وجدت في قصص ليلى العثمان ذلك الشيء النادر الذي قليلاً ما أجده في القصة العربية: المفارقة. فهي تستطيع التوهج، وتحقق إلى جانب ذلك تلك الضربة الأخيرة التي تزعزع النفس بناؤها يتنامى عن وعي، وعن إلحاح بضرورة الاعتراف للوصول إلى تلك اللحظة من الصد. التي تقلب على القارئ الموقف كله، ولحظة الصدق المزعومة هذه، التي تتقدم بالحدث نحوها ببراعة من يرى كل شيء، ولا يخدع بشيء ولا ينثنى عن عزمه على الكشف النهائي الحاسم-مهما كان موجعاً-هي التي تشد قصصها إلى الذهن كتجربة تشع كحد السكين، تجابه المرء بضرورة إعادة النظر في تجربته هو، وتطالبه بالصدق إزاء نفسه، إن قصصها غوص إلى الداخل المظلم لاستخراج لحظة الكشف-لحظة مجابهة الذات. جبرا إبراهيم جبرا
بدأت محاولاتها الأدبـية وهي عـلى مقاعد الدراسة، ثم بدأت النشر في الصحـف المحلية منذ عام 1965 في القـضايا الأدبية والاجتماعية والتزمت منذ ذلك الحين ببعـض الزوايا الأسبوعـية واليومية في الصحـافة المحلية والعـربية وماتـزال. لها ستة أبناء 4 بنات وولدين، ولها خمسة أحفاد 3 بنات وولدين.
أعـدت وقـدمت عددا من البرامج الأدبية والاجتماعية في أجهزة الإعلام إذاعة وتلفزيون تـولت مهـام أمين سر رابطـة الأدباء الكويـتية لدورتـين لـمدة أربع سـنوات تواصل كـتابة القصة القصيرة والرواية والنشاطات الثقافية داخل الكويت وخارجها اختيرت روايتها وسمية تخرج من البحر ضمن أفضل مائة رواية عربية في القرن الواحد والعشرين. تحولت الرواية المذكورة إلى عمل تلفزيوني شاركت به دولة الكويت في مهرجان الإذاعة والتلفزيون – القاهرة قدمت الرواية ذاتها على المسرح ضمن مهرجان المسرح للشباب عام 2007.
قبل أن أبدأ القراءة لليلى، لم تكن فكرتي عنها سوى أنها كاتبة جريئة.. ولا شيء آخر سوى أنها جريئة.
لكنني دهشت، مع أن فكرة أن ليلى جريئة مازالت قيد الإقرار، إلا أنها أشدّ توهجا، ودهشة، حملتني ليلى كما لو أنني طفل صغير إلى عالم خيالاتها، إلى عالم أفكارها الصاخب والهادئ والمتفجر، حملتني لواقعيتها، لحالميتها في السهو والحديث، كان فرصة لائقة لأجدد شيئا ما بداخلي، ليتسع أفق كان قد انغلق وتجمد، كما أنها تخبر الحقيقة دون خوف، دون أن تلتفت لمن يختلس السمع خلف الباب، وجرأتها ما كانت إلا من عمق الواقع والحقيقة، وأن الطيب الذي كان يلثمنا قبلا، لم يكن طيبا بحتا، لم يكن طيبا لا يتخلله سوء أو شرور، إنما لم يغرس أحدهم بصيرته بشكل كاف ليكتشفه، هذا الطيب غير المتكامل، الطيب والخير الذي يشبه عالمنا الآن قليلا.. حملت هذه المجموعة القصصية بلدي القديمة، بلدي المحاطة بالطين ورائحة البحر، بلدا زرته من جديد، كشفت القلوب فيه والأرواح التي كانت تطوفه كما اول مرة ..
عرفت الكاتبة ليلى العثمان أوّل مرة في أحد الفصول الدراسية بالجامعة، تناولنا به قصة "وسمية تخرج من البحر". مرت سنوات إلى أن اكتشفت أني أملك في مكتبتي شيء يخصها. مجموعة رائعة، أصابتني بالجنون؛ في نهاية كل قصّة أردد "هذه أفضلهم" إلى أن انتهيت، وأنا لا أزال أرددها على المجموعة كلها. أشعرُ وكأنني أريد أن أقابلها وأسمعُ منها فقط.