"وعندما يتأتئ عزوز تتعثر الحكاية ويتخبط المعنى في رواق الكلام، ومعه يتأتى الوقت واللعب وتنور أبيه.. افترقنا.. سلك درب التجارة بتحريض، أو بتهديد من أبيه. تلفقته الديار البعيدة والقواميس الأجنبية. تقاسمته المعاهد والمدن الباردة. وأخيراً أحكم السديم قبضته على معصمه وشدّه إلى مرابطه، وبفروه الشفيف سيج شرفاته.. فما عاد الحنين يهرول إلى الحنين, وما عاد عزوز يلتفت إلى الوراء في شجن، بل مضى لاهثاً خلاف أدلاّء، تعج بهم الضواحي، يجسّون الخرائط بعصي غليظة ويخوضون في مدٍّ من الثلج حتى أقصى الغياب. شتاء تدحرج وراء شتاء وما بان خَدِينُ الأمس. الآن، كلما شممت رغيفاً رأيت عزوز يذرع بهو الذاكرة مختالاً في مشيته، فصيحاً في صمته، فأشعل قميصاً لعله يأتي إلى جالباً مصيغات حلمه والقهوة التي يحبها، ومعاً نرفع الحجاب عن قارب يبحر بنا إلى أرياف الطفولة". ضمن مناخات احتفالية بذكرى طفولة بعيدة، تنسل الحوادث آخذة بركاب معانٍ مفعمة بألق التعبير المغلًّف بحنين آسر، حنين بريء، حنين يشدك لتغرق مع الروائي في استحضاراته للزمن البعيد، وفي انفعالاته، تذهب معه بعيداً في سردياته تحكي حكايات لطيفة وتشي بقدرة رائعة على صياغة الحدث البسيط ضمن عبارات أنيقة بليغة مؤثرة، تحمل من الوصف ما تحمل، وتحمل من صدق الأحاسيس ما يقنع القارئ بالتعاطف مع ذاك الكاتب المتماهي في استرجاعات، في ذكريات أرسلها حنين موجع إلى لحظات ركنًّ بعيداً في حضن ذاك الزمان.
مواليد 1950، المنامة، البحرين. خريج الثانوية العامة سنة 1967 يكتب القصة القصيرة، الرواية، الشعر، السيناريو السينمائي والتلفزيوني، المسرحية. مترجم، ومهتم بالسينما بشكل خاص. صداراته:
عالمنا الصغير ذكرياتنا البعيدة... أثيرنا المشترك... حارتنا العجوز... حاجاتنا المنسية... خطواتنا التي توارت في آثار مارة لا يعرفوننا... تلك الأساطير الداكنة التي لم يخب لهيبها تماما... رماديشعله أمين صالح في رهائن الغيب... الشلة التي ظنت أيامها ستدوم... تقف على عتبات الوقت راثية الضائع منه وذاهلة أمام أفق الغرابة... تفاصيل الخرائب والحصص والعقاب بلا جريمة... رحلة التعلم... الانتقال من قوة الجسد عند الفتوة... لقوة المنطق عند السياسي... لقوة الحدس في الموسيقى... نص رحال بين الأشكال بعمق الجمال. ينتقل الحديث من ضمير الغائب البعيد المعلق في فضاء ذات جمعية متضامة... إلى ضمير متكلم هربت منه ذواته التي طالما تجلت أمامه في صحبة أصبحت رهائن الغيب والغياب معا.
في ٢٦٦ صفحة تبحر مع الكاتب في بحر ذكرياتٍ من سنواتٍ مضت في "فريق الفاضل".. "شلةٌ" من الصبية يعيشون المغامرة .. فتنتقل معهم من جدران بيوتهم التي تحوي أسرارًا .. شكّلت شخصية كلٌ منهم ليكون فردًا فريدًا في "الشلة" .. مرورًا بالكراسي المدرسية.. إلى شقاوة الطرقات بكل ما فيها من "الخرابة" و "الدكان" ..
ربما أتحفظ شخصيًا على تسميتها ب "رواية" لأنها لم تحوي سردًا لأحداثٍ ممتالية تنتهي بخاتمة واضحة لشخوصها.. بل هي صورٌ من هنا وهناك ..
كان بودي لو استخدم الكاتب اللغة العامية في الحوار بين الشخصيات .. كما فعل السنعوسي .. لأنني أعتقد أنها ستكون أقرب للقاريء ..
استغرق الكاتب في استخدام العبارات والمصطلحات فكانت الرواية أقرب للشعر منها إلى الأسلوب القصصي ..
حكاية من حكايات الشوارع وبشخصيات طفولية وشابة ورغبات تشتعل في مواقد المراهقه وسرد متعدد احيانا ومنفرد احيانا ينتقل بين صفحة وصفحة في انسياب مذهل ولا ابالغ فان مثل هذه الاعمال بلغة ادبيه عالية تفوق عندي اعمال محفوظ وتقترب من ادبية الرافعي ولا البث ان اقرا صفحة حتى ادخل في غيبوبة حلوة المذاق تدور بي وتدور وتضعني بين هؤلاء الفتية ورغائبهم وفأجدني مكمل الدائرة واحد افراد الشلة الموقرة منتشيا بالاستماع الى احاديثهم تارة ومنفعلا من افعالهم الجريئة تارة وان لم اكن لا هذا ولا هذا استمع صوت امين صالح العذب النقي كانما هو منبع حكمة والادب ومنه يستخلص كل بليغ.