Jump to ratings and reviews
Rate this book

بناة العالم #1

بناة العالم الجزء الأول: هولدرلن، دوستويفسكي، بلزاك

Rate this book
يقدم الكاتب "ستيفان تسفايج" فى كتابه "بناة العالم" علماء وأدباء تركوا بصمات واضحة على الآداب والفنون ، فالكتاب مزيج بين السرد الروائى واللغة البحثية ، وهذا هو الجزء الأول الذى خصصه "ستيفان تسفايج" لثلاثة شاءت أقدارهم أن يكونوا علامات بارزة فى القرن التاسع عشر ، "هولدرلن" القادم من قرى العصور القديمة فى "لاوفن" الألمانى المرهف الذى شغله الحنين إلى الوطن دوماً الذى دخل القرن التاسع عشر وهو فى الثلاثين من عمره فكانت السنوات الأخيرة الحافلة بالآلام قد أكملت منه أكبر أعمالها..
والثانى فهو "دوستويفسكى" الذى يأخذ الحديث عنه بعداً آخر ، فله سحر خاص ، وأعماله مترعة بالأسرار ، يقوم عالمه بين الموت والجنون ، بين الحلم والواقع ، كان وحيداً بائساً تحول إلى أسطورة يشع كيانه معنى خالداً ، إنساناً وأديباً وسياسياً.
أما الثالث فهو "بلزاك" الذى شهد انقلاباً هائلاً فى القيم المعنوية والمادية على حد سواء داخل مجتمعه ، بدأ الكتابة فى حجرة مهجورة ، فيكتب رواياته الأولى تحت اسم منتحل ، كانت شخصياته تمثل خلاصات ، وعواطفه عناصر نقية ، يحاول أن يصلح ما فسد من حوله من خلال أعماله..

335 pages, Paperback

First published January 1, 2003

6 people are currently reading
606 people want to read

About the author

Stefan Zweig

2,250 books10.5k followers
Stefan Zweig was one of the world's most famous writers during the 1920s and 1930s, especially in the U.S., South America, and Europe. He produced novels, plays, biographies, and journalist pieces. Among his most famous works are Beware of Pity, Letter from an Unknown Woman, and Mary, Queen of Scotland and the Isles. He and his second wife committed suicide in 1942.
Zweig studied in Austria, France, and Germany before settling in Salzburg in 1913. In 1934, driven into exile by the Nazis, he emigrated to England and then, in 1940, to Brazil by way of New York. Finding only growing loneliness and disillusionment in their new surroundings, he and his second wife committed suicide.
Zweig's interest in psychology and the teachings of Sigmund Freud led to his most characteristic work, the subtle portrayal of character. Zweig's essays include studies of Honoré de Balzac, Charles Dickens, and Fyodor Dostoevsky (Drei Meister, 1920; Three Masters) and of Friedrich Hölderlin, Heinrich von Kleist, and Friedrich Nietzsche (Der Kampf mit dem Dämon, 1925; Master Builders). He achieved popularity with Sternstunden der Menschheit (1928; The Tide of Fortune), five historical portraits in miniature. He wrote full-scale, intuitive rather than objective, biographies of the French statesman Joseph Fouché (1929), Mary Stuart (1935), and others. His stories include those in Verwirrung der Gefühle (1925; Conflicts). He also wrote a psychological novel, Ungeduld des Herzens (1938; Beware of Pity), and translated works of Charles Baudelaire, Paul Verlaine, and Emile Verhaeren.
Most recently, his works provided the inspiration for 2014 film The Grand Budapest Hotel.

Ratings & Reviews

What do you think?
Rate this book

Friends & Following

Create a free account to discover what your friends think of this book!

Community Reviews

5 stars
21 (33%)
4 stars
15 (23%)
3 stars
21 (33%)
2 stars
3 (4%)
1 star
3 (4%)
Displaying 1 - 13 of 13 reviews
Profile Image for Sawsan.
1,000 reviews
January 17, 2020
هولدرلن ودوستويفسكي وبلزاك, ثلاث شخصيات مهمة في تاريخ الأدب ساهمت أعمالهم في إثراء الحياة الأدبية والثقافية
ستيفان زفايج يقدم دراسة وافية وتحليل دقيق لأعمالهم وإبداعاتهم
يعرض الحياة الشخصية لكل منهم وملامح من الأحوال السياسية والأدبية في الفترة التي عاشوا فيها وأثرها عليهم

موضوعات قصائد هولدرلن وأثر نشأته وفكره على قصائده, وعلاقته بالشعراء في عصره
بلزاك ورسمه للحياة الواقعية وتقديم ظواهر وقضايا جديدة في رواياته التي أطلق عليها مُسمى "الكوميديا الانسانية"
تحليل للأفكار والشخصيات في روايات دوستويفسكي, وقدرته على تصوير النفس الانسانية
يقول زفايج في بداية الجزء الخاص به
"من الأمور الصعبة المنطوية على المسئولية أن يتحدث المرء عن دوستويفسكي, لأن اتساع مداه وجبروته يقتضيان مقياسا جديدا, ستكتشف شيء لا حدود له, كوناً له كواكبه الدوارة الخاصة به, وموسيقاه التي تتردد في أجوائه".

اللغة تجمع بين لغة الباحث والروائي, وواضح جدا الاهتمام والجهد المبذول في بحث كل شخصية منهم وتتبُع وفهم أعمالهم.
Profile Image for Yara Yu.
595 reviews745 followers
September 4, 2020
بناة العالم

هي ليست تجربتي الأولي مع زفايج فقد قرأت له العديد من الروايات التي لا تتعدي المائة صفحة ولكنها كانت كفيلة بجعله من كتابي المفضلين بأسلوبه المبدع وقدرته علي التعبير عن النفس البشرية .. ولكن هنا تجربة مختلفة ومميزة فهي المرة الأولي التي أقرأ له كتاب طويل يقدم زفايج فيه دراسة تحليلية عن ثلاثة من الشخصيات المهمة في عالم الأدب .. نشأتهم وأعمالهم وابداعهم في هذا المجال
Profile Image for Safa Dalal.
533 reviews87 followers
February 28, 2021
"ويتنهد قائلا: إني لأصمت وأصمت وهكذا يتراكم علي عبء.. لابد أن يغشى عقلي بالظلام على الأقل على نحو لا يقاوم"
جميل أن أقرأ لكاتب يرى العالم قام على أكتاف الأدباء، وأي انصاف أكثر من ذلك. ولأنني عشت مع كتب دستويفسكي فترة لا بأس بها من حياتي وجدت جزءه هو المفضل لدي، أحببت حديثه وكيف يرى الأدباء، في أحيان قليلة كنت أشعر بعبثية الكتاب لأن رأي الناس ببعضها لا يهمني، فأفضل أن أقرأ للكاتب لا عنه، وفي أحيان أخرى أجد أنه من الجميل أن ترى الناس بعيون بعضهم وبمرايا كلماتهم، وهكذا تأرجحت كفتا الميزان طالما كنت أقرأ.

يقول عن الله ودستويفسكي:
"ويقول ذات مرة إن الله عندي ضروري لأنه الكائن الوحيد الذي يستطيع المرء أن يحبه دائما، ويقول في مرة أخرى: لا يوجد خوف عند الإنسان أكثر استمرارا وتعذيبا من العثور على شيء ينحني أمامه. ويعاني من هذا العذاب الرباني ستين عاما..
ويحب الله مثلما يحب كل ألم من آلامه".
Profile Image for أحمد الدين.
Author 2 books52 followers
June 30, 2019
كتاب ممتاز، قرأت الجزء الخاص بدوستويفسكي فقط، وهي أكثر من نصف الكتاب، لم أجد أبداً فهم أعمق لأعمال دوستويفسكي مما قدمه تسفايج في هذا الكتاب، وكذلك الترجمة ممتازة وسلسلة بطريقة لا توصف، أعتقد أن أي مهتم بأعمال دوستويفسكي أو بالنقد الأدبي يجب أن يقرأ الكتاب بتمعن شديد
Profile Image for Arakah Mushaweh.
97 reviews652 followers
June 20, 2014
تحفة فنية لا تكفيها القراءة مرة واحدة
Profile Image for Helmi Chikaoui.
444 reviews119 followers
September 25, 2021
وإذا فلم يكن ثمة طاقة جزئية، موهبة شعرية منفردة وحدها، حددت مصير هولدرلن شاعرأ بصورة مسبقة، وإنما حدد مصيره القدرة على تركيز روحه كلها في حالة مصعدة ، إنها تلك القوة الوحيدة المتمثلة في الهرب من الدم، ومن الأعصاب، وما هو حسي، ومن المعاناة الشخصية الخاصة، وإنما يصدر ذلك فيه عن نوبات من الحماسة الفطرية، عن شوق أصيل إلى عالم علوي لا سبيل إلى بلوغه. فليس هناك حافز شعري واحد عنده ، لأنه يري الكون كله رؤية شعرية. ويبدو له العالم كله ملحمة بطولية هائلة، وكل ما يتناوله من هذا العالم بالوصف . من منظر طبيعي، ونهر، وإنسان، وشعور . يتخذ سيماء البطولة على الفور وبلا شعور. فالأثير عنده "أب"، بمقدار ما يجد فرانسیسکوس، "الأخ"، في الشمس والينبوع والحجر ينفيحن له، كما كن ينفتحن للإغريق شفة تتنفس ونغما أسيرا. بل إن أكثر الأشياء. التي يتناولها بالكلمة الإيقاعية. جفافأ، تتخذ بصورة تكتنفها الألغاز روح ذلك العالم الأفلاطوني، وتغدو شفافة على الفور، وترتعد ارتعادة إيقاعية، وفي طاقة ضوئية للغة ليس بينها وبين طاقة لغة الحياة اليومية الموضوعية من شيء مشترك إلا شكل اللفظة: فثمة بريق جديد على كلمته کندى الصباح على مرج، إنه شيء لم تشهده عين بشر. ولم تكن القصيدة قط في الأدب الألماني قبله، ولا بعده مجنحة إلى هذا المدى البعيد متساميا إلى هذه الدرجة عن الأرض. ولذلك تظهر كل الكائنات فيها كما يراها المرء في الحلم، متحررة من قوة وزنها بصورة مبهمة، وكأنها أرواح وجودها: ولم يتعلم هولدرلن قط (وهذه عظمته وهذا ضيق مجاله) كيف ينظر إلى العالم، بل كان يحوله دائما إلى شعر.
وهذه القدرة العظيمة على التحليق الداخلي في القوة الوحيدة عند هولدرلن وهي ألصق خصائصه بنفسه؛ فهو لايدخل قط العالم السفلي، الخليط، ولايتناول الجانب الأرضي اليومي من الحياة ، بل يدفع بنفسه مجنحا نحو عالم أعلى (هو الموطن عنده). إنه لايملك الواقع، ولكن له جوه الخاص وهو العالم الآخر ذو الجرس الجميل، إنه يطمح دائما إلى الأعلى:
أيهذي الألحان فوقي، أيهذي الألحان اللامتناهية،
إليكن أسعى، إليكن.
ويدفع بنفسه دائما، كما يندفع سهم من قوس مشدود ، نحو السماوي، نحو اللامرئي. أما أن طبيعة كهذه كان لابد لها أن تظل على الدوام متوترة، بل في حالة خطيرة من التوتر الزائد المثالي، فذلك أمر تشهد به أولى الروايات. فشيللر يلاحظ على الفور هذا العنف في الاندفاعات، وهو يلوم هولدرلن أكثر مما يعجب به، ويأسف لما به من نقص في الثبات والصلابة، ولكن تلك "الحماسات التي لاتوصف، حيث تموت الحياة الأرضية وينعدم الزمان وتتحول الروح المتحررة من الأغلال إلى رب"، هذه الحالة من الذهول التشنجي، تمثل عند هولدرلن العنصر الأصلي. إنه "المد والجزر أبدا، ولا يستطيع أن يكون شاعرا إلا بكل طاقته الروحية المركزة. وهو يفعل ذلك بلا إلهام، فهولدرلن في ساحات التفكير الموضوعي من حياته أفقر الناس وأكثرهم قيودا وأشدهم إظلاما، وهو في الحماسة أكثر البشر نعيما وأكثرهم حرية.
على أن حماسة هولدرلن هذه هي في الحقيقة حماسة لا مادة لها. فمحتواها يشبه حالة الحماس نفسها. إنه لايدخل في حالة إلا عندما يتغنى بالحماسة، فهي عنده ذات موضوع في الوقت نفسه، وهي غير ذات صورة لأنها تمثل الغزارة القصوى، وليس لها محبط لأنها تنتمي إلى الأبدي وتعود لتنصب فيه: فحتى عند شيللي، وهو أقرب روح غنائية إليه، تبدو الحماسة أقرب إلى الارتباط بالأرضي، فالحماسة تحدد هويتها عند شيللي مثل اجتماعية، وبالإيمان بحرية البشر، بتطور العالم. أما حماسة هولدرلن فتذهب كالدخان في السماء متلاشية بسرعة كل التلاشي. إنها تصف نفسها إذ تستمتع بنفسها، وهي تستمتع بنفسها عن طريق الوصف. ولذلك يصور هولدرلن على نحو متواصل، هذه الحالة الواحدة الخاصة به، فقصيدته نشيد لايتوقف، إلى الخصب وشكوی تهز الفؤاد من العقم؛ لأن "الآلهة تموت عندما تموت الحماسة". ويظل الشعر عنده مرتبطا بالحماسة ارتباطأ لاتنفصم عراه، كما أن الحماسة لاتستطيع أن تتحرر إلا في النشيد: ومن أجل ذلك فهي تمثل خلاص الفرد كما تمثل خلاص البشرية. "أيها المطر الآتي من السماء، أيهذي الحماسة! لسوف تعودين إلينا بربيع الشعوب من جديد"، بهذا يتحدث بطله هیبریون متحمسا. أما إمبدوقل فلا يكشف عن شيء آخر سوى التناقض الفظيع بين الشعور الرباني (أي الخصب) والشعور الأرضي (أي التفاهة). ومن تلك القصيدة المأساوية نستطيع أن نتبين لون الإلهام الخاص به بصورة تامة وواضحة. فالحالة الأصلية لكل خصب هي شعور النظرة الداخلية الغائم الذي لا سعادة فيه ولا ألم؟ إنه شعور الحلم الهاجس
الغني يسير وتيد الخطا
في عالمه الخاص، ويمضي في سكون الآلهة الهادئ
بين أزهاره، وينتاب النسائم الخوف
من تعكير صفو ذلك السعيد. إنه لايحس بالعالم المحيط به: فمنه وحده تنبجس قوة الاندفاع الخفية:
العالم يسكت تجاهه، ومن تلقاء نفسها
تنمو الحماسة في متعة متصاعدة
متعالية، إلى أن تنبثق الفكرة من ليل الافتتان
المبدع كالشرارة.
فالإلهام اتقاد من الأعلى، التهاب بالبرق. والآن يصف هولدرلن حالته الخاصة الرائعة، حالة اضطرام النيران واستعارتها والتهام لهيب الوجد لكل الذكريات الأرضية:
ههنا يشعر بنفسه كأنه إله في عناصره
ومتعته أنشودة سماوية
فقد انتهى تمزق الفرد، وبلغت "سماء الإنسان" وحدة الشعور.
يقول بطله هیبریون: "أن يكون المرء شيئا واحدا مع الكل، تلك هي حياة الربانية، وهذه سماء الإنسان". وقد بلغ فيطون، وهو الشخصية الرمزية التي ترمز إلى حياته، النجوم ، وجعلت موسیقا تلك الأجواء تصدح في مسمعيه، وفي هذه الثواني من الوجد الخصب يبلغ هولدرلن ذروة وجوده.
ولكن هذا الإحساس بالنعيم يختلط به بصورة ذات دلالة مسبقة حدس بنبئ بالسقوط، إنه الشعور الأبدي بالانهيار. فهو يعلم أن مثل هذه الإقامة في الناري، وهذه النظرة إلى سر الله، وهذا الجلوس إلى مائدة الخالدين لايباح للفانين إلا بصورة عابرة. وحين يدرك مصيره يتحدث عنه فيقول:
لايحتمل الإنسان الخصيب الرباني إلا من حين إلى آخر. وإن الحلم به لهو الحياة.
ولابد بالضرورة أن يعقب الرحلة الصاخبة في عربة الشمس السقوط في الأعماق . وتلك نهاية فيطون؟
ذلك لأن الآلهة يبدو أنها لاتحب دعاءنا اللجوج
والآن يبدي الملاك الودود ، المشرق المبارك، وجهه الآخر لهولدرلن، وهو ظلمة الشيطان المدلهمة. فهولدرلن يهوي من الشعر عائدا إلى الحياة محطما دائما. وهو يهوي، کفیطون، لا إلى الأرض، إلى موطنه فحسب، بل يهوي إلى ما هو أعمق وأبعد، في بحر لا نهاية له من الكآبة. فجوته وشيلر، وهؤلاء جميعا يعودون من الشعر كما يعودون من رحلة مرهقين أحيانا، ولكنهم متماسكو الفكر أولو روح سليمة، أما هولدرلن فيتحطم هاوية من الحالة الشعرية كما يهوي من سماء ويبقى جريحا محطما، طريدا بصورة مبهمة في العالم الموضوعي. فاستيقاظه من الحماسة هو دائما نوع من موت الروح، وبحس العائد المنهار فورا بأن الحياة الواقعية حياة بليدة رضيعة مرة أخرى. فالآلهة تموت حين تموت الحماسة. وإله الرعاة يموت حين تموت النفس". وليست حياة اليقظة جديرة بأن يحياها المرء، وكل ما كان خارج نطاق الوجد فهو باهت لا روح فيه.
وإذا فهنا تمتد جذور سوداوية هولدرلن تلك التي يتسم بها تماما ، ولم تكن هذه السوداوية في الحقيقة كآبة أو ظلمة مرضية في العقل - الأمر الذي يتعارض مع شدة الإجهاد الفريدة في العضوية الهولدرلينية. وهذه السوداوية أيضا تتدفق وتغذي نفسها، كالوجد، من نفسها فحسب، وكذلك فهي لاينصب فيها من المعاناة إلا القليل (ولاينبغي للمرء أن يبالغ في تقدير شأن حكاية ديوتيما، فليست كآبته شيئا آخر سوى حالة رد فعله على الوجد، وهي كآبة عقيمة بالضرورة: فإذا كان يحس بنفسه هناك حلقة قريبة من اللانهائي، فهو بشعر بغربته الهائلة تجاه الحياة في الحالة العقيمة. وعلى هذا النحو أود أن أسمي كآبته: فهي شعور بالغربة لايوصف، څزن ملاك ضائع على سماواته. إنه حنين مفعم بالنحيب الطفولي إلى الوطن الخفي. ولايحاول هولدرلن قط أن يخرج هذه الكآبة عن نطاق نفسه ويوسعها، كما فعل لوي باردي وشوبنهاور وبايرون، إلى تشاؤم من العالم ("أنا عدو لمعاداة البشرية") ولايجرؤ ورعه أبدا على رفض أي جزء من الكون المقدس باعتباره تافها. إنه لايشعر إلا بنفسه وحده غريبا في الحياة الواقعية العملية. وليس له من لغة أخرى حقيقية يتعامل بها مع الناس غير الأنشودة: ففي الكلمة البسيطة، في المحادثة، لايستطيع أن يجلو شيئا من طبيعته. ولا يستطيع العقل أن يأتيه إلا من أعلى، في مثل طيران الملائكة. غير أنه يضل بغياب الوجد، إذ يغدو "مضروبا على بصره" في العالم الخالي من الآلهة. "فإله الرعاة يموت عنده حين تموت النفس" وتغدو الحياة كتلة رمادية من الخبث بدون شعلة "العقل المزدهر". غير أن حزنه حزن لا حول له تجاه العالم، وليس لكآبته موسیقا. فشاعر شقق الفجر يظل أخرس في الغسق.
دخل هولدرلن من المدرسة إلى الحياة كما يدخل المرء بلادا معاديا.
وفي الحقيقة كان كل شيء معدا له على أفضل وجه. ولم يرشحه رجل أقل شأنا من شیللر ليكون معلمأ خاصا عند شارلوته فون کالب حين رفض هولدرلن المرشح لوظيفة مساعد صسیس رغبة أمه رفضأ مطلقا. ولم يكن في وسع الفتى المتحمس في الرابعة والعشرين أن يأمل أن يجد بيتا في أي مكان من أقاليم ألمانيا التي كانت تبلغ الثلاثين في تلك الأيام يمكن أن تحترم فيه الحماسة الشعرية وتفهم فيه حساسية القلب ووجله بالقدر الذي كان يجده عند شارلوته"، التي كانت هي نفسها "امرأة لاتفهم" والتي كان لابد أن تكون ذات تفهم كامل للطبيعة العاطفية الرقيقة باعتبارها عشيقة سابقة لجان باول. وكان الرائد يوليه المودة كما كان الغلام يخصه بالولاء الشديد، وكانوا يطلقون حريته لإنتاجه الشعري كل الإطلاق في ساعات الصباح وكانت النزهات ورحلات ركوب الخيل المشتركة تتيح له أن يحس بالطبيعة التي حرم منها زمنا طويلا إحساسأ قریبأ مرة أخرى. وأدخلته السيدة التي كانت تعنی به في نزهاتها في فامارويينا، أكثر الأوساط نبلا: فقد أتيح له التعرف إلى شيللر وجوته. ولا يستطيع الشعور المجرد من الأحكام المسبقة أن يتردد في التسليم بأن هولدرلن لم يكن من الممكن أن ينشأ في وسط أفضل من هذا. وتفيض رسائله الأولى أيضا بالحماسة، بل تفيض بمرح غیر معهود: فهر بكتب إلى أمه ممازحا فيقول "إنه منذ أن تخلص من الهموم والهواجس بدأ يسمن ويثني على ما أسلف إليه أصدقاؤه من يد بیضاء حين وضعوا القطع المتفرقة الأولى من رواية "هیبریون" التي كان قد شرع في كتابتها منذ حين في يد شيللر وقدموها بذلك إلى الملأ. وبدا لحين من الزمان كان هولدرلن قد استقر ووجد مكانه في العالم.
ولكن سرعان ما يثور الاضطراب الشيطاني في نفسه، إنها "روح الاضطراب تلك الرهيبة" التي تدفعه " كالطوفان إلى قمة الجبل". وتبدأ رسائله في الحديث عن شيء من الإظلام، والشكوى من الارتباط" وفجأة تنبثق العلة: فهو يزمع الرحيل. إن هولدرلن لايستطيع أن يعيش في منصب، في مهنة، في دائرة، وكل وجود آخر غير الوجود الشعري مستحيل عنده. وربما كان في هذه الأزمة الأولى مازال غير واع. إن ما يجعل كل علاقة نبوية شيئا لايحتمل عنده إن هو إلا مس شيطاني داخلي تدفعه الغيرة، ويظل يسمي ماهية هذه القابلية للالتهاب في إرادته الغريزية بعلل ظاهرية: ففي هذه المرة يرى العلة في تصلب الفتي وجموحه الخفي الذي لا يستطيع أن يكبحه وينبغي للمرء أن يحس في ذلك بكل ما في هولدرلن من عجز عن الحياة: فالفتى الذي يبلغ التاسعة عشرة أقوى منه إرادة. وهكذا يترك الوظيفة. وتكتب شارلوته فون کالب التي تراه يفارقها وهي تفهمه أكمل فهم إلى أمه لتعزیها بالحقيقة الأعمق.. إن فكره لا يستطيع أن ينزل إلى مستوى هذا الجهد التافه.. والأحرى أن نفسه تتأثر من جراء ذلك تأثرا كبيرا.
وإذا فقد عطل هولدرلن من الداخل كل صور الحياة التي أتيحت له: ولذلك فما من شيء أكثر إيغالا في الخطأ من الوجهة النفسية من نظرة مترجمي حياته العاطفية الشائعة والقائلة إن هولدرلن کان يتعرض للمذلة والمهانة في كل مكان. ولقد كان الناس في الحقيقة يحاولون دائما، وفي كل مكان، أن يراعوا شعوره، ولكن بشرته کانت مفرطة في الرقة، كما كانت حساسيته مفرطة: "وكانت نفسه تتعرض للتأثر المفرط" وما يقوله ستندال ذات مرة عن نظيره هنري برولار: "إن ما لايزيد على أن يمس الآخرين ما يجرحني حتى الأعماق" ينطبق عليه وعلى كل ذوي الحساسية. فكان يحس بالواقع في حد ذاته على أنه عداوة ، وكان يحس بالعالم على أنه فظاظة، وبالارتباط على أنه عبودية. ولايستطيع أن يسعده إلا الحالة الشعرية. ولاتقدر أنفاس هولدرلن على أن تتردد خارج نطاق هذا الجو بهدوء، فهو يتخبط ويختنق بالهواء الأرضي شأن الغريق.
ومازال يعتقد أن "الحرية" و"الشعر" يستطيعان أن يربطاه بالعالم. وهكذا يجرؤ على دخول وجود طليق: ويقوم هولدرلن بمحاولته، مفعما بالأمل مع الحرية عن طريق عمله الذي شرع فيه. ويدفع في سرور ثمن الحياة في الفكر مع الحرمان المرير. فكان ينفق في الشتاء أياما بطولها وهو في السرير ليوفر النقود ، ولايمنح نفسه قط أكثر من وجبة في اليوم، ويتخلى عن الخمر والبيرة، وهما أكثر المتع تواضعا. ولا يكاد يشهد من ييتا أكثر من محاضرات فیشته، وفي بعض الأحيان کان شیللر يمنحه ساعة لقاء معه؛ أما ماعدا ذلك فكان يقيم وحيدا في مأوی حافل بالبؤس (لايمكن أن يسمى حجرة) غير أن روحه تهاجر مع هيبريون إلى بلاد الإغريق، وربما كان في وسعه أن يعد نفسه سعيدا لو لم يكن الاضطراب والانفجار الأبدي مقدرين له من الداخل بصورة دائمة مرة أخرى.



326 reviews29 followers
March 17, 2019
بقدر ما كانت مرهقة بسبب الترجمة بس جميلة
Profile Image for Mohammed Saad.
663 reviews129 followers
October 15, 2025
ممتع غالبا ، ممل مع لغة صعبة احيانا، مبالغ قليلا، لكن مبدع دائما.
هكذا زفايج في كتاباته في السير

لكن لماذا العنوان: بناة العالم؟!

وكأنه يقصد بناء وجدان العالم وروحه في مقابل مخربيه من تجار الحروب ومفسدي الأرواح.(وهو المسكون بالحروب وآثارها التدميرية من تجربة معاصرة حربين عالميتين )

في هذا الجزء ذكر ثلاثة من عظماء الأدب الغربي، أولهم هولدرلين، لا أعلم مدى تأثيره في الأدب الغربي إلا لو أن زفايج رأى مأساته(جنونه خلال العقد الأخير من عمره ) التي مازجت أدبه سببا في وضعه أول القائمة وهو المفتون بخلطة العبقرية والمأساة كما في سيرة حياة بلزاك و ديستيوفيسكي و تولستوي.
ثم يأتي ديستيوفيسكي الأديب الروسي العبقري، تخيل لما زفايج المغرم بالتحليل النفسي، يتكلم عن ديستيوفيسكي حفار أعماق النفوس، واخيرا عن بلزاك وأنا إن كنت قرأت كتاب زفايج الضخم المستقل في سيرته، فهذا الجزء مختصرا عن كتابه بطريقته المعتادة في تحليله النفسي والأدبي للشخصيات.
Profile Image for Akram.
229 reviews11 followers
April 2, 2020
في هذا الجزء يتحدث زفايج عن هولدرلن و دويتويفسكي و بلزاك ككتاب أثروا ف البشرية. أحببت جزء "دوستوفسكي " بل و أقواهم لكنني لم أتأثرب الباقي. أسلوب زفايج مميز ، يجمع بين الأكاديمية و الروائية . كتاب ثمين وأنصحه بشدة.
يتبقي لي الجزء الثاني _ واللذي يتحدث فيه زفايج عن ديكنز وتولستوي وستندال وكلايست.
Profile Image for ممدوح الدخيل.
50 reviews27 followers
May 19, 2012
كنت متحمساً له قبل قرائته ولكنه خيب أملي ولا أعتقد أني سأقرأ جزؤه الثاني -قريباً على الأقل- ، لغته أدبية بحته ومملة.
Profile Image for Fatimah.
47 reviews22 followers
June 16, 2014
الكاتب أسلوبه أدبي شيق وسلس ورائع.
Profile Image for Rami Farhan.
97 reviews19 followers
November 17, 2016
جيد ولكنه مفرط في الخيالات وتحليل هذه الخيالات وكأنها من صميم شخصية الأدباء ، مسهب في التشبيهات واسلوبه أدبي بحت مليء بالبلاغة الفارغة أحياناً من المعنى.
Displaying 1 - 13 of 13 reviews

Can't find what you're looking for?

Get help and learn more about the design.