يطلُ المؤلف على عدة قراءات مختلفة للتاريخ، فيقدم القراءة الشعبية، الدينية، الروائية، والسينمائية، ويقدم أيضًا لمحات من قراءات الآخر لتاريخنا العربى، وقراءةٌ لتاريخهم، وكيف تأثرنا بهم وتأثروا بنا.
اعتمد "قاسم عبده" فى تقديم كتابه على محورين، طرح من خلالهم عدة قضايا وقراءات مختلفة، ففى المحور الأول قدم: قراءة التاريخ، القراءة الشعبية للتاريخ، التاريخ والآثار.. تكامل أم تفاضل؟ القراءة الدينية للتاريخ، المأثور الشعبى هل يبقى؟ اللغة سلاحًا، المعنى والمغزى، الوعى بالتاريخ.. الوعى بالذات، تاريخنا.. هل من الضرورى إعادة كتابته؟ وهل هناك أفلام تاريخية عربية؟
أما المحور الثانى تناول فيه: أدب الشكوى عند يهود أوروبا.. قراءة تاريخية لقضية الهولوكوست، صليبيون.. صهاينة.. وعرب: صور من القدس، الحروب الصليبية متى تكون؟ الأنا والآخر.. أو (نحن) و(هم)، عندما أَثَّر العرب فى أوروبا، المسلمون يتعرَّفُون على الآخر، الوجه الآخر للحروب الصليبية.. دموع المعتدين ومخاوفهم، أوروبا والمسلمون.. التطور التاريخى لصورة الآخر، عن الشعر والحرب أغانى الحروب الصليبية، التتار والعالم العربى: الوجه الآخر، والمسلمون فى عينى أسير صينى.
أكد الدكتور سليمان إبراهيم العسكرى، فى مقدمة الكتاب التى تصدر مقاله بها تحت عنوان "خطورة التاريخ"، على كثرة الكتب التى تتناول التاريخ، ولكن تندر لدينا الكتب التى تسن تناول التاريخ، كما أكد أيضًا على أهمية إعادة قراءة التاريخ دومًا لفهم عالمنا المعاصر وما يشهدهُ من صراعات.
دكتوراه فى الفلسفة من قسم التاريخ ، رئيس قسم التاريخ بآداب الزقازيق. عضو اللجنة الدائمة لترقيات الأساتذة والأساتذة المساعدين .
له العديد من المؤلفات منها: أهل الذمة فى مصر الوسطى، القاهرة. النيل والمجتمع المصرى فى عصر سلاطين المماليك، القاهرة. الرواية التاريخية فى الأدب العربى الحديثن القاهرة. رؤية إسرائيلية للحروب الصليبية، القاهرة. اليهود فى مصر منذ الفتح العربى حتى الغزو العثمانى ، القاهرة. بين الأدب والتاريخ، القاهرة. التاريخ الوسيط : قصة حضارة البداية والنهاية ( جزءان )، القاهرة. التنظيم البحرى الإسلامى شرق المتوسط ، بيـــــروت. جمهورية الخوف صورة للعراق تحت حكم صدام من الداخل، القاهـرة. بين التاريخ والفلولكلور، الـقاهــرة. حضارة أوروبا العصور الوسطى ( مترجم )، القاهرة. الأيوبيون والمماليك ( مشترك ) ، القاهرة. عصر سلاطين المماليك " التاريخ السياسى والاجتماعى، القاهرة. تأثير العرب على أوربا العصور الوسطى ( مترجم ).
الجوائـز والأوسمة : جائزة الدولة التشجيعية فى العلوم الاجتماعية من المجلس الأعلى للثقافة. شهادة تقدير للتميز فى الإنتاج الأدبى من جمعية الآداب من مصر. وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى من مصر. جائزة الدولة للتفوق فى العلوم الإجتماعية من المجلس الأعلى للثقافة.
في هذا الكتاب الشيق يعرض د. قاسم عبده قاسم قراءات مختلفة للتاريخ كالقراءة الشعبية والدينية والروائية والسينمائية .. كما يقدم لمحات من قراءات الآخر لتاريخنا وقراءتنا لتاريخهم وكيف تأثرنا بهم وتأثروا بنا مستخدما في ذلك لغة سلسة ونظرة متوازنة لا غلو فيها ولا تحيز ..
كما يؤكد د. قاسم على أن إعادة فهم التاريخ يجب أن تكون خطوة على طريق بناء المستقبل لا خطوة تراجعية نحو البقاء عند الماضي .. ولذا يجب ألا يقف دور المؤرخ عند عرض حقائق التجربة الإنسانية وفهمها فقط ولكن يمتد ليشمل إحيائها مرة أخرى عن طريق إكسابها القيم والمثل المحفزة والبناءة التي ترتبط بالحاضر وتساعد على بناء المستقبل .. وهذا هو السبب في أن التاريخ لا يكتب فقط وإنما يعاد قراءته مرات ومرات على مدار رحلة الإنسان عبر الزمان والمكان .. .
نجمتان لا تعنيان أن الكتاب سيئ.. بالعكس، فهو كتاب جيد فعلا، لكنه أفضل كمقالات متفرقة. وربما كانت هذه هي نقطة الضعف الأساسية.. أنه في الأصل تجميع لمجموعة مقالات..
رغم ان اسم الكتاب "إعادة قراءة التاريخ" لكنني لم أفهم معنى "إعادة القراءة" او بالأحرى، لم أجد الكاتب يطبقها مثلما تحدث عنها في القسم الاول من الكتاب، الذي خصصه لشرح المفهوم نفسه، ثم بدأ في تطبيقه في القسم الثاني.
خلال القسم الأول كان الكاتب يتحدث عن ضرورة وجود قراءة عربية للتاريخ، في مقابل القراءة الغربية التي هيمنت على الدراسات التاريخية لسنوات. نظرياً كلامه سليم.. لكن كيف يمكن تطبيق هذا الكلام؟ كان المفروض أن يعطي الكاتب أمثلة على نظريته تلك، لكنه لم يفعل.. ربما بحكم أن الكتاب تجميع لمقالات لم تكن تتيح للكاتب المساحة الكافية كي يسترسل في كلامه ويعطي الأمثلة. أما حين وصلت إلى القسم الثاني، والذي يفترض أنه تطبيق عملي لنظرية الكاتب حول إعادة قراءة التاريخ، فقد كرسه الكاتب بالكامل (باستثناء آخر مقالين) للحروب الصليبية.. لكني لم اجد فيه -مرة أخرى- تطبيقاً لنظرية الكاتب، فأتت القصص بالنسبة لي إعادة للقصص التاريخية المعروفة حول تلك الحروب الشهيرة.
المقالات أجمالا تحتوي على معلومات مهمة حول التاريخ العربي-الإسلامي، بعضها تصادفه لاول مرة في هذا الكتاب والبعض الآخر معاد.. وهناك بعض المقالات الطريفة مثل التاريخ في السينما مثلا.. وآخر مقالين هامين جدا، وهو عن التفاعلات العربية-الإسلامية مع التتار ومع الصينيين.. موضوع قل أن يتحدث عنه أحد.. لكني لم أفهم من الكتاب كيف يمكن أن نقرأ التاريخ "قراءة عربية".. واعتقد أن الكتاب كان بحاجة إلى أن يعيد الكاتب ضبط مقالاته بدلا من نشرها كما هي، فكان بعضها يعيد نفس ما أتى به مقال أسبق عليه ببضع صفحات..
إجمالا، الكتاب جيد فعلا، ويطرح معلومات مهمة -وإن كانت بحاجة إلى ترتيب-، وهو يطرح موضوع يحتاج إلى مناقشة واسعة بالفعل بين كل المهتمين بالدراسات التاريخية، وربما يكون من الأفضل لو أن الكاتب فكر جديا في كتابة كتاب كامل مخصص لهذا الموضوع بدلا من تجميع المقالات... أعتقد انها في هذه الحالة سوف تكون أكثر ترتيبا، وأقدر على شرح الفكرة، وإفراد مساحات كبيرة لما يريد قوله.
الكتاب ممتع . أعجبتني كثيرا نظرته للتاريخ ، رغم أني أختلف مع الكثير من قراءاته للتاريخ . أكثر الفصول التي أعجبتني في الكتاب ، التقديم للدكتور العسكري ، و فصلي "اللغة سلاحا" و "الوعي بالتاريخ .. الوعي بالذات" .
الحق يقال ، لم أكن من محبي التاريخ ، و لم أكن أطلع على فصوله إلا لأني أريد أن أعرف عن أمتنا ما يسد بعضا من الرمق ، رغم ثقل مفهوم التاريخ في آنه . لكن تغيرت نظرتي للتاريخ بشكل عام بعد هذه القراءة.
مما اقتبسته من الكتاب : 1. من مقدمة د. العسكري : "درجة تقدم الدراسات التاريخية إذن لدي أي حضارة بشرية إنما تعبر عن درجة رقيها و تقدمها و نضجها المعاصر بل و عن قوة انطلاقها نحو المستقبل ."
-
"فربما كان تاريخنا [يقصد العرب:] أعرق و أطول و أثقل مما ينبغي ، فنحن نقحمه في كل شيء و نستند إليه في كل شيء ."
-
"إلا أن مشكلتنا الأساسية تتمثل -بكل صراحة- في خفة تعاملنا معه [يقصد التاريخ[ ، و في -نكاد نقول - فشلنا في فهمه و الاستفادة منه ، بما لا يعبر عن عظمة تاريخنا"
-
"نحن بحاجة ماسة لأن ننتقل من تقديس التاريخ بصفته قدرا محتوما إلى إعادة فهم التاريخ بصفته فاعلية حققها أسلافنا ، و تفتح بدل أن تغلق علينا نوافذ جديدة لإتيان فاعليات جديدة مجاوزة و ليست مطابقة لماسلف "
--- 2. من فصول الكتاب :
"الحقيقة الوحيدة الثابتة هي أن كل شيء خاضع للتغيير ."
-
"معرفة كيفية عمل المجتمع في الماضي -من خلال قراءة التاريخ - قد تفتح عيوننا على الإمكانات و البدائل الكامنة في الحاضر . و ليس معنى هذا أن التاريخ يمكن أن يجعلنا نتنبأ بالمستقبل بشكل ساذج و بسيط ... لكنه قد يساعدهم على أن يتجنبوا تكرار أخطائهم ، و يمكن لمجتمع اليوم أن يأخذ من ماضيه شيئا ربما يفيد في توجهييه و إرشاده . "
-
" التاريخ يحمل في داخله نوعا من الإنذار المبكر لمن يعرفون كيف ينصتون إليه أو يحسنون قراءته "
-
"كل عصر سوف يحاول تقديم تقييمه الخاص لما هو ( مهم ) في ماضيه و سوف يميل إلى رؤية الماضي في ضوء اهتماماته و انحيازاته . هذه حقيقة يمكن تلخصيها في العبارة المدهشة : التاريخ حوار بين الحاضر و الماضي "
-
"ليس من المعقول أو المقبول أن ندعي أننا نفهم مجتمعا ما دون أن نعرف شيئا عن وجدان أبناء هذه المجتمع ، أو رؤيتهم لأنفسهم و للآخر ، وتفسيرهم للأحداث التاريخية و آرائهم في الشخصيات التاريخية التي مرت عليهم أي الكيفية التي نظروا بها إلى أنفسهم في مرآة التاريخ و رؤيتهم لأحداث هذا التاريخ . "
-
"الناظر في تراث الصراعات البشرية الكبرى على مر العصور التاريخية سيرى أنه كان هناك اهتمام مستمر باختيار ( الخطاب ) الذي يمهد السبيل أمام ( الفعل ) و أن لكل عصر ( خطابه ) الذي يسبق ( فعله ) و يواكبه . "
-
"الرغبة في معرفة الماضي طبيعة بشريه تكاد ترتقي لمستوى الغريزة . و إذا كان الإنسان الفرد الفاقد الذاكرة يحتاج إلى العناية و الرعاية فالجماعة الإنسانية تحتاج ذلك "
قد تجد في زوايا كتاب صغير مجمع من مقالات متفرقة ما لا تجده في مرجع كبير هذا ينطبق علي كتاب "إعادة قراءة التاريخ" للدكتور قاسم عبده قاسم حيث يعرض في الجزء الأول من الكتاب مقالات تنظيرية حول ماهية التاريخ ووظيفته ومصادره والاخر والتاريخ وأهم مقال في هذا الجزء من وجهة نظري "القراءة الدينية للتاريخ" خيث سرد وحلل للقراءة اليهودية والمسيحية والاسلامية للتاريخ حيث يكون التاريخ خادم وداعم للقراءة العقائدية ، والمعتقد حاكم للتفسير والتأويل ..وستظهر القراءة الاسلامية للتاريخ الأرقي والأكمل والأكثر ملائمة لطبيعة الانسان ورسالته في الأرض بعيدا عن خطيئة أزلية ألصقت به وتطارده وبين وعد بأرض وشعب مختار وغيره خادم له وليس من طبقته . وعند انتهائك من هذا المقال ستخلص الي نتيجة قل لي ماذا تعتقد ؟ أقل لك ما هي رؤيتك للتاريخ. ثم يعرض في الجزء الثاني نصوص تاريخية تطبيقية من العصور الوسطي والحروب الصليبية والتتار والعصر الأندلسي والعصور الذهبية للحضارة الاسلامية ..ولكنه تناول جديد بما يشبه إزالة الغبار عن بعض الحفريات حتي يظهر ملمح جديد للحدث مما يؤدي الي إضافة رؤية وتفسير جديد للحدث التاريخي مثل تناوله ل (علاقة المسلمين بالتتار غير علاقة الحرب ونصوص للمقريزي متعلقة بذلك وتحليلها) (المجتمع الداخلي لأوربا أثناء الحروب الصليبية ) (رؤية المسلمين من خلال عين أسير صيني كتب عن مجتع المسلمين في بغداد أثناء الخلافة العباسية) المؤلف أسلوبه أدبي و تحليله رشيق ..ويعتني بما وراء الحدث أكثر من الإغراق في سرد ووصف الحدث . الكتاب يٌغري بالإقدام علي قراءة باقي دراسات المؤلف خاصة كتاب: ماهية الحروب الصليبية ، وكتاب عصر سلاطين المماليك .
كتاب اكثر من رائع للمهتمين بالنواحى التاريخية .. وبالذات فلسفة التاريخ التى تبحث فى لماذا حدثت الواقعة التاريخية كما يبحث الكتاب فى قراءة التاريخ من وجهات النظر المختلفة ، حيث تختلف كتابة التاريخ عن قراءتة ، فالكتابة تتم مرة واحده اما القراءة تختلف بإختلاف الايديولوجيات والثقافات والمدارس وغيرها من العوامل التى تؤثر فى منظورنا للحادثة التاريخية . الكتاب فى مجملة ثرى لا غنى عنه للمهتمين بفلسفة التاريخ
المحور الأول في الكتاب يتناول نظرية التاريخ في أن التاريخ لا يكون الاجابة عن سؤال يبدأ بـ (كيف) وإنما بـ (لماذا) فالمؤرخ دوره في تحليل التاريخ وليس سرده .. المحور الثاني تطبيق لهذه النظرية فى عدة أمثلة تاريخية كتحليل للحملة الصليبية من عدة محاور مختلفة .. كتاب قوي جدا جدير بالقراءة لكاتب من أهم مؤرخي وكتّاب عصرنا الحالي
الكتاب بعنوان: "إعادة قراءة التاريخ"، لمؤلفه الدكتور قاسم عبده قاسم، الطبعة الأولى، مجلة العربي التابعة لوزارة الإعلام الكويتية، في إطار كتاب العربي ويحمل الرقم (78) في هذه السلسلة، ونشر بتاريخ: 15 أكتوبر 2009، وهذه الطبعة الورقية من القطع الصغير، نوعية ورقها جيدة وبالألوان والخط واضح والطباعة راقية، والكتاب يقع في حوالي مائتي (200) صفحة، بتقديم من الدكتور سليمان إبراهيم العسكري. وهو يضم مجموعة من المقالات، كانت قد نشرت في مجلة العربي لتأتي هذه المرة مجتمعة في كتاب واحد، وقد اجتهد الكاتب في ترتيبها وتنظيمها حتى تكون متناسقة، رغم ذلك فإن القارئ بإطلالة بسيطة على الكتاب يلاحظ تكرارًا لأفكار ومفاهيم الكاتب في مختلف المواضيع المدروسة، وربما هذا هو الشيء الوحيد الذي غفل عنه الكاتب خلال عملية تركيب وتنسيق المقالات على شكل مؤلف واحد، لكنه وفق كثيرًا في ترتيب مواضيعه. يقول سليمان إبراهيم العسكري في تقديمه الإطار العام لهذا الكتاب: "إن عالمنا المعاصر يشهد علوًا للأمم التي استطاعت أن تعيد فهم تاريخها بشكل جديد، بينما تتحجر الأمم التي تفشل في فهم صيرورة تاريخها. نحن بحاجة ماسة لأن ننتقل من تقديس التاريخ بصفته قدرًا محتومًا إلى إعادة فهم التاريخ بصفته فاعلية حققها أسلافنا، وتفتح بدل أن تغلق، علينا نوافذ جديدة لإتيان فاعليات جديدة مجاوزة وليست مطابقة لما سلف. من المحزن أن نحرص على التذكير بهذه المهام الحضارية، لأن ذلك يعبر عن توجس من عجزنا عن القيام بها، وهي بعد من مقدمات التقدم وليست من نتائجه، لكن مما يسر أن نجد بيننا مؤرخين نهضوا لأداء هذه المهمة التي استعصت على كثيرين من أجيالنا السابقة. إن مما يبعث على الأمل في حياتنا المعاصرة أن نجد بيننا من يمكن أن نسميهم المؤرخين النهضويين الجدد، ونقصد بهم أولئك المؤرخين ممن تمردوا على النهج التقليدي للتاريخ الاجتراري الذي يرى المؤرخ مجرد راوي أحداث أو موثق مخطوطات أو جامع لطرائف تاريخية مسلية. فمنذ ابن خلدون لم يشهد علم التاريخ لدى العرب أي تجديد يذكر، بل إن ابن خلدون نفسه لم يؤسس لمدرسة عربية بل عد استثناء ولم يتسلم أحد من أتباعه مسيرته بل انقطع فكره وتوقف مع تأخر الحضارة العربية ككل."[6].
لقد قسم قاسم عبده قاسم مقالات كتابه إلى محورين أساسيين؛ أما المحور الأول، فعنونه بــ "قراءة التاريخ... رؤية معاصرة"، في حين عنون المحور الثاني بــ "تاريخنا مع الآخر". وتناول في المحور الأول العديد من القضايا برؤية منهجية مجددة، إذ تطالعنا دراسة أولى حول دلالات ومعاني مفهوم "قراءة التاريخ"، ثم دراسة ثانية حول "القراءة الشعبية للتاريخ"، ودراسة ثالثة تتطرق لحدود التكامل أو التفاضل بين التاريخ والآثار، وحدد في دراسة رابعة مفهوم "القراءة الدينية للتاريخ". أما الدراسة الخامسة، فتطرقت لموضوع وظيفة المأثور الشعبي. كما عالج المؤلف في المحور نفسه وظيفة اللغة باعتبارها سلاحًا فعالاً، وفكك أبعاد المعاني المرتبطة بقيمة التسامح في الكتابات التاريخية العربية الإسلامية والأوروبية المسيحية، كما بحث صاحب الكتاب في موضوع العلاقة بين الوعي بالتاريخ بالوعي بالذات. وكان لموضوع العلاقة بين التاريخ والرواية حضور في هذا المحور من خلال تناول عناصر التفاضل أو التكامل بينهما. وفي الدراسة ما قبل الأخيرة، عرّج المؤلف على إشكالية إعادة كتابة التاريخ التي أصبحت مطلب عدد كبير من فئات المجتمع العربي. أما الدراسة الأخيرة فقد فتحت الباب لمساءلة نقدية لرصيد المنجز السينمائي العربي من الأفلام التاريخية التي أنجزت خلال القرن العشرين.
واهتم المؤلف في المحور الثاني بقضايا تاريخية تهم العلاقة بين الأنا والآخر بداية من الدراسة الأولى التي قدمت قراءة تاريخية في أدب الشكوى عند يهود أوروبا من خلال إعادة مقاربة قضية الهولوكوست الشهيرة. وقدم في الدراسة الثانية صورًا تاريخية من مدينة القدس من خلال تجارب صليبية وصهيونية وعربية، وعالج في دراسته الثالثة إشكاليات الحروب الصليبية على مستوى مضامين خطاباتها وامتداداتها في الزمن الراهن. أما الدراسة الرابعة، فقد تناولت العلاقة بين "الأنا" و"الآخر"، وكان للتأثير الذي خلفه العرب في أوروبا خلال العصر الوسيط حضور في الدراسة الخامسة التي جاءت تحت عنوان "عندما أثر العرب في أوروبا". أما باقي الدراسات الأخرى، فقد تناول فيها المؤلف مواضيع "المسلمون يتعرفون على الآخر" و"الوجه الآخر للحروب الصليبية" و"دموع المعتدين ومخاوفهم" و"أوربا والمسلمين...التطور التاريخي لصورة الآخر"، و"عن الشعر والحرب أغاني الحروب الصليبية"، و"التتار والعالم العربي: الوجه الآخر"، وأخيرًا "المسلمون في عيني أسير صيني".
إن أهمية كتاب "إعادة قراءة التاريخ" تدفع المؤرخ العربي إلى استحضار ضرورة إحداث القطيعة المعرفية مع التناولات التي تبسط القضايا والإشكاليات التاريخية، وتبلد حس السؤال التاريخي النقدي، ويقتنع أن الكتابة التاريخية لن تستطيع تحقيق القدرة على التجدد إلا إذا طورت آليات التقدم فيها، من مثل النقد والمراجعة والتسلح بحس السؤال وغيره كثير، ولن يكون هذا الأمر متاحًا إلا بالانفتاح على التيارات الراهنة في الكتابة التاريخية الغربية، وبشكل خاص أدواتها المنهجية وتطوير مسارها الإسطوغرافي من خلال التناول الجريء لكل القضايا التاريخية الراهنة.
غيّر هذا الكتاب وجهة نظري عن تناول المعلومات التاريخية بشكل عميق، وأن التاريخ يُقرأ بقراءات مختلفة كالقراءة الشعبية، الدينية، الروائية، والسينمائية وغيرها، الكتاب عبارة عن مقالات مجمعة ومكملة لبعضهم البعض، أشد ما أعجبني هو فكرة إننا بحاجة لإعادة قراءة التاريخ دائما لفهم واقعنا واستنباط الفائدة التي تلائمنا.
عبارة عند تجميع وإعادة نشر لمجموعة من المقالات كانت قد نشرت سابقاً في مجلة العربي أبرز الأفكار التي لفتت نظري أثناء قراءته - مهمة المؤرخ اليوم أن يجيب على السؤال (لماذا حدث؟) وليس ( ماذا حدث؟ ) - إن معرفة كيفية عمل المجتمع في الماضي من خلال قراءة التاريخ قد تفتح عيوننا على الامكانات والبدائل الكامنة في الحاضر وليس معنى هذا أن التاريخ يجعلنا نتنبأ بالمستقبل بشكل ساذج وبسيط مثل قراءة الطالع وبالتالي لا يمكن أن يرشد الناس عن الكيفية التي يجب أن يتصرفوا بها في حاضرهم ولكنه قد يساعدهم على أن يتجنبوا تكرار أخطائهم. ويمكن لمجتمع اليوم أن يأخذ من ماضيه شيئاً ربما يفيد في توجيهه وارشاده لأن التاريخ يحمل في داخله نوعاً من الانذار المبكر لمن يعرفون كيف ينصتون إليه أو يحسنون قراءته - إن الموروث الشعبي لا يسعى إلى كشف حقائق التاريخ التي وقعت في الماضي وانما يسعى إلى تفسير التاريخ لصالح الجماعة في الحاضر وفي المستقبل
مجموعة من المقالات نشرت في أوقات متفرقة في جريدة العربي الكويتية للكاتب قاسم عبده قاسم تم تجميعها في إطار عنوان الكتاب لتطرح رؤية جديدة في التعامل مع التاريخ ومنهج يريد الكاتب أن يخطه للقراء والأكادميين على حد سواء إلا أن الفكرة ما زالت تحتاج لجهد أكبر حتى تتحدد أكثر ومن ثم تؤتي ثمارها . وهو أمر يحتاج تكاتف جهود أو عمل مؤسسي وهو ما نفقده في الأوساط العلمية المصرية .
مقالات مجمعة من العربي الكويتية عبر سنوات عدة .. الا أنها مازالت بقيمتها وفائدتها .. يوضح فيها هذا الرجل ما نغفل عنه من تاريخنا وما لا ندركه من منهج قويم لقراءة التاريخ .. يبين لك موضوعية هذا الرجل وقيمته في فنه .. أنصح به كبداية ثم لا تترك له مؤلفا