تتناول دراسات هذا الكتاب إشكالية منهجية وهى ضرورة استخدام النماذج المركبة لتفسير الظواهر الإنسانية والنماذج المركبة هى النماذج التى لا تكتفي بعنصر واحد في تفسير الظواهر وإنما تأخذ في الاعتبار عناصر عدة منها السياسي والاجتماعي والاقتصادي، بل تصل إلى العناصر الحضارية والأبعاد المعرفية ولأن النموذج التحليلي المركب متعدد الأبعاد والمستويات فإنه يمكنه الإحاطة بمعظم جوانب الظاهرة موضع الدراسة وفي ملحق هذه الدراسة نتناول بشئ من التفصيل هذا المنهج التحليلي ، أى تحليل الظواهر باستخدام النماذج المركبة.
الأستاذ الدكتور عبد الوهاب المسيري، مفكر عربي إسلامي وأستاذ غير متفرغ بكلية البنات جامعة عين شمس. وُلد في دمنهور 1938 وتلقى تعليمه الابتدائي والثانوي (مرحلة التكوين أو البذور). التحق عام 1955 بقسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب جامعة الإسكندرية وعُين معيدًا فيها عند تخرجه، وسافر إلى الولايات المتحدة عام 1963 حيث حصل على درجة الماجستير عام 1964 (من جامعة كولومبيا) ثم على درجة الدكتوراه عام 1969 من جامعة رَتْجَرز Rutgers (مرحلة الجذور).
وعند عودته إلى مصر قام بالتدريس في جامعة عين شمس وفي عدة جامعات عربية من أهمها جامعة الملك سعود (1983 – 1988)، كما عمل أستاذا زائرًا في أكاديمية ناصر العسكرية، وجامعة ماليزيا الإسلامية، وعضو مجلس الخبراء بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام (1970 – 1975)، ومستشارًا ثقافيًا للوفد الدائم لجامعة الدول العربية لدى هيئة الأمم المتحدة بنيويورك (1975 – 1979). ثم عضوا بمجلس الأمناء لجامعة العلوم الإسلامية والاجتماعية بليسبرج، بولاية فرجينيا بالولايات المتحدة الأمريكية، ومستشار التحرير في عدد من الحوليات التي تصدر في ماليزيا وإيران والولايات المتحدة وانجلترا وفرنسا (مرحلة الثمر).
ومن أهم أعمال الدكتور المسيري موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية: نموذج تفسيري جديد (ثمانية مجلدات) وكتاب رحلتي الفكرية: سيرة غير ذاتية غير موضوعية- في البذور والجذور والثمار. وللدكتور المسيري مؤلفات أخرى في موضوعات شتى من أهمها: العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة (جزأين)، إشكالية التحيز: رؤية معرفية ودعوة للاجتهاد (سبعة أجزاء). كما أن له مؤلفات أخرى في الحضارة الغربية والحضارة الأمريكية مثل: الفردوس الأرضي، و الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان، و الحداثة وما بعد الحداثة، و دراسات معرفية في الحداثة الغربية. والدكتور المسيري له أيضاً دراسات لغوية وأدبية من أهمها: اللغة والمجاز: بين التوحيد ووحدة الوجود، و دراسات في الشعر، و في الأدب والفكر، كما صدر له ديوان شعر بعنوان أغاني الخبرة والحيرة والبراءة: سيرة شعرية. وقد نشر الدكتور المسيري عدة قصص وديوان شعر للأطفال
قدم الدكتور المسيري سيرته الفكرية في كتاب بعنوان رحلتي الفكرية – في البذور والجذور والثمر: سيرة غير ذاتية غير موضوعية (2001) حيث يعطي القارئ صورة مفصلة عن كيف ولدت أفكاره وتكونت والمنهج التفسيري الذي يستخدمه، خاصة مفهوم النموذج المعرفي التفسيري. وفي نهاية "الرحلة" يعطي عرضًا لأهم أفكاره
إن المجتمعات الغربية الحديثة التي وضعت إنسانا على سطح القمر بكفاءة شديدة غير قادرة على وضع رجل في أسرة مستقرة وغير قادرة أن تضع حدا لانتشار المخدرات أو الأمراض السرية أو العلمية مثل الإيدز!
بسم الله والحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله.
في الواقع هذه الدراسة المسيرية هي حتى الآن أمتع وأهم ما قرأت لهذا العبقري في رحلتي المتواضعة معه، ولا شك أنها الأكثر ثراء من حيث تعدد المواضيع المتناولة فيها وإن جمعها إطار واحد وهو النماذج المركبة. هذا الكتاب محاولة لتحريك الفكر العربي وتوجيهه نحو رؤية مغايرة للعالم وهي الرؤية النماذجية المركبة وهي التي تعني تفسير الظواهر بطريقة معقدة تتناول معطيات كثيرة ودلالات واحتمالات وتأخذ بعين الاعتبار العناصر السياسية والاجتماعية والاقتصادية لفك الارتباط المباشر والسخيف ببعض الأحيان بين السبب والنتيجة المباشرة، لأننا في النهاية بشر ولسنا حمض الهيدروكلوريك. | يقف هذا النموذج والذي أسهب كثيرا في تطبيقه على نواحِ معرفية شتى سنتحدث عنها فيما بعد يقف على طرف النقيض مع النموذج الاختزالي/السطحي/المادي/الأحادي. أو المضموني: حبيس الواقع والشواهد الملموسة لا يتجاوزه، وهو نموذج ينظر للواقع من رؤية واحدة مباشرة وسهلة وترد الظواهر كلها لبعد واحد بسيط مهملا ظواهر أخرى سياقية وغير سياقية مهمة يتمثل هذا الخطاب في مقولات شائعة : كالجمع بين اليهود والصهاينة والإسرائليين كعدو واحد له كيان واحد متجانس وهدف واحد معني. ويتمثل كذلك في أقوال المنهزمين من العرب عن أن الفصل بين الدين والشؤون الحياتية ينتج عنه تقدم مباشر وثورة صناعية حقيقية، ويتمثل كذلك في الحديث عن تاريخ الرق الغربي في (الرق المسيحي) هكذا جزافا دون التفريق بين لونين من الرق البروتساتني والكاثوليكي في قارتين مختلفتين وانسحاب هذا على لون السكان واختلاط أعراقهم وسلوكيات حياتهم حتى. والأمثلة كثيرة وتشير إلى الأزمة في الحقيقة آخرها الحديث الشائع عن مؤامرات الصهيونية دون النظر لواقع الصهاينة الذي يتخطى سفاهة الخيوط الخفية إلى مجازر عيانا في شرقنا الأوسط وكذلك في رؤية هتلر وألمانيا الشعبوية عن أن النازيين قصدوا استئصال اليهود فقط دون النظر للفلسفة النفعية والنيتشوية خلف المحرقة وخلف معسكر أوشفيتز. ______________ (1) يبدأ المسيري رحمه الله الفصل الأول بالبساط الفكري للرؤية بأمثلة بسيطة لا توحي بمدى عمق الدراسة فيما يليها من فصول. تناول فيه الرومانسية والصهيونية بالنماذج المركبة، ويوضح التشابه بينهما في السمات والنشأة وكذلك يرصد الاختلافات والنتائج. ونذكر منها السمة المميزة حول البحث عن مطلق يتجاوز السطح: حيث تدور الصهيونية حول مطلقات لا تخضع للتغيير مثل الشعب المختار والعودة إلى صهيون والكثير من الرؤى التي تتجاوز التاريخ وتفرض أسطورتها على الواقع فتصبح "فلسطين وشعبها وتراثها وتاريخها وحضارتها التي امتدت آلاف السنين أرضا بلا شعب، وتصبح الجماعات اليهودية التي انتشرت في كل أنحاء العالم شعبا بلا أرض!.
وهنا يجب أن نسارع بالقول أن الأسطورة الصهيونية لم تتحقق من خلال قوتها وإنما من خلال الدعم السياسي والاقتصادي والعسكري الغربي، فقد يسر هذا للصهاينة الاستمرار في أحلامهم الوردية المطلقة والتركيز على الثابت دون المتغير، فالإنسان لا يصل إلى نوع من العقلانية والتوازن بين الحلم والواقع إلا من خلال ممارسة يدفع أثناءها ثمن أخطائه وشطحاته، أما بالنسبة للصهاينة فثمة قوى خارجية تسدد فواتير أخطائهم وأوهامهم ولذا فهم يستمرون في ترديد شعاراتهم الفاشية ويتحدثون عن حدودهم المقدسة الآمنة ويطرحون برامجهم السياسية المطلقة
تناول في هذا الفصل كذلك أفكار خلاقة عن استخدام التعميم والتجريد في مستويات معرفية ما والذي بدونه لن يتحرر العربي من واقعه الذي صاغته له الجيوش الغربية وسلعها ومفاهيمها.
____________ (2) الانتفاضة الفلسطينية كنموذج مركب -هذا الفصل جعلني أبكي . ربما هو أكثر فصل مؤثر في الكتاب يصعب علي جدا تلخيص أهم ما ورد فيه على العموم فكك المسيري طرفي الصراع ورؤاهم المختلفة للواقع والتأسيس للتحركات والمقاومة من الواقع نفسه والتاريخ والإيمان بالله.
نرصد من هنا العديد من الملاحظات المسيرية: 1- فلسطينيي الداخل غير منكسرين على عكس عرب الخارج، يرجع ذلك لقوة الفاعل العربي بالداخل وتماسكه. 2- استرجاع الفاعل العربي في الداخل وضياع الفاعل الصهيوني وتفككه كان سببا لقوة الانتفاضة 3- فشل المخطط الصهيوني فير محاولة إغراق العرب بالحاجات الاقتصادية للابتعاد عن قضايا الوطن والأرض والفشل يعود لما أسماه أزمة التجمع الصهيوني والامتلاء الفلسطيني والأولى تعود لتصاعد العلمنة والثانية تعود تماسك الهوية الفلسطينية وتجذرها التراثي الحضاري والديني ورفض الانصياع للنموذج الاختزالي الاستهلاكي
4- آلت النقطة السابقة إلى الإبقاء على روح الجهاد والمقاومة والعمليات الفدائية ومن هنا أدرك الفلسطيني أنه من السهل عليه تعكير صفو الحياة الصهيونية الدنيوية بدون الحاجة للرصاص والسلاح الثقيل وذلك عن طريق سلاح خفيف لكنه فعال وهو الحجر! هكذا الحجر كان ما يثير غضب المستوطنين بشكل عميق حتى أنهم طالبوا بالتدخل المسلح وفرض العقوبات بالسجن المؤبد على من يلقي الحجر! إن العربي الذي يرفض الإنصياع للرؤية البراجماتية التي تود تطبيعه وتدجينه هو نفسه القادر على على أن يدرك تآكل المستوطنين الداخلي وتحولهم إلى شخصيات شرهة مستهلكة غير منتجة ومن هنا الحجر الذي قد لا يقتل ولكنه يعكر صفو المستوطنين ويسقط معنى حياتهم، ومن هنا كانت الانتفاضة!
هذه الرؤية مثيرة للدهشة في الواقع، تقف تلك الرؤية أمام السطحيين ممن يرون عدم نفعية الحجر بل والساخرين من كون الرشاش لا يواجه بالحجر. أكمل المسيري التحليل والتوضيح بأن كل أشكال الانتفاضة مستلهمة من الواقع والتاريخ والرمزيات الإسلامية (الحجر الكعبة) (رجم إبليس) ومن تراث الفلسطينيين، ما بين القطيعة التاريخية الحديثة، والإلهام من التاريخ . أترك لكم باقي أشكال المقاومة بتحليل المسيري ولكن احبسوا أدمعكم فضلا!. _____________ (3) معاداة السامية
تناول هنا المصطلح نفسه والإشكالات حوله وتاريخية العداء لليهود داخل الحضارة الغربية وكذلك عدد من الاتهامات الباطلة حول اليهود ووضعهم في سلة واحدة حول كونهم شياطين متآمرين يحركون البشرية على رقع الشطرنج، إلخ. على عكس رؤية المقاومة لليهود بكونهم بشر لهم خصوصياتهم التاريخية وخاضعين للزمان والمكان
كان من أهم الأسباب المذكورة لكره المجتمعات لليهود هو كونها شكلت في المجتمعات القديمة مجموعات وظيفية قتالية وتجارية وهي مجموعات تقوم بوظائف كريهة أو مشبوهة تتطلب عدم الانتماء مثل التجارة والربا والبغاء. ____________ (4) اليهود كعنصر نافع داخل الحضارة الغربية
تناول هنا موقف الحضارة الغربية من اليهود تاريخيا وحتى الآن مرورا بكونهم (الشعب الشاهد) الذي سيؤمن في نهاية الزمان في الإطار المسيحي العقدي ولأن فتشتتهم لإنكار المسيح وصلبه دلالة على صحة المعتقد . لذا يشير الوضع إلى أهمية الاحتفاظ باليهود كأداة وعنصر غريب لا جذور له في الحضارة ثم تحول اليهود 1-لأقنان البلاط وهي جماعة بشرية يستجلبها المجتمع لتقوم بوظائف يأنف الجميع القيام بها لأنها مشينة كالبغاء كما سبق وذكرنا أو القيام بأمور تتطلب خبرات معينة كالتجارة والطب وكان المفهوم (مجموعة وظيفية) في العصور القديمة وفي العصور الوسطى بالمصطلح السالف وهؤلاء ملكية خاصة للملك ويتمتعون بحمايته وبمزايا خاصة كذلك ووظائفهم محددة (تجارة ربا جمع ضرائب) 2- يهود البلاط وهم شبيهون بالأقنان تماما ولكنهم رجال هامشيين لا حقوق لهم ولا قوة ولا يهددون الأمير بشيء وهم يشكلون أداته الإنتاجية والإدارية وعلاقهم بالأمير علاقة نفعية بحتة للحصول على الثروات وبكونهم يشترون منهم حقوقهم ويفرض هو عليهم ضرائب باهظة. 3- اليهود كشعب نافع وهنا اليهود كجماعة وظيفية أداتية لا غائية يتم الاحتفاظ بها طالما كانت نافعة ويتم التخلص منها متى ما فقدت نفعيتها (فهم داخل المجتمع وخارجه) وتم هذا في عصر الاستنارة عندما فقد اليهود وظيفتهم كمجموعة وظيفية وبهذا يمكن إسقاط المفهوم الحديث لإسرائيل حيث أنها جيتو تابع للغرب يكون في الشرق دون أن يكون في الغرب نفسه وقد وصل هذا التيار إلى قمته في الفكر النازي الذي هاجم اليهود وصنفهم 1- يهود نافعين 2- يهود غير نافعين قابلون للترحيل أو الإبادة
وقد تقبل الصهاينة هذا الإطار الإدراكي فنجد هيرتزل يرى اليهود عنصر بشري فائض غير نافع يجب توظيفه وجعله عنصرا نافعا للحضارة الغربية عن طريق تحويلهم لمستوطنين فالدولة الصهيونية الوظيفية النافعة تدور في نفس الإطار فهي ستقوم بنفس الأعمال التي تقوم بها الجماعة الوظيفية في العصور الوسطى فتتحول إلى مجموعة وظيفية تغرس في الشرق العربي في العصر الحديث وتقوم بنفس الأغمال المشينة القديمة التي لا يمكن للغرب القيام بها لأنه دولة ديمقراطية وليبرالية تحاقظ على صورتها المشرقة فتوكل إلى دولة الصهاينة القيام بتلك الأمور! (حيث توفر الدولة الصهيونية الجو الملائم والتسهيلات اللازمة للترفيه عن الجنود الأمريكيين في تصدير البغايا والمرتزقة كما أن عائدها الوظيفي استراتيجي وسلعتها هي القتال نظير المال
"والدولة الوظيفية الصهيونية لا تقوم مثل الجماعة الوظيفية بتحصيل الضرائب مباشرة ولكنها مع ذلك تحقق ريعا عاليا للدولة الراعية لأنها تقوم بضرب تلك النظم القومية العربية التي تحاول رفع سعر المواد الخام أو حتى تتحكم في بيعها وفي أسعارها أو حتى التي تخطط طريقا تنمويا مستقلا أو تتبنى سياسة داخلية وخارجية تهدد المصالح الغربية بالخطر والضريبة التي يدفعها أعضاء الدولة الوظيفية الصهيونية هي حالة الحرب الدائمة التي يعيشونها بسبب دورهم هذا إن تمويل الغرب لهذا المشروع الاستيطاني مسألة مربحة لكل المستثمرين " ______________ (5/6) تناول ظهور الرأسمالية والفرق بين الرأسمالية الرشيدة في الدولة الحديثة والرأسمالية التقليدية كما تناول الحملة الصليبية من أوجه جديدة وأعاد بعث مصطلح حروب الفرنجة لما له من دلالات عميقة _________ (7) المتحف والذات القومية
لمسني جدا هذا الفصل لأنه في صميم تخصصي ولأنه كان مشروعي في العام الثاني في العمارة، وكل ما قاله حدث فعلا، تصميمنا للمتحف كان تصميم حديث لا يأبه بالهوية ولا التاريخ والمكان بل رص قاعات متواصلة غير متصلة ببعضها، هذا العصر الأموي فالعباسي فالحديث إلخ. مر هنا كذلك بأهمية إدراك قيمة المتحف المعبر عن الذات لأنه لغة بصرية تعمق فهم الإنسان بنفسه ومحيطه كما العمارة فما نحن فيه هو استلاب حضاري حقيقي نمارسه يوميا ونستورد فيه أنماط جاهزة وقوالب تصميمية لا تمسنا بصلة. كل ما أطالب به هو الإطار المتجسد للمتحف، يرى فيه الإنسان المصري ذاته العربية
جاء في هذا الفصل العديد من التفاصيل المعمارية المدهشة حول المتحف وتأثيراته على الزوار وعلى رؤيتهم للعالم وكذلك تناول عدد كبير من متاحف اليهود وأمريكا وكشف العديد من التناقض بين الأقوال والشعارات والأفعال.
على ما يبدو أن المسيري يقدر العمارة كثيرا كونها رسالة وبعد كامن معرفي وفلسفة أكثر من كونها مجرد البناء لشغل الفراغ.
_____________ (8/9) تناول في الفصلين الأخيرين قراءة خلابة لكتاب كيفن رايلي "الغرب والعالم" وإن لم أعيد قراءة الكتاب مجددا فإنني وبلا شك سأقرأ هذين الفصلين منفصلين مجددا لما فيهما من أفكار عميقة حول الفصل بين العلم والسياسة والأخلاق وأثرهما العميق على البنى الاجتماعية وظهور فلسفات كالميكيافيللية والنفعية.
ولأن في الفصل التاسع رصد نموجذا خلابا للخصوصية الحضارية للنسق الثقافي وأن استيراد النماذج كما هي يعد أزمة كبيرة: أختم المراجعة برصد مثال خصوصية الثورة الصناعية البريطانية والتي تعود لأسباب كثيرة متشابكة ومترابطة : 1- ظاهرة التصنيع الرأسمالي في الغرب ليست ظاهرة حتمية ولم تحدث في إنجلترا ثم بقية العالم الغربي للتفوق الإنجليزي الأخلاقي والحضاري ولا لتخليهم عن الأخلاق المسيحية وتبني الفلسفات المادية ولا بسبب قوانين إن تكررت تتكرر الظاهرة إنما بسبب مركب من الظروف المتداخلة: إن فهمنا هذا فهمنا استحالة تقليدها مجدداا منها : موقع إنجلترا الجغرافي في أوروبا وهو موقع لم يبتدعه الإنجليز وكونها جزيرة ملتصقة بأوروبا من جهة ومنفصلة من جهة يسر عملية نقل البضائع 2- توفر بعض المواد الخام والتي دخلت في العديد من الصناعات كالماء والملح والفحم والحديد 3- توحيد السوق لصغر حجم الجزيرة وقصر المسافات بينها على عكس إقطاعيات أوروبا المختلفة وغير المتعاطفة مع رؤوس الأموال 4- تسوير الأراضي الزراعية الإنجليزية لإجبار الفلاحين على التوجه نحو الصناعة 5- تمكن الإنجليز من الصناعة القطنية بمساهمات مزارع العبيد في جزر الكاريبي من وفروا المادة الخام بأبخس الأثمان والأجور تلك السيطرة على الأسواق كذلك كان مما فيها أنها دمرت صناعات النسيج اليدوية المتطورة في الهند 6- توسع الاستعمار الغربي مما أدى لمراكمة رؤوس الأموال وتمويلات عملية تشييد البنية التحتية الأساسية للمجتمع الغربي الحديث 7- تزامن تلك العملية السابقة مع ضعف دولة الإسلام المسيطرة على طرق التجارة مع الهند والصين، ولولا هذا لما تمكنت من النجاح التجاري على مستوى الاستيراد والتصدير لا يعني ما سبق صدفية الظاهرة ولكنه يعني عدم حتميتها ويعني تضافر عدد من الظروف يجب أخذها بالاعتبار.
ختام في كلمات:
نماذجية المسيري مثيرة للإعجاب في الحقيقة وتلاحظ فيها الحماس الشديد لتفكيك الواقع وتأطيره وإعادة تعريفه والنظر له نظرات مغايرة لا لما بين السطور فقط، بل لما خلف السطور وللفلسفة الكامنة في النموذج. لقد أثرى هذا الرجل مكتبتنا العربية بشكل عظيم وأدخل عدد كبير من الأفكار الخلاقة التي تجعلنا نواجه الواقع ونفهمه دون الذوبان في معطياته ودون الانسحاق تحت أحذية الآخر، جعله الله في ميزانه بإذن الله إنها دعوة للاجتهاد السابق للجهاد، لأن الجهاد بلا اجتهاد يعني عدم إدراك لما تواجهه لذا فأنت تنتحر وتبدد جهودك بحماقة وتسرع والحمد لله رب العالمين
كتاب قديم لقيته بالصدفه . ولأنى لم أقرأ اى كتاب كامل للمسيرى (الله يرحمه) فتلقفته بكل سعاده من كتر هوس العرب (والمصريين خصوصا) بنظرية المؤامرة بشك دايما فى اى كلام عن الموضوع له لكن من خلال المسيرى بتقدم لك المعلومات والنظريات والاحداث بصورة مبسطه وواقعيه تجبرك على احترام وجهة نظر الكاتب ان لم تصدقها فى المجمل معلومات مفيده جدا متسقه مع بعضها البعض اللغه المستخدمه بسيطه وممتعه وراقيه فى نفس الوقت
في خضم عالم يتسارع نحو السطحية، حيث تُختزل الظواهر الكبرى في تفسيرات أحادية بسيطة، وتُستبدل الأسئلة العميقة بشعارات جاهزة، يأتي مشروع الدكتور عبد الوهاب المسيري الفكري بمثابة عدة فكرية وبوصلة منهجية لا غنى عنها. فكتابه "الإنسان والحضارة والنماذج المركبة" ليس مجرد مجموعة من الدراسات، بل هو دعوة فلسفية لاستعادة إنسانية الإنسان في مواجهة الحتميات المادية التي تسعى لتحويله إلى مجرد كائن اقتصادي أو أداة في يد قوى عمياء. إنها رحلة بصحبة عقل نقدي فذ، يفكك الظواهر المألوفة ليعيد تركيبها في ضوء جديد، كاشفًا لنا عن البنى المعرفية الكامنة التي تشكل رؤيتنا للعالم دون أن نعي. هذه المراجعة هي دعوة للقارئ للانضمام إلى هذه الرحلة المضيئة، لاكتشاف أداة فكرية ضرورية لفهم تعقيدات عالمنا، وللتفكير في أنفسنا وتاريخنا بعين أكثر عمقًا وحكمة.
لا يمكن فهم أي أطروحة للدكتور عبد الوهاب المسيري دون الإمساك بمفتاح منهجه وأداته التحليلية الأساسية: "النموذج". هذا المفهوم ليس مجرد مصطلح عابر، بل هو العدسة التي يرى من خلالها المسيري العالم بأسره. "النموذج المعرفي التحليلي"، كما يشرحه بالتفصيل في ملحق الكتاب الأول، ليس وصفًا حرفيًا للواقع، بل هو بنية تصورية مجردة يستخلصها العقل من تفاصيل الواقع المتناثرة ليكتشف العلاقات الخفية التي تربط بينها. إنه، على حد تعبير المسيري، "صورة مجازية مكثفة منفتحة على الواقع"، مما يعني أنه أداة إبداعية غير جامدة، قريبة في معناها من مصطلح "النمط المثالي" (Ideal Type) الذي استخدمه عالم الاجتماع ماكس فيبر كأداة تحليلية لعزل بعض جوانب الواقع وإبرازها.
إن العلاقة بين هذا النموذج والواقع ليست علاقة تطابق ميت، بل هي "علاقة حلزونية" حية، حيث يتحرك الباحث من الواقع إلى النموذج ثم يعود إلى الواقع مرة أخرى، في عملية صقل وتكثيف مستمرة تزيد من قدرة النموذج التفسيرية. وعلى هذا الأساس، يقيم المسيري مقارنة حادة بين نموذجين أساسيين:
* النموذج الاختزالي: وهو نموذج بسيط ومُغلق يرد الظواهر الإنسانية المركبة إلى عامل واحد أوحد، سواء كان ماديًا (الاقتصاد)، أو بيولوجيًا (العرق). هذا النموذج، بحسب المسيري، يقع في فخ الحتمية ويشل قدرتنا على الفهم والإبداع. * النموذج المُرَكَّب: وهو نموذج منفتح ومتعدد الأبعاد، يأخذ في الاعتبار تداخل العناصر السياسية، الاجتماعية، الاقتصادية، بل ويصل إلى الأبعاد الحضارية والمعرفية الكامنة. إنه يرى الواقع شبكة من العلاقات الحية، وليس مجرد تراكم لحقائق ميتة.
ولتوضيح الفارق، يسوق المسيري مثالًا عمليًا باهرًا من التراث الإسلامي، وهو تحليله لحديثين شريفين: حديث المرأة التي عُذّبت في هرة حبستها، وحديث الرجل الذي غُفر له لأنه سقى كلبًا. لو نظرنا إليهما من منظور "الفكر المضموني" السطحي، لوجدنا تناقضًا ظاهريًا. لكن "التحليل النماذج" الذي يقترحه المسيري يتجاوز المضمون ليصل إلى البنية الكامنة المشتركة. كلا الحديثين، في جوهرهما، يؤسسان لنموذج معرفي واحد حول علاقة الإنسان بالطبيعة؛ إنها علاقة توازن ومسؤولية، يكون فيها الإنسان هو الفاعل المكرَّم والمسؤول عن أفعاله تجاه الكائنات الأخرى.
هذه الأداة التحليلية الدقيقة هي التي مكنت المسيري من الغوص في أعماق ظواهر تاريخية كبرى، وتفكيكها ببراعة لكشف نماذجها الكامنة، وهو ما يتجلى بوضوح في تحليله للصهيونية والانتفاضة الفلسطينية.
إن الإنجاز المنهجي الأبرز للمسيري هنا هو إعادة تأطير الصهيونية بشكل جذري، حيث يحرر تحليلها من الإطار اليهودي الضيق، ليغرسها بعمق في تربة التيارات الفكرية والسياسية للإمبريالية الغربية في القرن التاسع عشر. فبدلًا من الوقوع في فخ التفسيرات الاختزالية، يجادل المسيري في الفصل الأول ("الصهيونية والرومانسية") بأن الصهيونية هي ابنة شرعية للحضارة الغربية، وأن نموذجها المعرفي يحمل سمات الحركة الرومانسية، والفكر النيتشوي، والداروينية الاجتماعية.
يستخلص المسيري ببراعة السمات المشتركة بين بنية الفكر الرومانسي والصهيوني، ومنها البحث عن المطلق، والفرادة، والعقل الخلاق، والفكر العضوي. لكنه يحدد الاختلاف الجوهري والحاسم؛ فبينما كانت الرومانسية تتحدث عن الإنسانية جمعاء، قام الصهاينة بتحويل هذه المفاهيم الإنسانية العامة إلى مفاهيم عنصرية خاصة باليهود وحدهم. وهكذا، تحول المطلق الرومانسي الذي كان أداة لتأكيد تركيبية الإنسان إلى ما وصفه المسيري ببراعة:
"...أسطورة جامدة تختزل الإنسان وتستخدم كأداة لسحق الآخر."
هذا التحول العنصري لم يكن مجرد انحراف، بل كان متسقًا مع روح العصر الإمبريالي. ففكر نيتشه، الذي يصفه المسيري بأنه "فيلسوف الإمبريالية والداروينية الأكبر"، قد وفر الإطار الفلسفي اللازم، حيث تحول مفهوم "الإنسان المتفوق" (Übermensch) إلى "الأمة المتفوقة" التي تتجاوز كل الحدود الأخلاقية. ولتعميق هذا التحليل، يوضح المسيري في الفصل الرابع ("اليهود كعنصر نافع داخل الحضارة الغربية") أن النظرة الغربية لليهود كانت دائمًا نظرة نفعية واختزالية، تراهم "وسيلة" لا "غاية"، أي أداة يمكن توظيفها لخدمة مصالحها. وهذا ما يفسر كيف تبنى الغرب المشروع الصهيوني، ليس حبًا في اليهود، بل لخدمة مشاريعه الإمبريالية. ويلخص المسيري هذه الأطروحة الحضارية في جملة كاشفة وقوية:
"...والغرب (وليس العالم كله) هو الذي أفرز الصهيونية وهو الذي أرسل بيهوده لنا."
في مقابل هذا النموذج الغربي الاختزالي، يقدم المسيري نموذجًا إنسانيًا حيًا ومُركبًا يتجلى في ظاهرة أخرى، ولدت من رحم المعاناة والإبداع.
إذا كان تحليل الصهيونية يمثل تشريحًا لنموذج "ميت"، فإن تحليل المسيري للانتفاضة الفلسطينية عام 1987 يمثل احتفاءً بنموذج "حي" ومركب. ينتقل المسيري هنا من تفكيك نماذج القهر إلى استلهام نماذج الحياة، معتبرًا الانتفاضة ليست مجرد رد فعل سياسي، بل هي فعل حضاري عميق أعاد بعث الإنسان وربطه بأرضه وتراثه.
يطرح المسيري في الفصل الثاني مفهومًا محوريًا هو "نموذج التكامل غير العضوي". هذا النموذج، الذي يقف نقيضًا لكل من نموذج "التلاحم العضوي" الصلب ونموذج "التفتت الذري" المفكك، يشير إلى بنية حركية مرنة، أجزاؤها مترابطة لكنها ليست متلاحمة، مما يمنحها قدرة هائلة على الاستمرار والإبداع. ويرى المسيري أن جذور هذا النموذج لا تكمن في النظريات الثورية الغربية، بل في التراث الحضاري العربي الإسلامي نفسه، ويستشهد على ذلك بحديثين شريفين: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً"، و"مثل المؤمنين... كمثل الجسد". فكلا التشبيهين، كما يحللهما المسيري، يقدمان نموذجًا للتكامل القوي والمرن في آن واحد؛ فهو ترابط البنيان المتين الذي تتخلله الثغرات، وتداعي الجسد الواحد الذي يحتفظ فيه كل عضو بخصوصيته.
ولتوضيح هذا النموذج، يستخدم المسيري ��مثلة حية ومؤثرة من رحم الانتفاضة:
* الحجر: ليس مجرد سلاح، بل هو بلورة كاملة للنموذج. إنه سلاح طبيعي، متوفر للجميع، يعبر عن الإجماع الشعبي، ولا يمكن مصادرته. * التصعيد الأفقي: بدلًا من التصعيد الرأسي (زيادة العنف)، لجأت الانتفاضة إلى زيادة الإبداع والخبرة، مثل حيلة الفوطة المبللة أو الوزنة الحديدية. * التدوير (Recycling): وهو ما يميز المجتمعات الحية، حيث حولت الانتفاضة السجون إلى أكاديميات، والشهداء إلى طاقة متجددة تزيد الجماعة تماسكًا، والألم إلى إبداع. * حيلة البطيخة: تصل عبقرية الإبداع الشعبي إلى ذروتها في هذه الحيلة. فحين منعت قوات الاحتلال رفع العلم الفلسطيني، كان الفلسطينيون يقطعون بطيخة ويرفعونها. فألوانها -الأحمر والأخضر والأبيض والأسود- هي ألوان العلم. وبهذا الفعل الذكي، تم تحويل رمز للهوية إلى سلاح لا يمكن مصادرته، يهزم آلة القمع بابتسامة ساخرة.
بهذا التحليل، يرى المسيري أن الانتفاضة كانت فعلًا حضاريًا استعاد أشكالًا تقليدية من التكامل الاجتماعي ورفض النموذج الاستهلاكي المادي. لقد كانت فعلًا واعيًا وخلاقًا من "العودة عن الحداثة" (demodernization) نحو نموذج أكثر تجذرًا وإنسانية، يربط بين الأفكار والواقع، والمادي والديني، في نسيج واحد.
وهنا يصل منهج المسيري إلى ذروته التطبيقية، ليثبت أن الظواهر التاريخية الكبرى لا يمكن فهمها عبر عدسة واحدة. فعلى الرغم من نقده العميق للمادية الاختزالية، إلا أنه لا يقع في فخ المثالية التي تهمل دور العوامل المادية. منهجه المركب يسعى دائمًا إلى رؤية التفاعل الجدلي بين الأفكار والمصالح، وبين الدين والاقتصاد، معتبرًا أن أعظم التحولات في التاريخ هي نتاج هذا التفاعل المعقد.
في الفصل الخامس ("الرأسمالية الرشيدة")، يقدم المسيري تحليلًا بارعًا لأطروحة ماكس فيبر حول علاقة الأخلاق البروتستانتية بنشأة الرأسمالية. يرى المسيري في هذا التحليل نموذجًا مثاليًا للتفكير المركب. ففيبر أوضح كيف أن مقولة دينية (الزهد داخل الدنيا، والعمل كرسالة إلهية) خلقت توجهًا نفسيًا وأخلاقيًا يتوافق مع "روح الرأسمالية الرشيدة" القائمة على التراكم المنظم، موضحًا الفارق بين "رأسمالية المجتمعات التقليدية" العشوائية، و"الرأسمالية الرشيدة" الحديثة.
ينتقل المسيري لتطبيق نفس المنهج على حملات الفرنجة. في الفصل السادس، يتجاوز التفسيرات الأحادية التي ترد هذه الحملات إما إلى دافع ديني خالص (استعادة القدس) أو دافع اقتصادي خالص (البحث عن الثروة). بدلًا من ذلك، يقدم رؤية مركبة ترى هذه الحملات نتاج تضافر شبكة معقدة من الدوافع: الانتعاش الاقتصادي، تزايد السكان، البعث الديني، حركة الحج، الأحلام الألفية، والدوافع السياسية للنبلاء.
الفكرة الأساسية التي يبرزها المسيري هي أن الظواهر التاريخية العظمى ليست أبدًا "مادية" بحتة أو "روحية" بحتة، بل هي وليدة التفاعل الجدلي العميق بينهما. وهذا المنهج ليس مجرد أداة أكاديمية، بل هو دعوة فلسفية نحو رؤية أكثر حرية وإنسانية للعالم، ترى الإنسان فاعلًا في التاريخ وليس مجرد أداة في يد حتميات عمياء.
في نهاية هذه الرحلة، نكتشف أن كتاب "الإنسان والحضارة والنماذج المركبة" يتجاوز كونه مجرد تحليل لظواهر تاريخية. إنه في جوهره مشروع لتحرير العقل الإنساني. فالدعوة إلى تبني "النموذج المركب" هي دعوة لكسر قيود الحتميات التي تختزل الإنسان وتجرده من أعز ما يملك: حريته وقدرته على الإبداع والاختيار.
لقد علمنا المسيري أن ننظر إلى الصهيونية لا كشر أزلي، بل كظاهرة تاريخية لها جذورها في تربة الحضارة الغربية الحديثة. وعلمنا أن نرى في الانتفاضة لا مجرد عنف، بل إبداعًا حضاريًا يعيد تعريف المقاومة. وأرانا كيف أن أعظم التحولات في التاريخ هي نتاج تفاعل معقد بين ما هو مادي وما هو روحي.
إن إرث المسيري ليس مجموعة من الإجابات، بل هو موقف فكري وأخلاقي؛ دعوة أبدية لإعادة الاعتبار للفاعل الإنساني ككائن مركب، حر، ومسؤول في التاريخ. في نهاية المطاف، ليس هذا الكتاب مجرد نص يُقرأ، بل هو ميدان لتدريب العقل، وتمرين ضروري في التحرر الفكري لكل من يسعى لفهم العالم ومكانه فيه.
قضية المسيري في هذا الكتاب العميق هو الإنسان والظواهر الإنسانية التي يحاول تفسيرها بالنماذج المركبة التي لا تختزل الإنسان والحضارة في عنصر واحد! لذلك يستدل ببعض الظواهر الإنسانية مثل الانتفاضة الفلسطينية ويحاول أن يفسرها بناء على النماذج المركبة! ليأخذ القارئ في توضيح نموذج التكامل الفضفاض (غير العضوي)!
يكتب عن الحضارة الغربية بعين الناقد لا العنصري مستخدمًا النماذج المركبة في رؤيتهم للإنسان! حيث يذكر بأنها اختزلت الإنسان في البعد الواحد الذي يمكن قياسه كما تقاس المادة! ويتوسع ويذكر كيف أن هذا التفسير جعل العلم والصناعة والمجتمع بأسره أشياء لها قوانينها (الموضوعية) التي لا ينتظمها بالضرورة إطار إنساني والتي لا تتبع بالضرورة أي إيقاع إنساني!
يبدع في التفرقة بين العلم داخل إطار إيماني حيث يكتسب حدودًا وغاية إنسانية تعرف وجهتها! والعلم داخل إطار مادي الذي جعل من المنفعة والمتعة واللذة المقاييس الوحيدة والنهائية لحياته ووجوده لا يعرف أي حدود والنتيجة أنه لا يملك إلا استهلاك ماحوله واستهلاك نفسه!
رسالة الكتاب هي توجيه نظر القارئ إلى الأبعاد المختلفة والمركبة في تفسير الظواهر الإنسانية وعدم اختزالها في تفسير بسيط!
"لأن الإنسان ليس ظاهرة طبيعية/مادية بسيطة، بل كائن مركب مفعم بالأسرار! توجد مسافة تفصله عن الطبيعة وعن عالم الأشياء، لا يدرك واقعه بشكل حسي مادي مباشر، إلا في حالات نادرة، تتسم بالبساطة، كأن تلسع يده سيجارة أو يدخل في عينيه جسم صلب. فالإنسان ليس مجموعة من الخلايا والأعصاب والرغبات والدوافع المادية (الاقتصادية أو الجنسية) التي يمكن أن يُرد لها في كليته (كما يزعم الماديون) وسلوكه ليس مجرد أفعال وردود أفعال مشروطه، تتحكم فيها قوانين الميكانيكا أو الأحياء (كما يرى بعض السلوكيين) فعقله ليس مجرد مخ طبيعي/مادي: صفحة بيضاء تتراكم عليها المعطيات المادية، وإنما عقل مبدع، له مقدرة توليدية، وهو مستقر كثير من الخبرات والمنظومات الأخلاقية والرمزية ومستودع كثير من الذكريات والصور المخزونة في الوعي واللاوعي."
كم اعجبنى وامتعنى ذلك الفصل الذى يدرس فيه الانتفاضة دراسة موضوعية
اعجبنى ربط الاقتصاد باللغة بالتاريخ بالسلوك
لماذا لا يكون لدينا متحفا عربيا ليس مصمما على الطراز الاوروبى العاكس لثقافتهم الناتجة من متغيرات ليست لدينا ---- تصميم متحف عربى الطراز والتاريخ فكرة رائعة ربما سانفذها يوما ما
لماذا لا نستغل سلبياتنا فى تطورنا مثلما استغلت الحركة الصهيونية انعزال اليهود وعدم انخراطهم فى المجتمعات الى تاسيس مجتمع منغلق قائم على العنصرية
الحماس والانفعال وحب اللغة والكلام صفات اصيلة ف كل عربى لكننا دائما نحتقرها لماذا لا ندرس انفسنا ونحاول توجيهها بدلا من النظر اليها بالمنظور الغربى ان آفتنا هى احتقارنا الدائم لانفسنا
الصهيونية وتحليلها وعلاقتها بالرومانسية اشياء بعثت فى نفسى الدهشة تقبلها لان المؤلف لو قفز الى الاستنتاج ما كنت تقبلته لكن التحليل وسياق الادلة التاريخية وتحليلها اقنعنى كم احببت طريقة اقناعى
الزمن الميكانيكى والزمن العضوى----- قسمنا الزمن الى تقسيمات متساوية تسمى الثوانى ----- لم نقسمه طبعا لضربات القلب او معدل الشهيق والزفير او تغير الفصول الطبيعية
عندما تكلم عن علاقتنا بالطبيعة وبين الالة الصناعية الجامدة التى اخترعها الانسان وانعكست عليه بطبيعة الحال ذكرتنى بمحاولة استبدال العناصر الكربونية (اشباه الموصلات) الغير العضوية بالبيو تكنولوجى والذكاء الاصطناعى العضوى ك دى ان ايه
ومحاولة احلاله لتلك المركبات غير العضوية والسؤال الان ما مدى انعكاس ده ع تفكيرنا
في البداية هذا من آخر كتب الدكتور عبدالوهاب المسيري، وأظن أنه من الكتب الشاملة في فكره عن الإنسان والحضارة الغربية وموقفه من الدولة الصهيونية، في الفصول الأولى ناقش الدكتور الإنتفاضة الفلسطينية الأولى ووصفها بالنموذج الانتفاضي وعرفها بمصطلح ( نموذج التكامل غير العضوي ) : هو نموذج يسمح بوجود ثغرات بين الأسباب والنتائج، وبين الكل والجزء، والجزء والآخر. وأسهب في شرح تاريخ اليهود وعلاقتهم بأوروبا وملوكها ووظيفتهم في كل أرض تطفلوا عليها، فصول عظيمة تساعد فهم المعضلة اليهودية وتاريخها المرتبط بملوك أوروبا وأمريكا البروتستانتية. في الفصول الأخيرة تظهر لنا فصول واقتباسات من كتاب صديق الدكتور عبدالوهاب المسيري " كافين رايلي" من كتابه ( الغرب والعالم ) فناقش العنصرية والحرية واللون والأفكار وغيرها من منظور رايلي عن هذه المواضيع وتحليله لتاريخ أوروبا وسبب تفوق إنجلترا على نظرياتها من الدول الأوروبية لأسباب عديدة يشرحها بين صفحات الفصل الأخير.
#مراجعة_كتاب 📚📚📚📚📚📚📚 اسم الكتاب: الإنسان والحضارة الكاتب : عبد الوهاب المسيري عدد الصفحات : 248 الطبعة : الأولى يناير 2018 دار النشر : دار دوّن 📝📝📝📝📝📝📝📝📝 #التعريف_بالكاتب: عبد الوهاب محمد المسيري (أكتوبر 1938 - 3 يوليوز 2008)، مفكر وعالم اجتماع مصري مسلم، وهو مؤلف موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية أحد أكبر الأعمال الموسوعية العربية في القرن العشرين.اشتغل كأستاذ جامعي في عدد من الجامعات العربية والعالمية. صدرت له عشرات الدراسات والمقالات عن إسرائيل والحركة الصهيونية ويعتبر واحدًا من أبرز المؤرخين العالميين المتخصصين في الحركة الصهيونية. 📖📖📖📖📖📖📖📖📖 #نبذة_مختصرة : الكتاب عبارة عن تجميع وإعادة نشر لأعمال المفكر الأولى التي تتكون من دراسات نظرية وتطبيقية باعتماد النماذج المركبة لتفسير مجموعة من الظواهر الانسانية المتعلقة خاصة باليهود و الصهيونية وعلاقة الانسان بالحضارة والتاريخ والثقافات. 📔✏️📔🖊️📔✏️📔🖊️📔✏️ #تقسيم_الكتاب : _ اهداء ومقدمة _ الفصل الأول : الصهيونية والرومانسية. _ الفصل الثاني : الانتفاضة كنموذج مركب. _ الفصل الثالث : معاداة السامية. _ الفصل الرابع : اليهود كعنصر نافع داخل الحضارة الغربية. _ الفصل الخامس : الرأسمالية الرشيدة. _ الفصل السادس : حملات الفرنجة والجماعات اليهودية. _ الفصل السابع : المتحف والذات القومية. _ الفصل الثامن : السببية والحرية. _ الفصل التاسع : الأفكار والواقع. _ ملحق 1و 2 : شرح المصطلحات المهمة 📚📚📚📚📚📚📚📚📚📚 #أهم_الأفكار :
🔖 الفصل الأول : الصهيونية والرومنسية:
تقديم مبسط لتعاريف حول الرومانسية والصهيونيةفي محاولة أولية لاستخدام المنهج المركب من خلال دراسة علاقة الصهيونية كحركة سياسية بالتوجه الرومنسي الذي عُرف على أنه ثورة ضد النفعية والمادية وساد في أوربا منذ نهاية القرن 18 حتى بداية القرن 20. حيث تلتقيان في بحثهما عن مطلقٍ يتجاوز السطح ويتميز بلاعقلانيته وعودته للعاطفة أساساً حيث يفرض الأسطورة على الواقع (شعب الله المختار مثلا).
🔖الفصل الثاني : الانتفاضة كنموذج مركب.
هنا يقدم الكاتب قراءة تحليلية للانتفاضة الفلسطينية لسنة 1987م بالاعتماد على المنهج التركيبي بعد ان فكك الرؤى المختلفة لأطراف النزاع ورصد أهم العناصر التي افشلت المخطط الصهيوني وأدت إلى الانتفاضة حيث لخصها فيما يلي: * أزمة التجمع الصهيوني: نتيجة تصاعد معدلات العلمنة، حيث لوحظ ان الاستيطان لم يعد يتمّ باسم العقيدة الصهيونية وإنما بإغراءات المستوى المعيشي المرتفع.وهذا ما سماه بأزمة "هوية الشعب اليهودي". * الامتلاء الفلسطيني: حيث رصد تزايد ثقة الفلسطينيين وتمسكهم بهويتهم رغم محاولات إغراق المجتمع الفلسطيني بالحاجات الاقتصادية للابتعاد عن قضايا الوطن. * النموذج الانتفاضي: يرصد المسيري هنا أشكال الانتفاضة ويحلل أشكالها المستلهمة من التاريخ والتراث ..كرمزية الحجر وشجرة الزيتون... ويلقي الضوء على معنى الانتفاضة ومدلولها الذي يشير إلى حركة خلاقة ،قوة ساكنة كامنة مصدرها ليس من خارج النسق وإنما من داخله...
🔖الفصل الثالث: معاداة السامية.
يؤكد الكتاب انه لا يمكن فهم هذه الظاهرة دون وضعها في سياقها التاريخي والسياسي والاقتصادي، حيث تطرق إلى أسباب كره اليهود في المجتمع الغربي وهو ما سيفصله في الفصل اللاحق.
_🔖الفصل الرابع: اليهود كعنصر نافع داخل الحضارة الغربية.
شكل اليهود في المجتمع الغربي جماعة وظيفية تجارية او قتالية تقوم بوظائف مشبوهة تتطلب عدم الانتماء للمجتمع مثل البغاء والربا، وهذا ما جعل وجودهم والحفاظ عليه وسيلة لا غاية ..فهم يوظفون لصالح خدمة الحضارة الغربية باعتبارهم: * الشعب الشاهد: لأن تشتتهم دليلٌ على صحة المعتقد المسيحي وكذا عقابٌ لهم على صلب المسيح. * أقنان البلاط: اليهود كانوا على مر العصور ملكية خاصة للملك، يشكلون أداته الإنتاجية ، ويتمتعون بحمايته مقابل ضرائب باهضة يصبونها من أموال الشعب في خزينته الخاصة. * الشعب النافع: عند بدايات عصر الاستنارة بدأ اليهود يفقدون وظيفتهم النفعية .لذلك بدأ المجتمع بالتفكير في طرق للتخلص منهم. _🔖الفصل الخامس: الرأسمالية الرشيدة.
يتناول هذا الفصل ظهور الرأسمالية والفرق بين الحديثة والقديمة عبر دراسة أطروحات ماكس فيبر الخاصة بعلاقة البروتستانية(دينيا)والرأسمالية الرشيدة (اقتصاديا).
🔖الفصل السادس: حملات الفرنجة والجماعات اليهودية.
يقدم الكاتب هنا رؤية مركبة حول الدوافع الدينية والاقتصادية والحضارية لما يسمى بالحروب الصليبية وعلاقتها بالجماعات اليهودية . 🔖 الفصل السابع: المتحف والذات القومية.
يتناول الكاتب بالدراسة عددا كبيرا من المتاحف في العالم العربي والغربي، وقد ركز على أهمية إدراك قيمة المتاحف لأنها لغة بصرية تعمق فهم الإنسان لنفسه ومحيطه وبالتالي لحضارته و وجوده التاريخي.
🔖الفصل الثامن والتاسع: الانفصال عن القيمة/ الأفكار والواقع.
تناول الكاتب في هذين الفصلين قراءة لمنهج المؤرخ الأمريكي كافين رايلي مؤلف كتاب "الغرب والعالم"وكيف استخدم النماذج المركبة في تفسير ظواهر حضارية مختلفة.. ثم يختم الكاتب بالتأكيد على ان الاختزال يسد كل الطرق ليفتح بابا واحدا وأوحدا للتفسير..وهذا ما يعيق إمكانات الحرية في فهم و شرح وتفسير الظواهر الإنسانية.
📔📔📔📔📔📔📔📔📔📔 #اقتباسات
🖊️📒...إن الحجر في حالة الانتفاضة ليس مجرد سلاح استخدمه المنتفضون بكفاءة عالية، وإنما هو بلورة كاملة لنموذج التكامل.....فالحجر موجود بكثرة داخل معجمنا الحضاري....فالحصان يشبه في معلقة امرء القيس ب ""جلمود صخر"", ونعرف كذلك آية الطير الأبابيل، وما له من رمزية في شعائر الحج....ص42 📔🖋️✏️ الاستعمار ظاهرة انسانية، والعنصرية ظاهرة إنسانية، والشر ظاهرة إنسانية، ...ولذا يمكن رصدها وتفسير معظم جوانبها، والتفسير والفهم يختلفان عن التعاطف والتقبل، وهما ضروريان للتعامل مع الواقع وتغييره، اي ان الاجتهاد ضروري للجهاد، فبدونه سيعني اننا نقذف بأنفسنا في نيران عجائبية غامضة دون سابق معرفة . ص 78
🖋️🗒️تركت حروب الفرنجة تأثيراً عميقاً في إدراك الوجدان الغربي لفلسطين أو للعرب، فأصبحت فلسطين الأرض المقدسة التي لا بد أن تُسترجع ليوطّن فيها عنصر غربي، وأصبح العرب هم الغرباء الذين يجب استبعادهم، وقد أصبحت هذه الصيغة هي الصيغة التي تمّ علمَنَتُها فيما بعد لتصبح "الصهيونية". ص 129
يعكس الكتاب فكر الدكتور عبد الوهاب المسيري رحمه الله ،وطريقة تفكيره المنهجية، واسلوبه الذي طورالنماذج التفسيرية والتحليلية سواء في أبحاثه عن الصهيونية أو أبحاثه عن العلمانية لايخفى على القراء ان د المسيري له طريقة فلسفية تحليلية تخاطب العقل وتحفزة على التفكير والتأمل وسأحاول هنا ان اذكر بعض ماورد في هذا الكتاب من نقاط مهمة في هذا الكتاب يضرب «المسيري» مثالًا على فكرته، بالحديث عن علاقة الفكر الرومانسي الذي نشأ في الغرب في القرن التاسع عشر، على يد جان جاك روسو وغيره، وعلاقته بالصهيونية، مستندا على مستويين؛ مستوى المضمون (علاقة الصهيونية بالرومانسية) ومستوى المنهج (كيف وصلنا إلى ما وصلنا إليه من أفكار)
انتقل «المسيري» بعد ذلك للحديث عن الأسباب التي أدت إلى الانتفاضة الفلسطنية في فترة الثمانينات، أحد هذه الأسباب تمثل في أزمة الصهيونية التي انتقلت من مرحلة تجميع وتراكمرأس المال وإرجاء اللذة إلى مرحلة اللذة والاستهلاك؛ ما ظهر بوضوح في اعتماد الترويج للمستوطنات عن طريق مستوى المعيشة المرتفع والرفاهية بدلًا من الاعتماد في السابق على الشعب اليهودي والأرض المقدسة،
وفي موقع اخر من الكتاب يرى «المسيري» أن ثمة جانبًا في الفكر الصهيوني لم يُلقِ الضوء عليه بما فيه الكفاية، وهو الإيمان بأن معاداة السامية هي أحد ثوابت النفس البشرية، التي لا تتغير ولا تتحول مهما تغيرت الظروف والأزمة والأمكنة، فيبدأ في تفسير مصطلح «معاداة السامية» مستخدمًا التفكير المنهجي والأدوات التحليلية، فيفرق بين التفسيرات المختلفة للكلمة، والتي لو أُخذت بالمعنى الحرفي تعني العداء للساميين أو لأعضاء الجنس السامي الذي يشكل العرب أغلبيته العظمى، ولكن المصطلح في اللغات الأوروبية يقارن بين الساميين واليهود ويوحد بينهم فقط.
هدا جزء بسيط جدًا من ملحمة فكرية يقدمها «المسيري» على 9 فصول، تحدث فيها عن الكثير من القضايا السياسية والاجتماعية، اتضحت فيهاقدرته على توظيف النماذج التفسيرية كأدوات تحليلية، فهو يربط بين دوائر الفكر المختلفة ربطًا مركبًا عبر نماذج تحليلية.
الكتاب لا يقدم لك معلومات عليك تقبلها، ولا يقدم لك نماذج مختصرة ولكنه يقدم تحليلًا مركبًا يخاطب عقلك ويفتح آفاق التفكير التحليلي بداخلك،
الكتاب عبارة عن مقالات طويله و عليه كل فصل موضوع مستقل يجمع بينها فكره الحضاره
بعض الفصول بصراحه كانت معقده بالنسبه لي " كقارئ عادي و غير اكاديمي" لانها تتكلم عن اساليب البحث العلمي و بعض الفصول كانت ممتعه و خصوصا فصل المتاحف كان عبقري
يعد الدكتور عبدالوهاب المسيري من رواد الفكر الإسلامي والذين إتخذوا موقفا وسطا بين اليمين الديني واليسار العلماني، فهو مؤلف موسوعة: اليهود واليهودية والصهيونية، وصاحب نظرية "العلمانية الجزئية" والتي مايزت بين الدين والدولة عوضا عن فصلهما كما هي في العلمانية الشاملة، و تتميز مؤلفات الدكتور بعمقها الفكري الذي يتطلب قدرا من الثقافة لفهم مقالاته ومجاراه أفكاره رغم سهولة أسلوبها وبساطة مفرداتها
وفي كتابه هذا “الإنسان والحضارة” يركز المسيري فكرة رئيسية هي: ضرورة إستخدام النماذج المركبة لتفسير الظواهر الإنسانية، وينتقد فيه المادية الغربية والتي ترى الأشياء وتحكم عليها من خلال منظور إختزالي واحد، وأسهب في بيان النماذج المركبة وتطبيقاتها على التاريخ في فصول الكتاب وإتخذ من القضية الفلسطينية وعدة أحداث تاريخية مثالا على نماذجه، وإستطاع بجدارة أن يردم الهوة بين الواقع وعالم الافكار، ولذا فإن إستيعاب هذه النماذج وتطبيقها على الواقع هي الخلاصة في كتابه هذا
بعض مما جاء في الكتاب
“والفكر العربي أحوج ما يكون الى هذا التحليل المركب للظواهر الانسانية حتى لا يقع في إسار الحتمية، وبالتالي البغبغائية والنقل عن الاخر دون نقد أو تحليل”
"الصهيونية حركة يهودية تستخدم السياسية لتحقيق مآربها"
“الرومانسية ثورة ضد النفعية والمادية وكل الاتجاهات الميكانيكية التي تحاول ان تختزل الظاهرة الانسانية بان تردها الى شيء خارج عنها من العناصر المادية مثل الاقتصاد “
“ يجب الا نحكم على نسق فكري او اجتماعي ما الا بعد توصيفه وتصنيفه، ثم ننصرف بعد ذلك لاطلاق الاحكام القيمية، وحينما نفعل ذلك يجب ان نكون واعين بما نفعل وبأن التقييم يختلف عن الوصف”
"في تصوري أن نيتشه من أهم الفلاسفة الغربيين في العصر الحديث إن لم يكن أهمهم على الإطلاق، فهو فيلسوف الإمبريالية والداروينية الأكبر ويمكن أن نرى خطا واضحا يمتد من ميكافيلي عبر الفلاسفة الماديين والنفعيين الى أن نصل الى نيتشه الذي عزف معزوفته العدمية"
“العلاقة بين الفكر والسلوك وبين العناصر الفكرية والاجتماعية والعن��صر الاخرى في المجتمع ليست سببية وانما علاقة احتمالية، ولذا نجد أن بنية فكرية وحضارية ما قد تؤدي الى الشيء وعكسه”
"إن الرومانسية هي المرحلة التي يدخلها الإنسان الذي يؤمن بإفلاس الحواس وبفشل الأمر الواقع في إشباع جوعه الروحي"
“في تصوري أن إحدى مشكلات الفكر العربي أنه لا يزال فكرا مضمونيا اي يتعامل مع المضامين المباشرة ولا يصل الى العلاقات المجردة الكامنة”
“فالإبداع هو أساسا اكتشاف علاقات جديدة بين الاشياء”
“والفكر النازي بعيدا عن الممارسة النازية فكر قومي رائع”
“حينما كان بعض الشباب العادي يدخل السجن يتم تحوليهم الى كوادر انتفاضية واعية وهذا ما حول السجون الى اكاديميات لتخريج الثوار”
“وقد تركت الانتفاضة بسبب عدم التزامها بقانون مجرد واحد مجالا واسعا للابداع الشخصي وحولت الارتجال الى شكل مهم من اشكال النضال الابداعي الذي يمكن استيعابه داخل التخطيط المركزي الفضفاض”
“ولذا يمكن القول أن الانتفاضة الفلسطينية نموذج يقع بين النموذج الفيتنامي (القتال المسلح) والنموذج الغاندي (العصيان المدني السلمي) ومع هذا بوسع النموذج الفلسطيني أن يتحرك في نطاقهما ان لزم الامر”
“إن حركة العصيان المدني التي تستمر لمدة أكثر من ست سنوات يمكن أن تستمر الى ما لا نهاية لانها تكون قد شيدت كل المؤسسات البديلة لادارة المجتمع”
“ولعل من أهم الاسباب التي ادت الى ظهور معادات اليهود وانتقالها من حالة الكمون الى مستوى البنية الاجتماعية والفعل الاجتماعي أن معظم الجماعات اليهودية كانت تشكل جماعات وظيفية قتالية وتجارية في المجتمعات القديمة”
“أغلبية يهود العالم كانوا يوجدون في اوروبا مع نهاية القرن الثامن عشر، في بولندا على وجه الخصوص”
“فالمصالح الامبراطورية لا حب اليهود هي التي دفعت بريطانيا لتبني المشروع الصهيوني”
“من الثابت ان فلسفة نيتشه زودت العنصريين وأعداء اليهود بإطار يتمتع بالاحترام والمصداقية”
“من المعروف أن مؤسسي الحركة الصهيونية ملاحدة يدورون في اطار الداروينية والنيتشوية، الفلسفات الحاكمة في اوروبا انذاك، وهرتزل على سبيل المثال كان لا يعرف الشعائر اليهودية”
“كان المستوطنين الصهاينة في الثلاثينيات يقومون بمظاهرة في يوم كيبور ويسيرون أمام حائط المبكى ليأكلوا سندويتشا من لحم الخنزير إعلانا في نجاحهم في التخلص من موروثهم اليهودي”
“صدر مرسوم ملكي فرنسي سنة 1230 جاءت فيه اشاره لليهود بإعتبارهم من الرقيق”
“اليهود كشعب شاهد أو كجماعة وظيفية كانوا اداة لا غاية، وسيلة لا هدف، يتم الاحتفاظ بهم طالما كانوا نافعين ويؤدون وظائفهم”
“ويتسم الانتاج الرأسمالي بالتقسيم الحاد للعمل وبإنفصال صاحب العمل عن العمال”
“ولذا لا يمارس الانسان البروستانتي مهنته في الاديرة والمعابد (على الطريقة الكاثوليكية) وإنما يمارسها في الدنيا وفي السوق”
“يدور النظام الاقطاعي الغربي حول نشاطين أساسيين: الزراعة والقتال”
“وتشكل الحروب والمشاريع الاستيطانية وسيلة تقليدية للتخلص من العناصر المشاغبة التي لا مكان لها في المجتمع”
“إرتبط اليهود بالمسلمين في الوجدان الغربي آنداك(القرون الوسطى) فأكثر من نصف يهود العالم كانوا موجودين داخل التشكيل الحضاري الاسلامي”
“يتسم النموذج الاختزالي بأنه ثمرة الرصد المباشر المتلقي للواقع الانساني، وهو رصد يتم عادةً من خلال بعض القوالب الادراكية الشائعة التي لا ترى الا الظاهر ولا تتجاوز السطح لتصل الى شبكة العلاقات المركبة التي تعطي لكل ظاهرة إنسانية هويتها وملامحها ومنحناها الخاص”
“من أهم الوسائل لتعميق الهوية الوطنية هو المعمار، فهو الشكل الفني الذي يمكنه أن يجسد النموذج القومي والذي يعيش في داخله المواطن ويتعامل معه في كل لحظة، ويتفاعل معه سواء أكان مستيقظا أم نائما، يستوعبه ويستبطنه داخل وجدانه كل لحظة، إن المعمار يحدد له محيطه وخريطته المعرفية والنفسية واحساسه بالعالم ككل، إن اللغة المرئية تخترق وجدان الانسان بشكل يفوق في قوته وتأثيره اللغة اللفظية”
“ولا تقل المتاحف في أهميتها عن المعمار في تعميق الاحساس بالذات القومية، فالمتحف هو المكان الذي تجمع فيه أعمال فنية ومنتجات حضارية تبلور في جماعها وعي جماعة بشرية بنفسها وبالأخرين وبمحيطها وماضيها وحاضرها ومستقبلها”
“ولذا يجب أن يكون المتحف تعبيرا عن رؤية الذات القومية لنفسها وتجسيدا لوعيها بتاريخها وحاضرها ومستقبلها، ولهذا السبب نجد الدول تنفق الملايين لتقيم المتاحف وتفتحها بالمجان دون أن تسأل عن عائدها المادي، لان العائد المتوقع هو عائد ثقافي حضاري اجتماعي سيترجم نفسه الى عائد مادي بشكل غير مباشر، اذ ان الانسان المنتمي محدد الهوية انسان منتج ملزم، اما الانسان غير المنتمي الذي لا جذور له فانه تعصف به الايدولوجيات والموضات وغير قادر على البذل والعطاء”
“المتحف المستورد من حضارة ما لا يمكنه باي حال أن يعبر عن رؤية حضارة أخرى لذاتها، فالمتحف ليس مجرد شكل زخرفي وإنما هو أداة تعبيرية يتوسل بها للافصاح عن خصوصية الحضارة التي صاغت الرؤية”
“ونظرنا الى التشكيل الحضاري القومي في العالم الثالث فإننا سنجد أن رؤية الذات هناك نشأت أساسا في القرن العشرين أثناء حركة التحرر الوطني التي قامت بتعبئة كل طبقات وأقليات الشعب ضد المستعمر الأجنبي، مما جعلها تصدر عن نموذج مركب قائم على التعدد قادر على قبول التعددية الاثنية والدينية”
“من الصعب علينا أن نتخيل ما أود قوله لأن متاحفنا والتواريخ التي ندرسها كلها تجسد فكرة الفصل والتعاقب وتحجم عن تبني فكرك التواصل والتزامن والاستقرار وترجمتها الى تواريخ ومتاحف”
“تضم إسرائيل متاحف كثيرة لأقصى حد، في تضم 1500 متحف معضمها متاحف أثار”
“إن التراث التوحيدي (اليهودي- المسيحي- الاسلامي) يؤدي الى انفصال الانسان عن الطبيعية، على نقيض الديانات الطوطمية في الشرق والديانات الاسيوية الحلولية في الشرق الاقصى”
“النظام التكنوقراطي الذي تسيطر عليه الشركات الكبيرة يمكن أن يعمل بأقصى فاعلية في المجتمع الذي يدار على أساس عسكري حيث يكون متوقعا من الفرد أن ينصاع للأوامر دون تساؤل”
“وتعود أخلاق الصيرورة الى فلسفة ميكافيلي الذي ينطلق من أن المسافة شاسعة بين الحياة كما هي والحياة كما ينبغي أن تكون”
“علمنا ميكافيلي ألا نقبل ما تفعله الدولة باعتبره اخلاقيا وحسب، وانما علمنا ايضا ان ننظر الى السياسة على انها نشاط علمي لا علاقة له بالاخلاق”
“ما أنجزه هوبز للطبقة الوسطى هو عين ما أنجزه ميكافيلي للدولة، فهو مثل ميكافيلي رجل علمي واقعي يبني نظريته لا على القيم عديمة الجدوى مثل المحبة والولاء والجماعة المترابطة، وإنمت على الحقائق القائمة”
“إن حضارة الاجراءات قادرة على أن ترصد الواقع وتجرد منه، لكنها غير قادرة على تغيريه بشكل ينهض به، فهي لا تجابه الواقع الانساني بنسق أخلاقي ثابت أو مثل أعلى مستقر وإنما اجابته بألة حاسبة”
“فالكونفوشية في أساسها ليست دينا، وانما دليل للسلوك الانساني المتناسق والمتسق مع ذاته”
“يشير الى الرمزية الغربية المسيحية عن البياض والسواد والتي ساوت بين الخطيئة والسواد والفضيلة والبياض، وهذا نمط رمزي يعود الى العصر الحجري حين كان الانسان يخاف الليل ويرحب بالنهار”
“فالكاثوليك مثل المسلمين كانوا يعاملون عبيدهم كأعضاء في أسره كبيرة وبالتالي كان ثمة التزام خلقي واجتماعي تجاه العبيد”
“تتميز النماذج المركبة بأنها لا تسقط في تصور أن ثمة علاقة سببية بسيطة بين بناء تحتي (مادي واقعي) واخر فوقي (فكري وهمي) فهي تصدر عن الايمان بانه توجد علاقات مركبة لاقصى حد بين عناصر فكرية وأخرى مادية، وهذه العلاقة ليست مركبة وحسب وإنما إحتمالية كذلك”
“أفكار الناس عن قصة الخلق أمر مهم للغاية بالنسبة لهم وتساهم في تحديد سلوكهم”
“كما تذهب التفسيرية الى ان الظاهرة الانسانية مختلفة عن الظاهرة الطبيعية، وبالتالي لا يوجد قانون عام يسري على كل الظواهر، والسببية التي تسود العالم ليست سببية صلبة ( “أ” تؤدي حتما الى “ب” ) بل هي رخوة ( “أ” تؤدي في معظم الأحيان الى “ب” وقد تؤدي الى “ج” تحت ظروف أخرى)”
“التفسيرية لا تهدف الى جمع اكبر قدر من المعلومات فالحاسوب يقوم بذلك على أكمل وجه، وإنما تهدف الى تصنيفها وتنظيمها وتفسيرها وإكتشاف العلاقة بينها”
ككل مؤلفات المسيري، تجد في هذا الكتاب عرضًا لعقائد وفلسفات وشواهد تاريخية يتناولها الكاتب الكبير بالكثير من النقد والتحليل، ما جعل قراءة فصوله وجبة دسمة مشبعة في غير تخمة.
فكل ما يمر بك من أفكار هذا الكتاب، على بعد زمن نشره، يفتح آفاقًا للبحث لا تنتهي. وهذه إحدى سمات أعمال المسيري الواضحة.
تكلم المسيري عن الصهيونية، وعن الفلسفة المادية، وعن خصوصية الحضارات المختلفة، وعن نماذج تفسير التاريخ والأحداث وعن غيرها من المواضيع.
وقد تدرجت من سهلة يسيرة إلى صعبة عسيرة، ولم تكن للمشتغلين بها ولا لغيرهم من أمثالي على السواء مملة أو مرهقة البتة.
كتاب غزير جدًا بالمعلومات وبعضها قد تكرر في بعض مؤلفات المسيري فهذه عادته، أكثر ما أفادني الفصل السابع والثامن .
في الفصل الرابع تحدَّث المسيري عن موضوع مهم جدًا وهو دور اليهود داخل الحضارة الغربية، وفهم هذا الموضوع ضروري وأنصح بمشاهدة حلقة د.سعد البازعي في بودكاست فنجان
كتاب يعلمك كيف تفسير الظواهر الإجتماعية بشكل صحيح لأنك سوف تتعلم أن هناك أسباب عديدة ومركبة وراء كل ظاهرة، لذلك لن تكون نظرتك اختزالية بعد قراءة هذا الكتاب الماتع.
كتاب مكلكع معقد كعادة كتب د. عبد الوهاب، كما أن العنوان بعيد بعض الشئ عن مضمون الكتاب ومن الأفضل أن تستمتع للمؤلف على أن تقرأ له ومع ذلك سأقرأ له مستقبلاً
المراجعة على الكتاب طويلة الى حد ما لكن لان الكتاب مهم للغاية وكان يجب دراسته بعناية اولً لم اجد رابط بين عنوان الكتاب ومحتوياته رابط حقيقي
الفصل الاول :الصخيوينة والرومانسية إعادة التفكير في طرق التفكير فصل ممتاز وإسقاط جيد من حيث مناقشة وشرح الرومانسية ثم عرض الصهيونية بنفس المنظور وتوضيح الامر من حيث العمل من أجل هدف مطلق سامي يتخطى حدود المادية والعفلانية ويلعب في ابعاد أخرى احسست بتكلف في نهاية الفصل في التعمق في تفاصيل بديهية او معلومة بالضرورة
الفصل الثاني : الانتفاضة كنموذج مركب
هنا ابتعد الكاتب عن الحيادية المفترضة في ادوات التحليل كما وضح هو مما ادى به الى تحليل مزيف للواقع واثبتت الايام التالية زيف تحليله فنحن نعيش الان في 2013اي مر على الانتفاضة اكثر من ربع قرن وراينا ماحدث فشل الانتفاضة وحدوث الاقتتال الداخلي الفلسطيني وشبه انتهاء المقاومة الفلسطينية والمجتمع الغربي الراسمالية تتعرض فيه لتصدع كبير ونرى ان مجتمعات صغيرة بعيدة هي نائية عن تلك المشاكل وتستعمل في الاغلب منطق التلاحم العضوي الذي هاجمه الكاتبالدول الاسكندنافية وكندا واستراليا ايضاً يلاحظ في كثير من المجتمعات ان نموذج التلاحم العضوي عدل من نفسه واصلح في نقطة النمو الرأسي وتعظيم ومراكمة الطاقة واستهلاكها لان نموذج التلاحم العضوي : 1- يضع النظام والتسلسل والادارة الجيد كأولوية وهي اهم شروط الاستمرارية والتطور 2-ثبت زيف ادعاء الكاتب ان تماسك التلاحم العضوي ادى الى افتقاده المسمية والفضفاضية بالتالي القدرة على الحركة في ظروف مثالية لان التلاحم العضوي والبناء الجيد يوفران بالضرورة التنمية والتطويروتطويع كافة الادوات والوسائل اللازمة لاستمراره -القوة في التنظيم وان اختلفنا في شكله -ادى هذا الى مرونة في التعامل واتلكيف مع كافة الظروف مثا اين القضية الفلسطينية الان من الامبريالية والاستطيان الصهيوني ؟
التلاحم العضوي ادرك اهمية اعادة تدوير الموارد البشريةاللازمة ونضع كلمة اللازمة بين قوسين وتحتها الف خط كما أدرك اهمية اعادة تدوير الطاقة تحيز الكاتب الواضح للانتفاضة أدى الى تفسيرات حالمة عديدة بخصوص التلاحم البشري
الكاتب ايضاً حاول طيلة الوقت اسقاط نماذج ثورية لحركات تحرر وطنية على الانتفاضة وهذ صحيح الى حد ما في فترة تاريخية معينة 1- غاندي vs بريطانيا مثال سلمي لاعضوي 2-جيفارا vs امريكا في كوبا مثل مسلح عضوي ممتزج وحقق نجاح مرحلي فقط 3- هوشي منه vs امريكا في فيتنام مثال مسلح هضوي ممتزج حقق نجاح تحرري وليس تطوري هناك إسقاطات للاتب هدفت لتبيين فشل الطريقة الكلاسيكية التى دعت اليها الماركسية في التنظيم " الحزب الثوري "- مع تحفظي الشديد عليها - إسقاطات في غير محلها فتشبيه حلم الصهيوينة بأرض الميعاد كالمجتمع الشيوعي الذي هو الهدف الاسمي لاي تنظيم ماركسي كلاسيكي -كع مايحمله الامر من رومانسية - فالمجتمع الصهيوني لاتقوده طليعة ثورية مترابطة ذات منهج موحد وافكار متسقة كما اوضح الكاتب بنفسه في الفصل لاول
كما أغفل الكاتب ايضاً ان هناك اشكال أخرى للتنظيمغير المركزية الشمولية او شكل الحركات المتحررة بشكل كبير من المركز هناك الاخويات اللامركزية بشكل أداري افكار اناركية - هناك اسلوب المؤسسات كع التنسيق التام بين الهيئات
الفصل الثالث :معاداة السامية فصل جيد تحليل يكاد يكون طبقي لوضع اليهود في العالم الغربي كأقلية ثم التعامل معهم في اوضاع وظروف مختلفة لكن يبدأ الارتباك في اصل موضوع معادة الصهيونية لليهودية لا أظن الامر بهذه الطريقة كل الامر حسب اعتقادي ان الصهيونية استعملت اليهويدية باساطيرها كعاملاساسي لتحقيق حلمها فمن أين نبعت فكرة أرض الميعاد والوعد ونقاء العرق اليهودي والاغيار ؟ من أصل العقيدة اليهودية أستخدمت الصخيونية الدين اليهودي وطوعته لخدمة أهدافها مع دفع من بعض قادة المجتمع الاوروبي للتخلث من اليهود ودورهم كجماعة وظيفية هذا افصل من اهم الفصول ويكفي انتهائه بعبارة أنسنة اليهود
الفصل السادس :المتحف والذات القومية عن الجزء الاول قبل اقحام الجزء اليهودي فصل هام جداً تناول رؤية تحليلية للمتحف وتأكيده على الهوية الحضارية والثقافية للمجتمع وهذا أمر اتفق فيه بشدة مع الكاتب
عندما بدأت قراءة الكتاب، كنت أبحث عن معنى عنوان الكتاب ولماذا اختاره المؤلف بالذات إلى أن توصلت أن كثير من الفلفسات تتجاوز "إنسانية الإنسان المركبة" وتأثيرها في بناء الحضارة، وأن كثير من الرؤي التي تتناول الظواهر الإنسانية تتسم بالإختزاليه والسطحية فتُجانب الصواب. وينقسم الكاتب إلى تسعة فصول وملحق. وفي رأيي من المهم البدأ بقراءة الملحق لفهم "النموذج التحليلي التفسيري" الذي يستخدمه المسيري لتفسير الظواهر مثل الصهيونية والانتفاضة الخ، مع التعرف على مصطلحاته الخاصة مثل "الحلولية" و"التكامل غير العضوي". الفصل الأول: يستخدم المؤلف منهجه التفسيري المركب في توضيح العلاقة بين الصهيونية والرومانسية وأوجه الالتقاء والاختلاف، مع بيان ما يتسم به المنهج التفسيري المركب من: 1- التعميم الذي لا يتغاضى عن خصوصية الظواهر 2- التفرقة بين اليقين في محاولة تفسير الظواهر الإنسانية والظواهر الطبيعية 3- تجاوز المضامين الجزئية للوصول إلى الكليات 4- علاقته "الحلزونية" بالواقع، فهو يرجع إلى الواقع لوضع النموذج ثم يأخذ هذا النموذج مرة أخرى ويعرضه على الواقع حتى ينيره ويصقله بمزيد من التفاصيل والتعديلات 5- التركيب في مقابلة الاختزال والتسطيح 6- التفرقة بين التوصيف والتقييم ثم يطبق المؤلف هذا المنهج في بيان أوجه التشابه بين الرومانسية والصهيونية • تجاوز السطح للوصول إلى الجوهر؛ فالصهيونية ترجع إلى المطلقات "أرض الميعاد"، "شعب الله المختار"، الخ • الفردية الفصل الثاني... يناقش المؤلف "ظاهرة الا نتفاضة" كظاهرة مركبة مع التفرقة بين العلاقة التكاملية الفضفاضة والتلاحمية فالانتفاضة- على عكس الثورات- تتسم ب - تعمل في الأجواء غير المثالية - لا تنطفأ أبدا ولا تشتعل أبدا - علاقتها الوثيقة بالماضي - غير مركزية، فالأطراف قوية لا تضعف بسقوط المركز - غير نظامية ومتفردة - تحافظ على التنوع مع التكامل
الفصل الثالث والرابع يوضح المؤلف دلالات "معاداة اليهود" و "السامية" و "الصهيونية" مع التأكيد على رؤية العرب الاختزالية لل"الصهيونية"، و رؤية اليهود الاختزالية ل"معاداة السامية"... ويشدد المؤلف أن التفسير المركب للظاهرة الصهيونية هي محاولة واقعية لتفسير الظاهرة ولا تعني عدم الحكم عليها أخلاقيا، وإنما نحاول التوصيف ثم التقييم. وأثناء تناول ظاهرة الصهيونية يتعرض المؤلف للتعريف باليهود "كجماعة وظيفية" خلال العصور السالفة و "كيان وظيفي" للغرب حاليا في الشرق ... الفصل السادس يتناول التفرقة بين "الرأسمالية الرشيدة" و "الأنظمة المالية التقليدية" وعلاقة الرأسمالية بال"puritans” الفصل السابع يوضح المؤلف انعكاس "روح القومية" على المتاحف مما أدى إلى الفصل بين الحضارات والتي تتسم بالتمازج ... الفصل الثامن يناقش المؤلف تجاوز الجوهر "الأخلاق" والمادية من خلال ظاهرة "النازية"... الفصل التاسع يوضح المؤلف الفرق بين الأفكار والسلوك ...
في النهاية، هذا كتاب يستحق القراءة يجد فيه المتخصص وغير المتخصص بغيته لسلاسة عبارته دون الإخلال بالمضمون...
تدوين لحظات رفقتي لصديق آخر محبب وملهم كالمعتاد. وبما أن تلك الكلمات مجرد تدوين لذكرى فهي لا ترقى لأن تكون مراجعة ذات نسق محكم يحيط بكافة المواضيع التي وردت في ذلك الكتاب..فقط هي مجرد كلمات دونت على عجل للتعبير عن تجربة قراءتي فحسب. حسنا أبدأ بالتحدث عن الفصول المفضلة. الفصل الثاني (الانتفاضة كنموذج مركب) "وكلمة »انتفاضة« تبلور النموذج الانتفاضي بشكل يبعث على الدهشة، فهو دال يكاد ينطبق على مدلوله ويصبغه بكل خصوصيته ونتوءاته ومنحنياته وهو مصطلح يعود للمعجمين اللفظي والحضاري العربي الإسلامي، والكلمة مشتقة من فعل »نفض« مثل »نفض الثوب« يعني »حركه ليزول عنه الغبار أو نحوه«.
والكلمة على المستوى الدلالي المباشر توحي في الوقت نفسه بعدم تجذر الغبار الذي على الثوب - أو الاستعمار الصهيوني الذي حط على أرض فلسطين." لعل ذلك الفصل كان من أكثر الفصول جدارة بأن يشعر المرء بالألفة تجاهها ويقرأها بعاطفة جميلة. وفي الاقتباس السالف الذكر أحببت حقا تطويع المفردات العربية ووضعها في تشبيه يلائم الحدث الذي عبرت عنه. وكما هو معتاد نجد أن المسيري دائما ينظر إلى الأمور بطريقة مغايرة ومميزة فنجد في الفصل السادس وهو بعنوان ( حملات الفرنجة والجماعات اليهودية) رؤية تاريخية عظيمة وجديرة بالتأمل. والحقيقة أن الرؤى التاريخية المغايرة للنسق التقليدي المعتاد (من سرد الوقائع وتدوين من احتلوا صدارة حقبة تاريخية بعينها) تبدو لي دائما جديرة بالتأمل وفي بعض الأحيان ربما أتخذ بعض مفرداتها لتكوين رؤية ذاتية لي تدعم قراءاتي المستقبلية في التاريخ. لذا فذلك الفصل كان مفضلا بالنسبة لي وإذا أردت ذكر سبب بعينه فربما لأنني منذ فترة ليست بالقليلة شاهدت وثائقيات بشأن حملات الصليبين( الفرنجة) وقرأت بعض الدراسات الجامعية بشأنها. وبالطبع كانت أغلب التفاصيل مفاجأة بالنسبة لشخص متواضع الثقافة مثلي على أنني تابعت بشغف في القراءة وربما في وقت سأقرأ كتاب د: قاسم عبده قاسم بشأن ذلك. والحقيقة أنني سررت لكوني كنت قد وضعت ذلك الكتاب من قبل في قائمة القراءة ولكنني كنت قلقة بعض الشيء من عدم اتخاذ النموذج المركب ( كما يحب المسيري أن يصفه دائما) كأداة لتحليل تلك الحقبة وتأريخها. لكن الآن ربما سأقرأه عما قريب بعد ترشيح المسيري له. أمر آخر ربما سيكون ذكرى لطيفة لي دائما وهو أنني كما ذكرت كنت قد قرأت مؤخرا بشأن تلك الحقبة وودت مناقشاتها مع أحدهم أو اكتشاف رؤى فلسفية ومركبة لها. لذا فحين قرأت عنها اليوم شعرت وكأن ماتمنيته قد تحقق. ( لاتفشل الكتب أبدا في أن تكون صديقة وفية لي تشاركني أحاديثها الملهمة دائما لذا ربما أتخيل ذلك الكتاب وكأنه أتى لي ويخبرني برغبته في مناقشتي وبأنه سيكون سعيدا بذلك.) وعودا إلى التدوينات بشأن موضوع الكتاب يورد المسيري في ذلك الفصل المرتكزات التي قامت عليها الحملات منذ البداية ومثل كل الظواهر الإنسانية المركبة فإن تلك الأسباب لم تنحصر في طرف واحد وإنما اتخذت دوافع عدة حتى وإن اتخذت صبغة دينية بفعل سلطة الكنيسة الغربية الداعية لها في ذلك الحين. ولعل تلك ظاهرة مثيرة للاهتمام حقا فنرى الغرب في ذلك الحين وهم في ثقافة متدنية إلى أقصى حد وتناحر بين طبقاتهم واستغلال الإنسان كمادة مستعبدة تدور في حلقة الإقطاع يتم استغلال التصور الديني لتطويعهم كأداة فاعلة لتحقيق رغبات السلطة البابوية في ذلك الحين. ولعل من الغريب في تلك الحقبة أننا نرى أيضا مدى تأثر الطبقة المستعبدة في ظروف الإقطاع بتلك الدعوة لذا فيبدأون بالتحرك في جموع محتشدة لكن ليس تحت إمرة قائد مقاتل ولكن تحت سلطة فرد آخر مجرد عجوز قد راوده حلم زيارة الشرق ولما لم يستطع ذلك ظل حاملا حقده نحو ذلك العالم لذا فحين بدأت الدعوة اتجه ومعه طائفة من البشر مدفوعين برغبتهم في التخلي عن عبء حياة الإقطاع وانحطاطها نحو ذلك الحلم الذي تم الترويج له عن عالم الشرق الغارق في ثراءه. ودعما لتلك الحملة فإن كل من يعود إلى الأرض المقدسة ويعادي من سلبوا ثرائها فإن ذنوبه ستغفر هكذا روج لتلك الحملات وبالطبع في ذلك الجهل المعتم في أذهان الغرب حينها بعالم الشرق وطبيعة ساكنيه وجدت تلك التصورات أرضا خصبة هكذا تمت حوسلة الفرد حينها ونفي الصراعات الداخلية وتوجيهها نحو آخر يعادونه وتم التخلص أيضا من طبقة اللصوص والمجرمين حينها. ويورد المسيري بعد ذكر أسباب الحملات "وقد استخدمنا كلمة » ُمركب«للأشارة إلى الأسباب التي أدت إلى حروب الفرنجة حتى لا نتوهم أن هناك بنية تحتية من الدوافع الاقتصادية والاجتماعية تغطيها قشرة من الأكاذيب أو التبريرات الدينية فحسب. فالنفس البشرية لا تتحرك بهذه الطريقة الآلية إذ تتداخل في عقل الإنسان أنبل الدوافع وأكثرها خسة في آن واحد، فالفلاح المسيحي الذي حمل صليبه وفأسه كان مدفوعا برغبة دينية حقيقية، وإن كان هذا لا ينفي أيضا وجود دوافع مادية. فهو حين كان يفعل ذلك، كان يهرب من الفاقة والديون ويحمل في وجدانه أحلام الثراء والخلاص." "إذ تتداخل في عقل الإنسان أنبل الدوافع وأكثرها خسة في آن واحد" تدفعني تلك العبارة مجددا إلى التأمل في ذلك المخلوق البديع والمخيف في آن. وليست تلك المرة الأخيرة فتلك التركيبية لنفس الإنسان وتساميها عن حطة المادية في حين وانحطاطها لدرك المادة في حين آخر تبدو لي كصورة جديرة بالتدبر طويلا. و بالرغم من رؤيتي الذاتية للتصور الديني لأفراد الحملة كمجرد صورة واهية إلا أن رؤية المسيري دفعتني لإعادة التفكير بشأن ذلك وتخيل طبيعة النفس الإنسانية في ذلك الحين.
ربما أضفت بعض التفاصيل بشأن تلك الحملة والتي لم ترد في الكتاب إلا أنني رأيت أنها جديرة بالذكر.
حسنا يورد المسيري أيضا في ذلك الفصل بشأن أثر تلك الحملات على اليهود في أوروبا فبالرغم من كونها لم تؤثر عليهم بصورة مباشرة إلا أنهم بعد ذلك لم يعودوا بذلك الدور الفعال كما كانوا من قبل في طرق التجارة والتبادل بين الشرق وثرائه والغرب واستهلاكيته. "وقد أدت كل هذه التطورات الاقتصادية المهمة إلى انسحاب أعضاء من التجارتين الدولية والمحلية اليهودية تدريجيا اللتين كانتا مرتبطتين إلى حد كبير. وإلى اتجاهها نحو الاشتغال بالربا، وهو الأمر الذي زاد من كراهية الطبقات الشعبية لهم وزاد من هامشيتهم داخل المجتمع الغربي الوسـيط. ولكن السـلطة الدنيوية كانت تزداد قــوة كما بيَّنا، وأدى ذلك إلى تَزايُد اعتماد اليهود على النخبة الحاكمة، والملك بالذات، إذ أصبح وجودهم يستند إلى الحماية التي تدعمهم بها هذه الطبقة، فتحولوا من جماعة وظيفية وسيطة تخدم معظم أعضاء المجتمع إلى جماعة وظيفية عميلة معزولة عن المجتمع تُستخَدم أداةً في يد الطبقة الحاكمة."
الفصل الآخر الذي راق لي حقا وهو فصل (المتحف والذات القومية) كان لذلك الفصل أثر محبب علي كالمعتاد تبدو لي تصورات المسيري بشأن العمارة وارتباطها بالتفرد الإنساني وتركيبية عالمه الجواني تبدو كأحاديث ملهمة وأجدني شغوفة بقراءتها للغاية.
ولعل يوما ما يتحقق ذلك الحلم ويتخذ المعمار نسق التفرد العربي بكل تنوعاته الخلابة. ربما مجرد تخيل ذلك يدفعني للدهشة أعني تلك الدهشة التي يبديها المرء أمام جمال آخاذ.
26\5\2021.
This entire review has been hidden because of spoilers.
يعلمنا المفكر الكبير عبد الوهاب المسيرى فى تناولنا للظواهر الانسانية ان نبتعد عن النماذج الاختزالية والقوالب الادراكية الشائعة ويدعونا الى تجاوز السطح لنصل الى شبكة العلاقات المركبة فنبتعد بذلك عن التبسيط والتسطيح وندرك الابعاد الحقيقة
الفصول الاخيرة ممتعة وتتناول السبية والحرية من كتاب الغرب والعالم لـ كافين رايلى
هو نسخة مبدأية من كتاب دفاعا عن الإنسان ولكنه كالاعادة عبقري ورائع سيعلمك كسابقه من هو الإنسان وكيف تتعامل مع كل القضايا الإنسانية من منظور مركب إنساني ودعني أضيف من منظور إنسان موحد , من أراد أن يعرف ما هي النماذج المركبة حقا فليقرأ هذا الكتاب ثم يتممه بكتاب دفاع عن الإنسان
" الإنسان يحمل رسالة الإله في الأرض ويحمل الشرارة الإلهية داخله. "
كتاب مفيد كغالب كتب الدكتور المسيري، ذكر بعض المعلومات النافعة:
1- كانت الرومانسية ثورةً ضد النفعية المادية وكل الاتجاهات الميكانيكية التي حاولت اختزال الظاهرة الإنسانية بردّها إلى شيءٍ خارجٍ عنها وهو الإقتصاد والمادة، فحاول الرومانسيون البحث عن حقيقة كامنة جوهرية تفصل الإنسان عن عالم الأشياء وتربطه بما هو متجاوز للعالم المادي؛ بعد شيوع الثورة الصناعية والفلسفة النفعية المادية.
2- الصهيونية النموذج المعرفي الكامن ورائها يحمل كثيراً من سمات الرومانسية، من ذلك كونه -مُطلَق- فالفكر الصهيوني يدور حول مُطلقات ثابتة غير متغيّرة كالعودة إلى صهيون والشعب المختار، ومصدر الإطلاق أن هذه الأشياء يهودية فبالتالي المطلَق والذي لا يتغير هو اليهود واليهودية، ونظراً لأن معظم الصهاينة ملاحدة فإن المطلق عندهم يتحوّل إلى أمر نيتشوي ذاتي -فالمُطلَق هو ما يشاؤون-! وهكذا تتحول الذاتية الرومانسية التي كانت تهدف إلى فك إسار المادة إلى أداة بطش وطغيان.
3- الفكر الصهيوني فكر لاعقلاني يعود للعاطفة ويرفض الفكر العقلاني الاستناري الذي كان يدعو لاندماج اليهود في المجتمعات التي يعيشون فيها والذي كان ينظر إلى اليهود باعتبارهم أقلية دينية أو إثنية، مثل أية أقلية أخرى تعاني من الاضطهاد ولكنها يمكنها أن تحصل على حقوقها عن طريق الكفاح من أجل تحقيق مزيد من العدالة الاجتماعية. وهو لاعقلاني في أنه يرفض النظر إلى التاريخ المتعين ويفرض أسطورته على الواقع فتصبح فلسطين بشعبها وتراثها وتاريخها وحضارتها التي امتدت آلاف السنين أرضًا بلا شعب، وتصبح الجماعات اليهودية المنتشرة في كل أنحاء العالم بكل ثرائها وعدم تجانسها وتنوُّعها -شعباً بلا أرض-!.
4- السياق الأساسي للحركة الصهيونية؛ هو الحضارة الغرب��ة في القرن التاسع عشر والتشكيل الإمبريالي الغربي -والرومانسية كانت أحد روافد هذه الحضارة وكانت الفكر المهيمن آنذاك- ولعل أكبر دليل على أن الصهيونية ظاهرة غربية استعمارية، وليست ظاهرة يهودية عالمية أنها لم تنشأ في صفوف اليهود العرب أو يهود إثيوبيا -على سبيل المثال-، كما أنها لم تنشأ في صفوف يهود الغرب إلا في القرن التاسع عشر، عصر الرومانسية والإمبريالية والعنصرية والتوسع.
5- الفاعل الصهيوني أصبح محايداً غير مكترث بما يسمَّى الصهيونية، متمركزاً حول ذاته، يدرك العالم من خلال حرصه الشديد على المعدلات الاستهلاكية المادية العالية التي يتمتع بها. والمستوطنون الصهاينة، في تصوُّري، أساساً مرتزقة، ولكن بينما كان القدامى منهم على استعداد لتَحمُّل شظف العيش وإرجاء الإشباع وانتظار المكافأة المادية المؤجلة، نجد أن المستوطنين الجدد، مع تَزايُد معدلات العلمنة والأمركة في التجمُّع الصهيوني، يُصرون على تحقيق مستويات معيشية وأمنية عالية عاجلة دون تأجيل. ولذا، فالمنظمة الصهيونية تدفع لهم الرشاوي الباهظة على هيئة منازل مريحة وطرق مُعدَّة خصيصاً لهم.
6- المناخ الفكري العام الذي ساد أوروبا في القرن ال19 بحديثه عن التفوق الآري ورسالة الإنسان الأبيض والبقاء للأصلح خلق تربة خصبة لنمو معاداة اليهود، وكانت أكثر الكتب شيوعاً آنذاك هي الكتب العنصرية.
7- اضطهاد اليهود في أوروبا بعد القرن ال12 لم يكن موجهاً إليهم باعتبارهم يهوداً بل باعتبارهم مُرابين!
8- من المعروف أن مؤسسي الحركة الصهيونية كانوا ملاحدة، يدورون في إطار الداروينية والنيتشوية، أي الفلسفات الحاكمة في أوروبا آنذاك. وهرتزل، على سبيل المثال، كان لا يعرف الشعائر اليهودية، والحاخام الذي جاء لعقد زواجه انصرف دون أن يكمل مهمته لأنه وجد أنه لا يمكن عدّ هرتزل يهوديًّا.
9- الفرنجة هم من جموع المسيحيين الغربيين الكاثوليك الذين خرجوا من بلادهم في شتى أنحاء الغرب الأوربي، واتخذوا الصليب شعارًا لهم لغزو ديار الإسلام، وبخاصة منطقة الشرق الأدنى وبلاد الشام حيث الأراضي المقدَّسة. ومعنى هذا أن المسيحيين الشرقيين من روم وأرمن وسريان وأقباط ونحوهم لا يدخلون في دائرة مصطلح الصليبيين لأن هؤلاء من أهل البلاد وليسوا وافدين عليها من الخارج ربطتهم بالأرض التي ينتمون إليها روابط أصيلة جذرية ترجع إلى ما قبل الإسلام. وعاش معظمهم قبل الحركة الصليبية تحت مظلة الإسلام يتمتعون بما كفلته لهم هذه الديانة من حقوق ويؤدون ما فرضته عليهم من واجبات.
في مرحلة من مراحل رحلتي المعرفية كنت مهتمة جدًا بقضية الرد على الملاحدة، واتساق عالم الأخلاق والقيم مع تديّن الفرد، ودراسة أسباب رفض الدين أو تبنّي وجهات نظر لا مبالية بالدين كنت طالبة لا مسيريّة تماما، فعندي أ لا بد أن يؤدي إلى ب، ب حتما نتيجة أ، ومع أنني كنت كثيرا ما ألاحظ أن أ لا تؤدي إلى ب دائما لكنني كنت أعزو ذلك إلى عدم فهمي أو غفلتي عن بعض الأمور التي قد تفسّر ما يحدث.. إلى أن بدأت أقرأ للمسيري رحمه الله فكان هو بذاته تفسيرا - نموذج أكثر تفسيرية كما يحب أن يقول - لكل ما لم أجد له تفسيرا من قبل.. فهو يرفض النماذج الإختزالية التي تدرس الظواهر من ناحية فقط إما ماديّة أو روحيّة، متغافلة عن مدى تعقيد وتركيب الإنسان وسلوكه.. ويؤكد في أكثر من موضع في كتابه أن السلوك والإدراك غير متلازمين، وهذا الخطأ الذي وقع به علماء السلوك الإختزاليين.. النموذج المركب هو ما ينتصر له المسيري ويطرحه بثقة امام الناس ويقول جربوا تفسيريته ثم أخبروني، فإن كان فعلا يجيب أسئلة أكثر من غيره حول ظاهرة ما فهو فعلا - أكثر تفسيرية -، وكان النموذج المقابل - أقل تفسيرية -.. يقدم المسيري في هذا الكتاب العديد والعديد من نماذجه المركبة التي وضعها لظواهر عديدة مثل: الحركة الصهيونية، والإنتفاضات الفلسطينية، موقفنا من العالم الغربي، والرأسمالية وتعاملنا مع الطبيعة وفكرة القومية والعيش في دول العالم الثالث، والقانون.. وغيرها من الأفكار تدريبا للقارئ على منهجية التفكير ضمن نماذج مركبة فضفاضة والتفاعل مع الدين والواقع بطريقة إنسانية - متفرّدة حسب فرادة كل إنسان -.. لكل ذلك، لم تكن دراستي في الإلحاد كافية كما أظن لأفهم الإنسان الغربي، بل إن النموذج المركب ذاته لا يزعم أنه سيفسر الظاهرة بشكل كامل نظرا لتعقيد عقل الإنسان وسلوكه ودوافعه.. لكل ذلك يجب على من يهتم بدراسة الظواهر أيا كانت ألا يكتفي بالنماذج البسيطة الكسولة، ويكمل مسيرته في الفهم بعد بدءها دون أن يتوقف عند مرحلة ويكتفي بتفسيريّتها..
هو إيه ممكن يحصل لو جبنا شوية فئران وحطيناهم في مكان يشبه الجنة، ويكون متوفر فيه كل ما لذ وطاب للفئران ..؟! بمعني إن ميكنش لهم أي أعداء من الطبيعة أو أي شيء يتعبهم نفسياً أو جسدياً..؟! الفكرة دي خطرت على بال عالم الحيوانات الأمريكي John Calhoun وفي سنة 1970 بدأ في تنفيذ فكرته، ووفر للفئران مساحة كبيرة مصممة خصيصاً بحيث تعيش الفئران في وفرة من الطعام والماء، ومساحة معيشة كبيرة.. في البداية حط أربع أزواج من الفئران ذكرين وأنثتين، وبدأت الفئران تتكاثر بشكل سريع جداً وتعدادهم يزيد أكتر واكتر.. وبعد ما عدى حوالي 315، بدأ تكاثر الفئران في الانخفاض بشكل ملحوظ..!!؟ ولما وصل عددها إلى 600 فأر، ظهر بينهم تسلسل هرمي أو ما يُعرف بإسم "الميل للإنعزال" ، وبعدين ظهرت طبقة عرفت بـ "البؤساء" وبدأت الفئران الأكبر في الحجم إنها تهاجم المجموعة الأصغر والاضعف وده أدى إلى (الانهيار النفسي لكتير من الذكور ).. حتى إناث الفئران تخلت عن دورها في حماية صغارهم وفضلت تهاجم صغار الإناث التانية بدون اي سبب؟! ومع مرور الوقت وصل معدل وفيات الفئران الصغيرة إلى 100٪ وأنخفض معدل الإنجاب إلى 0٪، وظهرت المثلية الجنسية أنت متخيل ؟؟! وأكلت الفئران لحوم بعضهم على الرغم من توافر الطعام.. وبعد كل الي حصل ده تم ولادة آخر فأر في التجربة بعد مرور سنتين من بدايتها، وفي سنة 1973 ماتت كل الفئران في تجربة اُطلق عليها إسم "universe 25".. و تم تكرار التجربة 25 مرة وفي كل مرة كانت النتيجة هي هي.. التجربة دي تثبتلك مدى الإنهيار المجتمعي الي ممكن يحصل لنا كبشر، لو توفرت لنا كل سُبل الراحة !!!!!
ونختم بالآيه الكريمه : ( ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوّا فى الارض..) ...
أول تجاربي مع كتب المسيري (رحمه الله) كانت صعبة و شاقة جدا ربما لأني أخطو أولى خطواتي في عالم القراءة الفلسفية .. فبالرغم من قرائتي المتأنية الهادئة كنت مضطرا لإعادة قراءة بعض الفقرات و ربما الفصول لفهم الفكرة بشكل أواضح ..
و لا أنكر أنني استمتعت جدا بحاولة تفكيك أفكار الكاتب رغم الصعوبة التي واجهتها في القراءة و التي أتمنى أن تزول مع قراءة كتب أكثر من هذا النوع ..