ليس أحب إلى قلوب القراء عامةً من مسيرة الأدباء والعظماء. وليس أحب إلى قلب القارئ العربي، خصوصاً، من سيرة كتابه المشهورين، وأدبائه النابهين، وأعلام تاريخه البارزين. وأكثر ما تكون السيرة جذابة خالدة، حين تروي حياة عظيم من العظماء، وحين يكون هذا القلم قلم كاتب فنان، ومفكر فلسفي رائد، يختصر في تجاربه تاريخ عصر، ومعاناة أمة، واتجاه حضارة، ويختصر في أسلوبه أروع أشكال البث ومناهج التعبير. وسبعون ميخائيل نعيمه، في أجزائها الثلاثة، هي ما يطمح إلى مطالعته كل قارئ، فهي سجل حافل لحياة صاحبها المديدة، وتجاربه الإنسانية والكونية، فضلاً عن أنها بريشته ذات البهاء، والإبداع، والاقتداء الفني المتميز. إنه كتاب كتب نعيمه، وكتاب من كتب السيرة الرائعة في الخزانة العربية
Mikha'il Na'ima (also spelled Mikhail Naimy; Arabic: ميخائيل نعيمة) (b.1889 in Mount Sannine in modern day Lebanon, d. 1988) was a Lebanese author and poet of the New York Pen League.
He wrote 99 books, including drama, essays, poetry, criticism, short stories and biography.
Among his best known books is the Book of Mirdad, a mystical text first published in Lebanon in 1948, which was translated into English and published in London in 1962.
The mystic Osho had this to say about The Book of Mirdad. He said, "There are millions of books in the world, but 'The Book of Mirdad' stands out far above any book in existence."
Mr. Naimy was a biographer and longtime associate of Khalil Gibran, the Lebanese writer, artist, poet, and philosopher and he penned the first Biography about him (first published in Arabic) in 1934. The biography was later translated into English and reprinted in 1950.
He was fluent in three languages: English, Russian and Arabic.
ميخائيل نعيمة 1889 - 1988 مفكر عربي كبير وهو واحد من ذلك الجيل الذي قاد النهضة الفكرية والثقافية وأحدث اليقظة وقاد إلى التجديد واقتسمت له المكتبة العربية مكاناً كبيراً لما كتبه وما كتب حوله. فهو شاعر وقاص ومسرحي وناقد متفهم وكاتب مقال متبصر ومتفلسف في الحياة والنفس الانسانية وقد أهدى إلينا آثاره بالعربية والانجليزية والروسية وهي كتابات تشهد له بالامتياز وتحفظ له المنزلة السامية.
ميخائيل نعيمة ولد في بسكنتا في جبل صنّين في لبنان في شهر تشرين الأول من عام 1889 وأنهى دراسته المدرسية في مدرسة الجمعية الفلسطينية فيها، تبعها بخمس سنوات جامعية في بولتافيا الأوكرانية بين عامي 1905 و 1911 حيث تسنى له الاضطلاع على مؤلفات الأدب الروسي، ثم اكمل دراسة الحقوق في الولايات المتحدة الأمريكية (منذ كانون الأول عام 1911) وحصل على الجنسية الأمريكية. انضم إلى الرابطة القلمية التي أسسها أدباء عرب في المهجر وكان نائبا لجبران خليل جبران فيها.
عاد إلى بسكنتا عام 1932 واتسع نشاطه الأدبي . لقب بناسك الشخروب، توفي عام 1988 عن عمر يناهز المئة سنة. وتعود جذور ميخائل نعيمه إلى بلدة النعيمة في محافظة اربد في المملكة الاردنية الهاشميه وهذا ما ذكره ميخائيل النعيمه في حوار مع الكاتب الاردني والمؤرخ روكس بن زائد العزيزي.
سبعون هي حكاية عمر لميخائيل نعيمة ورحلة عمر لن تنتسى للقارئ. بعد قرائتي لكتابه دروب بدأت في سيرته الذاتية التي وجدتها في اتساق مع كل ما ذكره في دروب. نعيمة كاتب حكيم تمتاز كتاباته بالبساطة والعمق في آن معًا. عندما كنت أقرأ له كان يلازمني شعور بالارتياح وانبساط النفس وتفسيري لذلك هو أن الكاتب نفسه نقي جدًا وواضح فتجده يُشعِر القارئ بالراحة وهو يأخذه معه في رحلة عمره المميزة هذه. كلماته بسيطة ومباشرة تكسوها الرقة والحس المرهف الذي يتأثر بكل ما حوله حيث يأخذنا من طفولته في الشخروب ويذكر مواقف لطيفة ومضحكة كذلك. فكره لامع ومتزن، هادئ ولا يفرض شيئًا على القارئ بل يأخذه في رحلة تحليلية فكرية لكل ما يجول في خاطره فتجد في كلامه كل الاقناع. نجد في طفولته اللعب والهزل والدراسة والجد والعائلة والبيت البسيط. بعد ذلك ينتقل بنا إلى روسيا حيث أكمل دراسته هناك. في روسيا يرى العجب ويبدأ رحلة جديدة أبطالها جدد. تستوقفني صراحته مع القارئ ومكاشفته لنفسه، كيف كان يتعامل مع الفتيات ويميل لهن وكيف يملن له هن كذلك، فيعيش في جهاد فكري مستمر ويذكر نفسه بكل ما يملك من مبادئ وأخلاق، شيء غاية في النبل. كما يذكر لنا صداقته بجبران خليل جبران و تأسيسه للرابطة الأدبية. ومن ثم عودته للوطن بعد عشرات الأعوام. كان يقف كثيرًا ليذكر لنا تأملاته في هذه الحياة ويشاركنا محطاته. يملك فلسفة فاتنة في مفهومه الخاص حول العائلة والصداقة والأخوة والحب والدين والوطن والأخلاق. شخصية مؤمنة متدينة بحق، تحلل المشكلات وتجد لها حلًّ. شخصية تريحك وأنت تقرأ لها. يكثر من التأمل في خلق الله وينثر الكثير من النصائح والتوجيهات بأسلوب سلس غير مباشر يخلو من الوعظ والتنظير. كانت رحلة غنية بحق، تمنيت أن لا تنتهي فقد تعلمت منه الكثير. سيرة ذاتية من أثمن ما قرأت وتعلمت.
ان الذي يميز ادب ميخائيل نعيمة عن غيره من الادباء،اولا الاسلوب البسيط، اوالسهل الممتنع،الذي يستطيع ان يصل الى اكبر عدد من الناس، وذلك مما يساعد في زيادةالثقافة،المعرفة والوعي لشريحة ليست بقليلة في المجتمع، وهذا هو الهدف الاسمى للادب.. وثانيا ان هذا الاديب لم يكن يكتب حبرا على ورق، ينظّر ويتفلسف، ولم يعش افكاره ونظرياته في واد وهو في واد آخر، بل جسد كل ما قاله في مسيرة حياته، وكان قدوة يقتدى، وافكاره وكتبه مرجع لكل من يسعى الى الرقي الانساني والسمو الروحي... انا اعتبر ميخائيل نعيمة من المعلمين الحكماء والذي تعالى عن كل المناصب ومظاهر الابهة ومغريات الدنيا...فما احوج هذا الزمن الى امثاله...
مشاركته في الحرب كانت غير متوقعة وتعجبت من سيرته وحياته وكيف أُلقي به على كره منه في حرب لا ناقة له فيها ولا جمل، وهذا الجزء الثاني من سيرته جميل وأفضل من الأول حيث كانت فيه أمور كثيرة غير متوقعة وفيه نشاطات وحركة دؤوب ونشر وانتقال وسفر على عكس المرحلة الأولى والتي يبدو أن كل شيء فيها يسير حسب خطة متوقعة
الجزء الثاني لسيرة ميخائيل نعيمة، أحببت الجزء الأول أكثر، هذا الجزء مليء بالتفاصيل المملة وأطلت في قراءته، أبرز حدث هو ذهابه لنيويورك بعد رحلةٍ شاقة استمرت أكثر من ثلاثين يومًا! برًا وبحرًا. يقول أنه ذهب لنيويورك لأجل الدراسة فقط ثم سيعود من حيث أتى، لكنَّه وبشكلٍ مفاجئ وجد نفسه مشاركًا في الحرب لأن اسمه وُضع في قائمة الأسماء المشاركة. أما بقية الكتاب فهو ما بين رسائلٍ بينه وبين عائلته، وبين مواقفٍ حدثت له مع أصدقاءه الأدباء، ومواقف عاطفية عابرة. الجزء الأول ممتع أكثر.
عمومًا أحب إيمان ميخائيل نعيمة بالكلمة، وسعيه للتطوير والتجديد ومحاولته لإثراء الأدب العربي بشتّى الطرق.
من أحب أجزاء ثلاثية "سبعون" دون منازع...رحلة ميخائيل نعيمة منذ الشباب حتى سن الأربعين إلى العالم الجديد "أميركا" (بين ١٩١١ و ١٩٣١). تحكي لنا حكاية جيل عربي بأكمله غادر ارض الوطن إلى الجانب الآخر من الكوكب بحثا عن مستقبل أفضل. صادف الكاتب أن وجد عصبة من الأصدقاء الذين يشاركونه حب الأدب و الفن و طموحهم للسمو بالأدب العربي...و هكذا تشكلت "الرابطة القلمية" من أدباء أشعلوا أول الشموع أمام الأدب العربي الحديث...رغم أنهم كانوا في أمريكا إلا أن منتوجات أقلامهم لاقت الرواج الكبير في كل أصقاع العالم العربي و مازالت أسماءهم فارقة إلى هذا العصر (أشهرهم جبران خليل جبران). لا يتهاون الكاتب في أخذ حيز هام من السيرة ليحكي لنا عن علاقاته العاطفية (التي لم تكن كثيرة) لكنه حرص على حسن وصف كل إمرأة مرت بحياته و وضعت بصمتها فيها.
يستهل نعيمه الجزء الثاني من السيرة بطريق رحلته الى أمريكا وبداية مرحلة جديدة من حياته وما واجهه في بدايتها من حواجز اللغة والثقافة وغيرها
بعدها تطرق الكاتب إلى إنشاء مجلة الفنون التي أنشأها نسيب عريضه بالتعاون مع ميخائيل وجبران، تلك المجلة التي أُصدرت بأقل القليل من نيويورك ونشرت في طياتها الأدب والمعرفة لجميع أنحاء العالم وقد أرفق خلال تلك الفصول مقتطفات من مراسلاته مع نسيب وجبران حول المجلة
تتناول الفصول اللاحقة مرحلة مفصلية ليست في حياة الكاتب وحسب وإنما في حياة العالم أجمع ألا وهي اندلاع الحرب العالمية الأولى والتي عنّونها الكاتب "العالم يشتعل" تأثرت حياته وعالمه الخارجي والداخلي بشكل أعمق حين شاركت أمريكا في الحرب وتم إدراج اسمه تحت قائمة المجندين، وقد سرد في هذا الصدد عدداً من القصص والمواقف التي واجهته أثناء التجنيد
بعد إنتهاء هذه المرحلة القاسية في حياة نعيمه تم تأسيس الرابطة القلمية والحركة الأدبية المهجرية، تحدث الكاتب عن بداية نشأة الرابطة والمتاعب المالية التي واجهت الأعضاء وعدم قدرتهم على نشر المجموعات كما أرفق وصف تفصيلي داخلي و"خارجي" لأعضاء الرابطة
في الفصول التي تليها شجب الكاتب المدنية الغربية التي استُحدثت بعد الحرب العالمية وعبّر باستياء عن رفضه للمادية وأفصح عن إيمانه القوي بأن الشرق يحوي ثروات داخلية وخارجية اكبر منها في الغرب ،كما ارفق قصيدته التي نشرها في مجلة السائح " من أنت ما أنت" والتي كتبها معاتباً الغرب ومستنكراً افعالهم السيادية على بقية دول الارض
في الفصول الاخيرة ارفق الكاتب بعضاً من رسائله التي كان يرسلها لأخيه نسيب إبان هجرته الى فرنسا والقارىء اذ يتأمل تلك الرسائل وماتحويه من فكر سديد يخال انها تخاطبه هو أيضاً لا نسيب وحده
في نهاية الكتاب أتى نعيمه على ذكر وفاة جبران خليل جبران وتبعاتها عليه وعلى أصدقاءه وعائلته باقتضاب شديد حيث نوّه على ذكر التفاصيل في كتابه الذي ألّفه عن حياة جبران
في سبعون الجزء الثاني كتب نعيمه عن عدداً من العلاقات العاطفية التي أقامها خلال مدة إقامته في أمريكا وكانت جميعا تتمحور حول صراعه الدائم بين العقل والعاطفة وبين الشهوة والفضيلة
كما هو الحال في الجزء الأول فقد ضمّن الكاتب مقتطفات من رسائله ومذكراته ، أضاف اليها في هذا الجزء مجموعة من قصائده العربية والإنكليزية المترجمة
اختتم نعيمه الكتاب بعودته الى صنين كما كان يأمل ويتوق، وكما اصبحنا نأمل نحن جميعاً كقراء لسبعون
أُتيحت لي الفرصة و قرأت المرحلة الأولى فشدني الفضول و تملكت بي الرغبة لقراءة المرحلة الثانية و الثالثة. ميخائيل نعيمة متميز في كل شي بالرغم من مرور سنوات على مطالعتي للمرحلة الأولى إلا أني لم أنسى سطر من تلك الرواية التي تجسد في الواقع السيرة الذاتية لميخائل نعيمة. مازالت محفورة في ذاكرتيجبال لبنان و مناظرها و نبتاتها و حتى مسالكها و منعرجاتها مازالت أيضا أركان البيت الجبلي المتواضع عالقة بذاكرتي و غيرها و غيرها ...من صور و تفاصيل و جزئيات لن تشعر بالملل إطلاقا عند قراءتها و الغوص فيها بالرغم من تشعبها .هذه مقدرة ميخائل و إبداعه في الوصف لأدق التفاصيل و أتفهها دون بلادة و دون الوقوع في الركاكة . تجد حقا متعة كبيرة كأن عين ميخائل كاميرا تصور لك الواقع من عتبة باب منزلهم و صراخ أمه و نور الصباح التسلل من النافذة إلى جبال لبنان و رائحتها و عبقها و ترابها وصولا إلى حقيبة السفر و الباخرة. لتواصل معه رحلة حياته في المرحلة الموالية
حُصرت المرحلة الثانية من المذكرات ما بين عاميّ 1911 – 1932, فصولها محتقنة بالغربة والبحث عن الذات ومعنى للحياة, وفيها الكثير من الحكمة, يمكن للقارئ أن يستفيد من هذه المرحلة العمرية لأي كاتب بأن يعلم أن بحث الإنسان عن معنى لوجوده في الحياة لا يتوقف, وإنما يعيش في نزال مع الواقع حتى يشيب, والفائدة الحقيقية التي نستثمرها من الاطلاع على تجارب الآخرين أن نخوض وحول التجربة ولا نقصر عنها لحظة واحدة, وباغتنام الفرص مهما كانت تافهة, فربّ حدث عابر غيّر حياة الناس . ومن خلال مقدمتي الطويلة هذه يمكن للقارئ أن يستدل على أنها مرحلة مشبعة بالألم الذي لم تفتأ الغربة تكويه بأوجاعها, لامست هذه المرحلة العمق مني وأحزنتني . تأسست خلال هذه المرحلة جماعة شعراء وأدباء المهجر التي أسسها جبران خليل جبران في أمريكا, وكان ميخائيل عضواً من أعضائها .
كتاب رائع يتناول مذكرات ميخائيل نعيمة في المرحلة الثانية من حياته و هي العشرون سنة التي قضاها في أمريكا (١٩١١-١٩٣٢). اكثر ما اعجبني في الكتاب الصراحة و النظرة الثاقبة للاشياء التي امتلكها المؤلف. ينتقد الكاتب الحياة المادية و السعي الدائب للبشر لجمع المزيد. ينتقد المؤلف نفسة كما ينتقد الآخرين و يشاركنا بتطوره الفكري و دراسته و عمله و دعمه لحركة الثقافة العربية في المهجر. حنينه الى لبنان و الى حياة بسيطة يستطيع من خلالها التفكر في الوجود تاخذه الى بلده بعد ان أتمم التزامه المادي بتعليم أخيه. قلما يوجد في زماننا مثل ميخائيل . اين منا كلام كالدرر؟ ( ابتدأت قراءة السيرة بهذا الكتاب لأَنِّي لم انتبه ان السيرة احزاء ثلاثة فابتعت المرحلة الثانية فقط. الكتابان الأخريان في الطريق).
تعزز إعجابي بهذه الشخصية الفذة العبقرية ولكني لم أستطع بعد أن أجد معنى لخطواته المتعثرة وغير المدروسة من ناحية العثور على عمل وعلى جنسية جديدة وعلى حب نافع واستغرب من هذا الشخص الخيالي والذكي أنه ينكمش على تجاربه ولا يتجاوزها ولا يسخرها لخدمته لقد كانت أمامه عشرات الفرص السانحة والمميزة مع ذلك فهو في كل مرة يجرب القليل من الأشياء ويكتفي ثم ينزوي في صومعته الحرة والثرية بالافكار والرؤى إن شخصية كهذه لهي كنز قومي وعلى مستوى راق لا يشبهها شيء آخر ومع ذلك فإنها لم تأخذ المكان الصحيح والجدير بها أو أنها لم تقاتل بما فيه الكفاية كما أن الحالة العاصفة في أمريكا ذلك العصر ربما لم تكن تجيز للنوادر والعباقرة بأن يحجزوا أماكنهم العالية في أوساط المجتمع والبلاد!!
أن تقرأ ميخائيل يعني السمو بالنفس لسماءٍ، ما كانت قبل أن تقرأ .. فما في خطّ يده خلّاق .. و دروبه في ( سبعون ) تترامى فيها الرياحين، حُبًّا و تفكّرًا، بِلا كللًا من العودة للنفس دومًا و أن تشعبت الطرق إليها. ثم الحديث عن الفنون و السائح و (س ح) و الرابطة، عن اللغة، عن التقمص، عن الماسونية و التذكير دومًا بالله الماكينة التي تسود نيويورك و الصُحبّة و ما يغمر روح ميشا، أعني ما تفتقر إليه أمريكا الغنية جدًا .. ثراءٌ روحيٌ يرتوي بهِ من يقرأ لميشا ..
كتاب يبعث على التفكير .. يسرد حكايات مرت في حياة الكاتب في المهجر .. وتأملاته عن النفس والحياة .. تأملات الكاتب في الأدب العربي الحديث وتأملاته في الحضارة الغربية .. تأسيس الرابطة القلمية وعلاقاته مع الادباء العرب في المهجر .. كتاب فكري جميل يستحق القراءة ..
(عن المرحلة الأولى والثانية) منذ البداية ومن قرائة المقدمة تملكني شعور رهيب بأني سأقع أسير لهذا الكتاب ولقلم الكاتب المميز ولصراحته، في كل فصل من هذا الكتاب يشعرني بالفضول للفصول القادمة وبحماسة تجعلني اقفز للكتاب الثالث مباشرةً وشيئ يجعلني أتروّى بالقراءة واقلب الصفحات على مهل لأتلذذ بهذه السيرة الجميلة شعور متناقض ولكنه يصف حالتي بشكل دقيق, يعود بنا ميخائيل لتذكر اوقات الشخروب في صنين او بسكنتا إلى ايام الطفولة ومعاركها الصغيرة برفقة العائلة وألفتها قبل أن يبعده طلب العلم عن تلك العائلة ويكمل مسيرته التعليمية التي استحقها عن جدارة في بلاد اخرى بعيد عن حنان الام وعطف الاب ،
يجد ميخائيل نفسه في بعض من الاوقات أنه سابق من حوله فكرياً ولا يجد من محادثتهم ازدياد بالافكار ولا عمقاً يثري عقله ويشبع مايجول في نفسه بينما يراها احاديث سطحية لا تتعدى حديث المأكل والمشرب والأحداث اليومية ولذلك يفضل العزلة للتشبع الروحي والتفكر والكتابة . كما أنه يجد في كينونته أمور تثير تسائلاته حول الوجود والخير والشر . ونفسه تنفر من المدنية وتحن للريف وسكونه وكما طرأ كثيراً بأنه ليس من عباد المال ويؤثر الوظائف التي تمكنه من سد رمقه وتسير حياتها حيث أنه شديد الكبرياء من مد اليد لطلب المال في الكتاب الثاني يوجد فصل باسم( إلى أخي نسيب) وهي رسائل مليئة بالحكمة والخبرات والتوجيه من ميخائيل إلى أخيه نسيب ومن شدة صدقها وصواب ماتحمله سيستفيد منها ابن هذا الزمن، تلك الرسائل لم تفقد قيمتها رغم أنها صدرت قبل قرابة المئة عام . في وسط زخم نيويورك يتطلع الكاتب إلى العزلة والتأمل واكتشاف الذات حتى انني استبق الاحداث واعتقد بأنه سيفصح عن تصوّفه في الكتاب الثالث. يتميز ميخائيل بالبساطة في الكتابة ولن تجد من مفرداته مايستدعي البحث والتفسير بل لغة تستلذ بها من شدة جمالها .
الجزء الأول أفضل بكثير ، هذا الجزء شعرت فيه بالملل ولم أستطع إكماله بشكل جيد للأسف ، أتمنى أن يكون الجزء الثالث أفضل !
تحدث الكاتب عن وصوله إلى نيويورك، وكيف أن المدينة ببناياتها الضخمة وحركتها المحمومة رآها أثقالاً تضغط على صدره، وتحدث عن سعي المهاجرين اللبنانيين للاندماج في المجتمع الأمريكي، فأخو المؤلف هيكل صار اسمه هنري، وأخيه أديب صار اسمه جو، وباقي المهاجرين غيروا أسمائهم من ملحم إلى ويليم و دعيبس إلى دايفيد، وتفادياً للسخرية من أسمائهم ذات الحروف الغير موجودة في الإنقليزية كالعين والحاء.
بعد ذلك تحدث عن تجربته في جامعة واشنطن، وحصول الحرب العالمية في 1914م مما أخره عن الرجوع لبلاده لبنان التي كان ينوي الرجوع إليها فور تخرجه من الجامعة في عام 1916م فأبقته الحرب حتى عام 1932م، وتحدث عن أثر تلك الفترة على لبنان، ففي عام 1915 جاءت نكبة الجراد التي أفسدت المحاصيل
بعدها تحدث عن مشاركته في التجنيد للحرب العالمية الأولى وما واجههم من يدعو للاشمئزاز، إلى أن انتهت الحرب، فيقول " في ذلك اليوم رقص الملايين من الناس في شتى بقاع الأرض و غنّوا و سكروا و عربدوا، إلا الذين تذوقوا طعم الحرب، أولئك ظلّوا صامتين "
سبعون المرحلة الثانية شيئ رائع للغاية و لكنّه أقلّ روعة من سبعون المرحلة الأولى ! فتزاحم الأقكار في هذا الكتاب يجعل حقيقة أنّه سيرة حقيقيّة تشرد قليلا عن رأسك ، ففيه أحداث و أفكار لا يمكن أن تحدث إلّا مع شخص كميخائيل نعيمة !! لقد إستوقفني حدث الحرب ، لأنّه كان آخر ما توقعت أن يحصل مع ميخا ، و مع نسيج كلمات ميخا ووصفه المتقن للأحداث و الأماكن و الشخصيات ، رُسمت صورة رائعة في مخيلتي عمّا كان فيه ، الأمر الذي جعل هذا الفصل المفصل لدي ! و بالسؤال الذي إختتم به ميخا ، زاد تلهفي لقراءة الجزء الثالث ، و كيف سيكون اللقاء بأرض الوطن و الأهل بعد غياب عقدين !!؟ حقّاً إنّه كتاب كتب نعيمي .
بقدر ما أجلّ ميخائيل نعيمة كأديب،فالامر ليس كذلك حينما يتعلق الامر بالفلسفة. فحينما يلج هذا الميدان يدخل الكاتب فيما قضى هو عمره بانتقاده الا وهو الكلام المبهرج الذي لن تخرج منه بشيء. ويبدأ الملل الذي يخرجك من تركيزك. الا ان المتعة تعود حينما يعاود سرد الوقائع والمشاعر والافكار التي كانت تراوده في تلك اللحظة. عموما المرحلة الاولى كانت اجمل، في انتظار شكل المرحلة الثالثة.
فصل جديد في ح��اة ميخائيل يستذكر فيه تجربة الغربة لعشرون عامًا في أمريكا..مليءٌ هذا الفصل بتفاصيلَ كثيفة ومشاعر غزيرة استعرضها ناسك الشخروب برشاقةٍ في القلم ورهافةٍ في الحس.
فصل-أخي نسيب-حُفر في ذاكرتي. بالمختصر.. لشغوفيّ أدب الرسائل؛ ستُطربون هاهُنا كثيرًا. شكرًا لميشا على هذا الفصل تحديدًا.
المرحلة دي بنتعرف على أدب المهجر وأدباء المهجر والأثر اللي تركوه على الأدب العربي وبالنسبة للمؤلف فبنمشي معاه خطوة خطوة في طريق نضجه الفني والروحي وبنشوف بعض من مغامراته العاطفية وعلاقته بأخيه الأصغر نسيب
الجزء الثاني من مذكرات ميخائيل نعيمة.. أعجبني أكثر من الاول.. يختصر هذا الجزء حياة نعيمة في الولايات المتحدة الأمريكية والتي قضى فيها ٢٠ عاما.. أنتظر بفارغ الصبر الجزء الثالث والأخير.. ومرحلة العودة إلى لبنان..
الجزء الثاني من رحلة عمر.. المدهشة! هذا الجزء صادم حقاً وفيه الكثير من الاعترافات والآلام التي عجنته بها الغربة وحياته في المهجر. التضحيات والصبر والمحاولة وعزة النفس، والتذبذب بين ضجيج المدن وعزلة الريف. مشاركته في الحرب العالمية كانت هي الصدمة الكُبرى ومشاعره نحو الأحداث والعقوبات التي نالها وقسوة العيش في ظل سلطة الجيش. رغم طول صفحاتها (وهي تتحدث عن عشرين عاماً في المهجر) إلا أنني أشعر بأنها موجزة ومكثفة.