نبذة موقع النيل والفرات: إن العالم على ما يتشكل في عصر العولمة، في يومنا هذا، يخضع لتحولات إنقلبت معها القيم والمفاهيم، وانفتح المجال لنشوء سياسات فكرية وممارسات معرفية تجاوزت ما كان سائداً، بالإضافة إلى ذلك، فالعولمة كثورة تقنية أنتجت تآكل الحدود بين الدول، وعممت التبادلات بين البشر على المستوى الكوني، والغرب الذي يقود مسيرة البشرية هو السباق إلى خلق الظاهرة وإدارة عملياتها، الأمر الذي قد يولد المزيد من التفاوت في الثروة والقوة والمعرفة بين المجتمعات الغربية وبقية المجتمعات وفي هذا الكتاب يدعو علي حرب إلى عدم إنكار ذلك أو إغفاله أو رفض العولمة أو حتى التصفيق لها، بل إنه يطرح حلاً لذلك من خلال فكرة ابتكار المعادلات الوجودية والصيغ الحضارية، التي تمكن أصحابها من شغيل عقولهم وتسوّس هوياتهم وإدارة واقعهم، بصورة يحولون بها مواردهم ومعطيات عصرهم إلى طاقات غنية ومشروعات مثمرة. يطرح المؤلف فكرته على بساط البحث هدفه من وراء ذلك عمل ما يمكن فعله لمجابهة تحدي العولمة، ولمغادرة مواقع الهامشية إلى نحو يتيح للفرد اجتراح معجزته، وإثراء ثقافته، والمساهمة الفعالة في عملية إنتاج المعنى والقيمة، أو المعرفة والسلطة، أو الثروة والقوة.
كاتب ومفكر علماني لبناني, له العديد من المؤلفات منها كتاب نقد النص و هكذا أقرأ: ما بعد التفكيك ويعرف عنه أسلوبه الكتابي الرشيق وحلاوة العبارة. كما أنه شديد التأثر بجاك دريدا وخاصة في مذهبة في التفكيك.
وهو يقف موقفاً معادياً من المنطق الصوري القائم على الكليات العقلية التي يعتبرها علي حرب موجودات في الخارج وليست أدوات وآليات فكرية مجردة للنظر والفكر. فهو يتبع منهج كانط في نقد العقل وآلياته وبنيته الفكرية.
كتاب لطيف، موضوعه هو نقد الثقافات المغلقة التي تشعر بالعداء من العولمة. وبذلك هو يحاول أن يقول باختصار أن الثقافات الضعيفة تخشى العولمة، بينما الثقافات القوية تستغل القوية لتضيف إليها ولتزداد قوة هي الأخرى. بالعموم لا أعتقد بأن الكتاب فلسفي أو ذو تأصيل فلسفي، إنما هو أقرب إلى أن يكون فضفضة وحلطمة مثقفين :)
لا شك أن الوسائط الإعلامية، قد بلغت درجة من التطور والتعقيد والتأثير، ما يجعلها تتصدر الواجهة وتطغى على المشهد. وثمة من يقول اليوم بأن السلطة الإعلامية باتت هي السلطة الأولى. بالطبع للحدث الإعلامي مفاعيله ونتائجه، كأي حدث آخر: إنه يصدم المسلمات ويزعزع البداهات المستقرة في العقول. غير أن مجابهة الحدث لا تكون بنفيه، بل بقراءته وتشخيصه. فلا مجال للعودة إلى الوراء، وإنما الممكن والمجدي هو أن نفكر انطلاقًا من الحدث الإعلامي، بإعادة النظر في البداهات التي ينبني بها الوعي، والنماذج التي تصنع المخيال، والمعايير التي تنظم الوجود المجتمعي. إن هذا الحدث يغير علاقتنا بكل شيء، بما في ذلك الإنتاج الثقافي نفسه. من هنا لم يعد بوسع المثقف أن يمارس وكالته الفكرية عن المجتمع أو وصايته الخُلقية على الناس. فالمثقف هي في عصر الوسائط وسيط بين الناس، يسهم في خلق وسط فكري أو عالم مفهومي أو مناخ تواصلي، أي ما من شأنه أن يزيد المجتمع من إمكانات التواصل والتبادل والتعارف. أما الدور النخبوي التحريري أو التنويري، فقد أنتج التفاوت والاستبداد والاصطفاء والعزلة عن الناس والمجتمع. وبالإجمال لم تعد النماذج الأنسية السائدة منذ عصر التنوير تفي بقراءة ما يحدث. بل هي تستنفد طاقتها وتفقد مصداقياتها، بما فيها هذا النمط الذي يمثله المثقف. فمع استنفاد عالم الحداثة تنتهي أشكال أنسية متوارثة ونماذج ثقافية مسيطرة ومهما تاريخية طوبائية، لكي تنشأ أشكال ونماذج وأدوار جديدة تطوي القديمة وتستوعبها في صيغ جديدة للعمل التاريخي وللفعل الثقافي. ما أراه ممكنًا الآن هو العمل على ابتكار إنسانية جديدة تتيح لنا أن نوازن بين الثقافة والحضارة، بين القيمة والأداة، بين الفكر والوسائط، بين المعنى والسلعة، بين الإنسان والطبيعة
نعيش كبشر في صيرورة تاريخية من قيام حضارات وأفول أخر. وفي كل حقبة زمنية تحيا بموت حضارة حضارة أخرى، تبرز وتهيمن على جميع حضارات العالم قاطبة ، بالعلم و العمران،أو بالقوة السياسية والعسكرية.
هذا مايحاول على حرب تحليله واستقراءه؛ فمع تربع الحضارة الغربية على عرش الحضارات، عن طريق نتاجها العلمي والصناعي والعسكري. تمخض عن ذلك فرض لقيم ومفاهيم غربية على سائر العالم ؛ ومن هذه المفاهيم هي العولمة.
يقف علي حرب مدافعا وحامي عرين العولمة مناوئًا بذلك غالبية مثقفي النخب العربية، ويحاول قراءة العولمة ((بلغة مفهومية وصوغ الأحداث صياغة معقولة ، أو سرد العالم بصورة عقلانية)) عوضا عن من يهاجمون العولمة ؛ والذين هم يقرأون العولمة بصورة نضالية أيديولوجية على حد تعبيره.
من أهم المعضلات التي ينادي بها منتقدوا العولمة هي الهوية ومآلاتها في ضل هذه الثورة الاتصالية التي تحاول إلغاء الخصوصية الثقافية وتحويل العالم إلى ثقافة واحدة!
ولكن يرد علي حرب على هذه الإدعاءات ((بأن العولمة لا تعني ذوبان الهوية ، إلا عند ذوي الثقافات الضعيفة )). وهو ينفي دفاعه عن العولمة أو تصفيقه لها ولكن يطالب بقراءتها قراءة عقلانية بحيث نستفيد منها في عالمنا العربي في محاولة إنتاج فكرة أو سلعة أو آلة تساعدنا على الرقي والازدهار ،وتصدير هويتنا ألعالم بدلا من الإنشغال بنقدها.