من أراد أن يحيط علماً بأحوال اليمن في متنصف القرن المنصرم فعليه بكتاب الشامي. الشامي... تلك القامة الثقافية الرفيعة, وذاك الاسم الذي يصعب نسيانه من ذاكرة الثقافة اليمنية, بالرغم من كل محاولات التجاهل والتشويه. للشامي آراء كثيرة اختلف حولها الناس, ولعل بعضها مبثوث في هذا الكتاب, والذي كان من أجمل السير الذاتية لما حواه من البساطة والطرائف والمعلومات التي اختزنها عقل الشاعر والسياسي والناقد أحمد الشامي. لقد قرأت الكتاب في بداية التسعينيات وما زلت أتذكر ذكر الشامي لهروبه صغيراً من صنعاء, وشذى صنعاء القديمة الذي يبعث في الروح بهجة وعشقاً. وفي الكتاب رسم للحياة آنذاك بكل أتراحها وأفراحها, وخاصة في صنعاء, وحياة العلم والأدب فيها. وستجد في طيّات سفر الشامي حديثا عن دور الفضيل الورتلاني في اليمن, وتأثيره على الثوّار والمثقفين حينها, ما قد لا تجده في مكان آخر. ربما سيكون الكتاب غريبا على القارئ الذي لم يعرف اليمن عن قرب, ولكنّه سيكون له مدخلاً رائعاً إلى بلد تكتب اليوم تاريخها بأحرف من نور.
رغم اني لم أكن متحمسة من قبل لقراءة الكتاب وأرجأت قراءته كثيرًا إلا أنني الآن أعلم يقينًا أن الأحكام المسبقة غالبًا خاطئة، الكتاب هو سيرة الكاتب أحمد الشامي .. الأديب اليمني والسياسي الذي شارك في ثورة الدستور ضد الحكم الإمامي للدولة المتوكلية اليمنية.. فقط ..لمن يحب قراءة السير الذاتية عمومًا والتاريخ خصوصًا سيجد في هذا الكتاب جمالًا مختلفًَا!!
لدي مشاعر مختلفة حول الكتاب، أود إخراجه من رأسي أولاً للحديث عنه --- وبعد مرور وقت لازلت لا أرغب بالكتابة عنه كثيراً، وسأكتب قدر استطاعتي أحمد الشامي سياسي وشاعر يمني ولد في فترة الإمام يحيى لكنه ثار مبكراً مع مجموعة من رفاقه جميعهم شعراء وهم محمد محمود الزبيري وزيد الموشكي وأحمد نعمان والمؤلف ضد الظلم والطغيان والفساد والجهل واتجهوا إلى عدن وبدئوا يكتبون ضد حكم الإمام ومطالبين بإصلاحات وتغييرات، بعد مرور عام والعديد من المصاعب ومنها تآمر المستعمر البريطاني ضدهم ومحاولته استغلالهم، وأيضا استبداد نعمان بقيادة التنظيم، انهار التنظيم وعاد الشامي لبلاده وطلب الصفح بشجاعة وحصل عليه تحدث بعدها عن دور الفضيل الورتلاني المباشر في ثورة الدستور 48م ودور حسن البنا (مؤسس الاخوان المسلمين) الغير مباشر أيضا في هذه الثورة وفي صياغة الدستور والموافقة عليه، بل و ترشح اسم البنا مستشاراً للدولة، وكانت فكرة تنظيم الاخوان نحو اليمن بأنه بلد أمي لم يمر بفترات تغريب أو استعمار ولذلك سيكون بيئة مناسبة وخصبة لدعوتهم بعد الفشل الذريع لثورة الدستور لمكر الإمام أحمد، والفترة السوداء في تاريخ اليمن بعدها، من اقتياد الناس جملة نحو سجن نافع في حجة وسجن قاهرة ومن ثم تبدأ الأحداث الأليمة، وأذكر أني زرت مدينة حجة ونمت فيها ليلة ليلاء، وهي مدينة كئيبة للغاية وتشعرك بانقباض في الصدر حتى تبتعد عنها، وأعتقد أن هذه كانت أخف عقوبة لإتخاذها سجناً من قبل الإمام في بعض المقاطع خصوصا في فترة السجن وحملات الإعدام وحكايا الذين ينتظرون أحكام الموت ولحظات ماقبل الإعدام وكذلك العذاب الذي يواجهونه في حياة السجن والتعذيب المتعمد، كنت أشعر فيها بالذعر والألم والغثيان أيضا وأقفل الكتاب لأبكي وبشدة، وأفكر أي إيمان يكفي ليتحمل المرء لحظات عصيبة كهذه .. كنت أتجاوز بعض المقاطع خوفاُ و رهبة أيضا، وتحدث عن أسباب فشل ثورة الدستور ومنها أمية المجتع وعدم جاهزيته حيث نجح الإمام بالدعاية المضادة بإقناع الشعب الأمي بأن الدستور كفر وحتى أصحب لفظ "دستر" و"مدستر" في اليمن تعني شتماً قبيحاً، وذكر حكاية طريفة للغاية (ولقد بلغ بأحدهم حين سأله جاهل ما معنى الدستور؟ فأجاب باللهجة العامية (بيتك مش لك، مرتك مش لك، دينك مش لك)) وحكاية أخرى حول السجان البسيط الفهم القاسي القلب :ومرة دخل علينا [السجان] وبعد أن أحصانا عدّاً، قال: ابشروا بالفرج فسيطلقكم الامام جميعا لقد ألقي القبض على (الدستور) وزوجته (الورتلي) في بيت الفقيه وقصد بالورتلي الفضيل الورتلاني وكأن (الدستور) الذي ثار الأحرار من أجله هو حيوان ناطق ، وله زوج هو الورتلاني !!) ينتهي الكتاب قبل الحديث عن ثورة 62م او كما تسمى في اليمن ثورة 26 سبتمبر ولم أعرف ماهو موقف الشامي منها أو دوره يعيب الكتاب ربما موقف الشامي المتزلف للسعودية، وذكره بصدق قيمة العطايا والهبات التي تلقاها هو ورفاقه منهم، ومن بعدها يستبسل في الدفاع عن مواقفها السياسية تجاه اليمن ويبرئها دون اقناع من كثير من المواقف دون تبرير لغة الكتاب أدبية رفيعة، وحكاياه مكتوبة بلغة حزينة تلامس القلب من فرط شاعريتها في بعض المواقف، كنت أعرف بضع قصائد للزبيري لكن بعد الكتاب قرأت قصائد عدد من الشعراء الذين ذكرهم ومنهم نعمان والموشكي والمؤلف وأعجبتني كثيراً .. الكتاب فيه عرض للصور الاجتماعية والحال الاقتصادية للبلد في تلك الفترة بشكل جيد، وحسب جوجل فالمؤلف بعد ثورة 26 سبتمبر عاش خارج اليمن مابين فرنسا وبريطانيا، وتمنيت لو كان لكتابه جزء ثانٍ يسرد فيه أحداث ماتبقى من حياته
تميز كتاب الشامي بأسلوب أدبي جميل ولغة رائعة... يصف بشكل ممتع طفولته وظروف حياته ويجعل القارئ يتعاطف كثيرا مع حكاياته ومشاعره الطفولية... حتى علاقته الخاصة بزوجته وهذا ما لا نجده في كثير من كتابات المذكرات... يكتب الكثير من التفصيلات التي لا يتطرق لها غيره وهذا سر روعة الكتاب ... يقتبس من كتابات الآخرين ليقارن بين الآراء حول أحداث معينة ... يكشف حقائق من حق القارئ أن يعرفها .... ذكر عدد من الكتب يبدو أنها اختفت لأن أصحابها تغيرت مواقفهم وتبرأوا مما جاء في تلك الكتابات ... الكتاب لا يتطرق لثورة 1962 ....
أعجبني ، خاصة في وصف جوانب من الحياة الاجتماعية في تلك الفترة تمنيت لو زاد المؤلف رحمه الله في هذا الجانب ، في نهاية الكتاب مذكور أن هناك سفر ثاني بأسم (يوميات منتظر) بحثت عنه فلم أجده
مذكرة لرجل عاش في فترة مهمة في تاريخ اليمن وكان له يد في صنع الدولة اليمنية وافق الامام وعارضه وقاتل معه وله، وجُلد في سجنه ومدحه ذكر الشامي ذكريات حياته بكل صدق بعيد عن التسلسل التاريخي الدقيق بل هي مجرد ذكريات شخصية لا يستحي المؤلف فيها من اظهار مشاعره الحقيقية
كيف تخلصت اليمن من الحكم الامامي ؟
لم يكن الطريق سهلاً للوصول الى الدولة اليمنية [الحديثة] بل كانت ثورة تتبعها ثورة واعدام يتبعه اعدام ودماء تتبع دماء
والمصيبة ان من جنى الثمار هم اللئام والشعب هو هو في فقره وتشرذمه يتحمل حروب وفتن الساسة
الكل تعجب من علي عبدالله صالح ومن استطاعتها تحمل كل هذه التناقضات لكن الحقيقة ان اغلب السياسين اليمنين والاحرار ..الخ هكذا تقلبوا على حسب مصالحهم فتجدهم يمدحون الامام(احمد الجني) وهو يقطع الرؤوس وينقلبون عليه ثم يرجعون الى حضنه وهكذا في تقلب وخداع عجيب
تعليق اخير لا ادري هل هناك مشكلة بين المؤلف والبيضاني ؟؟قد اكثر من ذكره في الكتاب حتى اعتقدت ان بينهما مشاكل شخصية واحقاد سابقة!!!