موسوعة أدبية كبيرة من أهم كتب المراجع في الأدب العربي اشتملت على تراجم لجمع غفير من أعلام الأدب العربي وذكر أخبارهم ونصوصهم النثرية والشعرية، وفي النصوص الشعرية يذكر عروضها ولمن هي ومن غناها وغير ذلك وهذه طبعة جديدة مصححة ومنقحة وعلى حواشي في شرح المبهمات وترجمة الأعلام وغير ذلك
أبو الفرج علي بن الحسين الأموي القرشي الأصفهاني يرجع نسبه لبني أمية (284هـ/897م - 14 ذو الحجة 356 هـ/20 نوفمبر 967م) من أدباء العرب، صاحب كتاب الأغاني، وجده مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية؛ وهو أصفهاني المولد بغدادي المنشأ، كان من أعيان أدبائها ومصنفيها، وروى عن كثير من العلماء، وكان عالِماً بأيام الناس والأنساب والسير، وله أشعار كثيرة. أخذ العلم عن علماء بغداد والكوفة وأهم علمائه أبي بكر بن دريد ومنهم أبي بكر بن الأنباري ومحمد بن عبد الله الحضرمي والحسين بن عمر بن أبي الأحوص الثقفي وعلي بن العباس المقانعي والفضل بن الحباب الجمحي وعلي بن سليمان الأخفش ونفطويه ومحمد بن جعفر القتات وغيرهم.
هذا الكتاب من أشهر مؤلفات المكتبة العربية ومن أهم كتب التراث ولايقل شهرة عن "ألف ليلة وليلة"، و"رسالة الغفران" للمعري، ومؤلفات الجاحظ، و"مقدمة" ابن خلدون. وأتمنى أن لايتوهم البعض أن الكتاب هو فقط دراسة لمستوى الأغنية العربية الجاهلية منها وماتم تأليفه في القرون الأولى؛ بل يتناول الموسيقى والشعر والكثير من المعلومات والمادة التاريخية في العصر الجاهلي وعصر صدر الإسلام والعصر الأموي والعباسي إلى منتصف القرن الرابع الهجري (منتصف قرن 10 م)، وهو جهد عظيم قام به الأصفهاني. ولايعاب عليها غير ميله لتسجيله للكثير من المعلومات التاريخية غير المثبتة والتي استلها من مصادر ضعيفة في الرواية التاريخية من المدونات العربية القديمة والمعاصرة للمؤلف، وهو ماجعل المؤرخ العراقي الكبير وليد الأعظمي يضع كتابًا بعنوان (السيف اليماني في نحر الأصفهاني صاحب الأغاني) وهو واضح الغرض من عنوانه وعندما قرأته فيما مضى بعد قراءة (الأغاني) وجدته وهو كتاب رغم ميله للمدرسة النقدية الإسلامية التي لا تراعي (أحيانًا) بقية المدارسة النقدية الأدبية والتاريخية إلا أنه أحسن تناوله ونقده..
قام الأصفهاني بتأليف كتابه لأجل الموسيقى لاشيء غير الموسيقى حيث حرص على توثيق الأغاني التي كانت متداولة في بلاط الخلفاء خصوصًا العباسيين فجاء الكتاب يحمل كمية معرفية في الأدب أعتبر به الكتاب موسوعة غاية في الروعة وكذلك جاء بمعلومات تاريخية (جلها مكذوب) والكثير من سير الشعراء والأدباء.
كانت الأغاني (القصائد) التي تجاوزت الـ(100) هي من إختيار الموسيقار العربي إيراهيم الموصلي، ويضاف إليها أغاني من إختيار الأصفهاني نفسه، وقد صدر له تهذيب ولا أقصد ذلك التهذيب التي يتناول طمس الكلمات والأشعار الجنسية بل هو تهذيب عمد لتخفيف الكتاب من تسجيل لحن القصيدة وذكر عروض (تفعيلات) القصيدة ووزنها الشعري والأشعار الخارجة عن وحدة القصيدة المغناة ونقرات الصوت (اللحن المغنى) الخفيف والثقيل، وحذف الأسانيد التي (لا تهم) جمهور كبير غير قارئ للتراث لكنه يهتم للمعلومة كجزء من النص. لهذا كثرت الإختصارات لهذا الكتاب في وقت مبكر منذ بداية القرن (5) الهجري وصولًا للقرن (8) الهجري وكذلك في العصر الحديث.
مما وجدت في هذه الموسوعة النفيسة : الكثير من الكذب والتحريف لكن هذا الكذب لمن هو مطلع على كتب التراث وكلاسيكيات العرب في الأدب والتاريخ والشعر وتنوعه في القراءة لن يقف أمام هذه الأكاذيب فسرعان ماسوف يفندها خصوصًا تلك التي خص بها الخلفاء من العصر العباسي الأول وهذا ليس لأن المؤلف يعود بنسبه لبني أمية – وهى نقطة مهمة قابلة للتشكيك – ولكن تناول حتى خلفاء من غير بني العباس، وتناول شخصيات من آل البيت بروايات (باسانيد ضعيفة) المصدر تضج بالكذب والخرافات.
محاولة تدعيم معلوماته الأدبية على حساب التاريخ وهذا يضعف قيمة الكاتب قبل كتابه. إلا أن الغريب هو بقاء الكتاب مكان ريادة لغزارة المادة التشويقية القصصية التي تستهوي القارئ.
وفرة المادة الأدبية حيث أن القارئ / ـة سيخرجون بكمية هائلة من المعرفة التراثية.
الكثير من دواويين الشعراء المطبوعة منذ بدايات القرن الماضي أخذت مايقارب (50 %) من مادة الشاعر من هذا الكتاب إضافة لبقية كتب التراث كمعجم ياقوت الحموي، والمبرد وطبقات الجمحي، وصبح الأعشى والحماسة لأبي تمام وغيرها. فقد ضم الكتاب موسوعة عظيمة لشعراء العالم العربي منذ العصر الجاهلي حتى العصر الرابع الهجري وسيرهم الذاتية وهو من الاستطراد التي وقع فيه المؤلف عند ذكره لإحدى الأغنيات فيورد الكثير من قصائد الشاعر فحمل الكتاب ما يشبه ديوان شاعر ما.
يضم الكتاب أسماء وسير أشهر المغنين والمغنيات الشهيرات لقرابة (4) قرون يكاد يكون الكتاب هو الأول في توثيقهم.
يصور الكتاب الحياة العامة للعصور العربية منذ الجاهلي حتى العصر الإسلامي في العهد الأموي والعباسي فينقل لنا مرحلة اجتماعية أكتفى الكاتب بذكر جانب الرفاهية مع المبالغات ليستقيم أصل الكتاب مغ غاية المؤلف (وذلك موضوع آخر).
تصوير (بغداد) وبعض مدن العراق التي كانت مكان ثقل مركز الحكم العباسي كمنطقة لا تهتم بغير الخلاعة وتغييب كامل لدورها الريادي في ذلك الوقت.
رغم ذكره لكامل حياة (هارون الرشيد) وماجرى في عصره وندمائه وشعرائه بحديث يطول لدرجة الملل إلا أن ثمة تغيب لشاعر كبير وهو (أبو نواس) وهذا غريب جدًا فهل سقطت سيرته من الكتاب؟ ولا أظن ذلك ولكن يبدو أن ثمة تعمد لإسقاطه من قبل المؤلف.
يجب تصنيف الكتاب أنه كتاب مسامرة مثل (العقد الفريد) للأندلسي ابن عبد ربه، و(بهجة المجالس وأنس المُجالس) لابن عبد البر القرطبي وغيرها من مؤلفات المسامرة والمتعة وليس كتابًا تاريخيًا إخباريًا ولكن هذا لا يعفيه من النقد.
من أشهر نسخ هذا الكتاب نسخة (مطبعة دار الكتب المصرية بالقاهرة) والتي بدأ تحقيقها منذ (1927 – 1974م = 1345 – 1394هـ) مع (مطبعة وزارة التربية والتعليم)، و(الهيئة المصرية العامة للكتاب). أي مدة قاربت الـ(50) وهي ما ننصح بها لعناية نخبة من خيرة المحققين العرب من مصر وهي نسخة في (24) جزء.
كم عشت معه .. و عاش فيّ ... موسوعة الأدب و أخببار العرب التي لا غنى لأي مهتم بالأدب عنها .. و لا يغني أن تقرأ عنها عليك أن تقرأه بأجزائه الأربعة و العشرين .. ثم تكلّم !
كل ما يحتاجه الأمر لـ يتدفق سيل ذكريات في داخلي هو أن يذكر اسم "الأغاني" ، فتاة الخامسة عشرة ، وليالي عطلة الصيف ، وسحر تلك العوالم القديمة بمغنيها وشعرائها وعشاقها وظرفائها يمنع النوم حتى ساعات الصباح .. والظهيرة أحيانا ! هذا الكتاب بأجزائه الأربعة وعشرين ومجلداته الاثني عشر كان صديق مراهقتي وبوابة دخولي إلى عالم الكتب وسبب عشقي لها ، هذا الكتاب جزء مني ..
- يعد هذا السفر الفخم آية من آيات الأدب العربي و مفخرة من مفاخر التاريخ الأدبي و هو دائرة معارف متكاملة في الشعر و التاريخ و الغناء و مجالس الخلفاء و الأمراء و طرق عيش الناس في ذلك الزمن الغابر . و قد قال عنه المستشرق الفرنسي الكبير ( جاك بيرك ) : إن هذا السفر في حد ذاته يمكن أن يعتبر خير دليل على الرقي الذي بلغته الحضارة العربية الإسلامية خلال عصورها الوسيطة ! ، و الكتاب في أصله مجموعة كبيرة من التراجم أو السير الذاتية لكوكبة من الشعراء و الأدباء و أهل الفن و الغناء ، و قد كتبه المؤلف على مدار خمسين سنة ، و استقصى فيه أخبار الأولين من أهل الأدب و الغناء و جرى فيه على أسلوب الرواية الذي كان شائعا في عصره ، و قصة تأليف هذه الموسوعة أن الخليفة العباسي هارون الرشيد أرق ذات ليلة و جافاه النوم فأمر حجابه باحضار بعض المغنين و الشعراء ، فلما دخلوا عليه أمرهم بأن يختاروا مائة صوت ( أي : أغنية و هي قطعة شعرية تؤدى بلحن غنائي ) تكون أجود مختارت الغناء ! فاختاروا له مائة أغنية استحسنوها من مجموع الأغاني التي كانت في زمانهم ، ثم طلب منهم مرة أخرى أن ينتقوا من تلك المائة عشرة أصوات ( أغاني ) فاختاروا له منها عشرة كما طلب ! ، ثم أمرهم مرة تالية بأن يصطفوا له ثلاثة أصوات تكون أجود ما في تلك العشرة ففعلوا ذلك ، و هناك رواية أخرى مفادها أن الخليفة الواثق بالله قد قام هو و مغنوه أيضا باختيار أصوات أخرى من الغناء العربي الأصيل ! و من هنا جرى أبو الفرج في كتابه على التعريف بأصحاب القصائد التي هي أصل تلك الأغاني المختارة ، متعرضا عند ذكر ذلك إلى صاحب القصيدة المغناة و إلى أخبار ناظمها و سيرته و أخباره مع أهل عصره ، و قد كان خلال ذلك يؤرخ للعديد من الحوادث و الوقائع و قد جره ذلك إلى ذكر أيام العرب و تاريخ الجاهلية و غير ذلك ، فصار كتابه هذا موسوعة شاملة لا نظير لها ، و قد أثار هذا الكتاب و لازال ، إعجاب الأدباء و العلماء في كل عصر و مصر ! ، و لا يزال الإقبال على اقتناء نسخه و قراءته شديدا جدا ! و قد حبرت العديد من الكتب و الدراسات و المقالات عن الكتاب و صاحبه منها على سبيل المثال : - صاحب الأغاني أبي الفرج الأصفهاني للدكتور محمد أحمد خلف الله ، - منهج أبي الفرج الأصفهاني في كتاب الأغاني الأستاذ داود سلوم ، - شخصيات حية من الأغاني محمد المنسى قنديل ... هذا و الكتاب يحتوي على كم من الروايات التي قد يسيئ ظاهرها إلى بعض الشخصيات و الأعلام و تبعة هذا مرفوعة عن كاهل المؤلف رحمه الله ، إذ أنه أدى ما سمعه من تلك الروايات دون أن يضيف عليها ما يسيئ لتلك الشخصيات و الواجب هنا أن يتحرى القارئ صحة تلك الأخبار أو أن يضرب صفحا عنها ، و إن كان ذنب الأصفهاني مجرد إيراد تلك الروايات فلم يلام عليها هو وحده ! دون غيره من المؤلفين في علوم الشرع و الذين حشى بعضهم كتبه بالروايات المكذوبة و الأخبار الشنيعة و الإسرائيليات ، فما يوجد في هذه الكتب التراثية هو من صنف ما أورده أبو الفرج في هذا الكتاب فلم يخصونه بالنقد الجارح و اللوم القاسي دون غيره !! ، و نحن لا يعنينا كتاب الأغاني إلا من حيث كونه معلمة أدبية فريدة من نوعها ، و هو ليس مصدرا تاريخيا أصيلا و لم يقل صاحبه إنه ألفه لأجل التأريخ ! كما أن اتهام أبي الفرج عند بعض النقاد ( الغير موضوعيين ) بالتشيع لا دليل عليه من كلامه إطلاقا ! فلم نجد ( بعد قراءتنا للكتاب ) أي تقرير لعقائد الشيعة ، فهو خال من سب الصحابة رضي الله عنهم و من لمزهم أو الدس عليهم ! و حتى كتابه الآخر ( مقاتل الطالبيين ) ليس فيه أي إشارة لعقيدة الإمامة و هي أصل معتقد المتشيعين في كل زمن ! ، و الخلاصة أنني أغرمت بهذا الكتاب مذ سمعت به و رأيته على الرفوف في المكتبات العامة ، حتى تسنى لي اقتناؤه أخيرا منذ فترة وجيزة ، فأقبلت عليه إقبال الظمآن على الماء الزلال ، فألفيته جليل القدر ، عظيم الفائدة ، واسع الرواية ، عذب الأخبار ، شهي القصص ، و مكانته بين كتب الأدب تعلو و لا يعلى عليها ، و يكفيك هنا قول العلامة ابن خلدون في مقدمته ( و لعمري إن هذا الكتاب ديوان العرب و جامع أشتات المحاسن التي سلفت لهم في كل فن من فنون الشعر و التاريخ و الغناء و سائر الأحوال ، و لا يعدل به كتاب في ذلك فيما نعلمه ، و هو الغاية التي يسمو إليها الأديب و يقف عندها ، و أنى له بها ) .
كتاب ضخم جداً ورائع من حيث كم الأدب والشعر والقصص والسير والتراجم وعلوم النحو والصرف والبلاغة يعيب عليه بعض الناس أنه يحتوي على على بعض الإباحية ، سواء في سرد القصص أو نظم الشعر من وجهة نظري الشخصية هو كتاب هام جداً لكل مهتم بالأدب العربي عموماً
قرأته زمان و لمّا كبرت صدمت ، و خذلت بعد ما عرفت كم الروايات الضعيفة و المغلوطة اللي فيه ..، و كانت هزة فكرية حادة ، جعلتني اكون اكثر حرصا و دقة عن ذي قبل ، خصوصا اثناء البحث و القراءة
مابين الأغاني في بعض خلفاء بني العباس ثم الأشعار التي لحنت سار الكتاب الى الإنتقائيه في الأدب والأخبار كأغلب الكتب في هذا المجال لولا بعض مآخذ النقاد في تعمده إظهار بعض الأمور الملائمه لأجواء كتابه وكأنها هي الطاغيه , وإكثاره من الأخبار المغلوطه او المكذوبه بل أنه رمي بتعمده هو الكذب وإختلاق القصص!
أعتقد أن كتاب الأغاني للأصبهاني كنز من أمهات الكتب في الأدب العربي و الأخبار والنوادر و الطرائف و سير الملوك فقد فاق العقد الفريد و كتاب الكامل وكتاب زهر الأداب و البيان و التبيين و المستطرف ..الا ان صاحبه لا يخلو من الميل إلى اهل البيت وإلى شيعة على ابن ابي طالب وقد أنكر كثير من العلماء بعض أخبار هذا الكتاب و تجريح صاحبه.
مدهش. الأصفهاني يدعي الحياد، و يبدو واضحاً من خلال آرائه و أفكاره أنه يدعيه. يكتب الأصفهاني تاريخاً صغيراً، يحكي فيه حكايات الشعراء و المغنيين، و ربما كان جزء كبير من الحكايات مختلق، أو أنه نتاج الخيال الجمعي.
"قال مالك بن أبي السَّمح : سألتُ ابن سريج عن قول الناس : فلانٌ يُصيب ،وفلانٌ بُخطىء، وفلانٌ يُحسن، وفلانٌ يُسيءً ؛ فقال : المصيب المحسنُ من المغنِّين هو الذي يُشبع الألحانَ، ويملأُ الأنفاس، ويُعَدِّل الأوزان ويُفَخِّم الألفاظ، ويَعرِف الصواب، ويُقيم الإعراب، ويستوفي النَّغَمَ الطِّوال، ويُحسِّن مقاطيع النَّغم القِصار، ويُصِيبُ أجناس الإيقاع، ويَختلسُ مواقع النَّبرات، ويستوفي ما يشاكلها في الضرب من النَّفَرات. فعرَضْتُ ما قال على مَعْبَد فقال : لو جاء في الغناء كتابٌ ما جاء إلّا هكذا."
لمحبي الشعر و الأدب العربي يعد هذا الكتاب عملاً أدبياً يستحق القراءة و الدراسة بتمعن... الأغاني رحلة ممتعة في الأدب العربي بمحطاته التاريخية, الأدبية و الموسيقية و يضم الكتاب معلومات غنية عن مدارس الشعر والغناء و صور عن الحياة الاجتماعية للعرب في ذلك العصر.
عند كل امة كتاب ادبي يفخرون به ففي الفرنسية البؤساء لفيكتور هيجو، وفي الروس الرواية المتوجة على عرش الرواية العالمية الحرب والسلم لليو توليستوي ، وفي القارة العجوز عامةً واليونان خاصة الإلياذة والأوديسة لهوميروس، وفي الفرس الشاهنمة لأبي القاسم الفردوسي، وكل هذه الكتب الادبية لا يسمى اديب اصحابها اديبًا إلا اذا تفقها، وانسابة له معانيها؛ فذللت له صعابها، ثم يركب صهوتها ممسكًا بقلمه كما يقبض الفارس بسيفه حتى يلحم بيديه فيمسي حديدٌ لا يُفل حتى بالحديد. ووهب الله لنا العرب فصحاء هم اصل ذلك الحديد ( بعد الوحيين)، الشعراء كأصحاب المعلقات ووهب كذلك بلغاءً والفصحاء، كما أن الفاقة في الجاهلية حدّت اهل الجزيرة العربية في أن يتقاتلوا من الناحية المادية ( على موارد الماء ومراعي الدواب والماشية)، ومن الناحية المعنوية ( دفاع عن عرض والكرامة)، صارت ايام ومعارك خلدها التاريخ تسطرت فيها الوان من الشجاعة والفروسية والنخوة جمعت في ملاحم واساطير وادب( شعرًا كان او نثر)،وبعد أن اسلمت القبائل توقفت هذه المعارك في عهد النبوة على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم، ولم تتوقف هذه الفنون بل وزيد عليه، فمنهم من اتى النبي معتذرا يطلب الصفح عنه بشعر ككعب بن زهير بن أبي سُلمى او كما فعل الحطيئة مع الخليفة الثاني عمر أو حتى الأعرابي الذي أتاه يستعطفه بشعرٍ ليطعم بُنياتيهِ وامهن, وهذا الباب إن فُتِحَ لا يُوصد. وبعد تقادُمِ الأحداث والأزمنة وتنوع الأمكنة , أختلفت مشارب الناس في طلب الفن والأدب ففي القرن الثالث الميلادي شرع أبا الفرج الاصفهاني ببغداد في الكتابة لأنه قال في مقدمة الكتاب : والذي بعثني لتأليفه أن رئيسًا من الرؤسائنا كلفني جمعه له , بلغنا أن الكتاب المنسوب إلى إسحاق في ( الموصلي ) مدفوع أن يكون من من تأليفه ....... إلخ. فاستحسن أهل الأدب في زمانه، بل وحتى أهل السياسة فقد طُلب الكتاب من قبل الخليفة الأموي الحكم المستنصر بالله فقرأ عنده في الأندلس قبل أن يقرأ في بغداد (بلد التأليف) . بحر من التاريخ والشعر والأدب في ما قبل الإسلام في الجاهلية إلى القرن الرابع الميلادي, فمن أراد أيام العرب وأشعارهم قبل الإسلام لن يعدو الأغاني ومن أراد تاريخ العرب وأدبهم بعد الإسلام فلن يُغفل هذا الكتاب لن القارئ في ثناياه كمن في غواصة بحرية في محيط ترى أشكال فيها والألوان مما خلق الله وصور فأحسن -جل في علاه-, ذاك شاعرٌ آنسه شعره بآلام قلبه وأتراح بينه, وذاك مغني اطرب السامعين بمقاله وعزفه, هو موسوعة أدبية بحق ينتقل بك بين الكرم والبخل .....النخوة والرخوة....... الشجاعة والجبن........ التنسك والخلاعة......الخشوع والمجون ......فتكون فيه بين الفضائل والرذائل. الناظرين في كتب الأدب العربية عامةً يختلفون في تعاطيهم هذا الأدب فمنهم من يضع من مهامه تصوير الحياة الاجتماعية في ذلك الوقت ,وفي نظرهم أن البعرةَ تدل على البعير والأثر يدل على المسير والظاهر القليل يُنبئ عن الباطن الكثير , ومنهم من يقول هذا مجرد أدب وليس تصوير دقيقا للعصور وذلك لأن أهل الأدب لم يُعنوا بتنقيح الأخبار فيها , ولكن قليل من يقرأ الأدب واضِعًا كل الاحتمالات في الأعتبار , ولكل مُقَاسٍ مقياس. ذلك الكتاب او بالأحرى جليسي الذي فارقني منذ ان طويت الكتاب على آخر صفحة منه فلم يزل يَمِنُّ علي ببعض وصله بين الحين والحين فلا اراني استريح إلا أَرِقًا على الفراش طريح. تمت
الأغاني .. مختصر .. أبو القرج الأصفهاني .. أصبهان ..
هو عربي أموي .. عاش معظم حياته في بغداد .. استغرق تأليف كتابه الأغاني خمسين عاماً .. وكتب ما يربو على خمسة آلاف ورقة .. كت�� فيها عن الأصوات المئة التي غنيت للرشيد .. وعليها انبثق الكتاب .. كتاب الأغاني .. وكتب لمغنيين آخرين على امتداد الزمن .. عن حياتهم واخبارهم وأشعارهم .. تتلمذ الأصفهاني على يد عدد من أعلام اللغة .. وروى عنهم .. كابن دريد والأنباري والأخفش .. لم تسلم رواياته من الطعن والاتهام .. وعلى القاريءأن يفحص رواياته للتأكد من صحتها .. والأغاني يشكل موسوعة شعرية وموسيقية .. ويبين جانب من جوانب الحياة الاجتماعية في القصور والمحافل في العهد العباسي .. حتى أنه كتب عن أهل الخلاعة والمجون .. الكتاب رائع .. وهو كالبنادول لألم الرأس .. لن تنتهي منه إلا وأنت في مزاج ربيعي .. تعود للعهد العباسي .. وتعيش بين الطرب والشعر والمفاضلة بين أهل الغناء .. وتأكد أن ابتسامتك لن تفارقك وأنت تحرك صفحات الأغاني .. للأسف المختصر هو الذي بين يديّ ..
c. 917 - 967, Abu al-Faraj claimed to have taken 50 years in writing the work It spans the period from pre-Islamic times to the end of the 9th century
الأغاني لا تمثل فيه إلا شيئا يسيرا ، وقصد أن يجمع في هذا الكتاب 100 قصيدة قد غناها إسحاق الموصلي، فأضاف إليها وفي أثنائها آلاف الأخبار للعرب في العصر الجاهلي و الإسلامي وما بعد ذلك . هذا الكتاب اشتماله على بعض قصص المجون الفاحشة
كتب الأستاذ وليد الأعظمي : إن كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني له طنين و رنين في آذان أهل الأدب والتاريخ. وكنت في أيام الشباب قد قرأت أجزاء منه مع بعض الأتراب والأصحاب وأعجبنا به وبمادته الضخمة وسعة أخباره. ولم يكن لنا يومئذ علم ولا اهتمام بتاريخ الرجال والأعلام. وليست لنا دراية ولا معرفة بأهمية السند وقيمة الخبر ومقاصده ومراميه. وكنت أرجع إلى الكتاب بين حين و آخر للبحث عن خبر أدبي أو ترجمة شاعر أو السمر في بعض ليالي الشتاء نبحث عن خبر ظريف غريب أو نكتة بارعة لطيفة وكنا نعاف الأخبار الطوال ولو كانت تضم أمورا جليلة شريفة. وقبل أكثر من سنتين كنت أطالع في بعض أجزاء "الأغاني" فاستوقفني اسم أحد الأعلام الأجلاء من شيوخ الإمام أحمد بن حنبل ، والإمام البخاري وقد ورد اسم هذا العلم الشامخ الجليل في سند طويل ضم بعض الكذابين والمجروحين من الرواة. وينتهي ذلك السند الطويل العريض إلى خبر تافه سقيم ومعنى خبيث لئيم فاستغربت! وقرأت بعد ذلك فصولا أخرى فوجدت ذلك السند يتكرر ووجدت أعلاما ثقات آخرين محشورين مع كذابين ومجروحين. وكنت في أيام الشباب أترك قراءة السند وحتى إذا قرأته فما كنت يومئذ أميز بين الأعلام ودرجاتهم ومنازلهم شأني في ذلك شأن الكثير من المطالعين. أما اليوم فلا أعاف السند وقد يكون اهتمامي به أكثر وأشد من اهتمامي بالخبر نفسه. من هنا بدأت أنظر إلى كتاب "الأغاني" نظرة جديدة ورجعت إلى كتب التضعيف والتوثيق والجرح والتعديل فوجدت الأصفهاني رجلا غير مأمون ولا يوثق به عند علمائنا الأجلاء المدققين الممحصين. وسلخت من عمري سنتين كاملتين متفرغا لكتاب "الأغاني" أتملى نصوصه وأقواله وأقف عند كل خبر من أخباره حتى فليت سطوره وكلماته واستخرجت قملا من بين شعراته واصطبرت عليها اصطبار المجاهدين المرابطين في الثغور فرأيت نيران الشعوبية والحقد وهي تغلي في الصدور كغلي القدور وشعرت بنبال الأعداء تتوجه إلينا وسهامهم تنثال علينا. فشمرت عن ساعد الجد لأميز الهزل من الجد والسم من الشهد. والخلاصة كانت أن وفقني الله تعالى فأخرجت كتابا أسميته "السيف اليماني في نحر الأصفهاني صاحب الأغاني" وجعلته في أربعة فصول : الفصل الأول تناولت فيه ترجمة لأبي الفرج الأصفهاني وأقوال العلماء فيه. وتطرقت فيه إلى سبب تأليف الكتاب ولمن ألفه الأصفهاني. الفصل الثاني تناولت فيه بعض الأخبار والحكايات التي أوردها الأصفهاني عن آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم. وهي أخبار تسيء إليهم وتجرح سيرتهم وتشوه سلوكهم وتوهن أمرهم بما يوافق آل بويه الذين يزعمون الولاء لآل النبي كذبا وزورا. أما الفصل الثالث فقد ضم حكايات شنيعة وأخبارا فظيعة أوردها الأصفهاني عن الأمويين وهو يزعم أنه أموي وتلك الأخبار توافق آل بويه والعباسيين والعلويين. والفصل الرابع جعلته للأخبار والحكايات المتفرقة التي طعن فيها الأصفهاني بالعقائد الإسلامية ولعن دين الإسلام وتفضيل الجاهلية عليه. للتعرف على واقع الحال في زمن الدولة البويهية حيث كان آل بويه يجزلون العطاء لمن يتقرب إليهم بالمدح والثناء والتملق كان الوزير الصاحب بن عباد على علو منزلته دنيء النفس وضيع الهمة يمدح عضد الدولة البويهي ويبالغ في تمجيده لدرجة تصل إلى الكفر كقوله: فوالله، لولا الله ، قال لك الورى مقال النصارى في المسيح بن مريم ولو قلت : إن الله لم يخلق الورى لغيرك لم أحرج ولم أتأثم وكذلك قال في مدح فخر الدولة البويهي فأنشد يقول : فاسمع نثار العبد بل نظمه فإنه والدر مثلان واسمع مقالا لم يقل مثله مذ كانت الدنيا لإنسان لو كان للخلق إلهان لكان فخر الدولة الثاني هذه الأبيات تحكي قصة عهد آل بويه في زمن الدولة العباسية وهو العصر الذي عاش فيه الأصفهاني. ذكر الدكتور محمد أحمد خلف في كتابه "الرواية" أن الأصفهاني كان شيعيا أخذ التشيع عن أمه وهي من آل ثوابه. وهي أسرة نصرانية اعتنقت الإسلام ثم مالت إلى التشيع.
كتاب الأغاني، من أغنى الموسوعات الأدبية التي أُلفت في القرن الرابع الهجري، وهو مؤلَّف ضخم، ألفه أبو الفرج الأصفهاني المتوفى عام 356هـ. ومادته تقوم على جمع المؤلف للأغاني المتميزة (أصوات) في عصره والعصور السابقة عليه مع ذكر لطرائق الغناء فيها. ثم يتبع ذلك بشروح وتعليقات لما تحويه هذه الأصوات من أشعار وإشارات. وقد استغرق تأليف الكتاب زهاء خمسين عامًا.
كتاب يعيشك اجواء الدولة العباسية قرأته متفرقاً لم اقع على كل مجلداته قرأت مختصره "اغاني الاغاني" ٣ مجلدات قطع صغير ممتاز وفيه من الادب واخبار الشعراء والمغنين الكثير لايخلو من الطرافة ببعض اخبار الطرفاء ونوادرهم يعيبه الفحش في ذكر جواري السلاطين بشكل محرج احيانًا
كتاب من أعظم كتب الأدب العربي الذي جذبني إليه أن التراحم فيه ليست مرتبة بأي ترتيب تارة تقرأ ترجمة لشاعر في العصر الحاهلي وبعده تجد ترجمة لشاعر عباسي وهكذا