What do you think?
Rate this book


218 pages, Paperback
First published January 1, 1955
"
(تلك زبدة مفيدة لما يسمى (بالديمنولوجي “Demonology”
أو مباحث الباحثين عن الشيطان في العقيدة الدينية، وفي التعبيرات المجازية في القرن العشرين. فالمتدينون يؤمنون بوجود الشخصية الشيطانية فعلًا، ويحصرونها في أضيق حدودها، ولا يبوئونها من السلطان على النفس البشرية تلك المنزلة التي كانت لها في عقائد الأولين. والمعبرون المجازيون فريقان: فريق يلغي الشخصية الشيطانية البتة، ويحل محلها عوامل الوعي الباطن التي يسميها الغريزة، أو الكبت، أو العقد النفسية، أو علل الشخصية السقيمة وما شاكل هذه الأسماء … وهذا الفريق مسبوق إلى رأيه في جملته دون تفصيله؛ فقد ذهبت هذا المذهب فئة من المعتزلة ترى أن الشيطان هو وساوس النفس، ودوافع الشهوة والطمع والغضب والخديعة، وتستند في رأيها إلى قول النبي عليه السلام: «إن الشيطان ليجري من ابن آدم مجرى الدم في العروق.» وليس هذا التأويل عند جمهرة المحدثين بالتأويل المقبول. والفريق الآخر على رأي هكسلي الذي تقدم ذكره، وهو أن العقل والعلم لا يمنعان وجود الشيطان، كما جاء في الفصل السابع من كتابه عن شياطين لودن؛ حيث يقول: «هل توجد الشياطين؟ وإن كانت توجد؛ فهل كانت حاضرة في جسد الأخت جين وزميلاتها الراهبات؟ فأما المس الشيطاني فلست أرى في القول به سخفًا أصيلًا، ولا أجد شيئًا من التناقض في فكرة ترى إمكان وجود الأرواح غير الإنسانية؛ طيبها وخبيثها، أو لا طيبة ولا خبث فيها، وليس ثمة ما يضطرنا إلى القول بأن المَلَكة الفاهمة ممتنعة فيما عدا أجسام الإنسان والحيوان، وإذا قبلنا الشواهد على الكشف والنظر البعيد — وهي شواهد يكاد القول برفضها أن يتعذر علينا — فلا بد من الإيمان بعوامل مُفكِّرة مستقلة على الأغلب الأعم عن المكان والزمان والمادة.» وهذه هي زبدة «الديمنولوجي» في صفحتها الأخيرة من آراء المتدينين والمفكرين في القرن العشرين.
"