بدءُ نجيب سرور في كتابة أولى تجاربه الشعرية، متأثراً بسقوط الكثير من الضحايا المصريين من الطلبة والعمال، أثناء الاحتجاجات والمظاهرات الشعبية الحاشدة المناهضة للاحتلال البريطاني لمصر، والمناهضة كذلك لـ "مشروع صدقي ـ بيفن" بين الحكومتين المصرية والبريطانية 1952 قيام الجيش المصري بانقلاب عسكري فى يوليو، وانفعال نجيب بالحدث. نزوح نجيب إلى القاهرة للالتحاق بكلية الحقوق تلبية لرغبة والده، والتحاقه فى الوقت نفسه بالمعهد العالي للفنون المسرحية، مع زميله وصديقه المخرج والممثل الراحل كرم مطاوع، لمدة أربع سنوات.
1956 تأميم قناة السويس المصرية فى 26 يوليو، وانفعال نجيب بالحدث. نشر قصيدة نجيب سرور الشهيرة "الحذاء" بمجلة الرسالة (الجديدة). تخرج نجيب سرور من المعهد العالي للفنون المسرحية وتعيينه ممثلاً ومخرجاً بالمسرح الشعبي فى العام نفسه 1961 زواج نجيب من طالبة الآداب السوفيتية ساشا كورساكوفا فى 23 مايو. فقده جواز سفره المصري لمهاجمته الممارسات القمعية فى مصر وسوريا فى إحدى المؤتمرات التضامنية مع الشعب الكوبي. نشره قصيدة "فرج الله الحلو.. والجستابو" كاملة فى جريدة "الأخبار" اللبنانية فى 17 سبتمبر. 1964 مطالبة الناقد رجاء النقاش على صفحات جريدة الجمهورية فى 5 يوليو بالسماح بعودة نجيب سرور (تائباً) من منفاه في بودابست.
عودة نجيب سرور إلى مصر، ونجاح المخرج كرم مطاوع فى مسرحة رائعة نجيب الشعرية (ياسين وبهيّة) على مسرح الجيب موسم 1964/1965، بعد تعيين كرم مديراً له فى العام نفسه. تعيين نجيب سرور أستاذاً بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وهى الوظيفة التى فقدها نجيب بعد عامين 1969 إيداع نجيب سرور قسراً مستشفى الأمراض العقلية بالعباسية، فور عودته من سوريا، حيث عمل هناك لبضعة شهور 1974 تعيين نجيب مديراً للمسرح القومي (راتب متواضع بدون السماح لنجيب سرور بممارسة اختصاصاته)، وذلك عقب استغاثة زوجته الروسية بوزير الثقافة آنذاك يوسف السباعي، فقد سمحوا لها بدخول مكتبه لاعتقادهم أنها صحفية أجنبية! ولقد أعطاها يوسف السباعي جواب توصية لمحافظ الإسكندرية آنذاك يطلب إليه منح شقة لأسرة نجيب فى الاسكندرية، وهو الأمر الذى حال تغيير المحافظ دون حدوثه! 1978 سفر زوجة نجيب سرور الروسية إلى روسيا بصحبة ولديها، شهدي وفريد، لإلحاق شهدي بمدرسة ثانوية داخلية فى روسيا. ووفاة نجيب فى منزل أخيه ثروت بمدينة دمنهور. وحصول أسرته على معاش له!.
يا مصر يا وطني الحبيب يا عش عصفور رمته الريح في عش غريب يا مرفئي.. آت أنا آت.. و لو في جسمي المهزول آلاف الجراح.. و كما ذهبت مع الرياح.. يوما أعود مع الرياح.. و متى تهب الريح.. أو هبت فهل تأتي بما يهوى الشراع؟ ها أنت تصبح في الضياع.. في اليأس.. شاة عاجزة.. ماذا لها إن سُلت السكين غير المعجزة؟
محنة هي و متعة أن ترفض العالم الذي لا يعجبك من أجل عالم تتمناه. و محنة هي و متعة أن تتحدى كل قوى الشر و القهر و الاستبداد. و محنة ثالثة أن تعاند قوى اليأس و التثبيط و الإحباط في كل ما حولك. و محنة أن تقف من العالم المحيط بك موقف النقد رغم أمراض البدن و الروح. و محنة أن ترى نفسك عملاقا وسط أقزام. و نابهة وسط أغبياء. و نابغة بين أوساط الناس و جهلائهم. إنها محنة و متعة لا يحسها إلا العمالقة من بني الإنسان و العباقرة منهم على التخصيص حين يفسد الملح. كل الملح.
يفتتح نجيب سرور كلامه عن أبي العلاء بهذه العبارات التي لو دققنا فيها فسنكتشف أنه يتحدث عن نفسه و إن كان قد منعه حياءه من أن يقول ذلك بوضوح إلا أن هذا الحياء قد اختفى في أخر حياته حين صرخ في كل الوجوه متسائلا: مجاذيب و فيها نجيب؟!
يقارن سرور مقارنة ذكية بين فكر هيجل الذي أقر حتمية سبق الفكر للوجود و الذي يعني وجود الله قبل أي شيء كدافع و محرك لهذا الوجود و بين فكر ماركس الذي قال بسبق الوجود على الفكر بما يعني عدم الحاجه إلى وجود إله أو عدم وجود عقل فوق هذا الكون و كلا الموقفين اتخذهما أبو العلاء في شعره و نثره و ان دلل سرور على ايمان أبو العلاء بوجود عقل متعالي على هذا الكون و سابق لوجوده.
و أشهد أني بالقضاء حللتها و أرحل عنها خائفا أتأله
البيت السالف يثبت أن الرجل لم يكن ملحدا و لا زنديقا و لا وثنيا و لا مؤمنا و لا شيء البتة من هذا القبيل. و إنما كان بكل بساطة مجنونا .. و قصارى القول فيه أنه مجنون و السلام ... هذا التأرجح المستمر من النقيض إلى النقيض و من الجنون إلى غاية العقلانية و قمة العبقرية. أليس هذا في حد ذاته جنونا و عبثا و هذيانا و عدمية و حمى جهنمية يبدو ألا نهاية لهاو لا شفاء و لا نجاة منها و لا جدوى على الإطلاق و لا علاقة لها بالوجود و لا الفكر و لا بأي شيء. مهلا .. كأنك لا تستطيع مع أبي العلاء صبرا. و لم يستطع معه الصبر القدماء و لا المحدثون و المعاصرون. فصبر جميل.
إنه يضاد بين النقائض و يوحد بينها و يبادل بعضها بالبعض و يوفق بينها ثم يخرج من هذا بمحصلة يخرج بعدها بنقيض المحصلة إلى نقيض النقيض. و هكذا إلى ما لا نهاية. و لا يمكن فهم الرجل بدون فهم الديالكتيك العلائي هذا المتميز عن جميع المذاهب المثالية و المادية جميعا و على مدى تاريخ الفكر الإنساني منذ أقدم العصور و حتى وقتنا الحاضر. أب العلاء إذن هو صاحب المنهج الجدلي و مؤسسه لا هيجل و لا ماركس. و لا أحد من قبل و لا من بعد.
الكتاب من جزئين: الجزء الأول عن الفكر و الشعر في منظور أبي العلاء و هو جزء ممتع فعلا و كاشف لتناقضات أبو العلاء مع مقارنات ذكية بين فكره و فكر ديكارت و ماركس و هيجل و تناول لبعض ما صدر عنه في دراسة طه حسين له. أما الجزء الثاني بعنوان: دليل القارئ الذكي إلى عالم أبي العلاء فإن ذكائي المحدود حال بيني و بين أن أفهم ماذا يريد نجيب سرور أن يقول عن أبي العلاء الثائر الزعيم الذي يلغز كل ما يكتبه و يشفره و يؤسس جماعة باطنية لمحاربة الماسونية و الصهيونية بل اليهودية في حد ذاتها تحت اسم الكتيبة الخرساء الذي انضوى تحتها أغلب العباقرة قديما و حديثا و التي ما زالت موجودة تحارب الماسونية و الصهيونية و اليهودية في كل مكان و زمان و يختمها بموقف أبي العلاء عن المرأة و الذي لا يختلف كثيرا عن رؤية نجيب سرور و الذي وضحه في شعره الممنوع.
آنتهيت من الكتاب ، لكن بصراحه لم آستمتع به لعده آسباب - قد يكون عدم آقبالي للشعر القديم - الآحداث التي تمر بها مصر كفيله بآعتلال اي مزاج للآدب و الشعر - شخصيه نجيب سرور المحيره و المثيره للشفقه و التآمل في نفس الوقت في النهايه الكتاب عباره عن مقالات قديمه تم تجميعها مع مقدمه جيده