عبر مجموعة من القصص القصيرة والتي تشمل عددًا من العناوين - منها نهاية الشيخ مصطفى، عضة، دنيا، الخزنة عليها حارس - يعرض لنا الكاتب بأسلوبه الشيق الرشيق نماذج بشرية عاشت بأحيائنا الشعبية واستقرت في الوجدان والتراث الشعبي بما لها من صفات وملامح تحمل في طياتها تاريخًا تعاقب على تلك الأماكن وجعل من هذه التركيبة البشرية خصوصية شديدة التفرد، إضافة إلى ولع الكاتب بأن يضع للقارئ أدق تفاصيل الحياة بتلك الأحياء حتى إنك لتشم رائحة المكان تنبعث بين ثنايا العمل. وقد حرص الكاتب الكبير على أن يفند ويحلل الأحاسيس البشرية موضحًا ذلك التناقض العجيب الذي يعتمل بتلك النفوس، بين ما تبدو عليه شخوصها وحقيقة ما تخفيه فيما بين الصدق والكذب والورع والضياع والقوة والضعف، ويبرز الفارق الكبير بين ما ظهر وما خفي من النفس البشرية.
يُعد رائداً لفن القصة القصيرة العربية؛ فهو أحد الرواد الأوائل لهذا الفن، وخرج من تحت عباءته كثير من الكُتاب والمبدعين في العصر الحديث، وكانت له بصمات واضحة في أدب وإبداع العديد من أدباء الأجيال التالية.
وُلد يحيى محمد حقي في 7 يناير 1905، ونشأ في بحي السيدة زينب، وكانت عائلته ذات جذور تركية قديمة، وقد شب في جو مشبع بالأدب والثقافة، فقد كان كل أفراد أسرته يهتمون بالأدب مولعين بالقراءة.
تلقى تعليمه الأوليَّ في كُتَّاب السيدة زينب، ثم التحق عام 1912 بمدرسة "والدة عباس باشا الأول" الابتدائية بالقاهرة، وفي عام 1917 حصل على الشهادة الابتدائية، فالتحق بالمدرسة السيوفية، ثم انتقل إلى المدرسة السعيدية لمدة عام، ومن بعدها إلى المدرسة الخديوية والتي حصل منها على شهادة البكالوريا، وكان ترتيبه من بين الخمسين الأوائل على مستوى القطر كله، ثم التحق في أكتوبر 1921 بمدرسة الحقوق السلطانية العليا في جامعة فؤاد الأول، وحصل منها على درجة الليسانس في الحقوق عام 1925، وجاء ترتيبه الرابع عشر.
عمل يحيى حقي معاوناً للنيابة في الصعيد لمدة عامين من 1927 إلى 1928، وكانت تلك الفترة على قصرها أهم سنتين في حياته على الإطلاق، حيث انعكس ذلك على أدبه، فكانت كتاباته تتسم بالواقعية الشديدة وتعبر عن قضايا ومشكلات مجتمع الريف في الصعيد بصدق ووضوح، وظهر ذلك في عدد من أعماله القصصية مثل: "البوسطجي"، و"قصة في سجن"، و"أبو فروة". كما كانت إقامته في الأحياء الشعبية من الأسباب التي جعلته يقترب من الحياة الشعبية البسيطة ويصورها ببراعة وإتقان، ويتفهم الروح المصرية ويصفها وصفاً دقيقاً وصادقاً في أعماله، وقد ظهر ذلك بوضوح في قصة "قنديل أم هاشم"، و"أم العواجز".
في عام 1991 صدر له كتاب "خليها علي الله" مبيناً علي غلافه الداخلي أنه "السيرة الذاتية لأديبنا الكبير يحيي حقي، عاشق اللغة العربية تحدثاً وكتابة وقراءة، وأحد أبرز رواد الرواية والقصة القصيرة واللوحة القلمية في الأدب العربي الحديث والمعاصر والحائز علي أكبر جائزة عالمية تمنح للعلماء والأدباء وهي جائزة الملك فيصل العالمية، التي نالها تكريماًَ وتقديراً لعطائه الإبداعي وجهوده الأدبية". نال يحيي حقي أكثر من جائزة في حياته الأدبية، من بينها جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1969، كما منحته الحكومة الفرنسية وسام فارس من الطبقة الأولى عام 1983، كما نال العديد من الجوائز في أوروبا وفي البلدان العربية، منحته جامعة المنيا عام 1983 الدكتوراه الفخرية؛ وجائزة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته السادسة عشرة؛ جائزة الملك فيصل العالمية ـ فرع الأدب العربي
احلى قصة هى "دنيا" .. استطاع حقى أن يخلق عالم كامل فى قصة قصيرة ، صنع ٤ روايات فى قصة قصيرة ، إبداع الوصف واختيار الكلمات وطريقة الحكى والحوار أكثر من رائعة واختيار مكان الأحداث وهو السرك أكثر من رائع .
تجربتى الأولى فى قراءة المجموعات القصصية...، و إن كانت تأتى بعد قراءة بضع القصص القصيرة للعظيم " أنطون تشيخوف" على العموم الكاتب ..متمكن من اللغة العربية بطريقة تكاد تصل إلى الاستعراض بالبلاغة الزائدة عن حدّها القصص فى معظمها لها غايات و إسقاطات فلسفية أتت على استمتاعى بالقصص نفسها القصص يشوب معظمها غموض الغاية و الهدف من كتابتها...و لم أستمتع سوى بأربع قصص من العشرة التى توجد بالمجموعة هى " نهاية الشيخ مصطفى , عضّة , الدرس الأول , و الشاعر بصير " .... عموماً...سوف أعطى هذا الكاتب العظيم فرصة أخرى لاستمالتى إلى كتاباته ...فإن سمعة " يحيى حقّى" لم تشفع له بعد قراءتى لهذه المجموعة القصصية أفكر فى قراءة إحدى رواياته العظيمة مثل : " قنديل أم هاشم" أو " البوسطجى "....حتى أعيد الحكم على عظمته الأدبية