📖 هناك بلُدان حباها الله بخصوصية متفردة .. لم تفقد ملامحها وتصبح نسخة أخرى مكررة كغيرها.. وكلما كان المكان أصيلاً كانت حكاياته متفردة.. وهكذا هو الأدب العماني الذي لا يشبه أدباً آخر.. سيرة الحجر هي سيرة المكان العماني ، تقبض هذه المجموعة على جوهر المكان لتخلده وتصونه من النسيان والاندثار.. النصوص هنا تدوينٌ لحكايات أصيلة من القرية العمانية أبطالها بشر وحجر ودروب وأشجار وجبال وظلال ..، كل عنصر من عناصر الطبيعة له حضوره الطاغي ، حكاية إثر حكاية تتشكل صورة كبرى للقرية ومكوناتها وعناصرها وتماهي سكانها مع محيطهم وافتتانهم به فهو هنا مُكوّن فاعل وحاسم في حياتهم.
ولأن القرى تظهر وادعة دوماً ولكنها تخبئ أسرارها عن الغرباء فإن عملاً كهذا يُسلم القارئ مفاتيح الحكايا فلا يملك إلا أن ينساق خلفها تفتنه أجواء القرية من ألفة وتكاتف..من أحقاد ونميمة ..من غموض وترقب.. ومشاهدات يومية فيها بساطة الإنسان وعمق الأحداث التي تواجهه ووقعها المدوي فما يحدث في القرية يعني الجميع ويؤثر على الجميع .
وهكذا تتوالى الحكايات لتمنح القارئ دفقات من دهشة وسحر خاص تسندها اللغة الشعرية والوصف البديع للطبيعة فتبقيه مفتوناً تارة.. ضاحكاً تارة .. متعجباً تارة وأحياناً كثيرة متوجساً .. ومستمتعاً بتنوعها فمن حكاية عن الحب إلى أخرى عن الغياب وعن السفر والموت والليل والوحدة والخوف ..تحمل كل منها ملمحًا من القرية لتروي سيرة المكان بإقتدار..
سيرة الحجر عمل مهم في تأصيل ذاكرة المكان ويحتفي بالموروث المحكي العماني الغني والجدير بالتدوين .. حتماً أنصح به..🤍