقدم العقل العربي إلا.. بتحطيم الأصنام.
شريف الشوباشي تخرج في كلية آداب القاهرة قسم اللغة الفرنسية، ١٩٦٩ عمل محررا دبلوماسيا بمجلة المصور، ١٩٨٠ عمل بأمانة منظمة اليونسكو بباريس، ١٩٨٥ مديرا لمكتب الأهرام في باريس، ٢٠٠٢ وكيل أول وزارة الثقافة للشئون الخارجية. أصدر ١٥ كتابا من أهمها: • هل فرنسا عنصرية؟ (مؤسسة الأهرام ١٩٩٢) • الشيخ عبد الله – مجموعة قصصية (مؤسسة الأهرام ١٩٩٤) • “لتحيا اللغة العربية: يسقط سيبويه” (الهيئة المصرية العامة للكتاب ٢٠٠٤) • تحطيم الأصنام (دار الشروق ٢٠٠٦) • ثورة المرأة (مؤسسة الأهرام ٢٠١٠) • مستقبل مصر بعد الثورة (مدبولي ٢٠١١) • لماذا تخلفنا ولماذا تقدم الآخرون؟ (دار العين ٢٠١٣)
طالما اتخذنا إزاء كافة الأفكار والمفاهيم الجديدة موقفا منغلقا مترددا علـى أساس أنها تُمثل خطراً على ثقافتنا وعلى ديننا فإن مصير العرب سيكون العزلة والانكماش والتهميش فى عالم الغد .. وطالما لم نقم بعملية فرز واعادة نظر فى تراثنا فإن العقل سيظل محبوساً في قُـمـقـم الـتـخلف والتردي الحضاري . فالـعـجـز عـن الـتـخلص مـن الـماضى يؤدي إلـى عـجـز فـي الحركة والـتـطور الفـكري .. لـن يـتـقـدم الـعـربـي إلا بتحطـيم الأصنام .. تـحطيم الأصنـام
* قاطرة التقدم في أي مجتمع من المجتمعات هي عقل الإنسان أولا، وليس الإمكانيات المادية والثروات المتوفرة لهذا المجتمع. فإذا كان عقل الإنسان مغيبا فإن المجتمع يكون محكوما عليه بالتخلف. فهناك دولة مثل سويسرا لا تمتلك أية ثروات طبيعية أو غير طبيعية، ولا تمتلك هياكل صناعية أو مصانع عملاقة، لكنها تعد رغما عن ذلك من أكثر دول العالم رقيا وتقدما. وهناك في المقابل دول حباها الله بثروات طبيعية كثيرة لكنها تعد بكل المقاييس من العالم الثالث.
* أتمنی أن تأتي أجيال تكمن قيمة الحضارة في عقولها.
* إذا كان العقل هو الأساس المحرك للتقدم فمن المؤكد أن هناك مؤثرات أخری خارجية تؤثر علی العقل الجماعي للمجتمع، وتنعكس بالتالي علی عملية التقدم والتأخر. فالتوجه الأيدولوجي الجامد والإيمان بالحقائق الثابتة والمسبقة يؤدي إلی تجسيد العقل. ولنأخذ ثانية ألمانيا كمثال علی ذلك، فعندما انقسمت إلی دولتين الأولی رأسمالية والأخری شيوعية، ظهر تفاوت في إيقاع التقدم بين الاثنتين.
* الغريب أن الذين يتشدقون بالدين ويتهمون الآخرين بالكفر في بداية القرن الحادي والعشرين هم أكثر الناس تقبلا لمقاييس الفكر القبلي في تقييم الإنسان، ويقسمون الناس حسب سلم أولويات لا علاقة له بما قضی به القرآن ومارسه سيدنا محمد (ص) في حياته. فهؤلاء يريدون تطبيق ظاهر الدين لكنهم ألد أعداء جوهره.
* كان الشعراء في عصر الجاهلية مرآة عاكسة أمينة للفكر القبلي، فكانوا يتفاخرون بانتماءاتهم القبلية ويركزون هجاءهم علی أرضية انتقاد القبائل الأخری والحط من شأنها. وكانت أقوی أبيات القصائد هي ما يسمی بالمفاخر والمثالب، أي الفخر بالقبيلة وهجاء القبائل الأخری، وكان الشاعر يحظی بمكانة ضخمة تفوق وضع الصحافة والإعلام في العصر الحديث. فقد كان المعبر عن آمال وطموحات القبيلة، وكان المدافع عن سياستها وعن مصالحها، وكان القوة المعنوية التي تشحذ همم أبنائها وقت الشدة، لكنه فوق كل ذلك كان يحظی بنظرة خاصة لأن البعض كان يتصور أنه يستلهم شعره من قوی خفية. ولا زال هذا الاعتقاد موجودا ضمنا في عبارة "شيطان الشعر".
* من أهم القواعد المؤسسة للفكر القبلي انصهار الفرد في بوتقة قبيلته وعشيرته مما يفقده شخصيته الذاتية. فالفكر القبلي يجعل الفرد تابعا أمينا للجماعة. يذوب داخلها فتتلاشی شخصيته المتفردة وتنزوي داخله كل الطاقات الخاصة التي تعد المحرك الأول للتقدم علی الصعيد الشخصي. ويلخص هذا المفهوم بيت الشعر الجاهلي المنسوب إلی دريد بن الصمة، وقد عاش حتی عاصر الدعوة، والذي يقول:
وهل أنا إلا من غزية، إن غوت غويت، وإن ترشد غزية أرشد ؟!
فالفرد يحب إذا أحبت الجماعة، ويكف عن الحب إذا كفت الجماعة عن الحب. ومن الواضح أن مثل هذا الفكر يقمع ازدهار الفرد وشعوره بالتفرد كما يقتل بداخله أي تطلع إلی الحرية والتميز عن غيره.
* لا يمكن الاعتماد علی الكتب السماوية لتأكيد وقائع تاريخية دنيوية، فهذه الكتب نزلت بهدف الهداية وليس بهدف التأريخ ورصد الواقع أو تسجيل حقائق دنيوية خاصة بالإنسان وحياته علی الأرض.
* وقد تآلفت ثقافة الأذن وحضارة اليقين في تشكيل وجدان قابل للتسليم بالخرافات والخزعبلات. فثقافة الأذن تحض علی تصديق ما يصل عن طريق السمع وتتوارثه الأجيال، ولا تحض علی تحري الدقة. أما حضارة اليقين فإنها تحث علی عدم الشك فيما هو شائع ومتعارف عليه في المجتمع. وبالتالي فإن الإنسان العربي لا يملك المناعة الثقافية التي تقيه من تصديق الخرافات.
* ولأن منهج الشك ومنطق اليقين ما هما إلا جزء من التكوين الثقافي الدفين للإنسان فإن التعليم يعتبر من أهم أدوات تشكيل وترسيخ شخصية الفرد في هذا الاتجاه وذاك. وبالفعل فإن أكثر المجالات التي يظهر فيها بجلاء الفارق بين ثقافة الشك وثقافة اليقين هو التعليم. فالتعليم عندنا يقوم علی تلقين التلاميذ في المدارس وحتی في الجامعات أفرع العلم المختلفة علی أنها حقائق مطلقة ونهائية ينبغي حفظها كما هي دون تفكير كثير، وخصوصا من دون التجرؤ علی الشك فيها أو حتی إعادة النظر في أقل تفاصيلها. ومفتاح نجاح التلميذ في المدرسة والطالب في الجامعة عندنا هو أن يكرر ما قاله أستاذه في الفصل أو المحاضرة وكل ما هو مدون في كتاب المنهج. أما من يحاول أن يطرح فكرة جديدة أو يجرؤ علی مناقشة الأستاذ أو ما جاء بالمنهج فمصيره السخرية والسقوط في الامتحان. وأهم أسس التعليم في العالم العربي هو الحفظ عن ظهر قلب. فالحفظ كالببغاء هو الدعامة الراسخة للتعليم والشرط الأساسي للنجاح في كل أفرع التعليم. والسؤال التقليدي الذي يطرحه المدرس في الفصل هو: من الذي حفظ الدرس؟ أما النظام التعليمي في الغرب فيختلف اختلافا جذريا. فالأساس بالنسبة للمدرس هو الفهم. والسؤال هناك هو: من الذي فهم الدرس؟
* الإنسان الذي يفقد الإيمان في كل شيء يفقد البوصلة الهادية لحياته. والإنسان الذي لا يستند إلی مجموعة من القيم والمثل العليا يصبح ضائعا في عالم لا معقول.
* ولأننا صنعنا عبر الأجيال أصناما فكرية وأيدولوجية، ومنعنا أنفسنا عن إعادة النظر في موروثها، فسيظل الحس النقدي مقموعا داخل العقل العربي. فالركيزة الأولی للحس النقدي هي التحرر من هيمنة القوالب الفكرية المعلبة التي تحشر في عقول الأطفال علی أنها حقائق مطلقة فتقتل في داخلهم الحس النقدي إلی الأبد.
* والغريب أنه كلما اتسعت دائرة الهوية واستشرت ظاهرة العولمة التي من المفترض أن تذيب المجتمعات في بعضها البعض، ازدادت أزمة الهوية عمقا، وتقوقعت التجمعات الصغيرة علی نفسها بحثا عن شخصية متميزة.
* ولكي يحدد الإنسان هويته فهو بحاجة إلی آخر يقارن نفسه به. ومفهوم الهوية مرتبط دائما بأفراد أو شعوب مختلفة تجعل إدراك الإنسان لهويته يزداد كلما احتك بهم أو عايشهم أو سمع عنهم. وهناك نظرية تؤكد أن الإنسان في حاجة إلی عدو لتعميق إدراكه بالهوية وتأجيجها ولإيجاد ترابط وتضامن مع الذين يشاركونه في هويته.
* في رأيي ان تأليه الفكر أخطر كثيرا من تأليه الحاكم: فالحاكم عندما يزول يسقط تأليهه .. أما تأليه الفكر فيعيش عبر الزمان ويظل يلوث العقول ويسيطر عليها أجيالا بعد أجيال.
* الغريب في ثقافتنا العربية أننا نصنع الأصنام للأقدمين. وكلما زادت أقدميتهم في الزمن كلما صارت أحجار أصنامهم عندنا أشد صلابة ومنعة. أما الأحياء فإننا عادة ما نستهزئ بأفكارهم، ونشيح وجوهنا عن آرائهم وتجاربهم لحساب آراء السلف.
* ويمكن تلخيص الحياة الثقافية في العالم العربي بأنها تسمح بالهجوم اللاذع والنقد المقذع لكل من يجرؤ علی إعادة النظر في مسلمات الماضي. فالمسلمات النابعة من هذا الماضي أصبحت راسخة بحكم مرور الزمن وتكرست وجدانا وفكرا مع الوقت، واكتسبت قداسة وصلابة خارجية برغم هشاشة بعضها من الداخل، واصبح حولها سدنة وكهان يذودون عنها ببسالة كثيرا ما تكون مفتعلة. وهم يواجهون كل مطالب بمناقشة الآراء الموروثة بصلابة كثيرا ما تنزلق إلی مستوی الإرهاب الفكري. ومع يقيننا بوجوب احترام الآباء المؤسسين للثقافة العربية وتقدير إسهاماتهم الضخمة في حضارتنا إلا أنه من الضروري أن تتسم نظرتنا إليهم بالموضوعية، وأن تنزع عن وجوههم أقنعة التقديس التي تراكمت عليها عبر الأجيال. ومن واجبنا أن نقول "نعم" للاحترام و "لا" للتقديس.
* لا أعرف ثقافة في العالم لا تمل من تكرار نفس الكلمات، واستهلاك نفس المعاني، واجترار الحروف والتراكيب في نفس السياق قرنا وراء قرن، وإعادة نفس النغمة مئات وآلاف المرات وكأنها أسطوانة مشروخة.. مثلما يجري في ثقافتنا العربية. ولو أتيح في الماضي وجود أجهزة تسجيل صوتية تسمح لنا اليوم بالاستماع إلی ما كان يقوله الحسن البصري أو الغزالي أو ابن تيمية وغيرهم لفوجئنا بأنها نفس المعاني ونفس الكلمات التي نستمع إليها اليوم في الخطاب السائد علی الساحة الفكرية في العالم العربي.
* طالما اتخذنا إزاء كافة الأفكار والمفاهيم الجديدة موقفا منغلقا ومترددا علی أساس أنها تمثل خطرا علی ثقافتنا وعلی ديننا، فإن مصير العرب سيكون العزلة والانكماش والتهميش في عالم الغد. وطالما لم نقم بعملية فرز وإعادة نظر في تراثنا فإن العقل سيظل محبوسا في قمقم التخلف والتردي الحضاري. فالعجز عن التخلص من الماضي يؤدي إلی عجز في الحركة والتطور الفكري. وطالما أننا نعيش بمرجعيات الماضي فقط فلن يكون لنا حاضر كريم ولا مستقبل مبشر. وطالما اننا نقف خاشعين أمام أصنام الماضي، وننحر علی مذبحها قرابين العقول، ستظل أبواب التقدم مغلقة أمامنا .. فلن يتقدم العالم العربي إلا .. بتحطيم الأصنام.
كتاب جيد ويشكر المؤلف على مجهوده لكن يجب دعم كلامك بمصادر ، وتبين انك لم تكن محايد بمافيه الكفايه ، كان محتاج مجهود اكثر لجل يكون كامل مكمل ولكن مشكور على مابذلة من وقت وتعب تمت.
تحطيم الاصنام...بدايةٌلى فى الدخول الى عالم جديد من الفكر والاطلاع ..هذا الكتاب صرخة لما نعانى منه الان من قولبة فكرية وتأليه المفاهيم والاشخاص ,فقد عقد الكاتب مقارنة لما وصل اليه الغرب من تقدم نتيجة لغربلة أفكارهم ومبادئهم القديمة وبلورتها فى قالب حضارى معاصر يواكب فكر جيل جديد وما وصل اليه العرب من انغلاق وانكماش ثقاف�� نتيجة لاستمرارهم فى تقديس فى ما هو قديم وعدم تطوره واضفاء عليه روح جديدة تواكب حياتنا ومعيشتنا فى هذا القرن, فبالرغم من التطور التكنولوجى الهائل الا مازلنا قابعين فى الماضى ميقنين بأن كل ما هو صالح فى الماضى صالح فى الحاضر وان كل ما اسهم فى رقى العالم العربى فى عصور الازدهار هو مفتاح النجاح الدائم فى كل عصر . وقد اختار المؤلف بأسلوب بسيط للغاية العودة الى الجذور العربية وكيفية نشأتها وأسلوب حياتها ليوضح لنا ان هناك عادات منذ القدم مازلنا نمارسها وعن اقتناع كتاب تحطيم الاصنام من الكتب القيمة الغنية التى لابد من قراءتها والتمعن فى هذه الصرخة الغاضبة التى أطلقها الكاتب لتخليص العقل العربى من هيمنة الاصنام الفكرية الجاثمة عليه.
الكتاب دا ممتاز فيه كمية معلومات يمكن بيأكد على أن أحد أسباب الوضع الفكري لشعوب المنطقة العربية هو التشبع بالتراث القبلي في أذكى صوره والل فضل سائد لقرون والل متمثل في المصلحة الخاصة وعدم القدرة على إدراك المصلحة العامة ودا كان نهايته حروب لعشرات السنوات لسبب غير ذي قيمة وبالاسقاط علي الوضع حاليا في مصر هتلاقي الل احنا فيه دا انعكاس لتأثير الفكر القبلي الل حكم جزيرة العرب قبل البعثة المحمدية من غير حتي مانمتلك الحد الأدنى من الفضائل والقيم العليا الكريمة الل كان موجود عند صناديد كفار قريش المتمثل في حلف الفضول ...!!
كتاب جيد..اربع نجمات للمجهود ولكن طريقة العرض وتهميش العوامل الأخرى المسببة للفكر الذى ينتقده الكاتب لحساب ابراز فكرته تستحق فقط 3 نجمات. فى المجمل الفكرة العامة للكتاب صحيحة تماما ولا يسع أحد الجدال بشأنها