يمكن أن يُسمِّيَها القارئ: امرأة الرائحة. حتَّى كأنما الرائحة تقرِّر مصيرها، ومصائر مَنْ يمكنها التحكُّم بهم. إنها سليلة عائلة تعمل بتجارة التوابل، فقد لفتت نظر والدها أوَّلاً، ثمَّ جميع مَنْ عرفوها بأن لديها قدرة على تمييز مُكوِّنات التوابل من خلال الرائحة، "وضعت شيئاً من التوابل على طرف لسانها، ونطقت بالمُكوِّنات: فلفل، قرفة، قَرَنْفُل، وهيل!" إنها تشمُّ أكثر ممَّا ينبغي، وتُقوِّم الأشخاص استناداً إلى روائحهم. حين التقت بـ "صبي المقبرة" لم تشعر إزاءه إلَّا بالاستفزاز والغضب، مع هذا كانت تبحث عنه ليُحدِّثها هو عن رأسه الكبير، وتشمئزُّ هي منه وتغضب. عندما كبرت قليلاً منعها ذووها من اللعب جوار "سور المقبرة": مكانها الأثير، لأنها "كبرت على اللعب"، ثم غادروا الحَيَّ، فانقطعت عن "صبي المقبرة". لكن هذا لم ينسَ طفولته معها، وفجأة تقدَّم ليطلبها زوجة له. تقول له إن لا تستطيع أن تحبَّه ولا أن تتزوَّجه، لأنه منعدم الرائحة، بل إن لديه رائحة ما، لكنها ليست "حامضية" مثل روائح الرجال ... واستناداً إلى ذلك تقرِّر مصيره ومصيرها. خلال ذلك يتعرَّف القارئ أيضاً على التغيُّرات والتطوُّرات التي طرأت على دبي والمجتمع الإماراتي، بحبكة روائية، تجعل القارئ لا يستطيع وضع الرواية جانباً إلَّا وقد أكمل قراءتها.
تجربة من الإمارات .. تكتب عن التفاصيل الصغيرة قصص قصيرة .. غالبا استخدم القودريدز لأجل الكتب التي شكلت بالنسبة لي وعيا فارقا .. لذلك فأنا كسولة هنا نوعا ما ..
في روايات كدة وانت بتقرأها بتكون عاوز تقولها كلمة واحدة...ممكن متخلصيش؟ حتقولها كتييير في دائرة التوابل😍
دائرة التوابل الرواية التي دخلت القائمة الطويلة لترشيحات البوكر هذا العام للكاتبة الإماراتية صالحة عبيد وهي تعتبر الرواية الثانية للكاتبة بعد رواية لعلها مزحة كما صدر لها أيضاً بعض المجموعات قصصية.
تدور أحداث الرواية في ٣ أزمنة مختلفة..دبي في العشرينات..دبي في الوقت الحالي و مكة حيث تناولت الكاتبة قصة الخليفة الشاعر عبدالله بن معتز أحد خلفاء الدولة العباسية الذي تولي الحكم ليوم وليلة فقط...
من خلال ٣ سيدات إستطاعت الكاتبة أن تكتب حكاية ماتعة حيث تجمع ال٣ شخصيات قدرتهم علي التعرف وتمييز من حولهم عن طريق رائحتهم! ممكن واحدة تحب حد أو تنفر من حد تاني بسبب رائحته ..ممكن حتي تستغرب أو تحس إنها بعيد عن شخص إذا لم تستطع أن تحدد له رائحة...
الرواية تلقي الضوء علي وضع المرأة في الإمارات سواء قديماً أو حديثاً ومحاولتها للإستقلال والتحرر من الأفكار الذكورية في المجتمع كما إن الكاتبة اتكلمت أيضاً عن الموت و محاولة بطلة الرواية علي فهمه وحتي التقرب منه في النهاية...
لغة الكاتبة رائعة...تنقل مذهل بين الماضي والحاضر ..فكرة جديدة علي الرواية العربية ولكنها حقيقي مكتوبة بإتقان.. الرواية فكرتني شوية برواية بحبها جداً وهي رواية العطر لباتريك زوسكيند مع إختلاف التفاصيل طبعاً...
يعيب الرواية إن جزء الحكاية التي تقع في مكة -علي الرغم انه كان مكتوب حلو-ولكن حسيت ملوش لازمة أوي و لو شيلناه خالص من الكتاب مظنش في حاجة في الرواية حتتأثر بجانب إن النهاية كانت بالنسبة لي ضعيفة و حسيتها متكروتة شوية...
في النهاية هي رواية ممتازة و أتمني للكاتبة كل التوفيق في البوكر.. العمل حقيقي يستحق كل التقدير و بالتأكيد يستحق القراءة..
دائرة التوابل: عندما يكون الامتياز سلاحًا ذو حدّين. العمل الاول من القائمة الطويلة للبوكر 2024
أحببت طريقة الكتابة وعملية السرد والربط المحكم والدقيق بين الأزمنة المختلفة التي تجري فيها الأحداث وان كنت شعرت بالملل في مواضع معينة، الا أن الكاتبة استطاعت ان تستفزني وتشعرني بالغضب الذي كانت تحس به بعض الشخصيات وكأنني أنا الذي أعاني منه.
الفصل المميز والجبار بطريقة الوصف والسرد كان الفصل الذي تصف فيه مرض الجدري وأثره على سكان دبي في ثلاثينيات القرن الماضي، لا استطيع حتى الآن أن أصف ما شعرت به وانا أقرأ، قشعريرة..تعجب..قرف..انبهار. وذكرني ما كانت تفعله شخصية "شمّا" بما كانت تفعله شخصية "يومير" في أنمي Attack on tittan لرعاياها من خلال اعادة تشكيلهم في المسارات بعد الموت عن طريق الطين، لا اعرف ان كان التشابه مصادفة ام ان الكاتبة تابعت الانمي واقتبست منه هذه التفصيلة
عمل جميل جدّا، ويمكن أن نعتبره بداية انطلاق للكاتبة، لكنّه بالتأكيد لا يصلح للفوز بالجائزة.
عندي انجذاب غير عادي للنصوص المتعلقة بالحواس، قراءة وكتابة، اللي بتاخد الحاسة لمناطق جديدة غير مطروقة، فتخليني أتعرف عليها من أول وجديد.
وفي حاسة الشم، رائعة باتريك زوسكيند "العطر" كانت -ولا تزال- من أمتع ما قرأت، لم تقترب معالجة عن حاسة الشم من مكانتها عندي، حتى صادفتُ "دائرة التوابل" على أبجد. برفقة "شيريهان" و"شمَّة" وآل التوابل أمضيت ساعات رائقة جدًا. ليست القراءة الأولى لصالحة عبيد، سبق وقرأت لها "لعالها مزحة" قبل ٣ سنين.
رواية واحدة حلوة تخليني أقول: الرواية دي حبيتها لكن روايتين حلوين يخلوني أقول: القلم ده حبيته. فقط النهاية لم تكن بالقوة اللي انتظرتها.
عندما تكون حاسة الشم محور حياة الانسان، و مصدر قوته التي تعطيه مكانة بين الناس. هو ده موضوع الرواية، ثلاث نساء من عصور مختلفة لأسرة واحدة تبدأها فاطمة التي تحصل على حاسة شم متفوقة، فتقرر تأسيس حياة جديدة في جزيرة العرب بعيدا عن صراعات الخلافة، فتبدأ معها جذور أسرة في دبي تتخصص في تجارة التوابل، يتوارث ذكورها حاسة الشم تلك، فيبرعوا في تجارتهم، لكن يحدث أن تظهر الموهبة لشما وشيريهان بدلا من أخواتهم الذكور في العشرينيات والتسعينيات، ومن خلال هذه الشخصيتين نحصل على صورة لحياة المجتمع الاماراتي لفترتي مطلع القرنين الحالي والماضي. تلقي الرواية الضوء على حياة ودور المرأة في المجتمع الاماراتي، والتي لازالت، مع كم التطور والتغير الكبير في الامارات، تخضع لقيود متأصلة في الفكر الذكوري للمجتمع الذي لم يصل لحد المساواة بين الجنسين، حتى بعد كل الحريات التي حصل عليها جيل شيريهان مقارنة بجيل شما. هذا ما أراه بعيدا عن المعالجة الدرامية، وعلاقة شيريهان بالموت، حبها المرضي له، ورفضها لأي حياة بعيدة عنه.
حاسة الشم هي العنصر الموحد داخل الحكايات الثلاث لشيريهان و شمة و فاطمة حيث القدرة على قراءة النفس البشرية من خلال دمغة روحها اي من خلال رائحتها . ثلاث قصص في حقب مختلفة حيث الأنف كمركز لهذه الهبة /اللعنة هو النقطة المحورية التي تدير الحكاية التي تتناول ثيمات الحب و الكره و الغرابة و المألوف و التي كتبت بلغة شفافة يمكن للقارئ ان يشم من خلالها الروائح المختلفة و ان يحس بألم شخصيات الحكاية التي أدعوكم إلى قراءة العمل لاكتشافها .
أجمل ما في هذه الرواية سيرها في ثلاث خطوط تبدو متوازيةً، ثم الاكتشاف في النهاية أن تلك الخطوط كانت ضفيرة.
هي كذلك رواية حافلة بالمفارقات، أهمها: -أن شيريهان التي كانت ساخطة على ما افترضته عليها أنوثتها في مجتمع محافظ لم ترَ حلًّا لمعضلتها سوى أن تُضرَّ بابنتها الرضيعة، رأيتُ في هذا الفعل ظلمًا منها لتلك الطفلة وإعادة توليد لمظلمتها في أنثى جديدة، إنقاذًا مُتوهَّمًا لابنتها ربما نكتشف عند تحليل دوافعه العميقة أنه لم يكن في الحقيقة إلا انتقامًا ساذجًا.
-فقدُ كلٍّ من بطلات العمل الثلاث حاسة الشم بطريقة مختلفة، ففاطمة بنت ثابت فقدتها بشكلٍ مؤقت وهي تسحب جثمان عبد الله بن المعتز إلى نهر دجلة، وشمَّا بنت بخيت فقدتها بشكلٍ دائم عندما جدعَ أخوها عزيز أنفها حنقًا وغيرة، أما شيريهان ففقدتْها بشكلٍ انتقائي غير مفهوم عندما لم تُفلح قط في تمييز رائحة زوجها.
-شمَّا التي فقدت أنفها ولم تستطع أن تسأل أخاها عن مكانه انشغلتْ بترميم الرؤوس والملامح المتساقطة من وجوه الموتى بالوباء، بدا لي هذا فعلَ استشفاءٍ وجهدًا للتعافي بشكلٍ ما.
-1- "كانت تحاول أن تعالج جهلها باللمس، لعل اللمسة تنقل إليها شيئًا ما". -2- "فهل تكفي حاسةُ الشمِّ لتجعلها تدرك أسرار العالم كله؟" -3- "سأحرس روحي من المرارة بالشِّعر، لعلِّي أنجو".
أبدعت صالحة عبيد في رواية "دائرة التوابل"، وهي تتحرك بين ثلاث حكايات في أزمان مختلفة، تتشابك فيما بينها وتتقاطع، لتكتمل الصورة فيما بعد، بخيوطٍ من أثر الرائحة، وظلال الموت، وعلاقات ملتبسة مع قريب.
تدور أحداث الرواية في ثلاث أزمنة مُختلف و بحبل رفيع يجمع شخوصها ، حيث تجد لدى أبطالها الإناث حاسة شمّ حساسة و خصاصة تدور حولهن و أنف أفطس لا يتناسب مع سلالة من الأنوف الدقيقة حدّ السيف ، و لدى أبطالها الذكور رأس كبير و جذع لا يتناسق مع كبر حجمه.
رغم البداية المثيرة للاهتمام و السرد السلسل و الأفكار الجيّدة ، إلا أني استشعرت عجالة الكاتبة في إنهاء القصة و عدم رصّها بصورة كافية ، فهي لم تترك توابل القصة تبرز برائحتها و لا بتذوقها بالنسبة لي ، فهي أشبه بطعم لاذع في البداية و لا يترك أثراً في النهاية.
الدائرة دائرة بين الهيل والقرنفل الهيل تابل الصيف القرنفل تابل الشتاء والفصول تدور، فتدور معها التوابل هذه ليست قصة الرواية
على الغلاف وجه بنتين وأنا أقول هن أربع
بين أزمنة ثلاث تسير أحداث الرواية بين ترابط وانفصال لكل زمن حدثه الخاص وحدثه المرتبط بالزمنين الأخرين للتوابل عطم... للتوابل عطر خبير التوابل له حاسة شمي قوية تميزه...تفرده... أم هي نقمة تلاحقه !
في البداية كان تقدمي في قراءة الرواية سريعا حتى وصلت أمام البحر حرفا حرفا صرت أقرأ احتراما لرهبة المشهد
دائرة الموت ودائرة أخرى لن أفصح عنها تفاديا لحرق الرواية دائرتان متقاطعتان قاسمهما المشترك ... التوابل ودوائر أخرى
أحب قلم صالحة ... رواية ... قصة ... ومقالا
اقرأ الرواية بتمعن لتجد الدوائر الأخرى
أما عن بناء الشخصيات والحبكة واللغة فكلها كانت متبلة بشكل جيد يليق بأحداث الرواية
مقالي عن رواية «دائرة التوابل» للروائية الإماراتية صالحة عبيد. .. قوة الأدب الجيد تظهر أحياناً في كل ما لا نستطيع رؤيته أثناء القراءة، لكنه يمنح سحرا للعمل الأدبي. وهذه الفكرة تحديدا قرأتها في عبارة ملهمة للكاتب والباحث الإيطالي فابريتسيو كارامانيا يقول فيها: «ثمة شيء لا أستطيع أن أراه في كلّ ما أتخيله، وهذا الشيء هو ما يمنح سحرا لما أتخيّله». أعادتني عبارته هذه إلى تساؤل طرحته الكاتبة الإماراتية صالحة عبيد في روايتها «دائرة التوابل»: «هل يتبدد سحر إنسان عندما نفهمه؟». في «دائرة التوابل» لا تتبع صالحة عبيد بنية سردية تقليدية ولا تعتمد على حكاية واحدة تبدأ حيث تبدأ وتنتهي حيث تنتهي، بل العكس تماما، ففي الرواية ثلاث حكايات، ثلاثة أزمنة، وثلاث مدن. ما يجمعها هاجس الموت الذي يعتبر أحد أسئلة الحياة الكبرى، فلولا الموت لما وجدت حياة، تتساءل: «ماذا في الموت يا عبد الله إذا لم تتراء الأشياء؟» وفي فكرة أخرى تتحدث عن الموت لكن من خلال حديث الجسد أو تأويل ما يمكن أن يعبر عنه الجسد الميت، فمن وجهة نظر الشخصية الروائية يمكن أن يقول «الجسد الميت الكثير، ولا تستطيع صاحبته التحكم فيه». وإلى جانب أسئلة الموت يشغل صالحة عبيد سؤال الذاكرة، الذاكرة التي نعود إليها ونستحضرها متى شعرنا بالفراغ حولنا، أو باقتراب ما نخشى حدوثه. الذاكرة في هذه الرواية عبارة عن حيلة دفاعية ضد هجمات الحياة، تقول: «لأننا لا نملك من أمرنا شيئاً، وما دمنا لا نملك من أمرنا شيئاً، فإنني قرّرتُ أن أملك ما بذاكرتي، لن أخزن فيها ما يغذّي ثأرا لن يكون يوما». حاولت الكاتبة أن تجعل القارئ يتخيل ما عبرت عنه بقولها «رائحة الدم في الذاكرة». تقول: «وإني لأتحدث هنا عن ذاكرة الدم» وتتساءل بعد ذلك هل للدم ذاكرة؟ الذاكرة كما تعبر عنها المؤلفة هي كل ما يمكن للإنسان امتلاكه، أو لربما هي ملكيته السرية التي لن يشاركه فيها أحد، فلكل «واحد منا ذاكرة متسعة، مصممة تماما لتذكر كل ضربة سوط أو وقع إهانة، ذاكرة عميقة كأنها لبئر». وعودة إلى عنوان الرواية «دائرة التوابل»، هذا العنوان الذي لا يشرح مضمونها بقدر ما يجعل القارئ يتفاوض مع معناه، تقول: «أنت دائرة من الدوائر في هذه الدوامة، دوامة قدرها أن تبتلعنا جميعاً بعد اكتمالها، لتُعاد الحكاية من جديد». فماهي الحكاية التي تقصدها صالحة عبيد؟ الرائحة أو الحاسة الحدث الأبرز الذي تدور حوله الكثير من المواضيع، مواضيع عرفت صالحة عبيد كيف تصوغها روائيا، تتحدث عن الحواس، حواس يمكن أن تحدد طريقة رؤيتنا للعالم، تتساءل: «فهل تكفي حاسة الشم لتجعلها تدرك أسرار العالم كله؟». وإن اعتمد كاتب على الرائحة أو الحاسة في نقل مشهد سردي لجريمة أو انتقد من خلالها قرية أو أمة ما، فإن صالحة عبيد تستخدم الرائحة انطلاقا من عائلة «آل التوابل» روائح التوابل، وما تجسده الرائحة في الموروث العربي، حين اعتبرت أن «لكل جسد دمغة خاصة به، هي دمغة الرائحة»، وكأن الرائحة هي امتداد لهوية الإنسان، لوجوده. فالشخصية الروائية «تشعر بالروائح تتسلَّل إلى مسامَّات جِلْدها، تتسرَّب إلى داخل الجسد من أعلاه إلى أدناه مكثِّفةً من شعورها الدائم بثقل الجسد ومعيدةً إليها الفوران الدائم.» الحواس في رواية «دائرة التوابل» ترتبط بالمعرفة، فعندما تلمس الشيء تعرفه، تقترب منه، تفهمه، تقول: «كانت تحاول أن تعالج جهلها باللمس، لعل اللمسة تنقل إليها شيئا.» ولأن استحضار الماء روائيا بمثابة الهوية الأدبية التي ترتكز عليها الرواية الخليجية، تقول: «يدون تاريخ العالم بدءاً من الماء، من اللحظة التي شكلت تلك الكثافة السائلة، فمنحت حياةً، أولى، لكل ما حولها». والكاتبة عبرت عن ذلك بأكثر من فكرة، فمرّة تقول: «وكان الماء، ثم كانت ذاكرة الناس، ذاكرة تولد أخرى داخل ركام، ويعاد بعثها من جديد». ومرة أخرى تربط الماء بالذاكرة، إذ: «يعكس الماء ذاكرة صاحبه مع وجهه، ويحفظها، كركام يتصاعد مع ما يحفظ من ذاكرة الزمن». كما انتقلت من فكرة ذاكرة الماء إلى رائحة الماء، فتقول: «شعرت بأنها كرائحة الماء، رائحة ماء نهر من مكان في ذاكرتها لم تستطع أن تميزه الآن.» الرائحة بالنسبة لها من ألغاز الكون التي يمكن النفاذ منها إلى الإنسان وعلاقته بكل ما يحيط به، تلك العلاقة الغامضة التي لا شيء فيها مكتمل، تقول: «للبحر رائحة هائلة، يقال إنها رائحة الملح، لكنها ترى فيه ما هو أبعد من ذلك، إنها رائحة اللغز، لو أن للألغاز رائحة، مزيج من روائح مبتورة، لا تكمل لك شيئًا حتى تنتقل إلى آخر». الماء بالنسبة للكاتبة تجسيد للحزن أحيانا وللفرح أحيانا أخرى أيضا، وهذا سر من أسراره، تقول: «بعيداً عن الماء، أدرك سرّ الماء، ماء يعالج غيابه بالبكاء المر، كانت دموعا عذبة على رغم مرارة المصدر، تهطل على الشعلة المتأهبة في القلب الحانق فيهدأ وينطفئ استعاره حتى حين». تقول صالحة عبيد إن للحزن رائحة، وللغز رائحة، وهذا ما دفعها للتساؤل: «هل تخيف الروائح؟» لتجيب في موضع آخر: «إذا استثنت شعور التحرر من عبء الروائح الثقيلة لا تشعر بأي اختلاف». كذلك حاسة الشم ميزة انفردت بها الشخصية الروائية، إلاّ أنها «تودُّ أحياناً لو تفقد حاسَّة الشمِّ، لتستطيع التعاطي مع العالم بشكل مجرَّد عن انطباعات الرائحة». يحصر البعض المرأة في صورة معينة لا يجوز أن تخرج عنها، وإن خرجت عن تلك الصورة بتميزها، وكسرت كل القوالب الجاهزة تصبح في نظر هؤلاء العدوة المحتملة دائماً، وهذا ما حدث للشخصية الروائية التي سيكتشف القارئ من خلالها الاختلاف الذي يحاول الغير إنكاره في الشخص المميز. إذ تخلق هذه المميزات نوعا من الغضب عند الغير، غضب لا يمكن ترويضه، بل يزداد حدة في كل لحظة يشعر فيها البعض بتفوق من عود نفسه على أن يراهم أقل شأنا منه، إذ تكبر شما «في كل حين تدرك فيه رائحة جديدة، ويصغر عزيز مع نمو الفكرة في رأسه، لتفصله عن الواقع، ويزداد شروده حدة.» ولأن «متعة الأدب في تأويله» كما عبرت عن ذلك صالحة عبيد ذات حوار معها، فإنها لا تمنح في روايتها «دائرة التوابل» إجابات جاهزة للقارئ، بل تنشط خياله في ابتكار أجوبة خاصة به، فحين تتساءل مثلا «هل لهذا الصندوق علاقته بتفكيك الموت؟» فهي لا تفرض إجابة حاسمة، بل على كل واحد منا تفكيك الرواية ضمن رؤية معينة تعتمد على سد الفجوات التي يتركها الكاتب في النص. وفي الحقيقة أن تلك الفجوات هي ما يكمل الأدب الذي تراه المؤلفة عبارة عن «مساحة مفتوحة للتأويل، وإلا لن تكون مبدعا». تعتمد صالحة عبيد على لغة خاصة، لغة تقول الأشياء ضمنيا، لغة سليمة، لا حشو فيها، ولا عبارات زائدة تبعد القارئ عن متعة القراءة. تقول الرواية: «فمن كانت له هذه القدرة على تطويع اللغة، فلابد أن يُطوّع العالم ذات يوم». لغة نكتشف من خلالها الرابط بين فصول الرواية، فصول تبدو للوهلة الأولى غير مفهومة كفصل النار مثلا، لكن حين تقرأ عبارة «الدم لعنة، وهي تشكل لغلياني» وتربطه بالعبارات السابقة «كذاكرة الدم»، تلحظ أن هذه الأفكار ما يؤسس لفكرة روايتها، رواية تتحدث عن الذاكرة، الرائحة، الموت، النار، الفقد، والوجود. ومن هنا فإن صالحة عبيد استطاعت أن تقدم رواية تجريبية اعتمدت فيها أسلوبا خاصا في قول الأشياء، كما أنها حين استخدمت الشعر لم تقحمه في العمل دون أي معنى، بل لتؤكد على أهمية الشعر كوسيلة أخرى للتعبير. تقول الرواية: «سأحرس روحي من المرارة بالشعر، لعلي أنجو»، وفي لقاء مع الكاتبة أكدت أنها تقرأ الشعر باللغة العربية وتقرأه كذلك مترجما، بالنسبة لها: «تتسع فكرة المجاز حين تقرأ الشعر مترجما». وهكذا كانت «دائرة التوابل» عملا يروي جانبا من الهوية الإماراتية كما تراها صالحة عبيد، وكما يعبر عنها الأدب الذي يحول تفاصيل وحكايات منطقة بعينها إلى شأن إنساني. سارة سليم رابط المقال: https://www.alquds.co.uk/%d8%af%d8%a7...
من قال إنّ الأنف الأفطس يملك حاسّة شمّ أقوى من الأنف الدقيق؟ إنّها صالحة عبيد في دائرة التوابل.. تجري أحداث هذه الرواية على ثلاثة مسارات زمنيّة، الأوّل قديم في بغداد زمن الشاعر الخليفة عبد الله بن المعتز بن المتوكل بن المعتصم العباسي الذي حكم يوما واحدا وقتل، لأنّ الناس أرادوه شاعرا لا حاكما، وفي هذا السياق حديث عن جدته قبيحة الروميّة وعمّه المستعين بالله والجارية نشز والغلام نشوان وصولا لفاطمة بنت ثابت التي نبشت قبره ورمت جثته في النهر كما أراد لتعود إليها الحاسّة العظيمة بعد أن فقدتها وتطلق لعنة الشم للدنيا. والمسار الزمني الثاني في عشرينيات القرن العشرين في دبي وعائلة شمّا وعبد العزيز التي تعمل في تجارة التوابل بقيادة جدهم عبد الجبار ثم أبيهم بخيت وابن عمهم مظفر، وشمّا تلك تملك حاسة شمّ مدهشة تميّز من خلالها الروائح وتصنّفها، لا روائح التوابل والعطور وحسب بل روائح الأحاسيس والناس كذلك، فذاع صيتها واكتسبت مكانة زاحمت الرجال بها وجعلتها مقرّبة من والدتها عائشة ما أيقظ غيرة أخيها فجدع أنفها في النهاية وسلبها أغلى ما تملك، وفي هذا المسار رأيت تركيزا على بعض العادات والتقاليد والإيمان بالخرافات فضلا عن انتشار بعض الأمراض كالجدري الذي أودى بحياة الكثيرين كعبّود بو راسين وسواه.. وأمّا المسار الثالث فهو دبي في الوقت الراهن وبطلته شيريهان على اسم الممثلة المصرية صاحبة برنامج فوازير رمضان الذي اشتهر في تسعينات القرن المنصرم وقد أسمتها أمها كذلك لأن ابنتها ولدت بأنف أفطس فلعله يستحيل مع الزمن إلى أنف سميّتها فيمتلك دقّته وجماله يوما ما، شيريهان الطفلة كانت تبحث عن الروائح في الموت والمقبرة فتنبش قرب سورها وكان أن تعرّفت إلى طفل غريب آنذاك يدعى ناصر لم تستطع شمّ رائحة فيه رغم مقدرتها العالية على الشمّ ما استفزّها كثيرا إلّا أنّه بمرور الأيام تقدّم إليها ووافقت على أن يسمح لها أن تسافر وحيدة إلى اسكتلندا لتدرس الطبّ الشرعيّ وتقترب من الأموات، تريد أن تستنشق الموت لتفهم سر الحياة، فخضع الرجل لها وقضي الأمر، غير أنّ الظروف شاءت دون إرادتها فعادت وأنجبت من ناصر طفلة بأنف كبير لم تستطع أن تعثر فيها على رائحة فكان ما كان من صدمة أشارت إليها الكاتبة في مطلع الرواية، التي بدأت باقتباس لأبيات شعرية متخيلة لابن المعتز أولها مكسور عروضيا.. لم أجد الحبل الذي يربط المسارات الثلاثة متينا رغم صلة القرابة بين شمّا وشيرهان وربما فاطمة.. اللغة كانت قوية ولو أني شعرت بتكلّفها أحيانا، وفي العمل بعض المشاهد غير المقنعة بالنسبة لي ومنها أبيات الشعر على شاهدة القبر في اسكتلندا التي تعود لابن المعتز وكذلك لقاء شريهان بشريهان في الطائرة، ومسألة الصندوق الذي يحوي صورة العم راشد، ووفاة الوالدة في الوقت الذي اصطحب فيه ناصر امرأته إلى البيت القديم ممّا زاد نفورها منه، على الرغم من أنّ معالجة العلاقة بين شيريهان وناصر كان برأيي نقطة القوة الأهم في الرواية. أخيرا لا بد من الإشارة إلى أنّ هذه الرواية ذكرتني برائعة باتريك زوسكند العطر.. التقييم: ٦/١٠
شابة مفرطة الحساسية مهمومة بأسئلة وجودية كبرى تضيق بها بيئتها المحلية المحدودة وتسعى خلف سر الموت فتسافر لدراسة الطب الشرعي في أدنبرة .. تكتشف أن الموت واحد والعدم واحد وأن وحدتها وغربة وحدها هي الثابتة و الأصيلة في مواجهة هذا القلق.
ولكن الحقيقية أن قدر هذه الفتاة وضعها في تماس مع الموت منذ أجيال ، هناك سر للرائحة وللموت يواجهنا منذ البداية و هو الذي يتبين لاحقاً أنه الرابط بين شخصيات الرواية عبر ثلاثة أزمنة مختلفة و ثلاثة مدن .
الرواية هي الأولى التي اقرأها للكاتبة الإماراتية صالحة عبيد والحقيقة أن اللغة الشاعرية المكثفة و الثرية برأيي هي بطلة هذا العمل استمتعت بها ولو جهلت إلى أين تتجه، ولكن كان هناك الكثير من الغموض الذي يختبر صبر القارئ في بعض الأحيان ، صعوبة القبض على المعنى مع وجود أكثر من مسار للحكاية أرقني .. ولكن متيقنة أن الكاتب طالما امتلك اللغة فقد امتلك مايجعل العمل جديراً..
رواية أساسها الرائحة، جنونها الأنف، ومادتها التوابل، عمل منقسم نصفين، شما وشريهان، متشابهتان في الأنف الحاد القادر على التقاط الروائح والتعمق فيها حد الخبرة، متشابهتان في المصائر الشاقة، متشابهتان في مرارة الأيام، رغم الروائح التي تغلفها، فقط النهاية هي التي لم تعجبني
يعني من جانب بحب الروايات اللي بتركز على عدد من الشخصيات وكمان في فترات زمنية مختلفة وفيه شيء ما بيربط بينهم. في الحالة دي، بنشوف كذا شخصية واللي بيربط بينهم حاسة الشم القوية اللي بتبقى زي لعنة على حياة كل واحدة منهم. ممكن مشكلتها كانت أني قرأتها على فترة زمنية طويلة، بس فيه فقرات عجبتني جدا زي مثلا فقرات هوس شاهيناز بالمقابر وفيه فقرات تانية مقدرتش أفهم موقعها في الرواية.
غريبه الروايه دى انا فالاول كنت بحس انى بتوه معاها شويه لما الاشخاص بدأت تتكلم عن نفسها اكتر بدات تبان وتوضح ولما خلصتها استغربت وقولت ازاى فى حاجه ناقصه او حاجات الفكره حلوه ان لما تكون حاسه من الحواس لها تأثير كبير عليك بس تختلف معاك بمعني اوقات تكون نعمه كبيره و اوقات تكون نقمه ع صاحبها وتدخله دوامه وفكره المجتمع الذكورى المتعفن ياجماعه هو مفيش غير الرجل الشرقي قدامكم الفكره ان حركه الفيمنست اوروبيه يعني هما نفسهم شايفين ان المجتمع الاوروبي ذكورى ولسه عايزين مساواه ع كلامهم رغم ان اغلب كل الاعمال الشاقه زى البناء والعمل فى الصرف الصحي كلهم تخصص رجال يارجل دا لما حصلت الحرب ع اوكرانيا قالك كل الاطفال والنساء تخرج وكل ما هو ذكر فوق ١٨ عام ممنوع من السفر وقتها مسمعناش كلام عن موضوع المساواه وفكره ان الدين الاسلامي رد للمراه الكثير من حقوقها وزى ما ذكر الله تعالي ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) ابسط حاجه من غير كلام كتير فالموضوع
النهايات غريبه واغربهم واكترهم كره ومتقبلتهاش لما شريهان حبت تنتقم من بنتها الرضيعه دا غباء
بثلاث شخصيات او ٣ نساء تدور معهم الروايه فى ٣ ازمنه مختلفه ميزه كل منهم حاسه الشم القويه و الانف الكبير
شريهان من اكتر الشخصيات كرهتها لغبائها وتمردها بدون سبب لدرجه اني تمنيت تكون ايام الجاهليه علشان تعرف الفرق وفكره اخوها اللى مش اخوها ملوش دور او شخصيته ناقصه كتابه وزوجها ناصر متعرفش البرود اللى عنده دا كدا ولا اي حكايته كمان والاب والام ناقصه كتير وفكره كلامها عن الموت حتي لما حبت تتكلم شويه فلسفه معرفتش او مقدرتش توصل هى عايزه ايه او حبت تتفلسف بس معرفتش كل دا وتصدمك فى فكره النهايه
ام شما بنت بخيت اللى اخوها قطع لها انفها وخافت ومرديتش تقول لحد لدرجه البلاهه هى عايز بس وتتمني تسئله هو عمل بيه ايه بس كدا حتى لما انتشر الوياء اخوها من ضمن اللي نجوا كمان
ام فاطمه بنت ثابت وقت الخلافه العباسيه فالعراق كانت قصتها بسيطه لدرجه ان متذكرش شئ عن الشخصيات خليفه حكم يوم ثم قتل
ما أن تبدأ الدائرة حتى يتحلق طرفاها و يلتقيان لينغلقان، ولا تتشكل الدوائر إلا بوصول نقطة البدء إلى مستقر النهاية. وما الحياة في جوهرها إلا دوائر تقاطعت حظوظها، وتشكلت حلقاتها. ومن العصر العباسي يتحلق طرف الدائرة الأول من أحداث الرواية ، من قصة عبد الله بن المعتز، الخليفة الشاعر المقتول ، وفاطمة بنت ثابت التي شمت أثره، و نبشت قبره، إلى شما في دبي في عشرينيات القرن العشرين، إلى شريهان حفيدة شما ، التي تعيش في القرن الواحد والعشرين تنغلق الدائرة، دائرة عمادها الشمّ والرائحة.
لكن ما الذي يجعل للرائحة هذا الحضور المشهدي في الرواية؟
إن كانت التوابل هي ما تمنح الطعام مذاقاته المختلفة، فإن الرائحة هي ما تمنح كل الموجودات هويتها التي تتسلل إلى الآخرين من غير أن يقف أمامها مانع يحد من حرية انتشارها.
في العشرين من شهر سبتمر من سنة ٢٠٢٠، شعرت بإعياء و ضيق في التنفس، حاولت اقناع نفسي عبثا أن فيروس كورونا لم يعرف طريقه بعد إليّ. ولكني فجأة، وجدت نفسي مثل " جان بيست جريجوري" بطل رواية ( العطر) ، بلا رائحة! فقدت القدرة على تمييز الروائح، لم تعد تغريني رائحة القهوة، سائل بني مجرد من كل حمولات الذاكرة هي القهوة من غير رائحتها! ولا للخبز رائحة تشعل الحنين إلى خبز أمي، لا شيء ينبه حواسي لتستفز، حتى رائحة البيض التي كنت أحاول التخلص منها باستهلاك كميات من الكلور، وتشمم الأطباق للتأكد من تلاشيها، لم أعد قادرة على شمها، كنت أنظر إلى قوارير العطر وابتسم! على الأقل لم أعد أعاني عبء الاختيار بينها تشابه يفقدك رغبة التجربة، أو شهية التذوق! تشابه يذكرك بنعمة الاختلاف والتنوع.. ومع ذلك يصرّ البعض على الترويج لفكرة: النموذج المثالي الأوحد في الفكر، والبشر، والحياة! طهوت الطعام، وأخذتنيي الحمى من عالمي ، ما أن صحوت حتى وجدت ما في القدر متفحماً ، لم أشم شيئاً، لم أعد قادرة على تمييز الروائح، ولا المذاقات.كل ما يحيط بي أمسى بلا هوية.
الرائحة رسول الآخر من حولك، لا يستأذنك ليخترق عالمك، يبثك الانطباع الأولي عمن يقابلك، يأخذ بيدك إلى عوالم بعيدة، ، يجول بك في أزقة الذاكرة، تخاف فجأة، أو يستبد بك الحنين أحياناً، تزداد ضربات قلبك، تشتعل نار الرغبة شبقاً في أحيان أخرى، للرائحة تلك القدرة السحرية لتنقلك من عالم الظاهر إلى عوالم الباطن، لتتجاوز كل القشور، ولتترك لنفسك استبطان ما تخفيه المظاهر. يمكنك أن تغلق عينيك حتى تتجاهل من حولك، أن تصم أذنيك، أن تجلس فلا تمشي بك قدميك إلى من لا تحب، لك أن تمنع لسانك عن تذوق ما لا تشتهي، لكنك ستفشل حتماً في منع أنفك من أن يشم ما لا تريد.. ثوان معدودة قد تنجح في ذلك، لكن سرعان ما "تقتحم" الروائح عالمك، فالرائحة ابنة النفس الشرعية، مع كل شهيق، تنسل الرائحة إلى عالمك، وذكرياتك. يقول دافيد لوبروطون في كتابه " انثربولوجيا الحواس/ العالم بمذاقات مختلفة". : " "أحد المبادئ الأنثربولوجية للرائحة هي أن تمنح نفسها ككاشف لطوية ما، وهي حقيقة جوهرية لا يخفيها شيء. …. الشم هو في الآن نفسه حاسة الاتصال والمسافة، فهو يغمس الفرد في وضعية شمية من غير أن يترك له الخيار بإغرائه أو استجذابه، غير أنه يثير أحيانا الإبعاد والرغبة في الابتعاد بسرعة من مكان يهين الأنف. الرائحة لا تترك أحدا في اللامبالاة. فهي إن انطبعت على جو ما، فإنها تساهم بشكل ��ؤلم في بعض الأماكن في الإحساس بالتلوث أو تدهور حال موقع ما. "
ومن هذا المنطلق كانت رواية " دائرة التوابل" تعالج فكرة الشمّ و الرائحة، كمادة لتشكل تصور الذات عن نفسها، و عن العالم من حولها. أن تفلسف العالم من خلال الرائحة معناها أن تعيد رسم و ترتيب أهمية الحواس لديك، يذكر لوبرطون في كتابه السابق عدة دراسات تشير إلى تدني أهمية حاسة الشم في نظر من شملتهم الدراسة، واختاروا فقدانها فيما لو خيروا بينها و بين حاسة البصر مثلا أو السمع. ويشير إلى بعض آراء الفلاسفة التي تقدم باقي الحواس على الشم. لكن، رواية كالعطر ، لزوسكيند، أو كدائرة التوابل، تعيد الصدارة لحاسة الشم و الرائحة، لتجعلها باباً نلج من خلالها إلى خبايا هذا العالم، بعد أن تجاهله الكثيرون. تشير صالحة عبيد في روايتها إلى تلك السطوة التي تمتلكها الرائحة في تشكيل علاقة أبطال قصصها مع ذواتهم و مع العالم من حولهم ، إذ تقول : " حساسيَّتها تجاه الروائح بدأت مبكِّرةً، تميِّزهم بالروائح، وتعرف الدالف من رائحته أيضاً، عالم كثيف يُشعِرها بالاختناق، تودُّ أحياناً لو تفقد حاسَّة الشمِّ، لتستطيع التعاطي مع العالم بشكل مجرَّد عن انطباعات الرائحة" . إن كانت قبائل الدوغون الافريقية تجعل للروائح صوتاً يسمع، وللكلام رائحة تشم، فتصف ذلك بقولها : " يسمعون الروائح ، ويشمون الكلام"، والعرب تقول أشم من كلامك رائحة الغدر مثلاً فإن الحواس تتراسل و يحلّ بعضها مكان بعض في رواية " دائرة التوابل" ، ليمسي الشم عيناً نبصر بها،. فتقول رأيت الرائحة، أن ترى الآخر من خلال رائحته، معنى ذلك أن تعيد رسمه و تصوره بناء على ما تثيره تلك الرائحة فيك، متجاوزاً الملامح الشكلية له. تشير صالحة عبيد لذلك بقولها : " تستطيع أن تثق بأيِّ شيء سوى ما تجلبه الرائحة من مشاعر، إنها تحسُّ من خلالها، وقد تتجلَّى الأمور أحياناً لتشعر بأنها ترى مِن خلالها أيضاً، "الكركم" يُورثها شعور الإعياء، وتراه سيِّدةً عجوز…" فكيف يكون الحال، إن كان أحدهم يمتلك " أنفاً" خارقاً، يفترق عن غيره من " الأنوف" في قدراته الشمية؟ كيف تمسي علاقاته رهناً لما تجود به قدرات الشمية؟ ليحب، ويكره، وينأى و يقترب من حدود هذا العالم ليقترب من العالم الآخر ، من الموت، ليساءله عن ماهيته؟ للبطولة في هذه الرواية نكهة انثوية، في انتصار للمرأة التي حجبتها عن سمات البطل الأسطوري تراتبية العلاقات في مجتمعاتنا، إذ يحتل الأبطال الأسطوريون قمة هرم البطولة، في امتلاكهم قدرات فوق بشرية. لكننا في هذه الرواية نجد أنفسنا أمام بطلات ثلاث، عشن في ثلاثة عصور وأزمنة مختلفة، هن : فاطمة بنت ثابت، من العصر العباسي، والتي كشفت بحاسة شمها الخارقة قبر الخليفة العباسي عبد الله بن المعتز ،وآثرت أن تثور على التصنيف الطبقي ، لتتزوج وهي الحرة من عبد ، هوى له قلبها، واعتقه سيده لاحقا .وشما الفتاة ذات الأنف الأفطس، الذي يفترق عن الأنوف المستدقة الرفيعة لباقي رجال عائلتها ، والتي عايشت موت ذي الرأسين الكبيرين، إثر إصابته بالجدري في الثلاثينيات من القرن العشرين، حين عم الوباء في دبي، كانت تشم رائحة الموت. و شريهان التي يشبه أنفها أنف جدتها شما ( فالعرج دساس) ،هالها اختلاف شكل أنفها عن أنف الفنانة المصرية شريهان، التي اسمتها أمها على اسمها، فقد كانت تلك الفتاة مسكونة بالبحث والقراءة عن حياة شربهان، علها تجد نقطة التقاء بين حياتيهما. أمضت شريهان جلّ أيام طفولتها تلعب بجوار سور المقبرة، وشغلها سؤال الموت و عوالمه الخفية، حتى دفعها لدراسة الطب الشرعي، وليموت زواجها من ناصر ، الذي كانت تشاركه اللعب قرب سور المقبرة، لإنه يفتقر إلى الرائحة، فالرائحة هي البصمة الذاتية للمرء، التي تمنحه تفرده، وتجعل منه آخراً مختلفا بحضور الأنا. للموت رائحة نفاذة في هذه الرواية، تتقاطع مع الأحياء، لتصل من خلال الموت إلى فهم كنه الحياة. فما رائحة المرضى العطنة التي تشبه رائحة الأسماك النافقة ، إلا تذكير بأصلهم الأول، فلربما كانوا سمكاً . تقول عبيد : ❞ فلا شيء يضاهي رائحة المرض الزاكمة التي لفَّت الحَيَّ من أقصاه إلى أقصاه، وانتقلت كسلسلة مرعبة من حَيٍّ إلى آخر، في أثناء البيوت المعروشة. كانت رائحة تشبه رائحة الأسماك النافقة بأعداد هائلة، هذا ما سمعت "شَمَّا" الأهالي يتناقلونه عن تجسُّد الرائحة، رائحة هي تعرف موضعها من الذاكرة، وتعيد إلى ذهنها تلك الفكرة عن أنهم كانوا حتماً أسماكاً في مرحلة ما، وأن أجسادهم إنما هي تعود فقط إلى أصلها بعد موتهم، أو وهم في الطريق نحو الموت. ❝ اللحظة التي تفقد فيها شما الرائحة هي لحظة معاناة المرضى أقصى درجات الألم و تفسخ أجسادهم، بينما فقدت فاطمة بنت ثابت حاسة شمها حين ابتعدت عن حبيبها نجوان العبد الأسود ❞ راحت تظنُّ أنها بفقدانها للحُبِّ تفقد الرائحة، وأن نجوان لم يكن مجرَّد شخص بقَدْر ما كان محيطاً بتفاصيلها كلّها والشؤون منذ أن أدرك كلٌّ منهما فارق الجسد والمعنى بين ذَكَرٍ وأُنثى، واللذَّة في تلك التفاصيل المختلفة بينهما، رائحته التي التصقت بجسدها تماماً كما التصقت رائحتها بجسده، كأنهما تركا دمغةً أثيرية أحدهما على الآخر، حتَّى القصاصات الآتية والذاهبة بينهما، كانت مُشبَعة برائحته .. ❝ وكانت مكافأتها على تنفيذ الرؤيا التي ألهمتها نبش قبر عبد الله بن المعتز، وإلقاء جثته في نهر دجلة، أن منحت قدرات شمية غير اعتيادية. و للحلم حضور مشهدي في هذه الرواية، فشريهان تحلم برأس الخليفة الشاعر عبدالله بن المعتز، قائلا لها : " ❞ السرُّ في الأنف الأفطس، فإن غاب استقامت الحياة. ❝ ، تحمل هذه العبارة دلالات عدة، لكن شريهان آثرت تطبيقها حرفيا على رضيعتها ذات الأنف الأفطس! و شما التي حلمت بالرؤوس المعطونة المتسلخة، حتى تقاطعت رؤياها مع الواقع، فعمدت إلى ترميم الرؤوس و نحتها من الطين. بطلات الرواية مأزومات بقدراتهن الشمية الخارقة، وهن مدركات أن الانفكاك من سطوة الذاكرة لا يستقيم مع أنوفهن الشمية الخارقة، فهن محكوم عليهن أن يتذكرن أبداً ما كان، وكيف لإنسان أن يحيا و قد حرم نعمة النسيان! #رائدة_نيروخ #دائرة_التوابل #صالحة_عبيد
لا تخفى محاولة الرواية الخليجية في تقديم ما هو فريد في عالم الأدب، خصوصًا أنّها تركّز -في السنوات الأخيرة- على الإنسان وحواسه، وغرائزه وعلاقته بكل الأشياء التي من شأنها أن تجعله يحيا. فمثلًا رواية (دلشاد) حاولت أن تحتضن الإنسان وعلاقته بفسيولوجيا الجوع والشبع، (تغريبة القافر) تطرقت إلى الإنسان وعَلاقته بالماء المنهمر، علاقةٌ أكبر من مجرّد سُقيا، وهذه الأخرى (دائرة التوابل) الرواية التي ترشحت هذا العام إلى القائمة الطويلة لجائزة بوكر العربيّة تركزت حول حاسّة الشم. ولكن هل تكفي الفكرة وحدها لنسج عملًا متكاملًا يصلح بأن يكون رواية جيّدة؟ الإجابة لا.
الفكرة ليست جديدة ولعلّها مستوحاة من أعمال أدبية أخرى، (الأنف) للروسي نيكولاي قوقول على سبيل المثال، لكن الكاتبة حاولت أن تصنع جوًّا عربيّا في هذه الرواية، بين دبي ومكة والعراق، كما ستلحظ أن اللغة ستغيير حسب مكان وزمان شخصيّات الرواية. الشخصيّات بالمناسبة ليست محكمة بالقدر الكافي ولا ترسخ في ذهن القارئ لأنها ببساطة شخصيات ضعيفة، تطرقت الرواية إلى مفهوم الموت وفلسفته، أما الحبكة فكانت سيئة للغاية.
أولى قراءات بوكر لهذا العام.. أصبت على أثرها بخيبة أملٍ مبكّرة.
ولادة النص، في شكله، هي حركة حياته، وهي بالتالي زمانه الخاص" يمنى العيد.
في نص صالحة عبيد الروائي الثاني عبقٌ نادر، فمن الجليّ أن الكاتبة مسكونة برائحة بلدها، فهي هنا برأيي استكملت ما بدأته في "لعلها مزحة" من تكريس انتماءها الأصيل لتفاصيل الامارات.
هل هناك رائحة للحزن؟ هل تخيف الروائح؟ هل تكفي حاسة الشم لتجعلنا ندرك أسرار العالم كله؟ هل للدم ذاكرة؟ هل يدرك الانسان أنه ميت؟ هل يتبدد سحر انسان عندما نفهمه؟ تساؤلات مشروعة قد تمثل هواجس أحدنا، ربما كلنا في لحظة ما! توالت في فصول الرواية عبر ثلاثة أزمنة، مابين الامارات، اسكوتلندا والعراق ..
هل يمكن أن يتسلل غضبك المستعرّ إلى جيناتك فيرثهُ منك أبناءك وأبناءهم من بعدهم؟ ماذا لو أن غضبك الدائم غير المفسّر هو ما ورثته بجانب ملامحك ولون شعرك وطولك من أحد أجدادك القدماء؟ تحدّث العلماء النفسيون عن توارث الصدمات النفسية عبر الأجيال، لكن في هذا العمل وُرِّثَ الغضب كما وُرِّثت الصدمة، وليس الغضب فقط، بل حتى النار، والرائحة، والوِحدة.
في دائرة التوابل ندخل عالم الواقعية السحرية من خلال ثلاثة حكايات: أولها حكاية عبدالله بن المعتزّ الخليفة العباسيّ من القرن التاسع، وثانيها حكاية شمّا من عشرينيات القرن العشرين، وثالثها حكاية شريهان من القرن الحالي. نتنقل بين الحكايات الثلاث مع كل فصل، وكما في (لعلّها مزحة) فضلت الكاتبة أن تنقلنا لمشاهد متناثرة من حياة كل شخصية لنعايش كل مرة شعوراً جديداً، ونعيد التفكير في معنى النار ومعنى الرائحة ومعنى الغضب، ونعيد التساؤل عن الموت، ونكتشف الروابط من خلال الأحلام والملامح والمخاوف وحتى من خلال الحياد الخالي من الرائحة.
ابن المعتزّ وشمّا وأخوها عزيز كانوا أشبه بالروافد التي صبّت كلها في شريهان، لذلك كانت شريهان الحسّاسة للروائح، المستعرّة غضباً على الدوام، المفتونة بالموت. يحضر الموت بجانب الرائحة في كل فصول العمل، فكان حضوره قوياً للغاية، من هرب ابن المعتزّ الدائم منه، ومن تصادق شمّا معه، ومن افتتان شريهان وهوسها به، هذا الهوس الغريب الذي تجاوز التساؤل والفضول ليصل إلى ذلك الارتماء المُرعب فيه بسعادة. أخافتني شخصية شريهان، التي لا تشبه أبداً من سُميّت عليها بل نستطيع القول أنها نقيضها التامّ، وجدت في اختيار هذا الاسم لهكذا شخصية نوع من السخرية، وحتى السخرية تتناقض مع جديّة شريهان الدائمة وغضبها المستمر.
كنت أبحث طوال قراءتي للعمل عن التقاطع بين شخصيات الحكايات الثلاث، الرابط بين شريهان وشمّا كان بديهياً لأنهما امتلكتا ذات الموهبة الخارقة في تمييز الروائح، وذات الملامح النافرة وسط عائلة تتجانس ملامحها، كما ورثت شريهان غضب عزيز أخ شما المستعرّ، لذلك كان واضحاً خيط القرابة والدم المتصل بينهما، لكن الخيط الواصل بينهما وبين ابن المعتزّ بقيَ غامضاً حتى الفصل الأخير من العمل، حيث نكتشف أن ذاكرة ابن المعتزّ انتقلت بشكل مبهم إلى فاطمة التي كانت تتلصّص على مشهد اغتياله، وهي إحدى جدات شمّا وشريهان. هذا الخيط الواهن هو ما لم يعجبني في العمل، لم أفهم لم اختيرت شخصية ابن المعتزّ تحديداً وليست أي شخصية تاريخية أخرى يمكن أن يُربط بينها وبين الحكايتين الأخريين بخيط أكثر متانة.
عموماً وجدت في دائرة التوابل نضوجاً سردياً بعد لعلها مزحة، وأثبتت لي صالحة عبيد مرة ثانية أن الدهشة والأمل ممكنين في الأدب الإماراتي الحديث، وأنها قلم يستحق أن أقرأ له كل مرة.
مرة أخرى ، روايات البوكر العربية سواء التى فى القائمه القصيرة أو الطويلة ، ليست بتلك الروايات الرائعة، مع ذلك فالمبرر هنا موجود حيث أن هذه الرواية ليست الفائزه ، وما لها أن تكون أبدا. تعانى هذه الرواية من معضلتان اثنتان يقع فيها كتاب الروايات، الأولى هى ليس معنى أن الكاتب يمتلك لغة قوية أو بالأحرى لنقل لغة مختلفة ولها طابعها الخاص، ليس ذلك مبررا أن يطيل ويعيد ويزيد فى نفس الكلمات والمعاني مثل الطفل السعيد بإنجازة فيحكية لكل من يقابلة، الثانيه هى معضلة البداية القوية جدا ثم الإفلاس بعد منتصف الرواية ، فتصبح لا جديد يذكر ، بل إطالة بلا داعى وملل مستشرى ورغبة فى إنهاء الرواية فى اسرع وقت. ولكن هل هذا يعنى أنها رواية سيئة ؟ الإجابة لا، هى رواية كان من الممكن أن تكون عظيمة ومن الأفضل على الإطلاق ، كان من الممكن أن تكون ماستر بيس ، ولكن الكاتبة أضاعت تلك الفرصة بين إسم رواية كان من الممكن أن يكون دائرة ولكن بلا شك ليست دائرة توابل، فالتوابل ليست البطل على الإطلاق ، وبين غلاف تصميمة سئ، وبين حشو واقحام لأشياء ليس لها داعى ولا تفسير وبين خط زمنى كامل من بين ثلاثة خطوط زمنية للرواية ليس إلا حكاية طويلة لخلق شخصيتان هما نواة عائلة الأنوف المميزة . عموما وهذا رأى شخصى .. أى رواية تحتاج إلى جلسات مناقشة مطولة لتفسير أحداثها هى رواية بها شئ ناقص لم يستطع كاتبها أن يوصله مباشرة للقارئ ، وهذه الرواية واحده منهم.
"أنتَ دائرة من الدوائر في هذه الدَّوامة، دوَّامة قَدَرها أن تبتلعنا جميعاً بعد اكتمالها، لتَعاد الحكايةُ من جديد، كالدوَّامة في ماءِ طوفان نوح"
رواية صاغتها صالحة عبيد بدوائر جعلتني أعيش بين ثنايا حروفها أزمنة وأمكنة وعصور مختلفة في مثلث مترابط في زواياه الثلاث هناك ثلاث سيدات لكل منهن قصة تنقلنا من ماضً وحاضر يتشاركن نفاذ وقوة حاسة الشم التي تحفز الاحاسيس والمشاعر فالروائح هنا لها معان عميقة كرائحة التوابل التي منها ما قد يجلب الحزن ومنها ما ُيربك ومنها ما يُشعر بالغضب.. ثم لرائحة الجسد وحموضته اللاذعة المخيفة لكن ماوضع من له رائحه هل لا وجود له! رائحة الجسد قد تكون نافرة ومربكة وقد تكون محببة وقد تكون أبعد من ذلك كرائحة الأم الغريبة التي أربكت ابنتها ثم يأتي مفهوم الموت عبر رائحته و رائحة الجثث و المقابر فهل للموت رائحة؟ تقول إحدى شخصيات صالحة عن الموت " ألا تخبركِ هذه الأجساد شيئاً من الموت".
أما الغضب في احداث الرواية فهو يطفو فيسري في مجرى الدم بفورانه المدمر ذلك الغضب المتوارث من جيل لآخر.
رواية مختلفة مليئة بالرائحة عميقة التفاصيل تترك كثير من الاسئلة عن الذات، الموت والوجود عن الذكريات التي تحثها الروائح وتستنطقها سردت بلغة شاعرية متفردة رواية ابداعية .
عبدالرحمن منيف عشان يتكلم علي التحول اللي حصل في السعودية كتب مدن الملح اللي هي رواية من أكتر من ألفين صفحة مثلا ويعني من غير مانوصل لمستوي عبدالرحمن منيف ، عندنا بشري خلفان لما كتبت عن مرحلة معينة في تاريخ عمان كتبت دلشاد ومكفاش معاها 500 صفحة فقررت تعمل جزء تاني فإنك تيجي تقولي إنه هنناقش مراحل من تاريخ الأمارات في رواية من روايات البوكر مكملتش 200 صفحة وهتناقش ده من خلال التوابل والروائح فلا معلش انا مشتريتش خالص الرواية عبارة عن رغي مركب من خلال مجموعة قصص المفروض إنها مترابطة بنتكلم علي خواطر نسائية تحررية وبنعيد للمرة المليون أفكار واحدة ست عن المجمتع الشرقي الذكوري الظالم للمرأة وبنزنق في أول كام صفحة موضوع مضاجعة الغلمان وكأننا في نتفلكش ومركزتش معاها بعد كده لو جابت ناس سود ولا لأ ومعرفش الصوابية وصلت الروايات العربي امتي الصراحة المجمل العام للرواية في رأيي تعبان للغاية ، يعني يمكن ينفع الجماعة بتوع النقد الأدبي لكن ميعملش اطلاقا رواية ممتعة تحب تكملها او تتكلم عنها بعد كده باختصار رواية بوكر يعني لا أكثر ولا أقل
دائرة التوابل، أو كما يحلو لي أن أسمّيها "دوامة التوابل".
أول عمل أقرأه للكاتبة وحقيقة لا أعلم شعوري تجاه هذا الكتاب بالتحديد، هو ولع بمفرداتها وطريقة دمج الكلمات وسردها الجميل، اللغة راسخة ولكن.. هناك بعض المواضع التي شعرت فيها بملل يجعلني أضع الكتاب جانباً واستكمل قراءته بعد حين، وهناك مواضع لا أستطيع إلا أن ألتهم الصفحات دون أن أشعر.
بالرغم من الحكاية الغريبة والجميلة في آن والتي تتخللها الكثير من الألغاز والغموض الذي سيتكشّف أخيراً، إلا أن هناك بعض العبارات التي استفزّتني وخاصة التي تتحدث عن الرب، لن يكون الأدب محلاً للعب والتسكّع في هذا الموضوع أبداً، هذا الأمر لا يجب أن يتم المساس به بهذه الطريقة، ولو كان الهدف هو المعرفة والفوز بالجائزة!.
حقيقة لا أستطيع تحديد رأيي بالكتاب ككل، جميل وحبكته مُلغّزة ما يجعله عملاً من الممكن أن يكون عظيماً، ولكن بشكل ما كنت أشعر بثقل وأنا أقرأه، شعور كئيب ولأول مرة أنتهي من كتاب ولا أبتسم.
❞ الحكمة في الأبيات تكشف عن إدراك مطمئن إلى النهاية ❝
ثلاث حكايات في واحدة تربط بينهم أبيات شعرية وحاسة شم أقوى من المعتاد.. والإضطرابات النفسية التابعة لها.. حاسة توارثتها الأجيال.. أكانت نعمة أم نقمة على العائلة..
شريهان التي ربطت ثقتها بالأشخاص برائحتهم وشما التي لم تصدق حدسها.. وفاطمة التي رأت المنام.. وما علاقة حكايتهم بعبدالله بن المعتز بن المتوكل..
شريهان التي سمّتها والدتها تيمناً بالفنانة المصرية علّها تأخذ من دقة أنفها شيئاً ❞ كان لاسمها ثقلٌ آخر، تشعر به مضاعِفاً ثقلاً فوق ثقلها، ❝.. لتشعر بأنها مزيفة بقية حياتها.. وتحسب أن الحقيقة تركن بجانب الأموات ❞ كان من الغريب أنها فكرت بأن نجاتها، ستكون في المكان الذي يتجنبه الجميع: المقبرة ❝.. لتستولي على عقلها تساؤلاتها عن الوجود والموت والحياة وماذا بعد كل هذا ❞ ما كان يعنيها في حقيقة الأمر هو شيء آخر كلياً، كانت تريد أن تكتشف سر التلاشي، وأثر الخفة الذي قد يهديها إلى مفتاح ما، تفتش في الموت عن "الموت" ولا شيء آخر ❝..
شما أول من حصلت على هذه الملكة من النساء في العائلة التي كان من المفترض أن يحصل عليها أخيها عزيز ليختفي الأخير في ظلال الأولى.. لتبدأ الملكة التي تميزت بها العائلة بالتحول إلى لعنة..
❞ تشعر دائماً بأنها لا تستطيع أن تثق بأيِّ شيء سوى ما تجلبه الرائحة من مشاعر، إنها تحسُّ من خلالها، وقد تتجلَّى الأمور أحياناً لتشعر بأنها ترى مِن خلالها أيضاً ❝
دائرة التوابل رواية أربكتني ولم أستطع فهمها بالبداية.
من المرات القليلة التي أقيم فيها رواية ما بخمسة نجوم كاملة، ولكني قد أسرت بسحر هذه الرواية الخاص، هل قرأت من قبل رواية لها مذاق ورائحة؟ هل ميزت من قبل رائحة الموت أو رائحة الخوف أو رائحة الحب؟ هل للحب رائحة أصلًا؟ أكتب مراجتي تلك والرواية مرشحة في القائمة الطويلة لجائزة البوكر العالمية للرواية العربية، أتمنى من كل قلبي أن تحصد تلك الرواية المختلفة كثيرًا لتلك الكاتبة المميزة جدًا الجائزة لأنها حقًا تستحقها، وإن لم تصل الرواية إلى القائمة القصيرة على الأقل فقد ابدأ بالتشكيك في نزاهة هذة الجائزة.