Die Freundin von Privatdetektiv Aimé Vainsteins ist mal wieder verschwunden. Gerade, als er anfängt, sich Sorgen zu machen, erhält er aus der Telefonzelle gegenüber seiner Wohnung im Zürcher Bezirk 4 einen Anruf von einem jungen "Félicité ist in Gefahr", erklärt der Anrufer atemlos. Weiter kommt er nicht, mit quietschenden Bremsen hält ein Auto, zwei Männer springen heraus. Dem Mann in der Telefonzelle gelingt nur knapp die Flucht. Aimé Vainsteins steckt in einem neuen Fall. Die Spuren führen in den illustren Nachtclub eines früheren Pornostars und in eine biedere Kirchengemeinde mit einem obskuren Priester. Bald erkennt Vainsteins, dass auch ein Händler für exklusive Sportwagen seine Finger im Spiel hat.
Author of several poetry collections including Tell Me, a National Book Award Finalist. My Black Angel is a book of blues poems with woodcuts by Charles D. Jones, from SFA Press. The Palace of Illusions is a story collection from Counterpoint/Soft Skull. A New & Selected, Wild Nights, is out in the UK from Bloodaxe Books.
2016 publications: Mortal Trash, new poems, from W.W. Norton, awarded the Paterson Poetry Prize. A memoir, Bukowski in a Sundress: Confessions from a Writing Life, from Penguin.
Two instructional books on writing poetry: The Poet's Companion (with Dorianne Laux), and Ordinary Genius: A Guide for the Poet Within.
First novel, Little Beauties, was published by Simon & Schuster and chosen as "Best Book of the Month" by Book of the Month Club. My Dreams Out in the Street, second novel, released by Simon & Schuster in 2007.
A new word/music CD, "My Black Angel, "is a collaboration with several musicians and contains all the poems in the book of that name. That and an earlier word/music CD with poet Susan Browne, "Swearing, Smoking, Drinking, & Kissing," available from cdbaby.com. There's an earlier book of stories, In the Box Called Pleasure (FC2); and the anthology Dorothy Parker's Elbow: Tattoos on Writers, Writers on Tattoos,, co-edited with Cheryl Dumesnil.
I teach poetry workshops at conferences and online through my web site. I also play blues harmonica, and I'm learning jazz flute. Music is a good place to focus when I'm in a writing slump.
إذا كان لهانك تشارلز بوكوفسكي مثيلاً في الشعر النسائي فهو بالتأكيد كيم أدونيزيو وكأنني أقرأ لبوكوفسكي تماما ولكن بقلم آخر ! وبعد ذلك يمكنك أن تتخيل نوعية الموضوعات والكلمات وكم التعب والوحدة والغربة والغرابة
فكلاهما شاعر اعترافي .. جعل من مشكلاته الخاصة قضايا شعرية عامة كل منهما آخذ كفايته من البشر والعالم والأرصفة والشوارع وسكب اليأس والعدمية علي أرضية حياته وافترشها ! فلا رغبة في افضل ولا أمل في قادم .. فلا أفضل ولا قادم في هذا العالم .. كل منهما حارب معركته في هذه الحياة وارتضي الهزيمة بضحكة ساخرة .. كل منهما عاني من خيبات البشر حتي صارت الوحدة والغربة الصديق الوحيد المؤتمن
كل منهما أختار الجنون بإرادته .. ولا يبحث عن عقل أو منطق أو مدح أو ثناء .. ولا ينتوي !!
كم مرة ينهارُ العالم كم مرة يتبدّد إلى عدم ثم يولدُ من جديد في ساعة إعتيادية لا أعرفُ كيف يحتمل الربّ رؤية كلّ شيء في وقت واحد الأجسام المتهاوية، الأنصاب والحرائق، العشاق الذين يجوسونَ أرض القلوب الكثيرة المقفلة. أريد أن أٌغمضَ عينيّ وأعثر على حقل هادئ في الضباب حيث حفنة خراف تخطو نحو السياج أريدُ أن أعدّها، أريدها أن تنتهي. لا أريد أن أتسائل عن عدد الذين يجلسون الآن في المطاعم الموشكة على الإقفال ومن منهم سيتسكع على الأرصفة طوال الليل بينما الفطائر تدور في العتمة المصقعة. كم بقي لي من حياتي كم يهمّ لو نجحتُ في قول شيء واحد حقيقي عنها كم حاولتُ؟ كم أخفقتُ وأُحبطت؟ لذا لا أستطيع منعَ نفسي من السؤال ثانية السماء ابيضّت بالخطوات، بالقرميد، بالصلوات، بالأيدي التي تمرُّ على النار قبل أن تغطّي الأعين متعبة، أريد أن أرتاح الآن.
في المكتبة ، أمسكت بالكتاب متردداً ثم فتحته كيفما اتفق فوجدتني أمام هذا المقطع :
" إذا كنت تقرأ الآن هذه القصيدة فقد مرت سنوات على ذلك اليوم و كل شيء فات أوانه "
راقت لي هذه الحميمية و بعد قراءة المقدمة تبين أن الكاتبة وحيدة و مطلقة و هناك الكثير من القصائد التي تؤنب الزمان و توبخ مفاجئاته ، هناك الكثير من الشكوى و الانكسار و الحب أيضاً النصوص حميمية و جميلة .
.لا أريد اليوم معالجة أي قضية فقط أريد السير مسافة أطول في البرد ،مُباركة بالمطر .رافعة وجهي إليه
أجاركم الله من قراءة كتاب من تأليف سيدة، فما بالكم بكيم أدونيزيو وهي أمرأة مطلقة وتعيش وحيدة مع ابنتها المراهقة.. أكيد انتم تخيلتم مدى معاناتي أثناء القراءة، وأكيد تخيلتم كام مرة تم ذكركلمة التقبيل والسرير والخمر والجنس .. ألخ القصيدة اليتيمة التي أعجبتني هي.. ليلة الأحياء، ليلة الأموات تعلمت ألا أقرأ قلم نسائي الا بضمانات :")
الشاعرة 'أدونيزيو' بمثابة نسخة أنثوية ل'بوكوفسكي' شعراً و نهج حياة، لا تتوانى عن ركل التابوه حين يكون محدّاً لاكتمالها كامرأة متحررة من ضوابط اجتماعية و أخلاقية، جسداً و عقلاً. أحياناً تأتي قصيدتها بصرية، تكتبها بقلم لا بكاميرا، و بلغة تعبيرية تؤطّر لحظاتها الحميميّة دون حذف و رقابة ذاتية، على شاكلة صور 'نان غولدن' الفوتوغرافية. قرأت عنها أنها تعاقر زجاجة خمر حتى في بعض الندوات الثقافية، رأيتها في صور لها ترتدي الجلد الأسود بمظهر مراهقات يرفضن النضوج من موجة الغوتيك و عباد الشياطين.. ما تكشفه قصائد 'أدونيزيو' هو أنها تنكسر أمام منعرجات و عوائق الحياة و لكن لا تخفي انفعالاتها و نقاط ضعفها بالتنميق و الاختباء وراء الاستعارات المجازية و الزخارف البلاغية، لا تواجهها بالتجريد و الذهنية و الفلسفة و الغموض الرمزي.. هي ببساطة لا تساوم بين الواقع و متطلبات الشعر فتشذّبه لتجميله، كمن يخفي فوضى الثياب المتناثرة و قمامة الغرفة في الخزانة و وراء الستار عند قدوم فجائيّ لزائر، بل تبوح بها بلغة بسيطة و بأسلوب مختزل كمن يدل باعترافاته في أذن راهب كنيسة..
قصائدها تولي الذاكرة مساحة كبرى في بناءها، تطفو على سطح ذاكرتها التجارب القديمة فتفردها 'أدونيزيو' و تبقيها مبعثرة دون توضيب، لتأتي الصورة الشعرية في لمحات و إشارات توردها في جمل قصيرة خالية من الحشو. كثير من قصائد 'ادونيزيو' تتولّد من إحياء لحظات شعورية مختزنة في الذاكرة، تتخالط و صورة تلقائية وليدة اللحظة، فكأن تلتقي عبره انطباعاتها الحسّية الراهنة بصور ذهنية مترسّبة في الذاكرة اللاشعورية، فتتنزّه صورها ذهاباً و إياباً بين الحاضر و الماضي. في جانب آخر، تقودها واقعيتها و خوفها من آمال واهنة الى تغييب المستقبل و معه تأمّلات قد يحملها فعلاً و تصوراً.
كثير من صورها الشعرية ممعن في الذاتية..يراودك اذاً شعور بأن قصائدها بيوغرافية، تتمحور حول قصصها، تنتسب الى ما تعايشه في حياتها الشخصية، كأنها تدوّن مذكراتها، ممزوجة ببعض التهيؤات و التخيلات.. كونها تصرّح في القصائد بأمور حميمية و شخصية، فذلك لا يعني بالضرورة أنها ارتكنت الى القول الاعترافي، فهي تنفض تصنيف الشعر الاعترافي عن كتابتها، مصرّحة بتهكّم بأنها قد تكذب حول موت والدتها في سبيل كتابة القصيدة.
كتابة 'أدونيزيو' مختزلة، تفيض بشحنات متوترة محمولة على جماليات تكمن في قدرتها على التقاط جوهر تجاربها الداخلية بصوتها البسيط و المباشر دون زخارف و محسنات بديعية فائضة. تعتمد الإشارة العابرة، واللمحة السريعة، و التنبيه الخفي، و أيضاً الايحاءات، و هي كلها عناصر على المتلقّي التقاطها للاستمتاع بالقصيدة. تعتمد 'أدونيزيو' أيضاً على بعض خصائص العنصر الدرامي لضمان النفاذ إلى الأعماق مـن خلال بساطة لغتها، و وضوح فكرتها.
*** من قصيدة (هدايا أخيرة)، التفتوا الى السرير حيث يجلس مبتسماً لهم بوشاحه الأحمر كان يعرف أن هذا ما ستكون عليه الحال حين لا يعود هناك. ثم ما عاد هناك. ***
في لغة 'أدونيزيو' الشعرية الشفافة، تتداخل صور قاتمة يتقاطع فيها المعيشي اليومي مع الوجودي الجوهري، أو الملموس و الحسّي مع الذهني، أو شروط الحياة المادية مع تساؤلاتها الروحانية.. بلغة شعرية بسيطة، دون المراوغة مع الميتافيزيقيا، و دون الإفراط في اللجوء الى التجريد و الذهنية و الغموض، تسخّر 'أدونيزيو' رموز و إشارات متشاركة للعبور من الوجود الى اللاوجود، و صور يتعاقب فيها الحضور و الاختفاء، الرؤية و الاحتجاب، التواجد المادي فالتلاشي. أحياناً، يتساكن الموتى و الأحياء دون تلاقي عالميهما، أو تعير للموتى تصرفات و سلوكيات الأحياء..
*** يقول مارك إن العذاب، وإن لم نره، له صوت ما، لا صلة له بالصراخ الذي قد يتبادر إلى أذهاننا، بل هو أقرب إلى حفيف قبعة يرفعها رجل صامت وهو يفسح الطريق لامرأة جميلة قد لامس فستانها معطفه من دون أن تراه. ***
سأتوقف في مراجعتي باقتضاب عند قصيدتين، واحدة تأثرت بها، تحاكي الكبت الذي يساورني تجاه مرض خبيث أصاب والدتي، و أخرى تحاكي ميزونتروپيّتي تجاه الجنس البشري..
في موقف عادي، استطاعت 'أدونيزيو' في قصيدة (تناولنا الطعام معاً) أن تصور كآبتها و اضطرابها، دون أن تعجّ القصيدة بمصطلحات طبية (فيما عدا إيرادها لكلمة علاج)، أو حتى بالدعوة للاستعطاف و استجداء الشفقة. تلجأ الى الإلماح، مثل إشارتها في صيغة الماضي الى "شعرٍ كان كثيفاً" غطّته صديقتها بقبعة، تلفت الى شهية المريض الضعيفة، الذي يأكل طعامه كأنه به قد يضخّ جسده بقليل من النبض، و تستحضر شبح الموت عبر توصيف النادل ب"الشاب" لتبيان التناقض و حالة صديقتها التي تجتاز آخر مرحلة حياتية قبل الفناء.. إنها لا تخدع نفسها بأمل واهن، فهي تبدأ القصيدة و تنهيها بكلمة "الرحيل".. هي قادرة على تصوير شعور بألم داخلي يعتصرها و توتّر تخلقه لحظة وداعية عبر مشهد يومي عادي يخفي اضطراب انسان بات مدركاً أن حياته شارفت على نهايتها و لكنه لا يجرؤ على الوداع.. ان لجوء 'أدونيزيو' الى التبسيط الاصطلاحي و التوصيف لمشهد حياتي عادي يصعّد من دراما الموقف بين صديقتين صامتتين، حيث يغيب الحوار و يلقي الصمت بثقله.
*** (تناولنا الطعام معاً)
أعرف أن صديقتي سترحل، و إن كانت ما زالت تجلس قبالتي على طاولة المطعم، و تنحني لكي تغمّس شريحة خبز بالزيت في طبقي؛ أعرف كم كان شعرها كثيفاً، و ماذا يعني بالنسبة اليها أن تُميل قبعتها الرجالية قليلاً لكي تنظر مباشرة الى النادل الشاب و تبتسم حين يسألنا عن رأينا بالطعام. تأكل كأنها تتضور جوعاً-الدجاج، الدولماتا، رقائق العجين بالزبدة... و ما يقتلها يأكل معها أيضاً. أراها ترفع حبة زيتون سوداء لماعة و تنزع لبّها بأصابعها الجميلة الطويلة، و وجهها منتفخ من العلاج. تخفض بصرها نحو الطعام، مدّعية أنها لا تعرف ما أعرفه. أنها سترحل. و نتابع تناول الطعام. ***
(معرفة)هي قصيدتي المفضلة، لانها تحاكي نفوري الاجتماعي المتصاعد و ميولي التشاؤمية بدرجة ٧ على مقياس شوپنهاور، و التي بتّ لا أكبتها في حضوري الاجتماعي فلا ألجم حساسيتي تجاه البشر، لاعتقادي الراسخ بعطالة المعدن و المواد الأولية المؤلفة للانسان، بمختلف أحجامهم و أصنافهم و أديانهم و معتقداتهم و ميولهم و ألوانهم ..
*** (معرفة)
رغم معرفتك بمقدرة البشر على الشرّ، رغم اعتزازك بمعرفتك هذه، بعدم تجنّبك التاريخ، و لا نشرات الأخبار، و لا كل التعبيرات اليومية الصغيرة عن قسوة البشر.. رغم هذا كله كلما حدث شيء ما من هذا القبيل، تشعرين حياله بالصدمة و كأنه أمر جديد، كأنك أمضيت حياتك كلها معتقدة بأن الانسانية في جوهرها طيبة، و كأنك لم تفكري على غرار شوبنهاور، أنها مجرد إرادة عمياء، و كأنك لم تنشدي بانحراف و بنوع من الفرح جميع النعوت التي أطلقها "هوبز" على الحياة، بأنها مجرد عزلة، و فقر، و شرّ و وحشية و قصيرة أيضاً- و بعد كل هذا الوقت ما زلت تشعرين بالصدمة حين تسمعين بحصول أمر رهيب، تقفين أمامه عاجزة حتى عن البكاء، تدركين في تلك اللحظات أن البراءة، التي كنت حسبتها اختفت من زمان، ما زالت موجودة، و أنك في مكان ما تحت سخريتك ما زالت متشبثة بالأمل. لكن هذا الأمل يتحطم كلياً عندئذ، أو هكذا تحسبين، و يكون عليك المضي قدماً و أنت مرعوبة من أنه هناك المزيد لتعرفيه، و أنك ستعرفيه يوماً ما. ***
"الموت هو كلّ شيء" ، كتب الشاعر 'خايمي سابينس'. هذه المقولة تنطبق بامتياز على عالم 'أدونيزيو' الشعري. فالشاعرة تفرد للموت مساحة واسعة في قصائدها، تستدعيه بالتسمية المباشرة أو بالالماح في ثنايا صور شعرية سوداوية و في تعابير مشرّبة بالقلق و عبر ايحاءات و الماحات و رموز تحيلنا الى اللاحركة و الغياب و الفقدان. هل هذا الهاجس يدلّ على نزعة واقعية لديها ؟ أم هو إمعان في التشاؤمية بحيث تحددت رؤيتها للعالم من هذا المنظور؟
لا تحاول و لا تدّعي 'أدونيزيو' التبصّر في الموت بعين دينية أو فلسفية، هي تنقل مشاهد الموت التي تلاحقها، تترصد طيفه في الأركان، غالباً في موضع الدهشة او الانكسار و العجز، في المقابر و في الطرقات، بل و تستشعره في عناصر و عوامل الطبيعة. تجزع حين يصيب من تعرفهم و تخاف أن يغافلها في لحظة ارتكانها الى الطمأنينة و اللامبالاة.
حاول الانسان كموجود فاعل استجلاء معنى الحياة و حقيقة وجوده، و وظّف العقل في سعيه لتفسير كل متعلقات هذا الوجود و الماهية التي تقف وراءه، و لكنه في مسيرته الشائكة هذه يغرق في تساؤلات لا تنتهي حول قضايا وجودية و انطولوجية و ميتافيزيقية… و في هذا الإطار يبقى الموت هو هاجسه الأول. كما قال كافكا، ان "معنى الحياة هو أنها تتوقف". الفناء مصير جماعي لكنه يفرض نفسه خصوصاً في الحيّز الخاص و يلقي بثقله في وعي الذات الفردية المدركة لفناءها المرتقب. في نهاية الأمر، كل انسان محمول على ذاته و سيواجه قدره بنفسه. تكشف لنا 'أدونيزيو' في عالمها الشعري عن كائن مهدد بالعدم، محاصر بالموت زمانياً و مكانياً. ترصد العبث المحض في كل شيء و ينعكس في انطباعاتها و في تأملاتها و ذكرياتها قلق سيكولوجي دفين. قصائدها حول الموت تذكير بأن الموت مندس في جوهر الأشياء و ان كل المخاوف العاطفية التي تنتاب الإنسان في بعض المحطات والمنعطفات، كالنسيان و الفقدان و الخوف من المرض و من الفراق، هي مجرّد تفريعات للخوف الأصلي من الموت.
الحياة سلسلة من الخيارات و الحوادث التي قد تثير فينا الرهبة و الشلل و الموت هو لازمة الحياة البشرية الهشّة. يحاول كل منا أن يغافل هاجس الموت و نحاول تخفيف حدة و وطىء الشعور بالقلق من القادم الذي يتوشح ضبابية غير معلنة و غير مرئية. إن قلق الذات الوجودي يتولّد من تقلّبات و تفاعلات الحياة التي تترك مذاق دائم من المرارة و القنوط. هذا القلق يعززه تقابل السكون و طاقة الحضور و تغذيه تساؤلات ميتافيزيقية تشعرها بالصغر و بالهامشية و بالزوال لا الاستمرارية، ضمن عالم ملتبس و معقد تحكمه قوانين غامضة. احتمالات الحياة كثيرة لكن مآلها النهائي حتمي. هذا الزوال الذي تترقبه الذات يُواجَه بالامبالاة حيناً، و بالقلق و النكران حيناً آخر. الوجود مرهون بالمنغصات و مثقل بالتراكمات الحياتية و الداخلية، لكننا في لحظات معينة نتوق الى السعادة التي تدفعنا الى التشبث بالحياة و المضي بها. إن لحظات تحرر 'أدونيزيو' من التشاؤمية قصير الأمد، اذ تلتمس لذاتها انشغال وقتيّ، كأنه وقت مستقطع لالتقاط أنفاسها، قبل اللهاث مجدداً بين صور الموت التي تصادفها في حياتها اليومية. الشاعرة لا تركن الى الطمأنينة في حياة متقلبة لا تقوم على الثبات، فلا تغرق نفسها بوعود مستقبلية و أمنيات أو تطلق العنان لأحلام ورديّة. كأن الحياة تحضر في عالمها الشعري عند غياب الموت. تتوقّى 'أدونيزيو' في القصائد تقلّبات الحياة و خضّات و ضربات القدر التي تصيب كل الموجودات، و التي تترك في الانسان أثر من المرارة، و كأن الراحة النفسية بالنسبة اليها التهاء ساذج عن الموت الذي انتزع منها والدها و الذي يتهددها كما كل من تحب في محيطها.
استناداً الى فرضية 'ميشال فوكو' بأن الكتابة و الاعتراف فعل مضاد للنسيان و الانمحاء، تعتبر القصيدة بمثابة وسيلة تعبير و تثبيت للوجود لدى 'أدونيزيو'.
(روعة)
كم أنتِ محظوظة، فتلك المآسي تحدث لهم لا لك؛ العائلة التي علقت في النار، السكرتيرة التي ذبحت في الكاراج حاملة قهوتها و ال"إيغ ماكوفين"، أولئك الذين سيقوا مُسممين الى الطوارىء. محظوظة لأنك لم تلمسي سمك التونا و اخترتِ الدجاج المشوي بدلاً منه. صديقتك المصابة بسرطان الثدي الذي اكتشف مؤخراً بعد انتشاره في المفاصل و الرئتين و التي لم يبقَ أمامها سوى أشهر قليلة. محظوظة اذ لم ترثي ورماً كهذا من عائلتك. و ماذا عن خطيب صديقتك الأخرى الذي أصيب بذبحة قلبية في السابعة و الأربعين. تستلقين في سريرك ليلاً، تضعين رأسك على صدر حبيبك، و تشعرين بالامتنان. ابنتك المراهقة، لم تصبح، على عكس صديقاتها، عنيدة أو مشاكسة، لم تدمن الخمر أو السجائر. ليست الآن في الحمام تضع إصبعها في حلقها لكي تتقيأ. أنت و عائلتك بحال جيدة. إنك سعيدة، كأنك تبحرين وحيدة في قارب لا ينفذ اليه الماء و لا يعاكسه التيار. ترين القوارب الأخرى حولك تنقلب و تنجرف و تغمرها المياه. إذا نظرتِ الى المياه يمكنك رؤيتها تغرق و تغوص ببطء. قريباً إن لم يصبك شيء، إذا استمرّ الحظ الحسن، اذا استمرّ حقاً، فسينتهي بك الأمر وحيدة تماماً. ***
(قصيدة عن الموت)
أعليّ التحدث عنه ثانية؟ أليس من موضوع آخر؟ أيمكنني نسيان ذلك السنجاب المسحوق على الطريق، أيمكنني نسيان الطريق، و كيف لا أستطيع التوقف عن القيادة لأي سبب كان، و لا حتى للتزود بالوقود، أو الحب، أيمكنني رجاء ألا أفكر بأبي الذي تركته ورائي في بلدة ما، ببزته الزرقاء، و يديه المضممومتين، أو بجدتي التي تئنّ متألمة من مثانتها، و تبتلع كافة أنواع العقاقير، و هذه البلدات التي أمرّ بها الآن، أيمكنني ألا أراهم، أولئك الأطفال المقرفصين في المزاريب، الثقوب في صدورهم و على جباههم، و المرأة التي تهدهد ورمها، و الكلب الذي يجرّ رجله المشلولة؟ يمكنني أن أغمض عيني و استرخي لو شئت، يمكنني الاتكاء على أكتاف أصدقائي و آكل كما يأكلون، و أشرب من الزجاجة التي تمرر بيننا؛ يمكنني الاسترخاء قليلاً، أليس كذلك أيها الرب، أليس كذلك؟ هناك موضوع آخر سأعثر عليه بعد لحظة. سأعثر عليه. و إذا كنت تعرفه ساعدني. أرجوك ساعدني. ذكرني ما الذي أفعله هنا. ***
من قصيدة (في الأحلام) لا أعرف الى أين يذهب الموتى، أو لماذا يستحسن نسيانهم، عدم رؤيتهم اذا ما احتشدوا وراء النافذة أو حاولوا الاستلقاء على أجسادنا ليلاً طالبين أن نحبهم ثانية، أن يشملهم أسانا مرة أخرى. ****
لا أعرف عدد جياع الأرض ، كم مرة ينهار العالم ، كم مرة يتبدد إلى عدم ثم يولد من جديد في ساعة اعتيادية . لا أعرف كيف يحتمل الرب رؤية كل شيء في وقت واحد .
فلماذا تنغرسُ بذرة الشرّ في كل مكان ؟ وما الذي يمنعنا من قتل بعضنا من فرط اليأس؟ لماذا اللذة مقدمة دائمة للألم؟ كائنان خاسران على الناصية تلتفت اليه المرأة وتقول: لمَ انتهى حبي؟ لا يقدر الرجل على الإجابة يلتفت اليها ويسألها : لم يعذبونني ؟ تهب العاصفة الثلجية ومع ذلك يظلان واقفين, مصمين على البقاء هناك, حتى الحصول على الأجوبة ....
ثيمة الموت تتواتر بكثرة في قصائدها، ليس موت البشر فحسب، بل وموت الكائنات الحية الأخرى، وإنّ مبالغتها الشعرية في قصيدة "الجعة. الحليب. الكلب. وأبي" تعدّت ذلك لتطال فناء الجمادات أيضًا كنوع مختلف - ولكنه موجود - من الموت. وفي قصيدة ثانية نجد صورة أخرى من الموت حاضرة، كموت الحب، أو الزواج بمعنى أدق؛ فالأول لا يموت حتى بموت الأحباء؛ فيما تلقى الزيجات حتفها بطرق شتّى: الخيانة، الصمت، الطلاق...إلخ. [لا يمكن لش��ص يحب أنْ يرتكب فعلا آثمًا في حق محبوبه كالخيانة، ولا يُخيم الصمت على المحبين، وفي جميع الأحوال يظل حديث القلوب قائمًا].
كيم أدونيزيو شاعرة اعترافية، وقد يكون هذا الشعر هو المفضل لديّ .. إذا ما أفضى إلى أسئلة وجودية ومشروع تعرية للحياة ربما؟ إذا ما كشف لي وجها لا أعرفه عن العالم / عني، ربما؟ إذا .. إذا ..
شعرها ذاتي أكثر مما أحتمل، ربما؟ أعجبتني في الكتاب (4) قصائد فقط، أي (8) صفحات تقريبا من واقع 160 صفحة.
أول قراءة لكيم أدونيزيو شعرها مشاهد يومية بقيت في ذاكرتها طويلا الانفصال والطلاق والحنين طغوا على اشعارها ذاتية جدا في وصفها ولا اظنه يعيب الديوان أعجبتني قصيدة الصوت اما البقية فتراوح بين جيد وعادي
يحتوي الكتاب على مختارات من قصائد الشاعرة "كيم أدونيزيو" إختارها وترجمها "سامر أبو هواش" وكيم تنتمي لذات المدرسة التي تأتي منها الشاعرة "سيلفيا بلاث" حيث قصائدها تتمحور حول العائلة وشعور الفرد بالإنسلاخ من الحياة ويومياتها الروتينية والأحداث التي نقطع من خلالها مروراً إلى محطات أخرى، وتكتب "كيم" أشعارها مستلهمتها من علاقتها الزوجية، والطلاق، والتسكع في الحانات، والكؤوس الممتلئة بالجعة، وذكريات العائلة مع أبيها وأمها وأخيها، والسير الطويل في الشوارع الخلفية لمدينتها، وعن الرب وإنقطاعه عما يحدث للخليقة، وعن كل ما بين ذلك من أيام تمضي دون أن نشعر بحضورها في مسار حياتنا، لأن الروتين يخنقنا ويحيلنا إلى هياكل جامدة تسير إلى وجهه غير معلومه، وتغلف كل ذلك بتعابير رقيقة، وأحاسيس جياشة تجعلك تتعرف على ذات الشعور وكأنك أنت كاتب ذاك النص وصاحبه، وكأن التجربة واحدة بينك وبينها.
في هذة النصوص تأخذ "أدونيزيو" خساراتها وتوزعها في الحانات، ومطاعم الوجبات السريعة، والشوارع، ومحطات البانزين، وفي كل وجه يعبر من خلالها ويمر إلى وجهته الأخيرة، محاوله من خلال كل ذلك أن تصور لنا أشكال الحياة ووضعياتها المثيرة للسخرية والضجر في آن واحد، وتبرز من خلال نصوصها موضوعات كالموت، والمواعيد الضائعة مع القدر، واللقاءات التعسفية مع العشاق السابقون، وموضوعات آخرى، فهي مره حبيسة لذكرى الزوج القديم، ومره رهينة لذكريات النشأة والعائلة، ومره واقعة في أزمة مع الموت وآثاره على النفس والبشر، وهكذا تتقلب في أحوالها سعياً لكشف الستار عن الحقيقة الغائبة والإدراك الكلي للمعنى المنزوي خلف كل حدث وكل فرداً يقطع من خلالها، بالمجمل كانت قراءة شهية وممتعة في شكل نصوصها.
3.5 من 5.. حبيت أكم قصيدة بهالديوان..: الصوت، أول قصيدة أكتبها لك، العشاق السابقون، في الأحلام، العمل، هكذا يعمل العالم، أمة واحدة تحت السماء.. باقي القصائد كنت حاسة بملل فظيع وأنا بقرأهم..
Oh My GOD ! The way Kim plays with my heart is unreal! it's like One Two One Two right in the feels i get the feeling that im gonna return to this Compilation alot this year !
يقول مارك ان العذاب، وان لم نره له صوت ما، ضوضاء مَكتومة ناعمة لا صِلة لها بالصراخ الذي قد يتبادر الى أذهاننا بل هو اقرب الى حَفيف قُبعة يرفعها رجل صَامت وهو يفسح الطريق لامرأة قد لامس فُستانها معطفه من دون ان تراه او صدع في بيت قديم يتسع ببطء من دون أن تحس به العائلة في الطابق العلوي: الابنة الخارجة في موعد عاطفي وامها التي تتنهد باستسلام حين تراها صوت اشبه برحلة حَجر قبل سقوطه في ماء البحيرة صوت خَجول ، بالكادِ نراه ولا يتوقف البتة.. "
يمكن هاي أول مرة أكتب مراجعة بصورة غير رسمية بس لأن مابيه أفكر وأنتقي كلمات فصيحة. كعادة الشعر المترجم من بين كل عشر قصائد تلگه قصيدة وحدة بيها جمل مفيدة وصورة شعرية حقيقية، وما تعرف الخطأ من الشاعر نفسه أو من المترجم. على العموم كتاب يعّول عليه للي ما يعرف شنو يقرأ بيوم من الأيام (مثلًا أنا هالأيام). قريته بسبب مقطع من قصيدة شفته مرة والصديقة آمنة لگت الكتاب كله ف هسه عجبني اقرأه وخلص بگعدة وحدة يم الهيتر.
امرأة وحيدة، مطلقة، تعيش مع ابنتها المراهقة، تعيل نفسها من خلال إعطاء دروس خاصة في الكتابة، وتكتب الشعر. مواصفات تقليدية لامرأة من الطبقة الوسطى في أميركا، وهذه المواصفات تعبر عنها كيم أدونیزیو Kim Addonizio، الشاعرة والروائية، في أعمالها، لتنتمي إلى سلالة الشعراء الاعترافيين من أمثال روبرت لویل وسيلفيا بلاث وآن ساکستون وغيرهما، أي إلى الشعراء الذين يتمحور عالمهم الشعري حول البوح الذي يتجاوز المشاعر العامة بالحزن والأسى والخسارة وما إلى ذلك، إلى تفاصيل الحياة اليومية والذكريات الخاصة. حين تتحدث أدونيزيو عن حوض الأسماك (أو الأكواريوم) مثلا، في القصيدة التي تحمل هذا العنوان، فهي لا تقصد الترميز فحسب بل غرضا محددا، أهدي إليها ولزوجها قبل أن تنتهي علاقتهما ويضيعا الحب، قبل أن يضيعا الزواج. الزوج الضائع حاضر باستمرار، سواء حين تتذكر الشاعرة لحظات معينة معه كما في "لحظات مختلسة» و«قرب بحيرة هيرون»، أو حين تسرد مشاعرها الحالية بعد انتهاء الزواج كما في «قل لي». لا تلعب أدونيزيو في هذا المحور الأساسي، وإن لم يكن الوحيد، من شعرها، لعبة المرأة الضحية، ولا تحول شعرها خطابة ضد الزواج أو المؤسسة، فهي لا تبدو معنية لهذه الجهة بمیراث أدبي نسوي إيديولوجي. تروي ببساطة فشلها الخاص، وأشواقها، و غرامها الذي لا يزال في بعض الأحيان قائما لزوجها السابق، أو استبدل بغرام آخر، ولا تجد حرجا في الإعلان عن كل لكن الفشل الغرامي كما سيتبين لقارئ هذه المختارات من شعر أدونیزیو، وإذ هو شديد الإعلان والفجاجة أحيانا، فهو مفتاح لهواجس أخرى ترفع القصيدة من ثرثرة شؤون وشجون شخصية عادية، إلى مستوى الشعر. ما تبرع الشاعرة في الوصول إليه في كل قصيدة هو ذلك الشعور الماساوي العميق بالفقدان . فقدان البراءة الطفولية، الحب، المكان، الانتماء، والصلة المستقرة والمطمئنة بالعالم. تتقاطع بالتالي قصائد أدونيزيو الأكثر شخصية كالتي ذكرناها مع قصائد أخرى مثل الأرقام، "ليلة الأحياء، ليلة المونی»، «ما يخشاه الموتی»، «الغرفة»، «النداء الأخير وغيرها الكثير من القصائد التي يجمع بينها الشعور بأن الحياة فرت أو تفر منا باستمرار . هنا يصبح الغوص على الذات مدخلا للتقاطع مع ذوات الآخرين والتعبير عنها، وتصبح أدونيزيو «بطلة» إضافية على مسرح الخسائر الذي يتوالى الظهور عليه رجال ونساء مختلفون، من أصدقاء وأهل وغرباء من رواد الحانات وغيرهم. الإحساس بالوجع الذاتي يرفع عند أدونيزيو الإحساس بأوجاع الآخرين، فيمكنها من التماهي معهم كما في مجموعتها «جيمي ورينا، التي تسميها أدونيزيو رواية شعرية، إذ تسرد فيها، شعرا، حكاية فتاة وشاب من العالم السفلي، لا يمتان ظاهرية إليها بصلة، لكنهما في العمق، وحيث هما من تلاش وانحدار، فرینین لها. ما تقوله قصائد أدونیزیو بالتالي هو أنه، ومهما اختلفت الظروف الحياتية بين إنسان وآخر، فإن البشر بصورة عامة يتقاسمون الوجع نفسه، الذي يجد التعبير الأوضح والأكثر مباشرة له في صورة الموت.
«أنا شاعرة اعترافية»، تقول أدونيزيو في حوار صحافي "لكن كذلك كانت سافو" (الشاعرة اليونانية القديمة)، فالشعر بحسبها لا يقول سوى ذات الشاعر وهمومه ويومياته، ولكن تختلف المقاربات الجمالية والتعبي��ية بين شاعر وآخر. ** الصوت يقول مارك إن العذاب، وإن لم نره، له صوت ما؛ ضوضاء مكتومة ناعمة لا صلة لها بالصراخ الذي قد يتبادر إلى أذهاننا، بل هو أقرب إلى حفیف قبعة يرفعها رجل صامت وهو يفسح الطريق لامرأة جميلة قد لامس فستانها معطفه من دون أن تراه. أو صدع في بيت قديم يتسع ببطء، من دون أن تحس به العائلة في الطابق العلوي : الابنة الخارجة في موعد عاطفي، وأمها التي تتنهد باستسلام حين تراها. صوت أشبه برحلة حجر قبل سقوطه في ماء البحيرة . صوت خجول، بالكاد نراه . ولا يتوقف البتة. ** الحجرة عند الباب كل ضيف م��قل بأسف. امرأة تضع شالا أبيض ترافق عائلة من الموتی. كانت في المطبخ لحظة الزلزال، سمعت صراخ أولادها في الغرفة المنهارة، رأت أجسادهم وهي تنشل، معفرة، من تحت الركام . تضع أسماءهم الواحد بعد الآخر على الميزان، تطويهم كالغسيل وتدخل. رجل متعب يتردد محرجا ثم يضع أعضاء التناسلية على الميزان. بعد ثانية يعاود أخذها بسرعة ويعيدها إلى جيبه. العاشقان وراءه يشبكان ذراعيهما يزنان حفنة من الخلايا ثم يدخلان معا تتبعهما غيمة من غبار. أنت التالية بقلبك المحطم حديثا. لكنك تقفين مترددة. تدركين كم أنك مثيرة للشفقة، كيف سيتمدد قلبك هناك مقهورا، قطعة لحم على الميزان، الإبرة التي فوقه ترتعش عند الصفر. فجأة، تشعرين بالخزي من كونك بشرية. تقفين محدقة ببلاهة إلى داخل الغرفة: قصص ونحيب، بضع عناقات، ومقاطع من أغنيات. لا يمكنك تخيل السعادة في ظروف كهذه، أو لم أنت هنا مع حزنك على لا شيء سوی وجه وجسد نجحت في نسيانهما لساعات، سيتحولان بالتدرج، في لحظة، ندما قاتما. تتيقنين من أنك لا تنتمين إلى هذا المكان، تديرين ظهرك لكي تعودي إلى البيت وتجلسي وحيدة مع تلفزيونك وربما مع شراب قوي يقي قلبك الأنين. لكن الرواق محتشد بأناس آخرين يدفعون بك إلى العتبة، كل منهم لا يطيق صبرا للدخول، لذا تفعلين الشيء الوحيد الذي تقدرين عليه: تضعين قلبك ليزنه الملاك ويرجعه إليك، ثم تدخلين إلى غرفة الأحياء. ** ما تريد النساء؟ أُريد فستاناً أحمر. أريده رخيصاً ومهلهلاً، أريده ضيقاً جدّاً، أريد أن ألبسه حتى يمزّقه أحدهم عني. أريده بلا ظهر ولا كمّين، بحيث لا يضطر أي كان إلى أن يُخمّن ما تحته. أريد أن أع بر الشارع قرب (ثريفتي) ومتجر الخردوات مع كلّ تلك المفاتيح تلمع في الواجهة، قرب مقهى السيد والسيدة وونغ اللذين يبيعان الدونتس البائتة، قرب الأخوين غويرا اللذين يخرجان الخنازير من الشاحنة إلى الدُلية (1) حاملين الصغيرة منها على كتفيهما. أريد أن أسير كما لو أني المرأة الوحيدة على الأرض وأستطيع اختيار من أشاء. أريد ذاك الفستان الأحمر بقوة. أريده لأؤكّد لك أسوأ مخاوفك عنّي، لأريك كم ضآلة مبالاتي بك أو بأي شيء سوى ما أريد. حين أجده سأسحبه من العلاقة كما لو أني أختار جسداً يحملني إلى الأرض عبر صرخات الولادة وصرخات الحبّ أيضاً، وسأرتديه كالعظام، كالجلد، سيكون الفستان اللعين الذي سيدفنونني فيه. ** إراقة تريق كأسك على الطاولة . تشيح بوجهك عني. لكنني أتذكر أول مرة نظرت فيها إلي كنت أعرف أن هذه اللحظة ستأتي. أننا سنجلس ذات يوم إلى طاولة ، سنثمل وننهي العلاقة. ورغم معرفتي المسبقة لم أستطع منع نفسي من تقبيلك وقتذاك، كان يمكن أن نبقي صديقين؛ لكنني لم أستطع منع نفسي من تقبيلك، متذكرة البداية، التعري المتردد، والحب الذي، لو كنا حکيمين، لأبقيناه في حيز الصداقة . وها قد أوصلنا غباؤنا إلى هذه النهاية . كانت متلعثمة بداية الحب. تريق كأسك. أحدق بك ببلاهة. ها قد وصلنا إلى النهاية . تشيخ بوجهك عني. أتذكر ثانية .
**
قدح في كلّ حانة ثمة من يجلس وحيداً ومستنفداً بالكامل مما يراه، مهما كان، في القدح الموضوع أمامه، قدح يبدو عادياً، بشيء ناصع أو قاتم في داخله، شيء شُرب جزئياً لكنه لم ينفد كليّاً. كلّ شيء هناك: كل الخطط التي أفضت إلى لاشيء، علاقات الحب الحمقاء، وتلك المرعبة، التي انفتحت فيها السعادة الحقيقية كفجوة تحت رجليه وسقط فيها، ثم بقي عاجزاً بينما التراب انهال بجرعات قليلة متتالية ليدفنه. وأصدقاؤه هناك، يفرقعون بالقناني التي صوت ارتطامها إذ تلتقي أشبه بعصا بلياردو تنقف طابة، الطابة الخطأ، التي تتجه الآن، سوداء ولمّاعة، إلى الجيب المنتظر. لكن الصوت يتوقّف بعد برهة، وعند البار الشارب الوحيد يلوّح لآخر. القريبان الآن يطفوان على إخفاقاتهما، على السرطان، على أحمال الذنب وعلى ضحكة صغيرة، أيضاً، وعلى الجمال حتى ـــ عصريّة ما من الطفولة، بحيرة، لعبة كرة، كتاب قصص، ثلج يهطل ويسمك حتى يكسو الأرض حتى يصير العالم أبيض وساكناً، حتى لا يعود هناك عالم بالمرّة لا زحمة سير، لا مال ولا قتل ولا جنس، فقط سلام مبارك يبدو نهائياً لكنه ليس كذلك. وأخيراً القدح الذي يحتوي هذه الأشياء ويريقها باستمرار بينما الشارب ينحني عليه وحين يجمع الساقي الأقداح الفارغة يعيد إلى الشارب وجهه الحقيقي. من يعرف كيف يبدو؛ من يهتمّ ما إذا كان فتيّاً ذات مرّة، أو حتى وسيماً، من يبالي بسكير يسير مترنّحاً إلى الحمّام، رجل أو امرأة ما، أو حتى ملاك ضائع يتقيّأ كلّ شيء على الأرض ـــ السماء، الأثير، الأعمال العلوية ـــ ويقول (اللعنة، أريد أن أكون بشريّاً؟ من يؤمن بالملائكة بأية حال؟ من لديه وقت لأي شيء سوى مسرّاته وأحزانه الخاصة وبضعة أشخاص طيّبين نجح في جمعها من حوله ضدّ اللاأمان، ضد عصريات الجلوس وحيداً في حانة ما تحمل إسماً مثل الــ (امبرز) أو الــ (نينث إينينغ) أو الــ (ويشينغ ول)؟ انسَ ذاك الخاسر. فقط أخبرني من يبتاع الأقداح، من يدفع ثمنها؛ لكنني عطشانة يا الله، وأريد أن أقول لكم شيئاً، اقتربوا أريد أن أخبركم شيئاً، اقتربوا أريد أن أهمسه لكم، أن أسكبه حارّاً في أذني كلّ واحد منكم، اسمع، أنه بسيط، أقوله الآن، وأنا ما أزال صاحية، قبل أن أبدأ بالنحيب المرّ أمام قدحي، بينما ما زلت هنا ـــ لا تذهب الآن، إبقَ، إبقَ، أعطني كتفيك لأستند إليهما، أسندني، لا تدعني أقع، إنني مغرمة بك حتى إني لا أستطيع الوقوف. **** فتاة صالحة أُنظري إلى نفسك، جالسة هناك، فتاة صالحة. سنتان مرّتا مُذ أقلعتِ عن التدخين وما زلت (تموتين) على سيكارة. وأقلعت عن الخمر حتى في عطل الأسبوع، من كان ليصدّق ذلك؟ ألا ترغبين الآن في الركض إلى زاوية الشارع لاحتساء كأس فودكا خامسة مع عصير الكرانبري وشرائح الحامض؟ ألن تبدو الباحة الخلفية التي يقرفك منظرها، أجمل؟ الباحة الصغيرة التي يعتني بها المالك ليل نهار ـــ السياج حديث الطلاء، الأسلاك الشائكة الملمّعة، الباحة المرصوفة التي نُظّفت من الأماليد الصغيرة ـــ ألا ترغبين في العبث فيها كلها، في أن تدوسي ككلبة هائجة على أحواض زهوره؟ ألست كلبة بأية حال، تدبّين دائماً بحثاً عن الحب وتستعطين أن يرعاك أحدهم كحيوان أليف؟ يجدر بك الدخول إلى المرآب ولعق صفيحة القمامة من الداخل، والأغطية المشحمة، والعظام المنقّاة من اللحم، يجدر بك أن تقودي خطمك إلى ثقل القهوة. آه، القهوة! لم لا تتجرّعي بعضاً منها مع أربع سكائر ثم تخرجين عارية إلى الشارع، وتثبين على أول رجل وسيم تصادفينه؟ كلمة (خرّبني) تقولينها لرجل، ألم تكن محبوسة في حلقك أربعين عاماً، ألم يحن الوقت لأن تطلقيها في فساتين فاسقة وجوارب مشبّكة ممزّقة، لأن تتمايلي بكعبين عاليين وتكحّلي رموشك بفجور؟ آن الأوان حتماً. لقد كنت مركونة منذ زمن بعيد. أربعون، واحد وأربعون عاماً. في نهاية ذلك كله ليس هناك سوى بسكويتة واحدة رديئة وطعمها أردأ. لذا انطلقي. إسمعي: إنهم ينبحون من أجلك الآن: من أول الشارع إلى آخره كلاب جيرانك انفجرت في نباح مسعور ولن تسكت.
** من ديوان ما هذا الشيء العجيب الذي اسمه الحب
معرفة رغم معرفتك بمقدرة البشر على الشر، رغم اعتزازك بمعرفتك هذه، بعدم تجنبك التاريخ، ولا نشرات الأخبار، ولا كل التعبيرات اليومية الصغيرة عن قسوة البشر ... رغم هذا كله كلما حدث شيء ما من هذا القبيل، تشعرين حياله بالصدمة وكأنه أمر جديد، كأنك أمضيت حياتك كلها معتقدة بأن الإنسانية في جوهرها طيبة، وكأنك لم تفكري على غرار شوبنهاور، أنها مجرد إرادة عمياء، وكأنك لم تنشدي بانحراف وبنوع من الفرح جميع النعوت التي أطلقها «هوبس» على الحياة ؛ بأنها مجرد عزلة، وفقر، وشر، ووحشية، وقصيرة أيضا - وبعد كل هذا الوقت ما زلت تشعرين بالصدمة حين تسمعين بحصول أمر رهيب، تقفين أمامه عاجزة حتى عن البكاء، تدركين في تلك اللحظات أن البراءة، التي كنت حسبتها اختفت من زمان، ما زالت موجودة، وأنك في مكان ما تحت سخريتك ما زلت متشبثة بالأمل. لكن هذا الأمل يتحطم كليا عندئذ، أو هكذا تحسبين، ويكون عليك المضي قدما وأنت مرعوبة من أنه هناك المزيد لتعرفيه، وأنك ستعرفينه يوما ما. ** الجسد والروح أين هي الروح بحسبك؟ أتحسبها أشبه بحقيبة جلدية صغيرة، من النوع الذي يتسع لشيء واحد: لوح شوكولا، حساء، وعاء صغير؟ أتتكور هناك، وراء القلب؟ مطوية بحذر بين الأضلع؟ أتلتف حول الخصيتين، أندية هي کرحم، وهل هي قابلة للتمزق؟ الجسد ليس بيتا. لكن إذا كان بيتا فهل تستيقظ الروح متأخرة في المطبخ، مؤرقة ، تقف قبالة الثلاجة المفتوحة، هل تتعب من التلفزيون، ومن أفكارها الخاصة؟ ليس للجسد أفكار. الجسد يمتص الحب كمنديل ورقي ويبقى وسخا. الجسد يطلق بعض المخدر، بعض العرق والدموع - أحيانا يصير الجسد ساكنا جدا بحيث إنه يسمع الروح، تخرمش کشيء عالق داخل الجدران وتحاول الخروج، مسعورة . ** أحبني مثل منعطف خطأ على طريق وعر في وقت متأخر من الليل بلا قمر وبلا وجهة للوصول بينما يتحرك حيوان ضخم جائع على مهل بين الأشجار. أحبني بغمامة على عينيك وبصوت مياه تتساقط من صنبور المطبخ، وتتسرب عبر ألواح الأرضية نحو الإسمنت الحار. دون أن تسأل دون أن تتعجب أو تفكر في أي شيء، أحبني بينما تغلق المحال أبوابها ويسقط الحارس في النوم أمام الشاشة الصغيرة التي تراقب الجراج الفارغ والممرات المهجورة، بينما يتسلل اللصوص عبر السياج بالمقاريض المعدنية. أحبني حين تفشل في العثور على مطعم مناسب، وأنت وحيد في عشاء محبط راهباتان تتجادلان من خلفك، طبق البيض دسم للغاية والبطاطس غير ناضجة. انزع أزرار ثوبي الأمامية وألق بها واحدًا تلو الآخر نحو البركة حيث ينتظر السمك بزعانف باردة متماوجة تحت السطح مباشرة. أحبني في شاحنة لم يقودها أحد لسنوات، غمرتها الأعشاب وزهور عباد الشمس الذابلة والزنابق، فمك على عنقي الأبيض، بينما تجر السلاحف بطونها عبر الطين اللزج، فوق آثار أقدام البط وطيور الكركي. أحبني حين يندلع الشغب وتستعد الطائرات، عندما لا يلتفت أحد، حين تعبر حافلة الحاجز فيضغط السائق الفرامل حتى تلتصق الدواسة بالأرض، أحبني بينما يلقي شخص ما بطبق نحو الحائط ويلتقط آخر. أحبني مثل جرعة فودكا مثلجة، مثل صبار خام أحبني وأنت وحيد ونحن متعبان من الكلام حين تكفر بكل شيء.. اسمع، ما من شيء، غير مهم، ارقد جواري واغمض عينيك الطريق ينعطف هنا سأدير الراديو وننطلق لن نعود أبدًا طالما أنكَ تحبني لن نعود أبدًا ما دمت تفعل تمامًا هكذا.
**
"اللعنة"
هناك أشخاص سيخبرونك أن استخدام كلمة اللعنة في قصيدة يشير إلى هفوة خطيرة في الذوق ، أو الخيال ، أو كليهما. إنها مبتذلة ، غير محتشمة ، فاحشة تنهار مثل سندان يسقط من خلال نافذة سقفية ليهبط على طاولة مطعم ، على الكتان الأبيض ، إناء زجاجي من الليلك. لكن إذا كنت جالسًا فوق القهوة عندما ا��طدم المعدن بالصحن مثل صاروخ ، ألن يكون هذا هو أول ما ستقوله؟ ألن تقفز إلى الوراء بالصراخ ، أو على الأقل التفكير في الأمر ، مرارًا وتكرارًا ، صوت الجرس يرن في كنيسة دماغك بينما يقودك النادل المتأنق بعيدًا ، ألن تسند مرفقيك المهتزين على البار والنظام أول مشروب لك منذ شهور تخبر نفسك أنك محظوظ لأنك على قيد الحياة؟ وإذا لم تقل شيئًا سوى Mercy أو Oh My أو Land sakes ، حسنًا ، فأنا لا أريد أن أعرفك على أي حال ولا أهتم برأيك في قصيدتي. ينقسم العالم إلى أولئك الذين تهم آرائهم وأولئك الذين لن يكون لديهم أدنى فكرة أبدًا ، وإذا عرفت أي شخص كنت يمكنني التحدث إليك ، وأخبرك أنه في بعض الأحيان هناك كلمة واحدة فقط تعني ما تريد أن تعنيه ، الطريقة التي يوجد بها شخص واحد فقط عندما تقع في الحب لأول مرة ، أو صرخة طفل رضيع تنادي بالحليب المشتعل ، اسم واحد تصلي إليه عندما تكون الصلاة هو ما تبقى لك. أقول في البداية كانت الكلمة وكانت جيدة ، فهي تعني دخول إنسان لآخر وما زال هذا ما أحبه ، الكلمة أصبحت جسداً. تبا لي ، أقول للشخص الذي أريد أن يكون جسده الجميل قريبًا ، وبينما نمارس الجنس أعلم أنه مقدس ، مزمور ، ترنيمة ، مطرقة ترن على سندان ، تشكل عالمًا جديدًا بالكامل ".
المُراجعة : كيم أودنيزيو قصائدها يغلبُ عليها الحزن واليأس وبعض الأوصاف للحانات ومقاهي وكيف تشرب الجعة في الحانات القصائد تمثل مُختارات من الدواوين التي قمت بتأليفها أعجبتني القصائد الأخيرة ومن بينها :
المعرفة : رغم معرفتك بمقدر البشر على الشر ، رغم اعتزازك بمعرفتك هذه، بعدم تجنُّبك التاريخ، ولانشرات الأخبار، ولا كُّل التعبيرات اليومية الصغيرة عن قسوة البشر.. رغم هذا كلهُ كلما حدث شيء ما من هذا القبيل ، تشعرين. حياله بالصدمة وكأنه أمر جديد ،كأنك أمضيت حياتك كلُّل مُعتقدة بأن الإنسانية في جوهرها طيبة، وكأك لَمْ تُفكري على غرار شوبنهارور أنها مُجرد إرادة عمياء ، وكأنك لم تُنشئ بانحراف وبنوع من الفرح جميع النعوت التي أطلقها ((هوبس)) على الحياة، بأنها مُجرد عزلة،وفقر،،وشر ،ووحشية ،وقصيرة أيضا- وبعد كلُّ هذا الوقت مازلت تشعرينَ بالصدمة حين تسمعينَ بحصول أمر رهيب، تقفين أمامه عاجزة حتى عن البكاء، تدركينَ في تلك اللحظات أنَّ البراءة، التي كنت حسبتها اختفت من زمان، مازالت مُوجودة وأنك في مكان ما تحت سخريتك مازلت مُتشبثة لالأمل. لكن هذا الأمل يتحطمُ كليًّا عندئذ، أو هكذا تُحسبين، ويكون عليك الُمضي قدمًا وأنت مُرعوبة من أنُّه هُناك المزيد بتعرفيه وأنك ستعرفينه يومًا ما .
وأنك في مكان ما تحت سخريتك مازلت متشبثة بالأمل لكن هذا الأمل يتحطم كلياً عندئذ أو هكذا تحسبين ويكون عليك المضي قدمًا وأنت مرعوبة من أنه هناك المزيد لتعرفيه وأنك ستعرفينه يومًا ما .
لماذا هُنـاك شيءٌ بدلًا من لا شيء ؟ إذا كان الخيرُ موجودًا فلماذا تنغرسُ بذرةُ الشرِّ في كُلِ مكان ؟ وما الذي يمنعنا من قتل بعضنا من فرط اليأس ؟ لماذا اللذة مقدّمة دائمة للألم ؟
__
نعرفُ أن كراسي المُقعدين تكرهُ الأحذية ، وأنّ العقاقير الطبية تحسدُ الفيتامينات ، ولهذا السبب تجتمعُ أحيانًا علبة كاملة من الحبوب المنومة وتندفعُ كموجةٍ داخل حلق أحدهم لكي تغرق في محيط معدتهِ الفاسدة. ودعونا الآن لا نأتي على ذكرِ الفقراء ما دام أحدٌ ما عادَ يذكرُهم. هَكذا يعملُ العالم الحزين ضد السعيد والغبيّ ضد الجميع وخصوصًا ضد نفسه.