حقاً أن لكل مدينة فرادتها وعبقها وسحرها الخاص فباريس التي لها أكثر من قلب وبغداد، وهامبورغ مدت لا تبرح مكانها في ذاكرة الطيب صالح، حيث تدلف إلى أحلامه . كما فيها من ضوء ودفء وحيوية وضوضاء. والرحيل مع الطيب صالح في هذه المجموعة متعة لا تعادلها متعة، فهو ينبش زوايا ذاكرته ويزيح عن أعيننا غشاوة الجهل، إذ يكشف عن كل ما هو مضيء ومشرق في هذه المدن التي تعامل معها ككيانات حية تتنفس وتتوالد وتنمو لا كمدن من الإسمنت والإسفلت، فهو يكشف دائماً عما هو تحت هذه البنى من حيات وتراكمات ثقافية فكرية. "روح الإمبراطور، القائد العبقري نابليون بونابرت قد ترفرف على باريس، لكنك لا تحس بوجوده إلا إذا زرت ضريحه، نابليون الذي ترك أثر أوضح وأعطى المدينة هيئتها التي هي عليها الآن".
الناشر: يزعم بعض الإنجليز أن مفردات لغتهم مصادرها ثلاثة: الإنجيل وشكسبير ولعبة الكركت. من بين مصطلحات لعبة الكركت: "All Rounder" وتعني اللاعب "الشامل" وتطلق على اللاعب المكتمل اللياقة والذي يجيد اللعب بمهارة في كل موقع.
الطيب صالح -في رأيي- كاتب "شامل" مكنته ثقافته العميقة والمتنوعة وإطلاعه الواسع باللغتين العربية والإنجليزية على علوم اللغة، والفقه، والفلسفة، والسياسة، وعلم النفس، وعلم الأجناس، والأدب، والشعر، والمسرح، والإعلام، أن يروي، ويحكي، ويخبر، ويوصف، ويحلل، ويقارن، وينقد، ويترجم بأسلوب سهل عذب ينفذ إلى الوجدان والفكر كما تشهد هذه المجموعة من "مختارات من الطيب صالح".
The Sudanese writer al-Tayyib Salih (Arabic: الطيب صالح)has been described as the "genius of the modern Arabic novel." He has lived abroad for most of his life, yet his fiction is firmly rooted in the village in which he spent his early years. His most well-known work is the modern classic Mawsim al-hijra ila’l-shamal (1967; Season of Migration to the North), which received great critical attention and brought new vitality to the Arab novel.
Salih has not been a prolific writer; his early work, including Season of Migration to the North, remains the best of his oeuvre. He has received critical acclaim in both the west and the east. In Sudan he is without rival, and his writing has played a considerable part in drawing attention to Sudanese literature. Arabic literature has been dominated by social criticism, social realism, and committed literature depicting the bitter realities of life; Salih managed to break with this trend and return to the roots of his culture, capturing the mystery, magic, humor, sorrows, and celebrations of rural life and popular religion.
الطيب صالح أديب عربي من السودان ولد عام (1348هـ - 1929م ) في إقليم مروي شمالي السودان بقرية كَرْمَكوْل بالقرب من قرية دبة الفقراء وهي إحدى قرى قبيلة الركابية التي ينتسب إليها. عاش مطلع حياته وطفولته في ذلك الإقليم, وفي شبابه انتقل إلى الخرطوم لإكمال دراسته فحصل من جامعتها على درجة البكالوريوس في العلوم. سافر إلى إنجلترا حيث واصل دراسته, وغيّر تخصصه إلى دراسة الشؤون الدولية. تنقل الطيب صالح بين عدة مواقع مهنية فعدا عن خبرة قصيرة في إدارة مدرسة، عمل الطيب صالح لسنوات طويلة من حياته في القسم العربي لهيئة الإذاعة البريطانية, وترقى بها حتى وصل إلى منصب مدير قسم الدراما, وبعد استقالته من البي بي سي عاد إلى السودان وعمل لفترة في الإذاعة السودانية, ثم هاجر إلى دولة قطر وعمل في وزارة إعلامها وكيلاً ومشرفاً على أجهزتها. عمل بعد ذلك مديراً إقليمياً بمنظمة اليونيسكو في باريس, وعمل ممثلاً لهذه المنظمة في الخليج العربي. ويمكن القول أن حالة الترحال والتنقل بين الشرق والغرب والشمال والجنوب أكسبته خبرة واسعة بأحوال الحياة والعالم وأهم من ذلك أحوال أمته وقضاياها وهو ما وظفه في كتاباته وأعماله الروائية وخاصة روايته العالمية "موسم الهجرة إلى الشمال". كتب العديد من الروايات التي ترجمت إلى أكثر من ثلاثين لغة وهي « موسم الهجرة إلى الشمال» و«عرس الزين» و«مريود» و«ضو البيت» و«دومة ود حامد» و«منسى».. تعتبر روايته "موسم الهجرة إلى الشمال" واحدة من أفضل مائة رواية في العالم .. وقد حصلت على العديد من الجوائز .. وقد نشرت لأول مرة في اواخر الستينات من القرن ال-20 في بيروت وتم تتويجه ك"عبقري الادب العربي". في عام 2001 تم الاعتراف بكتابه على يد الاكاديميا العربية في دمشق على انه "الرواية العربية الأفضل في القرن ال-20.) أصدر الطيب صالح ثلاث روايات وعدة مجموعات قصصية قصير
كتاب يتحدث عن عدة زيارات قام بها الطيب صالح إلى مدن غربية في امريكا واوربا ويتحدث خلال زيارته عن تاريخ هذه الأماكن وواقعها من عدة نواحي اجتماعية وفنية واقتصادية وطبائع الناس فيها ويومياته وصداقاته ومثقفين هذه المناطق...
اسلوب الكاتب رائع وسلس فهو ينقلك من موضوع إلى موضوع آخر بدون ان تشعر وبدون اي رابط ومع ذلك تجد نفسك مسترسل معه
ينقل لك صورة أخرى بما يحدث في بعض التجمعات الدولية مثلا ً في مقر الأمم المتحده يبدأ بالحديث عن الزعماء الموجودين كبشر فيكشف ان ذلك الزعيم هو اضحوكة بين بقية الزعماء وكيف يتفقون على ذلك الزعيم (ليرفعوا ضغطه :) ) وكيف ان ذلك الآخر مشهور بالعصبية و.... فتأخذ صورة اخرى عن الأماكن والأشخاص بأسلوب رائع يجمع بين السخرية والنقد
تاريخ القراءة الأصلي : ٢٠٠٥ مكان اقتناء الكتاب : معرض الشارقة للكتاب ٢٠٠٥
الحقيقة (وقد تكون هذا حقيقتي وليست حقيقتك) أن الطيب صالح من أجمل كتاب النثر في العالم العربي، وهنا أقصد النثر كمقالات وأدب رحلات الخ، ولا أضمن معه فن الرواية. نثر الطيب صالح يكاد يكون مثالي، رشيق وخفيف وعميق ومعبر وحكيم وتعليمي وساحر ومطعم بالأمثال والحواديت والحوادث التاريخية والإنسانية. وفي هذا الكتاب الذي ينتمي لأدب الرحلات، يلتقط الطيب صالح إنسانياته ويومياته التي عاشها بين مختلف المدن الغربية التي عاش فيها أو مر بها..وليست هذه مجرد استعادة لرحلات تمت هنا وهناك بل معايشات معمقة تقودنا إلى "أنسنة" المكان والرحلة قبل وبعد كل شئ آخر
"ما أكثر الأشياء التي تظل ساكنة صامتة حتى يحركها خيال الأدباء" في كتابه كما العادة يستنطق الشجر والحجر يحادث المدن والطرقات ليبين لنا الأشياء لا كما هي بل كما رآها في خياله الغني أحياناً تشعر بأنك تقرأ لسياسي عتيق زاول السياسة عمراً وقد تظن أنه مؤرخ لما يذكر من تفاصيل بعض الأحداث التاريخية والأحداث التي عاصرها لكنه الأدب يصنع من اللاشيء شئ ويجعل من "الحبة قبة" كما يقال .. ذكر قصته مع ثمانية دول غربية من باريس حتى واشنطن وزيارته لها والأحداث التي عاشها.. أعجبني الكتاب كما يعجبني كل ما يكتبه الطيب صالح.
من يقرأ مختارات الطيب صالح العشر او اجزاءا منها يجد نفسه ليس امام روائي تقليدي من النوع المتعارف عليه او كما هو شائع عن الطيب صالح ولكنه امام عملاق في السرد والوصف والتحليل والمقارنة والنقد باسلوب سهل مبسط دون اي تعقيد او تصعيب.
الكتاب عبارة عن مدن زارها الكاتب في العالم الغربي كباريس ووسلو هامبورغ وميونخ وشتوتغارت ونيويورك وواشنطن يروي خلالها بلغة جميلة ذكرياته فيها وينفذ اليك من نافذة غير مالوفة عن الحديث عن المدن فيدلف اليك من خلال شعرائها ومبدعيها وطرازها المعماري وارتباطاته التاريخية كذلك قصص ابرز من عاش وولد فيها. عند الانتقال الى نيويورك يحكي لنا عن انطباعاته في ذلك العالم المجهول عنه والمتوجس منه كما حكى ومن ثم عن تغطياته الإذاعية لمؤتمرات الامم المتحدة وابرز السجالات والخطب والمسرحيات التي حدثت فيها والمناوشات التي تتم وكيفية صنع القرارات وتمريرها.
اجمل ما في الكتاب هو الغوص في دواخل المجتمعات العربية في أمريكا وبين ازمتها المنتجة من عثرات واخطاء الفئات المتعصبة التي تنسب ليها ويا لها من مفارقة لقد هربوا من جحيم بلدانهم ولكن ليس من فكاك!
هنالك اشارات كثير لنظام الانقاذ الذي طغى وتجبر وعن مقارنات بين حال المجتمع قبل وبعد ان اتوا للحكم فيقول :
(كأن الزمان فجأة اصابه الخبل،،،
نشأنا في الثلاثينيات والأربعينات وحتى الستينات ونحن لا نفرق بين العربي والنوبي والبجاوي والزنجي، نميز هذا من ذاك، ولكن التمييز لا يحمل وراءه كرها او احتقارا.
كان السوداني يسافر من وادي حلفا اقصى الشمال إلى تخوم الجنوب وراء كوستي، ومن بورتسودان في الشرق الى نيالا في الغرب، فيجد حيثما حل اقواما لا يختلفون سطحية في السلوك ونمط العيش. يفهم لغتهم ويأكل طعامهم ويصلي معهم في مساجدهم.
وحتى غير المسلمين، كانوا ينخرطون ببساطة في نسيج الحياة، فلا تكاد تميز بين المسلم وغير المسلم. وكان عندنا في بلدتنا في منطقة الشمال الأوسط -وما يزالون- طائفة من القبط الذين هاجروا قديما من مصر. كانوا في ازيائهم وحديثهم واسلوب حياتهم، لا يختلفون عن سائر الناس، يحضرون الاعراس، ويشيعون الجنائز، ويجلسون في المآتم مع المسلمين. لا تفوتهم صغيرة ولا كبيرة من اعراف اهل البلد. ققط يفرق بينهم الموت. حينئذ يدفن الواحد منهم في مقبرة منفصلة عن مقابر المسلمين.
اخواننا في شرعة الحياة، ولكن نحن لنا ديننا، وهم لديهم دينهم)
وغيرها من الافكار التي تجدها في هذا الكتاب الرائع السلس الممتع. قراءة ماتعة أتمناها لكم في حضرة الطيب صالح،،،
سياحه حول القاره الاوروبيه بين القطارات و الطائرات و المحطات يطوف بك الكاتب حول الكنائس العتيقة، المكتبات و المتاحف هي خواطر حول الحاضر و الماضي حول التاريخ و للسياسه و الفنون امريكا و أوروبا حاضرنا و ماضينا اسرائيل و فلسطين السودان شماله و جنوبه عرب أم أفارقه
ان الجلوس لطيب صالح ( رحمه الله ) وطيب الله ثراه .. هو الجلوس الى الادب والتاريخ متمثلان في رجل ويتحدثان بلسانه انك عندما تمسك اول خيط من سطورة الموشاة بالبلاغة والبديع ..ياخذك الفكر الى ابعد مما قد يحدثك خيالك .. انه آلة الزمن العجيبه التي تأخذ عبر الزمن فتحيا مع الشعراء والادباء والامراء والملوك وشعوب وقبائل وتحيا في مدن غربية وشرقية وترجع محملا بالبديع والرائع والمثير من حديثه الجميل .. انه الفن وليس سوى الفن
الله ما أجمل مقالات الطيب صالح وأفكاره.. أديب عبقري .. للأسف مقل في رواياته مقارنة بعمره رحمه الله حيث قارب الثمانين .. تزامن انتهائي من قراءة هذا الكتاب مع الأحداث المؤسفة في السودان.. بردا وسلاما على الأشقاء السودانيين..