د.علي محمد طاهر حمزة شلش اسم الشهرة:علي شلش من مواليد 12 مايو 1935 بدأ حياته الأدبية بقرض الشعر ثم هجره إلى النثر,فكتب القصة القصيرة والمقال الأدبي والنقدي ثم الرواية والبحث والدراسة والترجمة. -أسس و أشرف على سلسلة"نقاد الأدب" التي تصدر عن هيئة الكتاب المصرية -عمل بالتدريس الجامعي إلى جانب عمله بالصحافة في جريدة المساء,مجلة كتابي,مجلة بناء الوطن,مجلة الإذاعة والتليفزيون,كما عمل مدير تحرير لمجلة الكاتب الثقافية. -حصل على دبلوم معهد السيناريو ثم بكالريوس وماجستير ودكتوراه في الإعلام من جامعة القاهرة. -نال درجة الزمالة في الأدب من جامعة أيوا بأمريكا عام 1976. -ساهم في كثير من المؤتمرات والمهرجانات والملتقيات محليا وعربيا ودوليا. -ساهم في كثير من البرامج الإذاعية والتليفزيونية منها:"مع النقاد","مع الأدباء الشبان","قرأت لك","قصة قصيرة". -ترك مصر عام 1979 للإقامة في لندن وعاش متفرغا للقراءة والكتابة والمحاضرة. -عضو مؤسس في اتحاد كتاب مصر وعضو نقابة الصحفيين وعضو المجلس الأعلى للثقافة. -حاضر في العديد من المؤسسات الثقافية والجامعات المصرية والأمريكية والبريطانية. -نشر مقالاته ودراساته في مجلات وصحف مصرية وعربية كما نشر بعض قصصه ومقالاته بالإنجليزية في انجلترا وأمريكا. -ألف وترجم أكثر من خمسين كتابا في الأدب والنقد والتاريخ. -من أشهر أعماله:"ثمن الحرية","عزف منفرد","حب على الطريقة القصصية","عزيزتي الحقيقة". -في الأدب والنقد:"من الأدب الأفريقي","سبعة أدباء من أفريقيا","عندما يتحدث الأدباء","تاجور شاعر الحب والحكمة","من مقعد الناقد","نجيب محفوظ الطريق والصدى","اتجاهات الأدب ومعاركه","نشأة النقد الروائي في الأدب العربي الحديث","من رواد التنوير طه حسين وميخائيل نعيمه",""أحمد ضيف","طه حسين مطلوب حيا أو ميتا","الأدب المقارن بين التجربتين اللأمريكية والعربية","التمرد على الأدب".. -في المسرح والسينما :"النقد السينمائي","الدراما الأفريقية","النقد السينمائي في الصحافة المصرية من 1927الى 1945","في عالم السينما". -أعمال مترجمة:"بعد السقوط لآرثر ميللر","حيقة الحيوان وثلاث مسرحيات أخرى لادوارد اولبي","دروس التاريخ لويل وايريل ديورانت".. -في التراجم والتاريخ والتحقيق:- *الأفغاني ومحمد عبده. *جمال الدين الأفغاني بين دارسيه. *الأعمال المجهولة لجمال الدين الأفغاني. *الأعمال المجهولة لمحمد عبده. *الأعمال المجهولة لمصطفى المنفلوطي. *مصر الفتاه. *سياحة في ألبوم العصر. *قضايا عربية في الثقافة والتاريخ. *أدب وأدباء. -موسوعات:- *الماسونية في مصر. *اليهود في مصر
هناك الكثير من الكتب التي تناولت شخصية جمال الدين الأفغاني وحياته وأفكاره، ومن بين هذا الكثير قل ما كتب على أساس علمي يحترم الموضوعية والمنهجية، فهو عند كثير من محبيه يكاد يكون نبياً أما قادحيه فنصبوه معلماً لإبليس يعلمه فنون التآمر وصنوف الغدر. وهذا الكتاب – جمال الدين الأفغاني بين دارسيه – من هذه المجموعة القليلة من المصنفات التي التزمت منهج علمي صارم، ولم تعمل على تقديس الرجل أو تبليسه. عنوان الكتاب نفسه يعكس الهدف من الكتاب، فهدف الكتاب هو استعراض الرؤى والمناهج المختلفة التي تناول بها مختلف الدراسين الذين يستعرضهم الكتاب شخص جمال الدين الأفغاني. وقد أرخ الرجل للتاريخ دراسة جمال الدين الأفغاني متخذاً نشر أوراق جمال الدين الأفغاني التي قامت جامعة طهران بنشرها في مطلع الستينات سنة الأساس لتاريخه، فهناك دراسات ما قبل نشر وثائق الأفغاني وهناك دراسات ما بعد نشر وثائق الأفغاني. ويرى الباحث بعد استقراء ما كتب قبل نشر الوثائق الإيرانية أن معظم من تناول سيرى الأفغاني قد اعتمد على رواية الأفغاني لسيرة حياته والتي نقلها عنه تلامذته وفي مقدمتهم محمد عبده، ويرى الباحث – وهو رأي شائع أيضاً بين المهتمين – أن هذه السيرة تحتوي على كثير من القصص المختلقة والمبالغات، بينما فتح نشر الوثائق الإيرانية الباب أمام الباحثين الجادين لتمحيص سيرة حياة الأفغاني والتنقيب في الوثائق المختلفة، وتباينت رؤاهم حول حياة الأفغاني بتعاً لما توفرت لهم من وثائق وحظهم من ملكات النقد التاريخي. قد كنت طمعت في أن يتجاوز الباحث تاريخ جمال الدين الأفغاني إلى تناول تطور أفكاره، ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، فبصورة عامة الكتاب ممتاز التزم مؤلفه المنهج العلمي في البحث وناقش أطروحاته بصورة موضوعية وعرض من خلص إليه من نتائج عرضاً واضحاً وهو ما افتقره في الكثير من الكتابات العربية التاريخية أو الايدولوجية. بعد انتهائي من قراءة هذا الكتاب، تثور في نفسي رغبة قديمة إلى تلمس الأفغاني وزمنه الذي لا تزال أثار أحداثه تلقي بظلالها على يومنا هذا ومستقبل أبناءنا، لعلي في القريب العاجل أجد الفرصة لقراءة المزيد.
تظلُّ شخصية السيد " جمال الدين الأفغاني" من الشخصيات التاريخية الجدلية، وبالتالي تتجاذب العملية التقييمة للرجل أطراف شتى منها علمانية وأصولية واستشراقية، إلا أنَّها بالنهاية تكاد تتفق على تأثيره الكبير بشخصه أو بتلاميذه، ولا أخالني بعدت عن الصوات لو قلت أنَّ دراسة " جمال الدين الأفغاني بين دارسيه" للدكتور علي شلش من أهمِّ الدراسات التي كُتبت عن الرجل، فالدكتور لم يقع في فخ الانبهار بالأفغاني ولكنه كذلك لم يقع في فخ الكتابات المعادية للرجل، ولم ينسب إليه شيئًا لا تؤكِّده الوثائق، فهو لا يقوم بعملية تنظيرية حول الأفغاني، وإنما ينطلِق صوب قراءة المنتج الفكري الاستشراقي الغربي والعربي حول الأفغاني، قراءة نقدية واعية بتصورنا، وما بين القراءتين يضع شلش الوثائق الإيرانية التي تم اكتشافها ووضعتها جامعة طهران عام 1963م بين أيدي الباحثين كمعيار تقييمي لتلك الدراسات، لكن بطبيعة الحال الوثائق لا تقول كل شيء، وحتى ما قالته قد يخضع للتأويل وللقراءات المختلِفة، وما بين هذا وذاك ينطلق السجال حول الأفغاني.
ومن هنا يُقسَّم شلش دراسته إلى ثلاثة أقسام: الأول: ما قبل الوثائق، والثاني الوثائق ونماذج منها، والثالث ما بعد الوثائق وما كُتِب عن الأفغاني على ضوئها. في مرحلة " ما قبل الوثائق" هناك فكرة مركزية مُسيطِرة على المبحث وهي ما يُطلِق عليه شلش اسم " السيرة المُعتَمَدة"، ويقصد بها أول سيرة كُتبت عن الأفغاني بالعربية والتي كتبها الشيخ " محمد عبده"، وقد جاءت في المقدِّمة التي كتبها في ترجمة كتاب " الرد على الدهريين"، هنا يرصد شلش ملامح هذه السيرة والكتابات التي كُتبَت بعدها إلى لحظة اكتشاف الوثائق الإيرانية في الستينيات، فيرصد ملامح الاقتراب والبُعد بين ما كتبه الشيخ محمد عبده وبين ما كُتب بعده؛ فقد هدف الشيخ محمد عبده – وفق شلش- إلى الدفاع عن الأفغاني إزاء الاتهامات التي وُجِّهت إليه، كما في اتهامات العنحوري حيث وصف جمال الدين بالإلحاد، وقد تراجع بعد ذلك عن تلك التهمة. ويرصد شلش كيف توالت بعد ذلك السير حيث كتب اليازجي وجورجي زيدان حول الأفغاني ولم يخرجا عما كتبه محمد عبده.
هذا الأمر كما يقول الكتاب لم يمنع من ظهور " السيرة المضادة" مثل السيرة التي صدرت بالفارسية وهي " المأثر والآثار" لمحمد حسن خان، ثم في عام 1926 صدرت مذكرات ابن أخت الأفغاني ميرزا لطف الله، والملاحظ في هاتين السيرتين أنّهما شككتا في نسبة الأفغاني إلى أفغانستان، بل تؤكِّدان كونه ولد في إيران، وبظهور تلك السيرة المضادة أصبح الأفغاني محلًا لنزاع المؤرخين، فيرفض رشيد رضا تلك الرواية الفارسية ويتوقف في الأمر مصطفى عبد الرازق، لكن هذا الشك أفرز -كما يقول الكتاب- بُعدًا نقديًا للأفغاني خصوصًا حيال مناظرته مع رينان حيث وافق الأفغاني رينان على كون الإسلام عدوًا للعلم، وإن كان الشيخ محمد رشيد رضا سيرد ويدافع عن الأفغاني في هذا الأمر كونه يقصد إسلام الحكام لا إسلام القرآن.
في مرحلة الوثائق، وهي مرحلة ما بعد عام 1963 حيث نشرت جامعة طهران مجموعة وثائق عن الأفغاني يُقسِّمها شلش إلى ( أوراق-كتب) ، أهم ما فيها خطاب من الأفغاني لرياض باشا رئيس الوزراء المصري يشرح له فيه كيف قُبض عليه ونفي إلى الهند، ووصفه للحركة العرابية بـ " الفتنة الشوهاء" رغم أنَّها تتوافق مع سياسة الأفغاني الفكرية، وفي خطاب آخر تلقَّاه الأفغاني من زوجة بلنت يكشف عن رغبة الإنجليز في استخدام الأفغاني لمواجهة المهدية في السودان.
رغم ترجيح شلش كون الأفغاني إيرانيًا إلا أنَّه يؤكِّد عدم وجود ما يثبت ذلك صراحة في الوثائق، ويرصد كيف اشتعل السجال مرة أخرى حول الأفغاني بعد نشر الوثائق، وفي ذلك يستحضر بالنقد والتحليل ما كتبته الباحثة الأمريكية " نيكي كيدي" التي رأت في الأفغاني مجرد عميل لروسيا ومغامر وتافه، وشلش يرى خطأ كيدي في كونها اعتمدت على الوثائق البريطانية ذات الطابع المتحيِّز ضد الأفغاني، فكيدي تؤكِّد عدم تمسُّك الأفغاني بالدين، وأنَّه كان ذا خطاب براجماتي مزودج، ويرى شلش أنَّ كيدي لم تقدِّم أي دليل علمي مقنع.
أجمل ما في الكتاب هو الحالة السجالية الشديدة حول الأفغاني، فأنت لا تتعرض هنا لخطاب أحادي، بل رؤى متنوعة، وإن كانت مرحلة ما بعد الوثائق فيها من حدة الهجوم على الأفغاني الكثير، مثلًا يرى شلش أنَّ بحث عبد الله ألبرت قدسي زاده عن الأفغاني أكثر موضوعية من بحث كيدي لاسيما في نقطة عدم تمسُّك الأفغاني بالدين، فمن عيوب كيدي الكبيرة خصوصًا في كتابها " جمال الدين الأفغاني سيرة سياسية" أنّها استخفت بالأفغاني تحت تأثير الوثائق البريطانية، كما لا ينفي شلش انتماء الأفغاني للمحافل الماسونية ويوضِّح كيف انقلب عليها بعد ذلك، وهو يرى انضمامه لها لأمور برجماتية لها تعلق بالعمل الثوري.
يُقدِّم شلش نقدًا للويس عوض حول ما كتبه عن الأفغاني، ويثبت سرقة لويس عوض لأفكار نيكي كيدي وإيهام القارئ أنَّه اطلع على وثائق هو لم يطلَّع عليها على الحقيقة، وبالتالي كرر أخطاء كيدي، كما يكشف شلش عن الجوانب الإيجابية والسلبية في رد الدكتور محمد عمارة على لويس عوض، ثم يذكر في الخاتمة ملحوظة مهمَّة وهي كيفية تحكُّم السياسة في كتابة التاريخ؛ حيث أنَّ بعض مهاجمي الأفغاني إنما فعلوا ذلك لمهاجمة نظام الخميني الذي يحتفي بالأفغاني، مثل كدوري المؤيِّد للصهيونية والذي صوَّر الأفغاني كعميل للروس.
الكتاب لا يمهد للأحداث بشكل جيد ولا يعطي خلفية جيدة، لذلك يجب الاستزادة والاطلاع على تاريخ القرن المنصرم وما كتب عن الأفغاني.. في الكثير من المواضع، بدا هذا الكتاب كرد لعدة بحوث سابقة مما يعقد الموضوع على القارئ الذي لم يطلع على تلك البحوث وتفاصيلها