كاتب ومترجم مغربي. صدرت له أعمال روائية، من بينها: "ليل الشمس" (1992)، و"زغاريد الموت" (1996)، و"زهرة الموريلا الصفراء" (2002)؛ و"كتيبة الخراب" (2007)، و"المغاربة" (2016). كذلك له ترجمات سردية من الفرنسية من بينها "الموريسكي" لـ حسن أوريد، و"نظافة القاتل" لـ آميلي نوثومب.
كي نفهم الحاضر علينا أن نعود للماضي، وهذا ما يعتمد عليه الكاتب عبد الكريم جويطي في كتاباته، ابن بني ملال الذي يسكن المدينة وتسكنه بماضيها و حاضرها يكتب هنا عن الخراب الذي حل بها وجعلها تنهار كالشجر حين يُقطع عنه الماء، وتفسد تربته "أساسه" ، تتساقط أوراقه واحدة تلو الأخرى حتى يحل به الخراب. الشيخ يصرخ ويكافح من اجل الحق في الماء و أوراق الشجر تسقط واحدة تلو الأخرى، البعض يسخرون من الأوضاع ولا يعملون على تغييرها، وآخرون ينحرفون أو يهجرون تُربتهم بحثا عن أخرى في أرض الأحلام وهم لا يعلمون ان الشجر كالإنسان اذا فسدت تُربَته فسد هو كذلك، وهذا أعتقد ما يعنيه الكاتب بقصة شُجيرة الفيكيس التي رغم قدرتها على التكيف مع الطقس المتوسطي لم تستطع التكيف مع تربة فاسدة و الصمود أمام كتيبة من الناس يعملون بجُهد كبير على خرابها. يقول السارد في الصفحة 14 ".. إن المدينة الصغيرة والرائعة التي عرفتِها قد كبرت وصارت قبيحة ومشوهة، وأن العقيدة المتأصلة التي وحدت الرؤساء المتعاقبين هي كراهية الأشجار وابتداع كل الوسائل والمسببات لاجتثاتها" إن الحق والعدالة والعيش الكريم يموت في تربة فاسدة، ويُزهر حين نُطهّر ترابنا وبالتراب أعني أنفسنا، فلا يُمكن لأي فرد فاسد أي يُصلح شيء اذا لم يصلح نفسه أولا ومن جدوره. رواية عميقة وتستحق القراءة والتأمل في مضامينها. وهنيئا لنا و لبني ملال بهذا القلم الملالي الذي يندد بالإصلاح الفكري أولا ودائما. قراءة ممتعة وتحية وتقدير للكاتب والصديق عبد الكريم جويطي. // كتيبة الخراب للكاتب المغربي عبد الكريم جويطي رواية 222 صفحة. قراءة حنان بنحدوش ___ اقتباسات " لو كان التقدم في السن يثني عن طلب الحق لفسد العالم منذ القدم..." ص 61 __ ".. يتعاظم الفراغ حتى يصير شراء حذاء أو جوارب أو كيلو سمك من الغديرة الحمراء حدثا يستحق لوك الكلام عنه لساعات طوال، بكاء طفل في الليل حدث، فقدان الشهية حدث، حتى التثاؤب والتمطي يصيران موضوعين للتحليل والمناقشة. كيف يتمكنون من العيش محاطين بمثل هذه الأفكار!؟ " ص 72 __ " هذا العقد، وأشهره في يده، يثبت أن قبيلة بني ملال تمتلك ماء عين أسردون، وفي ظروف معينة سطت عليه شركة ومدت القنوات وصارت تأخذ من الناس سنويا ملاييرا ثمنا له. تأخذ ثمنا مِمن مات أجداده دفاعا عن حقهم فيه، أليست هذه إهانة ولصوصية؟."ص 97-98 ---- ".. انظري كيف تتلون و تتخفى الكائنات الضعيفة في الطبيعة لتفلت من مطارديها، القناع حاجة طبيعية للحفاظ على الذات حتى حين نتكلم فإننا نفعل ذلك لنخفي أشياء معينة. اللباس يخفي العري، والعطر يخفي روائح الجسد، التدين يخفي العجز، وهكذا الحياة سلسلة من الأقنعة التي تتشكل حول الذات لتحميها من نفسها ومن الآخرين ومن العالم. " ص 155 --- " التغيير كان دوما خطوة يخطوها فرد لتتبعه الحشود بعد ذلك. " ص 213 __
" تبدو الفكرة، أية فكرة، دائما جنونا حين لا تجد من يؤمن بها." ص 222
كعادته الجويطي يكتب وينطلق من فضاء بني ملال، الذي له فيه حكايات كثيرة. والقارئ لبعض روايات الجويطي سابقا يلامس أن نفس الموضوع يعيده الكاتب، موضوع المخزن. في استشفافه لسيكولوجية الانسان المغربي المقهور. رواية جميلة لامست منها تغيرا واضحا على مستوى كتابة الجويطي، خاصة أني قرأت له المغاربة التي جاءت لاحقا وأيضا الرواية الأخيرة ثورة الأيام الأربعة
أسلوب عبد الكريم الجويطي متميز لا غبار عليه كتيبة الخراب أحسبُها حلقة وصل بين ليل الشمس والمغاربة فيها بقايا من ليل الشمس التي لم ترُق لي كثيرا واستشراف للمغاربة التي أعدُّها تحفة أدبية لا بد أن يقرأها كل مغربي بالخصوص.
كتيبة الخراب التي ستتحول إلى شريط سينمائي عما قريب حسب تصريح الكاتب نفسه، تحمل هموم الملاليين وصراعهم مع قوتهم اليومي، مع المخزن الذي وضع يده على كل مفاصل المجتمع، الذي سطا على إرث عين أسردون من أيدي الملاليين، وحكايات أخرى.
في انتظار رواية الجويطي الجديدة "ثورة الأيام الأربعة" .
تُعدّ «كتيبة الخراب» لعبد الكريم الجويطي رواية اجتماعية–سياسية ذات بعد وجودي ورمزي، تشتغل على مساءلة الإنسان داخل واقع مأزوم، من خلال ربط معقّد بين السياسة والذاكرة والقلق الوجودي. تنفتح الرواية منذ عتبتها على عالم مَدينّي كَثِيفْ باعتبار هذا العَالم بِنيةً مولِّدة للخرَاب، وحَاضنة لاختلالات اجتماعية ونفسية عميقة.يتحرّك النص داخل فضاء مديني ذي ملامح إقليمية واضحة —حيث تتقاطع مصائر شخصيات مسحوقة تحت ضغط الفقر والبطالة وهشاشة العلاقات والفساد المؤسساتي. ومن خلال هذه المصائر الفردية، تكشف الرواية أعطاب الواقع المغربي دون الوقوع في المباشرة، عبر تحويل المعاناة اليومية إلى تجربة سردية مشحونة بالتوتر والدلالة. على المُسْتَوى البنَائي، تعْتمِدُ الرِوايةُ سَردًا مُتشظّيًا يَقوم على التقطيع الزمني وتداخل الأصوات والاسترجاع، بما يجعل «الخراب» حالةً دلالية مركّبة، لا تخضع لمنْطق سَببي خطّي. ويعزّز هذا البُعد توظيف الكاتب لاستدعاءات تاريخية وشعرية — من بينها استحضار سيرة الأعشى — في ما يشبه حِوارًا مُسْتمرًا بين الماضي والحاضر، وبين الواقعي والرمزي.أما لغويًّا، فَتقُوم الرِوايةُ عَلى لُغَةٍ مُكثّفة، ذات نُزوع شِعري قاتِم، تُراكم الإيحَاء بَدل التَصريح، وتَجعَلُ من الانكسار الإنساني مادةً جمالية وتأملية في آن. ويضطلع البطل/المحور السردي بوظيفة جامعة لمصائر متعدّدة، تتوحّد جميعها في تجربة الخراب بوصفه قدرًا فرديًا وجماعيًا.
كآبة وعدمية وخراب عقدي ونفسي وأخلاقي.. مع موهبة في الوصف والتفلسف لم يعد لها من معنى وسط كل ذاك الخواء !
*جاء في (باب الفجور):
- سهرات خمرية
- بيوت بغاء
- تمنى (احتكاكات لذيذة) مع طالبة جاءت لبيته رفقة أختها الصغرى.
- يتغزل بالزوجة الجديدة لصديقه الحلاق ويصف جسمها.
- اتهم الشاعر الأعشى بزنا المحارم.. بقوله ربما!
*وفي (باب الطعن في الدين) :
- قال أن خراب مدينة بني ملال كان بسبب خيل وجمال بوسف بن تاشفين!
- ذكر التدين وقرنه بالحزن والانطفاء!
- سمى الدهر المخاتل العظيم.. وسماه في مكان آخر سخرية مضمرة وتعاقب بليد للفقر والغنى.
- قال عن تحول الجزيرة العربية وتحول الشعر فيها بعد الإسلام كلاما مشبوها خبيثا: (بعد الآن لن تشبه الصحراء، التي لم تعد حلما، نفسها، ولن تعود هادية ومعلمة بل فضاء ينضح بالآيات وعواقب المكذبين ومصائر الخطائين، ولن يعود الشاعر ملهما وحاميا للجموع بل حبل غواية لأدناهم...).
- قال.. التدين يخفي العجز! وكلامه هذا يردده كثير من العاجزين أمثاله عن التدين، أما المتدين الصادق فيجاهد نفسه ويقوم ويسقط ولا يستسلم لما تدعوه إليه الشياطين.
- قال عن كتاب إسلامي كان يحمله الموظف المتدين (كتابا أصفر).. وادعى أنه لا يتحرى الظالم والمظلوم وأنه وصديقه السكير يفعلان!
رواية "كتيبة الخراب" لعبد الكريم الجويطي هي رحلة مؤلمة في دهاليز الواقع المغربي المعاصر، حيث يعكس الجويطي بصدق ملامح الخراب الاجتماعي والسياسي من خلال شخصيات معذبة بالبحث عن هويتها في زمن مضطرب. بأسلوبه القوي، يعري تناقضات المجتمع، وتظهر الرواية كصرخة احتجاج على الظلم والاستغلال، تاركة القارئ أمام أسئلة عميقة عن التغيير والتمرد.
"كتيبة الخراب"، الرواية الخامسة للكاتب المغربي عبد الكريم جويطي، التي وصلت إلى القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) عام 2009، تسلط الضوء على واقع معقد ومأساوي لمدينة بني ملال والمجتمع المغربي بشكل عام. من خلال سرد متقن ولغة رمزية عميقة، ينجح جويطي في تقديم صورة مؤلمة عن مجتمع يعيش في حالة من الانهيار الاجتماعي والسياسي. الرواية تتناول قصة مدينة تواجه تحديات مدمرة، من جفاف الموارد إلى الفساد الذي ينهشها، وتقدم الشخصيات كأدوات لفهم هذه الأزمات، حيث يتمحور السرد حول الشخصيات التي تحاول الصمود في وجه الخراب. تبدأ القصة برغبة امرأة دنماركية بغرس شجرة بالمدينة تخليدا لذكرى حبها قبل عشرين عاما لتبدأ رحلة من المعاناة والعبثية للشخص الذي وجد نفسه "متطوعا" لتحقيق رغبتها ضمن ظروف أخرى لا علاقة لها بالأمر. الشخصيات في الرواية تجسد هذا الصراع الوجودي بوضوح، حيث تمثل قصة الشيخ، الذي يكافح من أجل حقه في الماء، رمزية أكبر لصراع الإنسان مع مؤسساته ومع البيئة المحيطة. الماء، الذي كان رمزا للحياة والخصوبة، يتحول في الرواية إلى عنصر أساسي في معركة من أجل البقاء. يتجلى الخراب ليس فقط في المرافق العامة والبنية التحتية، بل في النفوس أيضًا. جويطي يتناول هذا الجانب المظلم من الحياة من خلال تصوير الشخصيات التي تنحدر تدريجياً إلى الفساد أو الهجرة بحثًا عن حياة أفضل أو نحسبها كذلك. في الرواية، يشير جويطي إلى أن الخراب الذي حل بمدينة بني ملال يمتد ليشمل كل مفاصل المجتمع، حيث تتحو�� المؤسسات إلى أدوات للظلم بدلاً من أن تكون وسيلة للإصلاح. القارئ يشعر بعمق الأزمة التي تعيشها الشخصيات، وهو ما يجعله ينغمس في تفاصيل حياتهم اليومية وصراعاتهم مع الفساد. هذا النقد اللاذع للمؤسسات يشير إلى كل المؤسسات بما في ذلك التي شكلتها الساكنة للدفاع عن "مصالحها". من خلال هذه النظرة العميقة، يعكس جويطي تعقيدات الواقع المغربي ويطرح تساؤلات حول المستقبل. على الرغم من هذه الصورة القاتمة التي ترسمها الرواية، إلا أن جويطي لا يغفل عن بث شعور بالأمل في نهاية السرد. الشخصيات التي تعاني من الفقر والتهميش لا تفقد بالكامل إيمانها بإمكانية التغيير. هذا الأمل، وإن كان ضعيفًا، يمثل بصيصا من النور في وسط الخراب، وهو ما يجعل الرواية تحمل رسالة إيجابية رغم كل السوداوية التي تحيطها. "كتيبة الخراب" ليست فقط شهادة على الواقع المعقد، وكيف أن الانسان يصمد رغم أنه متأكد من حتمية إخفاقه وهذا هو الأساس.
**اقتباس** ومن يومها اسلم قلبه لصروف زمن ولمدينة تشفي من الحياة نفسها، مدينة يشيخ فيها الناس يأسا وقنوطا بعد العشرين، ويموتون أحياء بعد الأربعين
وصمت الحلاق، إن حدث، مريب، مقلق واستثنائي...
ويتصرم كل شيء من بين أيدينا كأن المدينة لاتسلب منا أحلامنا البسيطة فقط بل وأيضا إرادة تحقيقها
"كتيبة الخراب" ليست مجرد رواية عن مدينة أو إدارة، بل عمل أدبي يسائل القارئ عن معنى الانهيار الاجتماعي، ويرفض مهادنة الواقع المألوف، ليظل صوتًا نقديًا صارخًا وجديرًا بالقراءة.
كتيبة الخراب أول عمل أقرأه للروائي المغربي عبد الكريم الجويطي. الرواية غاصت بي في تلافيف المجتمع المغربي المعاصر، بأزماته، يأسه، هروبه، ومحاولاته اخفاء الواقع الراهن بقناع خادع من الأمل الذي يتراءى له ويظنه واقعا في البلاد البعيدة، خارج أصوار بني ملال والمغرب ككل. حلم الهجرة من البلاد والمحاولات المضنية التي تزيد حياة الشباب المتأزم أزمة وألما. شباب لا أمل له، لا علم، ولا أساس متين، يظن أن الحياة على الجانب الآخر جنة لا تخلو من الصعوبات. تصور الرواية واقع الإدارات والمؤسسات التي تزيد المدينة رجعة وتخلفا بسياساتها واحتيالها، مع أمل يشع من أعماق الأفراد أن التغيير ممكن، وأن الإصلاح لازم، وأن الحق لابد له أن يرد لأصحابه. أحببت النهاية، فقد تكون سخرية من أولئك الذين يؤمنون بفكرة ما ويبالغون في تقديسها إلى أن تغدو واقعا يعايشه الناس، ومحاولة من الكاتب من ناحية أخرى تنبيهنا إلى أن الحياة من الأساس مبنية على فكرة، ونحن المسؤولون عن مآلاتها !