زهير محمود الكرمي، وإعلامي أردني. من أبرز مقدمي البرامج التلفزيونية على شاشة التلفزيون الأردني وقد اشتهر بتقديم البرنامج الوثائقي الرائع العلم والحياة الذي بث في أكثر من قطر عربي.
في عام 1948 حصل على الماجستير في علم الأحياء من الكلية الإمبراطورية في لندن. عمل في التدريس لمادة العلوم، أصبح مفتشاً للعلوم في الكويت عام 1965، ثم رئيساً لمفتشي العلوم في وزارة التربية والتعليم بالكويت حيث أشرف على ت مناهج العلوم أكثر من مرة. استقال من عمله في التربية ليتولى منصب المدير العام لشركة أكسجين الكويت ومؤسسة الغازات الصناعية الكويتية. ساهم في الإذاعة والتلفزة في الكويت بتقديم الكثير من الأحاديث العلمية. قام في العام 1972 بإنشاء المتحف العلمي بالكويت.
مؤلفاته: معالم صورة العالم في القرن الحادي والعشرين. الكويت والماء في القرن الحادي والعشرين. الكويت والصناعة في القرن الحادي والعشرين. علم الحياة، ثلاثة أجزاء. العلوم العامة، تسعة أجزاء، العلم ومشكلات الإنسان المعاصر، سلسلة عالم المعرفة. ترجم لليونسكو كتاب المرجع في تعليم الجغرافيا. راجع الترجمة لسلسلة عالم المعرفة لكتابي الكون والثقوب السوداء لرؤوف وصفي، ارتقاء الإنسان لجاكوب برونوفسكي كما ترجم كتاب بنو الإنسان لبيتر فارب.
توفي في التاسع والعشرين من تشرين الثاني لعام 2009 للميلاد, وهو عضو مجلس أمناء جامعة القدس (الجامعة العربية الفلسطينية في القدس).
مقتطفات من كتاب العلم ومشكلات الانسان المعاصر للكاتب زهير محمود الكرمي
دخل عدم ا لمساواة هذا كعامل معاد آخر من عوامل البيئة يؤثر في الكثيرين تأثيرا يحد من فعاليتهم وحيويتهم... و نجم عنه كثير من الاضطراب والعنف على شكل فردي وجماعي في فترات عديدة من تاريخ الانسانية ------------------ تحول المجتمع من مجتمع يفترض فيه التعاون حسب القدرات والمواهب والامكانات لمصلحة المجتمع العامة الى مجتمع يتم فيه التعاون على أسس استغلال البعض للأخرين وافادة هذا البعض فائدة شخصية من قدرات ومواهب أولئك الاخرين ------------ أغرب ما في الانسان أنه حقا لا يدري ما يريد من حياته. انه يعلم في أعماقه ان حياته محدودة زمنيا... وأن الموت يقترب منه باستمرار. وكان الواجب أن يكون هذا مدعاة لوضوح هدفه من الحياة.. ولكن الامر على العكس من ذلك... فقلما تجد انسانا يعلم يقينا ما يريد من حياته وقلما تجد انسانا قانعا بما استطاع تحقيقه. ونتيجة هذا وذاك يتولد عند الانسان شعور بعدم الرضا وعدم السعادة -------------
وقد يكون القول بأن السعادة تكمن في تحقيق الانسان لذاته وقدراته وكفاءاته وامكاناته قريبا الى مفهوم السعادة... غير أن هذا ينقضه أو يبعده امران: الاول أن الانسان لا يعترف بحدود قدراته ومواهبه بل يغالي فيها ويعطيها قدرا فوق قدرها وبذا يصبح تحقيقه لذاته وقدراته أمرا غير قابل للتطبيق وبالتالي يصبح وصوله الى السعادة غير ممكن والثاني ان الانسان محدود القدرات والمواهب وحتى ولو عرف حدودها فلابد أن يرى في غيره ميزات ومواهب تفوق ما عنده ولو لم يعترف به صراحة. وهذا يسبب الغيرة والحسد مما ينغص عليه عيشه ويفقده الكثير من طعم السعادة. ويزيد هذه ا لمشكلة تعقيدا أن الانسان يتغير باستمرار وتتغير تبعا لذلك مفاهيمه ومعاييره... وعلى ذلك فلو فرضنا أن انسانا ما عرف قدراته ومواهبه وحدودها وعرف ما يريد من حياته في فترة ما فان تغيره الحتمي وتغير معاييره ومفاهيمه سيغير من أهدافه وقد يغير تقديراته لقدراته ومواهبه. وبذلك يتغير مفهوم السعادة عنده ولا يعود مفهوم ما كان يعتقد بأنه السعادة مرضيا بالنسبة له... وهكذا دواليك. وكثيرون هم الذين يعيشون
في خضم هذه الحيرة فتؤثر في حياتهم وسلوكهم وتصرفاتهم بأشكال ودرجات مختلفة. ------------------- أول خطأ يرتكبه الوالدان في حق ولدهما هو في اختيارهما لبعضهما. فاذا سلمنا أن الغاية من الزواج هي انجاب الصغار واستمرار النوع فان اختيار الزوج لزوجة يكتسب أهمية خاصة. ذلك أن الطفل الذي ينجم عن الزواج يولد وعنده حصيلة من ا لمركبات الوراثية التي تتحكم الى حد كبير في شكله وبنيته وذكائه وقدراته العامة ------------- أن العلماء جميعا متفقون على أن نمو الطفل العقلي منذ ولادته حتى سن الرابعة أو الخامسة يشكل نسبيا أكبر قدر من النمو العقلي في حياته. ولذا فهم يعتبرون هذه الفترة من أخطر فترات حياته من حيث النمو والتطور. ------------------- فما يأكله كلب عند عائلة في أمريكا أو أوروبا مثلا يبلغ ثلاثة أضعاف ما يأكله انسان في بعض مناحي الهند أو بنغلادش. وفوق ذلك يكون غذاء الكلب متزنا حاويا جميع عناصر الغذاء بينما غذاء ذلك الانسان فوق قلة كميته غير متزن وتنقصه عناصر غذائية هامة. ------------------- وفي التبريد بالثلاجات الكهربية يحدث أن يكون انخفاض درجة الحرارة بطيئا ولذا يتجمد ا لماء داخل الخلايا عند ا لمرور بدرجة الصفر أو تحتها بقليل وتكون بلورات الثلج الناتج أكبر حجما من ا لماء الذي كانته ونتيجة لذلك تخرق هذه البلورات جدران الخلايا وعند طبخ الغذاء يتسرب جزء من مادة الخلايا الغذائية من هذه الخروق في جدران الخلايا.. ونتيجة لذلك تفقد ا لمادة الغذائية المجمدة بهذا الاسلوب بعضا من العناصر الغذائية وشيئا من نكهتها. غير أن التجميد بسائل النايتروجين يجعل ا لمادة ا لموضوعة فيه تمر عبر الصفر ا لمئوي بسرعة كبيرة مما لا يترك مجالا لبلورات الثلج أن تتكون بحجم كبير وبذا لا تخرق جدران الخلايا وعند طبخ هذا الغذاء لا يفقد أي جزء من مادته الغذائية ولا من نكهته. وبذا يحس من يأكل مثل هذا الغذاء
المجمد بسائل النايتروجين أنه يأكل غذاء طازجا. وقد أصبح نتيجة استعمال هذه الوسيلة. بوسع الناس في بلاد لم يسبق لهم أن أكلوا فيها بعض الأغذية أن يتمتعوا بتلك الاغذية وكأنها طازجة من انتاج بلادهم. كما تبشر وسائل الخزن الحديثة بإيقاف عمليات اتلاف الفائض من ا لمواد الغذائية التي تجري في بعض البلاد للمحافظة على أسعارها العالمية. وهذه العمليات في اطار المجاعة التي يعاني منها بعض سكان العالم غير انسانية وتبذير أناني غير مقبول.
-------------------
بدأ كثير من العلماء يجربون الافادة من نباتات البحر المختلفة غذائيا. فالنباتات البحرية مثل النباتات البرية تنتج غذاء وبخاصة النشاء وفيها بروتين نباتي. وصار البعض يقول بأننا على أبواب انتاج الخبز من البحر.
-----------------
والعزلة فوق ذلك تسبب للفرد شعورا بالسأم وهذا له مردود نفسي خطير. وقد استغل كثيرون هذا الشعور بافتتاح ملاه وأماكن تسلية حتى أصبحت هذه من أكثر الصناعات ربحا في ا لمدينة. غير أن هذه ا لمرافق وان خففت عن بعض الناس شعورهم بالسأم والوحدة فترة من الزمن الا أنها ليست الحل الناجع لهذه ا لمشكلة. فالإنسان غالبا ما يفقد اهتمامه بها مع تكرار استعمالها على امتداد فترة من الزمن. وسيعود الى سأمه ووحدته وبخاصة عندما يتقدم به العمر. وفي هذه الحالة يزداد شعوره هذا حدة نتيجة عدم قدرته على التفاهم مع الجيل الجديد وعدم تقبله لمعدل التغيير السريع الذي يطرأ على الحياة في ا لمدينة.
-------------
يكون الفرد في ا لمدينة أجرأ تصرفا وأكثر تحللا من القيود الاجتماعية التي تفرضها التقاليد والاعراف. وفوق ذلك يستبدل مجموعة ا لمعايير السلوكية التي عرفها في القرية كمجموعة أخرى تختلف عنها في كثير من أسسها. ولا يقتصر التغيير على أ نماط السلوك فقط بل يشمل ا لمأكل والمشرب والعادات ا لمعاشية والعلاقات مع الآخرين الخ
---------------------- أن الحضارة الغربية (الليبرالية) لها جذور دينية وفلسفية واضحة ولها بيئة محددة ومناخ فكري مميز شأنها في ذلك شأن كل الحضارات التي سبقتها. وهي حضارة تتبع دورة حيوية معروفة تنشأ وتنمو وتزدهر ثم تأخذ بالاضمحلال أو التحول. أما الحضارة العلمية الحديثة فإنها تختلف جذريا عن أي من الحضارات التي سبقتها اختلافها عن الحضارة الغربية (الليبرالية) رغم أنها نشأت عنها ومن جوها ومناخها... ولعل أهم مظاهر اختلافها كونها عالمية غير مرتبطة ببيئة محددة أو بوطن أو بأمة. وكذلك كونها لا تتبع الدورة الحيوية في الحضارات السابقة... فهي حضارة الانسان شئنا أم أبينا منذ أن
نشأت والى أن يشاء الله. وهناك اختلاف اخر هو أنها لم تنشأ برفق وتنمو وتزدهر... بل لعلها في طبيعتها أقرب الى الثورة ا لمتضاعفة منها الى الوليد النامي... وهي بذلك ليست حضارة تؤخذ أو تترك دون أن يؤثر ذلك في المجتمع الانساني فمثلا عاشت شعوب كثيرة دون أن تتأثر أو تسمع بحضارة الصين القديمة أو الهند أو الانكا ولم يضرها ذلك كثيرا. أما الحضارة العلمية الحديثة فلا مجال للهرب من تأثيرها ولو حاول مجتمع ما التقوقع واعتزال العالم... اذ أن موجات آثارها تتخطى الحدود وتدك الأبواب وتجتاح الحدود فاذا بالمتقوقع ا لمعتزل يجد نفسه في مواجهتها ومواجهة آثارها ونتاجاتها... وقلما يكون مثل هذا ا لموقف في مصلحته بل لعله نمثل تهديدا خطيرا لكيانه وبقائه
--------------------- ويقول ماجنوس بايك في كتابه »قرن العلم » :« تختلف الفترة التاريخية التي نعيشها عن كل ما سبقها. فالعالم »أصغر « من ذي قبل وأكثر ازدحاما. وبوسع ا لمرء أن يطير بملابسه التي يلبسها في بيته من أوربا الى غرب الولايات ا لمتحدة عبر القطب الشمالي في ساعات قليلة. ونجد بجانب هذا من أمثلة التكنولوجية الحديثة دلائل على حدوث تغييرات موازية في نظام المجتمع... وتحدث هذه التغييرات لان الابتكارات العلمية التكنولوجية تغير أفكار الناس وآرائهم حول الحياة والمرض والموت وأساليب الحرب وانتاج الغذاء والثروة. وقد تمت معظم هذه التغيرات خلال الفترة ما بين سنة 1851 والوقت الحاضر --------------- فنحن بدلا من أن نعايش بين الحضارة العلمية ومعتقداتنا الدينية نحاول أن نطوع الواحدة للاخرى... فنجد الكثيرين من علمائنا ورجال الدين يحاولون اثبات الحقائق الدينية بالفرضيات والنظريات العلمية القائمة حاليا... ويذهبون في ذلك مذاهب شتى معتقدين أنهم بذلك يخدمون الدين ويعلون شأنه. وهنا في رأينا يكمن الخطأ الكبير. وهو خطأ منبعث من سوء فهم معنى العلم أصلا. ذلك أن الحقائق العلمية كما يعرف كل مشتغل بالعلوم حقائق نسبية قابلة للتحوير والتغيير والنقد - وهي في أساسها ليست حقائق بالمعنى الفلسفي بل تفسيرات لظواهر طبيعية أو غير طبيعية بحيث تنتظم هذه الظواهر تحت التفسير... وعلى ذلك تظل هذه »الحقائق العلمية » قابلة للاستخدام الى أن يظهر مزيد من هذه الظواهر تعجز عن تفسيره أو يشذ بعضها عن ذلك التفسير... وعندها تحور أو تعدل أو تنقض أساسا ويؤتى بغيرها. أما الحقائق الدينية فهي على العكس من ذلك حقائق مطلقة تعتمد على الا نمان ولا تقبل الجدل أو البحث والتجريب وما ينشأن عن ذلك من تعديل وتطوير وتغيير. من هذا التناقض الكامل بين مفهوم الحقيقة الدينية والحقيقة العلمية ومن محاولة هؤلاء رغم ذلك تطويع الاولى للثانية ينبع الخطأ الذي يقعون فيه. ان محاولة اثبات حقائق الدين ا لمطلقة بحقائق العلم النسبية ا لمتغيرة خطأ فادح... والخطأ هنا ديني قبل أن يكون علميا
------------------------
ا لمهم الا يدخل ا لمرء الدين في العلم ولا أسلوبه الفكري... فأساس العلم التشكيك وأساس الدين الا يمان -----------------
فالمناخ العلمي في المجتمع يحتم وجود انسجام وتوافق وتبادل ايجابي بين العالم ومجتمعه. وهذا لن يتأتى اذا شعر العالم أنه غريب فكريا على الاقل وسط مجتمعه. وحتى يكون هناك مناخ علمي في مجتمعاتنا يتحتم أن تكون للعلم مكانته ا لمرموقة في نفوس الناس ويجب أن يحس كل فرد في المجتمع وعلى جميع درجات ا لمسئولية بأهمية العلم وخطره وأن يكون هناك استعداد نفسي وفعلي لتقبل نتاج البحث العلمي وتأثيراته في حياة الناس من جميع وجوهها
-----------------
ان الخير أو الشر هما صفتان انسانيتان بالدرجة الأولى وسحبهما على الأشياء والجماد فيه شيء من السذاجة البدائية ------------------- والعودة للطبيعة أمر جميل ومحبب للنفس ولكن اذا كان ذلك يتخذ صفة قضاء عطلة الأسبوع أو العطلة السنوية... أما أن يعود ا لمرء كلية الى الحياة حياة بدائية في أحضان الطبيعة فأمر شاعري ولكنه ��ير واقعي ------------------- وظلت الجموع تعاني من احساس بفقدان شيء غامض أسمي السعادة. وينجم الغموض عن اختلاف الناس اختلافا كبيرا في تحديد مفهوم السعادة. و لما كان ا لمفهوم يتأثر كثيرا عما يفتقده الفرد في حياته ونظرا لاختلاف ما يفتقده الناس كثيرا بسبب اختلافهم أنفسهم -
لا بل ان الفرد نفسه يختلف مفهومه عن السعادة في فترات متعددة من حياته كان هذا التضارب في تحديد مفهوم السعادة. وفوق ذلك فان غالبية بني البشر كانوا يفتقدون الكثير مما يحتاجون ويشتهون. وبذا كان مفهوم السعادة عندهم أكثر غموضا وأصعب تحديدا. ولاشك أنه من غير ا لمنطقي أن يعيش الانسان خليفة الله في الارض وسيدها عمره المحدود في شقاء وتعاسة ومرارة... حتى أن ا لموت كان ومازال بالنسبة للكثيرين الحل الامثل للراحة مما يعانون.
------------------ ويقول كورت ماريك: »اننا في القرن العشرين نشهد نهاية عصر في تاريخ الانسانية امتد خمسة آلاف سنة... اننا نفتح عيوننا تماما كما فتح انسان ما قبل التاريخ عينيه من قبل على عالم جديد تماما .« ويقول روبرت أوبنها يمور الفيزيائي ا لمشهور: »ان عالمنا اليوم عالم جديد. وقد تغيرت فيه مفاهيم عدة مثل وحدة ا لمعرفة وطبيعة المجتمعات الانسانية ونظام المجتمع ونظم الافكار لا بل ان مفهوم المجتمع نفسه والثقافة قد أصابهما التغيير ولن يعود أي من هذه ا لمفاهيم الى ما كان عليه في ا لماضي. فالجديد جديد لا لأنه لم يكن موجودا في ا لماضي بل لان تغييرا في النوعية قد طرأ عليه. والشيء الجديد اليوم هو كثرة الجدة وتغيير معيار التغير نفسه ومداه لدرجة أن العالم من حولنا يتغير بينما نسير مشوارا. والحصيلة أنه لا تمر تغيرات صغيرة في عمر الانسان ا لمعاصر ولا يضطر ا لمرء لمجرد تعديل ما تعلمه في صغره... بل ان ما يحدث لا يمكن وصفه الا بأنه انقلاب ضخم .
-------------- فالناس رغم كل هذه التغيرات التي يرونها بأم أعينهم كل يوم مازالوا ينظرون الى المجتمع على أنه ثابت جامد ويتصرفون على هذا الاساس. لا بل أن بعض الناس وحتى ا لمثقف ين منهم يفوتهم وعي هذا التغير وسرعته ومداه ونراهم يتمسكون بواقعهم وفي حالات كثيرة ينكفئون الى ا لماضي... والخطورة التي تنجم عن مثل هذا ا لموقف هي أنهم يسهمون في جعل مجتمعاتهم تعيش هذا العصر دون أن تعاصره ويعرضونها الى صدمات التغير وصدمات ا لمستقبل وما ينتج عن ذلك من مآس وويلات ------------ ويقول دون فايون: »اذا وجدنا أن حضارتنا الحديثة قد فشلت في بعض مناحيها فان ذلك لا يرجع الى أنها ليست أفضل بكثير من حالة ا لماضي وا نما يرجع الى أنها أقل كثيرا من ا لمستقبل ------------ واذا كان ا لمفكرون في الدول ا لمتقدمة يشكون من أن الحضارة الحديثة فشلت في أن تكون على مستوى ا لمستقبل فما هو وضع الدول ا لمتخلفة وماذا يمكن أن يقول ا لمفكرون فيها -------------- الوضع بأنه أشبه بالحمار الذي وضعت أمامه كومتان من الت بن فاحتار بأيهما يبدأ وظل على حيرته الى أن مات جوعا. -------------------
العلم ومشكلات الإنسان المعاصر المؤلف: زهير الكرمى ، له برامج تلفزيوني إسمه العلم والإنسان الناشر : المجلس الوطني للثقافة والفنون سلسلة عالم المعرفة سنة النشر : 1978
الكتاب عبارة عن سرد لمعلومات وحقائق ولا يوجد مجهود فعلي من الكاتب سوى أنه وضع المعلومات في كتاب واحد ، وكما قال في مقدمته أن أجزاء كثيرة من الكتاب كانت جزء من برنامجه التلفزيوني .
* إقتباس
"لعل أغرب ما في الانسان أنه حقا لا يدري ما يريد من حياته. انه يعلم في أعماقه ان حياته محـدودة زمـنـيـا... وأن المــوت يـقـتـرب مـنـه باستمرار. وكان الواجب أن يكون هذا مدعاة لوضوح هـدفـه مـن الحـيـاة.. ولكن الامر على العكس من ذلك... فقلما تجد انسانا يعلم يقينا مـا يـريـد من حياته وقلما تجد انسانا قانعا بما استطاع تحقيقه" .
الكتاب الخامس من سلسلة عالم المعرفة و يتضمن مشكلات في مقالات متفرقة عن الانفجار السكاني و مشكلة الغذاء و التحلف و حماية البيئة و المدن الكبرى و الطاقة العولمة و تبادل المعلومات من وجهة نظر الكاتب من 30 سنة مضت مازال العالم يعاني من تلك المشكلات قراءة جيدة.
كتاب جميل جدا، يتحدث فيه زهير الكرمي عن الإنسان ككيان أساسي ومحوري بفضل إمكاناته وقدراته، وعن المشكلات التي تواجهه وكوكبه، منها قضايا فلسفية، و أخرى بيئية، ثم الطاقة وغيرها من الإشكالات التي لايزال يسعى لحلها.
في الفصل الأول، يناقش الكاتب مشكل الإنفجار السكاني، حيث استطاع الانسان بفضل العلم والغذاء وكذا تطور الطب وعلوم الصحة أن يتكاثر بشكل لايصدق، إنتقل خلال فترة قصيرة جدا في عمر الطبيعة إلى الملايير، ولايزال في استمرار. وحيث أن المناطق الصالح للعيش قليلة فهذا سيخلق ازدحاما خانقا، اضف الى ذلك الضغط على الغذاء. انتقل الكاتب في الفصل نفسه الى التفصيل في نمو الانسان، من ناحيته الجسدية والعقلية والنفسية، وابرز من خلالها ان الانسان لايزال يربي صغاره بطريقة خاطئة لا تقدم للاطفال أفضل نمو ممكن ولا يستفيد الصغار من كل قدراتهم عند الكبر. ومن الحلول التي يقترحها العلماء، هناك التوعية وسن القوانين وكذا موانع الحمل، لكنها الى الآن لم تحل المشكلة.
في الفصل الثاني، يطرح الكاتب مشكلة الغذاء في العالم، ويطرح في البدأ رأي فريقين من العلماء، الأول يرى مشكلة الغذاء أمر واقع لا مفر منه نتيجة تزايد البشر بأعداد مهولة وتقلص المساحات الصالحة للزراعة والكوارث الطبيعية، ثم تفاوت المناطق في انتاج الغذاء، ثم ارتفاع تكلفة الانتاج وبالتالي الغذاء. في ما يلي من الفصل، قدم الكاتب عدة حلول بدأت الدول بالفعل في تطبيقها، منها تحديد النسل والتوعية، لحل مشكل الانفجار السكاني، ثم توفير المياه اللازمة للزراعة، عن طريق الاستمطار الصناعي وتحلية ماء البحر، والري بالتنقيط كحل لتوفير الماء، بل وهناك الزراعة بدون تربة (كالزراعة المائية). ثم هناك تحسين الزراعة ذاتها، بتحسين نوعية المزروعات وكذا التسميد والتكنولوجيا الزراعية وتخزين المحصول. ثم زيادة البروتين الحيواني (خطة التحسين النوعي لا الكمي) وأخيرا صناعة الغذاء، كاللحوم المصنوعة من بروتينات ومواد نباتية.
في الفصل الثالث، يناقش الكاتب المدن ومشكلاتها، حيث يرى أن وجود المدينة حديث في تاريخ الإنسان، وأنها نتاج الملك ورفاهه، حيث كان الملوك والسلاطين يبنون قصورهم في المركز وتحيطها منازل الأعيان والقادة، ثم التجار والصناع والحرفيين وكل الطامعين في قرب الملك وعطائه، ثم تلتها الأسواق فالباقي؛ هكذا ظهرت المدينة ببساطة. ومع ظهورها برزت مسكلاتها، وهي الازدحام السكاني حيث تركز معظم مواطني الدولة، ثم المشاكل النفسية من قلق واكتآب، ثم هجرت الارياف وما يصاحبها من فقر، ثم زيادة الهوة بين المدن والقرى. اما الحلول التي ناقشها الكاتب فيمكن إيجازها في، التخطيط الجيد للمدن ونموها، اتاحة كل الخدمات لسكان القرى، ثم بناء مدن عصرية منظمة تحيط بالمدينة الأصل، وتكون مكتفية ذاتيا.
في الفصل الرابع تحدث الكاتب عن مشكلة التخلف، ويرى أنها ليست الوجه المقابل للفقر، ولا الوجه المقابل للضعف العسكري. ويرى ان حل هذا التخلف هو في الاهتمام بالعلم والتكنولوجيا من جانب الدولة وكذلك كنمط تفكير من جانب المواطنين. وفي نفس السياق، ينتقد الكاتب محاربي العلم ومعادي التكنلوجيا بصفتهم يجهلون المشكل، فاي استعمال سلبي سببه الانسان وتفكيره لا العلم ولا الالة هما السبب.
في الفصل الخامس ناقش الكاتب مشكلة البيئة، حيث أن موارد هذه الأخيرة قليلة والبشر يستنزفونها بسرعة، وكجزء من الحل يرى المؤلف أنه بجب على البشر إيجاد بدائل جديدة أكثر ديمومة، مع استغلال الثروات الباقية بحكامة. ثم الشق الثاني من مشكل البيئة متمثل في تلوثها وعدائيتها؛ فهناك التلوث الأرضي، وزحف الرمال، التلوث الهوائي والمائي، التلوث الحراري (ارتفاع درجة حرارة الطبقات الجوية القريبة)، التلوث الصناعي، التلوث السمعي (الضجيج)، التلوث الجرثومي.
في الفصل السادس يطرح الكتاب مشكلة أزمة الطاقة، ويقسم الكاتب هذه الأخيرة إلى نوعين، طاقة شمسية المصدر وأخرى غير شمسية، فالأولى تشمل (النفط، الفحم، الغاز، الغذاء، المياه، الهواء، الطاقة الشمسية الخالصة... الخ)، والثانية تشمل (الطاقة النووية الانشطارية والإندماجية، الهيدروجينية، حرارة باطن الأرض). وخلاصة هذا الفصل، أنه بالفعل هناك العديد من مصادر الطاقة، لكن الأبحاث فيها وتطبيقها لايزال محدودا جدا ومكلفا، ولايزال هناك إتكال على مصادر تقليدية كالنفط، مع العلم أن هذا الأخير يدخل في عدة صناعات استهلاكية بل وغذائية وأنه مادة خام ناذرة تحتاج منا الحفاظ عليها واستهلاكها في مجالات أكثر حاجة منها من حرقها واستخدامها كطاقة، اضافة الى تدميرها للبيئة وتهديدها لصحة الانسان.
في الفصل السابع، يطرح المؤلف موضوع مهم جدا قلما تم الحديث عنه، وهو الفراغ، ففي الماضي كان الإنسان يعمل طيلة يومه في الزراعة والصيد وغيرها من مهام الحياة الضرورية، ثم حتى بعد تقدم الحضارة كان الناس يعملون طيلة اليوم حتى الإرهاق والإستنزاف، ولطالما طالب العمال بتحديد ساعات العمل وعطلة نهاية الأسبوع وأيضا الرخصة السنوية، وما إن تحقق ما طمح له وقع في مشكل الفراغ، حيث يصاب بالسأم والملل، وربما تسللت الى نفسه أسئلة من قبيل غاية الحياة وأهمية ما يقوم به. وما يزيد الطين بلة طول عمر الإنسان المعاصر والفراغ الطويل الذي يعاني منه بعد سن التقاعد. طرحت بالفعل بعض الحلول، كتوفير ترفيه للناس، او تحفيزهم للاستمرار في الدراسة، او حتى ايجاد عمل ملائم للشيوخ، ولا ننسى الهوايات.
في الفصل الثامن تحدث الكاتب عن مشكلة التدخل في حياة الناس ورغبة طائفة معينة في السيطرة على بقية البشر. وهذا المشكل بدأ يطرح بعد فهم الإنسان لميكانيزم عمل الدماغ واستطاعته التحكم فيه، و��يضا بعد معرفته لمبادئ الوراثة وتعلمه كيفية التعديل على الجينات حسب رغباته (وهنا مشكل خلق أطفال/بشر تحت الطلب).
في الفصل التاسع والأخير يناقش الكاتب مشكلة تضخم المعلومات، حيث باتت المعلومات تنتج بسرعة في هذا العصر مما يصعب عملية تتبعها وفهمها. لكن وبفضل الحاسوب والتقانة بات العلماء يستفيدون من امكاناتها في تنظيم المعلومات وتتبع كل جديد.
كتاب رائع،بحر زاخر من المعلومات، في مختلف المجالات، وطرح محترم لكل الموضوعات التي تفضل الكاتب بطرحها. انصح بشدة بقرائته.