لكل فعل محددات وتجليات. المحددات قد تكون دوافع داخلية بيولوجية او سيكولوجية، شعورية او لا شعورية، وقد تكون تنبيهات او تأثيرات خارجية. اما التجليات فهي المظاهر والكيفيات التي يتحقق الفعل فيها او من خلالها او بواسطتها. والسياسة فعل، له هو الاخر محدداته وتجلياته. وهي فعل اجتماعي يعبر عن علاقة قوى بين طرفين يمارس احدهما على الاخر نوعا من السلطة خاصا، هي سلطة الحكم، ومحددات الفعل السياسي بوصفه سلطة تمارس في مجتمع وتجلياته النظرية والتطبيقية، الاجتماعية الطابع، تشكل بمجموعها قوام ما ندعوه هنا "العقل السياسي". هو "عقل" لان محددات الفعل السياسي وتجليات تخضع جميعا لمنطق داخلي يحكمها وينظم العلاقات بينها، منطق قوامه "مبادئ" وآليات قابلة للوصف والتحليل. وهو "سياسي" لان وظيفته ليست انتاج المعرفة بل ممارسة السلطة، سلطة الحكم، او بيان كيفية ممارستها. كان موضوع البحث والدراسة في الجزئين، الاول والثاني، من هذا الكتاب هو "عقل الفكر العربي" اي اسس الفعل المعرفي وآلياته وموجهاته في الثقافة العربية. اما موضوع هذا الجزء - الثالث- فهو "عقل الواقع العربي" ونقصد به محددات الممارسة السياسية وتجلياتها في الحضارة العربية الاسلامية وامتداداتها الى اليوم. طبيعة الموضوع هنا تختلف، اذن عن طبيعة الموضوع هناك: انتاج المعرفة شيء، وممارسة السياسة او بيان كيفية ممارستها شيء آخر.
محمد عابد الجابري (1936 بفكيك، الجهة الشرقية - 3 مايو 2010 في الدار البيضاء)، مفكر وفيلسوف عربي من المغرب، له 30 مؤلفاً في قضايا الفكر المعاصر، أبرزها "نقد العقل العربي" الذي تمت ترجمته إلى عدة لغات أوروبية وشرقية. كرّمته اليونسكو لكونه “أحد أكبر المتخصصين في ابن رشد، إضافة إلى تميّزه بطريقة خاصة في الحوار”.
بعد نقده للعقل المعرفي العربي، يمضي الجابري بنا إلى نقد العقل العربي في صورته السياسية. ولأنّ المادة التي استقرأ منها ملامح هذا العقل كانت التاريخ بأحداثه وشخوصه، فقد جاء الكتاب أقرب إلى القارئ من سابقيه. فالتاريخ العربي- والإسلامي منه تحديدًا- حاضرٌ بقوّة ووضوح في أذهاننا. وهذا بالضبط ما أراده بالمخيال السياسي الجمعي. كتابٌ عظيم النفع، لا في قراءة التاريخ بعمق فحسب، بل في قراءة واقعنا أيضًا. فمازلنا عربًا تحكمنا "القبيلة"، وما زلنا مسلمين تحكمنا "العقيدة"، و مازلنا بشرًا تثيرنا "الغنيمة". وما زالت تلك الثلاثة تتلاقى وتشكّل "لاوعينا" الجمعي. كما أنّ الحكّام ما زالوا –الآن وهنا- يديرون البلاد والعباد "العامّة"، من خلال دوائرهم "الخاصّة" في "مركزيةٍ" ظاهرة، و"أطرافٍ" مهملة وإن كانت مهمّة وفاعلة. وما زال الفقه والإعلام يصنعان الحاكم الوثن. ومازال تأويل الدين قابلاً لتبرير النقيضين: الخنوع والخروج على السواء. وما زالت التناقضات بين المدارس والمذاهب والحركات والجماعات تتلاقح وتتلاقى في زوايا معتمة، منتجة الصورة من نقيضها. و إضاءة تلك الزوايا المعتمة من أكثر ما يجيد الجابري في أطروحاته. لن أفي الكتاب حقّه في هذه المراجعة السريعة، لكن مشروع الجابري بدأ يتبلور بالنسبة لي، لا كإجابات ناجزة، بل كمفاتيح للفهم، وآلاتٍ للبحث. وهذا جهدٌ عظيم مشكور، وعلمٌ نافع يستحقّ الدراسة والمتابعة. نقطة أخيرة واجبة الذكر؛ لا شكّ أنّ كتب الجابري بطبعاتها المتلاحقة تحظى بالتدقيق اللازم والمستحق. خاصة أن كانت الدار الناشرة هي مؤسسة دراسات الوحدة العربية. وتكاد لا تقع على خطأ لغوي في النص، اللهم إلا ما كان في أخطاء كتابة الهمزات بتكرارٍ غريب! لكن الأهمّ والأولى هو نصّ الآيات القرآنية التي وردت فيها أخطاء جمّة، من الشكل إلى الإملاء إلى سقوط كلمات كاملة من الآية، وهذا مما لا يليق ولا ينبغي.
كتاب فلسفي منهجي مميز يتناول العقل السياسي العربي في محدداته وتجلياته ،، استعرض الجابري التاريخ العربي من بداية تأسيس دولة النبوة أو دولة الدعوة إلى دولة الخلافة ثم الفتنة والأمويين والعباسيين بشكل عام وبرؤية نقدية واستقرائية مميزة وخلص فيها إلى ثلاثة محددات حكمت العقل السياسي العربي هي القبيلة والغنيمة والعقيدة وبعد بحث طويل في تأثير وتحولات هذه المؤثرات في سياقاتها التاريخية والفكرية خلص إلى أن المخرج للفكر السياسي العربي اليوم هو في تحويل القبيلة إلى دولة المؤسسات والحريات والدستور والمجتمع المدني عبر تطور اجتماعي ثقافي سياسي شامل ، وتحويل الغنيمة إلى اقتصاد منتج لا ريعي ، وتحويل العقيدة إلى مجرد رأي بدلاً من التفكير المذهبي والطائفي المتعصب الذي يدعي امتلاك الحقيقة المطلقة بل يجب فسح حرية الرأي والتفكير بعيداً عن سلطة العقيدة الدوغمائية ،، يخلص الجابري إلى أن الفكر العربي المعاصر مطالب بنقد المجتمع والاقتصاد والعقل السياسي لأن أي حديث عن النهضة والتقدم بدون هذا النقد سيبقى مجرد وهم ،، كتاب مهم وثري
اذن فالمطلوب هو : 1- تحويل القبيلة الى مجتمع مدني سياسي فيه تمايز واضح بين الدولة واجهزتها وبين التنظيمات الاجتماعية المستقلة عن الدولة. 2-تحويل الغنيمة الى ضريبة بتحويل الاقتصاد الريعي الى اقتصاد انتاجي. 3-تحويل العقيدة الى مجرد رأي فبدلا من التفكير الطائفي المتعصب الذي يدعي امتلاك الحقيقة يجب افساح المجال لحرية التفكير والاختلاف وبالتالي التحرر من سلطة الجماعة ومن عقل الجماعه سواء كانت دينيه او علمانية. بهذة الكلمات يختتم الجابري كاتبه بعد ان بين هذة المحددات الثلاثة "القبيلة،العقيدة،الغنيمة" واثرها على العقل السياسي العربي في تجلياته وفي تطوره. ..كتاب مهم لمحاولة فهم التراث واثره في الحاضر.
"العقل العربي السياسي" للفيلسوف المغربي محمد عابد الجابري من أغزر وأهم الكتب التي قرأتها لهذا العام وهو أيضاً من أكثر الكتب التي نالت مني وقتاً زمنياً طويلاً، ما يقارب ال ٢٠ يوماً. ما يميز الجابري أمران: فكره الضخم، فأنت حين تقرأ له فالأمر أشبه ما يكون بوجبة غذائية دسمة تبقى بعدها ساعات طويلة ممتلئاً بها ناهيك عن طيب طعمها ما يجعلك لا تقتنع بعدها بأي وجبة قد تُقدّم لك. الأمر الثاني أنه يقف في حكمه موقفاً حيادياً في مناقشته لسياسة السنة والشيعة ويسرد وقائعاً حقيقية وغير ملفقة. للكتاب مقدّمة مُتعبة وغالباً ما يكون متعباً في غرسه يكون مثمراً في حقله، يتحدث فيها عما سيلقي بظلال حكمه من خلاله على عقلية العرب السياسية. فتطرق لأثر الشعور واللاشعور لدى النفس البشرية والدوافع الغريزية والرغبات المكبوتة وعن حال المجتمع في تقبل السياسة بأشكالها . عن المخيال الاجتماعي الذي يُعبر عن الرموز والأشخاص التي يعدها الإنسان ( تابو ) بالنسبة له فتؤثر على تعامله مع من يحكمه وتعامل من يحكمه معه. عن أبرز الأفكار التي ظهرت قبل الماركسية وبعدها وما هو موجود منها في التربة العربية. عن بعض المفكرين الماركسيين المهمين أمثال المجري جورج لوكاتش. تطرق إلى العلاقات السياسية بين الجماعات كيف تجري، عن الاقتصاد الريعي الذي تقوم قائمة العرب عليه ولا زالت الدول العربية تعتمد عليه. بعد هذه المقدمة يُحدد الجابري مفاتيح قراءة العقل السياسي العربي وهي ثلاثة: القبيلة، والغنيمة، والعقيدة . ومن ثَمّ يعمل على شرح تأثيرها في مراحل الدعوة الإسلامية الأولى، وكذلك زمن الخلفاء الراشدين ، يُضاف إليهما عصر الدولة الأموية. ينتقل بعدها إلى مدى وجودها في أساسيات المفاهيم الشيعية ويحلل مبدأ الإمامة والرجعة والبداءة لديهم. كتاب أفادني جداً وجُلّ عظمته ، لا في سرد الأحداث التاريخية فمعظمنا يعرفها، وإنما الكيفية التي كان يقرأ الناس بها الحدث التاريخي سواء زمن حدوثه أو في زمن لاحق. تنبيه بسيط في ما يخص الجابري أنه مفكر علماني يجب الانتباه لبعض الزلات الطائفية التي قد يسوق القارئ لها ما لم يتّخذ حذره.
كتاب مستفز جدا، لكاتب مستفز. هناك العديد من النقاط التي اود نقضها، و الإشارة الي مدى التزوير فيها، لكن سأحاول قدر الإمكان الإختصار لأن الحق لا يحتاج الى ضجيج ليعلن احقيته.
بدايةً، لم يتطرق الجابري الى الشيعة من منظور موضوعي مطلقاً، فذكره للمراجع التي تعتبر أصل الشيعة يعود الى اليهودي عبدالله بن سبا وإيمانه بها في حين ان الشيعة بمصادرها كافة ترفضه رفضاً قاطعاً بل حتى أن الإمام علي (ع) عاداه، يدل على مدى عدم احقية الموقف الذي إتخذه الجابري في إستخدام هذه المصادر في حين كثرة المصادر الشيعية التي كان يجب ان ياخد منها بالدرجة الأولى معتقدات الشيعة ومبادئهم.
إضافة الى ذلك، لم يبالي بذكر اية ادلة على مبايعة الإمام علي يوم الغدير، في حين أنه بقي يعيد ويكرر ادلة على احقية أبا بكر و عثمان (بصورة غير مباشرة) بان جموع المسلمون بايعوهم، وذكره أحاديث تبرر خلافتهم (ايضاً بطريقة غير مباشرة)، ولم يذكر مواقفهم من الإمام علي المعروفة تاريخياً و تؤكد حسدهم له بعد زواجه من السيدة فاطمة عليها السلام، وقربه من الرسول، وولادته في الكعبة.
إن كل مشاكل العالم العربي تعود الى ذلك اليوم الذين سلبوا فيه من الأمام علي خلافته الشرعية عبر تحويرهم للدين. ومن له راي مخالف ليقرأ عن الإمام علي واولاده وأحفاده الائمة واخلاقهم، وطرق حلهم للنزاعات وتواضعهم، وبالدرجة الاولى، حب الرسول لهم.
{قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ} والتي حوّر عدد كبير من علماء السنة معناها الى شمل الصحابة من عمر وابو بكر ضمن "القُربى"، دون التاكيد على ان المقصود فيها هم عائلة الرسول فقط.
لم يعد هناك داعٍ لأنقض ما شدد عليه الجابري وما مفاده "الإسلام لم ياتي بنظام حكم مشرّع له وكل شيء متروك للإجتهاد" لأن الإعتراف باخلاق الإمام علي (والذي قام به الجابري في عدة مواضع) يؤدي طردياً الى الإعتراف باحقيته بالخلافة، دون التذرع بحجج واهية مثل عمره وقلة خبرته والتي نقضها الجابري نفسه . وبالمناسبة، الجابري وبالرغم من مصادره السنية مثل الماوردي والطبري والبخاري وغيرهم، الا انه، ومن غير قصد، يساعدنا نحن كشيعة التأكد من عقائدنا أكثر.
أنتهج الكاتب المسلك النقدي للتراث لإبراز معالم ومرتكزات الإستبداد في المخيال العربي، حيث لم ينتهج مسلك الرضا عن الواقع بل صرح أنه منحاز للديموقراطية والفكر التنويري. كتاب ثري جداً بأستدلالاته، جميل في استخل��صاته، ذو منهج نقدي وعقلي بدرجة كبيرة. يغوص بك الكاتب في رؤاه الفلسفية والسياسية لبحث مكنون العقل العربي السياسي منذ تكوينه ومن ثم يعود بك إلى الواقع المعاصر لربط الاستشهادات. تداعيات الفراغ الدستوري -باللغة المعاصرة- في المخيال السياسي والاجتماعي في العقل العربي الراهن، كانت من محفزات الكاتب لمشروعه في نقد العقل العربي الضخم. خلص الجابري في كتابه أنه لم يعرف في العقل الإسلامي السياسي إلا ميثولوجيا الإمامة وأيدولوجيا السلطانية فقط، الأولى بأحقية نسب الرسول بالإمامة والخلافة والآخرى بمن أشتدت وطأته وجبت طاعته، وكلاهما ترى الخليفة راعي وبتفويض الآهي والرعية عليهم الاتباع والانصياع له ما سلم لهم دينهم بدون الاعتبار لصلاح دنياهم ومعاشهم وأن ليس لهم في السياسة من شأن. ويخلص أيضاً إلى أن محددات العقل العربي السياسي ما لم تنفك من ثالوث (القبيلة والعقيدة والغنيمة) لن تنجح في التحول إلى مجتمع ديموقراطي يؤمن بالاختلاف والتعددية وحرية العقيدة والعدالة الاجتماعية لتحقيق الرفاهية الاجتماعية، وهذا لن يتحقق على حداه بل يحتاج لمنظومة إقتصادية قائمة على الإنتاج تختزل في طياتها تكوين مجتمعات جديدة قائمة على الإنتاج والفاعلية وإقرار الاختلاف.
كتاب فلسفي بطريقة غير فلسفية موجه للقاريء العربي فتجد الأسلوب سهل بسيط -وهذا الهدف الاساسي للكاتب - لعرض السيرة النبوية بطريقة مفهومة ومختلفة وليس استعراض مصطلحات فلسفية كان بإمكانه استعراضها، لانه كما قلت هدفه القاريء العربي مثلي أنا الذي لايفضل الكلمات الفلسفية التي تحتاج لتفسير عدا كونها مملة احياناً. كتاب يسرد السيرة النبوية بطريقة رائعة وجميلة جعلتني التفت لأمور لم أفكر بها من قبل أو لم انتبه لها رغم معرفتي ببعض المعلومات التاريخية وأيضاً لن أنسى أسلوبه السهل الجميل السلس يأخذك من فقرة لفقرة ومن صفحة لصفحة ،فتصل لآخر الكتاب دون أن تشعر بذلك كتاب يجعلك لا تتركه حتى تنتهي منه كتاب يقرأ مابين السطور أو بعبارة أخرى يضع النقاط على الحروف .
تم بحمد الله بعد ماراثون طويل كان بيني وبين الكتاب . الكتاب دسم جدا ويحوي من التحليلات العبقرية للمارسة السياسية لدولة اﻹسلام بدءاً من العهد النبوي مرورا بالعصر الأموي والعباسي والأسس التي قامت عليها الممارسة السياسية مع سرد تحليلي ﻷسباب بعض اﻷفكار والتيارات المنتشرة في كل فترة وعلاقتها بالسلطة.
كتاب لا أصفه إلا أنه رائع .. أبدع فيه الجابري .. كتاب يحتاج مني لقراءة ثانية وثالثة، لن أقوم بتلخيص الكتاب أو عرض مفرداته، سيكتشف القارئ ذلك بنفسه .. أعجبني فيه تحرر الجابري من ثنائية التشيع والتسنن، وإن ظهر أحيانا ميله للسنة .. ثمة نصوص عدة اقتبستها ووضعتها على الفيسبوك .. الكتاب كما ذكر مؤلفه .. محاولة أولى لنفض الغبار عن التاريخ السياسي ومحدداته عند المسلمين .. من أمتع ما قرأت في الكتاب: عرضه لمواضيع سورة براءة، ومذهب الإرجاء، وأفكار واصل بن عطاء .. الكتاب ثري جدا .. أعطيه العلامة الكاملة .. 5/5
في كل كتاب للفيلسوف الراحل محمد عابد الجابري ستنبهر بعقلانية طرحه و تحليله للتراث العربي و الإسلامي و إبداعه في استخلاص نظريات عامة لما يمكن أن نسميه عقل جمعي عربي و في هذا الكتاب أصاب المؤلف عندما جعل تكوين الدولة الإسلامية في عهد النبي عليه الصلاة و السلام هي البداية للعقل السياسي العربي و عرض ترابط الدين بالسياسة و الخلفيات السياسية للأحزاب و الطوائف الإسلامية التي تفرعت فيما بعد عن جماعة المسلمين ، كتاب رائع لفهم التاريخ السياسي للعرب و المسلمين.
ما أعرف كيف انتقد أو أبدي رأيي بالصراحة هذا ثالث الكتاب اقرأه من مشروعه..تسلسله واضح..الكتاب يخرجك تفكيرك من القوقعة..خصوصاً عن تاريخ في تراث الإسلامي. أظن أن نظام السياسي "إذا لم تقرأ من قبل الكتب شبيه مثل هذا الموضوع"..الواقع العربي بدءاً من الغنيمة و العقيدة هي مثلها و لم يشهد تغير الواضح أو الجدري و كأننا نعيش مثل ما يعيش أباءنا و أجدادنا..
الكتاب ممتاز عمومًا، تقسيمه العوامل السياسية إلى عقيدة وغنيمة وقبيلة فتحت أفاق جديدة لفهم الأحداث السياسية للفتنة وتبعاتها إلى اليوم. يعيب الكتاب كثرة الاقتباسات وهو ما قاله المؤلف بافتتاحية كتابه
كتاب فلسفي تحليلي نقدي للتاريخ العربي من جانبه السياسي ابتداءا بمرحلة النبوة و مرورا بالخلافة الراشدة ثم الفتنة و الحكم الأموي و الثورة العباسية الكتاب يستعرض المسميات الآنفة الذكر و يحفر في بنيتها التاريخية لاستخلاص الأسباب التي أدت لتشكلها ككيانات سياسية متشابهة بدوافعها و متصارعة في تجلياتها و يعتبر الكاتب أن جوهر العقل السياسي العربي في كافة مراحل تطوره مبني على ثلاثة منطلقات هي: القبيلة و الغنيمة و العقيدة وهذه المنطلقات الثلاث تسيطر على لاشعورنا السياسي إلى الآن وقد أكد الجابري عل أن المخرج للفكر السياسي العربي يتم عن طريق : تحويل القبيلة إلى دولة المؤسسات و الحريات والدستور و المجتمع المدني وبذلك بقيام تطور اجتماعي سياسي شامل و تحويل الغنيمة من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد منتج و تحويل العقيد إلى مجرد رأي بعيدا عن العصبيات و الطائفية و التطرف و الدوغمائية و أكد الجابري في الختام أن الفكر العربي المعاصر مطالب بنقد المجتمع و الاقتصاد و العقل السياسي في الحاضر و الماضي و إذا لم يتم ذلك الأمر فكل حديث عن النهضة و التقدم هو حديث لا يعول عليه ولا يتجاوز حد الثرثرة الفكرية.
سلسلة الجابري وجب أن تقرأ هي في الحقيقة إرث للعرب والمسلمين.
نفض وتحليل ونقد العقل السياسي العربي أمر مهم جدا لبيان كيف تم تشكيله الان وكيف ان البعض يستشهد لحالات معينة بسبب انها كانت متداولة سابقا، في الكتاب هذا يبين لك كيف انتقل الحكم او الخلافة من مرحلة الخلفاء الراشدين الى مرحلة الخلافة العباسية ومالاسباب للتغير في طريقة اتخاذ الخلفاء.
ربما مأخذي على الجابري أنه لم يستكمل مابعد الدولة العباسية ولم يتحدث عن الدويلات التي نشأت بعد الخلافة العباسية، صحيح انه ذكر هذا الشئ في الخاتمة ولكني تمنيت لو تم ذكرها في فصل اخير.
يااخي يوم عن يوم يزيد اعجابي بموضوعية الكاتب وبمهنيته وغزارة المعلومات والتحليلات فالكتاب يشرح عن المحددات الاولية التس ساههمت في تشكيل العقل السياسي العربي من خلال سرد تأريخي وتحليلي للاحداثالسياسية التي شهدتها المنطقة منذ بداية البعثة المحمدية بصورة موضوعية ومنهجية منقطعة النظير
يتفوق هذا الجزء على اخوية ، و قد اصاب الدكتور الخلفيات التاريخية بطريقه جيدة لا تخلوا من بعض الاختلافات في الاّراء لكن تبقى وجهه نظر لا غبار عليها ، نواصل الرحلة من الجزء الرابع و الأخير بأذن الله
العقيدة والقبيلة والغنيمة كمحددات للعقل السياسي العربي من الدعوة إلى الدولة ومن الردة إلى الفتنة، ثم تجليات العقل السياسي العربي في الملك والإمامة والايديولوجيا السلطانية، ثم محاولة لاستئناف عصر جديد
لا زال الجابري يثير اهتمامي في مشروعه الضخم الذي جوهره إعادة القراءة للموروث العربي بتنوعه وتعدد مجالاته قراءة منهجية واحدة توحد بين عناصره للوصول إلى استنتاجات حول طبيع ة العل الذي يقف وراءها . لا زلت أرى أن الجابري يتميز باطلاعه الموسوعي و قدرته على تنظيم الأفكار وتبويبها بطريقة تفتح افاقا لا تنتهي. الثراء الحقيقي هو أن نتعلم قراءة التراث بعيدا عن صيغة الجزر المعزولة وان نفكر في الربط بين عناصر الثقافة العربية من نحو وعقيدة وفقه وفلسفة والوصول إلى السياسة والاقتصاد في قراءة تتبع المنطق التاريخي للأمور بعيدا عن الكليشيهات الجاهزة. منذ بداية الدعوة وحتى تأسيس الدولة العباسية يضع الجابري الإطار الزمني الذي سيعمل بموجبه على استطلاع العقل السياسي العربي وكشف مكنوناته . مقسما إياه إلى مراحل . 1- من الدعوة إلى الدولة : ومحورها الأساسي يكمن في العقيدة . 2- من الرد إلى الفتنة : ومحورها الأساسي هو القبيلة . 3-ثم ينتقل إلى الملك والإمامة والحركة التنويرية والأيديلوجيا السلطانية اهذ االنوع من الأعمال يحتاج إلى تدقيق كامل للصادر لمن يود أن يراجع مصداقية الأحداث التاريخية المدرجة فيه . وخاصة في الفترة القائمة منذ وفاة النبي عليه الصلاة والسلام وحتى انتهاء الفتنة . إن هذه الفترة المفصلية في تاريخ العرب والإسلام قد كرست لمباديء لا نزال نعيش تبعاتها حتى اليوم وكل من يحاول البحث فيها سيجد نفسه في مكان شديد الحساسية والتوتر ويعود ذلك بشكل رئيسي إلى تعدد الروايات وتناقضها في بعض الأحيان . ورغم أن الجابري ايبذل الجهد في فرز الروايات بناء على مصداقيتها التاريخية إلا أنه لم يسلم من انتقائية في اختيار الروايات التي تخدم أطروحته . ولهذا لا يجب الانسياق إلى قراءة هذا الكتاب كمرجع تاريخي فذا سيقل من شأنه وإنما يفترض استخلاص خصائص العقل السياسي العربي من جملة السرد التاريخي بالتبويب الذي اعتمده الجابري وهو تبويب متميز وبسيط . نهاية الكتاب كان يفترض بها أن تكون موجزا لرؤية الجابري لمشروع النهضةالشاملة ومنا ما يتعلق بتحرير هذاالعقل السياسي من تلك القيود التي عطلت تقدمه ونموه ولكنها أقل حجما وشانا من أن ترتقي لهذا السقف . كنت أفضل لو استرسل أكثر في مقدمته والتي تبين الفرق بين العقل العربي والمجتمع الذي يحيا به وبين نظيره الأوروبي حيث أن هذه التفرقة كان لها أن تجيب عن تساؤل لا زال هو الشاغل الأكبر للعقل الجمعي العربي والذي تعددت فيع الرؤى بين التأوبلات الاقتصادية والسياسية والدينية . الجابري بتحليله المنضبط كان يمكن له أن يسهم في هذا الباب بشكل أكبر تأسيسا على تكوين العقل العربي الذي أرسى دعائمه في الجزء الأاول من السلسلة .وأكرر إن النهاية بعد أن أعدت قراءته أقل شأنا من المتوقع . بعد هذا السرد التاريخي الذي استغرق أغلب فصول الكتاب كان يفترض بالفصل الأخير أن يكون أوسع أفقا في الحلول المطروحة حتى وقد ذكر الجابري إنه اختار النقد لتاريخ العقل أساسا لأطروحته .
من أروع ما قرأت كتاب حدد فيه السلوك العربي السياسي بتوظيف مفاهيم ( المجال السياسي ، المخيال الاجتماعي والسياسي ) لدراسة ظاهرة العقل العربي السياسي ونقده وحدد محددات العقل العربي السياسي ( القبيلة ، الغنيمة ، العقيدة ) هذه هيا المحددات التي مارسة فيها الفرد العربي الاسلامي سياسته ووظف فيها قراراته أو طموحه السياسي من سقيفة بني ساعدة إلى العصر الحديث
مازال الفكر العربي بخير في حضرة الجابري .. كعادته عميق في مناقشة القضايا .. رغم انه لا يخرج عن التفكير الحداثي بشيء جديد او لم يطرح حلول خارج هذا الحقل ..
كان عظيم في تتبع الظاهرة التي شكلت العقل العربي السياسي و هو معتمد بذلك على البنيوية بشكل متجانس و متسلسل و بنفس الوقت عميق جداً و ذو رؤية تحليلية عقلانية .. رائع