في كتابه الجديد «الجسد والحداثة: الطب والقانون في مصر الحديثة» يواصل خالد فهمي تدعيم وتأكيد أطروحاته عن الحداثة وعن تحديث مصر في القرن التاسع عشر، مؤلفًا من فصول ودراسات كتبها عن تطور الطب بمعناه الحديث، وعن تطور النظام القانوني الجديد، غير المستوحي من الشريعة الإسلامية، مؤلفًا منها جميعًا رؤيته للتاريخ الاجتماعي للطب والقانون.. وقد تبدو هذه الفصول، للوهلة الأولي وكأنها تتناول موضوعين منفصلين، بحكم تناولها لثنائية المعرفة والسلطة، غير أن القراءة الواعية والمتعمقة تثبت الترابط العضوي والمنهجي للجانبين معًا، فضلاً عن ارتباطهما بمفهوم التحديث والحداثة والجسد، وارتباط المعرفة الطبية والمعرفة القانونية بآليات وممارسات السلطة الحديثة.
وكعادته، لا يحفل خالد فهمي بتاريخ الحكام أو الصفوة، وإنما بتاريخ الناس العاديين، فيري أن المدخل الذي يعالج به موضوعه ليس هو المدخل «المألوف» ذلك الذي يعني بكتابات النخبة أو الصفوة المشتغلة بالطب أو القانون، وإنما جاء مدخله الجديد دراسة لموقف عامة المصريين، أو الأهالي، ممن تأثرت أجسادهم بالتغيرات المستحدثة، وكانت مادة لها، مبررًا ذلك بأن هذا المدخل يتناول «المسكوت عنه» في كتابات المؤرخين المعاصرين للفترة أو اللاحقين لها.
A specialist in the social and cultural history of nineteenth-century Egypt, Khaled Fahmy teaches modern Middle eastern and North African history at Tufts University.
رحلتي مع هذا الكتاب بدأت مبكراً منذ أكثر من عام عندما شرعت في قراءة "كل رجال الباشا" وهو الكتاب الأشهر لنفس الكاتب الدكتور خالد فهمى، وقتها كنت قد اتخذت القرار بقراءة هذا الكتاب الذي يعد جزء من سلسلة تحدي بها الدكتور خالد الرواية الرسمية للتاريخ المصري في القرن التاسع عشر وكيف تم التضخيم لأعمال والحط من أخري في مقابل تدعيم خطاب السلطة التي مارست احتكار واسع لكتابة التاريخ من وجهة نظر النخبة الحاكمة.
يبتعد الكتاب هنا عن تأريخ الأحداث بناءاً علي الرواية المعتادة بل يقدم لنا من خلال الغوص بين المئات من سجلات الدولة الناشئة البيروقراطية الحياة اليومية والتقارير التي توضح رد فعل الناس وكيفية تعاملهم مع المؤسسات الجديدة التي أدخلها النظام الحاكم ليمارس من خلالها ضبط وسيطرة أكبر علي حياة الناس.
هنا يتحدث الكتاب عن الأسباب المحتملة لظهور مؤسسة الطب الحديثة في مصر او بمعني أدق بداية المنظومة الصحية البيروقراطية وكيف أنها في البداية كانت ضرورة لتلبية طموحات محمد علي العسكرية والسياسية وكيف أن تدهور الأحوال الصحية كثيراً ما أثر عليه مما جعل هذا التطور ضرورة مارس من خلالها أكبر تحكم في حياة الناس وأجسادهم وهذا ما لاقي العديد من صور المقاومة المختلفة التي مع زيادة تعقيد هذا التدخل بفرض المزيد من القوانين وظهور الطب السياسي "الطب الشرعي" وتغير النظام القضائي والتحول من نظام قضائي يعتمد بشكل كامل علي الشريعة الي نظام مزدوج يدخل الدولة كصاحبة حق ومالكة لمواطنيها في ارهاصات اولي لمشروع حداثي لم يكن بسبب انتشار أفكار الحداثة بقدر ما هو استبداد ورغبة في المزيد من السيطرة من خلال البيروقراطية أدي الي تغير الأحوال وبدأ الناس يدركون أن بامكانهم استغلال النظام القانوني الجديد لتحقيق العدالة - وهو ما لم يكن يحدث دائماً بالطبع-
باختصار يتحدث الكتاب ويؤرخ للأحداث من وجهة نظر أفراد الشعب ناقدا التاريخ الذي احتكرته دراسات استشراقية ودراسات للمنتمين للمدرسة الوطنية أهملت الكثير من الرؤي النقدية في مقابل محاولة إبراز هوية وطنية مصرية حديثة مصطنعة تمثلت في رؤية محمد علي كالمصلح الاجتماعي والسياسي الكبير الذي لم يفهمه شعبه ورغم ذلك قاد مصر والشعب وأسس مصر الحديثة كما يؤرخ له الأن في الرواية السائدة
يكتب خالد فهمي في التاريخ ليقدم صورة أقرب للحقيقة عن الرواية التقليدية للتاريخ، ففي هذا الكتاب الذي يناقش تاريخ المؤسسة الطبية والمؤسسة القضائية في مصر في النصف الأول من القرن التاسع عشر، لا يبحث خالد فهمي في كتب ومؤلفات سابقة إنما يبحث في مصادر أقرب للحدث نفسه لا لروايته، تقوم المادة الأساسية للكتاب على محاضر التحقيق الجنائية المحفوظة بدار الوثائق بالقاهرة، وكذلك المراسلات الرسمية بين الهيئات الحكومية المختلفة، التي توضح بشكل مباشر ملابسات وتفاصيل بعض القضايا فينطلق منها لتسليط الضوء على علاقة أهل البلاد بهذه المؤسسات الحديثة عليهم. فكل الكتب السابقة تحدثت عن المؤسسات من وجهة نظر القائمين على هذه المؤسسات أنفسهم، ولم يصل أحد من قبل لهذا القرب من التناول المباشر لأهل البلاد معها، هل تعاملوا معها ورحبوا بها أم اهملوها وهربوا مما اعتبروه تدخلا سافرا في تفاصيل حياتهم.
ينتهي الكتاب بتقديم صورة أخرى غير الصورة التاريخية التقليدية، فعلى غير ما تقدم المؤلفات التاريخية عن تطور النظام القضائي في مصر، كدراسة لطيفة سالم الشهيرة، يقدم خالد فهمي الدلائل على وجود نظام قضائي له أحكام نافذة وحساسة وعادلة كما في قضية أوردها كان المتورط فيها من علية القوم وقريب من الطبقة الحاكمة. كذلك يحلل خالد فهمي أسباب الكف عن العقوبات البدنية ضد المذنبين، واستبدالها بالحبس وتقييد الحرية، وكذلك حملات التطعيم والإشراف على عمليات الولادة المتعثرة، ودفن جثث الموتى بأماكن مخصصة، فيزعم أنها لم تكن انتصارا لحقوق الإنسان كما كانت تنادي أوروبا، وإنما كانت لتحقيق الإستفادة القصوى من "الانفار" بإدخالهم في منظومة الدولة الحديثة حيث يسهل ترشيدهم ومن ثم الاتكاء عليهم في عملية إنشاء مؤسسات قوية في الدولة. فكمثال بسيط تم استبدال إعدام الجندي الهارب من الخدمة العسكرية أو إيذائه بدنيا مما يفقد الجيش قوة عدده، بحبسه حبسا مشددا ليرتدع ويكون عبرة ولا يفقده كنفر عامل في الجيش.
بنفس الفكرة ونفس أسلوب التحقيق التاريخي كتب خالد فهمي كتابه الأشهر كل رجال الباشا، وهذا الكتاب بجانبه لتقديم رواية مغايرة للتاريخ.
كالعادة فإن المؤرخ الدكتور خالد فهمي يهتم بالتأريخ للمهمشين أو الأنفار على حد تعبيره ، فطريقة التأريخ من أسفل والتي اتبعها سابقاً في كتابه المهم " كل رجال الباشا" يعيدها مرة أخرى في هذا الكتاب الرائع "الجسد والحداثة : دراسات عن الطب والقانون في مصر الحديثة " ؛ من أجل تأكيد أطروحاته عن الحداثة وعن تحديث مصر في القرن التاسع عشر ، من خلال تقديم زوايا جديدة " لتاريخ مختلف" للقرن التاسع عشر أو ما يسمى بعصر النهضة الأول ، وهو في ذلك اعتمد على مادة وثائقية من دار الوثائق القومية مثل ديوان المعية السنية وديوان خديوى وديوان كتخدا وديون جهادية شورى الأطبا ومئات الوثائق الأخرى المدفونة في دار الكتب والوثائق القومية .
يعالج هذا الكتاب قضية " الطب " و" القانون" في مصر الحديثة محاولاً تفكيك الرؤية الرسمية التي قدمتها السلطة الحاكمة أو ممن تأثروا برؤيتهم عند صياغتهم لذلك التاريخ ، فهو يحاول من خلال الوثائق أن يتلمس موقف "عامة الناس" أو " الأهالى" أو " الأنفار" مما كان يشهده مجتمعهم من تغيرات كبيرة ، بل ومما كانت تتعرض له أجسادهم من انتهاكات لخصوصياتها على أيدي الدولة الحديثة .
هناك نظرة إدانة مستمرة من خالد فهمي لمحمد على وعصره ، فبرغم اعترافه بوجود انجازات حقيقية إلا أنه يؤصِّل في هذا الكتاب لحقيقة دائماً ما يذكرها صراحة أو يضمنها بين طيات السطور ؛أن هذه الانجازات كان هدفها الأساس هو تدعيم سلطة محمد على وبقاءه على عرش مصر أكثر من كونها انجازات كانت ترمي إلى النهضة الفعلية بمصر ، سواء كانت هذه الانجازات في ( الطب والقانون) كما في هذا الكتاب أو في المؤسسة العسكرية كما في كتابه السابق كل رجال الباشا .
كما قدم خالد فهمي في كتابه السابق موقف الأنفار من التجنيد الإجباري الذي اتبعه محمد على ، فهو هنا يلقي الضوء على موقف الأنفار من المؤسسات أو القوانين الحداثية ، فالبرغم من الرؤية الرسمية الدعائية حول الانجازات الطبية التي أحدثها محمد على في مصر إلا أن مؤرخنا هنا يرصد من خلال الوثائق عزوف المصريين عن الذهاب لمستشفى القصر العيني وتفضيل الحلاقين عليهم ، ثم هو يبحث عن أسباب هذا العزوف ليقف على الحالة المتردية للقصر العيني التي تراوحت بين -على حد تعبير الوثائق – الوساخة النتنة والقذارة إلى الافتقار للاعتمادات المالية وإلى المنافسة الداخلية بين الحكماء والطلبة .
يلقي مؤرخنا الضوء على الطب الشرعي – كان يُعرف بالطب السياسي- وعلاقته بنظام القضاء المصري الحديث ، وكيف تعامل الأنفار مع هذه التطورات الجديدة ، فقد كان بموجب كل من الطب والقانون الجسم مفتوحاً لنظرة الطب السياسي الثاقبة الذي كان له بالغ الأثر في الكشف عن قضايا كثيرة كحوادث اغتصاب الأطفال [ كحادثة اغتصاب أحمد حسان للطفلة عائشة ] ، أو حوادث القتل [ كالحادثة المأساوية للسيدة محبوبة زوجة على جاد الله التي ضربها شيخ الحصة الشعراوي حتى ماتت] وحوادث إسقاط الحوامل .
بالنهاية كان الأنفار يدركون أهمية التقارير الطبية بما في ذلك تقارير التشريح في استخدام النظام القضائي لمصلحتهم ، ويُلفت الكتاب الانتباه إلى هذه الأشياء وإن نفعت المصريين عرضاً فإنها بالأساس أنشأها الباشا لخدمة المؤسسة العسكرية التي كان يعاني أفرادها من أمراض الزهري بسبب الممارسات الجنسية مع المومسات ، بل إن انزعاج كلوت بك – المسئول عن الحالة الصحية في مصر- قد بلغ مداه حين بلغه الانتشار الكبير للزهري بين طلبة المدارس العسكرية في القاهرة ، ومن هنا يوضح خالد فهمي أن السبب المباشر لإنشاء مدرسة القابلات لم يكن مشروع تنويري لتعليم النساء بل كان غرضه الأساس الحفاظ على صحة الجنود في الجيش المهددة بسبب ارتمائهم في أحضان المومسات .
أهمية هذا الكتاب من وجهة نظري في كونه يوضح بصورة أو بأخرى ضرورة التعامل مع الخطاب القومي للتاريخ المصري بنظرة نقدية باعتباره خطاباً يهتم في المقام الأول بتقديم الرؤية الرسمية للحكام ، الكتاب جيد جداً وأنصح بقراءته لكل مهتم بمعرفة الصورة الحقيقية للتاريخ الاجتماعي لمصر في مطلع القرن التاسع عشر .
يتحدث الكتاب كما يوحي عنوانه الفرعي عن الطب والقانون ونشأتهما في مصر الحديثة، أو المنعطف الحداثي الذي اتخذته الدولة المصرية والقطيعة "المزعومة" مع العصور الوسطى. يتناول خالد فهمي هذين الجانبين من مصر الحديثة مستخدمًا المنهج التاريخي للفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو، مفككًا الرواية التاريخية التقليدية عن محمد علي رائد الحداثة في مصر، الذي انتشل مصر من الجهل وظلمات العصر الإسلامي العثماني إلى الحداثة الأوروبية، يشدد خالد فهمي أن هذا التحديث لم يكن إلا تعزيزًا لسلطة محمد علي على الدولة والمواطنين، مغلفًا بنبرة التنوير واستحداث العلم الغربي لكشف ظلمة الجهل عن مصر. فالطب مثلًا لم يُستحدث إلا بغرض السيطرة على أجساد المواطنين، والطب الشرعي كان عاملًا أساسيًا في الفصل في القضايا الجنائية. ولكن هذا لم يكن بالقطيعة مع الشريعة الإسلامية والفقه الإسلامي الذي اعتمدت ع��يه الدولة المصرية قبل محمد علي، بل كان الحديث دائمًا أن الحداثة لا تتعارض مع الشريعة، إذ كانت الشريعة وأحكامها صعبة المنال والتطبيق لإثبات التهم عقبة أمام فرض محمد علي لسطته على المواطنين، على عكس عمليات العلمنة الصريحة التي حدثت في تركيا مثلًا. يلفت النظر أن مصر في تلك الفترة كانت فريسة تقع تحت فك العديد من القوى المتطاحنة، منها سلطة الخلافة العثمانية وسلطة الاستعمار البريطاني والفرنسي والسلطة الناشئة للبيروقراطية المصرية التي نثر بذروها محمد علي، وسلطة الأطباء المدهشة التي تناولها خالد فهمي في الكتاب، التي لم يستطيع محمد علي نفسه مقاومتها بعد أن أنشأها أساسًا لكي تخدم على جيشه الناشئ وتعالج جنوده فيحقق مطامحه الاستعمارية. يلفت النظر أيضًا القدرة المذهلة على المقاومة التي اتسم بها المصريون من العبيد في ذلك العصر، ولجوئهم للشرطة الحديثة والأطباء وغيرهم من السلطات البيروقراطية الناشئة في الدولة، واستقلال تلك السلطات عن بعضها نسبيًا، ما يوحي بتخلف الأوضاع حاليًا عنها سابقًا. يعتمد الكتاب على وثائق شديدة الأهمية عن التاريخ المصري منذ عهد محمد علي، مقدمًا رؤية بديلة في هذا الحقل عن التاريخ وتبصرات مهمة لفهم الأوضاع المصرية قديمًا، ولمحة لبدء تحليل الأوضاع المصرية المعاصرة.
القراءة الثانية لكتب خالد فهمي البداية بكتابه القيم (كل رجال الباشا ) ومن خلاله تعرفت على مؤلفه الثاني ( الجسد والحداثة) دراستان تعتمدان على مدرسة التابع أي دراسه آثار السلطة على المحكومين وكيف تعاملوا مع الإصلاحات وكتابه تاريخ يختلف عن الروايات الرسمية
يظل خالد فهمي متتبعا آثار محمد علي ولكن على العكس في هذا الكتاب ففي كتابه الأول. أثر الجيش ولكن هذه المرة يقدم مؤسسة أيضا أسست صوره خيالية للباشا. مؤسسة الطب
دراسه نقدية لمؤسسات الطب التي اعتمد عليها محمد علي كالجيش في فرضها وأنها ظلت تتبع حياتهم سواء أهم على قيد الحياه أو هم اموات من خلال الطب السياسي ( الطب الشرعي)
تناول أيضا دراسه عن القانون وتطوره من بدايه محمد علي إلى عصر خلفاؤه وكيف تعامل الانفار مع تلك الإصلاحات
والنتيجه المستنتجه أن والانفار والمحكومين لم يكونوا ضد التحديث أو التنوير المزعوم ولكنهم قاوموه من خلال نفس التحديثات.التي استخدمها الباشا أنها ستطبق كاملة
مع قراءه كتابات خالد فهمي يلزم قراءه كتاب (استعمار مصر) والبحث عن أفكار فوكو ومدرسة التابع
الكتاب عبارة عن فصول نشرت متفرقة، بالعربية والانجليزية، يعيد خالد فهمي من خلالها قراءة أجزاء من تاريخي الطب و القانون في مصر، خلال النصف الاول من القرن التاسع عشر
علمنى ان للتاريخ راويتان احداهما للقادة وتلك التى حفظنها عن ظهر قلب فى المدرسة واخرى للانفار كما يسميهم وتلك التى يقتفى اثارها فى كتبه ايضا علمنى انالدولة الحديثة هى دولة الوصاية وان كل تفعله هدفه السيطرةوالوصاية حتى علي ابسط وادق تفاصيل حياتنا ان الله يقبض العلم بقبض ارواح العلمااءوانت من هؤلاء العلماء
كتاب اكاديمي مهم وممتع، الحرص البالغ على الموضوعية والموسوعية في شرح تدرج مفهوم الطب الحديث في الثقافة الشعبية والنظام العام بجانب تدرج مفهوم القانون وإعادة صياغة أحكام الشريعة إلى قوانين بالتعبير الحديث.. تدرج مهم وهادي وأعتقد الكتابات العربية تفتقر لكتابات شبيهة في مساحات كتير
د.خالد فهمي لا يتوقف عن أبرهنا في كل كتاب من كُتبه فبعد كل رجال الباشا يأتي هذا الكتاب ليُلقي الضوء على أهم أنجازات مُحمد علي و أكبرها و ضخمه بعد الجيش و هي المؤسس الطبية و القصر العيني فدكتور يركز على أن الدوافع الحقيقة التي دفعت الباشا لهذه التطويرات ليست من باب رفاهية النفر بقدر أنه كان ينظر إليهم نظرة الراعي للماشية و كيفت تحقيق أكبر قدر من النفعية منهم لذلك كان التطوير بقدر المنفعه فالباشا كان يريد أن يُأسس مُلكاً لعائلته فكان لا بُد أن يؤسس جيشاً لهذه المهمة و لا بُد أن يكون الجيش مُتمعاً بصحة جيدة لذلك إنشاء المشفي بأبو زعبل
تتفخر الكتابات القومية بمدى محورية هذا القرار في تاريخ مصر و هو كذلك فعلاً فيما بعد و لكنهم أخذوا يقولون كيف أنه قُبل بالترحاب من الأنفار و كيف كان المصري يتحسس الطريق لهذا الصرح العظيم مُنذ قرون من الجهل العُثماني و لكن الحقيقة عكس ذلك فالأنفار كانوا يفرون منه كفرارهم من موت و يخافون دخوله إلا في أشد الحالات سوءً و حينما لا يكون هُنالك خياراً أخر و لكن هذا لايعني أن الطب الحداثي كان مكروه بالكلية كما قولنا فتجد الطب السياسي أو المعروف حالياً بالشرعي كان عليه أقبلاً ملحوظ من المصريين وقد يكون هذا راجعاً لنُقطة المصلحة التي كان الموطن يحصل عليه منهم تدعيماً لحقه في قضيةً ما فالطب السياسي كان جهازاً تحقيقاً دقيقاً سريعاً في أخرج النتائج بجوده عاليه و كانت النتائج التي يتم التحصل عليه منه مُستند مُهم في كثير من القضية
يتطرق الكاتب إلي المرأة و مدرسة القابلات و نقد تخريفه أخري للكتابات القومية أيضاً في هذا الباب فتجد أن ما فعل هذا الأمر إلا أنه أرد أن يتخلص و يتحكم في المرأة فبعد تفكك الأسر على يديه بعد أخذ الذكور قصراً و أحلقهم بالجيش أصبح الكثير من البيوت لا تملك كفيلاً له فبالتالي بداء أعداد المومسات في الزيادة بشكل لا يُطاق و هذا ا العدد الضخم كان موجداً لتكفل بسد حاجة جُند الباشا الأمر الذي سيؤدي في نهاية الأمر إلي أنتشار مرض الزهري بين الجُند بصورة أشبه بالوباء و هو الذي سيُجن له كلوت بك بسببه و سيطلب من الباشا التدخل ليحمي جُنده حتي لا يخسر مُلكه فقام الاخير بنفي الكثير من الباغية إلى الصعيد حتي يتخلص منهم و من وجدهم في العاصمة و قام بعد ذلك بأنشاء مدرسة القابلات حتي يتمكن من مُرقبة هذا الجنس الناعم و بسط نُفوذه عليه حتي لا تخرج الأمور عن السيطرة و لا يتزيد عددهم مره أخري
الشق الثاني الكتاب يتكلم عن طبيعة القانون في دولة الباشا فكما أنه ذكر أهم أنجازاته ذكر أيضاً أسوء أنجازاته و هي القانون فالباشا يكمن أن يكون أساس أول مطبعة أول مشفي أول جيش نظامي و هو الأب الروحي لمصر"الحديثة" لكنه نسي أهم نقطة تُقام على أساسه الدول و هي العدل و القانون لقد كانت آثار محمد علي على القانون كارثية بطريقة لم يُفلح معه أي ترقيع لمُقاولان الكتبة التاريخة على النمط القومي التمجيد للباشا المؤسس افالباشا بعدما سحق المماليك ثم الوهابية ثم السودانيون ثم المصريون ثم الشوام ثم العُتمانيون من أجل و صوله للعرش ويُستدب الأمر له و جد نفسه أنه سحق أي خطوط تُميز بين السلطات الثلاثة التشريعة و القضائية و التنفذية فأصبحت دولته هي دولة الرجل الواحد فكانت العقوبات لا تقوم على مبادئ أقمت العدل في أرض المحروسة بقدر أنه تقوم على مبادئ يغلب عليه التحكمية و السادية في التعامل مع أي مُخالف للأمر لذلك لا نستعجب كيف أنهار الحل بعده سريعاً و كيف أنه حينما خلفه على العرش ولاه ضعفاء الشخصية كانت النتيجة هو تدهور سريع فدولة مُحمد علي لتُعمر كثيراً فلقد أستمرات 147 سنه فقط و انتهت وهذا هو متوسط عمر الدول التي تُقام بهذا الشكل كام هو في أسبرطة و دولة المغول وهنا ننوه لنقطة فدولة عاهله السُلطان أستمرات أكثر من 600 عام لماذا لأن القانوني رحمه الله حينما حكم الدولة العُثمانية قعد القواعد وسن القوانين و فصل بين السُلطات ووضع أساساً قوياً يجعل الدولة تسمر من بعده فبعدما مات دخلت الدولة في فترة سلطنة الحريم و هي مرحلة كان القصر العُثماني فيه في حالة أضطراب شديدة و خلف على العرش سلاطين يغلب عليه الضعف حاشا أحمد الأول و مراد الرابع و قد نلحق بهم تورعاً مُحمد الثالث فبعد موت القانوني أستمرات الدولة في التوسع و الكبر لأكثر من 150 سنة و حتي بعد ما ترجعت قوته ظلت250 سنه أخري هذه مُدة تفوق عمر دولة الباشا فبرغم ضعف السُلطان كان هُنالك طبقه من الباشوات و رجال الدولة الذين يقومون على تدعيم أركان الدولة و الحفاظ على أستقرارها مثل آل صوقولو وهذه هي أهم نُقطه فكلما آتي أحد أبناءه ألغاء ما فعله سابقه و بدأ في توجية الدولة لطريق أخري حتي أنهارات الدولة في النهاية و سقطة في قبضة ال��حتلال بعد موته بـ 33 سنة
ختماً هذا الكتاب رائع جداً لقد أستمعت و أنا أقراء القصص عن المُهامشين و الطبقة العامة كأني أسمع أصواتهم و شكواهم و أعيش ما يمرون به و هذا شئ رائع أن تسمع وتري مايحك خلف الكوليس
كتاب الجسد والحداثة ينقسم الى 5 فصول 1-تاريخ أجتماعى للطب فى القرن 19 2-الطب الشرعى والقانون الجنائى 3-النساء والطب والسلطة 4-العدالة والقانون والدولة الحديثة 5-العدالة والقانون والألم فى مصر الخديوية
فى الفصل الأول يعرض "خالد فهمى" تاريخ تغلغل الطب الحديث والسلطة الحديثة فى نسيج المجتمع المصر فى القرن التاسع عشر فعند قدوم "كلوت بك " وأقتناع محمد على بفكرته ليتم انشاء اسبتالية القصر العينى التى نتج عنها تغير مفهوم الطب و ظهور تعرفيات جديدة للمرض غير ما كان متعارفا عليها هند العامة فالمرض ليس كشئ يغزو الجسم بل خاصية متأصلة فى الجسم نفسه و له فردانية وهى من أهم الخصائص التى تميز الطب الحديث عن غيره من أنظمة سبقته و مع تسلح الطبيب بالباثالوجيا و الطب التشريحى و ظهور الأختراعات الطبية كالسماعة الطبية أنقلبت السلطة التى كانت فى حوزة الى المربض فى علاقتة مع الطبيب متجهة نحو الأخيرالذى كان بمقدوره الان أسكات المريض فلم يعد الجسم كتابا مغلقا كما كان من قبل كانت كل التحولات التى شهدها الطب فى مصر جزء من تغيرات أقتصادية وسياسية شهدها المجتمع المصرى فلقد أصبحت الدولة أكثر فاعلية وتطفلا أكثر من أى وقت على حياة وجسد المواطن، فالرفاهية وصحة السكان التى كانت تعتبر هدفا واضحا للدولة فى منتصف القرن التاسع عشر لم تقم بالأساس الى على خدمة مشروع الباشا فى تقوية الجيش و علاجة من الأمراض التى لحقت به فى تللك الفترة ومحاولة لأقناع سفراء الدول الأوروبية بمدى التقدم و التنويرالجارى فى مصر للموافقة على فكرة الأستقلال عن الدولة العثمانية وهذا ما يحيلنا الى "خطاب السلطة وخطاب المقاومة" الصورة التقليدية التى أرتبطت بالمؤسسة الطبية التى كانت تعتمد على كتابات "كلوت بك" بأن تلك المؤسسة أعدت بعناية فائقة و العاملين فيها لا يدخرون الجهد للعناية بصحة الأهالى ورعايتهم، فكيف لنا أن نجد الطرف الأخر وهو "المريض" يرفض الذهاب الى "القصر العينى" و يبغض تلك المؤسسة و لا يذهب أليها ألا فى الحالات الخطرة، لماذا أذا يوجد هذا التضارب بين الخطابين؟ الاجابة تكمن فى عدم وجود استقلالية مادية وأدارية لتلك المؤسسة الطبية فهى مجرد قلم داخل "ديوان الجهادية" وهذا ما يتضح من المكاتبات الكثيرة بين كلوت بك وتلك المؤسسات التى كان يطالب بضرورة التدخل لأحداث أصلاحات فى المؤسسة التى أعتراها على مدار سنوات كثيرة أهمال و أفتقارها للموارد المالية الأمر الذى نتج عن أنتشار الأوبئة والأمراض كمرض التيفوس عام 1864و ألحق بالمستشفى سمعة سيئة وشكلت صورة ذهنية سلبية لدى المواطن ففى النهاية لم يقتصر الطب الحديث الذى كان يدرس فى القصر العينى وحده فقط وأنما تعداه ليشمل ويؤثر فى المجتمع المصرى من مختلف الجوانب الذى كان يشهد صراعات ما بين الاتراك المصاحبين عند مجيئ محمد على الى مصر " الطبقة الأرستقراطية التركية" و بين صعود البيروقراطية الحديثة المتمثلة هنا فى شخص الأطباء التى كانت ترتفع مكانتهم و بين الشعب.
فى الفصل الثانى يستعرض "فهمى" مدى تأثير الطب السياسى "الشرعى" فى النظام القضائى فلقد أرتبط القانون بالطب بصلة وثيقة فالمواد العلمية التى كانوا يتلقونها فى المدارس الطبية خولتهم لأبداء النصائح العلمية للقضاة و الحكام المعنين بشأن الجرائم و يدرج فهمى هنا قضيتان تثبتان كيف أصبح الطب السياسى معترفا به وأصبح أداة تعتمد عليها الشرطة فىاجراء تحقيقات متزايدة الدقة وعلم التشريح هنا هى وسيلة من وسائل الدولة الحديثة التى كانت لا تتعارض مع الشريعة أستخدمتها الدولة للتدخل فى الحياة الخاصة لمواطنيها وتملك الجسم البشرى لتنفيذ أغراضهاالخديوى بيى فى هذا انه يبعد أكثر عن سلطة السلطان العثمانى والأطباء ينظروا أليها كوسيلة تمكنهم من تحسين مركزهم فى المجتمع، أما الأنفار فكانواي يلجأون أليه لما ارتأوا فيه من مصلحة و هذا ما أورده خالد فهمى فى العديد من الوقائع. يتبين لنا فى هذا الفصل كيف تمكنت الدولة من السيطرة على حياة المواطنين من المهد الى اللحد
فى الفصل الثالث وهو فصل شديد الأهمية نتطرق الى علاقة النساء بالطب والسلطة، فالجدرى الذى كان يعتبر أكثر تدميرا لأحلام محمد على و أيضا مرض الزهرى وعلاقة بسياسة محمد على فى التجنيد كانت الدافع لأنشاء مدرسة القابلات فلم يكن الغرض مشروع تنويرى يهدف الى تعليم النساء كما صور المستشرقين لمحاولة محمد على لتحرير المأة والكلام الجميل ده فنجد عزوف النساء عن الدخول فى تلك المدرسة و نرى مدى قلة أعداد البنات الملتحقات بها والذى كان دائما يقل عن الرقم المطلوب مدة التعلم فى تلك المدرسة كانت 6 سنوات تشمل سنتين لمحو الأمية و تشرع البنت فى تعلم تضميد الجروح،التشريط، الكى، تحضير الأدوية الشائعة و الولادة. قصة الدايات و كيفية أدارة الدولة هنا وربطها بالحكيمات هنا وكيف التصرف كانت مفيدة ونفس الأمر فى أستعراض الصراع ولو بشكل مش مستفيض فى الصراع ما بين المنتمنين للمؤسسة الدينية فى فكرة تشريح الموتى و تعطيل الدفن من قبل الحكيمات فى النهاية النساء لم يتحسن وضعهم فى هذا النظام الهرمى فقد كانوا يشغلون أدنى المراكز فى هذا الفضل أيضا بداية ظهور فكرة حق المجتمع حتى وان تنازل صاحب الحق عن حقه كما كان يحدث قبل مجي محمد على. فصل شديد الأهمية جدا كما أوردت سابقا.
فى الفصل الرابع العدالة والقانون فى الدولة الحديثة قضية العبد "سلطان" العامل فى دايرة ألهامى باشا نجد مقارنة لموقف مجلس الاحكام و موقف سعيد باشا فعلى الرغم من وجود نواقص كثيرة أعترت النظام القضائى قبل أنشاء المحاكم العرفية والمختلطة وعدم أستقلالية القضاء ألا انه يوجد أستشهاد مخل يغفل طريقة عمل هذا النظام القضائى عن الطريق الكاتب القانونين القدامى وهو ما أدى ب"فهمى" للتعرف على مفهوم العدالة فى ذلك النظام والوقوف على تلك العلاقة التى تربط القانون و مفهوم العدالة فى ذلك الوقت وهو ما نجده هنا فى تلك القضية، فالظام القضائى كان يعمل بمحاذاة بل ومكملا للشريعة ومبادئ الفقه أهمية تلك القضية ما تم فى أواخر أيام سعيد من أنتصار لصالح البيروقراطية الصاعدة وأصدار سعيد للائحة للأستعاضة عن عقوبة الضرب بالسجن و وأمر مركزية حاولت أن توحد العقوبة وتساوى بين المتهمبن.
فى الفصل الأخير أنتقاد فهمى للادعاءات الجائرة والتسمة بالمركزية الأوروبية الموجهة للنظام القانونى فى مصر من خلال كتابات لطيفة سالم وأحمد زغلول ويدرس لائحة أستبدال عقوبة الضرب بالسجن ويطرح السؤأل كما تساءل طلال أسد من قبل لماذا اعتبر التعذيب فجأة فى أوروبا مخزيا؟ فعند التنويرين الألم غير قابل للقياس و نجد أن ظهور وسائل أخرى للأثبات كانت وراء التخلى عنه وأحلال محله " الطب السياسى" جزئية المزاوجة بين الشريعة والساسة ومحاولة الأخيرة فى الالتفاف عليها بسبب الأجراءات الصارمة للشريعة لادانة المعى علية شديدة الأهمية وهدم فكرة ان الحداثة جت هدمت الشريعة وياريت فئة معينة تفهم معنى الكلام ولو أنى أشك.
فى النهاية الكتاب ده شديد الأهمية ولم ينل حظه من التقدير والأهتمام اللازم وبعتذر عن الإطالة.
أنا بحب الكتب الأكاديمية عمومًا، ودا من أجمل الأمثلة عليها. أكثر ما لفت نظري هو رد فعل الأنفار، مش زي أنفار اليومين دول رافضي التشريح والطب الشرعي بكبره، مع إن الجهل كان سائد في العصور دي أكتر من وقتنا الحالي.
لابد من الإشارة أولا إلي الكنز الدفين القابع في دار الوثائق المصرية، عن خطابات و عرضحالات و برقيات و رسائل البيروقراطية المصرية في القرن التاسع عشر، و الذي لم تتعهده أيادي كافية بالبحث و التنقيب حتي الآن.
من هذه الوثائق -و علي شاكلة كتابه الأول، كل رجال الباشا- يحاول خالد فهمي العودة إلي ملاحظات تركها علي هامش كتاب رجال الباشا، الأولي هي إدخال خطابات الطب الحديث الممثل في قصر العيني، تلك المدرسة المبنية علي هامش جيش محمد علي لخدمته، و الملاحظة الثّانية عن تطوّر الأنظمة القضائية.
أهم الفصول كانت تلك المتحدّثة عن القابلات و وضعهم في الهيكل التنظيمي الجديد للمؤسسة الطبية، و كذلك نقاط تماس الشريعة مع الخطابات المستحدثة. ربما هذا الكتاب طُبخ علي عجل و بإحالات كانت تحتاج للتوسع قليلا -بخلاف كل رجال الباشا- لكنه يستحق القراءة بالطبع.
اعتقد اني قريت الكتاب ده في وقت قياسي بالنسبة لموضوعه و حجمه أول قراءه لدكتور خالد فهمي .. و كان اللي بدأ حماسي لقرايته كان مقال صحفي دكتور خالد كان بيتكلم فيه عن فكرة الكتاب ازاي جت له وقت ما كان بيبحث في دار الوثائق عن مواد كتابه الأول (كل رجال الباشا) و أسلوبه و تنظيمه شجعني اخوض تجربه محاوله قرايته مع تخوفات كتير بسبب اني مش بحب المرحلة التاريخية دي و بفقد الشغف اول ما بحس بأي شبهة تاريخ سياسي أو حزبي أو اقتصادي فما بالنا بشيء أقرب للتاريخ القضائي .. كنت "أشعر بالقلق" .. و لكن دعونا نتجاوز المخاوف الشخصية الكتاب بسيط و سلس و أسلوبه سهل و شيق، مناسب جدا لغير المتخصصين، و مش بيدخلنا في تفاصيل إلا بقدر بسيط جدا بما يخدم النقاط اللي بيحاول يثبتها في كل فصل. الهوامش و المراجع قيمة جدا، و فتحت دائره اهتمامات أوسع. بعد قراءة الكتاب تحمست اقرأ اكتر في المرحلة دي و لكن في نطاق التاريخ الاجتماعي. كنت بالفعل و بالصدفه قرأت كتاب "طب الركة" اللي كتبه طبيب من أوائل خريجي مدرسة طب القصر العيني قبل الكتاب ده .. ف يبدو أن فيه خط ممتد بطريقه ما .. ربما نكمله بكتاب السعي للعدالة .. و بعده مختصر تاريخ العدالة. أو نتخذ مسار موازي لقراءة "المصريون المحدثون شمائلهم و عاداتهم" ثم كتب عن الرقيق و البغايا في مصر و كتب دكتوره نللي حنا عن نفس الحقبة.
"منْ تَحرَّى حَقِيقَةَ الدَّهْرِ أضْحَى ... عِنْدَهُ الحُزْنُ وَالسُرُورُ سَواءَ" #ربعيات_الخيام ------------------------------ علشان نعالج المرض لازم نرجع لمصدره و نبتدى نشوف حل له .. لاسف الدولة اتولدت بالفيرس الويندوز نزل متفيرس من البداية وهنا خالد فهمى بيقدم وجبة دسمة و بيكمل كتاب كل رجال الباشا و بيزوم ان على منطقة مهمة من مناطق تدخل الدولة الحديثة فى حياة المصرين لسيطرة عليهم و اخضاعهم للسلطة الجديدة لدولة عن طريق الطب و القانون . الكتاب كالعادة بيكمل فيه مع فوكو و دراسة التاريخ عن طريق الوثيقة و بيعرض حوادث مهمة حصلت فى الفترة ديه كما ��ى و بيحللها احيانا .
يحمل الكتاب أهم دلائل فشل الدولة القومية الحديثة في مصر و يحطم كل الأساطير التاريخية المحفورة في ذاكرة الوعي المصري عن عظمة هذه الأمة بالأدلة من دار الوثائق المصرية نفسها و يحمل التفسير البرجماتي الحقير لحضارة ناشئة و لم تكتمل من الأساس
هذا الكتاب زاخر بمجموعة من الوثائث الرائعة عن الطب والعقاب كتاب مفيدا دراسيا للوحدات الارشيفية وممتع جدا في قرأته لانه لا يعتمد بالدرجة الاولي علي مصادر ومراجع بل مادة وثائقية وهذه وجه نظري فيه
كتاب ثري ملىء بالملاحظات الذكية يضع الكتاب ايدينا منذ صفحاته الاولي على جرح قديم .. ذلك اننا ننظر لتاريخنا خاصة الحديث بعيون اوربية مكتفين بكتابات المستشرقين توهماً انها محايدة من ناحية و تسليما بالرؤية الاوربية ان تاريخ العالم انما هو تاريخهم هم صانعوة و محركوة من ناحية اخري فقد نظر لتحديث مصر في القرن التاسع عشر باعتبارة عملاً اوربياً في سياق علماني تحت ضغط السلطة الحاكمة التى واجهت رفض الشعب لغلبة الجهل والخرافة عليها و هكذا ابتلعنا رؤية الاوربيين انهم اتوا لنا بالنور و فتحوا اعيننا رغما عنا عليه و لكن الحقيقة ان رفض بعض قطاعات الشعب لنظام الصحة والطب الحديث لم يكن نتيجة لشيوع الخرافات و المفاهيم الشعبية الخاطئة فقط بل كان مقاومة لتوغل السلطة علي المجتمع و تخوفا من ضعف كفاءة و امانة تلك المؤسسات الحكومية البيروقراطية التى نظرت للناس باعتبارهم ارقام في الدفاتر ومما يسترعي الالتفات له ان التقدم الطبي الهائل في صنعة الطب الاوربي الحديث كان يرجع لتقنيات لم تكن الشريعة الاسلامية لتسمح بها فالتشريح وان كان يمكن قبولة تحت مظلة الضرورة بالمخالفة للقاعدة الشرعية (كسر عظم الميت ككسرة حياً ) الا ان تشريح الاحياء تحت واجراء العمليات الجراحية بغير اذن المريض او ذوية و الذى اثبت انه كان يتم بدرجة شائعة تحسينا (للصنعة ) لم يكن قبولة ممكنا في ظل الشريعة مطلقاً ولهذا كان ترويج اساليب الطب الحديثة بربطها بالطب الاسلامي القديم متعذرا وكان تجاهل الفقهاء و الشريعة الاسلامية ككل في المسألة شبة حتمي . وكذلك القانون الذي تطلبته الدولة الحديثة لم تكن احكام الفقة و قواعدة تكفي لدولة حديثة تأبي الا ان تتدخل في ادق خصوصيات مواطنيها ومنحتها التقنيات الحديثة خاصة في الطب الشرعي امكانية تخطي القواعد الشرعية في الاثبات و ادانة اشخاص هم في نظر الشريعة ابرياء لعدم ثبات اتهامتهم وفي المقابل فان القانون الذي من اركانه لتصح تسميته قانونا ان يتساوي الكافة في تطبيقة عليهم لم يكن (كما هو الحال دائما) لينطبق على الكافة بمساواة ..بل ياخذ الفقير قسوة عقوباته و الغني ضماناتة وقرب نهاية الكتاب نجد تفسيرا جديدا أعمق وأكثر مصداقية لحراك الغاء العقوبات البدنية والتعذيب واستبدالهم بعقوبة السجن حيث فقد الاعتراف مركزيتة كدليل ليحل محلة القرائن القضائية في الادانة فلم يعد هناك حاجة للتعذيب لانتزاع اعتراف لا داعي لوجودة و كذلك فعدم امكانية قياس الالم البدني يجعل العقاب متفاوتا بشدة في حال وقوعه علي الجسد بينما السجن ( وخاصة مع شيوع الرؤية الفلسفية ان الانسان حر بطبيعتة ) يمكن قياسة بسهولة و معاقبة كافة المذنبين بجرم معين بذات العقوبة ايام او سنوات في السجن .. وبينما الغيت العقوبات البدنية و التعذيب و صارا خارج القانون اضحي استعمالهما الذي استمر في صورة جريمة ترتكبها السلطة في احدي مفارقات الحداثة التى جعلت السلطة لاول مرة في التاريخ تتحول الي مجرم بمقتضي القوانين التى اقرتها
أنا خلصت الكتاب وصقفت، حقيقي يعني، دراسة مدهشة في اتقانها وتماسكها ورغبتها الحقيقية في البحث والتحليل مش مجرد تبني موقف أيديولوجي جامد اتجاه مرحلة معقدة ومركبة زي دي.
كتاب يتناول التاريخ الاجتماعي في مصر القرن التاسع عشر وبخاصة النصف الثاني منه، اختار فهمي أن يركز على زاوية جديدة نسبيا - في الأدبيات العربية- ألا وهي المتعلقة بالصحة وتقنين الدولة للإجراءات الصحية الوقائية، والكتاب ليس جمعا لمعلومات وإنما يمارس فهمي النقد والتحليل على نطاق واسع ويضيف تساؤلات على بعض الجوانب لتبدو في صورة إشكالية معقدة تثير الذهن وتفتح المجال أمام أفق بحث جديد. وترجمته أضافت له واختصارااستمتعت بقراءاته