Jump to ratings and reviews
Rate this book

ماسينيون في بغداد: من الإهتداء الصوفي إلى الهداية الكولونيالية

Rate this book
في العام 1907، كلف الجنرال دوبيلي ماسنيون القيام بمهمة تنقيبية عن الآثار جنوب بغداد، وقد وصل ماسنيون إلى بغداد منفصلاً في بعثة آثارية تبحث عن قصر الأخيضر جنوب كربلاء، وكان عمره خمسة وعشرين عاماً، فعاش حياة متقشفة، متخفياً بملابس ضابط تركي، ومحميا من قبل العالمين محمود شكري الآلوسي والقاضي علي نعمان الآلوسي. وبعد أن ذهب ماسنيون في غارة الصحراء إلى الجنوب من بغداد للبحث عن قصر اللخميين قصر الأخيضر، رفض أحد الفرنسيين دفع كفالة مستحقة عليه بتحريض من مجموعة من الموظفين الرسميين، فاشتبه بماسنيون من قبل أحد الضباط الأتراك، وألقي القبض عليه بتهمة التجسس والاشتراك بالمؤامرة الماسونية على السلطان عبد الحميد، وعذب وحكم عليه بالموت، واقتيد عبر سفينة في دجلة إلى بغداد مارا من طاق كسرى حيث يرقد هناك الصحابي سلمان الفارسي الشاهد المسيحي على ولادة الإسلام، وفي السجن وعبر القمرة الصغيرة التي تفصله، رأى ماسنيون حمامة محنية تهدل فوق شجرة نخيل، ومن ثم أخذت تهدل بصوتها، وبعد صمت قليل أدرك حقيقة العفو وهي تخرج عبر التعويذة التي حطمها، وتخرج عبر الاسم الذي تلفظه وهو الحلاج، لقد أدرك ماسنيون وهو يمر من الطاق، وعبر مرآته الداخلية، الغريب الذي زاره، مثلما زار قبل سبع سنوات هويسمان، الروائي الفرنسي الذي شهد ماسنيون موته قبل مجيئه إلى بغداد، فاختفى الغريب وراء ملامحه ووقف الكفن الشفاف بينهما وهو يتقزح أمام عبارته الخلاقة، لقد تعرض ماسنيون إلى تحول روجي كبير، بينما كان آل الآلوسي يبذلون جهداً كبيراً لإنقاذه وكفالته أمام حازم بك.

وبعد أن تمكن علي الآلوسي ومحمود شكري الآلوسي من كفالته وإطلاق سراحه، عاد إلى منزل الآلوسي لمداواته وشفائه ورعايته زالت جميع أعراض التعذيب عنه، فقام بمرافقته حتى بلغ مكاناً آمناً، ومنحاه خاتماً مكتوباً عليه (عبده... محمد ماسنيون)، ومن هناك رافقه الأب الكرملي إلى سوريا، ليذهب الكرملي إلى روما وماسنيون إلى باريس. وتبتدأ هذه الرسائل منذ وصول ماسنيون إلى باريس ولا تنتهي إلا بموت الكرملي، وهي موجودة في دار المخطوطات العراقية في بغداد.

وتظهر أهمية هذا الرسائل انطلاقاً في كونها تكشف بشكل واضح وصريح عن العلاقات الثقافية والفكرية والمعرفية بين المثقفين العرب والمستشرقين في الثلث الأول من القرن العشرين، وتبين على نحو فعال الآليات التي تنتظم فيها الخطاب الاستشراقي عبر رسائل واحد من أهم المستشرقين لا في ذلك القرن حسب، إنما منذ تأسيس مدرسة الاستشراق بوصفها المعرفة الخابرة بالشرق من أجل توصيفه وفهمه، والاجتياز عليه وصمه، وتبين على نحو جلي الانشباك الفوري والسريع لهذا الخطاب مع الفعاليات السياسية والممارسات الكولنيالية في المنطقة في الثلث الأول من القرن العشرين، و تبين كيف أن هذا الخطاب لم يكن بأجمعه قائم على الفكرة الكولنيالية في تفضيل المصالح الآنية إنما هنالك المعرفة الخالصة والمستقلة، صحيح أن بعض هذا الخطاب قد استخدم كقوة واسعة النطاق لتبرير الهيمنة والسيطرة والضم من جهة، ومن جهة أخرى قوة للإجتثاث وتفكيك الهوية وتبرير الميكافيلية السياسية، وتدفق الأحقاد، ولكن هنالك وبالموازاة منه كان الخطاب العلمي والثقافي الذي يقارب بين هذه الثقافات والمجتمعات.

وإذ تعلمنا هذا الرسالة، نحن -الجيل الأخير من المثقفين العرب- فإنها تعلمنا بأنه حدث ولمرات متعددة في ثقافتنا الانشباك الصريح مع الغرب لا بوصفه (وجود ثمة) إنما هو حقيقة ثقافية وسياسية، وإن تغيرات هذه الحقيقة فإنها إلى اليوم غير قابلة للنقض والتقويض بوصفها عنصراً من عناصر تشكل ثقافتنا المعاصرة، لكنها ليسن فكرة كلية أو أبدية، إنما يمكننا نقدها وتصويبها، تعلمنا أن ماسنيون استطاع الانفلات من تمركزه العرقي بسبب صداقاته العربية، وتدهشنا هذه العلاقات والصداقات وسعتها أمام الانغلاق الذي يحصل اليوم، والرفض الذي يدعو إلى الأسى.

334 pages

First published January 1, 2010

1 person is currently reading
140 people want to read

About the author

Ali Bader

23 books177 followers
Ali Bader (Arabic: علي بدر) is an award winning Arabic novelist and a Filmmaker. He studied philosophy and French literature at Baghdad University. He worked as a journalist and war correspondent covering the Middle East for a number of newspapers and magazines.

His writes novels, theatre, essays and poetry.

Ratings & Reviews

What do you think?
Rate this book

Friends & Following

Create a free account to discover what your friends think of this book!

Community Reviews

5 stars
11 (32%)
4 stars
9 (26%)
3 stars
9 (26%)
2 stars
3 (8%)
1 star
2 (5%)
Displaying 1 - 5 of 5 reviews
Profile Image for muhammad lafi.
62 reviews
July 6, 2013
في خارطته الاستعمارية لم يكن ماسينيون أقل خطرا من لورانس العرب في مفصل الانتقال من الاستعمار العثماني إلى البريطاني الفرنسي، بل بقليل من التدقيق سيدهشنا كم كان تأثيره أوسع مما لدى رفيقه الانجليزي المتبدون، مع ان شهرة لا تكاد تقارن بالأخير، غلا ان ميزة العمل الصامت في عمق العظام العربيةوتقديم خلاصات ثقافية كانت ذات أثر أبعد من حاضره آنذاك على خطورته
ما يؤسف له في الكتاب انه لم يشرح حالة ماسينيون كما يفترض، وكانت مقارباته أشبه بالبحث الاكاديمي في الأرشيف لتدوينه فقط دون تقديم المزيد من علائق بالمور السياسي والثقافي كما يجب، دون ان يخلو الكتاب من إشارات الاعجاب بهذا المستعمر "المثقف"!
Profile Image for Esraa.
145 reviews28 followers
November 1, 2017
لويس ماسينيون.. الرديف الفرنسي للورانس العرب, ومستشار السيد بيكو(أحد قطبي إتفاقية سايكس بيكو), وتأثره بالتجربة الصوفية للحلاج , مع ترجمة لرسائله مع الأب أنستاس الكرملي.
Profile Image for Hussein  Harbi .
218 reviews29 followers
August 6, 2019
كتابٌ مهم، يكشف شيئاً من بغداد بين الإحتلالين: العثماني والإنگليزي، ويبّين دور النخبة العراقية، ودقة المستشرقين وأهدافهم، بخيرها وشرها...
Profile Image for Noor.
315 reviews38 followers
February 15, 2013
الدراسة شملت الاهتمام الذي ابداه ماسينيون نحو الحلاج
ومحاوله الربط بين الدين الاسلامي والمسيحي عبره
بعيدة عن الصور المألوفه لدينا عن المستشرقينن
كتاب جميل وطريقه عرض سلسه
Profile Image for Amna.
58 reviews17 followers
March 31, 2017
بهذا الكتاب فضلت علي بدر الكاتب والمترجم على علي بدر الروائي ..
Displaying 1 - 5 of 5 reviews

Can't find what you're looking for?

Get help and learn more about the design.