أسم غريب ( أيام الحصر). أى حصر هذا الذى يقصده المؤلف؟! هذا ما ستعرفه إذا ما قرأت تلك المذكرات للكاتب جمال الغيطاني. ولابد أن أقول أنها مذكرات صريحة من شخص صريح قرر أن يقص علينا نبأ حصرته في المرض والمشاعر والغربة. فيصف لنا أيام تنقله من ميونخ إلى فرانكفورت وباريس كل هذا دون أن يفارقه إحساس الحصرولكن أى نوع من الحصر وفيما كان مؤلفنا وكاتبنا محصور هذا ما ستعرفه إذا كا قرأت الكتاب- كما قلت لك سابقاً
من الكتب التي أنهيتها بصعوبة كان يكفي مقال للتحدث عن معاناتك مع المرض، لكن أن تخصص كتاب بأكمله للتحدث عن أصابتك بمرض انحصار البول، وتسهب في سرد تفاصيل لا داع لها، فذلك هو الملل بعينه
لا بأس أن يتحدث الكاتب عن مرضه، ليلقى الضوء على جوانب أخرى من من المعاناة ولحظات الضعف في حياته المشكلة هي الوصف والاستطراد المبالغ به، والغوص في تفاصيل قد لا تهم القارئ، وعدم تنظيم الأفكار بشكل جيد جمال الغيطاني في العمل الحالي يصف تجربته عندما سافر لألمانيا لحضور ندوة هناك، ليتفاجئ بمرض انحسار البول-أو الحصر كما يقول العنوان- ويقفز بين الماضي والحاضر مستعيدا ذكرياته، ويترك لقلمه العنان لوصف كل ما يراه بطريقة مستفزة أحيانا، وبشكل أشبه بكاميرا تقوم بتسجيل كل شئ بما فيها اللحظات الهامة وغير الهامة، ودون أن يقوم بفلترة ذلك في النهاية ليعرض خلاصة تجربته
خروج هذا الكتاب للنور هو من قبيل الإفلاس الفكري لصاحبهه.. أو على الأقل من قبيل الاستهزاء بالقاريء!!!!
ما معنى أن يكتب شخصا ما كتابا يتحدث فيه عن "حصرته" أو بمعنى اوضح عن عدم قدرته على التبول؟!!!!!!! فعلا؟!!!
ما الذي سيعود علب عندما أقرأ أن الكاتب كان لديه انسداد في مجرى البول و أنه كان يعاني أثناء تبوله؟!!
ما الذي سأستفيده عندما يحكي لي الكاتب عن رحلة علاج مثانته بين مستشفيات أوروبا؟!!!
إما ان الغيطاني يظن أنه شخصية نادرة الوجود للدرجة التي تجعل القارئ يهتم بمعرفة كل شيء عنه و عن مثانته و بوله!
و إما أن الغيطاني لم يكن لديه ما يكتبه و كان مرتبطا بتعاقد ما فقرر أن يملأ الصفحات بهذا الهراء!
و إما أن الغيطاني يظن أنه أصبح في مكانة أعلى من القارئ للدرجة التي تجعل القارئ يتقبل أي شيء من الغيطاني حتى لو كان هذا الشيء هو الحديث عن مثانته و بوله!
بعد كتابه الاول الموجع عندي الخطوط الفاصلة الذي يتحدث عن اجاراؤه لعملية القلب المفتوح في الولايات المتحدة الامريكية - ممكن تراجع ريفيو الكتاب هنا : http://www.goodreads.com/review/show/...
ياتي كتابه الثاني الاكثر وجعا و ايلاما - يتحدث عن مرض غريب بعض الشيء وهو الحصر - عدم القدرة علي التبول الطبيعي - فيحدثك عن موجات الحصر المتتابعة الاولي و الثانية و الثالثة - و يفرد لك مساحة من الالم و الشفقة عندما يجتاز الحصر الاول خارج في مصر وتكون امنيته الوحيدة ان يعود الي مصر ملصما فقط كي يدفن هنا . يحدثك عن القسطرة الاولي و ما فعله الطبيب الالماني فيه - التواء في مجري البول بسبب عنف الطبيب لكونه طبيب طواريء و ليس مسالك بولية - ثم يحدثك بلغة لا تستطيع ان تسيطر فيها علي مشاعرك عن انواع القسطرات - و الحدث الاجل قسطرة تركب من البطن كي يستطيع التبول من بطنه . بينتقل بك في ايقاع مفعم بالشفقة ما بين فرانكفورت و برلين المانيا الي باريس فرنسا مستعرضا علاقاته بالاخرين واصفا شعور بالحصر لا تستطيع الفكاك منه - يجعلك كل ما تبولت تحد الله علي نعمة الاخراج و التبول . جمال الغيطاني الوحيد الذي كتب عن ادب المرض في نظري فمهما حاولا الاخرون كتابة حالاتهم اثناء المرض و قبله و بعد الشفاء لن يطاولوا ابدا قامته .
من الكتب التي تجد صعوبة في الانتهاء منها، ليس بسبب دسامة المحتوى أو عمقه، وإنما لأن الكاتب يستطرد كثيرا في موضوعات فرعية تشتت القارئ، وحتى الموضوع الرئيس للعمل لم يكن موفقا، فليست كل تجارب الحياة تصلح للسرد
الكتاب ينتمي إلى أدب السيرة الذاتية، وهو أدب اتسم بالصراحة تأثرا بالغرب على غرار جان جاك روسو وغيره، وعالمنا العربي والشرقي ربما ليس معتادا على مثل هذه الأنواع من الادب . رحلة الألم والمعاناة تتلاقى مع أدب السيرة الذاتية فهي جزء من حياة الكاتب والألم يتداخل معه إلى حدأن يكون جزءا منه جمال الغيطاني كاتب جرئ قدم كتابا موجعا أنا شخصيا كرهت بعض سطوره لكنني احترم فكرته وإخراجه هذا العمل على سبيل إزاحة عائق مؤلم عن طريق الكتابة ولهذا تشعر أحيانا أنك ككقارئ مثقل أثناء قراءة هذا الكتاب. اللغة جيدة وبسطية تميل إلى لغة الحياة اليومية على الرغم من خلوها من العامية . قسّم الكاتب ألمه وأيام حصرته على الدول التي زارها وارتباط كل دولة بنوع خاص من الألم تختلف حدته . في بعض فقرات الكتاب يسهب الكاتب في الشرح إلى حد الملل الشديد كتاب جيد يندرج تحت أدب المرض والسيرة الذاتية والمقاومة في رأيي
محاولة للاستمرار في نفس التجارب السابقة لرواية أيام السفر و المرض و لكن يبدو أن الفارق بينها و بين الكتابة عن عمليات القلب كالفارق بين مشاكل القلب و مشاكل التبول , خرجت مفتعلة و غير مؤثرة كسابقتها
كتاب ممل لأقصى درجة.. ما تخرج منه من الكتاب استشعر أحمد الله على النعم الموجودة في حياتك، فقد تعتبر القدرة على الأكل والمشي والتبول أشياء عادية لكن عندما تفتقدها ستعلم مدى فضل الله عليك..