«مسرحية «الفتى مهران» من أهم معالم تاريخ المسرح الشعري في مصر، منذ الضجة الهائلة التي أثارتها عند عرضها أول مرة في شتاء سنة 1966... وتستمد هذە القيمة الفنية الرفيعة ليس من بديع صياغتها الشعرية أو بنائها الدرامي فحسب، وإنما أيضا لكونها نبوءة صادقة واستشعارًا بالغ الشفافية، من وجدان فنان مرهف، لأحداث نكبة 1967 بكل تبعاتها الجسيمة على حرية الوطن وكرامة المواطن؛ حيث تمت كتابتها قبل تلك الأحداث بنحو عامين... تمثل المسرحية رؤية متعددة الزوايا؛ فهى تحتوي على موقف من الحاكم، وعلاقة المثقفين بالحكام، وموقفهم من الحياة الاجتماعية. كما تشير بقوة إلى قيمة الكلمة، وأهميتها في استنهاض الهمم، وصياغة الوجدانات الحرة المستنيرة الكاشفة لكل معاني الزيف والضلال، وإن تسترت بعباءة الدين. «الفتى مهران» تتصدى للماضي البعيد، لكنها تنقد الواقع الحاضر وتبشِّر بالمستقبل، فيظل موضوعها التاريخي رمزًا حيًّا للتعبير عن حقائق خالدة في حياة الإنسان، في كل زمان ومكان. فالمسرحية إذن في بُعدها الواقعي، مسرحية معاصرة برغم موضوعها التاريخي، حيث تعرض بالرمز لقضايا وتجارب اجتماعية وفكرية حية. وهى على المستوى الفني، انتصار حاسم للشعر الحديث، في قدرته على التعبير الدرامي، كما جاء في أقوال النقاد».
عبد الرحمن الشرقاوي شاعر وأديب وصحافي ومؤلف مسرحي ومفكر إسلامي مصري من الطراز الفريد ولد عبد الرحمن الشرقاوي في 10 نوفمبر 1920م بقرية الدلاتون محافظة المنوفية شمال القاهرة، بدئ عبد الرحمن تعليمه في كتاب القرية ثم أنتقل إلى المدارس الحكومية حتى تخرج من كلية الحقوق جامعة فؤاد الأول عام 1943م بدأ حياته العملية بالمحاماه ولكنه هجرها لأنه أراد أن يصبح كاتبا فعمل في الصحافة في مجلة الطليعة في البداية ثم مجلة الفجر وعمل بعد ثورة 23 يوليو في صحيفة الشعب ثم صحيفة الجمهورية ، ثم شغل منصب رئيس تحرير روزاليوسف عمل بعدها في جريدة الأهرام ، كما تولي عدد من المناصب الأخرى منها سكرتير منظمة التضامن الآسيوي الأفريقي وأمانة المجلس الأعلى للفنون والآداب رواياته: الأرض عام 1954، و قلوب خالية عام 1956م، ثم الشوارع الخلفية عام 1958م، و أخيرا الفلاح عام 1967م
تأثر عبد الرحمن الشرقاوي بالحياة الريفية وكانت القرية المصرية هي مصدر إلهامه، وإنعكس ذلك على أول رواياته الأرض التي تعد أول تجسيد واقعي في الإبداع الأدبي العربي الحديث، وقد هذه الرواية تحولت إلى فيلم سينمائي شهير بنفس الاسم من أخراج يوسف شاهين عام 1970 من أشهر أعماله مسرحية الحسين ثائر، ومسرحية الحسين شهيدا ومأساة جميلة عن الجزائرية جميلة بوحيرد ومسرحية الفتى مهران، والنسر الاحمر، وأحمد عرابي، أما في مجال التراجم الإسلامية فقد كتب محمد رسول الحرية والفاروق عمر، وعلى إمام المتقين. حصل عبد الرحمن الشرقاوي على جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1974 والتي منحها له الرئيس السادات، كما منحه معها وسام الآداب والفنون من الطبقة الأولي. توفي الشاعر والأديب والصحافي والمفكر الإسلامي عبد الرحمن الشرقاوي في 10 نوفمبر عام 1987م.
قديما كنت انظر إلي الأبطال المثاليين بنظرة انبهار ، بنظرة إعجاب وشغف كنت انظر إلي القدوة التي ستصبح سيرتهم زادي في خلق المجتمع المثالي في هذا العالم ، كم كنت ساذجا في هذا الوقت وكم أنا ساذج حتي الآن وكم سأظل ساذج حتي الموت ، اليوم انظر إليهم بنظرة الشفقة ، وفي بعض الأحيان مزيج من الشفقة والسخرية ، ما أشد تقلبات الانسان في هذه الحياة فما بين نقيض ونقيض يتأرجح وفي الهاوية يسقط
مسرحية الفتي ذكرتني بحكايات الشطار وسير الأبطال و إن كان الفتي مهران يدفع للشفقة علي حاله ، فهو يقاتل من أجل من سيسخر منه ومن ينتهز الفرصة لينقض عليه ويظهر هذا واضحا علي لسانه في مقولته "هذا قضاء حياتنا ، نحن الذين يموت أفضلنا ليحيا الآخرون بلا دموع ....."
المسرحية بشكل عام أصبحت لا تمثل لي جديد عندك السلطة الظالمة متمثلة في أي كيان سواء كان أمير أو قائد جيش أو سلطان ، رجل الدين والقاضي مفتي الديار البائع لضميره الذي لا يمتلك مشكلة في إخراج أي فتوي كانت حتي و إن وصلت إلي إهداء الزوجات و الأولاد إلي الأعداء ، و البطل المغوار الذي سيقف أمام كل هذه الأشياء المتمثل في فتي الفتيان مهران ورفاقه وبالطبع يوجد الرفيق الخائن إلي آخره
المسرحية ممتعة لغويا أو أجدها كذلك برغم مشكلة الهمزات التي أعتقد إنها نابعة من الطباعة ، أكثر ما أعجبني فيها هي النهايات فالحوار الأخير للقاضي و المفتي بجير أكثر من رائع - متمثل في الصفحات الأخيرة من المنظر العاشر - ، والختام في هذه المسرحية المتمثل في الكلمات القادمة أكثر من رائع
إن الطريق إلي الحقيقة ليس تفرشه الزهور بل الصخور .. أو القبور وفي شرفات هذا العصر قد وقف الرجال الزائفون .. ملمعين.. مهفهفين ليلفتوا كل العيون مثل البغايا حين يقطعن الطريق علي وقار العابرين لكنه دور و يمضى و سيقبل الزمن السعيد .. ويغرد القلب الحزين و ستعبر الانغام اسوار السجون و تنطلق و ستملأ الضحكات أرجاء الحياة و يهيم عطر الياسمين فى الأفق و سننطلق .. سنخوض معركة المصير بلا دروع .. و لا خوذ .. ضد اللصوص الدارعين .. نحن الذين ظهورهم كصدورهم مكشوفة للطاعنين .. لم ينعكس وهج علي جبهاتنا .. و عروقنا بالرغم من هذا يؤججها لهيب الشوق للمستقبل .. و سننطلق
و مشهد من المسرحية التي تم تمثيلها وكنت أتمني أن أجدها كاملة لكن لآسف لم أجدها وكنت أتمني ممثلة آخري تقوم بدور سلمي لأني لا أحب تيسير فهمي http://www.youtube.com/watch?v=v3K_81...
ان الطريق إلي الحقيقة ليس تفرشه الزهور بل الصخور أو القبور وفي شرفات هذا العصر قد وقف الرجال الزائفون ملمعين.. مهفهفين ليلفتوا كل العيون مثل البغايا حين يقطعن الطريق علي وقار العابرين لكنه دور و يمضى و سيقبل الزمن السعيد ويغرد القلب الحزين و ستعبر الانغام اسوار السجون و تنطلق و ستملا الضحكات ارجاء الحياة و يهيم عطر الياسمين فى الافق
نبوءة، وترميز شديد الوضوح للوضع في مصر في منتصف الستينيات وعشية النكسة، و إشارة شديدة الوضوح لحل المنظمات الماركسية ومساومة الماركسيين على الدخول في أجهزة السلطة - شكلياً - لعزلهم ، وصولا للهزيمة المروعة في ١٩٦٧!
أنهيتُها اليوم وانتهت معها تلك الهدهدات اللطيفة التي كنت أشعر بها طوال القراءة. وقعتُ في غرام اللغة قبل كل شيء. انبهرت بهذه الطريقة البديعة التي يصيغ بها عبد الرحمن الشرقاوي الحوار بين الشخصيات. كتجربةٍ أولى مع المسرح الشعري، يمكنني القول إنها قصيدة طويلة. ثمة موسيقى هادئة تعمل في الخلفية بينما أنزلق داخل الأحداث وأندمج مع الشخصيات والحوارات فأشعر بها ولا أشعر في الآن نفسه. لحنٌ عذبٌ يأخذني من يدي ويسير بي داخل أروقة هذه الحكاية.. حكاية فتى الفتيان مهران الجسور. قابلتُ فقراء مهمَّشين وأسيادًا لا يزالون يستنزفون ما بقي من دمائهم ويطمعون في فتات خبزهم. رأيتُ سلطانًا مغيَّبًا بفساد الحاشية، وإقحامًا للشعب في معارك لا تخصه، ومُثُلًا عُليا تهوي من عليائها وتتحطم فوق صخرة الواقع. عرفتُ الأمل وخيبات الأمل، والحب المستحيل، والتمسك بالمبادئ حتى آخر رمق؛ ثم خرجت أتساءل إن كانت للحكاية بقية.
يقول الشرقاوي على لسان مهران:
أنا أعرف الفقراء بالثوب الممزق والكرامة والإباء وبومضة الإصرار في تلك العيون الخابية بالحب يملأ قلبهم ويفيض بالإشراق من فوق الوجوه الكابية تلك التي فرغت من الأحلام أو عبثت بها الأحلامُ ثم تخلت الأحلام عنها إني لأعرف كل شيء يا أمير لكنْ أميري ليس يعرف من أنا.