اقتباسا عن النيل و الفرات : " مصنف هذا الديوان شاعر طبقت شهرته الآفاق وذاع صيته في المشرق والمغرب، وقرأ ديوانه ألوف القراء والمهتمين، أما لماذا كان هذا الشاعر فذلك لأن مراحل حياته وشبابه على قصرها، عملت على تضخيم تجربته الشعرية وتدفقها وازدهارها، وأطلقته من حدود البيئة الضيقة إلى آفاق إنسانية أوسع وأرحب. وقد لا يعرف الكثيرون من قراء شعر أبي القاسم الشابي أن له رسائل لا تقل أهمية عن قصائد ديوانه، وربما كان لهذا السبب اختيار المحقق له لأن في الرسائل المرفقة بهذا الديوان ما يلقي الضوء على حياة الشاعر التي كانت قصيرة جدا بعدد سنواتها ولكنها كانت مليئة بالمعاناة الكبيرة بسبب المرض الفتاك الذي أصابه في ربيع شبابه وجعله قلقا حزينا من التفكير في أنه سيموت قبل أن يؤدي رسالة الدنيا التي يحس أنه لم يخلق لغيرها في هذا العالم. "
تلقى تعليمه الأولى في الكتاتيب القرآنية كما تلقى عن أبيه أصول اللغة العربية ومبادئ العلوم وفي عام 1921 توجه إلى تونس العاصمة حيث التحق بالكلية الزيتونية ليتخرج منها عام 1927 ومن هناك إلى كلية الحقوق . وخاض الشابي معارك الشباب في هذه المرحلة لإصلاح مناهج التعليم وساعد في تأسيس جمعية الشبان المسلمين والنادي الأدبي في تونس . وفي عام 1929 توفي والده ليثير ذلك صدمة عنيفة في نفسية الشابي قلبت حياته وقصائده إلى يأس وألم جارفين إلى أن اغتاله الموت شاباً بدائي القلب والصدر وهو على أعتاب عامه الخامس والعشرين . كان من الشعراء الذين تغنوا بالمستقبل وآمنوا بالتجديد ورفضوا الجمود والتقليد وسكبوا ذاتهم في واقعهم الاجتماعي فهو يتغنى بالحياة والفن والوطن والطبيعة والثورة وتزخر قصائده " صلوات في هيكل الحب " ونشيد الجبار" و" أغاني الرعاة " و " تحت الغصون " وغيرها من القصائد بنزعة تأملية تجعله يعود مراراً إلى نفسه ومعنى ذلك أن الشابي حينما بعود إلى نفسه لابد وأن يتأمل واقعه الاجتماعي وقد تستبد به حالات اليأس والغربة غير انه سرعان ما يعود إلى هذا الواقع من خلال تجاربه الذاتية وتبعاً لذلك تكون رومانسيته داعية إلى التغيير
إِنَّهُ الجمالُ إذ يُطلق لنفسِهِ العِنانْ و هي العُذوبةُ تختالُ مُرتديةً أبهى الحُلل، أبو القاسِمْ، لا أدري أصحيحٌ فعلاً أنّ قلبكَ كان سقيماً ! و هل توحي العِلَلُ للقلوبِ هذا السحر و تِلكَ المكامِنْ ، آهٍ يا الهي، إنّهُ الفيلسوفُ الحزينُ يحمِلُ دموعَهُ و فكرهُ زادا و هو العاشقُ الجذلانُ يسيرُ و يغدو جَنانهُ له جلبابا... تحليقٌ في سقوفٍ سماوية و غوصٌ في أعماق الإنسانية... تلك الإنسانيةُ بضعفِها و أنكسارها و غرورها و حُبورها معاً ... هو تارةً طائرٌ في هذا العالم يتأملُ في الحياة و معناها و يتدبرْ، و هو في تارةٍ أخرى يغوصُ في أعماقِ نفسِهِ المعذبةِ و يتذمرْ، و هو بينهما ذلك الشاعرُ المُجيدُ الفنانُ يرسُمُ بريشتِهِ أجمل الصور الشعرية. أمّا رسائِلُهُ فهي مجموعةٌ من المُراسلاتِ بينَهُ و صديقَهُ الأديبْ محمد الحليوى و هي إِذْ تُقرأ فهي تكشِفُ جُزءاً من يومياتِهِ و أخبارِه و عظمةِ هذِهِ النفس المسؤولةِ الشاعِرة الطموحةِ بتغيير نفسِها و بلدِها للأفضل الغيورةِ كثيراً على مصير الأدب العربي، و إضافةً الى هذا فهي تضربُ لنا مثالاً رائِعاً في الصداقةِ و المودةِ و الإخاءْ... __________________________ أمّا إذا خمدت حياتي، و انقضى// عُمُري و أخرستِ المنيةُ نائي وخبا لهيبُ الكونِ في قلبي الذي// قد عاش مثل الشعلةِ الحمراءِ فأنا السعيدُ بأنني متحولٌ// عن عالم الآثامِ و البغضاءِ لأذوبَ في فجر الزمان السرمدي// و أرتوي من منهل الأضواءِ _______________________ عش بالشعورِ و للشعور فإنما//دُنياكَ كونُ عواطفٍ و شعورِ شيدت على العطف العميقِ و إنّها// لتجفُ لو شيدت على التفكيرِ _________________________ كُنتُ إذ ذاك على ثوب السكونْ / أنثرُ الأحلامْ و الهوى يسكُبُ أصْداءَ المنونْ /في فؤادٍ فانْ ساكِتاً مِثْلَ جميعِ الكائناتْ / راكِدَ الألحانْ هائمٌ قلبي بأعماق الحياة / تائهٌ حيرانْ __________________________ و أُعلِنَ في الكونِ أن الطموحَ لهيبُ الحياةِ و روحُ الظفرْ إذا طمحتْ للحياةِ النفوسُ فلا بدّ أن يستجيبَ القدرْ! ____________________________
يتباهون برامبو وبأنه كتب شعره وتوقف عند الثامنه عشر عندنا الشابي أعظم وأجمل وعبقريه توقفت عند الرابعه والعشرين ولكن لا يوجد عندنا من يسلط الضوء عليه هذا الشاب معجزه باللغه العربيه ساحر عظيم فخم مبدع عبقري مدهش ألخ ألخ ألخ ألخ
عندما ابدا بقراءة قصائده اقرا بلا توقف تحدث عن الظلم عن حب الحبيب وحب الأم وشكواه لليل وذكرياته الصباحية احببت " احلام شاعر " و " قيود الاحلام " " يا ابن امي " " انا أبكيك للحب " والكثير الكثير
الفترة الزمنية التي لم تتجاوز (25) عامًا كانت كافية أن تجعل اسمه في أول الذكر عن الحديث عن التجربة الشعرية في الشمال الإفريقي ولا أقول دول المغرب العربي فقط أو تونس ما بعد ديوان أغاني الذي أعتنى بإخراجه بعض أفراد أسرته سنة (1955) ثم كانت طبعة دار العودة وبها إضافات عنما سبقها وقد أحسنت دار العودة بإخراجه بذلك الشكل المتكامل وهى الدار التي كانت تولي إهتمامًا خاصًا با لشعر والإصدارات المتميزة
فيما بعد بدأت الإصدارات تتوالى علي طبع ديوانه وهو مثال حي لتجربة مدرسة أبو اللو التي قادها أحمد زكي أبو شادي ولم يكتب لها المضي قدمًا غير ثلاث سنوات كان الشابي أحد أبرز وأخطر شعرائها
استطاع الشابي أن يجعل من شعره مدرسة شعرية تجذب الكثير من الشعراء الذين فتنوا بشعره واسلوبه الجميل في نهوض الشعب والأمة ومقاومة الظلم خصوصًا ذلك الذي نصنعه بأنفسنا كطواغيت نجملهم بصنعة خوفن
إنه الشابي صاحب الشاعريّة الدفّاقة والخيال الرحيب.. شاعرٌ له لغته الخاصة التي ميّزته عن غيره من شعراء عصره ،وحتى شعراء اليوم..لم يترك قلمه للمدح أو الهجاء أو أي صنف من صنوف الشعر القبيح..بل إن لشعره رسالةٌ نبيلة حاول جاهداً أن يوصلها وهي الإرتقاء بالأدب وتنوير عقول الناس واستنهاضهم عن طريق الكلمة الراقية المؤثرة..ورغم مشواره القصير في الحياة فقد ترك بصمةً بارزة في تاريخ الشعر العربي..عاش مُخلصاً لفنِّه وقضيّته فأخرج لنا أجمل ما عنده من كنوز الكلمات...
" الشعر ما تسعمه و تبصره في ضجة الريح و هدير البحار و في نسمة الورد الحائرة يدمدم فوقها النّحل و يرفرف حولها الفراش وفي النغمة المردّدة يرسلها الفضاء الفسيح "
ديوان شعر جميل جداً، مع مقدمة وشرح لشخصية أبي القاسم الشابي كان رائع تقديم وشرح مجيد طراد لقد قام بكتابة معاني كلماته وليس فقط ترجمه حرفيه ،رسائله كانت الجزء الأضعف بالنسبة لي…لوكان هناك تنوع بالرسائل والمرسل اليهم أظن كان بيكون افضل، ولكن كانت مفيدة في جعلنا نرى ان الشابي كان حتى برسائله بليغ ومتقن لتعبير عما بداخله. شخصية الشابي بها جوانب إيجابية وسلبية ولكنها شخصية ادبية عظيمة
وقفت حائرة هل أنا مؤهلة لانتقاد شعر أبي القاسم الشابي؟
مقتطفات من الديوان: -سأعيش رغم الداء والأعداء. كالنسر فوق القمة الشماء -ومن المدامع ما أراح النفس من عبء الهموم -وقالت لي الأرض لما سألت: أيا أم هل تكرهين البشر؟ أبارك في الناس أهل الطموح ومن يستلذ ركوب الخطر وألعن من لا يماشي الزمان ويقنع بالعيش عيش الحجر هو الكون حي يحب الحياة ويحتقر الميت مهما كبر -عجبا لي أود أن أفهم الكون. ونفسي لم تستطع فهم نفسي
هناك أحزان تصلنا بطريقة خفيفة لا تأثر بنا سلباً ، إنما حزنه وتشاؤمه كان ثقيل ثقيل جداً ، لم تعجبني بعض الفاظه وسوداويته المُزعجة وتجاوزتهِ الكثيره للاسف عند حديثه عن الحياة ومع الله كنت أحب اشعاره التي اقرأها هنا وهناك قبلاً ولم أعلم بأنني سأكره الكثير منها و جزءً من الكتاب عند شراءه أوأندم قليلاً ، رغم عدم خلوه من أسطر جميلة خاصةً قسم الرسائل ، أحببتها أكثر من الاشعار ولمستُ بها حميمية رغم المعاناة في قلبه ...
( الشعرُ ما تسعمه و تبصره في ضجةِ الريحِ و هديرِ البحار و في نسمة الورد الحائرة يدمدم فوقها النّحل و يرفرف حولها الفراش وفي النغمة المرددة يرسلها الفضاء الفسيح )