أول مرة تعرفت فيها على محمد شكري، حين التقيته خلال عطلة صيف 1972 بشارع باستور بطنجة... كنت قد قرأت له نصوصاً بمجلة "الآداب" وسمعت أخباراً مليئة بالمبالغات عن حياته الخاصة. تواعدنا على اللقاء في المساء، ولفت نظري خلال محادثتنا التي امتدت الى ساعة متأخرة من تلك الليلة، أن شكري أبعد ما يكون عن الصورة التي يرسمها له المعجبون: كان رزيناً في حواره، عقلانياً في حججه، جريئاً في طروحاته ونقده لما يقرأ. لم يكن مشدوداً الى "أسطورة" ماضيه، بل كان مفتح العينين على حاضره، يعيش أقرب ما يكون الى الواقع المعقد المتسارع في تحولاته. منذ ذلك اللقاء، أخذت أواصر الصداقة تنتسج بيننا واقتنعت بأن تجربة شكري في الحياة والكتابة تستحق أن تعرف وأن تقرأ لأنها تمتح من نسوخ غير مألوفة في كتابات وتجارب زملائنا الآخرين. الأهم من كل ذلك، أن الحوار امتد بيني وبين شكري خلال اللقاءات ثم عبر الرسائل لأنني وجدت فيه محاوراً قريباً الى النفس، متصفاً بالتلقائية والصراحة. وكان يخيل إليّ، ولعلي كنت مخطئاً، أن شكري يحتاج الى من يذكره بضرورة الاستمرار في الكتابة لمقاومة تفاهة المحيط الذي كان يعيش فيه. لكنني، وأنا أعيد قراءة الرسائل الآن، وجدت أن إلحاحاتي هي أيضاً نوع من التذكير لنفسي بأن الكتابة أهم من النشاطات السياسية والثقافية التي كنت مشدوداً إليها… وأظن أن كتابة الرسائل تستجيب للحظات جد حميمية نستشعر فيها رغبة البوح والمكاشفة والتفكير بصوت مرتفع. وللأسف أن تقالدينا في المراسلات بين الأصدقاء المبدعين قليلة إن لم تكن منعدمة. من ثم وجدت، ومعي الصديق شكري، أن نشر هذه الرسائل التي امتدت ما بين 1975 و 1994 قد تكون مضيئة لبعض التفاصيل التي التقطتها الرسائل وهي في حالة مخاض، وقد ترسم ملامح أخرى لا يتسع لها النص الإبداعي. نأمل أن يجد القارئ في رسائل الورد والرماد هذه ما يثير لديه التواطؤ نفسه الذي تتدثر به هذه الرسائل والبطاقات المكتوبة وسط الدوامة بانفعال واندفاع وتلقائية. وقد لا يكون الورد وحده جميلاً، جذاباً، فالرماد أيضاً ينطوي على جراحات وانطفاءات لا تخلو من روق وصدق وافتتان بالموت
د. محمد برادة كاتب، ناقد ومترجم ولد 1938 بالعاصمة المغربية الرباط. انتقل مع عائلته في طفولته بمدينة فاس، سافر إلى مصر للدراسة في جامعة القاهرة, حيت نال فيها سنة 1960 الإجازة في الأدب العربي وفي سنة 1962حصل على شهادة الدراسات المعمقة في الفلسفة بجامعة محمد الخامس في مدينة الرباط كما نال درجة دكتوراه من جامعة السوربون III الفرنسية سنة 1973, اشتغل كأستاذا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط. شارك في تأسيس اتحاد كتاب المغرب وانتخب رئيسا له بين 1978 – 1981. يكتب محمد برادة القصة والرواية، كما يكتب المقالة الأدبية والبحث النقدي، وله في هذه المجالات جميعها العديد من الدراسات وبعض الكتب ذات الأثر اللافت في المشهد الثقافي والأدبي والنقدي العربي، ككتابه الهام حول محمد مندور وكتابه النقدي حول الرواية العربية. صدرت له أيضا بعض الترجمات لكتب أدبية ونقدية ونظرية أساسية، لكل من رولان بارت و ميخائيل باختين و جان جنيه ولوكليزيو وغيرهم، كما ترجم لغيرهم العديد من النصوص الأساسية في مجالات مختلفة، كم عرفت بعض نصوصه الأدبية أيضا طريقها إلى الترجمة إلى بعض اللغات الأجنبية. نشر برادة عشرات من الروايات والقصص القصيرة والكتب النقدية. أصدرت له أربع روايات: "لعبة النسيان" 1987، "ألضوء الهارب" 1993، مثل صيف لن يتكرر 1999، إمرأة النسيان 2001. محكيات "مثل صيف لن يتكرر" مجموعتا قصصية: سلخ الجلد 1979 وودادية الهمس واللمس 2004، كتاب رسائل باشتراك مع محمد شكري: ورد ورماد 2000 وكتب نقدية: محمد مندور وتنظير النقد العربي1979، الرواية العربية: واقع وآفاق 1981، أسئلة الرواية أسئلة النقد 1996، سياقت ثقافية: مواقف مداخلات مرافئ 2003 وفضاءات روائية 2003. د. برادة حصل على جائزة المغرب للكتاب، في صنف الدراسات الأدبية، عن كتابه النقدي "فضاءات روائية"
توارد على عقلي عشرات الخواطر وعلى نفسي الكثير من المشاعر. لا أظن أني قرأت كتابا وعيني بها دموع محبوسة من أول الكتاب لآخره. الكتاب يمس فيّ شيء أصيل وهو تقديس منزلة الصداقة وشعوري بأن شخصا يهمس في أذني" متشابهين في الروح ولكن مشكلتهم في الجغرافيا" آهٍ آآه لو تطوى الأرض يا صديق يا صفيّ النفس ومرآتها ويا فرحها وسرورها! كيف لمحمد برادة أن يجعل قلبه يحوي كل هذا الكم الهائل من الإحتواء لصديقه الذي يمر بأزمة نفسيه يتحمل ويتحمل ويتحمل تقلباته المزاجية واحتجازه في المستشفى ووحدته ومشاكله مع ابيه وفقدان امه! وافلاسه وانتزاعه الكلمات وصبره على قلة ردودة. وقوفه بجانبه في اضعف لحظاته وسكره والتيه الذي جعله ينتقل من حانة لبار من ويسكي لفودكا لشامبين. محمد برادة زوحته مريضة وغير مستقر في مكان واحد ولكن قلبه يحوي أكثر الأشخاص حضورا في حياته الغائب الحاضر محمد شكري في حله وترحاله يكتب له يحاول رؤيته! من أجمل ما قرأت منذ فترة♡¡¡ كيف لصديق واحد أن يكون سند وركن وأمان وسبب لإكمال العيش في هذه الحياة التي يوما تعطي ويوما تمنع وتهين. كيف لصديق أن لا يتلون ولا يتغير ويكون بمنزلة النفس للنفس! الصديق الوفي هو من نعيم الجنة المعجل.
محمد برادة و محمد شكري مبدعان مجنونان جمعتهما هموم المرحلة و الكتابة و معاضدة بعضهما الآخر. الكتاب يتكيء على مفارقة غير مقصودة وهي التباين بين حياة برادة الوادعة المستقرة وحياة شكري الصاخبة المضطربة و المتدهورة أحياناً، برادة الذي تزوج ليلى التي كما بدا من الرسائل وفرت له حياة مستقرة و شكري الأعزب الذي تتعدد الرفيقات في حياته، برادة يصغر شكري بسنوات لكنه للحق كان موجهاً و مذكراً له بما يشبه الوصاية -التي صارحه شكري بأنه يضيق ذرعاً بها- رغم تبرير برادة بأنها ليست وصاية لكنها المكاشفة التي تقتضيها الصداقة الحقة. الكتاب ممتع ويحوي الكثير من الإشارات الجميلة فيمَ يخص الكتابة والحياة والسفر والحلم المشترك.
ساعات من الاستمتاع المتواصل في عالم محمد شكري المعروف عن ادب الرسائل انه غالبا ما يكون ممل و مطول لكن "ورد و رماد" كان مختلفا تماما عن النمط التقليدي المتعارف عليه رسائل شكري في نظري كانت مميزة اكثر من رسائل براده الذي جاءت كلماته اغلب الوقت في صيغة تقريرية خالية من الشاعرية و الحس الادبي على عكس شكري .. عالم محمد شكري غني بالتجارب و مثير للاهتمام فعلا, شكري شخصية مركبة غامضة صعب ان تفهم ملامحها و ربما كان هذا افضل لكي لا تفقد سحرها "غير انه يبقى رغم ذالك عبقريا مجنونا رائعا "المسيخط شكري
ممتعة هي الرسائل المتبادلة بين كاتبنا العزيز محمد شكري والكاتب محمد برادة مع ما حملت من نصائح وتوجيهات لمحمد شكري في أساليب الكتابة وأيضا طريقة عيشه التي غالبا ما يتجاهلها أو يطالب محمد برادة بـــ "دخول سوق رأسه" على حد تعبيره هه رسائل شكري كانت مقتضبة في غالبها ويصف فيها ما هو بصدده في أثنائها وما يخالجه من أفكار ومشاعر محمد شكري من فلتات الزمان في الأدب المغربي الشحيح في عطائه وأسلوبه الروائي فريدة من نوعه.
"أدب المراسلات"، يحمل هذا النوع من الكتابة "رغبة في البوح والمكاشفة والتفكير بصوت مرتفع" حسب تعبير محمد برادة في تقديمه لرسائله هنا مع محمد شكري". الرسائل الشخصيّة تكشف -كما يُؤكّد هنا- عن حساسية تخفي في طياتها قلقاً وانفعالات، تضع المبدع أمام مرايا داخلية شديدة الوضوح بوصفها استجابة لنوازع انفعالية صادقة، تمتزج فيها، الأشواق الشخصية والأفكار والأحلام والرؤى من منظور ذاتي بحت.
الرسائل، بمثابة حقل شائك -لاسيما إذا كانت بين كاتب وكاتبة كما كان بين جبران وميّ، بين غادة وغسان- . وأودّ الاشارة لرسائل لم أحصل عليها بعد، بين محمود درويش وسميح القاسم، ففي رسالةٍ أولى من محمود:
"عزيزي سميح كم تبهجني قراءة الرسائل...! وكم أمقت كتابتها لأني أخشى أن تشي ببوح حميم قد يخلق جواً فضائحياً لا ينقصني ولكن ماقيمة أن يتبادل شاعران الرسائل...؟ . ستكتب إليّ لإعادة تركيب ما تفكك في النفس والزمن، برفع رافعة التوازن لثنائية "الداخل والخارج" الخاصة والعامة، لاستعادة أولى الطبقات الصاعدة إلى أفق يفيض عن الطريق. ستكتب إليّ. سأكتب إليك... لأعود. فما زال في وسع الكلمات أن تحمل صاحبها وأن تعيد حاملها المحمول عليها إلى داره." ، ، بالعودة إلى برادة وشكري، تجدر الاشارة إلى أنهما شخصان على طرفي نقيض. كلاهما روائي، ولكن، لكأن كلاً منهما في كوكب. برادة بعقلانيته وبعد نظره للحياة، وشكري بعبثيته وفوضى حياته السائبة في ليل طنجة واللامبالاة. ثمة مفارقة واضحة جداً في اختلاف نمط حياتهما، وتقارب أكبر في رغبات متبادلة بينهما كحلمٍ ربما أن يكون أحدهما الآخر، أن يتخفف برادة من حياته العقلانية الرتيبة ويتشرد في شوارع طنجة، وبالمقابل يحيا شكري الاستقرار الذي قد ينسيه حياة العوز والحاجة. في هذه الرسائل تذكير دائم من برادة لشكري لأهمية الكتابة " التي تجعل الحياة أكثر بهاء وأقل رتابه" وتأكيد شكري على أنه "من لم ينغمس في دم الحياة، لا يحق له أن يتكلم عن الجرح". . مادفعني لسحب هذا الكتاب من على الرف أثناء جولة خاطفة في احدى المكتبات التي مررتُ بها صدفة، هي ثيمة الرسائل التي كنتُ أستمتعُ بها مؤخراً. وإن كانت هنا مختلفة عن سابقيها، حيث تكون أقرب إلى حوار بين عاقل ومجنون في مكاشفة عميقة وصادقة، إلا أنها لفتةٌ جيّدة ولا شكّ.
الرسائل واليوميات ديوان المشاعر، جزء من الإنسان، من نستودعه رسائلنا نستودعه بعضا منا، بل ربما أغلى ما نملك أحيانا نكتبه لعدم قدرتنا على التفوه به، حتى لتجدنا ننسج حول الكلمات أغطيةً من الاستعارات والتشبيهات التي تضيف الجمال وتخفي الوضوح الممض بالمشاعر، بين الحوار المباشر والرسائل تكون الرسائل أكثر جرأة على تخطي العيون ورهبة الحضور، والرسائل حيث وثقتها بالكتابة صارت عصيّة على النسيان، كأنك حين تفقد من الذاكرة كلماتها، تراها حاضرة القلب بحبر لا يبهته التقادم!
رسائل ورد ورماد، رسائل بين اثنين من الأدباء جمعهم القدر في طريق أتاح لهم الحديث لتنشأ صداقة، فلما بعُدت الديار لم تبعد الكلمات، فصارت الرسائل التي جُمعت فيما بعد لتصبح سفر الصداقة هذا، الرسائل تموج بأحاديث عادية، لطيفة في بعضها، وجريئة الألفاظ والمعاني في ثناياها، لكنها لا تخلوا من حزن إن أردت حزنًا، ومن سلوى إن أردت، لن أزيدك، اقرأ إن أردت ونقّب عن المعنى المألوف والغريب!
فرقٌ بين رسائل شكري وبرادة أنَّ الأولى فيها نَفَسُ الروائي الذي يكتبُ بلغةِ الشاعرِ أما الآخرُ فيكتبُ بنَفَسِ الناقدِ لذا كانتْ رسائلُ شكري قصيرةً موجزةً مركزةً ثائرةً مضطربةً يائسةً أحيانا فرحة نزقةً خصوصا بعد تحققِ عوائد من رواياته أما رسائلُ برادة كانت طويلةً فيها شئٌ من الوصايةِ على شكري وتوجهاتِه ويجمعُ بينها كلها تلك الصداقةُ الحميمةُ والا ما الذي حعلَ رسائلُهم لم تنقطع من السبعينات للتسعينات على قلتها غيرُ الوفاء
أحببتُ شكري أكثر. رسائله كانت تنم عن ولع كبير بالحياة مدفوعًا إلى الكتابة بزخم ممتلئ. على عكس برادة الناقد الحصيف. وأقول إثر ما قرأت: قد لا يكون الورد وحده جميلًا، جذّابًا. فالرماد أيضًا ينطوي على جراحات وانطفاءات لا تخلو من روقٍ وصدقٍ وافتتانٍ بالموت.
كتاب ممتع ...تكشف الرسائل عن شخصية كل كاتب ومدى العلاقة التي ربطت بينهما والمحبة التي طبعت علاقتهما ...محمد شكري حالة خاصة في الأدب المغربي والعربي معا .
رسائل متبادلة بين كاتبين، رائعين، كبيرين، ومجنونين، أحدهما قال ذات خبزٍ حافٍ، قل كلمتك قبل أن تموت، فإنها ستعرف حتماً طريقها، ويدعى محمد شكري أو الكائن الريفي المسكون بطنجة. وآخر قال ذات نسيان أن حياتنا معلقة على حافة الكلمات الآتية، الكلمات التي نختارها جوهراً باقياً ضد الآني المنفلت الزائل، ويسمى محمد برادة صاحب لعبة النسيان وإمرأة النسيان. وبين هذين الهرمين ورسائلهما المتبادلة الصادقة حد الصدق، ضل تعليقي على الكتاب الطريق، وبقى حبيس الذهن. ورد ورماد لا أكبر من الرسائل الشكرية، للرد على الذين شككوا يوماً أن هذا الريفي، البوهيمي، العبثي، المسكون بطنجة، لايستطيع كتابة رواية بحجم الخبز الحافي . وإلى كتاب آخر
جميلة هي هذه العلاقة بين كاتبين مغربيين، بصما اسمهما في عالم الرواية، في زمن الخوف والترهيب. دوما نقرأ الفكر بعيدا عن الشخص، لكن في بعض الأحيان نحتاج فعلا إلى قراءة الكاتب نفسه، حتى تتكون لدينا على الأقل فكرة عن هذا الذي كتبه، دوافعه ومرجعياته... "في رسائل الورد والرماد هذه ما يثير لديه التواطؤ نفسه الذي تتدثر به هذه الرسائل والبطاقات المكتوبة وسط الدوامة بانفعال واندفاع وتلقائية. وقد لا يكون الورد وحده جميلاً، جذاباً، فالرماد أيضاً ينطوي على جراحات وانطفاءات لا تخلو من روق وصدق وافتتان بالموت"
لم أكن في كل قراءاتي الماضية أعول على قراءة لا أعرف صاحبها عن قرب من جانب إنساني. ولهذا أجدني دائما أبحث في الحوادث والسير والرسائل. وأدب الرسائل المهمل في العربية كان كثيرا ما يحيلني للبحث وراءه رسالة تشد رسالة. وهكذا عثرت على شكري وبرادة. ويال السعادة لقد كان شكري حقيقيا تماما مثل كتابته. وهذا ما يسعدني في الأدب. خمس نجوم لهذه الكتابة غير المتبرجة بزينة كثيفة. الغاسلة وجهها والشاهرة. مثل سيف في الريح!
اسم الكتاب📚 : ورد و رماد اسم الكاتب ✒: محمد شكري و محمد برادة عدد صفحات الكتاب📄 117صفحة نوع الكتاب : رسائل تقييم الكتاب 🌟: 5/5 رقم المراجعة : 24
نوع القراءة : إلكتروني 💻
إنطباعات شخصية ✉ : شحنة الألفة و الدفئ الذي وجدتها بين الرسائل رهيبة ؛ وجدتني كما لو أنني أعرف شكري معرفة شخصية رغم أن ما يجمعنا سوى علاقة قارئة بكاتب ؛ تعرفت عليه في كتاباته الواقعية الإنسانية كما تعرفت على شبيبه محمد الزفزاف ؛ و إشتركا في عشقي المبذول تجاههما و عبير الورد القابع في ذاكرتي . أما عن محمد برادة فهذه أول مرة أقرأه ؛أثارت حنقي طريقة برادة التي تملي على شكري ما يفعله و ما يكتبه ؛ إن فرادة شكري و جرأته هي ما جعلته ماهو عليه من شهرة . إننا في حاجة لشكري كشكري ليس لنسخة أخرى من برادة . لكنني أعترف أن هذا الأخير موهوب بحق و ناضج في ككتاباته و مستوي حد الإحتراق ليصير رمادا . وجدت أن شكري يمثلني بل هو أنا مع بضع فروقات ؛ فكره فكري ؛ جرأته و خروجه عن المألوف ؛ أمنياته حتى الجامحة منها . 📌 ملخص الكتاب : محاولات برادة على حث صديقه شكري ليكتب و لينتج الأدب الشحيح الذي إبتدعه ؛ ادب الصعاليك و خاض فيه حد الثمالة ؛ برادة أيضا يحاول جاهدا مساعدة صديقه لتمكينه من نشر كتاباته هنا في وطنه ؛ في المغرب بين ذلك و ذاك تتوالى رسائل الأصدقاء لتفوق منها رائحة الورد و طعم الإحتراق محلية إياه رمادا . إقتباسات 🔖 : إن الكتابة أهم من النشاطات السياسية و الثقافية التي كنت مشدوها إليها إن الكتابة تمنحنا انتصارا من نوع خاص . ضد جميع الجوانب التي نرفضها في مجتمعنا مأساتنا أننا نشبه الرصاصة التي لم تنطلق من جعبتها و ظلت حبيسة بندقية يقرضها الصدأ . اننا نعيش حياة غير التي نريدها ؛ حياة مليئة بالثقوب ؛ مغمضين العينين و الأفواه . علينا ان ننضال ليتاح لنا حق الكتابة و النشر الكتابة الحقيقية هي التنقيح السعادة هي ان تعثر على انسان ذكي حتى و لو كان شريرا إني أطهر نفسي ؛ الكتب تنام معي . قال محمد شكري إسمهان أكثر حميمية من أم كلثوم . لقد أصبح الزمان يسكنني مثل صوت إسمهان نحن لا نكتب بأقلامنا بل بأجسادنا أيضا من خلال حياتنا و مواقفنا . من لم ينغمس في دم الحياة لا يحق له الحديث عن الجرح . كتب مقترحة 📚: من أجل الخبز وحده السوق الداخلي محمد شكري الخيمة لمحمد شكري صرخة نحو روما للوركا زمن الصنت للويس مارتان Love story ريك سيغال المستحيل لشكري . الليل و البحر قصة بائع الكلاب و الجنين لم يتحرك مذكرات اللص لجان جنيه تاريخ العلم لجورج ساتورن قصائد حب على بوابات العالم السبع للبياتي أنا كرنينا الجريمة و العقاب المهانون الأمل لمالرو لمن تقرع الأجراس لهمنغواي افول القمر لجون انشتاين بك قصة يطو لشكري تاريخ طنجة الوجيز مجنون الورد حنان لمحمد شكري الخيمة الكتب في حياتي درجة الصفر في الكتابة ليلى و الذئب للعالية ممدوح جوستين بالتزار الأسير المتيم لجان جونيه لعبة النسيان في قبوي دوستويفسكي ليلة القدر لطاهر ذات لصنع الله ابراهيم مدام بوفاري الضوء الهارب
كان آخر ما اختتمت به سنة 2020 المجنونة هو السفر بين عالمـيْ برادة وشكري ..
كنت أقرأ "ورد ورمــاد" بنهمٍ في وقتي المستقطع بين الالتزامات الكثيرة الاخرى. أدمـنته.. أحببت فكرة أن يتراسل صديقان، يتكاشفان، يبوحان، يتناقشان في الكتب والفن والموسيقى، يتناصحان (أو بتعبير أدقّ ينصح أحدهما الآخر، يحملُ همّه و يسهب في ذلك) .. نوعٌ جميل من الكتابة، يحمل بعداً إنسانيا راقياً.. الحبّ الأخوي الصادق، البعيد عن اي مصلحة شخصية. رأيت وجهاً اخر لشكري..ذاك الرجل الصاخب المتهور، المفعم بالحياة رغم كل ما مسّـه من سوء .. كانت هذه الرسائل قريبة من شخصي إلى حدٍّ كبير، أو ليس من الممتع أن تقرأ ما يشابهك أحيانا؟ أنا وشكري نتقاطع في التّـيه التي عرفه اخر حياته.. نتشابه في فقدان البوصلة، ضياع الطريق، الاستسلام لما يُضعف ويُربك.. نتشابه في حب طنجة، وفي العبور الى تطوان.. برادة، الرجل المثقف الذي لا يكاد يجد فراغاً ليكتب قصة او رواية. الأسفار، الندوات، اللقاءات، البحث الجامعي، تأطير الطلبة، الحياة الزوجية ... أشياء كثيرة جداً ينخرط فيها الرجل ويحض صاحبه على المثابرة.. يدفعه نحو الأمام.. يحاول ان يفتح عينيه صوب الوجهة الخلاص.. وددت لو كان برادة صديقي ! ولكَـم وددت لو كنت مثله في العزيمة والتصميم والتنفيذ ! برادة ، على انشغالاته، لا ينـقطع عن مراسلة صديقه، ولكم أحببتُ عبارة "أكتب." التي ينهي بها رسائله.
أدب الرسائل دائماً ممتع وجميل، يُـميط الحجاب الذي يغلف حياة الشخصيات العامة ويكشف روحهم، معدنهم وتجاربهم التي قد لا تتجلى عـياناً في ما يظهرونه للعموم.
رسائل مؤنسة في أيام الحظر والكورونا أحببت حميمية الحكي وأحيانا توحدت مع والدية برادة وأحيانا جنحت لعفوية شكري وتأففت من نصحه المتواتر من ضمن المقتطفات اللي حبتها وأخدتها على فيسبوك «عزيزي شكري (...) رسائلك الأخيرة تنضح بشوق إلى الكتابة وأحسُّ أنها آتية على مهل، وأنها بدأت تحفر في نفسك مساحة الحنان والشوق إلى الكلمة التي تعوض فراغ الأشياء وملالة الناس ... (...) عن المرض: احترس، استعن بإحساسك الداخلي لتتحاشى الأزمات. إن مجرد التفكير في حالة المرض يجعلني تعيسًا، والجسد لا يؤتمن فقد يتخلى عنا في أية لحظة لنهوي إلى القاع. أنت محتاج، أيضًا (مثل صنع الله) إلى نوع من التصوف يبدأ عبر التفكير في الموت، والبحر. والجمال المطلق والحضور ”الجواني“ لأشياء حميمية ... لا تضحك، فهذه هي الوصفة الجيدة التي أقدمها لصنع الله كلما كتب يشكو المرض أو حالات الاكتئاب. (...) محمد برادة»
وكذلك رد شكري التالي « لم أكتب إليك منذ فترة لأني كنت مُشتتًا، إنك خير من يفهم عنِي ما أقوله. الكتابة والأخبار وليلى في الليل، وشهرزاد وشهريار مزاج، وإلا فليلنا ليل في ليل ليلى. فأين قمر البيد، أين الفجر؟ أين شفق الصباح ...؟. أنا غاضب على ما أحب أن أكتبه إليك ويُلح علىَّ بما لا أريده مني إليك. حياة التفاهة، موت التفاهة، لا شأن لي بهما. ما الحياة إذا لم تكن هذه العلامة (؟) بين الليل والنهار احتمال مزاج بينهما. هذا آخر لوني. م. شكري »
و بعد ثاني او ثالث تجربة لي مع ادب الرسائل ، أقتنعت بأنني انتمي لهذا الادب ، لهذا الباب الذي جلبته و فتحته في حياتي ، باب يفتح في اعماق نفسي ابواب كثيرة مغلقة كنت احس بوجودها لكن لم يكن لدي الفكرة كي اعثر عليها و افتحها و اتعرف على ما كنت اظنه مفقوداً ، أسطري هذه ب��يدة عن تقديم شرح لهذا الكتاب ، هذه الاسطر فقط تعبيراً عن سعادتي بهذا الاكتشاف الذي وجدته داخل نفسي بسبب هكذا نوعية من الكتب ، شكراً محمد برادة 🤝 قلبي معي ام لا ، لكن آمل أن انتصر لأعود .
ممتعة الغريب لم أقرأ لبرادة أو لشكري لكن رسائل عجيبة أحسست أن كل منهما يتكلم في واد ومع ذلك دامت صداقتهما شكري المتمرد القليل الحديث وبرادة المتفائل من يشجع شكري دائما أحببت حديثهما عن الحياة والثقافة والروائيين غبطت برادة علي كل تلك السفريات❤️ استمتعت
" هذا المساء، اخترت أسمهان. إنها أكثر حميمية من أم كلثوم. لا أحب إلا قديمها.لقد توقف ذوقي عند الأطلال والرباعيات وربما الآهات ، لقد صار الزمن يسكنني مثل صوت أسمهان " هذا هو محمد شكري , بعناية تامة ينتقي موسيقاه ، بما يتلائم مع مزاجه الخاص .
تكاد لا تخلو رسائله إلى محمد برادة من الإضاءات الموسيقية ، " De la musique avant toute chose كما يقول فرلين " ، أحيانا كان يستوحي الكلمات من النغم والإيقاع " انتهيت منذ لحظة من مراجعة قصتي" المستحيل. كتبتها عام 67 ، أستمع الآن الى ليو فري Avec le temps "
من ناحية ثانية ستشكل لنا هته الرسائل صورة أخرى لمحمد شكري التي لا يمكن رسم كل خيوطها المتناسلة والمتشابكة من خلال ما تكشف عنه كتاباته السير ذاتية من معطيات بيوغرافية مرجعية، مرتبطة برحلته في الأزمنة وفي الأمكنة وفي الوجوه وفي الوجود، حيث ثمة في الرسائل صورا أخرى تكشف عن مجموعة من الاهتمامات والانشغالات الموازية ، والتي لا تقل أهمية عن تلك الصورة الشهيرة المعروفة عن شكري اليوم، باعتباره كاتبا عالميا ذا تجربة أدبية ـ سيرذاتية فريدة في الأدب العربي المعاصر، ويتعلق الأمر، هنا، بالخصوص بصورة «محمد شكري القارئ»، بالمفهوم الواسع، هنا، للفظ القراءة.
ففي هذا الكتاب ، سوف ندرك أن عملية القراءة عند شكري تشكل جزءا لا يتجزأ من حياته اليومية، ومن الأخبار الواجب نقلها للأصدقاء، فتجده دائما يحيل على مقروءاته من الكتب والمجلات، إلى الحد الذي يجد في القراءة مجالا للتطهر والادمان: «إنني أطهر نفسي. الكتب تنام معي. عادة اكتسبتها منذ سنين. القراءة والكتابة في الفراش. مذكرات اللص لجان جينيه أعيد قراءتها بالفرنسية والإسبانية. كذلك اقرأ Nadji لـBRETON تاريخ العلم لجورج ساتورن، شعراء المدرسة الحديثة لروزنتال، ومجلة عالم الفكر (العدد الخاص بالزمن)، و«قصائد حب على بوابات العالم السبع» للبياتي. غارق في القراءة، لكن الإحساس بالكتابة لم يغرني بعد..» في رسالة أخرى يكتب " هذا المساء لا أشرب إلآ من زجاجة صغيرة وأقرأ حياة Gabriel D ' Annuinzio هذا شيء من دمه : Veux- tu combattre? tuer? voir des fleures de sang? de grands tas d'or? des troupeaux de femmes captives? des esclaves?... veux- tu (tu m'entends, jeune homme, tu m'entends?) veux-tu divinement aimer? هذا ما كتبه دانونزیو بعدما فقد عينه في الحرب ثم تحدى الآلهة موصيا على أن يبني له قبر جمیل . " وفي رسالة أخرى يخبر فيها برادة بموعد نومه ، لكن شكري لا يستطيع أن ينام دون أن يقرأ ، كما تعبر رسالته هذه " الحادية عشرة والنصف ليلا. سأقرأ وأنام ... غارق في القراءة ... أوزع وقتي بين القراءة بالعربية والإسبانية والعربدة في الحانات»
رسائل شكري لبرادة، ضربات كتابة ساطعة.. حادة.. شديدة الاختزال والإصابة... ومن شدة صدقها وإصابتها تتمنى وأنت تقرأها أن لا تتوقف... يقول «منتصف الليل.. لم يبق لي إلا أن أنطح الجدار.. من لم ينغمس في دم الحياة لا يحق له أن يتكلم عن الجرح.. أمص الآن ما تبقى في الزجاجة. اللعنة على السيجارة الأخيرة سأدخن الأعقاب في سلة المهملات...». وتحس رسالته صدى جسده وصدى موقعه «لي في هذه الحانة ركني كسلحفاة» «في اللاعمق حياتي تطفو. حتى رسالتي هذه لا أرغب في كتابتها. صديقاتي العاهرات القديمات غزتهن الشيخوخة بسرعة فبقيت وحدي»... وهكذا.. ففي ضربات القلم عند محمد شكري في رسائله ما يشبه طعنات سكين في أديم أبيض كل طعنة تترك أثراً. الكتابة عنده، في هذه الرسائل، كالكتابة في «الخبز الحافي» ليست طعنات في هواء فارغ بل في لحم حي من الحياة والجسد والورقة.
هو كتاب لوترياموني، أو اذا شئت، آرتوي «نسبة لأنطونان آرتو»، ينطوي على مزيج خاص من الوحشية والحنان.كصاحب مبضع ذاتي يجرح ويشفي.
كانت علاقات شكري كثيرة مع مجموعة الأدباء المغاربة والأجانب الذين تستهويهم روح طنجة وأساطيرها الحية. وقد وثقت أعماله بعض علاقاته مع كبار الأدباء العالميين من أمثال جان جنيه وبول بولز وتينيسي وليامز. ومع ذلك، كان مزاجه الصعب وتقلب أحواله يفقده الكثير من الصداقات الكبيرة. وتعد صداقته مع الناقد المغربي الشهير محمد برادة واحدة من العلاقات "الناجية" التي أثمرت عملا مشتركا، عبارة عن رسائل متبادلة بينهما نشرت تحت عنوان "ورد ورماد". وهي رسائل مكتوبة بنفس أدبي يحتوي اليومي ويحوله إلى اسئلة وجودية لا متناهية " أكافح من أجل أن يلين الوجود في اللاوجود حتى يصبح للثنائية المطلق الذي لا يزاحم حيث تتماس الأشياء و لا تلتقي. أشرب زجاجة صغيرة من النبيذ . يعجبني ما قاله عاشق السكين والجرح: Au fond de l'inconnu pour trouver du nouveau " ,هكذا كتب محمد شكري ذات مرة في رسالة إلى صديقه محمد برادة .
برادة وشكري شخصان على طرفي نقيض. كلاهما روائي، ولكن، لكأن كلاً منهما في كوكب. ففي حين أن الأول كان أكاديميا ينعم الحب والعودة إلى المنزل ليجد ليلاه ( ليلى زوجته ) ، ظل الثاني يعيش حياة الصعلكة والحرمان من الحب الدافيء والفراش الناعم ، إذ يصل لنا صوت محمد شكري في بعض الرسائل ، من داخل مستشفى الأمراض العصبية ( الجناح الجديد) مايوركا ، أين كان يكتب ويرسل رسائله إلى محمد برادة ، ليوافيه بأيامه الباقية هناك ، وما يدور حولها ويحدث في أثناءها " أنت ترى أن علاقاتي محدودة، ومع أناس لا يزعجونني و لا أزعجهم. هذا سابع عشر يوم لي في المستشفي. استيقظت كالعادة في الخامسة وبضع دقائق حسب ساعة جاري النائم الذي أتجسس على ساعته . أكلت برتقالة ودخنت أول سيجارة ثم الثانية و بدأت أقرأ ... الشاب المريض الذي تحدثت لك عنه في رسالة لي من رسائلي المستشفائية، أتيت له بالجلباب الأبيض من طنجة. أخذ حماما باردا و ألبسته له في حضور بعض الرفاق الذين جمعتهم في حجرتي لكي نحتفل بالجلباب الذي سيلبسه عبد الكريم ( اسم الشاب المريض)، لكنه هذا الصباح جاءني وجلبابه ممزق عند الكتف. قال لي بأن شخصا حسودا من الكافرين تخاصم معه ( أحد مرصی جناح الخرائین کما يسمونهم في المستشفى . أعطيته إبرة وخيطا وراح يرتق جلبابه وعيناه دامعتان. واسيته في مصابه قائلا له بإسلوب مسيحي : "إغفرلهم فإنهم يخرأون في ثيابهم.. ضحك وقال : كنت سأحررهم عندما أخرج من هنا لكني الآن قررت أن أتركهم هنا عبیدا. إنهم كفرة ، ثم أضاف جملة من القرآن كنت قد حفظته إياها ( يقرأ بالفرنسية والعربية.فرنسيته جيدة ، لكنه يستطيع أن يقرأ بالعربية ناصبا الفاعل رافعا المفعول به . استمعت أمس الى كثير من الموسيقى : كلاسيكية وحديثة. کیف هي ليلي؟ أعتقد أني أعرفها في عصر غير محدد. ربما منذ ألفي عام أو أكثر. أما أنت فقد رقصت معك في عيد باخوس. "
وفي رسالة أخرى محمد شكري يتخاصم مع أحد النزلاء المرضى ، فتصل الخصومة إلى حد العنف المتبادل " البارحة تعارکت مع مريض. لم أكن قد تناولت بعد فطوري وطلب مني سيجارة .حين لم أعطها له شتمني . تلاكمنا وتراكلنا. هذا جزء من حياتي في المستشفى " يكتب له مرة ثانية " في 25 مارس القادم سأبلغ 44 سنة. الحياة في المستشفى لا تخلو من عنف مع بعض المرضى. لقد تضاربت من جديد مع أحدهم لكما وركلا. تذكرت تسديد الضربات المراوغة. تصالحنا ودخن معي سيجارة. ربما تخاصم وتصالح معي ليحصل عليها. لا أحد يدري ماذا يفكر الإنسان."
يتابع محمد شكري أيامه في المستشفى إذ يبلغ يومه الحادي والعشرون ، فيكتب " حسب ساعة النادل، الآن خمس دقائق نحو العاشرة. أكتب لك من مقهى مانيلا. هذا هو الحادي والعشرون يوما لي في المستشفى. مازلت أحافظ على بكارة علاجي. في كل يوم أقول لخلايا جمسي : . تجددي.. كالعادة أفقت بل أفاقني صياح ديك المسيح. قلت لك في إحدى رسائلي بأن هناك أناسا ينتمون الى كل العصور المختلفة ( أي أن كل واحد ينتمي إلى عصر ما) أما أنا فلا أنتمي إلا إلى عصري. أنا جلدي منسلخ من كل العصور. قد أعجب بعصر ما لكني لا أتناسخ فيه. كما أني لست أرواحيا Animiste. أتمنى أن أعانق إنسانا لم يولد بعد. إنسان ليس زبه في عقله بل عقله في زبه. لقد سمعت حكاية عن ثري عربي جاء إلى الدار البيضاء و أقام في فندق فخم وخلع سراويله و بقي في جبته ثم بدأ�� وفود النساء الواحدة تلو الأخرى حتى استنزف قواه- وليس ماله بالطبع- ثم لبس سراويله وعاد من حيث أتي. مثل هذا الإنسان هو الذي يمسك بتقدمنا من الوراء. "
وفي الرسائل الأخيرة من المستشفى يعلمه فيها بموعد مغادرته المستشفى " سأبقى هنا حتى آخر هذا الشهر ثم أعود الى طنجة لاستئناف عملي مغيرا نمط حياتي. بعد اليوم سأعيش عاقلا و أموت مجنونا. أما دون كيخوتي فقد عاش مجنونا ومات عاقلا : .Vivio loco y murio cuerdo ... عندما سأخرج من المستشفي سأطبق حكمة Nitszche : خطوة من أجل الحياة وخطوة من أجل الفكر. "
توثق الرسائل لحظات هامة ومؤثرة ، لا في حياة محمد شكري فقط ، بل في حياة ��حمد برادة أيضا ، إذ يكتب له هذا الأخير ، رسالة أثناء موت إبنته ، وهي رسالة وإن حملت معها مشاعر الحزن ، الا أنها لم تقف عند اعتاب الفاجعة ، لتصل إلى حد التفكير في الموت لا كنهاية ، انما بوصفه معطى متصل بالحياة " تبينت أنني لم أكن أفكر فيه بكل جدية.. كنت مشغولا بأشياء أخرى ، متناسيا الشيء الأقرب والأهم ... ليس الموت في حد ذاته كنهاية ، بل الموت كمعطی متصل بالحياة : كيف نستقبل حياتنا عندما نعلم / نتحقق ان الموت آت لاريب فيه ؟ خارج المعتقدات اللاهوتية ؟ كيف لا نقع تحت تأثير النهيلية والعبثية ، وكيف نتقبل تغير الحالات وتبدلاتها الصحية والنفسية والعاطفية ؟ و كأن نوعية الحياة التي عشتها كانت تخفي كلية الحياة وتجعلني أتعامل مع ملامح معينة مشمولة بالتفاؤل وحتمية "التقدم والفوز ... لكن الأعمق ، هو علاقتنا مع العالم من خلال علاقتنا مع الذات والكون والموت .. هذا هو الإختيار الصعب الذي يفرض إيقاعا آخر ، وفلسفة أخرى ، واختيارات حياتية آخرى ...
الأخ العزيز شكري ، التحايا والأشواق
يوم 15 نوفمبر ، دسست في التراب طفلنا الذي لم يعش سوی سایه واحدة . أطل واختفى بالرغم من أن شوق لیلی وشوقي إليه كان كبيرا ماذا نفعل أو نقول مع الموت ؟ عشنا في حداد ، خاصة ليلى .. لكن الحياة لا تقبل الحزن أو الانغلاق : علينا أن نحمل الجرح في الأعماق ونتابع السير ، نتابع الوهم . نتابع الحلم بطفل وطفلة أخرى . إنما مثل هذه التعثرات الملموسة هي التي تجعلنا ندخل في علاقة حقيقية مع الحياة : أن نكون نحن موضع التجربة ، موضع الفقدان . موضع التجارب مع الزمن الأقوى دائما منا . بقایا تجربتنا الأليمة تلم بنا من حين لآخر ؟ وآثارها على ليلى أعمق .. لكنني بدوري أعيش تساؤلات صعبة . وأعتقد أن مسألة الإنجاب هي في العمق ، مسألة تستجيب لأنانيتنا : بالأولاد نستطيع أن نتحمل الزمان ، وأن نشيخ بمرارة أقل . فهم يولدون علائق جديدة بيننا وبين الحياة يجعلوننا في وضعية انتماء واقعي لليومي العيش ، يخلقون وهم الإمتداد .. نفكر في إعادة الكرة لو تغلبنا على الشكوك والتخوفات .
يتشارك الاثنان اليومي المعاش على حد قول برادة والاحلام وحب الكتابة وطنجة ، يخبر شكري برادة انني اطهر نفسي الكتب تنام معي عادة اكتسبتها منذ سنين القراءة والكتابة في الفراش. يشجعه برادة على مواصلة الكتاب وبالاخص مذكراته وانه بحاجة الى نوع من التصوف عبر التفكير بالموت، البحر، والجمال المطلق والحضور الجواني لاشياء حميمية. ويختم برادة اغلب رسائله بالتحايا منه ومن ليلى زوجتها التي فيما بعد ستتولى غلاف يوميات شكري🧡
الرسائل هي الشفاء الحقيقي للقلوب " المعطوبة" ، لأننا بهذه الطريقة نصرخ صراخا يصم القلوب ، ولا نبالي ، ونضحك بصوت كالمفرقعات ، ولا نبالي ،، لا أحد يسمعنا ليطلب منا الصمت !
This entire review has been hidden because of spoilers.
من أدب الرسائل تجميعًا لِلرسائل التي تبادلها الصديقان الروائيان "محمد شكري" و "محمد برادة" و هي نقاشاتهم عن أمور اجتماعية و حياتيه عاشاهم في بلدهم المغرب ، و هي بمثابة تحفيز على الكتابة و كأن مهمة محمد برادة تذكير صديقه دومًا بضرورة الكتابة لمقاومة تفاهة الواقع الذي كان يعيش فيه، و كما قال محمد برادة عن تسمية ورد و رماد" قد لا يكون الورد وحده جميلًا جذابًا. فالرماد أيضا ينطوي على جراحات وانطفاءات لا تخلو من ورقٍ وصدقٍ وافتِتانٍ وموت." كانت لحظات دافية و ممتعة برفقته كوني من محبي أدب الرسائل ♥️