نبذة موقع النيل والفرات: يقول الدكتور زكي نجيب محمود في إحدى مقالاته التي ضمها هذا الكتاب، وذلك في معرض نقده للسينما المصرية: "وإني لأشهد الله أني ما عدت من هذه الأفلام العربية ليلاً، غلا في ضيق النفس بما قد رأيت، آسفاً لهذه الهاوية التي نعيش في ظلماتها فناً وذوقاً وتمثيلاً وإخراجاً، ثائراً على أدبائنا الذين غضوا أنظارهم عن هذه الصفحة البيضاء التي فتحت لهم صدرها رحباً ليملاًوها بنتاج أقلامهم؛ غضوا عنها أنظارهم، فانتهبها أصحاب الأذواق الفجة السقيمة، التي لا تميز بين طيب وخبيث؛ أستغفر الله، بل لعلها تميز بين الطيب والخبيث تميزاً تستطيع به أن تمحو الطيب كله وأ، تثبت الخبيث كله... ولكن فيم هذا اللوم كله والنقد كله؟ إنما ينصرف اللوم إلى أدبائنا الذين جنوا على أدبهم وعلى الناس جناية كبرى، إذ تركوا ميدان الشاشة السينمائية لسواهم من غير ذوي الفهم الأدبي والذوق الفني..".
بمثل هذه اللهجة يتوجه الدكتور زكي نجيب محمود بنقده إلى طبقة الأدباء والمفكرين والمثقفين، ولمثل هذه التجاوزات الاجتماعية يسطر الكاتب مقالاته النقدية التي هي بحث كما كانت متميزة في عصره، هي كذلك الآن، فما زال عالمنا العربي يرزح تحت الكثير من النقائص والزلات التي استعرضها كاتب هذه المقالات في نقدياته. وقد شملت تلك المقالات مواضيع مختلفة: اجتماعية، اقتصادية، سياسية، ثقافية، أدبية، فكرية. وهي على الرغم من سمتها النقدية إلا أنها حفلت بتأنق أدبي تعبيري فكري وفلسفي متميز، كما أنها لامست معاناة الإنسان العربي في عمقها إلى أبعد حدود.
ولد زكي نجيب محمود عام 1905، في بلدة ميت الخولي عبد الله، بمحافظة دمياط. تخرج من كلية المعلمين العليا بمصر، عام 1930. في عام 1933 بدأ في كتابة سلسلة من المقالات عن الفلاسفة المحدثين في مجلة الرسالة. وفي عام 1936 سافر إلى إنجلترا في بعثة صيفية لمدة ستة شهور. وفي عام 1944 سافر إلى إنجلترا للدراسات العليا. وبعد عام واحد حصل على البكالوريوس الشرفية في الفلسفة من الدرجة الأولى من جامعة لندن (وكانت تحتسب في جامعة لندن آنذاك بمثابة الماجستير لكونها من الدرجة الأولى). عام 1947 حصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة لندن (كلية الملك) في موضوع (الجبر الذاتي)، بإشراف الأستاذ هـ.ف. هاليت. (وقد ترجم البحث إلى اللغة العربية الدكتور إمام عبد الفتاح بنفس العنوان عام 1973).
عاد إلى مصر عام 1947 والتحق بهيئة التدريس بقسم الفلسفة بكلية الآداب جامعة القاهرة (جامعة فؤاد الأول آنذاك). سافر عام 1953 إلى الولايات المتحدة أستاذاً زائراً ومحاضراً في جامعتين بها حيث قضى فصلاً دراسياً في كل منهما. وبعد عام اختير مستشاراً ثقافياً لمصر بالولايات المتحدة لمدة عام. في عام 1956 تزوج من الدكتورة منيرة حلمي، أستاذة علم النفس بجامعة عين شمس. سافر إلى الكويت أستاذا بقسم الفلسفة بجامعتها لمدة خمس سنوات (حتى 1973). عام 1973 بدأ كتابة سلسلة المقالات الأسبوعية في جريدة الأهرام.
نال جائزة التفوق الأدبي من وزارة المعارف (التربية والتعليم الآن)،عام 1939. نال جائزة الدولة التشجيعية في الفلسفة من مصر على كتابه الصادر بعنوان "نحو فلسفة علمية" عام 1960. نال جائزة الدولة التقديرية في الأدب من مصر عام 1975، وفي عام 1984 نال جائزة الجامعة العربية "للثقافة العربية" من تونس.1985 حصل على درجة الدكتوراه الفخرية من الجامعة الأميركية بالقاهرة.
فقيرة هى تلك النفوس التى يعيش أصحابها فيما نعيش فيه ولا تتأثر ، كما تبصر العين ولاترى، وتسمع الأذن ولا تعى ،وكأنما قُد القلب من صوَّان ،فتجرى فى شعابه مجارى الدماء ، لاتترك وراءها ثمراً ولا أثراً
مجموعة من المقالات المتنوعة أعجبت بمعظمها عميقة فلسفية وبسيطة ,أسلوبه ممتع جدا ,مقالة نفس عارية التى كتبت عام 1952 بمناسبة حريق القاهرة كانت مؤثرة جدا خصوصا مع الظروف المحيطة عند سفح الجبل معبرة جدا عن حال لا يتغير أبدا وكأن الزمن ثابت عموما كتاب ممتع جدا
قراءتـى الثانية لعمـل كامل للدكتور / زكى نجيب محمود .. لا أعلم أن كانت تلك مجموعه من القصص القصيرة أو هى مجرد خواطر تمتزج بها الفلسفة مع الأسلوب الأدبـى الرائع والشيق .. الكتاب أعجبنى بشده وأستمتعت بكل مابه
كنت ف المكتبه بستعير كتاب وملقتش اللي انا عاوزه , وبالصدفه وقعت عيني على عنوان الكتاب ده وشدني , واللي شدني اكتر اسم الكاتب , مكنتش قرأت ل الدكتور زكي نجيب محمود قبل كده , بس قرأت ترجمته لكتاب من سلسلة " قصة الحضاره " , وبصراحه كانت صدفه سعيده :)
مجموعة مقالات متكامله فلسفيه اجتماعيه سياسيه , عميقه وبسيطه وممتعه اخد مني وقت , مش عشان كبير او معقد , بس من الكتب القليله اللي كنت حاسس ان كل جمله فيه لها أهميه ! كنت بعيد قراءة فقرات ومقالات كامله أكتر من مره
عجبتني اوي المقالات دي: " عند سفح الجبل " .. بتبين الفجوه السحيقه بين مجتمع السياسيين والمثقفين وبين عامة الشعب! بين اهتمامات الحياه الضروريه وبين الحوارات عديمة القيمه للناس !
مقالة " نفس عاريه " , اللي كتبت بمناسبة حريق القاهره 1952 , مش بس ليها بُعد سياسي ينطبق على الوضع الحالي , كمان ليها ابعاد انسانيه واجتماعيه يمكن بتقابل كل شخص ف كل يوم ! مقالة " نظرة الطائر " من اكتر المقالات اللي لفتت نظري , مشكلة النظر الى الاشياء بالنسب الخاطئه مشكله ابديه ! بستبب اضرار نفسيه غير الاجتماعيه والسياسيه اللي ذكرها الدكتور زكي, خاصة لما يتعلق الأمر بفقدان او الحصول على شئ , بنفقد كلنا او اغلبنا المنطق في التقدير ! يا نسرف ف الحزن يا نسرف ف الفرحه !! في مقالة "جناية الألفاظ " , الدكتور زكي اتكلم على الفاظ ملهاش معنى اللي بتنتشر على أفواه وأقلام الكتاب والسياسيين عشان أهداف معينه وبسببها نقترف الكبائر ! ذكر منها : انسانيه , دوله , ديموقراطيه , حريه , مدنيه .. الخ !! اظن من الضروري دلوقتي نضيف عليها : الشرعيه , الشريعه , الهويه !!! ملعونه الكلمات اللي بسببها يستباح الدم ! " حرام عليكم أيها الناس أن تحرصوا على " ألفاظ " حتى إن كان الثمن ألوف الألوف من الشباب الفتي الحالم الآمل , فهاتيك الألفاظ موجات صوتيه ضئيله , أو هي قطرات من مداد سكبناها على الورق في صوره معينه , أما هؤلاء الشباب فأفراد أحيلء في أجوافهم قلوب ورئات ودماء وأعصاب !! "
مقالة " أنتيجونا " هكتفي منها بالإقتباس ده , وهوا كفيل يوضح الفكره :) إن من بين أمثالنا التي تصور الأخلاق مثلا يقول "أنا وأخي على ابن عمي , وأنا وابن عمي على الغريب " - صوره قويه موجزه للتكتل الأسري البغيض , ونريد أن يأتي الزمن الذي تقول فيه أمثالنا : ألا غريب بين أبناء الوطن الواحد , وأنني وأخي وابن عمي وأبناء الوطن جميعا على من نوليه أمورنا فيؤثر " قريبا " على غريب !
مش هقدر اشرح باقي مقالات الكتاب اكتر من كده كلها اجمل من بعض , انصح انك تقراها أحسن :)
الكوميديا الأرضية زكي نجيب محمود ....................... لقاء جديد مع الكاتب الكبير زكي نجيب محمود، هو اللقاء السادس عشر، وهو لقاء مثمر جدا وممتع جدا مثل كل لقاء سبق. الكتاب عبارة عن مجموعة مقالات متنوعة يغلب عليها الحديث العميق في المجال الفكري والفلسفي، وتتفاوت المقالات في أسلوبها حيث تجمع ما بين الأسلوب القصصي والمقالي، أو تلتزم بأحدهما، وتتفاوت كذلك في قيمتها _ أو تقييمي لها. يبدأ الكتاب بمقال (عند سفح الجبل) بأسلوب قصصي يتخيل قمة الجبل يعيش عليها حكام يفكرون في مشكلات الشعب الذي يعيش في السفوح، مشكلات الشعب التي يفكر فيها القادة بعيدة تماما عن واقع الشعب الذي يعيش في السفوح. في مقال (الكوميديا الأرضية) وهو عنوان الكتاب، تحدث فيه عن الحياة المقلوبة في مجتمعنا، فبدلا من أن يدخل النار الطغاة كما في الكوميديا الإلهية، دخلها العقلاء والمصلحون والعلماء وكل من فكر في خير الإنسانية، يتفاوتون في درجات الجحيم بحسب كم الخير الذي سعوا به بين الناس. وفي مقال (آباء وأبناء) تحدث عن قبيلة من القنافذ تعيش في البرد، كلما اقتربوا من بعضهم جدا لتدفئة بعضهم أصابهم الشوك بجروح، وكلما ابتعدوا جدا عن بعضهم أصابهم التجمد، فلم يجدوا حلا لمشكلتهم إلا أن يتركوا لأنفسهم مساحات خاصة فيما بينهم وان يقتربوا فقط بمقدار، وفي هذه القصة المقالة دلالة علي ضرورة ترك مساحات لحرية الأبناء كي تنمو شخصياتهم بصورة سوية. وفي مقال (جناية الألفاظ) تحدث فيه عن الألفاظ التي قد تقود الفكر وتوجهه نحو القتل أحيانا، والجناية التي تجنيها اللغة علي المتحدثين بها. مقالات متنوعة كتبها عقل كبير أتمني أن تتاح لنا جميعا الاستفادة ه. .......................
كتاب أبدع فيه الدكتور زكي في مناقشة الكثير من الاشكالات الاجتماعية والثقافية ف الوقت الحالي بطريقة سلسة و بسيطة ممتزجة بأسلوب ادبي وأمثلة رائعة لتوضيح الفكرة ملقيا الضوء على الكثير مما نغفل عنه جميعا ... أعجبني الكتاب جدا
مجموعة من المقالات الفلسفية الأدبية شبه خواطر وبعضها قصص في تعرية المجتمع الفقير(فقرا ماديا ومعنويا) والجاهل عن إدراك المعاني النفسية والواقعية وكشف ما يخفى من الحقائق ...وفضح أولئك الذين ينوبون عنه ويحرسونه حراسة الذئاب للخرفان الوديعة !! ولعل مقالاته الأخيرة أكثر إفصاحا لمذهبه وفلسفته الوضعية حينما تحدث عن نسبية الأخلاق والقيم وارتباطها بالذات والواقع والتاريخ والثقافات ورفضه لقيمتها الذاتية الكامنة فيها... واعتماده السمج المغالي على الحواس والواقع المادي الموضوعي على طريقة الانجليز الماديين والفلاسفة الوضعيين ...وأن اللغة بحد ذاتها مجرد أصوات جوفاء فارغة من المعنى والدلالة إن لم تحلنا إلى فائدة وترشدنا إلى عمل ومنفعة واقعية ..! والنظريات العامة إن لم تفكك إلى أجزاء وتربط بمجالات واقعية يمكن لمسها والإحساس بها وقياسها في الواقع فلا فائدة منها ترجى (من قبيل ألفاظ الدولة والديموقراطية والحرية ..)
من أول الكتـب اللي قريتها بعد ثانوي عام .. الكتاب هيعجب اللى بيحب أسلوب الكاتب .. هيلاقيه ممل فى بعض الأحيان .. لكن لو بيحب الأسلوب المفضل لدي الكاتب .. هيستمتع بيه جدًا .. أهم أجزاء الكتـاب : جناية الألفاظ بالنسبه ليا طبعا ..
يقول الكتاب الذى صدر عام 1953 تحت عنوان "الكوميديا الأرضية": يحكى أن شاعرا كان اسمه "دانتى"، عاش فى قديم الزمان وسالف العصر والأوان، قد كتب قصيدة طويلة عظيمة أسماها له الناس من بعده "الكوميديا الإلهية"، طاف فيها بصحبة أستاذ له قديم من الشعراء الأولين، هو "فرجيل"، طاف بالجحيم فوصف مَن شهده فيها من الآثمين، وما شهده مُنصبًّا عليهم هناك من عذاب أليم. ثم شاء الله — ولا رادَّ لمشيئة الله إذا شاء — أن يبعث "دانتي" حيًّا شاعرًا كما كان، وأن يبعث معه "فرجيل" دليلًا هاديًا كما كان أيضًا، وعادت لدانتى شهوته القديمة فى وصف الأهوال، فكان أن زار بلدًا يقال عنه إنه بلد العجائب، حتى إذا ما رجع إلى بلاده عمد توًّا إلى ما كان قد كتبه فى حياته الأولى، وأدخل عليه تغييرًا وتحويرًا يناسب العصر الحديث، مستفيدًا بما علَّمته التجربة فى بلد العجائب، وإدراكًا منه بأن الشاعر الحق لا مندوحة له عن مسايرة الزمن، لكنه هذه المرة أطلق العنان بنفسه على قصيدته، ولم يترك ذلك للأجيال القادمة، كما قد فعل أول مرة، ثم اختار عبارة "الكوميديا الأرضية" عنوانًا لقصيدته الجديدة. هاك خلاصة وافية لوصف الجحيم فى "الكوميديا الأرضية" كما كتبها الشاعر القديم الحديث.
يقص علينا "دانتى" كيف سار فى صحبة دليله "فرجيل" حتى بلغا باب الجحيم الأرضي، فقرأ على قمة الباب هذه الأسطر الآتية مكتوبة بماء الذهب: "ادخلوا إلى مدينة الأحزان، ادخلوا إلى أرض العذاب، ادخلوا بين من ضلَّت بهم السبيل إلى أبد الآبدين، فيا أيها الداخلون انفضوا عن أنفسكم — عند مدخلى — كل رجاء."
كتاب ظريف وإن كان يُبدي لنا جليًّا مدي انغماس دكتور زكي نجيب محمود في المركزية الأوروبية حتي الثمالة، يتضح هذا في تأكيده علي "روحانية الشرق" و "عقلانية الغرب"، واستئثار الغرب بالحضارة الحديثة دون الشرق.
وموقفه من "نشر القديم" رغم صداميته لا يخلو من وجهة نظر توضع في الاعتبار. وعموما، ما ينبغي لنا نسيان الظرف التاريخي المتمثل في الهيمنة الغربية علي مصر (الاحتلال البريطاني) في زمنه. والمنهزم لا بد متقمص أفكار الفاتحين، كما تعلمنا من درس أفلاطون وإسبارطة في أزمنة خلت.
ورغم كل ما يمكن توجيهه من نقد للكتاب، لا يمكن نكران متعة قراءته، وأفكاره التقدمية المطروحة بأسلوب ساخر سلس، حتي جاء الكتاب - كما عهدنا من صاحبه - ناقدا للقيم الاجتماعية المهترئة من نفاق وتسلط وخنوع ونزوع للخرافة.
ولعل أهم أفكاره المستنيرة نقد المثقفين المنفصلين عن مجتمعهم في أولي مقالاته (عند سفح الجبل)، التي كانت خير فاتحة للكتاب حيث أكدت موقف الكاتب المشدد علي الانشغال بواقع مجتمعه وقومه كما سيبين تطبيقيا فيما تبقي من صفحات الكتاب.
طالما قرأت عن الاستعمار الفكري، عندما يرى المستعمَر أنه مستعمَر لا لشيء إلا لأنه أقل من المستعمِر في فكره وقوته وترابط مجتمعه وفنونه ونقده للتراث.. الخ. في هذه المجموعة من المقالات التي صدرت على هيئة كتاب لأول مرة سنة ١٩٥٣، لمست معنى الإستعمار الفكري لأول مرة بصورة حية في بعض آراء الدكتور زكي نجيب محمود وآراء رواد الفكر والثقافة في عصره كما عرضها في بعض المقالات. بالنظر لهذه الآراء يتبين بوضوح هيمنة المركزية الأوروبية أثناء هذه الفترة ويتضح سبب ظهور حركة قومية إسلامية في المنطقة والتي زادت قوتها بعد هزيمة ١٩٦٧، في محاولة للبحث عن بديل لفكر كان في نظر البعض مثل الشيخ محمد متولي الشعراوي، فكر مستورد هدفه محو الهوية الإسلامية العربية. بغض النظر عن كل دا.. بعض المقالات كانت ممتازة جداً.
هذا الكتاب الخامس من الكتب التي قرأتها للأستاذ زكي نجيب محمود لم أكن أتوقع أن هناك كاتب ومفكر مصري يصور واقع مصر بتلك الصور في فترته لم أتوقع أن أجد كاتب مصري بهذا الفكر والعقل الفلسفي المغاير لغيره ممن قرأت لهم..حقيقي لا يوجد ما يقال في هذا الكتاب إلا أنه استمرار لمفكر يصوغ فكره أدبا كما قال عنه العقاد..لا اطيق صبراً أن انطلق للكتاب التالي
الكوميديا الأرضبة .. عند سفح الجبل .. نفس عارية .. إلى سادتي الحكام .. أبناء الظلام .. نفس فقيره .. وغيرها من المقالات الرائعة والعميقة لمناقشة جميع الأوضاع من سياسة واجتماع وفلسفة وثقافة وادب وغيرها .. وبأسلوب بسيط ليتمكن القارئ العادي من فهمه ومعرفة قصده وأفكاره للمؤلف.
بعض المقالات تحفة وبعضها اقل مالعادي، بس تفضل متقدمة بالنسبة لوقتها "لا يريد الوالد عندنا أن يعترف عن عقيدة بأنه هو شيء وكل ابن من أبنائه شيء آخر، ولو كان ذلك صوابا، فلستُ أدري إذا لماذا يحصون السكان فردًا فردًا، ولا يحصونهم والدًا والدًا، وهيهات أن تطمس وجود ولدك إلى جانب وجودك، ثم يسلم الأمر بعد ذلك من النتائج أخطر النتائج. فالولد الذي يبدأ هذه البداية البشعة، يريد أن يقرر ذاته حسب ما تملي عليه طبيعته وغرائزه، فيمحوه أبوه محوًا كأنه ظل من ظلاله، تراه يكبر على أحد أمرين: فإما هو عبد ذليل لكل سلطان، أو هو ثائر ناقم على كل سلطان، وليست حياته في كلتا الحالتين بالحياة السوية الهادئة السعيدة."
"العظمة في الشرق معناها الطغيان، والطغيان من معانيه كسرالقوانين، فيستحيل أن يكون العظيم عظيمًا عندنا إن أطاع القانون، حتى لو كان هذا القانون من وضعه هو؛ لأن العبث بالقيود هي عندنا الحد الفاصل بين السيد والمسود. فقل لي إلى أي حد تستطيع في الشرق أن تعبث بالقانون والنظام، أقل لك في أي مرتبة أنت من مراتب المجتمع، فأعلاها منزلة أكثرها عبثًا، وأدناها أقلُّها. ولعل هذه الفكرة قد بلغت أقصاها تطرفًا، حين أرادوا أن يتصوَّروا كمال لله ومُطلق سلطانه وسيادته، فتصوروه فاعلًا للمعجزات، والمعجزة هي إيقاف قانون من قوانين الطبيعة وتعطيله، فلما كان لله أكمل ما يكون الكائن جبروتًا وسلطانًا، فلا بد أن يكون أقدر ما يكون الكائن على تعطيل القوانين الطبيعية كيف شاء وحيث شاء، أما أن يكون كمال لله — كما تصوره سبينوزا — هو أن تظل قوانين الكون قائمة مطردة، فذلك تصور بعيد جدٍّا عن تصورهم لمعنى العظمة والجلال."