من أهم ماكتب عن الشيعة يقدم خريطة تاريخية جغرافية سياسية لمذاهب الشيعة وأهلها في العصر الحديث ويصلح مرجعاً عاماً وسهلًاخاصة في هذه المرحلة التي بدأت فيها المسألة الشيعية تأخذ أبعادا سياسية وعقدية، وتختلط فيها المعرفة بالمواقف والصراعات، هذا بالإضافة إلى التحديات السياسية الناشئة عن هذه المسألة في دول عربية وإسلامية عدة. يتكون من قسمين رئيسين يتحدث في القسم الأول عن الشيعة غير العرب..الإيرانيون، الهزارة في أفغانستان، علويو تركيا، شيعة القارة الهندية، شيعة أسيا الوسطى وفي القسم الثاني يتحدث عن الشيعة العرب .. المفارقة العراقية، الخليج الشيعي، اليمن الشيعي، أقدار درزية، ثأر الشيعة اللبنانيين
الكتاب لكاتب فرنسي يكتب بعين الحياديّة في موضوع طالما تم المناقشة حوله من قبل أطراف عدة، وهذا ما يعطي الكتاب نقطة قوة. يُصنف الكتاب من النوع التحليلي التاريخي، فمن لا تستهويه القراءة في هذا النوع من الكتب سيجده مملاً بعض الشيء. من وجهة نظري، الكتاب قيّم جدًا، وقد قرأت الكثير من المعلومات لأول مرة. قام الكاتب بدراسة النشأة الشيعية بكل فروعها وتحليلها من الناحية السياسية، وتناول أيضًا توزيع الشيعة جغرافيًا منذ النشأة وحتى تأثر هذا التوزيع بالعوامل السياسية. وقد ذكر مظلومية الشيعة في كل البقاع الجغرافيّة على امتداد الأزمان، وأسباب هذا الاضطهاد سياسيًا ودينيًا. إلى جانب أنّه تنبأ ببعض الأحداث (نظرًا لأن الكتاب يعود لعام ١٩٩٥) والتي تحققت في الوقت الحاضر.
من الناحية الأخرى، هناك سلبيات للكتاب: أولًا، يفتقر الكتاب للهوامش، وأعتقد أن العديد من المواضيع المتناولة كانت تحتاج إلى توضيح أكثر. ثانيًا، نظرًا لقصر الكتاب نسبيًا، فقد طُرِحت المحاور بشكل مختصر.
كُتِبَ الكتاب ابتداءًا سنة 1995، مُبَررًا من قبل المؤلف بأنّ «هدفه هو التعرف إلى الآليات التي يسّرت عودة الشيعة إلى مقدّمة مسرح السياسة الدولية. ففي الواقع، كل شيء يحملنا على الاعتقاد أنّ هذه العودة هي دائمة. فالشيعية صارت أفقًا يصعب تخطّيه.»
من جانب الحقائق التاريخية، فمع ما بذله الكاتب الفرنسي من جهدٍ لفهمها والتعريف بها، إلا أنّها تبقى ناقصةً كغريبٍ يحاول فهم دينٍ وتاريخٍ كاملين من عناوين الصحف أو الكتب. لكنّ أرائه السياسية مع ذلك قيمةٌ جدًا، جديرةٌ بالإطلاع عليها حقًا. فهو يتحدث في شأن الشيعة متناولًا أماكنها الجغرافية من خريطة العالم وما ينضوي فيها من فِرقٍ شيعيةٍ مختلفة. والرأي السياسيّ نابعٌ من فهمه لأصل التشيع في الباطن، ومن تتبع منهجه التاريخيّ والمعاصر لحاضره -حاضره حتى سنة 1995 ثم 2001 حيث خرجت طبعته الثانية المنقحة قليلًا-، وتنبؤه لمستقبل التشيع والشيعة في دول تواجدهم المكثف وفي العالم كله. بالإطلاع على معرفته لأصل التشيع الثورويّ، لا يمكنني إلا الاعتقاد أنه تأثر بالمفكر الشهيد علي شريعتي، وهو الأسم الذي يقتبسه كمثالٍ لتطبيق الفكرة آنفة الذكر فعليًا في كتابه. أنصح بمطالعةِ كتابه وأقتبس منه القليل:
--«إنها إذن ديانة أخروية، تشدّد على نهايات التاريخ الإنساني. ومن هنا فهي، إذ تنفتح على العالم، تصبح ديانة ثوروية. فجمع هذين الواقعين: كون الشيعة أقلية، إضافةً إلى رؤيتهم النبوية والثوروية الكامنة، يفضي إلى أنّ هذه العودة لا يمكن أن تكون إلّا "متفجّرة". فالشيعية كانت عنصرًا مهمًا، حتى قبل انتصارها في ايران بدءًا من العام 1979.»
--«إنّ قوة الشيعة ليست في نبوّتهم الدينية وحدها، بل أيضًا في توجّههم المتسائل والمتّهِم إلى القوى الحاكمة وسلطات القرار وفي اخلاصهم لتقاليد الصراع ضد الظلم... إنّ الشيعة يعيشون في انتظار عودة الإمام الغائب، فيما هم يناضلون من أجل العدالة على الأرض. ذلك هو، باختصار، المنهج الذي تنتهجه هذه الطائفة في مسارها الدنيوي.»
--«إمكان تقويض العراق كان يقلق القوى الغربية والدول العربية، بينما إبقاؤه -في حكام صدام حسين- كان سيقود الشيعة إلى الثورة. إنّ تحليل هاتين الحربين يظهر إلى أي مدى صارت المسألة الشيعية في قلب الواقع العراقيّ، وأنّ لا شيء يمكن أن يقوم في هذا البلد من دون أخذ الواقع الشيعي في الاعتبار. فأيّ مستقبل يمكم تصوّره لهذه الأكثرية الشيعية والأقلية سياسيًّا؟ أهو دولة شيعية في جنوب العراق قد لا تتأخر عن الإنضواء تحت وصاية إيران؟ لا أحد يرغب في ذلك: لا واشنطن، ولا الرياض، ولا تل أبيب؛ أم هو استمرار وضع الاستبعاد الداخلي للطائفة الشيعية؟ هذا الوضع لن يُحتمل، على المديين المتوسط والبعيد، ويمكن أن يتحول إلى سعي للانفصال، أم يكون الحل الثالث في رفع الحصار السياسي والاجتماعي في عراق ديموقراطي أو سائر على طريق الديموقراطية؟ ربما. ومهما يكن من أمر، لم يكن ممكنًا أن يبقى الشيعة مستبعدين ومهمشين كما كانوا دائمًا منذ استقلال العراق -1920-. ونظام صدام حسين هو أول من يعرف أن بقاء الحال كما هي عليه يهدد بالانفجار، وبخاصة أنّ المسألة الكردية لم تجد لها حلًّا بعد. إنّ هذا الوضع لم يجد من يختصره أفضل من جان-بيار شوڤينمان، وزير الدفاع الفرنسي السابق، عندما كتب: " إنّ المسألة الشيعية هي مستقبل العراق".»
-- «ان الشيعة هم في مرحلة تعزيز هويتهم الجماعية. انهم يرفعون رؤوسهم في كل مكان، لا ليطالبوا باحترام حقوقهم وحسب، إنما ليعملوا أيضًا على نشر حقيقتهم. هذه الصحوة للمستبعدين في العالم العربي تهزّ ممالك النفط وإماراته وتؤثر على المستقبل الجغراسي لبلدان مهمة كالعراق.»
-- «الشيعية لا يمكن أن تذوب في العصرنة، لأنها ديانة نهيوية وديانة النهايات الأخيرة، ولذلك لا تخيفها أي مرحلة من مراحل التاريخ.»
-- «عمليًّا ستتطور الشيعية من داخل، كما دأبت على ذلك منذ نشوئها، ولكنها لن تتفتت. فالشيعة، بتأكيدهم لخصوصيتهم المميزة، سيبقون في مواجهة السنّة؛ وهؤلاء بدورهم لن يتمكنوا من التضييق على اولئك. فالشيعية، سواء في تركيا أو في إيران، في الخليج والبلدان العربية، وحتى في باكستان والهند، قد صارت الآن جزءًا لا يتجزأ من المجتمع الدولي والعالم الإسلامي.»
قراءة موجزة في خارطة العالم الشيعي ومدى تأثرهم وتأثيرهم في الحياة السياسية بين الماضي والحاضر طرح الكاتب باستمرار أسئلة وتنبؤات بمستقبل الشيعة قد ثبتت صحة الكثير منها في أيامنا هذه فالكتاب كتب في التسعينيات وأعيدت طباعته في ٢٠٠٢ ومابين هذه الأعوام و٢٠١٤ قد تغيرت الخارطة السياسية للشيعة كثيرا أنصح بقراءته الشيعة وغير الشيعة ممن يريد التعرف عليهم ، قد اتضح لي بعد قراءته أني لا أعرف الكثير عن الشيعة وتوزعهم في العالم ولأني شيعي ومن الخليج -وقد اهتم الكاتب بشيعة الخليج وشدد على أهميتهم- فقد وجدت أن بعض المعلومات ليست بالدقيقة كتسمية المنطقة الشرقية من السعودية بالأحساء ! أو كتاريخ تشيع المنطقة كما أن تطلعات القطيف الحقوقية والسياسة كانت ولا زالت أكبر من باقي المدن الشيعية في المملكة منذ تأسيسيها وأيضا تمنيت لو تطرق الكاتب إلى موضوع احتضان إيران للثورات بعد انتصار ثورتها لكان أثرى بحث الايرانية بشكل أكبر
أوّل مرّة سمعت باسم الكتاب كان قبل أعوام مضت، وأين؟ في مأتمٍ حسينيّ أو بما يطلق عليه الحسينيّة أو المجلس الحسينيّ، - ربّما تزداد عن خمسة أعوام حتّى، ولكنّي للتوّ أطلع على الكتاب وأقرأ ما به. بالكاد أتذكّر ما قاله وقتها المحاضر وقتها، ولكنّه كان يعبّر عن أن العالم منفتح على التّشيّع، ويلزم الاطلاع على ما يقوله الغربيّون عنّا.
على كلّ حال، لم يكن الكتاب كافيًا، ربما لأن الزّمن يلعب دوره الأساس في التحديثات الجديد، لمعظم المناطق التي ذكرتها الكتاب، وسلّط الضوء عليها، بالإضافة إلى ظواهر كان لا بدّ لها أن تُدرَس أبرزها: الالتحام الشيعي، الهلال الإيراني، المقاومة اللبنانية، سوريا وداعش والجولاني، القضيّة الفلسطينيّة، والتقارب بين المذاهب وبين الطوائف الشيعية، والمناهضة الفكرية للغرب، وأشياء كثيرة أصبح للشيعة دورهم الفاعل فيها، لكن هذه القضايا - عمومًا - لاحقة لزمن الكتاب، لذا ستأمل أن يكون هناك جزء ثانٍ بحسب كل هذه التحديثات الجديدة!
لكن تذكر نقطة للمؤلف أيضًا لمّح إلى إمكانية حدوث تغييرات سياسيّة، وقد خلص إلى أن الوجود الشيعي له وزنه العالمي والإسلامي.
من الأمور الجيدة في الكتاب هي الحياديّة، فهو بالكاد يطلق أحكامًا، وقد أعجبني هذا النهج مما أدى بي إلى رفع عدد النجوم، وأيضًا، شعرت بأن هناك معلومات كانت خفيّة عني في المذهب، كما ساهم الكتاب بأن أربط بين الأسماء التي أسمعها في العالم السياسي سواء من طوائف أو شخصيات أو أماكن. كتاب ثري بحد كبير على كلّ حال، رغم جفاف الموضوع إلا أنه غطّى الجغرافية السياسيّة للتشيع في دول العالم، بشكل أقرب لخلاصة مفيدة وغنيّة.
الترجمة سيئة نوعاً ما وهناك بعض المغالطات،قد يكون سببها ان الكاتب ليس لديه معرفة كاملة بالتشيع. ولكن عموماً الكتاب مفيد جداً وتحليلات الكاتب كانت صائبة في اغلب ما تنبأ به.
ولو انه احتوى على معلومات غير صائبة عدة الا انه يعتبر من القلة الذين كانوا موضوعيين وغير منحازين في تناولهم الفكر الشيعي .وفرصه جميلة لمعرفة كيف نظرة الاخر(الغرب) لنا وماذا نمثل في استراتيجياته .
الكتاب يتحدث بشكل مختصر عن نشوء الشيعة منذ بداية الاسلام ومن ثم يقفز الى تاريخ(القرن العشرين) يبين فيه عن توزع الشيعة في المناطق الجغرافية و ماهية الادوار التي يمارسونها. في نهاية المطاف يخرج المؤلف با إستنتاج وهو: أن المذهب الشيعي لايمكن أن يتفتت حيث أنه يؤمن بنظرية المخلص في أخر الزمان، ويضيف أنه على الرغم من عدم قبوله الرأسمالية و الشيوعية وغيرها الا أنه يستطيع أن يواكب العصرنة!
لا أستطيع أن أقيم الكتاب بسبب خلفيتي السياسية الضعيفة، لكن بشكل عام الكتاب حيادي ( كاتبه ليس بمسلم ) لذلك هو لا يمس أوتار عقائدية حساسة.
الكتاب يعطي صورة عامة عن سبب تشكل الدول العربية بحدودها الحالية، وأثر الدول السابقة في ذلك التشكل كالدولة العثمانية و الفرنسية وانكلترا.
يحصي الكاتب الجماهير الشيعة في كل بقاع العالم، ويعطي نظرة عامة عن أحوال هذه الفئة التي يسميها " مستضعفة" ، ويطرح أسباب بقاءها وأثرها في تشكل السياسات والحكومات. أبدى الكاتب رأيه في مستقبل الطائفة نتيجة الصراعات مع مختلف الانقسامات والطوائف.