نشأته: ولد عام 1937 ابوه الصحافي والمتّرجم لويس الحاج وامه ماري عقل، من قيتولي، قضاء جزّين. تعلّم في مدرسة الليسه الفرنسية ثم في معهد الحكمة.بدأ ينشر قصصاً قصيرة وأبحاثاً وقصائد منذ 1954 في المجلاّت الادبية وهو على مقاعد الدراسة الثانوية.
دخل الصحافة اليومية (جريدة "الحياة" ثم "النهار") محترفاً عام 1956، كمسؤول عن الصفحة الادبية. ولم يلبث ان استقر في "النهار" حيث حرر الزوايا غير السياسية سنوات ثم حوّل الزاوية الادبية اليومية إلى صفحة ادبية يومية.
- عام 1964 أصدر "الملحق" الثقافي الاسبوعي عن جريدة "النهار" وظلّ يصدره حتى 1974. وعاونه في النصف الأول من هذه الحقبة شوقي ابي شقرا. - عام 1957 ساهم مع يوسف الخال وأدونيس في تأسيس مجلة"شعر" وعام 1960 اصدر في منشوراتها ديوانه الأول "لن"، وهو أول مجموعة قصائد نثر في اللغة العربية. - له ستّ مجموعات شعرية "لن" 1960، "الرأس المقطوع" 1963، "ماضي الايام الآتية" 1965، "ماذا صنعت بالذهب ماذا فعلت بالوردة" 1970، "الرسولة بشعرها الطويل حتى الينابيع" 1975، "الوليمة "1994 وله كتاب مقالات في ثلاثة اجزاء هو "كلمات كلمات كلمات" 1978، وكتاب في التأمل الفلسفي والوجداني هو "خواتم" في جزئين 1991 و 1997، ومجموعة مؤلفات لم تنشر بعد. و"خواتم" الجزء الثالث قيد الاعداد. - تولى رئاسة تحرير العديد من المجلات إلى جانب عمله الدائم في "النهار"، وبينها "الحسناء" 1966 و"النهار العربي والدولي" بين 1977 و 1989. - نقل إلى العربية منذ 1963 أكثر من عشر مسرحيات لشكسبير ويونيسكو ودورنمات وكامو وبريخت وسواهم، وقد مثلتها فرق مدرسة التمثيل الحديث (مهرجانات بعلبك)، ونضال الأشقر وروجيه عساف وشكيب خوري وبرج فازليان. - متزوج من ليلى ضو (منذ 1957) ولهما ندى ولويس. - رئيس تحرير "النهار" من 1992 إلى 30 ايلول 2003 تاريخ استقـالته. - تُرجمت مختارات من قصائده إلى الفرنسية والانكليزية والالمانية والبرتغالية والارمنية والفنلندية. صدرت انطولوجيا "الابد الطيّار" بالفرنسية في باريس عن دار "أكت سود" عام 1997 وانطولوجيا " الحب والذئب الحب وغيري" بالالمانية مع الاصول العربية في برلين عام 1998. الأولى اشرف عليها وقدّم لها عبد القادر الجنابي والأخرى ترجمها خالد المعالي وهربرت بيكر. * * جواباً عن سؤال حول كيف يوجز مسيرته، وجهّه اليه الاساتذة نبيل أيوب، هند اديب دورليان، جورج كلاّس وصاغها الشاعر الياس لحّود، في مستهلّ مقابلة أجروها معه لمجلة "كتابات معاصرة" (العدد 38، آب-ايلول 1999) قال انسي الحاج: "غالباً ما سردت الحكاية ذاتها. لا اعتقد ان ذلك يهم احداً. اندم أكثر مما افعل ولم افعل الا في غفلة من نفسي. وعندما لم يكن أحد يسألني
- توفي أنسي الحاج يوم 18 فبراير لعام 2014 بعد صراع طويل مع المرض.
يغدقنا أنسي الحاج في (خواتم) بعبارات فلسفية ونثريات مذهلة عليك أن لا تستحي الوقوف أمامها للتفكر! تطغو الفلسفة على بعض نثره، وأحياناً الشاعرية التي تعودتُها من أنسي الحاج: تلك الرمزية التي تحضك على تأويل الجملة، واستنطاق حروفها..
هذي من جملة من الاقتباسات التي اعجبتني:
أفدح الشتائم تلك التي لا يعرف مُطْلِقُها أنك تستحقها..!
يذوبون.. من رقّة الكذب.
يغتصبُ عداوةً معكَ لأنه لم يجد حبّاً أقوى منها يُدفئ قلبه.
لا تُمتّعُهُ أموالُه بل مشهدُ فقرك.
ليس ما تقول هو ما أرفض بل أنتَ. كلامكَ ضحيّتك.
ليس ضائعاً في الكون الهائل بل في دماغه الصغير.
هناك أيضاً عبقريّةُ قراءةٍ.. لا تنْسَ.
لا يُحتمل دويّ الدموع الصامتة!
الصحافة بالنسبة إلى الأدب والفكر.. كالبورنوغرافيا بالنسبة إلى المتعة والجمال..
إن كنت من الذين لا يشبعون من صلاة الكلمات ، إن كنت من الذين يبحثون عن أنفسهم ، ممن يفكرون بحياد ، بتجرد ، فهذا الكتاب لن تستغني عنه ، ستظلُ تقرأه كل مرة تبحثُ فيها عن نفسك . فهو يتحدث عن أهم ما في الحياة ، الله ، المرأة ، الشعر و الاشياء ، يتحدثُ عنها بشعوره بها و ليس ببحثٍ في ماهيتها ، يتحدثُ كأنه أنت ، بكل تناقضاتك ، كما أنت . و بأقصى درجات البلاغة و اسهلها و أمتعها . من يريد الصلاة بكل أنواعها سيجدها هنا .. قرأته عشرات المرات و سأظل أقرأهُ لأكثر منها من المرات .
من أعظم المتأملين، وروعة خواتمه تكمن في أنها لا فلسفة ولا شعر.. بل بحث مستمر، لا عن الحقيقة، بل عن (شروشها) وأغصانها.. كتاب يستحق فنجان القهوة اليومي، أنصح بقراءة مقاطع منه فقط يومياً، وإعطاء أنفسكم فرصة تأمل ما يقوله لساعات بعد القراءة.
أنهارٌ من الإنهيارات تجرف كل شيء . الأنقاض تدفن الجثث و الجثث تدفن الأوهام . الدم في الأرض . لم يعد لأحد أهل و لا وطن . لم يعد لي حائط و لا هواء . أحرقوا غابة صمتي و أحرقوا غابة صوتي . لم يعد لي مكان أصغي فيه . و لا أحب فيه . و لا أموت فيه . لم أعد أعرف من أنا . سقط القناع عن وجهي . ثم قناع أخر ، فأخر . ثم سقط وجهي . ثم سقط رأسي ، و روحي . سقط الحب ، البغض ، الحقد ، ثم سقطت اللامبالاة . سقطت حياتي و سقط موتي . (الحقيقة هي في قعر الهاوية ) يقول دموقراط . أراكِ الآن أيتها الحقيقة ! و أتمرغ بيم أحضانك ! و يقيناً ما كان المشهد المقزز يستحق مسيرة عمر . و يقيناً لا شيء يستحق شيئاً أكثر من وقفة أحتقار ، أو جلسة أحتقار ، أو سكرة أحتقار ، أو سلسلة هذياناتت انشطارية تنهيها بالبصق المركز على وجه العالم ، إذا كان للعالم وجه ، و إذا كان للعالم من وجود ، حقاً .
نصوص مستفزة مستفزة جدا جدا أذكر ان اول لقائي بأنس الحاج كان عبر أحد أساتذتي د . منذ الشامي حين أعطاني نسخة من ديوان لن أذكر يومها أني لم أستلذ الشعر أنا المهوسة في الموسيقى أما هنا في خواتم هذه النصوص الفلسفية والعنيفة جدا هذه اللغة الصافية رغم تناقضات أفكار كاتبها وضياعه كحال الكثيرين منا وأنا منهم هو الذي واجه نفسه عاريا أمام ذاته ينبش في أغوارها هواه بالقتل والجنون والسخرية ،،، ما هذا الصدق ايها الحاج !!
كتاب فلسفي عبارة عن جمل ونثريات موزعة في كتابين خواتم1 وخواتم2 قال عنه محمد الماغوط :"الحرب قد لا تبكيني أغنية صغيرة قد تبكيني او كلمة لأنسي الحاج"... خواتم 1 مقسم لست أقسام وهي:المناجم - القديم جدا الجديد جدا- حول طاولة الزمرد - العدد الذهبي- من خارج - من داخل في كل قسم تناول أنسي الحاج موضوع للحديث عنه في فقرات وجمل منفصلة مقتطفات من الكتاب:
لم أجد الله كما وجدته حين لم أعد احتمل أفكاري
أفضل مافي الشيطان أنه عكس أهل التعصب لا يدعي امتلاك الحقيقة
لبعضنا الحب هم كمية الجهد الذي يبذله لتبشيع جمال امرأة يعذبه
لا حرية مع الخوف ... إذن لا حرية بدون قتل الشعور والضمير... إذن لا حرية إلا لأعدائها
للخوف أيضا نهاية... لا النهاية السعيدة لا ... بل أيضا نهاية القدرة على الخوف يصل الخائف إلى آخر الخوف... وبجنون هادئ... يطلع من الاختباء كاشفا صدره وظهره ماشيا في عرض الطريق... يخرج إلى القتلة الذين ينتظرونه وحين يشاهدونه... يشاهدون روح مابعد الخوف... وجه ما بعد التجربة... الذي هو لا استسلام ولا هو شجاعة بل بطولة التعب من استنفذ طاقته على الرعب ففتح ورج إلى المخيفين وليصير مايصير ولما شاهدوه ذهبوا ... ونزلوا... وخافوا
كم أنا بعيدة جدا لكنه رد علي وقال: "لا , حتى تكتشف المرتفعات المطلقة لا ينبغي أن تكون أنت نفسك على مرتفع. بل قد ينفع الاستلقاء في المنخفضات."
"لم يدفئني نور العالم بل قول أحدهم لي أني, ذات يوم , أضأت نورا في قلبه."
" لا تطرب لصوتك لئلا تعكر طربي به"
"الغناء تبرج الشعر"
"أنا مدين لظلي بنوري"
"لكني في غور طويتي أشعر أني محق وأن غلطتي هي التردد في الاعتقاد أني محق"
"ما قهرني دائما هو أن الاخرين لا يحبونك إلا لعطائك, لنتاجك, لنتائجك... لا بكسلك وعقمك. لا بعدم جدواك. لا لوجودك المجرد, مجاناً. لا لشيء غير أن يحبوك ليمتّعوك بحبهم."
"هناك خطأ جوهري في المشهد الآتي: إنسان يمر أمام لوحة فنية, أو يسمع سمفونية أو أغنية, أو يقرأ شعرا فيهتف : ((الله ما أجمله!)) ثم يتابع سيره المألوف دون أن يتغير مصيره!"
"الحلم ليس تعويضا عن الواقع بل الواقع هو انحراف عن واقع أفضل منه"
"سلبك حريتك ليس فقط في منعك من الكلام بل أيضا في إرغامك عليه"
"دعني أكررها لك يا صاحبي: الحرية فضّـــاحة لمن ليس ((أكثــر)) منها"
"لا قيمة لشيء مما نكتبه ما دمنا نعتبر أن سلامتنا الشخصية أغلى من الحقيقة"
"ينبع الشعر ممن لا يدركون معاني كونهم شعراء"
"يحلم الشاعر بتكوين بشرية جديدة لا بكتابة شيء جديد فقط. الكتابة هي الجسد الجديد"
"بالسمع نرى"
"كلنا يبحث في الاخر عن خيانة ليسكت تبكيت ضميره. أو ليزيد تلميع صورته أمام نفسه."
"الجهل خلّاق"
"الجارح أن الصمت لا يستطيع دائما وحده التعبير عن الصمت"
"أشعر أمام بعض الجُمل أنه حرام أن تكتب إلا وحدها, مفردةً, كبيرةً, تعلّق في السماء, تغيب ثم تشرق في أعيادها."
ينتظرك الشعر في موعد ما ليستعير صوتك ، لا تجعل تدخلك مؤذيا ( العدد الذهبي - خواتم )
.... اذن هي الكتابة دون تكلف دون صنعة كما جاء الالهام الأول بمادته الخام يُكتب على الورق تخسر من ذلك بعض النسق ، الأفكار تكون غير مرتبة بالوجه الأكمل ، ولكنها مليئة بالصدق والشاعرية .
"القديم جدا الجديد جدا " حول طاولة الزمرد " "العدد الذهبي" "من خارج" "من داخل" هي عناونين فرعية وضع تحتها الكاتب نصوصا نثرية قصيرة تتضمنت افكارا عن الجنس و الأدب و الدين والعلاقة بين الشرق والغرب ومواضيع اخرى .
.بساطة البشارة "This is my Bible"فعلاً؛ بساطة إنجيلية: "هوذا إنجيلي ________________________________________________________ أرجئ قراءة] [الجزء الثاني لألا أشرق جمالاً
مقارنة_____
_2020_بين كتاب خواتم لأنسي الحاج (1991_ 1997) وبين دفاتر مهيار الدمشقي لأدونيس _
المقارنة بين شعر المؤمن وشعر المنكر بالإلهام وعن حيز .الشاعر في الشعر؛ مذهبان هما: مذهب بورخيس (أو كيليطو) ومذهب أدونيس يرى أدونيس أنه ليس هنالك شعر؛ هنالك شعراء .ويرى بورخيس أنه الشعر لا الشاعر.. الشاعر مساهم في كل ً.عنده [بورخيس] قد لا يكون الشاعر عميقاً فعلاً ولكن يحوي نصه عمقاً ليس في الشاعر أصلا .أنا المسيحي الهادئة هنا لأنسي الحاج تدرجه في قائمة بورخيس أفضل أنسي طبعاً.. لكن تنقصه الصياغة العظيمة لأدونيس.. كان شعره عارياً جميلاً لم يلزمه مئزر.. هذا المئزر جميل وهو من الشعر وأحياناً يخفي العيوب.. لم يكن عنده .مايخفيه أو يغنّيه فاستغنى وأغنى ......
.في ص: 113: " ينتظرك الشعر في موعد ما ليستعير صوتك .لا تجعل تدخلك مؤذياً. ولا تدّع أكثر مما كلفت. بل ولا تدّع شيئاً "... وأن تكون في مستوى ما يختارك...
.وفي ص: 139: " مايفسد الكتابة هو وعيكَ لقرّائها. اذهب بلا نظر. اهوِ بنداء الهاوية تطرْ .تغلغل في التهاب روحك التي لن يعود لك معنىً يوم ترتاح من حريقها ".قل كلمتك وأنت نائم عن العالم
"الجملة الأخيرة شبه متاطبقة مع جملة اجنيس مارتن :"الآن، أرسم وظهري للعالم
....................................
__عن شغفي بالكتاب [ومقارنات أخر]....
.أقلب صفحاته بين الجمال والفكر_ مرة يطغى هذا على ذلك ومرة العكس_ كما تقلب هو _كبودليرقبله_ بين الشبق والطهر أو بين الرغبة والزهد
__تعارض الصحافة والشعر
.صحفي يصرح بأن قيمة الصحافة بالنسبة للشعر كنسبة البورنو للمتعة والجمال ...أجمل تعبير والأكثر إيجازاً يوجز في شعره ويصف ذلك بالذوق.. وفي ذلك أتطابق . "معه رأياً وذائقةً. ويقتبس: " الإيجاز هو روح الفكر
__ عن الحرية
الأكثر صدقاً بين كل الكتابات العربية: يكرر: " الحرية فضاحة لمن ليس (أكثر) منها"_ ص: 167
__عن الأمل
:مثلاً: عند مريد البرغوثي:" الأمل ذروة اليأس" وعند محمود درويش : "اليأس توأم الأمل أو شعره المرتجل" ويفعل كما يفعل الشعراء والعاطلون عن الأمل :يربوه..... لكن أنسي الحاج يلعنه " الأمل أبله. الأمل هو اليأس. الأمل هو المؤامرة. الأمل هو طعم لاصطيادك. الأمل هو حبل الرعب يلتف حول عنقك. انفض عنك كل أمل. لا نور قبل الظلام المطلق."_ ص: 168، ص 169 ............ "قال: " أول كلمة في لن : أخاف .وآخركلمة قلتها أنا: لن أندم .. أنسي الحاج أبي الشعري..
عن الإلهام_
.يؤيد محمود درويش القول بأن المطلع هبة من الله وأن باقي القصيدة اجتهاد شاعره
."يقول مريد البرغوثي: "الشعر انتباه" متطابقاً في القول مع سيمون فيّ وهما محقان. ويقول : " الشعر صناعة
"أما أنسي الحاج فيقول: " الفن ليس براعة بل استقباله الله"
.وفي ذلك إثبات كلامهم ونفيه، ووصله وفصله
شكر________
.أنسي الحاج رُحِمت وحُرِرت وكنت مع الله.. إن شاء. بالنسبة لي: أشكرك .وعرفاناً: "أضأت نوراً في قلبي"_ أقول لك ...... ".لم يدفئني نور العالم بل قولُ أحدهم لي أني، ذات يوم، أضأت نوراً في قلبه" ص_195
للمرة الأولى أقرأ هذا العبقريّ وأتفاعل معهُ.. إشكاليات كبرى يتعامل معها ويعالجها بنظرة الإنسان الذي لم ينمسخ بعد.. يعالجها من وجهة نطر الشاعر والفنان الأصيل الذي لم ينمسخ هو الآخر.. إنسانيتهُ وأبعادها وتجلياتها، حديثهُ عن مفاهيم الله والحب والجمال والحداثة والشعر، كلّ ما كتبَ عنهُ في هذا الكتاب كان صفعةً ورؤيةً ثوريةً وطبطةً من بقايا إنسان.. كان صفعةً وثورةً تضج إنساناً وشعراً وفطرة.. كما أنّ هذا التكثيف الصعب والمدهش يختزلُ المعاني الكبرى بقليل العبارات وقصيرها ومكثفها.. تكثيفٌ بليغٌ مذهلٌ وكاملٌ بالمطلق..
هل هو كتاب شعر؟ شذرات؟ شذرات شعرية؟ لا أعلم.. قد يكون كتاب شذراتٍ شعريةٍ، لكني لم أقرأ من قبلُ قطّ قالباً وبناءً ومعنىً كهذا.. لم تمتلكني شذراتٌ من قبلُ كما امتلكتني شذراتُ الحاج.. كيف لم أكتشفهُ حتى الآن؟ كيف غفلتُ عنه؟ أشكرُ الصديق يحيى ملص على تنبيهي لضرورة قراءة إنسي الحاج لضرورة خوض تجربتهِ عموماً.. ولضرورةٍ وحاجةٍ لنصي في قراءة أعمالٍ كهذه.. كان دائماً ما يقول لي: لم تنفجر وتتشظى بالنص بعد.. لم ينفجر النص ولن ينفجرَ القارئ بين يديك.. تسقينا السؤال ولا تدخلنا في جنون الإجابة.. عليك أن تنفجر.. أن تُجَنّ.. اقرأ انسي الحاج وأدونيس، وتعلَّم كيف تنفجر..
هل سأتعلمُ كيف أنفجر؟ لا أعلم.. لكنني وبالعديد من قراءاتٍ كهذه لا بد لي من الانفجار والتشظي.. أو هذا ما أرجوه.. إلى الجزء الثاني الذي لا أعتقدُ أن يقلّ إدهاشاً وانفجاراً وتكثيفاً عن سابقهِ.. إلى انفجارٍ آخر..
كتاب جمع فيه الشاعر الراحل أنسي الحاج الأدب مع الفلسفة المتعبة، لا يمكنك المرور على الجُمل فيه دون تكرارها للتعمق فيها والإكتفاء من جمالها. من الحب، للجنس، الله، الشعر، المرأة والحرية، اختار الكاتب الكلمة المختصرة، فلا يمكن أن نطيل بالتعليق عليها، بل اكتفي بالقول: هذا الكتاب يُلبسك خواتم من الإبداع.
بالمناسبة، أحببت المقدمة التي يتكلم فيها الكاتب عن خوفه من اختفاء الكلمة ومضمونها وجمالها، وبرأيي تعتبر من أهم المقدمات الموجودة في الكتب، لما لها من دور في تفسير اختيار الكاتب للتعابير القصيرة والكلمات المختصرة، العميقة والصعبة، ولزيادته رونقاً.
أنسي الحاج، الشاعر الذي يُصيّر الشعر فلسفةً، والفلسفةَ شعرًا. الذي اختار الإيجاز بدل الثرثرة والإسهاب. يكتب هنا في "خواتم" أفكاره الخاصّة نحو الشّعر والكتابة، الجنس والحب، الإيمان والشّك، يكتبُ عن ضعفه وتيهه السّرمدي، وخيباته المتوالية من البلاد والأصدقاء، عن غربتهِ التي جعلته يسكن رأسه.
“Love according to Jesus is not a form of quitting, withdrawal but a superficial form of surrender. Love is embracing the other (the enemy) until the enemy runs of his ammunition, that of aggressiveness”
أُفضِّل أُنسي الشاعر اكثر من أنسي الفيلسوف المتكلم. شذرات وآراء تتناول الحب، الجنس، المجتمع الغربي والعربي، الحياة، الالم والكثير من المواضيع الي يطرح انسي من خلالها منظوره الخاص.
لو كان لي أن أزيد على عنوان الكتاب شيئا ، لجعلته : "خواتم ذهبية" . فلسفة عميقة تتجلى بعبارات متلألأة مليئة بالحكمة و الابداع الادبي في قالب شعري نثري رائع. من الحب ، لله ، للموت و المرأة فالجنس ثم الحرية و الشعر ، مواضيع تتمحور كلها حول فكرة الحياة ، كتب عنها الشاعر الراحل أنسي بمئتي صفحة غير قابلة للملل حقا .. انه الكتاب الاول لي لأنسي و طبعا لن يكون الاخير . :)
كتاب نثري مُتنوع ، حروف تتميز بالبساطة وتحمّل كميّة من الجمال ، النصوص متنوعة في الأبواب الأربع فهي مابيّن القصيرة جداً ، القصيرة ، المتوسطة والطويلة ... راق لي الباب الأول والأخير ، والفصل القبل الأخير يتعلق بالحرية والأمور السياسية وأنا لستُ صديقة النصوص السياسيّة ... أبدع الكاتب ...
نجمتين ونصف ، اسلوب أنسي في الكتابه يروق البعض وله قرائه المعجبين ككاتب ، لكني لا أحب هذا النوع القصير المركز المفلسف من الجمل التي ترهق الذهن بسبر أغوارها ، النجوم للفصلين الأخيرين منه ، كانت أجمل مافي الكتاب .