ماذا فى القرآن الكريم عن الثورة؟ وما هو موقف السُّنَّة النبوية منها؟ وماذا فيهما عن العدل الاجتماعى؟ وهل للإسلام والمسلمين، فى هذه القضية، تراث نظرى؟.. وخبرة عملية فى الممارسة والتطبيق؟ وأية آفاق فتحها الإسلام، بهذا الميدان، أمام الإنسان؟ ثم.. لماذا اتفق موقف الإسلام من الثورة؟.. على حين اختلف عليها المفكرون المسلمون، فأجازها فريق!.. وأوجبها فريق!.. وحرمها آخرون! إن «الغد» وثيق الصلة «باليوم».. ومحال أن نفصل «الحاضر» عن «الماضى»، و«الواقع» عن «التراث»، والقضايا التى نعيشها عن جذورها الضاربة فى تاريخ المسلمين وفكر الإسلام! ولتلك القضية يصدر هذا الكتاب.
محمد عمارة مصطفى عمارة مفكر إسلامي، مؤلف ومحقق وعضو مجمع البحوث اﻹسلامية باﻷزهر حفظ القرآن وجوده وهو في كتاب القرية. بدأت تتفتح وتنمو اهتماماته الوطنية والعربية وهو صغير. وكان أول مقال نشرته له صحيفة (مصر الفتاة) بعنوان (جهاد عن فلسطين). وقد درس الدكتوراه في العلوم الإسلامية تخصص فلسفة إسلامية - كلية دار العلوم - جامعة القاهرة 1975. والماجستير في العلوم الإسلامية تخصص فلسفة إسلامية- كلية دار العلوم - جامعة القاهرة 1970م والليسانس في اللغة العربية والعلوم الإسلامية - كلية دار العلوم - جامعة القاهرة 1965م.
حقق لأبرز أعلام اليقظة الفكرية الإسلامية الحديثة، جمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده ،وعبد الرحمن الكواكبي، وألف الكتب والدراسات عن أعلام التجديد الإسلامي مثل: الدكتور عبد الرزاق السنهوري باشا، والشيخ محمد الغزالي، ورشيد رضا، وخير الدين التونسي، وأبو الأعلى المودودي، وسيد قطب، وحسن البنا، ومن أعلام الصحابة علي بن أبي طالب، كما كتب عن تيارات الفكر الإسلامي القديمة والحديثة وعن أعلام التراث من مثل غيلان الدمشقي، والحسن البصري.
ومن أواخر مؤلفاته في الفكر الحديث: الخطاب الديني بين التجديد الإسلامي والتبديل الأمريكاني، والغرب والإسلام أين الخطأ .. وأين الصواب؟ ومقالات الغلو الديني واللاديني، والشريعة الإسلامية والعلمانية الغربية، وكتاب مستقبلنا بين التجديد الإسلامي والحداثة الغربية، أزمة الفكر الإسلامي الحديث، والإبداع الفكري والخصوصية الحضارية، وغيرها كثير. وقد أسهم في العديد من الدوريات الفكرية المتخصصة، وشارك في العديد من الندوات والمؤتمرات العلمية، ونال عضوية عدد من المؤسسات الفكرية والبحثية منها المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، والمعهد العالي للفكر الإسلامي. وقد اتسمت كتابات الدكتور عمارة وأبحاثه التي أثرى بها المكتبة العربية والتي وصلت إلى (200) مؤلفاً بوجهات نظر تجديدية وإحيائية، والإسهام في المشكلات الفكرية، ومحاولة تقديم مشروع حضاري نهضوي للأمة العربية والإسلامية في المرحلة التي تعيش فيها.
حصل على العديد من الجوائز والأوسمة والشهادات التقديرية والدروع، منها جائزة جمعية أصدقاء الكتاب، بلبنان سنة 1972م، وجائزة الدولة التشجيعية بمصر سنة 1976، ووسام التيار الفكري الإسلامي القائد المؤسس سنة 1998م .
ربما كتبت فيه أطول تعليق على كتاب ! لخصت فيه أهم الأفكار و الآراء المطروحة في الكتاب. و مع ذلك لا أمل من إعادتها على ذاكرتي بين حين و آخر. http://www.ahmedabdelhamid.com/arblog...
عن الكاتب: محمد عمارة مصطفى عمارة 8 ديسمبر 1931 مفكر إسلامي، مؤلف ومحقق وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر. درس الدكتوراه في العلوم الإسلامية تخصص فلسفة إسلامية -كلية دار العلوم - جامعة القاهرة1975 . والماجستير في العلوم الإسلامية تخصص فلسفة إسلامية - كلية دار العلوم - جامعة القاهرة 1970، والليسانس في اللغة العربية والعلوم الإسلامية - كلية دار العلوم - جامعة القاهرة 1965. وحصل على العديد من الجوائز والأوسمة والشهادات التقديرية والدروع، منها "جائزة جمعية أصدقاء الكتاب، بلبنان سنة 1972م"، وجائزة الدولة التشجيعية بمصر سنة1976 ، ووسام التيار الفكري الإسلامي القائد المؤسس سنة 1998. له العديد من المؤلفات والتحقيق في السير الذاتية لأعلام الفكر الإسلامي، ويتسم فكره بالوسطية كما يصف نفسه على موقعه الرسمي {مرجع 1، ومرجع 2}. عن الكتاب: يعرض الدكتور محمد عمارة في كتابه الإسلام والثورة جوانب عدة من التوجهات الفكرية الإسلامية وموضوع الثورة. ما معنى الثورة؟ هل هي من الإسلام؟ هل الإسلام نفسه ثورة؟ ما هو موقف السنة النبوية منها؟ هل لنا تراث نظري وخبرة عملية في النظرية والتطبيق؟ ولماذا اتفق موقف الإسلام من الثورة على حين اختلف عليها المفكرون المسلمون؟ في هذا التلخيص الوجيز نعرض سريعًا الأفكار الأساسية التي بنى عليها المفكرون المسلمون توجهاتهم وبنت عليها جماعات عدة سلوكياتها، وسنتغاضى عن الجانب التاريخي التطبيقي في الكتاب طمعًا في التركيز على الأفكار والمفاهيم المختلفة و "الفكرة الجوهرية في الكتاب". وعليه نعرضها كالتالي: أولاً معنى كلمة الثورة في اللغة والدين، ثانيًا الثلاث توجهات الفكرية الكبرى تجاه الثورة بمعنها الضيق الذي سنختار. وأخيرًا نعرض ترشيحًا لتعليق على محتويات الكتاب. الفكرة الجوهرية للكتاب:
مقدمة: الثورة ما بين الرفض والقبول
هناك من يتخذ من الثورة موقفـًا عدائيًا كسبيل لتغيير الحياة وتبديل النظم وتطور المجتمعات. وهو موقف يكرس "الواقع" ويمنحه "الشرعية" و "البركة"، وإن كان لابد من التغيير فليكن "إصلاحًا" لا يصل لحد "الثورة" ولا يبلغ الجذور والأعماق في عملية التغيير.
ومن ناحية أخرى هناك فريق آخر، يقبل الثورة فقط "عندما تحدث" باعتبارها "واقعة" قد حدثت و "نازلة" يسلم بها المؤمنون الذين امتحنوا ولهم أجر الصبر على معايشتها والعيش في كنفها! وفي أحسن الأحوال ينظرون لها "كمحظور ومحرم" تبيحه "الضرورة" والضرورات تبيح المحذورات!
وكلاهما فريق واحد يرى أصحابه أن الصلات غير قائمة أصلا ً بين الإسلام- كفكر خالص وكفكر وضع في التطبيق بمجتمع عصر النبوة وصدر الإسلام – وبين "الثورة" كطريق إنساني لتغيير المجتمعات والانتقال بها إلى درجات جديدة في سلم التطور. ومن هنا نبدأ في دراسة قضية (الإسلام … والثورة)
معنى كلمة ثورة وأصولها في اللغة والدين:
العرب والمسلمون الأوائل استخدموا الكلمة بعدة معان ٍ منها: الهياج والانقلاب والتغيير والوثوب والانتشار والغضب. ففي لسان العرب لابن منظر نطالع حديث الرسول صلى الله عليه وسلم "أثيروا القرآن، فإن فيه خبر الأولين والآخرين" وحديث "من أراد العلم فليثور القرآن" وتثويره قراءته والتدبر في معانيه وتفسيره. ونقرأ في القرآن" أَثَارُوا الأَرْضَ وَعَمَرُوهَا" (الروم 9) أي قلبوا وجهها… وأيضا بمعنى الانتصار للمظلوم في الآية: "وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ" (الشورى 39( وهي أيضًا الحركة من بعد السكون …"اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا" (فاطر 9) أي تهيجه كي ينتشر، ونذكر بقرة بني إسرائيل التي كانت "بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ" (البقرة 71). كما استخدم العرب مصطلح "الملحمة" للدلالة على بعض معاني مصطلح الثورة فدل عندهم على التلاحم في الصراع والقتال حتى جعلوا من أوصاف الرسول صلى الله عليه وسلم "نبي الملحمة" حيث مارس التغيير بالوسيلتين معًا: القتال والإصلاح العميق.
وغير ذلك أيضًا لفظ الفتنة واستخدموا مصطلح "الخروج" وغلب على الأدب السياسي لكثير من فرق المسلمين ومدارسهم الفكرية، حتى اشتق منه اسم "الخوارج" لثورتهم المستمرة كما استخدموا أيضًا مصطلح "النهضة" لأن "النهوض" كالثورة يعني الوثوب والانقضاض وفي الحديث الذي يرويه ابن أبي أوفى نقرأ "كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب أن ينهض إلى عدوه عند زوال الشمس" رواه أحمد بن حنبل. وعدة أحاديث أخرى تستخدم مصطلح النهضة والمناهضة بمعنى البروز والوثوب والصراع مع الأعداء لإحداث التغيير والاقتحام للمستقبل وامتلاك الجديد وإحراز الفتح المبين! وقد ظل مصطلح النهضة بمعنى الثورة كذلك حتى أننا نطالعه في كتابات الأفغاني وسعد زغلول.
ويدعو الكاتب القارئ المتدبر للقرآن أن يراجع معه مصطلحًا آخر استخدمه القرآن للدلالة على "التغيير الثوري" ألا وهو "الانتصار". ويقول إضافة للمعاني السابقة إن الثورة تأتي أيضًا بانتقام للمظلومين من الظالم على تفاوت درجات الانتقام ومواطنه وكذلك "النصر" والانتصار. فالنصر يعني إعانة المظلوم، والانتصار يعني الانتصاف من الظلم وأهله والانتقام منهم. والقرآن يذكر الانتصار بهذا المعنى كفعل يأتيه "الأنصار" ضد البغي في سورة الشورى 37-43: "والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور" .
والخلاصة أن الثورة في تعريفها الأعم ومرادنا هي: "العلم الذي يوضع في الممارسة والتطبيق، من أجل تغيير المجتمع تغييرًا جذريًا وشاملا ً، والانتقال به من مرحلة تطورية معينة إلى أخرى أكثر تقدمًا، الأمر الذي يتيح للقوى الاجتماعية المتقدمة في هذا المجتمع أن تأخذ بيدها مقاليد الأمور، فتصنع الحياة الأكثر ملاءمة وتمكينـًا لسعادة الإنسان ورفاهيته، محققة بذلك خطوة على درب التقدم الإنساني نحو مثله العليا التي ستظل دائمًا وأبدًا زاخرة بالجديد الذي يغير التقدم ويستعصي على النفاد والتحقيق".
التوجهات الفكرية الإسلامية والثورة
وعليه فظهور الإسلام في شبه الجزيرة ثورة…. إلخ. وبداية الاختلاف كانت في المسألة الفكرية السياسية الثورية وما يسمى بـ"قضية السيف". السؤال هو: هل تجوز الثورة (بمعنى الخروج) على الحاكم؟ وهو الجانب الذي سنركز عليه هنا.
التوجه الفكري الأول: الخروج بالسيف
جميع التيارات الفكرية الإسلامية التي انحازت للثورة نظريًا أو عمليًا وقررت مشروعيتها قد استندت إلى أن القرآن قد "أوجب" على الأمة - متضامنة متكافلة- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فإذا اقتضى النهوض بهذا التكليف استخدام "الفعل" بعد "القول" و"الاستعانة بالقوة" التي اصطلحوا تسميتها بـ "قضية السيف" كان ذلك "مشروعًا" لدى البعض و"واجبًا" لدى البعض الآخر.
وهم في ذلك يستندون إلى قوله سبحانه وتعالى في سورة آل عمران 104: "ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر" وقوله في نفس السورة 110 :"كنتم خير أمة أخرجت للناس، تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر". وقالوا إذا كان الأمر بالمعروف يقف عند حدود الهدى والبيان، فإن النهي عن المنكر يتجاوز ذلك إلى الفعل. واستندوا في ذلك إلى عديد من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ومنها: "من رأى منكم منكرًُا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه. فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان" رواه مسلم والترمذي والنسائي وابن حنبل. والفعل هنا يسبق غيره من وسائل التغيير. ومن مثل قوله محذرًا الأمة من النكوص عن هذا الطريق الصعب قوله: "لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يد الظالم، ولتأطرنه على الحق أطرًا (أي تدخلونه في الحق وتجبرونه عليه)، أو ليضربن الله على قلوب بعضكم ببعض، ثم تدعون فلا يستجاب لكم" رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه وابن حنبل. وقوله: "إذا رأيتم الظالم فلم تأخذوا على يديه يوشك الله أن يعمكم بعذاب من عنده" رواه الترمذي في سننه. ومن مثل الترغيب في هذا الطريق المحفوف بالمكاره والمليء بالأشواك قوله: "أفضل الجهاد كلمة حق أمام سلطان جائر" رواه أبو داوود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن حنبل. وقولة سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب: "ثم رجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله"
التوجه الفكري الثاني: الهجرة
في التراث الإسلامي الكثير من الآيات التي تدعو الإنسان لرفض الظلم و"العمل على تغييره". فالثورة تعني "الهجرة" من حالة الاستسلام والسكون إلى حالة التمرد والحركة. فيه هجران للركود والموت ووثبة يتجاوز بها الإنسان والمجتمع هذا الوضع الجائر ليستبدله بآخر أكثر إشراقـًا ووضاءة. فليست الهجرة فرارًا وهروبًا فهي حينها فعل إيجابي بل ووسيلة تأديب! والذين لا يهجرون المجتمع الظالم هم الظالمون لأنفسهم .وهو أشد أنواع الظلم لأنهم حينها يظلمون أنفسهم والأمة ومصالحها بل والقيم التي دعا إليها الله وبشر بها الرسول. وفي ذلك يقول سبحانه وتعالى في سورة النساء 97: "إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا" ذلك أنهم كانوا "مستضعفين في الأرض" لا يعفيهم من مسؤولية التكليف بواجب التغيير للظلم. لأن منطقهم الاستسلامي هذا يعاكس إرادة الله في الأرض في آية جمعت من المعاني والطاقات الثورية ما لم تجمعه شعارات كثيرة قال تعالى في سورة القصص 5-6: "وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ". فإن إرادة الله أن تكون القيادة والإمامة للمستضعفين في الأرض وأن تكون لهم وراثة ما في حوزة أوطانهم من ثروات وعلوم وإمكانات.
التوجه الفكري الثالث: طاعة ولي الأمر المطلقة
بعد عرض سريع للتاريخ الإسلامي، رأينا فيه الخوارج، وتيارًا من المرجئة، والمعتزلة ثم الزيدية والعلويين وبعضًا من فرق الشيعة الإمامية مثل الإسماعيلية وكذلك الكيسانية… اجتماعها كلها فكرًا وعملا ً على ضرورة اللجوء للثورة والعنف الثوري – السيف – كسبيل لإزالة الجور والظلم والفساد. ولم يشذ عن هذا إلا أحد تيارات المرجئة الذين ناصروا الأمويين، وإلا شيعة جعفر الصادق الذين علقوا السماح باستخدام السيف على ظهور إمامهم المنتظر الذي سيخرج ليملأ الأرض عدلا ً بعد أن ملئت جورًا!
وكذا مرت السنون وظلت الشيعة الاثنا عشرية على موقفها المناهض للثورة بينما حمل التيار الفكري الذي عرف "بأهل الحديث" وكذلك نفر من التيار الأشعري فكر المرجئة الذين ناهضوا الثورة ونهوا عن استخدامها في النهي عن المنكر والتغيير.
ولم ينكر هذا الفريق "وجوب" النهي عن المنكر لأنه ثابت في الكتاب والسنة ولكنهم حصروا وسائل النهي في النهي باللسان لا باليد فضلا ً عن السيف وخاصة إذا ترتب على ذلك تضحيات.
وقد عرض الكاتب آراء كثير من الأئمة والتي كره فيها الكثير منهم الخروج وأحيانـًَا تم تحريمه كلية، ولكن قد تكون لهذه المبررات العملية التي ساقها هذا النفر من أئمة أهل الحديث والأشعرية حظوظ من الوجاهة في بعض المواقف والملابسات … وبخاصة أمام المخاطر الخارجية التي هددت الدولة والحضارة. كنمط الحكم المملوكي الذي كانت تغلب فيه القوة الجسدية والمخاطر الخارجية مما أدى إلى هذا الموقف المناهض للثورة. وأعطى الشرعية لنظام استبدادي حتى صار قاعدة وصار الخضوع للحاكم والطاعة له هما الشريعة والقانون حتى قال نفر من الفقهاء "مَن يحكم يُطع"!
مواطن تعليق الكاتب الدكتور محمد عمارة
ولكن البعض يعول على أن تلك الآيات قد وردت في معرض القصص عن قوم سابقين ولا يستدل بها في مسئلتنا عن الثورة، فيرد الدكتور الكاتب بقوله إن علماء الأصول قد قالوا: إن القرآن لم يذكر قصص الأولين مستهدفـًا التاريخ، بل أورد من هذا التاريخ وذلك القصص مواطن للعبرة، فهو يعالج قضايا المجتمع الإسلامي سواء أكان ذلك بالحديث المباشر أو بالعبرة والعظات التي يسوقها لنا من خلال قصص الأولين وتاريخ الأقدمين.
وجدت الكثير من التيارات الثورية المسلمة ما يؤيد موقفها من قضية السيف أو استخدام العنف الثوري –بتعبيرنا الحديث- في عملية التغيير وهي قضية خلافية كما أسلفنا. ووجدوا في السنة كما في الممارسة التي تمثلت في ظهور الإسلام وصراعات المؤمنين ضد خصومه –أحاديث عدة أكثرها دلالة الذي رواه الصحابي حذيفة بن اليمان: قلت: يا رسول الله، أيكون بعد الخير الذي أعطينا شر، كما كان قبله؟!
قال: نعم!
قلت: فبمن نعتصم؟!
قال: بالسيف.
رواه أحمد بن حنبل في مسنده وأبو داود في سننه.
وغير هذه من الآيات والدلائل في تقرير مشروعية الثورة بل ووجوبها في الإسلام.
خلاصة بحث الكاتب
ويخلص الكاتب إلى قوله: وعلى هذا تطالعنا المصادر والنصوص الإسلامية الأولى والجوهرية: الكتاب والسنة بما يزكي حجج التيارات الثورية الإسلامية على مشروعية الثورة (يقصد في مفهومها الواسع) بل ووجوبها في الإسلام.
يحدثنا د محمد عمارة عن ثورة ألإسلام وكيف كانت عدلا وان ألإشتراكيه والعدالة ألإجتماعيه لم تطبق ألا فى وجود ألإسلام فى الحكم و يأصل لكلمة أو مصطلح ثورة منذ بداياته وكيف أن ألإسلام جاء بالثورة علي الجاهلية في جبهتين فكرية وواقعية وأن إنجازات ألإسلام الثورية غيرت واقع الأنسان وأن ألإسلام جعل الشوري فلسفة نظام الحكم ثم يحدثنا عن سيدنا أبي بكر وكيف انه ساوى بين الناس في توزيع ألأموال فكان أول من مارس العدالة ألإجتماعية ثم جاء سيدنا عمر وتعددت الفتوحات وزادت ألأموال فغير في نهج اقتسام ألأموال ولم يجعلها متسواية لتأليف قلوب البعض وجاء سيدنا عثمان ةكانت ثورة اخري علي نظام حكم ويتلوا علينا بيان (المهاجرون ألأولون) لطلب إعادة الخلافه إلي الشرعية الدستورية ثم جاء سيدُنا علي وأعلن قرارات ثورية بتساوي الناس في العطاء كما كانو في عهد سيدنا ابي بكر واسترداد أراضي الدوله التي أقطعها سيدنا عثمان لبعض الولاة وعزل جميع عمال وولاة سيدنا عثمان من جميع ألأمصار وعند تطبيق التساوي في العطاء ثار البعض الي حد نقض بيعتهم لسيدنا علي وإعلان الحرب تحت ستار المطالبة بدم عثمان ثم يحدثنا د/ عمارة عن المجتمع وطبقاته وعن المال العام ونصل معه إلى ثورة الخوارج ثم ثورة المرجئة ثم ثورة الشيعة وثورات المعتزلة ويفرد صفحات لثورة الزنج في البحرين وهي اخطر الثورات في العهد العباسي والتى بدأت فى 863 ميلادية الكتاب الذى فى يدي طبعة 2006 وهو الطبعة الرابعه ولا تاريخ للطبعات السابقة اعتقد أنه كتب تعقيبا علي ثورة يوليو لأنه يغلب عليه مصطلحات تلك ألأيام ويلمح فيه الكاتب أن ما يقال عن بعد ألإسلام عن السياسه وهم وأن ألإسلام دين ودنيا وأن المصطلحات التى يعتقدون انها جديده قد قيلت من قبل بل وطبقت فى صدر ألإسلام فهى ليست بجديده
هذا الكتاب من أعجب ما يكون ! فكرة رائعة جدا , وحاول تفصيلها بشكل جيد ونجح بشكل جزئي ,لان الكتاب كان يحتاج لان يكون ضعف حجمه حتى يعبر عن فكرته ! مفهوم الثورة اتسع عند د عمارة ليبدأ من تصور الانسان للكون وانتهاء بالسياسية مرورا بالعلاقات الانسانية والتنظيمات الاجتماعية فقد ابدع المؤلف فى الحديث عن مرحلة ما قبل الاسلام وكيف ثار الاسلام على افكار الجاهلية وغيرها , وابدع فى الحديث عن عدل عمر وعلي ولكنه لم يتكلم عن الافكار الثورية الاسلامية فى بعض الميادين مثل الجهاد وكذلك عن المرأة والعلاقة مع المخالف غير المسلم وطالما وسع المؤلف مفهوم الثورة كان يلزم عليه مناقشة مثل هذه القضايا النقص الخطير فى الكتاب إسهاب المؤلف الحديث عن ثورات المعتزلة والخوارج والمرجئة(الثوريين منهم وليس نعال السلاطين) وبعض فرق الشيعة ولم يتحدث إطلاقا عن ثورة السلف الصالح على مظالم حكام بني أمية ,وموقفهم من الاستبداد ومصادرة حق الامة فى إختيار حاكمها, حتى لم يتعرض لثورة الحسين إطلاقا !! وهذا عجيب يبدو أني أحتاج لقراءة "مسلمون ثوار" لانه أكبر فى الحجم وقد يعالج فى النقص فى الفكرة الرائعة فاللهم أحينا ثوارا وتوفنا أحرارا
يذكر المؤلف الدكتور محمد عمارة في مقدمة الكتاب انه جاء ليرد علي من ينفون صفة وفعل الثورة عن الاسلام من التيارات الاسلامية المختلفة
يبدأ الكاتب مقدمة اكاديمية بتعريف معني الثورة لغة واصطلاحا ثم يتناول الايات والاحاديث التي ذكر فيها كلمة الثورة او مشتاقتها
ثم يبدأ المؤلف في سرد دلائله ان الثورة من الاسلام ويتكلم علي مستويين المستوي الفكري للثورة في الاسلام والمستوي التطبيقي للثورة في الاسلام ويأخذ مثال علي التطبيق ويستفيض في شرحه وهوالخليفة عمر بن الخطاب
مشكلتي الاولي مع هذا الكتاب انه لم يوضح الفرق بين المنهج الثوري والمنهج الاصلاحي او التدريجي فكل ماغيره الاسلام في العرب يمكن اعتباره ثورة وفي نفس الوقت يمكن اعتباره اصلاح تدريجي علي مدة متوسطة
المشكلة الثانية والمفصلية انه تكلم عن ثورة الاسلام التي حققها الرسول الكريم والخلفاء الراشدين .. اي انها ثورة مابعد الوصول الي الحكم وليست ثورة ماقبل الوصول للحكم وهذا هو اساس اعتراض معظم التيارات الاسلامية علي منهج التغيير الثوري الشعبي في الاسلام اما التغيير الثوري بعد الوصول للحكم فاعتقد انه لاخلاف عليه
تناول الكتاب بعد ذلك ثورات فئات من الشعب المسلم علي حكامهم ولكنها فئات ينظر اليها الان علي انها فئات ضالة مثل ثورات الخوارج والمرجئة والشيعة والمعتزلة .. الخ ، اقتصار امثلة ثورات الشعب علي هذه المجموعات التي تعودنا علي سماع وصفها بالفئات الضالة اوقعني في حيص بيص ..حقيقة لاأدري اين الحقيقة
في نهاية الكتاب يذكر الكاتب ان علماء اهل السنة يحرمون الخروج المسلح والثورة علي الحكام ويعترض الكاتب علي ذلك بدليل ان العصر الاول للاسلام كان ثوريا بخلاف موقف هؤلاء العلماء اللاحقين
الخلاصة النهائية .. اني احترت اكثر وادركت اني بحاجة الي القراءة اكثر واكثر
- الكتاب كما أقر د.عمارة في بدايته يوثق الصلة بين الإسلام والثورة بل يصفه نفسه بالثورة. - عاب الكتاب أنه استطرد في امور ليست بالأهمية مثل ثورات الشيعة والمرجئة والمعتزلة خصوصا أن اندلاع هذه الثورات ليس حجة على الاسلام ولا تثبت شرعية الثورة (شرعا) بحدوثها. - فات الكاتب أن يفند ويدحض الدلائل التي يستخدمها أنصار طاعة ولى الأمر ولو كان مثل مبارك أو السيسي أو بشار .. الخ وأن يبين صحة سندها او الدلالة الصحيحة لما يثبت منها صحة سنده(مثل حديث اسمع واطع وان ضرب ظهرك وأخذ مال��) - فاته أيضا أن يذكر الموازنات التي ينبغي أن توضع ف الاعتبار قبل الإعتراض (والثورة) على الحاكم أو الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية .. الخ لأنه قد تتوافر مبررات القيام بثورة لكن النتائج غير مضمونة العواقب أو الأضرار الناتجة أكثر من المصالح.
العدل الاجتماعي ليس ترفا فكريا ، ولاهو زينة سياسية ،كما انه ليس تفضلا واحسانا من فريق حاكم وقادر على أخر محكوم ومحتاج….وانما هو ضرورة من ضرورات الحياة تقتضيها تنمية طاقات البشر وزيادة قدراتها على الخلق والتنمية والابداع، بنفس القدر الذي تقتضيها تنمية انسانية الانسان وكرامته، كأكرم مخلوقات الله في هذا الكون الفسيح” د.محمد عمارة
كتاب رائع.. اخر سبع صفحات اذهلتني... الكتاب معظمه عن العدل الاجتماعي في الاسلامي ومن ثم يتجه الي الفكر الثوري والثورة وامثلة لها... ما اذهلني موقف اهل الحديث ودورهم في مناهضة الثورة وشرعنة الاستبداد السياسي والتغلب بالسيف مستدلين بأدلة واهية تنافي روح الاسلام.. كاحمد بن حنبل وابن تيمية والامام الغزالي سامحهم الله .. اساتذة السلفية.
محتوى الكتاب رائع، إلا أنه تدريجيا يبتعد عن العنوان ، ليس تحديدا عن الثورة بقدر ماهوعن العدل والتوسط الاسلامي في الحكم .. من الكتب التي تثير في المرء اعتزازه بالاسلام..
سامحه الله ورحمه، حرمنا بيساريته من فتح عظيم، وسلبتنا أدلجته أكثر مما وهبت، كتاب به إمكانات عظيمة وخطة تأريخية مهولة، لكن شابه -منهجيًا الكثير من- الاستدلال الدائري والتعليب الماركسي الجاهز.