تعكس مجموعة "تردُّدَات" للكاتب مينا ناجي أسئلة ذاتيّة واجتماعيّة عبر تتبعها خيطًا مشتركًا بين قِصَصها السِت، هو حالة 'التردُّد'، التي تظهر في شكل هواجس وتفكير مُفرِط عند أبطالها. هؤلاء الأبطال يمثلون، كما يشير أحد معاني العنوان، 'ترددات' موجيّة مختلفة في محيط إنساني واحد هو مدينة القاهرة المعاصرة، يتشابكون فيه مع ما حولهم عبر قرارات غير اعتياديّة. يعاود مؤلف روايتي "مَدينة الشَمْس" (2020) و"بلا أجنِحة" (2016)، ومجموعة "الجندبُ يَلهو حُرًا في شوارع القاهرة" (2013)، لـ 'يتردَّد' على موضوعات تُشكّل العناصر الأساسيّة في أعماله، مثل موضوع 'الحُب' و'العلاقات الإنسانيّة' و'المعاناة النفسيّة والوجوديّة' و'الأحلام'.
مينا ناجي، كاتب ومترجم مصري، يعمل بشكل حر بمجال الكتابة الثقافيّة والترجمة. حتى الآن، نشر مينا 8 كتب أدبيّة وفكريّة تتنوَّع بين الرواية، والقصّة، والشِعر، والكتابة الإبداعيّة والمقالات، أحدثها كتاب المقالات الفكريَّة "ليس عزاءً، بل ضوءًا: في استلهام فكر وفلسفة سيمون فاي" (2025) عن دار بيت الحكمة، ومجموعته القصصيَّة الثانية "تردُّدات" (2023) عن دار العين. وقد حاز كتابه السردي الإبداعي "33: عن الفَقد والرُهاب" (2021؛ طبعة ثانية 2023)، على منحتين أدبيّتين من مؤسسة "آفاق" و"مفردات"، ودخلت روايته الثانية "مَدينةُ الشَمْس" (2020) القائمة الطويلة لجائزة ساويرس الثقافيّة.
كما صدر له مؤخرًا ترجمة كتاب "عن بلاغة العاميَّة" (2024) للشاعر الإيطالي دانتي أليجييري، الذي كتبه في القرن الثالث عشر ونظَّر فيه للكتابة الأدبيَّة بالعاميَّة الإيطاليَّة، وقبلها قام بترجمة كتاب "ضد الابتزاز المزدوج" (2022) للفيلسوف سلافوي جيجك، وهو مقالات فكريّة-سياسيّة عن أزمة اللاجئين والإرهاب، وقد حاز على جائزة الدولة التشجيعيّة في الترجمة لعام 2022.
بجانب تلك الأعمال،نشر مينا قصّصًا، ونصوصًا شعريّة، ومقالات، ودراسات، وترجمات متنوعة في العديد من الصحف والمجلات والمواقع مثل: "الجمهوريّة"، "الأخبار اللبنانيّة"، "القبس الكويتيّة"، "شباب السفير"، "معهد جُوته"، "نزوى"، "الفيصل"، "معازف"، "أخبار الأدب"، "المنصّة"، "مدينة"، Arablit""، Revue & Corrigée"" وغيرها.
وكتب سيناريوهات لعدد من الأفلام القصيرة، بالإضافة إلى حلقتين عن موضوع الحرب الباردة للبرنامج الشهير "الدحيح". ومنذ نهاية عام 2022، أقام 5 دورات من ورشة الكتابة الإبداعيّة غير الخياليّة تجمع بين الشق النظري والعملي.
خلال عامي 2019/2020، قدَّم مينا البودكاست الأدبي "مع مينا وإسلام" على موقع ختم السلطان، الذي وُصف حينها بأنه أهم بودكاست للأدب العربي. كما أعدّ وقدّم البرنامج الحواري "سوشي بوك ريفيوز" عام 2017 على موقع اليوتيوب، للمراجعة المصوَّرة للكتب واللقاءات، وموسمه الثاني في عام 2021 الذي استضاف فيه الفيلسوف العالمي سلافوي جيجك والفيلسوفة أليكنا زوبانجيج بجانب العديد من الكتّاب والشعراء المصريين والعرب.
يعجبني مينا ناجي و هو يفاخر بلا اعتذاريته كمسيحي وسط المصريين ، ألهمني و هو يتحدث عن يوسف شاهين و يقتدي به كمواطن مسيحي مصري لا اعتذاري . أضحك علي نكاته الكاثوليكية علي فيسبوك . لكن هنا في ترددات يذهب مينا لمنحي فكري و وجدي بأن يجعل نفسه بطلا مسيحيا لقصصه ، يبحث عن وليفة من نفس مذهبه . هناك كم من الإبداع في القصص يجعلك تتوقف كل فترة و تقول عبارات دينية علي سبيل الضحك ، لكنك تقف احتراما قبل كل شيء لهذا المنتج البكر الناضج . أول قراءة لمينا و لن تمون الأخيرة و لن أتأخر في قراءة باقي منتجه . المجموعة كلها أشعر أنها نتيجة افتراق عاطفي ، و الكتابة هنا محاولة للتداوي و رأب الصدع .
بصراحة لم تعجبني المجموعة ،القصة الأولى : المعلومات مباشرة كالتغذية عبر المعلقة "و دست فيها كلمة "زعلانين مني و هي كلمة عامية وسط سرد فصحى ص١١ .القصة الثانية : جيدة نوعا" ما لأن فيها مشاعر مصارحة للراوي المتكلم ، و تتحدث عن المشاعر الإنسانية القصة الثالثة : خارج اهتمامي و شعرت بملل جمة و ذلك بالإضافة للخبطة في الفقرة الأولى بين العامل و الصبي ، لم افهم المقصود آخر ثلاث قصص لم استطع قراءتهم بتمعن لإني كنت قفلت من المجموعة كلها
الأجواء العامة للكتاب وفكرته عجبتني أكتر من قصص الكتاب نفسها.
كحالة المجموعات القصصية، مش كل قصة بتعجبني أو بتكون على ذوقي، لكن عجبني هنا الثيمة المشتركة بين القصص، اللي بتبص غالبا لمشكلات اجتماعية لواحد مسيحي في مجتمعنا وصراعه مع أمور مختلفة زي مثلا إيجاد عروسة.
الأسلوب مكانش على ذوقي في الأغلب بس كان فيه تشبيهات وبعض الجمل اللي علقت معايا. يعني الكتاب مش هيبقى كتاب مفضل لكن هقرأ تاني أكيد للكاتب ده عشان حسيت أني عايزة أجرب أسلوبه في حاجة تانية، لأن حاسة أن كتابته ممكن تبقى على ذوقي فعلا.
- مما أذكره من منهج الفيزياء الكهربية في الثانوية العامة - والتي لم يجعل الله بينها وبيني محبة ولا قبولا- سؤالا كان عن أداة قياس كهربية تدعى الجلفانوميتر "وهي يشتق منها غالبا الأدوات الأخرى وبعض التجارب" وهو ماذا لو سرى تيار متردد " متغير الشدة والاتجاه مثل التيار الكهربي المنزلي غالبا" بسيط على طرفيه؟ والإجابة بسيطة، سيظل المؤشر يردد بسرعة حول الصفر ذهابا وجيئة، بينما إن كان التيار قويا سيقف المؤشر عند الصفر عاجزا عن مواكبة تغير اتجاه التيار ❞لا أريد أن أعرف شيئًا خارج عملي وليلي. فلو قُدِّر لإنسان أن ينظر نظرة شاملة على العالم كله لمدة لحظة واحدة، سيفقد عقله تمامًا. ❝ من قصة موعد ليلي
-والقصد أن تلك القصص باختلاف أفكارها الفلسفية وطرق توظيفها - من تنوع بين التعقيد والبساطة "كقصة موعد ليلي وقصة سير ذاتية" أو الفلسفة مع الطرافة "كقصة الأسطى والصبي" أو سرد للأحوال الاجتماعية التي يغلفها اختلاف العقائد والمذاهب"كقصة ليست كفتاة صغيرة"- تتفق من خلال تفاعل بعض شخصياتها وحبكاتها لرسم صورة مؤشر لجلفانوميتر يترنح من اليمين إلى اليسار والعكس، تردد ليس المقصود منه تقريبا الجمع بين الأشياء ونقيضها لصوغ مفاهيم جديدة تسمو بالإنسان لمقام الحكمة، لا فهي تردد بشري خالص، يخشى -كما الاقتباس- أن يفقد عقله إن علا للحظة، إن هي إلا نظرات مشتتة ضلت طريقها وضلت أساسها فصارت تتقلب بين أوجه المعاني وأضدادها بلا استقرار أو توقف للاعتماد على معنى أمام الآخر، كالإيمان والكفر، أو علاقة الإله وعباده "كما في سفر أيوب في قصة موعد ليلي"، أو المحبة والعدل، أو المودة والعنف "في قصة الأسطى والصبي " ومنه تنعدم منطقية أي شيء حين تراهم، كالزمن لترى حياتهم تضرب بجذورها فيما قبل التاريخ، ومع ذلك بها بقع من المستقبل، والمكان فتختلط في خريطة خاصة "كرحلة بطل موعد ليلي مع أمه"، ببساطة -كما في المسيحية التي كانت مرتكز القصص- تجربة مختلفة وهم أسراها "وهذا يفسر وجود البينج بونج في قصة مصالحة خاسر جيد، وتنس الطاولة في قصة سير ذاتية"
--ذاتية الملف "بين الوجود والاختفاء"
❞ سألتُه كيف يعمل في شيءٍ لا يراه ضحك وقال: إنه يوجد الكثير لا نراه ولكننا نتعامل معه مثل اللـه مثلًا فقلتُ له: إن اللـه أرسل لنا كلمته لكي نتعرَّف عليه فردَّ قائلًا: إن الإنسان أيضًا يبعث بكلامه لكي نرى حياته الداخلية ❝
من قصة سير ذاتية
-ما جعل الصورة "الجلفانوميتر المتأرجح" تتقارب مع قصص المجموعة في نظري، هو وضع الكاتب نقاطا مشتركة بين القصص وبعضها، فتكون صورة تبين الترددات وسرها، يكمن أساسها "أعني الصورة" في شيء ثابت مهما تعددت صوره وطريقة تأثيره بل وتصل أهميته بأن بدونه لا تكتمل أو لا تتكون "كالطفل في قصة سير ذاتية، وكريستين في قصة ليست فتاة صغيرة، و بلاهة الصبي في قصة الأسطى والصبي، وحنان في قصتها"، ورغم ذلك بسيطة خالية من أي تعقيدات أو تحولات مفاجئة، تنتقل من التمسك بالفطرة التي يكون فيها القلب صافيا "كالطفل وكريستين" إلى الشفافية التامة لدرجة الشك في وجودها "كحبيبة بطل قصة مصالحة خاسر جيد "
-وهؤلاء في مقام الجلفانوميتر ذاته، رغم أنه أساس القياسات فتركيبه على ما أذكر بسيط جدا، كذلك شفاف لأننا لا نريده هو ذاته، بل نرى ما بداخل التيار المراد قياسه، كذلك الشخصيات المذكورة وما يعتمل بها ليست في رأيي مجلوبة إلا للنظر في الحياة الداخلية للنفس فكان مفهوما أن ترى انفتاح الأشخاص الأربعة للطفل في سير ذاتية وكشفهم ذواتهم "الشجاعة والقداسة والغفران والمعرفة" التي صنعت نموذج المخلص والتي أدت لشعور الفوز والسعادة، وكان أيضا مقنعا أن ترى كريستين "ليست فتاة صغيرة " مفتتحا لما في الراوي من فلسفات مثل رؤيته لنشيد الإنشاد والبحث فيما خلف المعاني "عن كرم العنب وكَرَم الثمر أو شولوميت واجدة السلام"، وبالمثل أيضا الصبي الذي رغم هامشيته "نكتة عابرة" كان أساس للنظر في فلسفة المبادئ والعلاقات.
- في هذا البيت وفي قول مأثور "كل يبكي على ليلاه" ستجد المفرغ منه في وحدة البكاء والعذاب للمحب أو المجرب، وستجد أيضا أن المحبوب وإن اختلف حاله مصدرا يكشف ذات المحب الهشة، ويبقى المجهول هو البكاء، أو سر سريان الطيف وما ولّد من حيرة تجعل الأرق متلازما معهم، وفي نفس الوقت تكون منبعا للذة في عين المحبوب فيفرض سيطرته على الأغلب "كما في قصة موعد ليلي "
-ومن مستهل القصص فيما قاله القديس أوغسطينوس"لأن الخفيف وزنا يخيفك إن أحصيته" يتكشف أمامنا سر المس البسيط أو حالة السريان، تراه خفيفا وزنه يستطيع العقل فهمه بل ومعايشته، كمناظرة التمسك بالمبادئ وخرقها أو المبادئ والعلاقات نفسها"في قصة الأسطى والصبي "، أو لغز كموت البدين في قصة سير ذاتية، أو عن أزمة الأقليات وتمازج الثقافات "في قصة ليست فتاة صغيرة " وأيضا أزمة المجتمع والجنس، وعلاقة المرء بالمعرفة "التي في رأيي تتشابه مضمونها مع فقرة مقابلة الربة في كتاب البطل بألف وجه لجوزيف كامبيل" في قصة حنان
-ومنه يكمن الخوف، فبساطتها تسحب المرء لعتبات التجربة والتي يتشتت فيها العقل بين أحلامه وبين واقعه وبين ما اعتقده، وبسيرها "أعني تلك القضايا" تجعل العقل كما ذكرنا يتقلب بين المعاني وأضدادها بغير هدى، يتوه في الزحام كأنه وسط تجمع في عيد، لكنه يكفيه بتلك أنه يرى الأشياء على حقيقتها بلا أي انطباعات سابقة، لكن لأ وقعها مؤلم وسط بلادة من حوله"والحب يعترض اللذات بالألم" فيفضل البعض عدم خوض التجربة، ومنه إن سلمنا بذلك سنرى ثنائية بين آسر في عدم انصياعه لشريكته "الأسطى والصبي" والخاسر "مصالحة خاسر جيد " في خوفه من المول، والمتابعة من بعيد "كهي وهو في قصة موعد ليلي " حين يرون المحبين في سيرهم
ملاحظة أولى: قد يتجلى أمامك سؤال، كيف وإن سرى فيهم طاقة كبيرة "كقضية لها وزن" ؟ وهنا الإجابة تراها في ثبات المؤشر كما قلنا سابقا، والتي تعني جمود المرء وتوقفه ظاهريا في مكانه، ولكن داخله حركة مجنونة تتبدل دونما رحمة، وهذا ما وظفته الكاتبة نورا ناجي في رواية سنوات الجري في المكان، فقد مس شخصيات الرواية حلم أكبر منهم، وكذلك الهم، وهم بين هذا وذاك متشتتين بين الواقع والحلم، بين الموت "في قطط ياسمين الميتة" والحياة، ومنه ترى أن شخصيات المجموعة - وإن تشابهت في نظرة الموت أو الظلمة "في مشهد الكلاب الميتة" ومع نظرة الحياة العبثية وجدوى وجود الإله عندهم- مختلفة برؤيتها البشرية العادية التي لم تطمح أبدا- كما قلنا - لنظرة شاملة، فكان الأخذ والرد حول نقطة الصفر
ملاحظة ثانية: يمكن أن ترى في قصة موعد ليلي أن رغم ترددهم فهم مرايا يرى بعضهم الآخر فيها "الجزء الثابت الشفاف" لاختلاف رؤياهم عن البشر وتشابه خطوطهم "وذلك موضح في فكرة الوشم وتنقل قطع السرد بينهم في الليلة الواحدة"
الخلاصة: عمل فلسفي قوي، ربما يسبب إرهاق لقارئه إن أخذ في فهم القصة الواحدة دون النظر للبقية، لأن إمتاعها -كما كان في طرافتها في بعض القصص- يكمن في رؤية نقاطها المشتركة أيضا
أعتقد نقطة القوة في المجموعة هي اتصال القصص ببعضها واللي اتنفذ بشكل قوي جدًا وبسيط عن طريق اللغة (بجانب اتصال القصص في تيماتها النفسية بشكل واضح) وهما توظيف بعض الكلمات العامية والعصرية على مدار المجموعة ووجود بعض العناصر المسيحية في بعض القصص. بالنسبة لي العنصرين كانوا طول الوقت بيأكدوا على "وجود الكاتب" وهو -في رأيي- الرابط الأساسي -واللي بيدي نقطة ارتكاز للتيمات النفسية مهما اختلفت الرواة- بين القصص. في الوقت نفسه في مسافة بين الكاتب والقصص/الرواة، والمسافة هي التيمة النفسية الأبرز، التردد، المشتركة بين كل قصص المجموعة تقريبًا، (الرواة مترددين أكثر منهم فاعلين والراوي العليم في قصة "حنان" هو راوي متفرج دون أن يسبق الشخصيات بخطوة، وكأنه متردد بدوره أنه يكون راوي عليم) فرغم وجود عناصر تأكيد على "وجود الكاتب" إلا أنه في الوقت نفسه وجود ممكن نعتبره شبحي غير أكيد (عكس ما يفعله كونديرا مثلًا) واللي أتاح مساحة -في رأيي- أن القارئ يتواصل مع المجموعة باعتباره على نفس الضفة مع الكاتب. بنشوف تردد الطفل راوي القصة الأولى في تفسير حالته، واللي بيجعل طبيبه يلجأ إلى مساعدته في تفسيرها من خلال قصص الآخرين (نفس اللي بيعمله الكاتب مع ذاته من خلال المجموعة القصصية في الأساس -أو هذا ما أظن-) فكان اختيار ذكي جدًا وضع القصة دي في البداية. تردد الراوي في القصة الثانية في الاعتذار لصديقته، فبيلجأ الكاتب -في حركة ذكية- لتقسيم الاعتذار بين الحوار والمونولوج الداخلي. التردد في توصيف علاقة بتنشأ بين اتنين -والموجود في أكثر من قصة- لكنه متمثل أفضل ما يكون في القصة الأخيرة "موعد ليلي" وهنا الكاتب بيلجأ لراويين، وازاي رغم تلاقي أفكارهم وتصوراتهم في بعض النقاط بنشوف اختلاف استنتاجات كل واحد فيهم عن نفسه وعن الآخروبالتالي اختلاف أفعالهم وشكل العلاقة بالكامل من منظرو كل واحد فيهم. مجموعة قصصية ثقيلة رغم إنها 100 صفحة فقط. نقطة وحيدة أختلف معاها وهي الجملة على الغلاف الخلفي "هؤلاء الأبطال يمثلون كما يشير أحد معاني العنوان ترددات، موجية مختلفة في محيط إنساني واحد هو مدينة القاهرة المعاصرة" والحقيقة كنت شايف إن المحيط الإنسان الواحد هو الكاتب نفسه أكثر من المدينة، بمعنى إني كنت أفضل ظهور ما يمكن أن نسميه "شبح المدينة" في الخلفية أكثر.
على مستوى شخصي بعد قراءة ( عن الفقد و الرهاب ) توطدت قرابة بيني و بين الكاتب و إن كان يرى نفسه أقلية دينية في بلد مسلم فكنتُ ايضا أرى نفسي أقلية مسلمة في بلد مسلم و لا اعرف ماهو إسلامه بالظبط
لقد لامست هنا الكثير من شخصية الكاتب رغم أنها قصص قصيرة المفترض تبتعد عن شخصه إلا لماما لكن وجوده كان طاغي و أفسد علي التمتع بها كقصص فنية أم كتجارب شخصية ارتباك و تردد كالاسم المختار
قرأت لكونديرا وصف لحنينه لجماعته الشيوعية القديمة التي انفصل عنهم و كيف أنه حنين نفسي بحت لا فكري أو عقائدي
أن تنشأ في ظل فئة ما أو جماعة ما حتى لو أقلية بل خاصة لو أقلية ، حين تتركهم و يكون تركك هو الصواب وقتها بل و قد تأخر كثيرا هذا الصواب لكنك لا تنتبه لما سيحدث لك نفسيا بهذا الترك !
حتى و إن كانوا يؤذونك نفسيا و يفسدونك عقليا ( توكسك ) فإن الخروج من مظلة جماعة ما يترك مساحة كبيرة ربما تساوي الفقد و يظهر مزيد من الرهاب ! و هذا هو المحير كما يقول كونديرا
اظن الكاتب مر أو يمر بهذة الانتقالة و هذا الحنين ، و اظنني كذلك
نكون أقلية فنتشبث بأقليتنا ثم نكتشف انها لا تفيد لا في التشبث بها و لا وجودها من الاساس فنتخلى و نهرب بجلدنا فنقع في فقدان لها ، النفس المحيرة تحتاج لهذا الامتلاء الفارغ و لو من جماعة مختلة
القصص كان منها ماهو غير مفهوم بالنسبه لي و منها ما أشعر أنه مر علي من قبل ، الكلب و الازقة و الليل و الفتاة التي تظهر فجأة ،، الأدب الروسي أو الايراني ، لا اتذكر لكن اشعر بعدم الأصالة
( عن الفقد و الرهاب ) كانت مليئة بالصدق و المشاعر و المعلومات و الثقافة و حتى اللغة كانت عالية لا أمل من مدح هذا الكتاب ٣٣ مرة و اكثر
ست قصص تدور حول أفكار كثيرة، ارتكنت على الجانب النفسي وطرحت أسئلة اجتماعية، تناولت موضوعات عديدة، رأيت أن أبرزها كان الحب بأشكاله: اعتمدت قصة "سير ذاتية" على الألاعيب في معالجتها وطرحت جوانب وأسئلة عن النفس البشرية ورغباتها. حملت قصة "مصالحة خاسر جيد" نبرة عتاب عبّر عنه بضمير المخاطب. استعادت قصة "الصبي والأسطى" صراع المرأة والرجل حول السيطرة والانصياع وربطتها بأمثولة. ربطت قصة "ليست فتاة صغيرة" الحب بالجنس والدين ودورهما في تشكيل الانسان في مجتمعنا. طرحت قصة "حنان" أسئلة حول الحب الأمومي والتباس المشاعر. أتت "موعد ليلي" قصة أصوات، تطرح أسئلة وجودية. ومن الأسئلة المطروحة أيضا كانت عن الوحدة، ودورها الكبير في إظهار الهشاشة البشرية، وقد كانت فترة حظر الكورونا حلا عظيما استعمله الكاتب عدة مرات في معالجة ذلك.
أوقات كنت ببقى عارفة ايه الأجزاء الحلوة اللي منغيرها كانت هتبقى كتابة زي الأي كلام الكتير اللي بيتكتب وأوقات مكنتش ببقى قادرة احط ايدي على جزء معين.. بحس انه حاجة غير مرئية
بشكل عام كنت بقرا وغالب عليا الغيرة والحسد.. اللي هو كل ما جملة/فكرة/ احساس يعجبني والاقي نفسي واقفة عنده اتنرفز :))