غدير أحمد كاتبة موهوبة تأسر القارئ بأسلوبها الأدبيّ الذي قررت الاعتماد عليه لقص هذه الحكايات وإدخالها إلى قلوبنا قبل عقولنا. تُقطّر كتابتها إنسانية تجعلنا نتوحد مع صاحبات القصص ومشاعرهنّ المركبة وما يعايشنه من ظروف قاسية وظلم طبي وقانوني، بجانب وصم أسري ومجتمعي. قد تكون العديد من القصص المتضمنة في هذا الكتاب صعبة في القراءة - كما كانت صعبة في الكتابة – لما تحمله من ألم جسدي ونفسي وما تحويه من أشكال مختلفة من القهر والظلم والمعاناة. ولكن معظم هذه القصص أيضًا ينطوي على الكثير من الأمل والتصالح مع الذات وأشكال المقاومة الصريحة والمستترة والتي تثري القارئ بتجارب إنسانية نابضة بالحياة. هذه الإنسانية نمسّها أيضًا في كتابة غدير عن نفسها وعن اختياراتها كباحثة وكاتبة نسويّة، وعن هذا المشروع والتحديات البحثية والأخلاقية والنفسية والمادية التي واجهتها.
قربت أخلص الكتاب ومش عارفة أكتب إيه بالظبط بس الكتاب ده عيطني كتير أوي، كنت بخلص القصة وبقفل الكتاب أقعد نص ساعة أستوعب قسوة اللي الستات بيعيشوه، قادرة أريليت لكل القصص دي حتى لو معيشتش التجربة القاسية اللي هما عاشوها، فاكرة جملة غدير كتبتها فيما معناها إن مهما كان شريكك داعم محدش هيحس بيكي غير ستات زيك، قاعدة أفكر الستات اللي اتعرضت لده ممكن في يوم من الايام حد من دوايري يمر بده الست دي ممكن تكون انا او صاحبتي او اي حد قريب مني وبحبه، بشكر غدير أوي انها كتبت ده وفي كل سطر وفي كل حكاية بحس نفسي جزء منها سواء تعنيف الأهل او شريك قذر او حادثة تحرش كل ده قادرة أفهمه وأفهم قسوة التجارب دي، بتمنى الستات دي تكون كويسة حالا وقادرة تتخطى كل اللي عاشته، بتمنى في يوم من الأيام أبقى قادرة اساعد أي ست بتتعرض لأي حاجة وحشة سواء من رجالة أو من عيلة، الكتاب صعب أوي وحزين بس أنا ممتنة إني قريته وإن قصص الستات دي وصلتلي
آلام ذقناها وعشناها فتغلغلت بداخلنا قاسية كاوية وما تبقى منا غير رماد التجربة...هكذا تصورت ألم المرأة فى بداية قراءة هذا الكتاب لكن غدير والنساء اللاتي شاركن قصصهن مع العالم أثبتن أن الألم، لا سيما فى تجارب الإجهاض، طريق قد تفوح منه رائحة الوحدة ورماد التجربة الأسود لكنه مستنير، بفضلهن، فيحتضن النساء معاً ليعشن ويتعايشن فى هذا العالم المرير
شعرتُ بأن هذه السطور كُتبت لي. أول مرة في حياتي أري نفسي في قصص اقرأها،حتي ولو لم امر بتجربة الإجهاض بعينها. كتاب علي كل امرأة عربية ان تقرأه مهما اختلفت أوضاعها لأننا كلنا متشابهات، نتشارك آلام جسيمة توارثناها وتؤثر فينا. مش قادرة اعبر قد ايه الكتاب ده اثر فيا. حقيقي من اجمل وأصعب واصدق ما قرأته في حياتي.
لم تغب هذه الجملة عن ذهني أثناء قراءة هذا الكتاب، وذلك لأنه على الرغم من كل الدعم المطلق الذي قدمته بعض النِساء في القصص المدرجة بالفصل الثالث من هذا المزيج البحثي الأدبي، إلا أن كُثرٌ منهن كنّ نظرة الندم، ولمسة الذعر، وصوت التأنيب، وأحيانًا تجاوزن ذلك ليمثلنَ فِعل الخطيئة.
بمعزلٍ عن الجوانب الدينية، والأخلاقية، والمجتمعية لهذه القصص -مع التنويه إلى أنها لم تحصل جميعها خارج أُطر الزواج، أو كانت نِتاج اغتصاب-، لا يسعك إلا أن تجر المرأة وحيدةً في مواجهة القرار، والبحث عن الحل، والتعايش مع آثارِه.
ولا أستطيع ألا أتساءل عن الفوقية وادعاء الشرف الذي يمارسه الكادر الطبي الذي اختار أن يكون ترسًا في هذه العملية، مرتكبًا بدوره جريمة تجرّمها الدول العربية جميعًا -عدا تونس-، ليتعامل مع مريضة لجأت إليه حاملةً أموالًا طائلة. بأي حق يرى هؤلاء نفسهم أشرف، وأنقى، وأفضل من هذه السيدة؟ لا أعلم، ولا أحد يعلم. ولو أن القانون ورجاله وجدوهم، لاعتقلوهم وحاكموهم معها على حدٍ سواء.
الجانب البحثي من الكتاب مُلطخ بانطباعات ومشاعر الكاتبة، وعلى الرغم من ذلك فهو كافي لنرى التناقضات القضائية بشأن الإجهاض.
أما عن القصص، وعن انكسار السيدات من غدر الحبيب، أو سطوة القريب المنتهية بالاغتصاب، فالثقل الذي شعرته في كل قصة لن يغادرني بسهولة.
لغة الكتاب واضحة ومباشرة، ولكن لا أنكر انزعاجي من بعض المصطلحات الواردة والتي لا تؤثر في مجرى القصة أو الشعور، بل ربما الإشارة إليها بشفرة وترك الخيال للقارئ لكان لها وقعٌ أقوى.
أخيرًا، هذه القصص تتكرر يوميًا، ومن حولنا دون أن نشعر أو نعلم، ولو واجهتنا يومًا امرأة بحاجة لنظرة التفهم، ولمسة العون، وصوت الطمأنينة، لربما علينا أن نستجمع قوانا لنقدم دعمًا غير مشروطًا بحكمٍ مجتمعيٍ مسبق.
فالنساء اللواتي يتم أجبارهن على استكمال الحمل بواسطة الشريك/الاسرة أو عدم اتاحة الاجهاض امامهن الا بشكل يعرض حياتهن للخطر كيف يشعرن تجاه انفسهن وتجاه المواليد المحتملة كيف سيؤدين دور الامومة وهن لا يرغبن بها من الاساس والسبب انهن مارسن الجنس بالزواج أو بدونه أم تم الاعتداء عليهن جنسياً
كنت أطرح على نفسي سؤال هل الاجهاض ضرورة أنسانية أم أنه فعل مرفه ولا يستدعى كل هذا الصخب وحقيقة تغيرت وجهة نظري كم كنت أتمنى أن أقرا المزيد من حكاياته هؤلاء الذين لا نستمع اليهن ولا ندرى بماذا مروا وحقيقة تجريم عميلة الاجهاض لا يعني بالضرورة توقفها هي فقط تتم في الخفاء ومن يدفع الضريبة تلك هم النساء في نهاية الامر فلابد أن ننظر للامر من وجهة نظرهم حتى تلتئم جروحهم من جديد