إن القارئ المتأمل لكل من أعمال الطيب صالح الروائية، لا جدال، سيعيش هذا الثراء الفكري والغني المبني على أصالة الفكر، وثراء التجربة الإنسانية، استقراء وتحلل استجلاء واستنباط دقائق الحياة، ورحابة الخيال وحب الاستبصار، والتعبير عن كل ذلك بلغة شاعرة تتميز بالرصانة والجزالة والوجدانية المتفردة الموحية. لقد امتلك أدوات فنه الروائي المبدع، فأنت من جهة تشهد له على هذه القدرة المتميزة على الحكي وبلورة الفكرة رويداً رويداً ليشيد باستدعاء التفاصيل ونسج العلاقات بين الأطراف المتجانسة حيناً، المتنازعة أحياناً أخرى، هذا البناء المتكامل الذي يتداخل فيه الواقع بالخيال، وتتمازج فيه الأحلام مع الواقع الماثل، وتتناغم فيه كل المشاعر على اختلاف منابعها وتوجيهاتها.
ويستند في ذلك إلى مخزون ثري من التجارب، وإلى تداعيات لا متناهية من الخيال، وعلى افتتان باللغة العربية، يؤكده اتقانه لها، وعلمه بأسرارها، وسعيه الدؤوب لإظهار جمالياتها. يضاف إلى كل ذلك قدرته الخاصة المميزة على توظيف كل حواسه توظيفاً يقظاً ومبدعاً لاستشراف والتقاط كل المدركات السمعية والبصرية لتكثيف وتجسيد المشهد والموقف، والتعبير الدقيق والموحي بما وراء المدركات في خلجات دفينة تتفاعل في صدر ودواخل شخوص رواياته فتعطيها شيئاً من خصوصيتها وذاتيتها ولغتها وطابعها المتفرد في الحركة والسكون.
وذلك من الرسم الإيحائي بالكلمات الوارفة المعطاءة، يمنح هذا الفكر وهذا الفن الروائي تفرداً وجدّة وقدرة هائلة على التواصل مع القراء، إلى هذا، فالطيب الصالح، باختصار شديد هو ابن التمازج الحضاري والعرقي الأفريقي السوداني. ففي هذه المختارات يستشف القارئ مزيج هذه النفحات. وشمال السودان هي المادة التي يختار الطيب نماذجه الإنسانية منها، وشخوص أعماله في "للمدن تفرد وحديث: الشرق" هي الرجال والنساء والأطفال الذين يحفل بهم هذا الجزء من التراب السوداني، وهم على أية حال لا يختلفون كثيراً عن نماذج بقية أجزاء السودان؛ الأرض والناس.
الناشر: يزعم بعض الإنجليز أن مفردات لغتهم مصادرها ثلاثة: الإنجيل وشكسبير ولعبة الكركت. من بين مصطلحات لعبة الكركت: "All Rounder" وتعني اللاعب "الشامل" وتطلق على اللاعب المكتمل اللياقة والذي يجيد اللعب بمهارة في كل موقع.
الطيب صالح -في رأيي- كاتب "شامل" مكنته ثقافته العميقة والمتنوعة وإطلاعه الواسع باللغتين العربية والإنجليزية على علوم اللغة، والفقه، والفلسفة، والسياسة، وعلم النفس، وعلم الأجناس، والأدب، والشعر، والمسرح، والإعلام، أن يروي، ويحكي، ويخبر، ويوصف، ويحلل، ويقارن، وينقد، ويترجم بأسلوب سهل عذب ينفذ إلى الوجدان والفكر كما تشهد هذه المجموعة من "مختارات من الطيب صالح".
The Sudanese writer al-Tayyib Salih (Arabic: الطيب صالح)has been described as the "genius of the modern Arabic novel." He has lived abroad for most of his life, yet his fiction is firmly rooted in the village in which he spent his early years. His most well-known work is the modern classic Mawsim al-hijra ila’l-shamal (1967; Season of Migration to the North), which received great critical attention and brought new vitality to the Arab novel.
Salih has not been a prolific writer; his early work, including Season of Migration to the North, remains the best of his oeuvre. He has received critical acclaim in both the west and the east. In Sudan he is without rival, and his writing has played a considerable part in drawing attention to Sudanese literature. Arabic literature has been dominated by social criticism, social realism, and committed literature depicting the bitter realities of life; Salih managed to break with this trend and return to the roots of his culture, capturing the mystery, magic, humor, sorrows, and celebrations of rural life and popular religion.
الطيب صالح أديب عربي من السودان ولد عام (1348هـ - 1929م ) في إقليم مروي شمالي السودان بقرية كَرْمَكوْل بالقرب من قرية دبة الفقراء وهي إحدى قرى قبيلة الركابية التي ينتسب إليها. عاش مطلع حياته وطفولته في ذلك الإقليم, وفي شبابه انتقل إلى الخرطوم لإكمال دراسته فحصل من جامعتها على درجة البكالوريوس في العلوم. سافر إلى إنجلترا حيث واصل دراسته, وغيّر تخصصه إلى دراسة الشؤون الدولية. تنقل الطيب صالح بين عدة مواقع مهنية فعدا عن خبرة قصيرة في إدارة مدرسة، عمل الطيب صالح لسنوات طويلة من حياته في القسم العربي لهيئة الإذاعة البريطانية, وترقى بها حتى وصل إلى منصب مدير قسم الدراما, وبعد استقالته من البي بي سي عاد إلى السودان وعمل لفترة في الإذاعة السودانية, ثم هاجر إلى دولة قطر وعمل في وزارة إعلامها وكيلاً ومشرفاً على أجهزتها. عمل بعد ذلك مديراً إقليمياً بمنظمة اليونيسكو في باريس, وعمل ممثلاً لهذه المنظمة في الخليج العربي. ويمكن القول أن حالة الترحال والتنقل بين الشرق والغرب والشمال والجنوب أكسبته خبرة واسعة بأحوال الحياة والعالم وأهم من ذلك أحوال أمته وقضاياها وهو ما وظفه في كتاباته وأعماله الروائية وخاصة روايته العالمية "موسم الهجرة إلى الشمال". كتب العديد من الروايات التي ترجمت إلى أكثر من ثلاثين لغة وهي « موسم الهجرة إلى الشمال» و«عرس الزين» و«مريود» و«ضو البيت» و«دومة ود حامد» و«منسى».. تعتبر روايته "موسم الهجرة إلى الشمال" واحدة من أفضل مائة رواية في العالم .. وقد حصلت على العديد من الجوائز .. وقد نشرت لأول مرة في اواخر الستينات من القرن ال-20 في بيروت وتم تتويجه ك"عبقري الادب العربي". في عام 2001 تم الاعتراف بكتابه على يد الاكاديميا العربية في دمشق على انه "الرواية العربية الأفضل في القرن ال-20.) أصدر الطيب صالح ثلاث روايات وعدة مجموعات قصصية قصير
الطيب صالح مبدع كالعاده سياحه ممتعه حول بعض المدن العربيه ، يتبعها تامل مطول حول القاره الأسترالية الجواز السوداني و ما يلحق به من تبعات و متاعب، الحكومه و ما لحق بِنَا من صنيعها راقني حديثه المستفيض عن استراليا و السكان الأصليين "المحب يلزمه الصبر"
"حين تدخل مكة وترى مآذن البيت العتيق فإنك لن تكون مُهيأ للدخول ولن تكون أهلاً للدخول،لا تتعجل تريث قليلاً وانظر إلى حشود الراكعين والساجدين انظر إلى الطائفين حول الكعبة كما يجري الماء في عروق الشجر .. اندسّ في غيابات الزحام ،فأنت في الحقيقة لا شئ لا أكثر من نثار الهباء في ملكوت اللّٰه ،مهما بلغ شأوك في موازين أهل الدنيا،فُك الأغلال التي كبلتك بها الدنيا تخفف من أثقالك قدر المستطاع إن كنت صاحب جاه فارم عنك أعباء جاهك وإن كنت صاحب مال فألق بخزائنك في هذا البحر وإن كنت صاحب إسم وصيت فلن يغني عنك إسمك ولا صيتك في ذلك الزحام .انس إن استطعت ولكنك لن تستطيع فأنت في الدنيا وبها وهي محيطة بك مثل الموت ،أقرب إليك من حبل الوريد إنما حاول جهدك فوشيكاً سوف تعود إلى ما أنت عليه وقد تفيق وقد لا تفيق.. قبّل الحجر الأسود فهو ليس حجراً وتعلق بأذيال الكعبة واستنشق العطر فهو ليس من عطور هذا الزمان وتكون سعيداً إذا جرت منك الدموع وخفق قلبك واهتزت أركان ذاتك.. ثم اجلس في صحن المسجد وتأمّل وتمهّل وتزود وسعك عمّا قليل سوف تعود إلى ما كنت فيه..سوف تطمرك الحياة بهمومها وأهوائها وأكاذيبها سوف تعود إلى جاهك وسلطانك.كنت متسربلاً وانت عار في هذا المكان وحين تتلبس ثيابك وأوهامك وشهواتك سوف ترتد إلى عُريك القديم فتمهل ولا تعجل وقد تفيق وقد لا تفيق.
ان الجلوس لطيب صالح ( رحمه الله ) وطيب الله ثراه .. هو الجلوس الى الادب والتاريخ متمثلان في رجل ويتحدثان بلسانه انك عندما تمسك اول خيط من سطورة الموشاة بالبلاغة والبديع ..ياخذك الفكر الى ابعد مما قد يحدثك خيالك .. انه آلة الزمن العجيبه التي تأخذ عبر الزمن فتحيا مع الشعراء والادباء والامراء والملوك وشعوب وقبائل وتحيا في مدن غربية وشرقية وترجع محملا بالبديع والرائع والمثير من حديثه الجميل .. انه الفن وليس سوى الفن
الطيب صالح مبدع كالعاده سياحه ممتعه حول بعض المدن العربيه ، يتبعها تامل مطول حول القاره الأسترالية الجواز السوداني و ما يلحق به من تبعات و متاعب، الحكومه و ما لحق بِنَا من صنيعها راقني حديثه المستفيض عن استراليا و السكان الأصليين "المحب يلزمه الصبر"