ينطلق الباحث من إيمانه بأن المعرفة الإنسانية الحق تصدر عن قراءة ذكية لتراث الشعوب، وعن فهم خلاّق للماضي في علاقته بالحاضر. ومن هنا كانت رغبته في العودة إلى المراحل الأولى في حياة الإنسان المشرقي القديم، مراحل العفوية البدائية والصفاء الطبيعي، قبل أن يعكّره تعقّد الحضارات وتشوّهه التأثيرات المعقّدة وتتراكم فوق جوهره. في محاولة لفهم ذلك الإنسان في وجه من جوهره الثابت، أو في ما ثبت منه على مرّ العصور. ولاستشفاف فكرة الألوهة في مفهومه التي كانت في أول نظرة ألقاها على كونه وعالمه. وبقيت حيّة فاعلة في نفسه وفي مجتمعه. وبقي بدوره محافظاً على خصائصها الجوهرية.
ومحاولة الباحث في هذا الموضوع تعتمد على مكاسب المكتشفات الآثارية وعلى تطوّر الفكر. فقد ثبت له بعد مطالعات تاريخية كثيرة وتأمّلات عميقة في خطوط الفكر القديم وأبعاده، أن مفهوم "العالي" ـ (ايل ـ إله ـ اللـه) هو من إبداع الشعوب التي ظهرت مع بداية التاريخ المدوّن (أواسط الألف الرابع ق.م.) متوطنة في الشرق المتوسطي، وبالتحديد في المنطقة الممتدة بين هضاب وادي النهرين الشرقية وبين البحر الأبيض المتوسط. ومن جبال طوروس في الشمال حتى آخر حبة رمل في سيناء جنوباً. والتي اصطلح على تسميتها منذ أواسط الألف الأول ق. م. باسم سوريا. والتي تشكّل وحدة تاريخية وجغرافية وحضارية.
صدرت الطبعة الأولى بعنوان : تاريخ اللـه . عن دار مودرن برس، بيروت، 1990 والطبعة الثانية بعنوان: مفهوم الألوهة في الذهن العربي القديم. عن دار بيسان، بيروت، 1996
The History of God is a book unique in stating blurred and even distorted facts of the history of both God and Man. The relationship between God and Man has always been one of mutual love despite the supremacy of the former over the latter. Thus, God created Man and granted him the earth to live on, the Heaven to enjoy in the Hereafter, and what is in between for man to contemplate over and attempt to discover.
Nonetheless, Man has not always been able to recognize these facts of God's generosity, or his own limitations. Therefore, Man erred: he attempted to create his own God, not to worship, but to exploit. Thus, several 'religions' and numerous denominations came into existence despite the fact that God's message to man has always been ONE amd the same: Thou wilt worship me and love one another to live happily on the Earth and in exalted jubilation in the Hereafter. In other words, each man of religion has become a sort of Judas cheating God and His Message to Man.
The History of God states in definite terms that God and His Message to humanity existed long before the well-known Semitic Religions. It flourished in the Fertile Crescent Region and spread to wherever man existed on the Earth in those days. In short, Many knew God before Moses and his followers, before Christ and His disciples, and long before Muhammad and his companions. But the Message was, and is still, one and for all humanity.
لعل أجمل ما في القراءة أنها تهديك وترشدك من كتاب إلى كتاب. فمن كتاب (النظام الأبوي وإشكالية الجنس عند العرب) إلى كتاب (أحوال المرأة في الإسلام) وأخيرًا إلى هذا الكتاب
بداية لم أسمع بصاحب هذا الكتاب وأظن أن أحدًا لم يسمع به (وذلك لسوء حظنا) أيضًا. المهم أن الكاتب طرح موضوع مفهوم الألوهة في سوريا الطبيعية، وموضوع سوريا الطبيعية يحتاج لوحده وقفة طويلة، وتطور ذلك المفهوم حسب فهمه للألسن القديمة وذلك بعيدًا عن كل ما توهمه الكثير من الكتاب الغربيين (على الأقل حسب قول المؤلف). الكتاب فيه الكثير من المعلومات القيمة والمثيرة وفيه حث على إعادة النظر في تاريخنا وحضارتنا وكل ما يخصنا بعيدًا عن وجهات النظر الغربية الغريبة
أظن أنني سأقرأ كتابًا آخر للكاتب مباشرة بعد هذا الكتاب
بدايةً، التاريخ وكلما زاد في القدم.. يتشكل من مجموعة من النظريات.. فليس هناك شيء مؤكد 100 %، ونظرية الكاتب كنعان أكثر من رائعة.. ويسجل له أنه استعرض في آخر كتابه بعض النظريات المختلفة.. ولكن رغم أن كل الدراسات الغربية تحاول إغفال أن الحضارة السورية هي المركز.. ورغم كل الإجحاف لتاريخ سوريا.. فأنا أسجل استيائي من طريقة رد الكاتب على باقي أصحاب النظريات الأخرى.. فهو أحياناً استخدم طريقة تخلو من الاكاديمية في الرد عليهم وعلى أخطائهم (أكانت مقصودة أم لا).. كما أن هذا لا يمنع من أن الكتاب رائع ومهم.. وخاصة أنه يحدثك عن شعب اكتشف وجود الله دون أنبياء.. وأن الله في ذلك العصر السحيق كان واحداً وليس مجمع للآلهة.. مثلما كان الوضع عند الأغريق أو الرومان..
وهناك شيء آخر ازعجني.. هو أن الكتاب وفي طبعته الثانية باللغة العربية.. تم تغيير اسمه من قبل الرقابة ليسمح بنشره. فتم نشره تحت عنوان "مفهوم الألوهة - في الذهن العربي القديم".. فأنا لست أرى أي شائبة في عنوان باسم "تاريخ الله".. ولن أعلق هنا على موضوع عروبة سورية القديمة أو عدمه.. ولكنني فقط سأضطر للقول أن سوريا ( والمقصود هنا سوريا الكبرى، أو كما يحلو لي تسميتها سوريا التاريخية والتي كانت تضم نصف العراق، وتركيا، ولبنان، وفلسطين، والأردن.. وفي حضارة تمتد لثمانية قرون قبل الميلاد) لها خصوصية معينة، ويمكن تلخيصها بما أردده دوماً: "كل الشعوب والدول، إذا رجعت بتاريخها قد تسمى رجعية أو سلفية أو متخلفة.. إلا السوريون.. فحضارتهم، وأخلاقهم في تلك الأيام السحيقة.. أفضل بكثير من تاريخهم، وأخلاقهم في العصور الحديثة..
نظرية مهمة، مقنعة و تستحق القراءة..من العار ان يتنكّر من يملك ارثاً ثقافياً و حضارياً عريقاً، كالسوريين،لتاريخهم وينسلخوا عنه. او ان ينسبوا انفسهم للآخرين ويدخلوا في دوامة الصراع الديني العبثي.
حاول ان تكون صبوراً على اسلوب الكاتب( الممل احياناً) بالتكرار و كثرة الكلام :)
عرفت الكتاب من الصادق النيهوم، عندما وصفه (مصيبا) بالعمل المهم المغمور، وهو كذلك فعلا، رغم عصبية المؤلف وثرثرته. يتتبع كنعان تاريخ التوحيد السامي بجهد نادر، من أيل الى الله، دافع المؤلف (كما في اعماله الاولى) سياسي اساسا، بارجاع فضل التوحيد لـ"سوريا الطبيعية" (كما يحب ان يسمي الهلال الخصيب مع لبنان) وليس اليهود، ويشدد على الفكرة في كتابه "تاريخ يهوه"، ليبين اصالة ورقي أيل-العالي-الله مقارنة بالاله اليهودي
لا شك ان الكاتب ينطلق من مركزية الهلال الخطيب في التاريخ الديني والتوحيد (كما يفعل فراس السواح وآخرون)، مقارنة بمن ينطلقون من مركزية مصرية، كالقمني و برستد و غيره
الحقيقة ، عنوان الكتاب و ما قرأته عنه مسبقاً رفعا سقف تطلعاتي للكتاب .. برغم أنك تستطيع استنتاج سعة معرفة الباحث في كثير من الصفحات ، إلا أن الكتاب في النهاية لم يكن سوى أفكار مقطوعة ..
يقول لك في المقدمة آن غايته في هذا البحث "استجلاء مفهوم الألوهة في التراث السوري - العربي القديم، ومحاولة الوقوف على جوهر الإله كما تكشف للإنسان القديم في سوريا " ، ثم تليها مائة صفحة يتغنى فيها بمنجزات الشعوب "السورية" القديمة ، حتى أنني وصلت لمنتصف الكتاب وأنا أتساءل عما يريد الكاتب قوله ؟!
ومع ما تطرق إليه من أفكار حول مفهوم الألوهة لدى الشعوب القديمة ، وطقوس عقيدة الخصب ، واختلاف مفهوم "يهوه" عن مفهوم "إيل" إلا أنني لم أرَ فيما ذكره نظرية مكتملة ..
الخاتمة من وجهة نظري كانت الأهم والأبرز والأمتع ، وربما يكون من الأفضل البدء بها .. وأهمية الكتاب أيضاً تكمن في الخاتمة ، العديد من الأفكار التي تستحق البحث مثل فكرة التوحيد لدى القدماء وغيرها ..
مخيفند الكتاب التراث الديني المنتشر في سوريا الطبيعي في فترة ما قبل انتشار الديانات السماوية ، ويبدأ سرده بمقدمة تاريخية تحدث فيها عن الأصول اللغوية والجغرافية لشعوب وحضارات سوريا الكبرى كالبابليين والسومريين والآراميين والكنعانيين والأكاديين وغيرهم ، ويجزم بأنهم جميعاً بإستثناء السومريين نزحوا من الباديتين العربية والسورية الى المناطق الخصبة ، وبما أن لغات الشعوب السورية باستثناء السومرية متقاربة في المصطلحات ، فبالتالي يرجح أن لغتهم الأصلية هي لغة أهل الباديتين وعلى الأرجح هي العربية ، لغة سوريا القومية . بعد مقدمته الطويلة ، يتحول جورجي كنعان الى موضوعه الاساسي وهو الديانات السورية القديمة ، وعلاقة الشعوب بالله الذي سموه بأسماء متعددة مثل إيل وبعل وأدوني وإنليل وان وتموز وديموزي ، مفنداً آراء المؤرخين الأجانب الذين حكموا بتعدد الالهة على الشعوب السورية استناداً الى الموروث الديني التوراتي ، الذي عبث بالحقيقة الإيمانية في تلك الحقبة لمآرب يهودية بحتة . ويضمن الكاتب بحثه نصاً مطولاً يتعرض فيه لكثير من الأسماء الخاصة بالأشخاص والأماكن والمرتبطة بأسماء الله المكتسبة من تلك الحقبة ، فبابل هي باب إيل ، وجبيل هي جب إيل ، والجليل هي جل إيل ، وخليل هو خل إيل وإسماعيل هو يسمع ايل ، وهانيبعل هو حن بعل وهكذا ، حتى يتطرق الى قصص التوراة حيث هاجم الإسرائيليين ودافع بشدة عن الكنعانيين الذين عانوا منهم الغدر والخيانة . ويختم الكاتب بحثه بنقد لاذع للمؤرخين الأجانب الذين أرخوا تلك الحقبة إستناداً الى ما جاء في التوراة - ونقل عنهم المؤرخون العرب - والى سوء فهم للغات القديمة أدى بهم الى إسباغ استقلالية للصفات الإلهية عن الله أو السيد العالي في مفهوم السوريين القدماء ، محولين تلك الصفات الى الهة مستقلة ، كاله المطر واله الريح واله النار وهكذا . يعيب الكتاب إفتقاد القارىء الى الإنسيابية أثناء القراءة ، ربما يعود ذلك الى طريقة الطباعة التي تعتمد نوعية خط أصغر من المعتاد تشعر القارىء بالبطء في القراءة