الجزء الرابع جزء حافل بالأحداث والتغيرات الحاسمة. نمضي فيه مع ذكريات طنطاوية عن بغداد والعراق؛ عن رمضان في بغداد، ثم عن إيوان كسرى وسُرّ من رأى، وننتقل مع علي الطنطاوي من بغداد إلى البصرة، ثم نترك العراق كله إلى بيروت لنمضي هناك سنة 1937 في كليتها الشرعية، ولكنا لا نلبث أن نعود إلى العراق لنعيش حيناً في المدرسة الغربية في بغداد قبل أن ننتقل إلى كركوك. وأخيراً يعود علي الطنطاوي إلى سوريا فيُعيَّن مدرّساً في دور الزور ولا يمكث فيها غير أمد يسير. ونكمل بقية الجزء في قراءة أخبار المرحلة الجديدة من حياة "القاضي" علي الطنطاوي في دوما ثم في محكمة دمشق. ولا يخلو هذا الجزء -كالعادة- من استطرادات، كرواية ذكريات عن الحرب العالمية الثانية، وتخصيص حلقتين للأطباء: واحدة للهجوم عليهم والثانية للدفاع عنهم، وأخيراً حديث عن الحياة الأدبية قبل نصف قرن، وهو حديث ينقطع معنا هنا لنكمله في الجزء التالي
ولد علي الطنطاوي في دمشق في 23 جمادى الأولى 1327 (12 حزيران (يونيو) 1909) لأسرة عُرف أبناؤها بالعلم، فقد كان أبوه، الشيخ مصطفى الطنطاوي، من العلماء المعدودين في الشام وانتهت إليه أمانة الفتوى في دمشق. وأسرة أمه أيضاً (الخطيب) من الأسر العلمية في الشام وكثير من أفرادها من العلماء المعدودين ولهم تراجم في كتب الرجال، وخاله، أخو أمه، هو محب الدين الخطيب الذي استوطن مصر وأنشأ فيها صحيفتَي "الفتح" و"الزهراء" وكان له أثر في الدعوة فيها في مطلع القرن العشرين.
كان علي الطنطاوي من أوائل الذين جمعوا في الدراسة بين طريقي التلقي على المشايخ والدراسة في المدارس النظامية؛ فقد تعلم في هذه المدارس إلى آخر مراحلها، وحين توفي أبوه -وعمره ست عشرة سنة- صار عليه أن ينهض بأعباء أسرة فيها أمٌّ وخمسة من الإخوة والأخوات هو أكبرهم، ومن أجل ذلك فكر في ترك الدراسة واتجه إلى التجارة، ولكن الله صرفه عن هذا الطريق فعاد إلى الدراسة ليكمل طريقه فيها، ودرس الثانوية في "مكتب عنبر" الذي كان الثانوية الكاملة الوحيدة في دمشق حينذاك، ومنه نال البكالوريا (الثانوية العامة) سنة 1928.
بعد ذلك ذهب إلى مصر ودخل دار العلوم العليا، وكان أولَ طالب من الشام يؤم مصر للدراسة العالية، ولكنه لم يتم السنة الأولى وعاد إلى دمشق في السنة التالية (1929) فدرس الحقوق في جامعتها حتى نال الليسانس (البكالوريوس) سنة 1933. وقد رأى -لمّا كان في مصر في زيارته تلك لها- لجاناً للطلبة لها مشاركة في العمل الشعبي والنضالي، فلما عاد إلى الشام دعا إلى تأليف لجان على تلك الصورة، فأُلفت لجنةٌ للطلبة سُميت "اللجنة العليا لطلاب سوريا" وانتُخب رئيساً لها وقادها نحواً من ثلاث سنين. وكانت لجنة الطلبة هذه بمثابة اللجنة التنفيذية للكتلة الوطنية التي كانت تقود النضال ضد الاستعمار الفرنسي للشام، وهي (أي اللجنة العليا للطلبة) التي كانت تنظم المظاهرات والإضرابات، وهي التي تولت إبطال الانتخابات المزورة سنة 1931.
في عام 1963 سافر علي الطنطاوي إلى الرياض مدرّساً في "الكليات والمعاهد" (وكان هذا هو الاسم الذي يُطلَق على كلّيتَي الشريعة واللغة العربية، وقد صارت من بعد جامعة الإمام محمد بن سعود). وفي نهاية السنة عاد إلى دمشق لإجراء عملية جراحية بسبب حصاة في الكلية عازماً على أن لا يعود إلى المملكة في السنة التالية، إلا أن عرضاً بالانتقال إلى مكة للتدريس فيها حمله على التراجع عن ذلك القرار.
وهكذا انتقل علي الطنطاوي إلى مكة ليمضي فيها (وفي جدّة) خمساً وثلاثين سنة، فأقام في أجياد مجاوراً للحرم إحدى وعشرين سنة (من عام 1964 إلى عام 1985)، ثم انتقل إلى العزيزية (في طرف مكة من جهة منى) فسكنها سب
وجدتُ من الزخم الفكري في الجزء الثالث من هذه المذكرات ما عوضني عمّا لاقيته من اطناب في جزئيه الأول والثاني وما أضاف من أملٍ في أن ألاقي مثله بهذا الجزء ..
استمتعت كثيراً بهذا الجزء ، كان زاخرا بالمعلومات القيمة ، يمكنني أن أطلق عليه جزء ابن بطوطة ، لأنه تحدث عن رحلاته وتنقلاته في العراق و الشام من مدينة لأخرى أثناء التدريس ، ومن ثَمَّ القضاء .. تحدث عن نظام القضاء في الشام وعن بعض التعديلات التي أدخلها عليه وذكر العديد من القصص المؤثرة والممتعة التي عايشها في تلك الفترة أثناء -كونه قاضيا- وفي نهاية الكتاب تحدث عن الأدب العربي .. متشوقة للجزء التالي ومافيه من أحداث :)
بدأ شيخنا الجليل جزأه الرابع من الذكريات بحديثه عن بعض من دروس الأدب في بغداد، وهو جزء مما برع فيه وأبدع، ليمنحنا صورة للمعلم المربي المخلص بعمله، الذي يبتغي وجه الله بالحرص على تنشئة طلابه علما وأدبا وخلقا وسلوكا.
ثم أمتعنا رحمه الله بذكرياته في بغداد، فتحدث عن رمضان هناك الذي جاء مستخفيا، حاضرا في المسجد والدار والسوق، وغائبا في المدرسة وبين فئة الشباب، كأنه الشمس في يوم غائم، تظهر تارة ثم يحجبها السحاب...وتحدث عن عمله في بغداد ثم نقله للبصرة وذكرياته فيها، وعودته للعمل في الكلية الشرعية في بيروت.
وكانت له وقفة مؤثرة جدا لما تحدث عن بلوغه سبعا وسبعين من العمر
سبع وسبعون سنة أمضى أغلبها مشتغلا بالعلم والأدب...قارئا وكاتبا وأديبا وخاطبا لخطب هزت الشعب وزلزلت عروش الحكام، ومتنقلا في العمل من معلم في المدارس لمحاضر في الجامعات، ومن ثم مشتغلا بالقضاء حتى أحيل على المعاش وهو مستشار في محكمة النقض، وواضعا لأغلب قوانين الأحوال الشخصية والإفتاء المعمول به لليوم.
ومما أثر بي رسالته المفتوحة للملك غازي رحمه الله...يا لتلك الروح التي تنتقل عبر الحروف فتلهب الحماس، وتثير الهمم، وتبعث العزائم...ليرد عليه الملك غازي: لبيك، لبيك
الموضوع الأبرز في هذه الذكريات كان حديثه عن عمله قاضيا، فقدم لنا من ثمرة تجاربه، وفائض خبرته نصائح ثمينة...وتحدث عن سعيه لإصلاح محكمة دمشق من الرشوة والظلم والفساد.
"إنها لذة من أكبر اللذاذات: أن ترى الباطل غالبا والحق مغلوبا، ثم ترى نفسك عاجزا ثم تعطى القوة على دحر الباطل وعلى نصرة الحق"
وكما بدأ ذكرياته بالحديث عن الأدب في بغداد، ختمها بالأجمل والأمتع...بحديثه عن الحياة الأدبية قبل خمسين سنة، أي قبل خمسين سنة من عام 1354 هـ...والتي بدأها بمقاله "الحياة الأدبية في دمشق"، ليرد عليه مجموعة من الكتاب في عدد من الدول كاتبين عن الأدب في بلادهم.
لحد الآن من أمتع الأجزاء لسيرة الشيخ الطنطاوي رحمة الله عليه،، استمتعت وعشت معه أجواء كل حكاية وكل تغيير..من دمشق لبغداد لسامراء لكركوك ثم الى بيروت ..متنقلا من مدينة الى مدينة ويمارس مهنة التعليم،، وحكايات الطلاب والاحداث الشخصية والسياسية التي حدثت انذاك،، ثم ينتقل بنا الى ذكريات عالم القضاء حين تولى مهنة القضاء رسميا في عدة مدن في سوريا وبعض القوانين التي عمل على تغييرها ..وكانت ماتعة جدا ذكرياته في القضاء والمحاكم وماعرض عليه من قضايا ...طبعا ليست سرد الاحداث فيتخللها قطع ادبية من الطراز الرفيع في مواضيع شتى من وحي افكار الشيخ.. رحمه الله ..جدا جدا احب هذة الذكريات ولااريد اها ان تنتهي ..بقي لي الان 4 مجلدات
صحيح اطلت القراءة في هذا الكتاب ليس لمادته بل بسبب حالة الانقطاع عن القراءة التي حصلت لي، لما اتممت الحلقات الأخيرة من هذا الجزء عاد ذلك الشغف لقراءة ذكريات هذا العظيم (الذي احسبه عظيم)، حياته الأدبية مشوقة جدا اتمنى ان تقرأوا بعضا من حلقاته لتعلموا مدى روعة الحياة التي عاشها هذا العلي الطنطاوي.
جزء جميل، وكل ما كتبه الطنطاوي جميل، فيه الكثير من الطرائف اللطيفة، مما يضمن لك بسمة ترسم على محياك. أحببت حديثه عن لبنان، وما رأى بها وعايش. أحببت حديثه عن القومية، على أنها بدعة قديمة ماتت في هذا الزمن، وإن بقيت بعض آثارها السيئة، لا نتيجة لاقتناع البعض بها، بل نتيجة للتقليد الأعمى "إن وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون". أحببت قصة دخوله القضاء وأحببت اجتهاده ودأبه، فالطنطاوي لم يكن متلبس بما لم يعط، فيصوغ بلسانه ما تعجز عنه أفعاله، وكثيراً ما يكون هذا في الشعراء والأدباء، ولكن كاتبنا هنا جمع بين الحسنيين فهو صاحب فعلٍ سديد وقولٍ أكثر سدادًا، وأنا أبصر بين هذين الأمرين ترابطاً وتلازماً، وعلاقة تبادلية، ودائماً ما أتوقف على قول الله عز وجل في سورة الأحزاب: ﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم …﴾، فلا ينشأ أحدهما (القول والفعل) إلا أن يكون نتيجة للآخر، أو مسبباً له، لاسيما إذا صدر القول من قلب صادق، وكذلك الفعل. أحببت فطنة الشيخ في القضاء، وبعد نظره، وسعيه الدؤوب واستفراغه للوسع في الحكم بالعدل وبما أنزل الله، أحببت انتصاره للمظلوم وبغضه للظلم،وقمعه لأهله وأكابره.
أخبرتكم في البداية أني قرأت في هذا الجزء من الطرف وما يضحك ويبهج النفس ما لم أقرأه في غيره من الأجزاء، ولكن حال الدنيا أنها لا تعطي حتى تأخذ، فكل ذلك سلب مني بمقالة القاضي الشهيد، وأعتقد أن مشهد ذلك الطفل الذي يسأل عن والده الشهيد، لن يغادر ذاكرتي أبداً، حزنت لها حزناً كثيراً وكأن الحادثة وقعت اليوم، وكأني أعرف الشيخ القاضي، والحقيقة أني لا أعرف عادل العلواني، لا أعرف عنه سوى ما حدثني الطنطاوي عنه به، ولكن أي قلب لا يحزن لذلك المشهد، والله لو حدثنا الجمادات بهذا لتقطعت وتفجرت ألماً، لكن تأبى قلوب بعض البشر إلا أن تكون أقسى من تلك الجمادات. ولكن لا نقول إلا ما يرضى ربنا، ونسأله سبحانه أن نكون ممن يوعظ بهذه المشاهد والأهوال.
يضايقني أحيانا التنقل بين المواضيع وتأخير وتقديم بعضها، كان عندي أحسن لو تُحدث بها واحداً واحداً حسب تسلسلها الزمني، دون قفزات أو توقفات. فأنا أحب الانضباط والالتزام في كل شيء، وهذا دأب كل من يدرس الهندسة، وبلا شك أن ما يطبق على الهندسة لا يمكن نقله وتطبيقه على غيره من العلوم، بالذات تلك التي تحتاج إلى مرونة وليونة وخروج عن الجادة بحسب ما يقتضيه الحال، وربما كان هذا هو السبب بأن المهندسين ليسوا أدباء، وأن الأدباء لم يكونوا مهندسين.
هذا الجزء هو أفضل الأجزاء السابقه لأنك تعيش فيه فعلاً مع ذكريات الطنطاوي , بخلاف الأجزاء السابقة التي غلب عليها وصف دمشق ونهرها وطبيعتها و��جوائها.
أغلب حلقات هذا الجزء اعجبتني ومنها ( رمضان في بغداد , من ذكريات البصرة , في الكلية الشرعية في بيروت , من ذكريات المدرسة الغربية في بغداد , رفضت دعوة القومية , كيف صرت ضابطا , دخولي القضاء , بين إقرار العدل وتطبيق القانون , عقد الزواج في محكمة دمشق )
انهيت الكتاب منذ ايام وبصراحة اعجبتني الاجزاء الثلاثة الي قبله اكثر .. لكن من خلال هذا الجزء تعرفت اكثر على علي الطنطاوي القاضي وآرائه المتقدمة جداً بالنسبة لما نراه من شيوخ زماننا هذا اعتقد عزلته وميله للوحدة هي من ساعدته في التقليل من الهجمات عليه ذاهب الى الجزء الخامس دعواتكم^_^
أنت حينما تنهي كتابًا فتشعر أنك اطلعت على حقبةٍ تاريخيّة.. استمتعت..ازددت علمًا .. واكتسبت أدبًا.. فأنت بلا شك أمام روعة الطنطاوي التي لن تجد لها مثيلاً .... بتُّ أستمتع أكثر في قراءة كتبه ♡
فيه أجزاء ممتازة عن القضاء،،وتاريخه، وإشكالياته،، فعلاً التغيير الذي يستحق الإشادة هو التغيير في مثل هذه الأنظمة و الأماكن البيروقراطية و التي يصعب فيها إحداث أثر ما،،
انتقال لأرض الرافدين رافقه الكثير من الأحداث، وصفٌ لحياة، وتجارب تأخذ بذهن القارئ بين بغداد وكركوك.. أخيرًا.. وداع لبغداد بدمع القلم، ومقال تخال فيه أن بغداد معشوقة فارقها عاشقها، وحُق لها أن تبدو كذلك، فمن مثل بغداد؟ يكفكف العاشق دمعه، ويروي بعدها قصة انتقال من مهنة، فبعد التدريس حديث ماتع عن القضاء، وما تأتى به من المنافع للبلاد والعباد، قصص ونوادر، وذكاء وفطنة بدت واضحة المعالم. الحديث عن القضاء لم يكن حديثًا عاديًا، لقد ظهر منه رحمة الله مادل على سبقه غيره في كثير من الترتيبات والضوابط التي وضعها حتى ييسر على الناس الدخول والخروج وقضاء المعاملات دون تطويل، ومن يقرأ يتعجب كيف تأتى له بارك الله له ذلك في ذلك الزمان؟ بل كيف استطاع رحمه الله أن يجابه كل أولئق الخلق وهو يأتيهم بالجديد عليهم - ولم يكن شرعًا بالجديد ولكن انغمر واستبدله الناس بالعرف والعادة البائسة- ويعزم ويجزم، دون أن يحابي أو يداهن؟ إنه توفيق الله أولًا ، ثم صدق وسلامة النية ثانيًا، نحسبه والله حسيبه ولا نزكي على الله أحدًا. لقد انتفعت بحديثه عن القضاء وإيراده لكثير من القواعد الفقهية، خاصة أنه يذكرها مع إيراد ما يُثبتها من القصص والحوادث.. أخيرًا جاء الحديث مرة أخرى عن الأدب ليختم به الجزء فيشوقك لما بعده..
اصبحت اعتبر قراءتي اليومية لبعض مذكرات الطنطاوي كفنجان القهوة .. لا غنى لي عنه ابدا ... وصرت اشعر ان هذه الذكريات هي رئتي الثالثة التي اتنفس عبق دمشق عبرها .. دمشق الحقيقية .. والتي لا تشبه دمشق التي اعيش فيها في شيء .... رئتي التي تزودني بأوكسجين مختلف عن اوكسجين هذه الايام ... وعندما اتنهد في اخر بعض الفقرات أشعر بهذه الرئة تنزف دماً على ما نحن فيه الآن ...
انهيت الجزء الرابع و قد بدأت اشعر انني قد وصلت الى المنتصف تماما ... فكيف سيكون فراقنا ... وما البديل عن هذه السطور التي تشاركني اول واخر ساعات يومي ... ما البديل عن حديث الطنطاوي النابع من قلب قوي لا يعرف الخوف الا من خالقه .. قلب عاش بين ثنايا بغداد وكركوك والبصرة و تنقل في العراق مدرّسا حتى عاد الى دمشق و بدأ رحلته مع القضاء من دوما الى دمشق .. ثم ما قام به هذا القلب الشجاع والفكر النير من اصلاح لمحكمة دمشق .. لا اظن أن هناك بديلا لهذا للحديث ولا لهذه الذكريات يمكن أن يحل محلها .. بل اظن انني سأبقى على ذكرياتي مع هذه الذكريات ...
الجزء الرابع من الذكريات ممتاز كبقية الأجزاء يتناول من الحلقة 98 إلى الحلقة 126 من الذكريات وفيه يتحدث عن ذكرياته عن العراق وبغداد وعن عمله كمدرس فيه وعن مقتل الملك الغازي والانطباع الذي تركه هذا فيه شخصيا وفي قلوب العراقيين عامة ويتطرق إلى شئ من أثر الحرب العالمية الثانية على سوريا ويسرد شيئا من القصص المؤلمة في هدا الصدد كما يتحدث أيضا عن عمله بالقضاء في سوريا وأهم المشاكل التي واجهته وكيف تعامل معها ولا ننسى طبعا حديثه الممتع الثري عن الأدب والذي يوافينا به في كل جزء
وعلى طريقة الأدب العربي يستطرد الشيخ في الحديث هنا وهناك في عدة مواضيع أخرى ولا ينسى ذكر شئ من النوادر واللطائف التي تزيد من متعة القراءة باختصار الشيخ علي الطنطاوي هو الجد المثالي الذي لا تنقطع حكاياته أبدا ولا يمل المرء من سماعها أبدا هو أديب عربي بامتياز يتميز بعذوبة الأسلوب وسلاسته وجمال اللفظ وروحه اسلانية أصيلة وهو ما يزيد من قيمة وجمال كل أعماله.
ما يميز الكتاب أيضا أنه نشر أصلا في صورة مقالات كل مقالة تقع في حوالي 10 صفحات يمكن للمرء أن يتنقل بحرية بين أغلبها بالمجمل للشيخ علي الطنطاوي مكانة كبيرة في قلبي أنصح بشدة بقراءة كتبه عامة وذكرياته على وجه الخصوص فهي المؤنس المثالي
حفلَ هذا الجزء بالأحداث، بدأ في ذكرياته معلمًا في بغداد وانتهى بذكرياته قاضيًا في دمشق، وهو خلال سمتِهِ في المقالات؛ يُبكي العروس ويُضحك الثكلىٰ، بغداد وثوراتها، وإيوان كسرى، والبصرة، والأعظمية، والزبير، ونقله إلى كركوك لمحاربته القومية المنشقة عن الإسلام، وسوريا وما لاقته في الحرب العالمية الثانية، وكيف أصابها من لفحها على بعد شأنِها، ودوما، ودير الزور، تحدث عن ذكرياته فيها، وفي مقالة هجم على مثالب الأطباء، ثم أتبعها بثناء على مناقبهم، وأسهب في ذكريات القضاء في دمشق، منذ تقديمه على الوظيفة حتى صار رئيسًا، وفصل في القانون كثيرًا. كان الجزء ماتعًا، يزيد على متعة الأجزاء السابقة.
في هذا الجزء يبدأ شيخنا وأديبنا علي الطنطاوي برحلته إلى بغداد وحياته فيها وكلامه عن تاريخها، وما أعظم بغداد فهي ليست مدينة فحسب، بل إنها التاريخ، ورأينا في كتاباته جمال بغداد وسُرّ مَن رأى والبصرة وشارع الرشيد في بغداد ومواقفه هناك مع من عاصرهم من أهل العراق.
وإلى حياته في القضاء وجهوده في تعديل قضاء دمشق، والقصص الطريفة والحزينة التي قابلها في هذا المنصب.
ومن أشد ما استوقفني قصة رحيل أخيه عبدالغني إلى فرنسا وما كتبه من وصايا وتذكير له، وما لقي أخاه عليه من التزام واستقامة أكثر من ما كان عليه قبل أن يسافر.