ضمن سلسلة كتاب العربية المترجمة، أصدرت المجلة العربية كتاب تاريخ الغجر من تأليف ايلينا ماروشيكوفا و فاسلين بوبوف، ترجمة محمد المغربي ومراجعة الدكتور أحمد البنيان، وهذا الكتاب وفق المقدمة قد يضيف شيئاً لتاريخ (الغجر)الذين نعرفهم في بلادنا بأسماء متعددة، وهو تاريخ ينسحب على من يعيش في هذه البلاد أو البلدان الأخرى، إذ يركز الضوء على ماله علاقة بهم أيام الدولة العثمانية التي استولت على معظم أجزاء الكرة أيام زهوها وقوتها، وكان الغجر جزءاً من الأناس الذين عاشوا في ظلها، لذا نجد أن المؤلفتين اعتمدتا على ( الوثائق العثمانية ) التي دونت الأسماء، والمهن، والأماكن، وعلاقتهم بالدولة، وعلاقة الدولة بهم، كما أن الكتاب يكشف شيئاً عن بعض المعلومات السكانية التي تتعلق بالغجر في ظل الإمبراطورية، والكتاب يعتمد على الوثائق الرسمية، و يتحدث عن الغجر في الإمبراطورية العثمانية، وقد قسم إلى خمسة فصول، الفصل الأول تحدث عن البلقان الموطن الثاني للغجر، الفصل الثاني خصص لبدايات هجرات الغجر،الفصل الثالث عن الإمبراطورية العثمانية والغزو العثماني للبلقان والحروب العثمانية وبناء الإمبراطورية، والمصادر التاريخية حول وجود الغجر في الإمبراطورية العثمانية، الفصل الرابع عن انحدار الإمبراطورية العثمانية وغروبها، والفصل الأخير عن نهاية الدولة العثمانية، واختتم بثبت بالأسماء والمصطلحات التي وردت بالكتاب، والمجلة العربية بطرحها سلسلة الترجمة تفتح نافذة على فكر وتاريخ العالم لتضيف للمكتبة العربية رصيداً من المعرفة
يعتبر مصطلح الغجر، مصطلح عالمي. أي عربي وغربي. وهم تبك الأقليات المنتشرة في العالم والذي – وهذا الغريب – لا يربط بيهما إتصال عرقي أو نسب أو مصالح مجتمعة إلا مانذر، وأقصد بمانذر من أنه قد يكون ثمة تواصل فيما مضى مع الهجرات الأولية التي غادرت موطنها – يقال أنه موطن آسيوي – نحو فضاءات بلدان العالمو ومع بعد المسافات ضاعت اللغة الأم وأخذت جماعات الغجر من بعض لغة الدولة التي تسكن مناطقها رغم صعوبة ذلك بسبب أن الركيزة الأساسية لهم في نمط عيشهم هو الهجرات.
وتذكر المصارد الأوربية وتقر بوجودهم في مصادرها ما بعد القرن الرابع والخامس عشر ميلادي، وتختلف وتتضارب في تحديد أصولهم، وأخص بالذكر المصدر الإسباني بحكم كثرة إطلاعي عليه بحكم التخصص.
عندما أهداني أحد الأصدقاء من الكويت هذا الكتاب في أمريكا كان السبب تركيز الحديث عن الغجر في العهد العثماني. فالكتاب لم يتناول كل تاريخ الغجر ولم يتتبع أصلهم ومناطق سكنهم وهي بصعوبة بعض الشيء. لكنه يكتفى بهم في ظل العثمانية وقد وفق في ذلك الجهد والشكر لكلتا المؤلفتين على ذلك. لكن الكتاب غير معني بتاريخية الغجر فهو قد ألتصق إلتصاقًا كبيرًا بتاريخ العثمانية. أو لنقل بغجر المناطق العثمانية والبلقان.
لصوص، سحرة، أو على الأقل مشعوذون، ونسائهم جميلات جداً، هذا كل ما يعرفه أي شخص عن الغجر، هذه هي حصيلة الروايات والأفلام، أو لنقل هذه هي الصورة النمطية عنهم، فلذا عندما دلني الصديق (وائلي) على هذا الكتاب في المعرض الأخير، لم أتردد في الحصول عليه، كان العنوان مغرياً جداً، ولكن على بعد صفحة واحدة فقط، كان يرقد العنوان الفرعي الذي كان سيفقدني نصف حماستي (الغجر في الدولة العثمانية)، فالكتاب لا يؤرخ للغجر حول العالم، وإنما يؤرخ فقط لغجر البلقان بالاعتماد على الوثائق العثمانية، وما كتبه بعض الرحالة.
الكتاب مع اسمه الفخم فمحتواه متواضع لا يزيد عن بضع معلومات بوبّت الكتاب عن تاريخ مفترض للغجر وتاريخ هجراتهم ثم انتقل الكتاب إلى تفصيل وجود وانتشار وتاريخ الغجر في منطقة البلقان والاناضول،، أما اغلب فصول الكتاب كانت سردًا من السجلات العثمانية عن وضع الغجر القانوني، أسماءهم، دينهم والضرائب المفروضة عليهم مع بعض الملاحظات من الرحالة الذين مروا بهم ومن ثم ذكر التطور الذي حصل في الحالة القانونية مع مرور الوقت.
الكتاب مفيد لكن ليس لمن يبحث عن تاريخ الغجر فهو يقتصر على تاريخ الغجر في سجلات العثمانيين في منطقة البلقان بالتحديد.
للأسف لم أستفد من الكتاب إلا قليلا. في البداية توقعت أن يحوي الكتاب نظرة داخلية للغجر، من هم و ما طريقة حياتهم؟ كيف نشأوا و أين يعيشون؟ لكن اتضح أولا أن الكتاب يتكلم فقط عن غجر بلاد البلقان (و قد ذكر أن الغجر خرجوا مرتحلين من الهند خوفا من التتار و كفى) و ثانيا أن الكتاب مجرد سرد لبعض الأرقام المختصة بوثائق جباة الضرائب في زمن الدولة العثمانية التي قيدت الغجر في دفاترها.
سبق وقرأت عن في كتاب عبدالكريم الشطي زيارته الشخصية للغجر مرفقًا بعض المعلومات القيمة عنهم، فشدتني سيرتهم تمامًا. لذلك عنوان الكتاب "تاريخ الغجر" جذبني، توقعت إني بحصل معلومات أكثر عنهم، لكن للأسف مافيه أي معلومة جديدة تستحق الذكر!
العنوان مضلل! هو تاريخ الغجر، تكملة العنوان في الصفحة الأولى (الغجر في الدولة العثمانية) الكتاب على أغلب الظن عبارة عن بحث مترجم حول أوضاع معينة في التعامل مع الغجر في البلاد التابعة للدولة العثمانية. معلومات كثيرة حول الضرائب! و قليل من المعلومات حول عالم الغجر يوجد وصف لحياتهم لكن بسطور قليلة بين الصفحات كان الكتاب أقل مما توقعت
يعطي الكتاب تصوّر عن تاريخ الغجر اعتماداً على السجلات والوثائق العثمانية، ونظراً لقلة وجود معلومات موثقة ومؤكدة عن تاريخهم فهذا الكتاب يعتبر إحدى الروايات والاجتهادات في ذلك.