بقدر ما ينطوي هذا الكتاب على نقد للحقيقة، بقدر ما ينطوي على نقد للنصوص. وما نقد الحقيقة إلا الوجه الآخر لنقد النص. وفي هذا الإطار يرى علي حرب أن نقد النص هو المدخل إلى الحقيقة. وغاية المؤلف في هذا النقد هو فضح آلاعيب الحقيقة التي يمارسه خطابها وهذا ما يتكفل به النقد؛ ذلك أن النقد يبين أن الكلمات ليست بريئة في تمثيلها لعالم المعنى وأن المنطوقات لا تتوطأ مع المفهومات وأن الأسماء لا تشف عن المسميات. إنه يبين أن للخطاب نشاطاته السرية وإجراءاته الخفية. ولهذا يبين المؤلف بأن النص ليس نصاً على المعنى المراد بقدر ما هو حيّز لممارسة آلياته المختلفة في الحجب والخداع والتحور والكبت والاستبعاد، وهذا شأن الحقيقة ذاتها، فهي تخفي بالضبط ما تشير إليه وتتكلم عليه. ذلك أن ما تضمره هذه الكلمة وتسكت عنه، فيما هي تعلنه وتنطق به، هو أن الحقيقة متعالية مطلقة نهائية ثابتة أحادية... وفي ذلك تأكيد للحقيقة.
كاتب ومفكر علماني لبناني, له العديد من المؤلفات منها كتاب نقد النص و هكذا أقرأ: ما بعد التفكيك ويعرف عنه أسلوبه الكتابي الرشيق وحلاوة العبارة. كما أنه شديد التأثر بجاك دريدا وخاصة في مذهبة في التفكيك.
وهو يقف موقفاً معادياً من المنطق الصوري القائم على الكليات العقلية التي يعتبرها علي حرب موجودات في الخارج وليست أدوات وآليات فكرية مجردة للنظر والفكر. فهو يتبع منهج كانط في نقد العقل وآلياته وبنيته الفكرية.
أنا أختلف مع علي حرب كثيرا، حتى أنني لا أوافقه في بعض كتبه على أفكار يتجاوز عددها أصابع اليد. ولكنني لا أخفي استفادتي الكبيرة منه. علي حرب ينجح دائما في فتح آفاق جديدة للتفكير أمامي، وفي لفتي لأمور لم أنتبه لها أبدا، لا من قريب ولا من بعيد، رغم ارتباط بعضها بأسئلة انشغلت فيها لفترة من حياتي. وهو، كما لا يخفى على من قرأ له، قارئ متمكن لعدد كبير من المعارف والفلسفات الغربية، وعنده قدرة ممتازة على تفكيك المقولات ونقدها.
إحدى مشكلات علي حرب هي التكرار الجم. إن أفكاره الرئيسية قليلة، وهو يكررها نفسها تقريبا في كل كتاب له. وإن كانت قدرته على توظيف نفس الأفكار للقول عن كثير من الأمور المتباينة مثيرة للإعجاب أحيانا، إلا أن التكرار لا بد أن يصيب الواحد بالملل بعد فترة ما، ولا بد أن تفقد الأفكار عمقها وتتحول إلى شكل من المواعظ المزعجة. مما يزعجني في علي حرب، أنني أحس تعمده ألا يقول ما يريد بتحديد. إن قدرته على البيان والإفصاح، ولغته السلسة والرشيقة، تعطيه مقدرة عالية على التأرجح والدوران والتذبذب. فمثلا في هذا الكتاب، يحاول حرب أن يؤسس مفهوما سائلا للحقيقة، حيث لا يبدو أنه يرى إليها، على مدى عشرات الصفحات، إلا بوصفها أداة للسلطة والصراع. ولكنه يعود في بعض المواضع لينقلب على عقبه، ويقول بأن الحقيقة يمكن أن تستمد من أصل مفارق أو متجاوز، وأنه يمكن القبض عليها، ولكنّ المطلوب هو رفض القول باحتكارها لا أكثر. وهذه التناقضات موجودة في كتابيه: <<أوهام النخبة أو نقد المثقف>> و<<نقد النص>> أيضا. بل إنني قد شاهدت له مقابلة تلفزيونية، بدت لي محاولته القفز من فكرة لأخرى، بالتباس يحفظ له 'خط الرجعة' إذا ما قوبلت أفكاره بنقد ما، جلية.
رغم أن محتوى الكتاب دسم .. ثقيل .. بالنسبة لعدد صفحاته القليلة .. إلا إنني استمتعت به .. و سأعيد قراءة أجزاء كثيرة أعجبتني و تحتاج الى مراجعة و وقفات .
ما يعجبني في كُتب المُفكر اللبناني علي حرب .. هو تنوّع و ثراء مصادرها .. فهو يستحضر أعلام الفلسفة العربية و الغربية على حدّ سواء .. مُعيداً بذلك قراءة نتاجهم الفكري .. و مقولاتهم الفلسفية بطريقة مُثمرة .. و أدوات مفهومية جديدة .. بأسلوب رشيق سلس و ممتع للغاية ..
ليس تماما ما توقعته من العنوان لكن لا بأس به على العموم. يتفاوت الكتاب من الرصين إلى المتهافت. و هناك مقاطع يناقض فيه حرب ما سبق أن تواضع عليه مع القارئ. على أي، هذه إحدى قراءات الكتاب بمحاسنها و مساوئها كالإيديولوجية و الوهم و الذاتية... هناك أخطاء إملائية لا يلام عليها الكاتب و لكنها تنغص على القارئ الفهم، على الأقل في النسخة التي بين يدي.
بل النص ينطوي على بياضات و فراغات، و تخترقه شقوق و فجوات.
الكتاب ثري جداً فلسفياً وفكرياً. وعلى رغم من انها ليست اول قراءة لي في القراءة ولكنها اكثرها فلسفةً وتفكيكاً. أعجبت بالكاتب جداً حينما ضمّ الفلسفة العربية الإسلامية وبيّن إضافتها في عالم الفلسفة المحتكر غربياً. وقد أبدع الكاتب في شرح بعض المفاهيم الفلسفية وخصوصاً الثالوث الفلسفي وإجراءات الحقيقة. لابد من القول أن لغة الكتاب صعبة قليلاً ومتقدمة للمبتدئين في الولوج لعالم الفلسفة. لكن الكتاب غني بالأفكار المثيرة والتي يمكن إقتباسها لإثارة الفكر وتحفيز خروجه من مجاله المغلق وفتحه على كافة الإحتمالات، وسوف أذكر بعضاً منها:
"الحقيقة ليست ما نراه وننظر إليه بقدر ماهي ما به نرى أو ما منه ننظر." "النص مثل الجسد قد يراود القاريء عن نفسه، فيغريه، ويفتح شهيته للكلام، ويحرّك رغبته في المعرفة، فيلذّ القاريء به، ويؤثره ويشتاق إليه." " خاصية النص الجدير بالقراءة أنه لايحمل في ذاته دلالة جاهزة ونهائية، بل هو فضاء دلالي، وإمكان تأويلي." "بالمجاز يجتاز الإنسان العوالم ويقرّب بين الأشياء وذلك حيث تصير الكلمات رموزاً تصير من شيء إلى شيء وترتحل بنا من عالم إلى عالم آخر" "الغربة هي إحساس بالغياب، غياب الآخر الذي لايجيء أو الذي لايحضر إلا ليغيب" "هناك دوماً مالا يرى داخل حقل الرؤية ذاته" "مايفتقده الشاعر ليس آخر وحسب، اي هذا الآخر أو ذاك، بل الآخر، أي كل ما ليس هو، مايعني كل الأشياء والعوالم." "النص ليس ساحة بيانات، بل ساحة تباينات." "النص متماثل في الأعيان، مختلف في الأذهان." "في البدء كان الإختلاف والتفاوت، وعندما نقول في البدء نعني ان الطبيعة ذاتها هي التي تملي الفرق والإختلاف وأما التماثل والإئتلاف والتوحد فكل ذلك هو من صناعة العقل وثمرة الثقافة ونتاج المفهوم. والثقافة مشروع يرمي الى ضبط البشر وجمعهم وتوحيدهم. انها قاعدة تقنن الحاجة ومعيار يضبط الرغبة ومبدأ ينظم السلوك ويرتب الأفعال والغايات." "الآخر هو أزمتنا الذاتية، أي أزمة أن نكون مختلفين. ولامجال لإستبعاده أو نفيه. والأحرى الإنفتاح عليه والوقوف على حقيقته وتقبل صورته، أياً كانت أسماؤه وأوصافه." "الفكر بمعنى ما هو اعتبار الشيء على غير مااعتبر عليه، أي قياسه على اشياء لم يقس عليها، او ربطه بأمور لم يربط بها، أو تناوله على مستوى لم يُلتفت إليه من قبل." "في الشعر كما في الفلسفة تُستنطق الأشياء من جديد، وكما ان الفيلسوف ينقذنا من الفهم الساذج، ويحررنا من اللغو والعذر، كذلك الشاعر يُنقذنا من الكلام المعتاد، ويحررنا من الرتابة والركاكة"
كتاب رائع في مجمله,, وان كان متخم بالفلسفة! يحتوي على مواضيع عدة او لنقل مقالات.. في البداية يتحدث علي حرب عن القراءة في مالم يقرأ . أي في النص وكونه مفتوح على قراءات عدة ومختلفة. اذ كل قراءة وان كانت معارضة للأخرى فهي تعد وجه من أوجهه أما بعد ذلك , مقالات في الاختلاف والاشكالات التي طرأت بسبب ذاك الاختلاف وقد تعمد الكاتب أن يسوق الاختلاف في الاسلام ك أنموذج لتوضيح الفكرة وكبنية لتشريحها وتحليلها. فتطرق في مسائل الخلافات الاسلامية سواءا كانت سياسية, اختلافات في التفاسير والقراءات للنصوص, في الفقه والكلام,وفي الفلسفة والتصوف وختم هذا التحقيق والبحث بالمنظور القرآني للاختلاف.. ثم تحدث عن حق الاختلاف وكونه شيء جبلّي منذ الأزل تجيئ بعدها مقالة اللاهوت والناسوت, وبين أن محاولة الانسان ان يطبق الاحكام بتشريع الهي إنما هو ناسوتي في ذاته " اي برغبة الانسان وبقراءته للنص وبتأثير أفكاره وهواه" تطرق في مقالة جميلة أخرى بعنوان الفكر الاسلامي بين الانغلاق والانفتاح وعرض هنا بعض الاسماء اللامعة لمفكري الاسلام . زمرة منهم في كفة المنغلقين على الاخر وزمرة أخرى في كفة المنفتحين الثلاث المقالات الاخيرة والتي هي على التوالي: "مثلث الفلسفة:الوجود. الحقيقة, الذات" و" المنطق يحجب لا منطقيته" و" العين والغير" كانت - وان استعذبتها واحببتها في بعض الجوانب- متخمة بالفلسفة والمصطلحات المنتمية اليها بحيث احتاج الى قراءتها لاحقاً باستمتاع اكبر احد النجمات التي حُرِم الكتاب منها هي ليس عيبا فيه وانما لنقص في المامي بفلاسفة العصر الحديث وما أنجبو من أفكار
كتاب صعب رغم انه صغير -اقل من 150 صفحه - احيانا احتاج اعيد البراقراف مرتين او 3 عشان افهم
اسم الكتاب يفترض ان يكون نقد النص وليس نقد الحقيقه ,, فالكاتب يرى نقد النص مفتاح لنقد الحقيقه
السؤال الذي اعتقد انه كان قاعده للكتاب : هل الحقيقه موجوده ومبرهنه بحيث لا ينكرها الا جاحد ؟ ,, ام ان الحقيقه هي ما يبنيه كل فرد لنفسه من خلال قراءته الشخصية ؟؟
وكان يرى الكاتب بالرأي الثاني , واستطيع القول ان المئه صفحه الاولى تعنى بإثبات رأيه هذا
ثم خصص الجزء الاخير في الكتاب عن الفلسفه ونظرتها للحقيقه , والعناصر المشتركه والمعقده في السياق الفلسفي التاريخي , وانحاز بطبيعة الحال الى احدها دون اقصاء للآخر
في اخر الكتاب حوار من احد المجلات عن حياة الكاتب وأفكاره ,وآرائه
كان مضحك لما يستشهد بحديث , مايقول تخريجه وصحته لا , يقول فلان ذكره في الصفحه كذا من كتاب كذا ,,ضحكني كثير هههه
كتاب خفيف في أوراقه ولكنه عميق في أفكاره و أطروحاته هكدا عودنا الكاتب والمفكر اللبناني بكتاباته ، إذ به يأخذك إلي البحت في عوالم المعني وإلي الخوض في تفكيك النصوص بحثا عن إحتمالات الإجابة و قطف المعني المراد ، كتاب يلج لنقد الحقيقة عبر طبيعة العلاقة بين القارئ والنص ، وهو بذلك يذهب إلي أن المعاني والتصورات التي ننتجها عبر النص ما هي إلا جزء من تصوراتنا ومفاهيمنا او بشكل آخر تراكم خبراتنا ومعرفتنا و يبقي هدا الكتاب بحاجة لقدر عالي من التركيز ولوقت كافي لتدبر مقاصده و معانيه
ما هي الحقيقة؟ الحقيقة.. أنه لا يوجد تعريف واضح وصريح لمفهوم الحقيقة... رغم أن المفكر على حرب كاد أن يقنعني برؤيته لكنني حينما تطرقت لآخر خمسين صفحة أدركت أن الحقيقة أكبر من أن يوضع لها تعريف أو مفهوم واضح... والحقيقة بالنسبة للفرد كما عرفها الكاتب، ليست فقط ما يبنيه الإنسان بناء على وجهة نظره... بل يوجد كثير من الحقائق غير المطلقة، فلا شيء مطلق في هذه الحياة... استفدت كثيرًا من رؤيته الفلسفية لما تطرق له... وأعتقد أنني سأقرأ الكتاب مرة أخرى، ربما بعد أن أقرأ كتاب كانط.
قرأته كي أتخلّص من الملل الذي أصابني أثناء قراءة عمل فلسفي كلاسيكي... مع أنّ موضوعاته وأفكاره ليست غريبة عنّي فقد وجدته ممتع إجمالا.
عمومًا علي حرب تفكيكي بإمتياز ليس لديه فرضيّات نهائية ولا ينطلق من منظومة مغلقة نستطيع أن نحاسبهُ عليها خلا النّقد ودّقته.
أعجبني فصل «قراءة ما لم يُقرأ» وقد اعتبر علي حرب أن القراءة الحرفية للنصوص هي "اللا قراءة"؛ لأنها مستحيلة واقعيًا، وأيُّ ادّعاء بقراءة حرفية هو خداع؛ لأن القارئ يستبدل مفردة بأخرى وجملة بأخرى، مما يجعلها قراءة أخرى وليست مطابقة للنص.
أما حول نقده للمفكرين العرب في قراءتهم للتّراث فمعظم هذه القراءات تبقى مرتهنة للسلطة، أي أنها لا تتحرر فعليًا مهما اّدعت.
وعند الحديث عن التفكيك فإني أرى أن النقد التفكيكي ضروري -كما يرى علي حرب- وأرى أن الأهم هو ما بعد التفكيك: لأننا لم نبنِ شيئًا بعد حتى نفككه؛ فالتفكيك هو امتداد للحداثة في الغرب وليس انقطاعًا عنها كما هي عند هابرماس، أما عند العرب فالأولوية الآن للإصلاح الدّيني، للتنوير، ثم عصر النهضة، أكثر من حاجتنا لرؤية دريدا، وعلى الرغم من ذلك، أرى أن أدوات التفكيك والحفريات (عند فوكو) مهمة جدًا لإعادة النظر في المسكوت عنه واللامفكر فيه، أو النظر إلى المفكر فيه بنظرة وزاوية مغايرة؛ وهذا هو ما يمنح التفكيك قيمته كمنهج لا كغاية في ذاته.
الكِتاب أدخلني إلى عالم جديد : عالم التفكيك ، بنية الكتاب واضحة (لحدٍ ما) فهي تهدف للأساس لإنارة جانب مُظلم وهو ما يفعله خطاب الحقيقة من وَهم باحتكاره للحقيقة ، حيث كل ادعآء بافصاحٍ عن شئٍ ما هو في ذاته مُغاير لهذا الشئ وب التالي فهو يُعبر عن مدعيه لا عن المُدعى عليه ، وبالتالي فهو يحمل جانب من الحقيقة لا الحقيقة المُطلقة . هذه الكلمات رُبما هي الرسالة في كُل مقالة /أو رأي في المواضيع التي تطرق إليها علي حرب : . القرآءة . الاختلاف في الاسلام . اللاهوت (الإلهي) و الناسوت(الانساني) . الانغلاق و الانفتاح في الفكر الاسلامي . ثالوث الفلسفة . لا منطقية المنطق التي يحجبها . . العين و الغير
وأخيراً الحوِار الأكثر من رآئع بعنوان الفلسفة و التفكيك ، و الذي من خلاله بالامكان التعرّف على علي حرب أكثر و أكثر .. حوار رآئع بمجمله بغض النظر عن رأيي في ما تطرق إليه علي .
لم أستعوب النموذج الكامن كاملاً في هذا الكتاب ، بقدر ما استوعبت الفِكرة العامة له ، قرآءة واحدة لا تكفي ، رُبما سأعود إليه لاحقاً إن احتجت إليه .
علي حرب ظهر تأثره بِفكر ميشيل فوكو ، وابن عربي . و هذا أول كتاب أقرأءه له ، فيه أشار بكثرة لكتابه : التأويل و الحقيقة .. أعتقد بقرآءته و بقرآءة القسم الأول من النص و الحقيقة التي تحمل نفس العنوان تكون هذه الفكرة أو هذا المشروع قد اتضحت معالمه أكثر : ثلاثة كتب(الحقيقة و التأويل ، نقد النص ، نقد الحقيقة)
. وبنآءاً على هذا فُحكمي على الكتاب و تقييمي له لن يكون مُنصفاً بالدرجة الكافية ، و أعتقد أن تقييمه قَدْ يكون صآئباً أو أقرب للصواب عند قرآءة بقية الكتب الثلاثة .. سأمنحه ثلاث نجمات (قَدْ تتغير لاحقاً بعد قرآءته من جديد مع الكتابَين الآخريَن)
"الغاية من نقد الحقيقة هي فضح ألاعيب الحقيقة التي يمارسها خطاب الحقيقة نفسه، وهذا ما يتكفل به النقد. ذلك أن النقد ليس نفيًا لها وإنما هو تعرية آليات وكشف أقنعة وتفكيك متعاليات تفعل فعلها في طمس الكائن والحدث".