ربما كنا وما زلنا بحاجة ماسة لنظريات نقدية متوغلة في عروبتها لتمهد دروبًا جديدة أكثر تحررًا وتأصيلاً لملامح بيئتنا، وأكثر تفاعلاً وتفعيلاً للذائقة العربية الأكثر شمولاً؛ والمحلية الأكثر استيعابًا لمتطلبات ما ينبثق من الأصل ليشكل ظلال الأفرع. ما زلنا بحاجة لتأصيل مفهوم غاية في الأهمية، وهو أن الأدب بكل أشكاله وألوانه فنٌ يحمل علي عاتقه من الجذور مسؤولية الإمتاع، ويكتمل كيانه برعايته أفرعًا لا تقل في أهميتها عن الأصل، تتشكل هيئتها بحالات التأمل والفلسفة والوعظ والإيحاء الهادف. شأنه في ذلك شأن كل ألوان الفنون. ما زلتُ علي يقين أنه يصعب علينا استيعاب كل جديد؛ ربما لأسباب نفسية قد لا نلام عليها، وربما لتشبثنا بكل أطرافنا بأي حافة مرتفع نصل إليها ضمانًا للبقاء، جاهلون أن مِنْ أسفل منا هضاب تنبسط ثم تنتهي حوافها بأخرى أكثر استيعابًا لنا وللآخرين.
لا يزعجني كما قد يبدو؛ تسيد القالب الشعري بألوانه لفعاليات المشهد الثقافي المعاصر، قدر استيائي من مبدأ التسيد ذاته. مؤمنًا أنه من حق المتلقي أن نهيئ له مساحة أكثر اتساعًا، وألوانًا أكثر تباينًا لمخاطبة ذائقته السمعية، تلك التي تكتمل بالقراءة الواعية.
كل هذه الأسباب وغيرها دفعتني للاقتراب من المتلقي بطريقة أظنها مختلفة، كما أظنها أكثر قدرة علي التوغل في تفاصيل ذائقته وما خفي منها. عمدت فيها لاستخدام لغة تنسجم في ذات الوقت الذي تعبر فيه عن سمات بيئتها وشخوصها، وتلونها بتلقائية وبساطة ريشة طفلٍ لاهٍ، وتشرح تفاصيلها برمزية عجوز ناقد. كما تحمل بين طياتها إيقاعًا قد يحقق ما عمدتُ إليه من تحقيق لون من ألوان الإمتاع. وفي كل الأحوال... يبقى الحكي هو البطل الأول في تشريح بيئة النص ورسمه وتلوينه.
في النهاية... لم أهتم كثيرًا بتجنيس التجربة، فالمسميات تتناطح وتتشابك وتصطدم حروفها. ويبقى في النهاية تقبل القارئ أو إعراضه. ويبقى الإبداع قدر ما يحمله من صدق، ومن قدرة علي التواصل والاتصال...
من اقرب الكتب إلى نفسي فلقد غاص كاتبها في أوحال متمعنا فوطأ جراحنا بخفة ومهارة يحسد عليها جعلنا وبطله الطفل الصغير نضحك ونبكي في آن واحد لمس كل عذاباتنا من خلال رصده الدقيق لتلك القرية التي هي نموذجا أمثل لوطننا وحين لم يجد غير القهر سبيلا لكل حلم وجد نفسه في نهاية الكتاب يحاول أن يذكر وطنه به فإذا بالوطن بعيد وقد أصاب ذاكرته النسيان فلم يتذكره
الكتاب حلو وشيق جدا بس كمية الالفاظ النابية كتيرة شويه لكن مع ذلك هى السبب ورا الاحساس بمصداقية وواقعية الاحداث فاللوم ليس على الكاتب ولكن على الواقع تعقيب اوعى تنام