إن الفكر والتفكير والعقل يراد بها في هذه المقالة : المنهج العلمي المنضبط بضوابط العقل في دراسة الأشياء لمعرفتها على ما هي عليه ، دون تأثر بعاطفة أو معهود أو موروث دراسة تتجاوز الظواهر كما تبدو للحس أو الخيال الساذج .لذلك القى المؤلف الضوء على العلاقة القوية بين التفكير والفكر والعقل
كان هذا الكتاب أحد الكتب التي تمت مناقشتها في مشروع ثقافي شاركت فيه ، وبالرغم أن الكتاب لايتجاوز الخمسين صفحة إلا أن مناقشته تفتح آفاق واسعة في العقل وإعادة النظر في بعض المسلّمات ، وإجابة الكثير من التساؤلات في حالتي كمثال . يتحدث المفكر مختار الغوث في رسالته القصيرة عن الفكر بتعريفه وتوضيح مدى صلته بالقضايا التي تواجهها الأمة الإسلامية من ضعفٍ حضاري أو ديني أيضاً ، ويبين أهمية التربية الفكرية وخطورة وصول الأمة لمرحلة تقديس العلماء فيصيرون هم الحق ولا يصير الحق فيهم ، يستشهد أثناء حديثه ببعض الحركات الإسلامية وأعيب عليه في هذه النقطة أنه نقد بعض الحركات الإسلامية لأنها تقيّم نجاحها بكثرة الأتباع وحدد المقياس بأنه يكون بالمشاريع الحضارية ولم يوضح ماهيّة المشاريع الحضارية ولم يفلسف حدودها ليقيّم الناس صحة مسيرهم ، والجميل في الكتاب أنه يذكر عناوين كتب تبدو ثرية جداً في هامشه.
- باختصار هو كتاب قيّم جداً وأعده مدخلاً جيداً نحو الفكر المتزن ، تجربتي الأولى مع مختار الغوث وبالتأكيد ليست الأخيرة
عندما شرعت في قراءة هذا الكتاب شعرت كأني أقرأ مجموعة من الأفكار و المبادئ التي تجول في خاطري و لطالما دافعت عنها بقوة، سعدت لأن هناك من يكتب بموضوعية و عمق و رؤية متبصرة و عقل كبير.
من بين ما يدعو إليه الكاتب هو التركير على المنهج العلمي و العقلي و عدم الإكتفاء بالتقليد و ترديد ما تركه الأولون، فإن التكوين العلمي و العقلي المنهجي لما عدما كما يذكر الكاتب و رضي العلماء و أتباعهم بالتلقي دون التعقل و الوعي صارت دراسة الوحي و التراث مقصورة على الإستحضار و التفسير كما فسرا قديما في واقع قديم، تفسيرا سطحيا عاطفيا تدليليا نظريا مكرورا.
ثم تكلم عن ما أسماه بالعقل الإتباعي، هذا العقل الذي على حد قوله جر علينا جل ما نحن فيه من تخلف، إذ ما هو إلا أن يقول عالم قولا حتى يقدسه من يتبعه، و يقف عنده لا يتقدم و لا يتأخر، على حين يذكر أن غيرنا ينتقذ و يفكر و يقوم و يتجاوز و يضيف و كل من جاء بعده فعل بفعله ما فعل هو بفعل سابقه حتى تتمحص الأشياء و تتخلص، و تصبح جاهزة للتنفيذ فتربى عليها العقول. ثم ينتهي الكاتب إلى القول بأن هذه التربية هي التي ستخرجنا من تاريخ إلى تاريخ.
و يخلص في الأخير إلى أن الأمة إذا ظلت حالمة واثقة بالسراب فلا معول عليها في صنع شيء. و لا معول -بعد الله تعالى- إلا على ثورة فكرية تنفي الغثاء، و تطيح الأفكار الميتة و القاتلة، و تكنس هذا الواقع السقيم الذي صنعته الببغاوات المتعالمةالخاطبة في كل ما تجهل.
الكاتب لديه نزعة عقلانية مغالية، وإن كان في مجمل الكتاب يتحدث عن البناء الفكري وأهميته، وهذا الأمر لا يعارض بحال غير أن نقده الحثيث للتيارات الحركية ومحاولة إقحام التأخر الفكري في كافة المشاكل الإسلامية مقابل تدني في الالتزام بمعايير الوحي يوحي بأن الكاتب له تأثر مناقض لطبيعة المنشأ؛ يعني كأن الكاتب خرج من رحم عصرٍ كثرت فيه التيارات والمذاهب ورأى فسادها أو فساد بعض فأصبح يتحدث عن الحركية الإسلامية عمومًا من خلال وجهة النظر القاصرة، وأزعم أنه لم يحط علمًا بالحركات كافة، أيضًا شعرت بشيء من محاولة صرف النظر عن نقد طائفة ما؛ الكاتب يستشهد باقتباس لأحد الحركيين يتبعه بنقد لاذع لبعض الأفعال التي هي من صميم مبادئ الحركة، فلماذا محاولة صرف النظر تلك؟!
لم يصرح تحديدًا بوجهة نظره في الشك الديكارتي لكن أطرى منهجية الغزالي التي انتقدها الغزالي شخصيًا وصرح أنه لو لم تدركه رحمة الله لضل، فالبدء بالشك والتحرر من الأفكار كافة ليس الطريق الأمثل للوصول لليقين، ولم يوضح الكاتب إن كان يتبنى نفس المنهجية أو يعني باستخدام المنهجية في نطاق دون آخر.
الكتاب في مجمله جيد من حيث التعليق على التيارات الحركية وأهمية البناء الفكري ومحاولة بث مفهوم جديد للصحوة، لكن به تناقض ونزعة مغالية..
صغير الحجم كبير القيمة فعلا كما قرأت في التعليقات .... لي عودة اليه بلا شك... و ذلك لأني انهيته في ساعة و ما كان لي ان افعل ذلك الا لعلمي اني عائد اليه ... صُدمت بمدي تجرده و تحديه و رفضه لمعظم ما هو سائد و جرأته احيانا ... مختار الغوث لك مني كل الحب ... فكتابك جاءني كقارئ نهم غير متخصص كرسالة من الله او كصفعة من ذاتي انه ان الاوان ليصبح المرء اكثر عمقا و ان كتابك كان ايذانا بدئ مرحلة جديدة في مشواري الثقافي و القرائي .. و ...مختار الغوث اشكرك و اشكر كل من اختار ان يقول الحق رافضا ان يقول ما نفهمه او ما نحب ان نفهمه ❤️