"لم يبق من اليهود في المدينة العتيقة بسوسة، بعد خروج إيريلا وموسى منها، سوى يعقوب الأحمر. كان يخرج كلّ صباح من مسكنه، ويطوف حول حوانيت اليهود المغلقة، وأحيانا يبدأ في قرع باب بيت المالح، وينادي بصوت عال: شانا توفا... شافا توفا... وفي الليل، يفتح الحانوت الذي كان يسكنه رابط الأسد، ويشعل شمعة يثبّتها في إحدى زواياه، ثم يعود إلى مسكنه، فيشعل الشموع، ويبدأ في تلاوة التوراة. كلّ من يمرّ أمام مسكنه آخر الليل، كان يسمع صوت ترتيله الذي يشبه أزيز ماكنة رحي الجليز، ثمّ بدأ الصوت يتبدّل إلى زئير يثير الرعب في نفوس الذين يسمعونة. حتى أنّ سكان المدينة العتيقة أصبحوا يتحدثون عن أسد يعيش في الحانوت الذي يسكنه يعقوب اليهودي، هكذا كان عرب المدينة العتيقة يسمونه، ثم انقطع صوت الزئير، وأصبح جيران الأحمر يشمّون رائحة لحم متعفّن تخرج من الحانوت الذي يسكنه"
إحساس غريب أن تكون آخر رجل على سطح الأرض. أعتقد أنّ هذا ما كان يشعر به صموئيل المالح عندما دفن والده إسحاق و استحال بوفاته جمع النصاب لصلاة السبت في كنيس أبي جعفر. ليت السبت لا يأتي أبدًا. ليت الخميس يعقب يوم الجمعة ليرتاح ما تبقى من يهود سوسة من حملٍ ثقيلٍ جدًّا هو إرث الجدود. هكذا اختار سفيان رجب أن يخوض في اللاهوت و في الوجود. اختار شرذمة من اليهود في بلد مسلم كي يعمّق ذلك الإحساس الطاغي بالوحدة و الاغتراب. هذه الرواية ليست رواية عن الدين اليهودي رغم أن الكاتب اجتهد كثيرًا في البحث في التعاليم اليهودية حتى أنّ صديقة سألتني فور انتهائها من قراءة الرواية إن كان سفيان رجب يهوديًّا. و هذا طبعًا يحسب له. "اليوم جمعة و غدًا خميس" هي رحلة غرائبية لذيذة لا تتركنا سالمين. شخصياتها عالقة في عالم على حافة الأفول، تتعلق بسفينة نوح، هي حبلُ النجاة الوحيد. سفيان رجب لا يقدّم حلولاً بل يصف حالات إنسانية ما بكلّ تجرّد. قد نتوقف أحياناً عن القراءة لنتساءل " لماذا؟" و السؤال هنا أهمّ من الإجابة. و عمومًا ننتهي من القراءة و لا ننتهي من الكتاب.
من خلال عيون أسرة يهودية تونسية ندخل إلى ثقافة أقلية دينية فضلت البقاء في أرضها و العيش مع ذكرياتها و التعايش مع باقي مواطنيهم المسلمين . جمالية النص في احترام البعد الديني لشخصيات العمل و أبرز البعد الإنساني لها .
ماذا لو كان اليوم جمعة وغدا هو الخميس؟ ماذا لو غيرنا نظام الاشياء من حولنا؟ ماذا لو اعدنا النظر في قوانين وموروثات وضعها الانسان ليرسم علاقته مع الله؟ اسئلة تثيرها فيك رواية "اليوم جمعة وغدا خميس" للكاتب التونسي سفيان رجب وهي أول مصافحة لي مع قلمه. تأخذنا الرواية الى مدينة سوسة، أين نتعرف منذ الصفحات الاولى الى اغلب شخصياتها ومن اهمها: صموئيل أو موسى المالح: رجل يهودي متدين في الاربعين من عمره. بدأ منذ فترة في سماع صوت من خلف نافذة غرفته اقنعه بانه صوت من ربه وبأنه صاحب رسالة هامة ومهمة عليه انجازها. ايريلا ابنة عم موسى وتصغره بعامين، مخرجة مسرحية تعمل على مشروع مسرحي يمزج المسرح بالسينما. لها تفكير مختلف عن اختيها وبقية عائلتها وكثيرا ما تدخل في نقاشات وجودية مع ابن عمها فهي ترى ان حياتها كحياة اليهود الذين تعرفهم في مدينة سوسة مرهونة بتركة الاجداد الموتى بينما هي تبحث عن حياة اخرى متحررة من كل الموروثات. اعجبني الاسلوب والفكرة جديدة رغم ان اخر الرواية لم يعجبني كثيرا وكانها صفحات اضيفت بعجلة لانهاء القصة. لكن الاكيد انني سأقرا المزيد من مؤلفات سفيان رجب مستقبلا
تأخذنا الرواية في بدايتها إلى عالم قريب وبعيد عن القارئ العربيّ التونسيِّ في آن، عالمٍ يشترك في فضاءاته مع شوارعِنا وأحيائنا بمدينة سوسة التونسية. لكنّه بشخصياتِه اليهودية أضحى كعالمٍ مجهولٍ لا نعرفُه أو لا نعرف منه إلا الواجهة، وهاهو سفيان رجب يحاول أن يأخذنا إليه عبر شخصيّةِ صموئيل لحظة تحوُّلِه إلى موسى. رويدا رويدا، نكتشفُ أن العالمَ ليس بتلك الغرابةِ التي نتخيّلُ. إذ لا يكاد موسى يختلف في شيء عن تونسيٍّ مسلمٍ حوّل اسمه من محمّد عليّ، إلى أبي الحسن، ووجّه جهده وإيمانه إلى أحد المذاهب السلفية. وكذلك بقية الشخصيات، كأن يهوديّتهم قشرةٌ استيتيقية لدواعي الدهشة الروائية. ثم إنّ ملامح النسيج الدرامي تأخذ في الإفصاح عن نفسها تدريجيا، فإذا بنا نقرأ نبطيَّ يوسف زيدان بلون يهوديّ باهتٍ وتصوّرٍ فكريّ انفعاليٍّ للعالمِ وللدين. يمكن تحديد لحظة التدهور مع بروز شخصية إيريلا كفاعل رئيسي في الأحداثِ. لم يساهم ظهورها في قتل كل سحرٍ في شخصية موسى فقط، وإنما خلق ضعفا فادحا في الحبكة. إن شخصية إيريلا نفسها تعاني من ترهل واضح إذ تُقدَّم في لحظة ما كفنانة عالمية قدمت أعمالَها في مسارح العالمِ، وحين تقّدم عملها الثوريَّ الجديدَ في قاعةٍ منسيّةٍ في مدينة سوسة، لا يأتي للعرض سوى قلّة قليلةٌ. وحتى لو تعمّدت إيريلا ذلك، فلا يبدو أن الكاتب واعٍ بهذا الأمرِ. وبشكل عامّ فحقيقةُ إيريلا أصغر بكثيرٍ مما يقال عنها، وأفكارُها أصغر بكثير من كلماتِها. في النهاية لم يغص الكاتبُ كثيرا في عالم اليهود التونسيين، وحسبه أن حاول تقريب القارئ منهم، بإطلاعه على أفكارِهم ومخاوفهم وتاريخ معاناتِهم، ولم يتردد في رصد علاقتهم بإسرائيل فيما يشبه التطبيع مع تطبيعهم الواضحِ، بحجة الدين، وبحجة الاضطرار... فلم نرَهم في أعيادِهم وفي خصوصيات ثقافتهم إلا النزر القليل.
هذه تجربتي الاولى مع الكاتب التونسي سفيان رجب و هو اكتشاف متاخر لان قلم الكاتب غاية في الروعه و الجمال اسلوب شاعري و شيق في ذات الوقت…عن جمال العبارات تعجز الكلمات عن الوصف عن سلاسة السرد و خاصة كمية التعمق في تفاصيل حياة اليهود يعكس مدى تمكن الكاتب بالموضوع الذي اختاره : حياة اليهود في تونس.. الرواية غاية في التشويق رغم الطابع الفلسفي الذي طغى خاصة على الجزء الثاني من الكتاب حتى صرت اتسائل ان كنت اقرا متلهفة لمعرفة بقي احداث القصة ام اسلوب سفيان رجب هو الذي شدني..لماذا كنت متسرعا بعض الشيء يا سفيان في انهاء هذه الرحلة الممتعة ؟ هذه الرواية مليئة بالصراعات الوجودية و هذا الصراع ينتقل ال القارئ.. انصحكم بهذا الصراع الممتع..
جميلة ومختلفة. تروي واقع آخر اليهود في مدينة سوسة بعد فشلهم في المحافظة على بقائهم فيها واضطرار ما تبقى منهم للسفر إلى جربة آخر معاقل اليهود في تونس. ما أحوجنا لهذا الجانب التاريخي المحلي في رواياتنا. الطابع والجو اليهودي جميل رغم أن الشخصيتين الرئيسيتين لم تروقا لي: موسى المهووس بوهم النبوة وابنة العم المتناقضة والمناورة. عموما قراءة ممتعة والكاتب ذكي وقلمه جميل جدا.
مع فراغك من هذا الكتاب، لن تفرغ من التفكير. هل أن التغيير ممكن؟ هل لنا أن نصنع عالما لأنفسنا، أم أن حياتنا و مصيرنا محدد من عوامل تفوق نطاقنا كالعائلة، الدين، العرق، النسب، الخ. أحيي الكاتب على البحث المعمق في تفاصيل حياة يهود تونس و تعاليم دينهم، تكاد تشك ان الكاتب يهودي.
سؤال : هل اليورا المالح شخصية حقيقة؟ و هل أخرجت بالفعل افلاما ؟ بحثت و لم أجيد شيئا عنها.
اليوم جمعة وغدا خميس للكاتب التونسي المتميز سفيان رجب الصادر عن دار اركاديا. قرأت للكاتب سابقاً المجموعة القصصية الساعة الاخيرة؛ ويتميز سفيان بأسلوبه الناقد للقضايا المجتمعية وألاحظ تطورا وتجددا في اسلوبه. في هذه الرواية يطرح مسألة الإقصاء للاقليات اليهودية في تونس من خلال تفاصيل عيش عائلة يهودية تعيش في مدينة سوسة. تحس لوهلة أن سفيان يهوديا من شدة غوصه في عادات وتقاليد اليهود واجتهاده في البحث هذا يحسب له.
فكيف يمكن للفرد أن يكون مغترباً في وطنه لمجرد إختلاف ديني أو عرقي أو أي إختلاف كان...فينتج عن تلك الإختلافات صراعات بين أبناء الوطن الواحد. هذا الكتاب هو نقد للمؤسسات الدينية و السياسية و هو دعوة للتسامح ...
ماذا لو كان اليوم جمعة وغدا هو الخميس؟ ماذا لو عدنا إلى الوراء و راجعنا أنفسنا وتخلينا عن صراعاتنا الدينية و الإيديولوجية...
بعد أن انهيت الرواية بقيت متعلقة بالشخصيات... و إلا حد الأن أضل عاجزة عن كتابة مراجعة توفي الرواية حقها ... my link to my youtube review التقييم5/5