نبذة النيل والفرات: بين دفتي هذا الكتاب يوميات الكاتبة "أناييس نن" (1903- 1977م) المولودة في ضاحية (نوبي) البارسية لأب أسباني، وأم ألمانية؛ تعتبر يوميات "أنانييس نن" حدساً أنثوياً إزاء أعماق النفس والعالم المحيط في القرن العشرين، تأثرت به الكاتبة وكتبت عنه، وخصوصاً إذا ما عرفنا أنها عاشت بصحبة أسماء لامعة في ميادين الإبداع الأدبي والفني في باريس في تلك الحقبة من الزمن منهم هنري ميللر، ولورنس داريل، والشاعر جول سوبر فيل وغيرهم كثير من بلدان مختلفة.
تأتي أهمية يوميات "أناييس نن" من كونها نجحت في أن تجري فصلاً دقيقاً بين العواطف والمشاعر والأفكار، فقد غطت يومياتها سنوات الثلاثينيات والأربعينيات وصولاً إلى السبعينيات والتي تمثلت مجموعة هامة من الأحداث والأسماء والإنجازات الفنية، من أروع مواقفها على سبيل المثال موقفها من الموضوعة التسوية، فهي تأخذ على المتعصبات النسويات أن يبددن طاقاتهن في البحث عن أسباب لمعاداة الرجال، وتدعوهن للإنشغال بالإبداع الحقيقي الذي يكشف عن ذواتهن وأن يعملن لإقناع الرجال القريبين منهن إلى مشاركتهن في إنجاز التحرر الإنسان في كل العوائق والمخاوف التي تنتاب الجنسين ليكون كل شخص حقيقياً وأميناً وواعياً لواقعه وقادراً على إجتراح أحلامه.
عن آلية الكتابة لديّ: تكتب "أنانيس نن" في حزيران العام 1946 "... أسعى للكتابة عن الحالات النفسية، حالات الكينونة والتسامي والإعلاء لأبرز ماهية المشاعر والأحاسيس، فتجدني مشدودة إلى الموضوعات الأنثوية ولغة العواطف، وكل هذه الثيمات تختلف عن الموضوعات الفكرية وإذ أحرّ في عملي على: العفوية والإرتجال والتداعي الحرّ، فإنني أنكر وجود خطة للكتابة لدي أو التخطيط لبناء واعٍ للنص...".
Writer and diarist, born in Paris to a Catalan father and a Danish mother, Anaïs Nin spent many of her early years with Cuban relatives. Later a naturalized American citizen, she lived and worked in Paris, New York and Los Angeles. Author of avant-garde novels in the French surrealistic style and collections of erotica, she is best known for her life and times in The Diary of Anaïs Nin, Volumes I-VII (1966-1980).
كيف يمكنني تقييمى لهذا الكتاب هل تقييمي يكون عن يوميات أنابيس ؟ أم عن اختيارات المترجمة ؟ واذا قمت بتقييمه سيفهم انه عن كتابات انابيس وهذا مالا استطيعه .
قرأت المقدمة الاولى للمترجمة وهذا ماقالته عن اختياراتها :
عزيزتى ؛ اذا كنتى قد شعرتي وصدمتى من كتابات أنابيس لم يكن هناك داعي ان تقومي بترجمتها من ١٠ مجلدات تقريبا نحصل نحن على مايقل من ١٥٠ صفحة من يومياتها ☹☹
على راى عادل امام لما قال فى مسرحية شاهد مشافش حاجة لو كل واحد عزل عشان تحتيه واحدة رقاصة الناس الناس كلها هتبات فى الشارع يابيه
وفى حالتنا هنا لو كل مترجم رفض انه يترجم عمل عشان خروج الكاتب عن المألوف وخوفا من رأى القارئ وانه سيتهم المترجم لم يكن سيصل لنا اى اعمال مترجمة ، وليست فقط الاعمال المترجمة هى ماتحتوى على ذلك هناك اعمال عربية .
لذا بعد قرائتي لذلك قررت ان اتجاهل باقى المقدمة فليس امامى حل اخر سوى قراءة هذه المختارات لاتعرف عن اجزاء من انابيس
بدأت الكتاب على أمل التعرف على انابيس نن خاصة ان اعمالها المترجمة ليس سوى بعض قصصها وانا لست من هواة القصص لذا وبعدقرائتي لكتاب دوستويفسكي فى سيبريا هنري فى ديجون فماذا وجدت ؟
بدايات اليوميات كانت للاسف كثير منها ماسبق لي قرائته واكملت الكتاب على امل ان اتعرف على الكاتبة لكن للاسف لم اشعر انى تعرفت عليها ، غالبية الحديث عن الشخصيات التى تعرفت عليها وبعض مواقفها معهم وانطباعتها وارائها عنهم اما افكارها و ارائها فكان جزء بسيط رغم ان هذا ماقرات الكتاب من اجله لكن لم اجد سوى كلمات بسيطة 😞😞
ياليتك اكتفيتي بان جعلتي الكتاب كله عبارة عن خلاصات التى اضفتيها فى نهاية الكتاب مثل هذه :
ربما كنا حينها تعرفنا عليه اكثر
ما قالت أنابيس في لقاء أجرته مع جودى اورينغر لمجلة رامبراتس
بيتهيالى كل اللى ممكن اكون طلعت بيه من الكتاب عنها انها بتحب الكتاب وانها كانت ممن يقال عنهم صاحب صحبه ، كانت بتحب أصدقائها وبتساعدهم ماديا ومعنويا وبتقف جنبهم
شعور جميل قراءة يوميات الغير، فعل التلصص، الدخول في صميم حياتهم، ذلك التدفق السلس للكلمات الذي يجري،الإعترافات المجزأة، ضمير الإنسان الباطني، لإنه في الغالب من يكتب اليوميات لا يتصور فيما بعد أن يقرأه أحد، تخرج الكلمات صادقة، كجريان النهر، كأنسياب لا معنى له.. هذا الكتاب هو عبارة عن جزء بسيط من ثمان مجلدات من يوميات أناييس، أختارتها لطفية الدليمي وترجمتها وقدمت هذه النصوص الجميلة، المتمردة، المتناغمة مع شخصية أناييس، علاقتها بالكُتاب والمثقفين، نشوتها بالكتابة، خوفها، العنصر الأنثوي الطاغي في كتاباتها ، كتاباتها سلسة وكأنها تكتب رواية مفتوحة وليست يوميات، قرأتها وقد أعيد قرائتها، المشكلة أن النصوص مقطوعة في الكتاب فلا تعرف عن الكثير من الأشياء والمشاعر المكتوبة هنا، لكنها تظل حية زاخرة بالألوان، متخمة بالأدب وقلق الإنسان ومكنوناته الداخلية ..
أن تقرأ هذه اليوميات كأن تدخل فى عالم أليس فى بلاد العجائب ولا تود الخروج .. هذه كانت حالتى أثناء قراءة هذه اليوميات ..
أناييس نن أديبة متفردة .. لم أسمع عنها أدبياً الا لإرتباط قصة حياتها بهنري ميللر .. وحتى بعد قراءتى لمجموعتها القصصية (تحت جرس زجاجى) لم أكن قد خبرت بعد عالمها الأدبي .. فى هذه اليوميات اقتربت منها كثيراً كإنسانة وأديبة وناشرة ، استمتعت بوجودى وسط عوالم أدبية متفاعلة ومتناغمة مع بعضها ، استمتعت بحديثها عن الحرب والإيدولوجيات المختلفة ، عن تشجيعها لأصدقائها الأدباء فى عصرها وحتى كفالتهم مادياً ليقوموا بالكتابة والنشر ..
أسوأ ما فى هذا الكتاب كان اختيار المترجمة لأجزاء معينة من اليوميات وإغفالها عن عمد الأجزاء الحميمية والمثيرة للجدل ، كأنك تشاهد فيلماً قام مقص الرقيب بحذف أجزاؤه فجاءت مشوهة ومبتورة .. يظهر هذا واضحاً فى الجزء الثانى من الكتاب حيث ظهر التشتت وعدم الترابط .. ولكن لتكن هذه مقدمة جيدة لعالم أناييس نن شديد العمق والتألق .. مع قراءة قريبة ليومياتها كاملةً إذن .. يوماً ما .
مما أعجبنى : هذه الفقرة التى تقارن فيها بين الأدباء الأوروبيين والأمريكيين الذين وقعوا تحت العوز والحاجة وكيف قاموا بالتعبير عن هذا فى أدبهما:
" منذ أمد بعيد كنت قد رأيت تبريرات "هنرى ميللر" لنوبات غضبه وعدائيته وانتقاماته فآمنت بأنها جميعاً ردود فعل لمعاناة غير عادية .. وقد أظهر كثير من الكتاب الأمريكان هذه المرارة والحقد. ولكننى عندما أقارن حيواتهم ومعاناتهم مع حيوات الأدباء الأوروبيين (دوستويفسكي أو كافكا) أجد أن عذابات الأوروبي أشد وطأة .. فالجميع عرفوا الفاقة والبؤس العظيم ولكنهم لم يتحولوا إلى غاضبين أو أناساً عدوانيين مثل (إدوارد هلبرغ) أو (هنري ميللر)؛ إذ يمكن تحويل الغيظ والغضب إلى أعمال أدبية، وإلى حنو إنساني. "
أناييس تكتب بعاطفة حية، بلا انتهاء. تحس بكلماتها دافئة لا تنضب. وكم كان هذا جميلاً. تحكي عن الكُتّاب في عصرها، هنري ميللر و رانك ولورنس. تحكي عن مشاعرها، رؤيتها، مبادئها واعتقاداتها. تأخذك إلى عوالمها بلحظة، لسلاسة كلمتها وصدقها فيما تتحدث عنه. قراءة مختارات مذكراتها بدءاً -قبل كتبها الأخرى- كانت خطوةً موفقة بالنسبة لي.
سأكتفي بما كتبه الاستاذ حسين بن حمزة في جريدة الاخبار فيما يتعلق باليوميات و تردمة الاستاذة لطيفة الدليمي لانه بالفعل هذا ما اردت ان أقول " كان يمكن ترجمةَ مختارات من يوميات أناييس نن (1903 ـــ 1977) أن تكون حدثاً أدبياً، لكنّ الكاتبة العراقية لطفية الدليمي التي ترجمت هذه المختارات في كتاب «أناييس نن/ اليوميات» (المدى)، أفرغت هذا الحدث من قيمته الثمينة، وجعلته كتاباً عادياً بقيامها بدور الرقيب المسبق على أي مقطع أو سطر يتضمن مادة جنسية أو إيحاءات إيروتيكية. هكذا، بضمير ثقافي مرتاح، حذفت المترجمة ما تقوم الرقابة عادةً بالاعتراض عليه أو حذفه أو منعه من النشر. لماذا؟ لأن كتابات وسلوكيات أناييس نن «في غاية الجرأة والاختلاف مع عاداتنا وسلوكنا ومحرّماتنا، وبالتالي لم أجرؤ على ترجمتها». الغريب أنّ المترجمة (وهي روائية في الأساس) تمرر معلومة مثل هذه من دون أن تشعر بأنها ترتكب سابقة خطيرة في حقل الترجمة والكتابة. بعد ذلك، يسهل عليها أن تقول إنها اكتفت بترجمة «مقاطع تخصّ نظرتها للإبداع وعلاقاتها بالمبدعين ووجهة نظرها إلى الحروب والحركات النسوية...»، داعيةً من يريد أن يقرأ أشياء أخرى مُحرجة لها «أن يبحث عن نصوصها المترجمة، وإن كان يجيد الإنكليزية، بوسعه أن يستمتع بالمجلدات الثماني ليومياتها».
لا تكتفي الدليمي بذلك، بل تضع تمنّعها عن ترجمة متكاملة ليوميات الكاتبة الفرنسية ذات الجذور الإسبانية في باب خشيتها من «الأحكام المسبقة التي تُساق بدوافع معينة، ويُحكم عبرها على المترجم أو المترجمة وكأنه وكأنها متماهيان مع شخصية الكاتبة». ليس على القارئ سوى أن يشفق على هذه التبريرات التي تقع في باب العبث واللامعقول، وتزيد من حراجة موقف المترجمة كلّما أسرفت في توضيح وجهة نظرها المتهافتة.
هذه امرأة لمّاحة وكاتبة موسيقية القلم ورقيقة، وكأن رقصها انعكس على كتابتها التي أصبحت تلامس الأرض ملامسات خفيفة وترتفع فورًا لتكون لها مكانتها الخاصة في وسطها الثقافي، فهي مبدعة في وصف الكلمات والحالات والنزوات.
تكتب أناييس ضمن هذه اليوميات المختارة -من أصل سبعة مجلدات- عن حياتها مع الكتابة، الأصدقاء، السهر والحب والجنس والشهوة. تكتب بجرأة عن أصدقائها المشهورين كهنري ميلر وطقوس كتابة رواياته وعن أندريه بريتون وأنتونين آرتو وأوتو رانك ولورنس داريل وآخرين جلّهم من الذكور، تجلس معهم تتسامر معهم من ثم تترفع وتذهب إلى غرفتها وآلتها الكاتبة لتعمل على ما هو أهم في حياتها كما تضمنت أحاديثها.
قدمت آراء نقدية في الكثير من المشاهير تحديدًا الكتّاب كوولف وسيمون ونيرودا وغيرهم كما وجهت نقدًا لبعض الحركات النسوية التي تواجه الرجل بحديّة وعلى أنه خصم. بينما هي تتعامل مع كل أولئك الذكور الذين أحاطوا حياتها بشكل بعيدًا عن الضدية وبعيدًا عن الظليّة (كما وصفت علاقة سيمون بسارتر).
الترجمة رائعة لغويًا لسيدة الرزانة؛ السيدة لطفية الدليمي. تزامنت قراءتي لهذا العمل الصادر عن دار أزمنة مع ذكرى ميلاد القامة إلياس فركوح والذي كل ما تصفحت شيئًا من إصداراته يراعني حجم ما خسرناه أُردنيًا وإنسانيًا.
انها أشبه برحلة شيقة في عالم أناييس رغم أنها ليست كاملة بل مجرد مقتطفات من يومياتها نكتشف من خلالها الوجه الآخر لها و روحها المعطاءة و كيف أنها كانت دائما السند لجميع أصدقائها الكتاب و المبدعين رغم ان ذلك كان على حساب متعها و رفاهيتها الشخصية .. و تتجلى لنا بوضوح عبر هذه اليوميات انسانيتها غير المشروطة .
فيها رصد للحظات الحيوية و المثيرة التي كانت تعايشها قبل و خلال عملية التدفق الخلاق للنص الروائي . كما تضم تأملاتها ككاتبة فريدة تتعقب اللحظات الاستثنائية في الحياة تلك اللحظات الأرفع كما تقول التي تتصاعد فيها قوى اللاشعور و تطفو على السطح لتبرز ماهية المشاعر و الحواس من خلال لغة خاصة هي لغة العواطف و الأحاسيس العذبة المنسابة التي تقدسها أناييس مفضلة اياها عن لغة الفكر الجلفة المتخشبة. اناييس وجدت في بيئة مليئة بالكتاب اليافعين الذين لم يكونوا قد شقوا بعد طريقهم نحو العالمية أمثال هنري ميللر و كانت هي تدعمهم في طريقهم الى ذلك و نتيجة لاحتكاكها بهم قدمت للعالم رسما دقيقا عنهم و عن شخصياتهم و نزواتهم . تقول أناييس عن جدوى كتابتها لليوميات : في اليوميات كنت أمارس الأمانة المطلقة و أظهرت نفسي في أبعد مدياتها العميقة و في اليوميات كنت أختبر فني و أدرب نفسي مما ساعدني على كتابة الرواية، كما عززت الروايات كتابة اليوميات التي سجلت فيها نشأتي و تطوري و تبرعم أفكاري و علاقاتي الأساسية مع الآخرين أول بأول .
لست أجد طريقةً ملائمة لتقييم هذا الكتاب.. فما كتبته أناييس مدهش، ويومياتها المشحونة بالتفاصيل والحكايات كانت ممتعة. لكن الترجمة ! لا أعلم مبررًا يمنح المترجم الحق في اقتصاص أجزاء من اليوميات بحجة أنها تخشى أن يسقط القراء "ما كتبته أناييس قبل أعوامٍ طويلة وفي بلادٍ أخرى وثقافةٍ مختلفة كليًا" عليها :) يكون هذا الخوف مبررًا لدى كاتب النص نفسه..لكن لا شيء يفسره لدى المترجم..ربما كان من الأفضل للطيفة الدميلي البحث عن كتابٍ أو مؤلف أقل إثارةً للجدل وتعارضًا مع "عاداتنا وثقافتنا" من أناييس نن على حد تعبيرها..بدلًا من أخذ كتابٍ جيد وتولي دور الرقيب في تعديله وانتقاء الأجزاء التي لا يخشى منها سوء الفهم ثم إرفاق دراسةٍ عن الكاتبة في مقدمة الكتاب لتبرئة الذمة وتعويض النقص الحاصل..ونصح القارئ إن كان يجيد اللغة الانجليزية بالرجوع لليوميات الأصلية.. ما كنت لأكمل الكتاب بعد المقدمة المستفزة لولا أنها الترجمة العربية الوحيدة..
بدايتي مع اليوميات كانت مع شارل بودلير. يوميات أناييس نن تختلف كثيرا عن يوميات بودلير. حياتها حافلة. وعلاقاتها بفناني وأدباء عصرها كثيرة. والأهم تجربتها مع الابداع والكتابة مختلفة ومثيرة جدا. فتحت لي عوالم مهمة، وأوضحت لي أمور مخفية عن سيرة حياة واحد من أهم الكتاب الذين أحبهم، وأتتبع آثاراهم، أقصد هنري ميللر، حيث كانت علي علاقة به، أو من الممكن قول: كانا يعيشان معا.
ما آخذه علي المترجمة، أنها اقتنصت من يوميات أناييس ما راق لها وترجمته. لو أنها ترجمت لنا مجلدا كاملا، أو حتي يوميات عام كامل لكان أفضل. فالجانب الذي ركزت عليه في ترجمتها، هو جانب علاقات نن بفناني عصرها، وفقط. ثمة حيوات هامة أخري، وعوالم لم نأخذ عنها أي فكرة. لماذا إذا فرضت علينا هذا الجانب الأوحد؟
أخيرا: آمل أن يأت يوم أري فيه يوميات أناييس نن مترجمة، وكذلك رسائل فان جوخ.
مختصرة جدا للأسف وان أظهرت جوانب من شخصيه انابيس الا اني اعتقد اني اغفلت أجزاء أخرى . لكنها تعكس بالطبع شخصية خلابة وجذابة قويه ومتصالحة مع ذاتها بدرجة كبيره وامًا بالفطرة
شيءٌ في أناييس يعيدني لغادة السمان وهي تُذيع مريديها وخبايا صدورهم، وتُطوّع حبهم مادةً ترتق بها قفلة الكاتب. من العواطف ما إذا ظهر للجلاء، فقد كل قدسيته التي نالها وكان بها في الخفاء.
"مأساتي أنني أحب بعمق عظيم، إنما لا أستطيع التنازل عن الكمال ولا أستطيع العيش كليا في عوالم الآخرين . لست قادرة على الخضوع، فجزء مني يظل دوما: أنابيس نن".
"أرغب أن أكون مع الآخرين، لكن الاندماج وتقديم التنازلات أو القبول بالتسويات يتسبّب لا ملاكي.."
"في الحرب تخسر حياتك مرة واحدة.. أما في الحياة فإنك تموت مرات عديدة".
لا أظن بأنني يوماً شعرت بالغيرة من حياة أحد ما كما حدث لي هنا تصور حياة تعيش فيها بضيعة فرنسية صغيرة بينما تمارس حياتك الاجتماعية بكل راحة واستقرار مع أصدقائك المقربين مثل هنري ميلر. أناييس نن هي واحد من الرائدات الحقيقيات في زمنها وامرأة استثنائية حقاً كانت شجاعة بما فيه الكفاية لتحيا كما تشاء ولكنها لم تتخلى أبداً عن نظرتها الخاصة للحب والحياة وصداقتها مع الكثير من المتمردين اللذين يمكن وصفهم بالصعاليك حتى. نجمتان ليس انتقاصاً لكتاباتها أو يومياتها ولكن لأنني شعرت بحاجتي لقراءة المجلدات كاملة حتى أتفهم تماماً الظروف المحيطة بكل حدث وقصة
أين الحلقة المفقودة أين أناييس هنا ، لأنني لم أجدها كما يجب. هذه المختارات لا تكفي، لا تكفيني، لا ترضيني، أن يتم أختصار ثمان من مجلدات أناييس في هذا الورق القليل ظلم وإجحاف بحقنا كقراء. رغم ذلك هناك الكثير من الإقتباسات والأحداث المهمة والملهمة رغم مجيئها متفرقة وناقصة، إسهابها في الحديث عن أنطونين آرتو إنها تصفه كما لم يسبق لي أن قرأت عنه بل كما آراه تماماً، وصفها للمجتمع الأوروبي فرنسا تحديداً ماقبل وأثناء الحرب جاء إبداعياً جداً وإنسانياً.
بعض المقتبسات من اليوميات:
-الفن هو عقيدتي الوحيدة*
-أشعر بأنني قريبة جداً من البشر المعذبين أكثر من قربي لهؤلاء العابثين الساخرين الحاقدين.
-السفاهة كلها تحيل دمي إلى جليد، وكأنني أشهد فصولاً من السادية.
- في الحرب تخسر حياتك مرة واحدة.. أما في الحياة فإنك تموت مرات عديدة..
-أبدو مجهدة، عصبية، أصارع من أجل الحب في عالم مليء بال��راب.. أين هي المسرات، مسراتي؟
-إن التناظر ما بين الطفل والفنان يكمن في أن كليهما يعيش في عالم خاص من صنعه هو.. وكلاهما، الفنان والطفل يبتدع عالمه الداخلي المحكوم بتخيلاته وأحلامه.
-أنا لا أكتب بطريق العقل. لم يكن يشغلني سوى رغبة واحدة هي أن الكتابة يجب أن تصبح موسيقى وتنفذ إلى الأحاسيس مباشرة.
-إن الشاعر هو ذلك الشخص الذي تتبقى فيه حساسية الطفل حتى في مراحل نضجه، ومن هذا النبع تتدفق قصائده.
-يخيل إلي أن أوهامي هي السبب المباشر لما أعانيه من ألم وضيق نفسي. لكن الحدس يفضي إلى الألم أيضاً.
-يظهر الفرح في الأشياء الصغيرة، أما الموضوعات الكبرى فأنها تستبقي المأساة. إن سر الفرح هو براعة الألم..
-في الحب كنت دوماً أنا التي تقع في الفخ، مع أنني عندما كنت صغيرة لم ألعب دور الأميرة الطيبة، بل كنت أتقمص دور الملكة الشريرة الغامضة الشجاعة.
-في الحب أكون مسحورة ومستعبدة دوماً، إنما يظل هناك الجانب الآخر من شخصيتي يبحث كل لحظة عن حيل وبراعات تساعدني على الهرب.
-( أنا أحب كل يوم بعنف أشد وكأن من أحبه سوف يموت، أو كأنني سأهلك في الغد..)
-لا تنتظري الحب.. ابتكري العالم.. عالمك الذي يخصك: قفي وحيدة وسوف يسعى الحب إليك.
الكتب العظيمة هي تلك الكتب التي تشعُر بالحزن بمجرد بلوغ نهايتها!! و هذا ما حدث لي مع هذا الكتاب الصغير الحجم عظيم الأثر و الجمال و السحر..
هُنا في هذهِ المختارات العشوائية إنسجام تامّ بين موضوعاتها و التنقّل بين عنوان و آخر بمتعة.. في هذهِ اليوميات التي أعطتني فكرة عن من تكون أناييس نن المُغرمة جداً بأعمال بروست و التي أعطت و دفعت الكثير من وقتها و جهدها لمساعدة أصدقائها كهنري ميللر الذي أصبح لديّ فضول للتعرّف عليه بشكل أقرب.. و الكثير من الفنّانين من شعراء و كُتّاب و رسّامين و غيرهم.. أناييس نن تلك الإنسانة المسكونة بالإبداع و الجمال و الصدق و الشفافيّة ..كتبت تلك اليوميات بصدق لا مثيل له و إستطاعت أن تدخل قلوب كثير من النساء و الرجال على حدٍ سواء بصدق ما كتبت..فهي هُنا تتحدّث بصدق عنّا جميعًا و تقول كل ما لا نجرؤ على قوله..عن الحب و الجمال و الألم و الوحدة..سطوة الإبداع و إلحاح الحاجة لمساعدة الآخرين الذي قد يكون عائقاً و عقبة في وجه كتابتها و إبداعها.. أناييس نن هي إنسانة مُرهفة المشاعر عالية الإحساس صادقة قبل أن تكون كاتبة مبدعة تُدهشنا بروعة ماتكتب و تلمس مشاعرنا و أحاسيسنا بصدق..
رائعة هذهِ اليوميات بشفافيتها و جمالها..
أنصح بها جداً.
إقتباسات::
- أرغب أن أكون مع الآخرين، لكن الإندماج و تقديم التنازلات أو القبول بالتسويات يتسبّب في هلاكي.
- كيف يمكن العيش في الحاضر عندما لا يكون هناك أحد في هذا الحاضر معي؟
- لا تنتظري الحب.. ابتكري العالم.. عالمك الذي يخصك؛ قفي وحيدة و سوف يسعى الحب إليك..
" إن شئت ذات مرّة الرحيل عبر الظّلمات إلى مركز الأرض، فإنّني سأجد الأحجار النّفيسة، المعادن، الصّخور، وجميع العناصر الضروريّة للحياة، سأجد النّار أيضا، فبدون النّار لا يمكن إنجاز أي عمليّة خلق، فهي التي تصنع الذّوبان، والإندغام بين العناصر. النّار، الأرض، الماء،هي جميع عناصر الإبداع والخلق، كءا العاطفة والتّجربة والإنسجام بين هذه العناصر .. ذات مرّة فجّرت هذه الينابيع فضارت الكتابة طبيعيّة كفعل الغناء. ولكن عندما تغدو الطتابة عمليّة صعبة أنّني عجزت في الزصول إلى منابع الماء .. إنّ المادة التّي سأصنع منها إبداعي تأتي من ممارسة الحياة، من الشخصيّة والتجارب وكشوفات الحياة. "
أحببت آناييس الأنثى هنا، ووجدتني أتفق مع الكثير من آراءها حتى الجدلية منها. حديثها كان بديعاً عن كينونتها الأنثوية وعلاقاتها الإنسانية وآراءها الإبداعية، ولكنني شعرت أن المختارات غير مترابطة، لذا من الضروري قراءة اليوميات كاملة بكافة مجلداتها الثمان لكي أستطيع الحكم بإنصاف. النجوم الثلاثة تعني أني لا زلت طامعة بالمزيد.
رائعة جدًا. ما أحزنني وأغضبني أنها فقط مقتطفات من أصل عدة مجلدات! لم اتوغل واجول في شخصية أناييس كما ينبغي بسبب حذف بعض اليوميات مما أحدث فجوات لا تُغتفر. والسبب لا مُبرر له فدور المترجم نقل العمل من لغة إلى لغة بغض النظر عن تحفظاته، إذ أن النقد سينهال على الكاتب لا المترجم.
أعتقد أني أخطأت بلجوئي للنسخة المترجمة ولم أقرأ الكتاب بلغته الأصل. لنا عودة أناييس نن.
وأنت تقرأ لأناييس تشعر بأن الجوع يلتهمك وبأن العطش يفتك بك. تريد أن تقرأ لها أكثر و تغرق في عالمها أكثر وتكتشف أسرارها أكثر . باختصار علي أن أقرأ مجلدات اليوميات بأكملها فهذه الترجمة كانت بمثابة المقبلات فقط.
أكثر ما عاب اليوميات أنها قص ولصق، فاليوميات كانت تحتوي على ٨ أجزاء واختصرت المترجمة اليوميات إلى جزء واحد أو أقل، ثانيا بعض السرد كان ممل وكلام غير مفهوم بالنسبة لي.